المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5125 - عددالزوار : 2414678 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4714 - عددالزوار : 1726051 )           »          المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 410 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 631 - عددالزوار : 25357 )           »          الأخطاء الطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 10543 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 41 - عددالزوار : 25728 )           »          حديث أبي ذر.. رؤية إدارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 194 )           »          أسبـــاب هـــلاك الأمـــم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 490 - عددالزوار : 204129 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم اليوم, 01:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي



اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 189 الى صــ 194
الحلقة(11)



ذَلِكَ لَقَالَ أَكْرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْمُصَلِّي.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - إلَى قُبَاءَ فَسَمِعَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ فَجَاءُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِبِلَالٍ أَوْ لِصُهَيْبٍ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ قَالَ: يُشِيرُ بِيَدِهِ» .

[التَّصْفِيقُ وَالتَّسْبِيحُ فِي الصَّلَاةِ]
ِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يُضَعِّفُ التَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ وَيَقُولُ: قَدْ جَاءَ حَدِيثُ التَّصْفِيقِ وَلَكِنْ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ، قَوْلُهُ مَنْ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحْ وَكَانَ يَرَى التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى فِي بَيْتِهِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَبَّحَ بِهِ يُرِيدُ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟ قَالَ: قَوْلُهُ مَنْ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحْ وَهَذَا قَدْ سَبَّحَ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَرَادَ الْحَاجَةَ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَبِّحَ أَيْضًا.

[الضَّحِكُ وَالْعُطَاسُ فِي الْمَسْجِدِ]
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ وَحْدَهُ، قَالَ: يَقْطَعُ وَيَسْتَأْنِفُ وَإِنْ تَبَسَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَتَبَسَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَهْقَهَ مَضَى مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ أَعَادَ صَلَاتَهُ فَإِنْ تَبَسَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ عَطَسَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا يَحْمَدُ اللَّهَ قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَفِي نَفْسِهِ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُ يَرَى أَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْتُ مَالِكًا إذَا أَصَابَهُ التَّثَاؤُبُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَنْفُثُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، قَالَ: وَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَهُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ حُفْرَةٌ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ وَفِي عَيْنَيْهِ شَيْءٌ قَبِيحُ الْبَصَرِ فَطَفِقَ الْقَوْمُ يَرْمُقُونَهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ نَحْوَهُمْ حَتَّى إذَا بَلَغَ الْحُفْرَةَ سَقَطَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: مَنْ ضَحِكَ مِنْكُمْ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ» وَقَالَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.

قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ. إذَا سُلِّمَ عَلَى أَحَدِكُمْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُشِرْ بِيَدِهِ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ مُعَاذٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - عليه السلام -: أَنَّهَا أَوْمَتْ إلَى نِسْوَةٍ وَهِيَ فِي صَلَاةٍ أَنْ كُلْنَ.

الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ وَيُدَلِّكَهُ بِرِجْلِهِ وَلَا
بَأْسَ أَنْ يَبْصُقَ تَحْتَ الْحَصِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَحْصَبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْفِرَ الْحَصْبَاءَ فَيَبْصُقَ فِيهِ وَيَدْفِنَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْصُقَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَبْصُقَ أَمَامَهُ فِي حَائِطِ الْقِبْلَةِ وَلَكِنْ يَبْصُقُ أَمَامَهُ فِي الْحَصْبَاءِ وَيَدْفِنَهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ عَنْ يَمِينِهِ رَجُلٌ وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَبْصُقْ أَمَامَهُ وَيَدْفِنْهُ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ أَبْصُقَ تَحْتَ قَدَمِي ثُمَّ أَحُكَّهُ بِرِجْلِي إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مَحْصَبٍ، وَأَحُكُّهُ بِهَا؟
قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ الْحَصِيرِ أَبْصُقُ عَلَيْهِ تَحْتَ قَدَمِي ثُمَّ أَحُكُّهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْمَسْجِدُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْصَبًا لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْنِ الْبُصَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْحَصِيرِ، قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَأَمَامَهُ إذَا كَانَ لَا يَدْفِنَهُ إذَا كَانَ مَعَ النَّاسِ فِي صَلَاةٍ أَوْ وَحْدَهُ، وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ إمَامٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ وَيَدْفِنُهُ.
قَالَ: وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ شُعْبَةُ: نُخَاعَةً أَوْ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا قَالَ شُعْبَةُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَمَرَنِي فَحَتَّتْهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُتَنَخَّمَ أَوْ يُبْصَقَ فِي وَجْهِهِ؟ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْصُقُ فِي الْقِبْلَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَتْفُلْ هَكَذَا» وَعَرَكَهُ شُعْبَةُ بِيَدِهِ فِي ثَوْبِهِ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُوَارِيَهُ» . وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «لَا يَتَنَخَّمُ أَحَدُكُمْ فِي الْقِبْلَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى» .

[صَلَاةِ الصِّبْيَانِ]
فِي صَلَاةِ الصِّبْيَانِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: تُؤْمَرُ الصِّبْيَانُ بِالصَّلَاةِ إذَا أَثْغَرُوا.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَسَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ صَاحِب النَّبِيِّ - عليه السلام - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «مُرُوا الصِّبْيَانَ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» . فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

[قَتْلِ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي الصَّلَاةِ]
فِي قَتْلِ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ

أَصَابَ قَمْلَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَقْتُلْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلَا وَهُوَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطْرَحَهَا.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ فِي الرَّجُلِ تَدِبُّ عَلَيْهِ الْقَمْلَةُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: لِيَدَعْهَا.

[الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ وَالدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ]
ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَلَا يُكَبِّرُ لِلْقُنُوتِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ: كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ الرُّكُوعِ، قَالَ مَالِكٌ: وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِي قَبْلَ الرُّكُوعِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مَعْرُوفٌ وَلَا وُقُوفٌ مُوَقَّتٌ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ حَوَائِجِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ، قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ فِي الرُّكُوعِ.
قَالَ وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ فِي حَوَائِجِي كُلِّهَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى فِي الْمِلْحِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ يَجْهَرُ بِالدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَ إمَامٍ؟ قَالَ: لَا يَجْهَرُ.
قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هُوَ رَأْيِي.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «سَلُوا اللَّهَ حَوَائِجَكُمْ أَلْبَتَّةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ» .

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الظَّالِمِ وَيَدْعُوَ لِآخَرِينَ، وَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فِي الصَّلَاةِ لِأُنَاسٍ وَدَعَا عَلَى آخَرِينَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْقَاهِرِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَدْعُو عَلَى مُضَرَ إذْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَنْ اُسْكُتْ فَسَكَتَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا وَإِنَّمَا بَعَثَكَ رَحْمَةً وَلَمْ يَبْعَثْكَ عَذَابًا ﴿لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨] قَالَ: ثُمَّ عَلَّمَهُ هَذَا الْقُنُوتَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْنَعُ لَكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجِدَّ إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ.»

قَالَ وَكِيعٌ عَنْ فِطْرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَنَتَ فِي الْفَجْرِ» .
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو رَافِعٍ أَنَّهُمَا صَلَّيَا خَلْفَ عُمَرَ الْفَجْرَ فَقَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ التَّغْلِبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَبَّرَ حِينَ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ وَكَبَّرَ حِينَ رَكَعَ قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُوَيْدٍ الْكَاهِلِيِّ: إنَّ عَلِيًّا قَنَتَ فِي الْفَجْرِ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْنَعُ وَنَخْلَعُ

وَنَتْرُكَ مَنْ يَفْجُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ إنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ، وَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنَ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَأَبَا بَكْرَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالُوا: الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، وَإِنَّ ابْنَ سِيرِينَ وَالرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ قَنَتَا قَبْلَ الرَّكْعَةِ، وَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيَّ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَبْلَ الرَّكْعَةِ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، كُلُّ هَؤُلَاءِ فِي الصُّبْحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ.

[إعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا وَمِنْ النَّفْخِ وَمِنْ الْحَدَثِ]
فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا وَمِنْ النَّفْخِ وَمِنْ الْحَدَثِ إذَا انْصَرَفَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْنَا لِمَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ أَوْ رَعَفَ فَيَنْصَرِفُ لِيَغْسِلَ الدَّمَ عَنْهُ أَوْ لِيَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: يَرْجِعُ فَيَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ وَلَا يَبْنِي قَالَ: فَإِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ عِنْدَنَا: إنَّ الْإِمَامَ إذَا قَطَعَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا أَفْسَدَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ الصَّلَاةَ أَوْ كَانَ عَلَى طُهْرٍ فَصَلَّى بِهِمَا فَأَحْدَثَ فَتَمَادَى وَصَلَّى بِهِمْ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَحْدَثَ بَعْدَمَا تَشَهَّدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَعَادَ الصَّلَاةَ.

[صَلَّى الظُّهْرَ وَظَنَّ أَنَّهُ الْعَصْرُ أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَظَنَّ أَنَّهُ الْجُمُعَةُ]
فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَظَنَّ أَنَّهُ الْعَصْرُ أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَظَنَّ أَنَّهُ الْجُمُعَةُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى الْمَسْجِدَ وَالْقَوْمُ فِي الظُّهْرِ فَظَنَّ أَنَّهُمْ فِي الْعَصْرِ فَصَلَّى يَنْوِي الْعَصْرَ إنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِلْعَصْرِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ إمَامًا أَتَى الْمَسْجِدَ فَظَنَّ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ وَهُمْ يُرِيدُونَ الْعَصْرَ كَانَتْ الصَّلَاةُ لِلْإِمَامِ الظُّهْرَ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْعَصْرَ.

قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَتَى الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ فَافْتَتَحَ مَعَهُ الصَّلَاةَ يَنْوِي الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا قَالَ: أَرَاهَا مُجْزِئَةً عَنْهُ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرٌ، وَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَوْمُ الْخَمِيسِ فَأَصَابَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ فَدَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَنْوِي الظُّهْرَ صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ، قَالَ: يُعِيدُ صَلَاتَهُ وَذَلِكَ رَأْيِي.

[انْفَلَتَتْ دَابَّة المصلي أَوْ نَفَخَ أَوْ نَظَرَ فِي كِتَابٍ أَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا]
فِيمَنْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ نَفَخَ أَوْ نَظَرَ فِي كِتَابٍ أَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَاهِيًا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ صَلَّى فَانْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْهُ، قَالَ: إنْ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ قَرِيبًا مَشَى إلَيْهَا قَلِيلًا أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ أَمَامَهُ فَأَرَى أَنْ يَبْنِيَ فَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ يَطْلُبَ دَابَّتَهُ وَيَسْتَأْنِفَ الصَّلَاةَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي النَّفْخِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى مَنْ نَفَخَ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ مُتَعَمِّدًا فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ إنْ قَامَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَنَظَرَ إلَى كِتَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُلْقًى فَجَعَلَ يَقْرَأُ فِيهِ هَلْ يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ عَامِدًا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُسَلِّمُ مَنْ رَكْعَتَيْنِ سَاهِيًا ثُمَّ يَلْتَفِتُ فَيَتَكَلَّمُ، قَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا رَجَعَ فَبَنَى وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ مُتَبَاعِدًا ذَلِكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ، فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا حَدُّ ذَلِكَ أَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ؟
قَالَ: مَا أَحُدُّ فِيهِ حَدًّا فَإِنْ خَرَجَ ابْتَدَأَ، وَلَكِنْ إذَا تَبَاعَدَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَطَالَ فِي الْقُعُودِ وَالْكَلَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَعَادَ وَلَمْ يَبْنِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - سَاهِيًا وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَدَخَلَ فِيمَا نَسِيَ بِتَكْبِيرٍ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ انْصَرَفَ حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَلَمْ يُطِلْ ذَلِكَ أَيَبْنِي أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟
قَالَ: هَذَا عِنْدِي يَبْتَدِئُ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي إمَامٍ نَسِيَ الظُّهْرَ فَصَلَّى بِقَوْمٍ الظُّهْرَ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا الْعَصْرَ؟ قَالَ: أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَيُعِيدُونَ هُمْ الْعَصْرَ قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَا أُبَالِي نَفَخْتُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ تَكَلَّمْتُ قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ.

[صَلَاةُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَلْفَ الصُّفُوفِ]
ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ وَلَا يَجْبِذُ إلَيْهِ أَحَدًا، قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ جَبَذَ أَحَدًا إلَى خَلْفِهِ لِيُقِيمَهُ مَعَهُ لِأَنَّ الَّذِي جَبَذَهُ وَحْدَهُ فَلَا يَتْبَعُهُ، وَهَذَا خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ وَمِنْ الَّذِي جَبَذَهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ قَامَتْ الصُّفُوفُ قَامَ حَيْثُ شَاءَ إنْ شَاءَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَإِنْ شَاءَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَإِنْ شَاءَ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ، قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَعْجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ يَمْشِي حَتَّى يَقِفَ حَذْوَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَتْ طَائِفَةٌ فِي الصَّفِّ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ حَذْوَهُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ

تَقِفَ طَائِفَةٌ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ فِي الصَّفِّ وَلَا تَلْصَقُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقِفَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ فَيُصَلِّيَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ الشَّأْنُ عِنْدَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَفَيَجْبِذُ إلَيْهِ رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ؟
قَالَ: لَا وَكَرِهَ ذَلِكَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالصُّفُوفِ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَأَلْجَئْنَا إلَى مَا بَيْنَ السَّوَارِي فَتَقَدَّمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَقَالَ: قَدْ كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَيْنَ السَّوَارِي.

[صَلَاةِ الْمَرْأَةِ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ]
فِي صَلَاةِ الْمَرْأَةِ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: إذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ وَسَطَ الصَّفِّ بَيْنَ الرِّجَالِ أَتُفْسِدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ صَلَاتَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تُفْسِدَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَعَلَى نَفْسِهَا.

قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ قَوْمٍ أَتَوْا الْمَسْجِدَ فَوَجَدُوا رَحْبَةَ الْمَسْجِدِ قَدْ امْتَلَأَتْ مِنْ النِّسَاءِ وَقَدْ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ مِنْ الرِّجَالِ فَصَلَّى رِجَالٌ خَلْفَ النِّسَاءِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ؟ قَالَ: صَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَلَا يُعِيدُونَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَهَذَا أَشَدُّ مِنْ الَّذِي صَلَّى فِي وَسَطِ النِّسَاءِ.

[جَامِعُ الصَّلَاةِ]
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي صَلَاةِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ - فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً - وَجَعَلَ يُنْصِتُ لَهُ وَيَسْتَمِعُ، قَالَ: إذَا كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا فَلَا بَأْسَ بِهِ.

قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلنِّسَاءِ الْخُرُوجَ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ إلَى الْعِيدَيْنِ أَوْ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ: أَمَّا الْخُرُوجُ إلَى الْمَسَاجِدِ فَكَانَ يَقُولُ لَا يُمْنَعْنَ، وَأَمَّا الِاسْتِسْقَاءُ وَالْعِيدَيْنِ فَإِنَّا لَا نَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ كُلُّ امْرَأَةِ مُتَجَالَّةٍ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الصِّبْيَانِ يُؤْتَى بِهِمْ إلَى الْمَسَاجِدِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ لَا يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا، قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْتَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ فِي الصَّبِيِّ يَأْتِي إلَى أَبِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ؟ قَالَ: فَلْيُنَحِّهِ عَنْهُ إذَا كَانَ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي النَّافِلَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ مَا يُجْمَرُ بِهِ الْمَسْجِدُ وَيُخْلَقُ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَجْمِيرِ الْمَسْجِدِ وَتَخْلِيقِهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إذَا اسْتَوَتْ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ لَا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ، قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ هَذَا النَّهْيَ، قَالَ: وَمَا





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; اليوم الساعة 05:01 AM.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم اليوم, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 195 الى صــ 200
الحلقة(12)




أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالْعِبَادَ إلَّا وَهُمْ يَهْجُرُونَ وَيُصَلُّونَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَتَّقُونَ شَيْئًا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.

[الْإِمَامِ يَتَعَايَا فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ]
فِي الْإِمَامِ يَتَعَايَا فِي الصَّلَاةِ وَفِيمَنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ فَأَشْغَلَهُ أَوْ الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الَّذِي يَضُمُّ رِجْلَيْهِ أَوْ يُفَرِّقُهُمَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَوَقَفَ الْإِمَامُ فِي قِرَاءَتِهِ فَلْيَفْتَحْ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَلْفَهُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ فِي صَلَاتَيْنِ هَذَا فِي صَلَاةٍ وَهَذَا فِي صَلَاةٍ لَيْسَا مَعَ إمَامٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى أَحَدٍ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - صَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمًا الصُّبْحَ فَقَرَأَ ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: ١] فَأَسْقَطَ آيَةً، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أَفِي الْمَسْجِدِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: نَعَمْ، هَا أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ حِينَ أَسْقَطْتُ؟ قَالَ: خَشِيتُ أَنَّهَا نُسِخَتْ، قَالَ: فَإِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ» .

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ فَابْتَلَعَهُ فِي صَلَاتِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ قَطْعًا لِصَلَاتِهِ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ، عَمَّنْ الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ أَيَكُونُ ذَلِكَ قَاطِعًا لِصَلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إنْ الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ اسْتَقْبَلَ صَلَاتَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا الْتَفَتَ عَبْدٌ فِي صَلَاتِهِ قَطُّ إلَّا قَالَ اللَّهُ لَهُ أَنَا خَيْرٌ لَكَ مِمَّا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ الْتَفَتَ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ؟ فَقَالَ: لَمْ أَسْأَلْ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ.

قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الَّذِي يُرَوِّحُ رِجْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قَالَ: وَسَأَلْنَاهُ عَنْ الَّذِي يَقْرِنُ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ؟ فَعَابَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَهُ شَيْئًا. قَالَ: وَاَلَّذِي يَقْرِنُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ إنَّمَا هُوَ اعْتِمَادٌ عَلَيْهَا لَا يَعْتَمِدُ عَلَى أَحَدِهِمَا هَذَا مَعْنَى يَقْرِنُ قَدَمَيْهِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَعِيبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَفِي فِيهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ أَوْ شَيْءٌ مَنْ الْأَشْيَاءِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ إعَادَةً.

قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ وَفِي كُمِّهِ الْخُبْزُ وَالشَّيْءُ يَكُونُ فِي كُمِّهِ مَنْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ شَبِيهًا بِمَا يُحْشَى بِهِ الْكُمُّ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ أَنْ يُفَرْقِعَ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّيْتُ إلَى جَنْبِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفَرْقَعْتُ أَصَابِعِي، قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: لَا أُمَّ لَكَ تُفَرْقِعُ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ.

[الْبُنْيَانِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ]
فِي الْبُنْيَانِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَهَلْ يُوَرَّثُ وَفِي التُّرَابِ يَكْثُرُ فِي جَبْهَةِ الْمُصَلِّي وَفِي الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْمَسْجِدِ يَبْنِيهِ الرَّجُلُ وَيَبْنِي فَوْقَهُ بَيْتًا يَرْتَفِقُ بِهِ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إمَامَ هُدًى وَقَدْ كَانَ يَبِيتُ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - عليه السلام - فَلَا تَقْرَبُهُ فِيهِ امْرَأَةٌ، وَهَذَا إذَا بُنِيَ فَوْقَهُ صَارَ مَسْكَنًا يُجَامِعُ فِيهِ وَيَأْكُلُ فِيهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُوَرَّثُ الْمَسْجِدُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ الْأَحْبَاسِ وَالْمَسْجِدِ حَبْسٌ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت مَا كَانَ مَنْ الْمَسَاجِدِ بَنَاهَا رَجُلٌ لِلنَّاسِ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِهِ أَوْ بَنَاهَا وَبَنَى تَحْتَهَا بُنْيَانًا هَلْ يُوَرَّثُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا الْبُنْيَانُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا كَانَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ مِنْ الْبُنْيَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكْرَهَهُ، وَالْمَسْجِدُ عِنْدَ مَالِكٍ لَا يُوَرَّثُ إذَا كَانَ قَدْ أَبَاحَهُ صَاحِبُهُ لِلنَّاسِ وَيُوَرَّثُ الْبُنْيَانُ الَّذِي بُنِيَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَثُرَ التُّرَابُ فِي جَبْهَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْسَحَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي كَفَّيْهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَمِيصُ الْإِزَارِ وَرِدَاءٌ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُسْدِلَ، قَالَ مَالِكٌ: وَرَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْفَضْلِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ سُجُودِ الشُّكْرِ يُبَشَّرُ الرَّجُلِ بِبِشَارَةٍ فَيَخِرُّ سَاجِدًا؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: انْصِرَافُ الرَّجُلِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ، ذَلِكَ كُلُّهُ حَسَنٌ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَكَانَ مَالِكٌ يَعْرِفُ التَّسْبِيحَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ؟ قَالَ: لَا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ إذَا مَرَّ وَهُوَ يَقْرَأُ يَذْكُرُ النَّارَ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَعَوَّذُ رَجُلٌ خَلْفَ الْإِمَامِ، قَالَ: لِيَتْرُكْ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ وَإِنْ تَعَوَّذَ فَسِرًّا.

[فِي التَّزْوِيقِ وَالْكِتَابِ فِي الصُّحُفِ وَالْحَجَرِ يَكُونُ فِي الْقِبْلَةِ]
قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَه أَنْ يَكُونَ فِي الْقِبْلَةِ مَثَلُ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي كُتِبَ فِي مَسْجِدِكُمْ بِالْفُسْطَاطِ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَذَكَرَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَمَا عُمِلَ فِيهِ مِنْ التَّزْوِيقِ فِي قِبْلَتِهِ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ: كَرِهَ ذَلِكَ النَّاسُ حِينَ فَعَلُوهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ النَّاسَ فِي صَلَاتِهِمْ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَيُلْهِيهِمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ أَرَادَ نَزْعَهُ. فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ كَبِيرَ شَيْءٍ مِنْ الذَّهَبِ فَتَرَكَهُ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمُصْحَفِ يَكُونُ فِي الْقِبْلَةِ أَيُصَلَّى إلَيْهِ وَهُوَ فِي الْقِبْلَةِ؟ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ إنَّمَا جُعِلَ لِيُصَلِّيَ إلَيْهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ مَوْضِعُهُ وَمُعَلَّقُهُ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.

قَالَ:


وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَه أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ إلَى هَذِهِ الْحِجَارَةِ الَّتِي تُوضَعُ فِي الطَّرِيقِ لِشَبَهِهَا بِالْأَنْصَابِ، قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ أَفَتَكْرَهُ ذَلِكَ؟
قَالَ: أَمَّا الْحَجَرُ الْوَاحِدُ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ وَأَمَّا الْحِجَارَةُ الَّتِي لَهَا عَدَدٌ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.


[كِتَابُ الصَّلَاةِ الثَّانِي] [سُجُودِ الْقُرْآنِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كِتَابُ الصَّلَاةِ الثَّانِي مَا جَاءَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ
قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: سُجُودُ الْقُرْآنِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ المص [الْأَعْرَافُ] وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَبَنِي إسْرَائِيلَ [الْإِسْرَاءُ] وَمَرْيَمُ وَالْحَجُّ أَوَّلُهَا وَالْفُرْقَانُ وَالْهُدْهُدُ [النَّمْلُ] وَالم تَنْزِيلُ [السَّجْدَةُ] وَ(ص) وَ(حم تَنْزِيلُ) [فُصِّلَتْ] .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ حم تَنْزِيلُ أَيْنَ يُسْجَدُ فِيهَا ﴿إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧] أَوْ يَسْأَمُونَ [فُصِّلَتْ] لِأَنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا قَالَ: السَّجْدَةُ فِي ﴿إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧] [فُصِّلَتْ] قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُهُ وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ نَافِعٍ الْقَارِئِ مِثْلَهُ. قَالَ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالنَّخَعِيُّ لَيْسَ فِي الْحَجِّ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ سَجْدَةً إلَّا سَجَدَهَا فِي صَلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ إبَّانِ صَلَاةٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا وَلْيَتَعَدَّهَا إذَا قَرَأَهَا، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنْ قَرَأَهَا بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ أَيَسْجُدُهَا؟ قَالَ: إنْ قَرَأَهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ يَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ رَأَيْتُ أَنْ يَسْجُدَهَا، وَإِنْ دَخَلَتْهَا صُفْرَةٌ لَمْ أَرَ أَنْ يَسْجُدَهَا وَإِنْ قَرَأَهَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يُسْفِرْ فَأَرَى أَنْ يَسْجُدَهَا فَإِنْ أَسْفَرَ فَلَا أَرَى أَنْ يَسْجُدَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَنَائِزَ يُصَلَّى عَلَيْهَا مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ أَوْ تُسْفِرُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَذَلِكَ السَّجْدَةُ عِنْدِي.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَيَسْجُدَهَا، فَإِذَا أَسْفَرَ أَوْ تَغَيَّرَتْ الشَّمْسُ فَأَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا فَإِذَا قَرَأَهَا إذَا أَسْفَرَ وَإِذَا


اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ لَمْ يَسْجُدْهَا.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الَّذِي يَقْرَؤُهَا فِي رَكْعَةٍ فَيَسْهُو أَنْ يَسْجُدَهَا حَتَّى يَرْكَعَ وَيَقُومُ؟ قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَقْرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَيَسْجُدَهَا وَهَذَا فِي النَّافِلَةِ فَأَمَّا فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَقْرَؤُهَا، فَإِنْ هُوَ قَرَأَهَا فَلَمْ يَسْجُدْهَا ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُعِدْ قِرَاءَتَهَا مَرَّةً أُخْرَى.

قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَمَّنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي صَلَاةِ نَافِلَةٍ ثُمَّ نَسِيَ أَنْ يَسْجُدَهَا حَتَّى رَكَعَ؟ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَسْجُدَهَا

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَرِيضَةِ بِسُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ لِأَنَّهُ يَخْلِطُ عَلَى النَّاسِ صَلَاتَهُمْ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْإِمَامِ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِيهَا سَجْدَةٌ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ. وَقَالَ: أَكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَمَّدَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فَيَقْرَأَهَا لِأَنَّهُ يَخْلِطُ عَلَى النَّاسِ صَلَاتَهُمْ فَإِذَا قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ سَجَدَهَا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ: قَدْ كَرِهَ لِلْإِمَامِ هَذَا فَكَيْفَ بِالرَّجُلِ وَحْدَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ وَيَسْجُدَ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَكَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي وَأَرَى أَنْ لَا يَقْرَأَهَا وَهُوَ الَّذِي رَأَيْتُ مَالِكًا يَذْهَبُ إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي نَافِلَةٍ فَسَهَا أَنْ يَسْجُدَهَا فِي رَكْعَتِهِ الَّتِي قَرَأَهَا فِيهَا حَتَّى رَكَعَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَذَكَرَ السَّجْدَةَ وَهُوَ رَاكِعٌ؟ قَالَ: يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي نَافِلَةٍ فَإِذَا أَقَامَ إلَيْهَا قَرَأَهَا وَسَجَدَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ إذَا سَجَدَهَا وَيُكَبِّرُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا، قَالَ: وَإِذَا قَرَأَهَا وَهُوَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَكَانَ يُضَعِّفُ التَّكْبِيرَ قَبْلَ السُّجُودِ وَبَعْدَ السُّجُودِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَى أَنْ يُكَبِّرَ وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَكَانَ لَا يَرَى السَّلَامَ بَعْدَهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَرَأَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ فَرَكَعَ بِهَا قَالَ: لَا يَرْكَعُ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ فِي صَلَاةٍ وَلَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ فَيُخَطْرِفُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ، إذَا قَرَأَ السُّورَةَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ فَلَا يَدَعُ أَنْ يَقْرَأَ السَّجْدَةَ.

قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْرَأَ السَّجْدَةَ وَحْدَهَا لَا يَقْرَأُ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا شَيْئًا فَيَسْجُدُهَا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ.

قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يُحِبُّ لِلرَّجُلِ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ أَنْ يُخَطْرِفَهَا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ إنْ قَرَأَهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةٍ فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ أَوْ قَرَأَهَا فِي السَّاعَاتِ الَّتِي يُنْهَى فِيهَا عَنْ سُجُودِهَا هَلْ تَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا؟
قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَنْهَى عَنْ هَذَا وَاَلَّذِي أَرَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لَهُ إنْ قَرَأَهَا فِي إبَّانِ صَلَاةٍ أَنْ لَا يَدَعَ سُجُودَهَا وَكَانَ لَا يُوجِبُهَا وَكَانَ قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُوجِبُهَا وَكَانَ يَأْخُذُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ مَنْ لَيْسَ لَكَ بِإِمَامٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْكَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ


فَلَيْسَ عَلَيْكَ السُّجُودُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَمِعَ السَّجْدَةَ مِنْ رَجُلٍ فَسَجَدَهَا الَّذِي تَلَاهَا: إنَّهُ لَيْسَ عَلَى هَذَا الَّذِي سَمِعَهَا أَنْ يَسْجُدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ جَلَسَ إلَيْهِ.

وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يُنْكِرُ هَذَا أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ فَيَجْلِسُونَ إلَى رَجُلٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لَا يَجْلِسُونَ إلَيْهِ لِتَعْلِيمٍ.

قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَه أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ مُتَعَمِّدًا مَعَ الْقَوْمِ لِيَقْرَأَ لَهُمْ الْقُرْآنَ وَسُجُودَ الْقُرْآنِ فَيَسْجُدَ بِهِمْ، وَقَالَ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ هَذَا وَمَنْ قَعَدَ إلَيْهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ قِرَاءَةَ سَجْدَةٍ قَامَ عَنْهُ وَلَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا إلَى جَانِبِ رَجُلٍ لَمْ يَجْلِسْ إلَيْهِ فَقَرَأَ ذَلِكَ الرَّجُلُ سَجْدَةً وَصَاحِبُهُ يَسْمَعُ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي يَسْمَعُهَا أَنْ يَسْجُدَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَلَسَ إلَيْهِ قَوْمٌ فَقَرَأَ ذَلِكَ الرَّجُلُ سَجْدَةً فَلَمْ يَسْجُدْهَا الَّذِي قَرَأَهَا هَلْ يَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَسْجُدُوا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ هَذَا الَّذِي يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؟ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: أَرَى أَنْ يُقَامَ وَلَا يَتْرُكُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَهَا، قَالَ: سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَدْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ» .
قَالَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَحَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ فِيهَا سَجْدَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَسَجَدَ الرَّجُلُ فَسَجَدَ مَعَهُ النَّبِيُّ - ﷺ -، ثُمَّ قَرَأَ آخَرُ آيَةً أُخْرَى فِيهَا سَجْدَةٌ وَهُوَ عِنْدَ النَّبِيِّ - ﷺ - فَانْتَظَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَسْجُدَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فَلَمْ يَسْجُدْ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَرَأْتُ السَّجْدَةَ فَلَمْ تَسْجُدْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: كُنْتَ إمَامًا فَلَوْ سَجَدْتَ سَجَدْتُ مَعَكَ» .

[غَيْرِ الطَّاهِرِ يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ]
مَا جَاءَ فِي غَيْرِ الطَّاهِرِ يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ غَيْرُ الطَّاهِرِ الَّذِي لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ لَا عَلَى وِسَادَةٍ وَلَا بِعِلَاقَةٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ الْمُصْحَفُ فِي التَّابُوتِ وَالْغِرَارَةِ وَالْخُرْجِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مَنْ هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَاهُ فِي التَّابُوتِ وَالْغِرَارَةِ وَالْخُرْجِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَتَرَاهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ عَلَى الْوِسَادَةِ إنَّمَا أَرَادَ حُمْلَانَ الْمُصْحَفِ لَا حُمْلَانَ مَا سِوَاهُ، وَاَلَّذِي يَحْمِلُهُ فِي التَّابُوتِ وَالْغِرَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ حُمْلَانَ مَا سِوَى الْمُصْحَفِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الْمَتَاعُ مَعَ الْمُصْحَفِ، قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ النَّصْرَانِيُّ الْغِرَارَةَ وَالصُّنْدُوقَ وَفِيهِمَا الْمُصْحَفُ، قَالَ: وَقَدْ أَمَرَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم اليوم, 05:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 201 الى صــ 206
الحلقة(13)





كَانَ يَمْسِكُ عَلَيْهِ الْمُصْحَفَ حِينَ احْتَكَّ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: لَعَلَّكَ مَسِسْتَ ذَكَرَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ لَهُ: قُمْ فَتَوَضَّأَ فَقَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ.

[سُتْرَةِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ]
فِي سُتْرَةِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْخَطُّ بَاطِلٌ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَلَا يُصَلِّي إلَّا إلَى سُتْرَةٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَضَرِ بِمَوْضِعٍ يَأْمَنُ أَنْ لَا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ مِثْلِ الْجِنَازَةِ يَحْضُرُهَا فَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ خَارِجًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَقَدْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَسَارِيَةٌ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَأَخَّرَ إلَى السَّارِيَةِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا يَسْتَتِرُ بِهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَمَامَهُ فَيَتَقَدَّمَ إلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَعِيدًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ وَرَاءَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَقَهْقَرَ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ سَارِيَةٌ بَعِيدَةً مِنْهُ فَلْيُصَلِّ مَكَانَهُ وَلْيَدْرَأْ مَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا اسْتَطَاعَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: السُّتْرَةُ قَدْرُ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ فِي حُلَّةِ الرُّمْحِ، قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ إذَا كَانَ السَّوْطُ وَنَحْوُهُ؟ فَكَرِهَهُ وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا.
قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ الْحَكَمِ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - صَلَّى إلَى الْفَضَاءِ» .
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَلِّي فِي الْجَبَّانَةِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فِي يَوْمِ غَزْوَةِ تَبُوكِ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ؟ فَقَالَ: مِثْلُ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ يَجْعَلُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعَ وَإِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ فِي جُلَّةِ الرُّمْحِ أَوْ الْحَرْبَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْ سُتْرَتِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا» .
قَالَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَقَدْ «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي إلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - إلَى بَعِيرِهِ»، مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

[الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي]
فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْ الصُّفُوفِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّيَ بِهِمْ قَالَ: لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَمْشِي بَيْنَ الصُّفُوفِ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَقِفَ فِي مُصَلَّاهُ يَمْشِي عَرْضًا بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ مَالِكٌ:

وَكَذَلِكَ مَنْ رَعَفَ أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ فَلْيَخْرُجْ عَرْضًا وَلَا يَرْجِعُ إلَى عَجُزِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَلَوْ ذَهَبَ يَخْرُجُ إلَى عَجُزِ الْمَسْجِدِ لَبَالَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةُ شَيْءً مِنْ الْأَشْيَاءِ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّيَ وَعَنْ يَمِينِهِ رَجُلٌ وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ فَأَرَادَ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ أَخْذَ ثَوْبٍ مَنْ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَهُ مَنْ بَيْنِ يَدَيْ الْمُصَلِّي، قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ، قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَاوَلَ الْمُصَلِّي نَفْسَهُ الثَّوْبَ أَوْ الْبَوَّ؟
قَالَ: رَجُلٌ؟
قَالَ: قَالَ: لَا يَصْلُحُ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ يَرَى الْبَوَّ قَالَ أَوْ الثَّوْبَ إذَا نَاوَلَهُ هُوَ نَفْسُهُ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِالثَّوْبِ أَوْ إنْسَانٍ أَوْ بَوٍّ قَالَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدَةٍ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ «عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جِئْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَقَدْ نَاهَزْتُ الْحُلُمَ فَإِذَا النَّبِيُّ - ﷺ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى، فَسِرْتُ عَلَى الْأَتَانِ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ ثُمَّ نَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُهَا تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا إلَى سُتْرَةٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ صَخْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحْرِزٍ الْمُدْلِجِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ الْجُذَامِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: «أَنَّ قِطًّا أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - وَهُوَ يُصَلِّي فَحَبَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِرِجْلِهِ» .

[جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ]
فِي جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْحَضَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ إذَا كَانَ طِينٌ وَظُلْمَةٌ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ الْمَطَرُ، وَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فِي الْحَضَرِ إذَا كَانَ مَطَرٌ أَوْ طِينٌ أَوْ ظُلْمَةٌ يُؤَخِّرُونَ الْمَغْرِبَ شَيْئًا ثُمَّ يُصَلُّونَهَا ثُمَّ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، قَالَ: وَيَنْصَرِفُ النَّاسُ وَعَلَيْهِمْ أَسْفَارٌ قَلِيلٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا أُرِيدُ بِذَلِكَ الرِّفْقَ بِالنَّاسِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَجْمَعْ بِهِمْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَهَلْ يُجْمَعُ فِي الطِّينِ وَالْمَطَرِ فِي الْحَضَرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ كَمَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْحَضَرِ وَلَا نَرَى ذَلِكَ مِثْلَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ الْمَغْرِبَ فِي لَيْلَةِ الْمَطَرِ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْقَوْمَ قَدْ صَلُّوا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ وَإِنَّمَا جَمَعَ النَّاسُ لِلرِّفْقِ بِهِمْ وَهَذَا لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ فَأَرَى أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى


يَغِيبَ الشَّفَقُ ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ.
قُلْتُ: فَإِنْ وَجَدَهُمْ قَدْ صَلَّوْا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يُصَلُّوا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ الْعِشَاءَ وَقَدْ كَانَ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي بَيْتَهُ لِنَفْسِهِ؟
قَالَ: لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ هِلَالٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ قُسَيْطٍ حَدَّثَهُ: إنَّ جَمْعَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمَدِينَةِ فِي لَيْلَةِ الْمَطَرِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ سُنَّةٌ، وَأَنْ قَدْ صَلَّاهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ وَجَمْعُهُمَا أَنَّ الْعِشَاءَ تَقْرُبُ إلَى الْمَغْرِبِ حِينَ يُصَلَّى الْمَغْرِبُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا يُصَلُّونَ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الْأَسْوَدِ مِثْلَهُ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّ النَّبِيَّ - عليه الصلاة والسلام - جَمَعَهُمَا جَمِيعًا.

[جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]
فِي جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ: إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَلَا يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ. وَرَأَى مَالِكٌ لَهُ فِي ذَلِكَ سَعَةً إذَا كَانَ يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ إذَا كَانَ أَرْفَقَ بِهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ جَمَعَ بَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعَ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَمَا تَغِيبُ الشَّمْسُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبَطْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ صَاحِبِ الْعِلَّةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي تَضُرُّ بِهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَيَكُونُ هَذَا أَرْفَقَ بِهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - جَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غَيْرِ سَفَرٍ وَلَا خَوْفٍ، وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - بَيْنَهُمَا فِي السَّفَرِ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، فَالْمَرِيضُ أَوْلَى بِالْجَمْعِ لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلِخِفَّتِهِ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَإِنَّمَا الْجَمْعُ رُخْصَةٌ لِتَعَبِ السَّفَرِ وَمُؤْنَتِهِ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَالْمَرِيضُ أَتْعَبُ مِنْ الْمُسَافِرِ وَأَشَدُّ مُؤْنَةً لِشِدَّةِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ فِي الْبَرْدِ، وَلِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ لِمَا يُصِيبُهُ مِنْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ أَوْ عِلَّةٍ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ بِهَا التَّحَرُّكُ وَالتَّحْوِيلُ، وَلِقِلَّةِ مَنْ يَكُونُ لَهُ عَوْنًا عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالرُّخْصَةِ وَهِيَ بِهِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِالْمُسَافِرِ، وَقَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ - ﷺ - بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ لِلرِّفْقِ بِالنَّاسِ سُنَّةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْخُلَفَاءِ، فَالْمَرِيضُ أَوْلَى بِالرِّفْقِ لِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.


[جَمْعِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]
فِي جَمْعِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ إلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَإِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ حَتَّى يَكُونَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا، ثُمَّ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى تَكُونَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ يُصَلِّيهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَافِرِ فِي الْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَسْفَارِ: إنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَّا أَنْ يُجِدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَإِنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ وَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إذَا خَافَ فَوَاتَ أَمْرِهِ، قَالَ مَالِكٌ: فَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ يَجْعَلُ الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا إلَّا أَنْ يَرْتَحِلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا تِلْكَ السَّاعَةَ فِي الْمَنْهَلِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِل، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ يُصَلِّيهِمَا، فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عِنْدَ الرَّحِيلِ مِنْ الْمَنْهَلِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ يَوْمًا جَمَعَ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ لَيْلًا جَمَعَ بَيْنِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - مِثْلَهُ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ، وَقَالَ: يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَافِدِينَ إلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُؤَخِّرُ مِنْ الظُّهْرِ وَيُعَجِّلُ مِنْ الْعَصْرِ، وَيُؤَخِّرُ مِنْ الْمَغْرِبِ وَيُعَجِّلُ مِنْ الْعِشَاءِ وَيُصَلِّيهِمَا.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ جَمَعَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» .
قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِمَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ إنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، أَلَمْ تَرَ إلَى صَلَاةِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ؟ قَالَ مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ: إنَّ الْأَعْرَجَ أَخْبَرَهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إلَى تَبُوكِ» .
قَالَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ: إنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكِ فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ


الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» .

[قَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ]
فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ سَفَرًا: إنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، فَإِذَا بَرَزَ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ أَوْ قُرْبَهَا.
قُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ عَلَى مِيلٍ قَالَ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ يَحُدَّ لَنَا فِي الْقُرْبِ حَدًّا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَى سَفَرٍ فَيُوَاعِدُ عَلَيْهِ أَحَدًا، وَيَقُولُ لِلَّذِي وَاعَدَ اجْعَلْ طَرِيقَكَ بِي وَيَكُونُ بَيْنَ مَوْضِعِهِمَا مَا لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، فَيَخْرُجُ هَذَا فَاصِلًا مِنْ مِصْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ صَاحِبُهُ طَرِيقًا وَيُرِيدُ تَقْصِيرَ الصَّلَاةِ، قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ وَعَزَمَ عَلَى السَّيْرِ فِي سَفَرِهِ وَسَارَ مَعَهُ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَسِرْ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ مِنْ حِينِ يُجَاوِزُ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَسِيرُهُ إنَّمَا هُوَ بِمَسِيرِ صَاحِبِهِ إنْ سَارَ صَاحِبُهُ مَعَهُ سَارَ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَحْ، فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ مَنْزِلَ صَاحِبِهِ فَاصِلًا لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَّ يَصِيرُ مُسَافِرًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى فِي الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ لِلْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، يَنْتَظِرُهُمْ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى يَلْحَقُوا بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَاصِلًا عَلَى كُلِّ حَالٍ يَنْفُذُ لِوَجْهِهِ سَارَ مَعَهُ مَنْ يَنْتَظِرُ أَوْ لَمْ يَسِرْ، فَأَنَا أَرَى أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ مِنْ حِينِ يُجَاوِزُ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا تَقَدَّمَهُمْ وَهُوَ لَا يَبْرَحُ إلَّا بِهِمْ وَلَا يَسْتَطِيعُ مُفَارِقَتَهُمْ إنْ أَقَامُوا أَقَامَ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ حَتَّى يَلْحَقُوهُ وَيَنْفُذُوا لِسَفَرِهِمْ مُوَجَّهِينَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ نَسِيَ الظُّهْرَ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَذَكَرَهَا وَهُوَ مُقِيمٌ، قَالَ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

وَإِنْ ذَكَرَ صَلَاةَ الْحَضَرِ فِي السَّفَرِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ عَنْ الْحَسَنِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ خَرَجَ مُسَافِرًا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ: إنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الشَّمْسُ قَدْ زَالَتْ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ الْوَقْتُ فَإِنَّمَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَذَهَابُ الْوَقْتِ غُرُوبُ الشَّمْسِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا، قَالَ: وَالْوَقْتُ فِي هَذَا لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ النَّهَارُ كُلُّهُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَمَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ صَلَّى أَرْبَعًا، قَالَ: وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ اللَّيْلُ كُلُّهُ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ هُوَ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إذَا قَدِمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ الْعَصْرُ أَيْضًا فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَمَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ:


وَقَالَ مَالِكٌ: وَالْمُسَافِرُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سَوَاءٌ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَصَامَ.

قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي النَّوَاتِيَّةِ يَكُونُ مَعَهُمْ الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ فِي السَّفِينَةِ هَلْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ أَمْ يَقْصُرُونَ؟ قَالَ: يَقْصُرُونَ إذَا سَافَرُوا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ طَلَبَ حَاجَةً عَلَى بَرِيدَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ هِيَ بَيْنَ يَدَيْك عَلَى بَرِيدَيْنِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى سَارَ مَسِيرَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ: إنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَلَا يَقْصُرُ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجْعَةَ إلَى بَلَدِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَصَاعِدًا.

قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ السُّعَاةِ هَلْ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا السُّعَاةُ، وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدُورُ فِي الْقُرَى وَلَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِهِ وَبَيْنَ أَقْصَاهَا أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، فِيمَا يَدُورُ مِنْ دُورِهِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَأَكْثَرُ، قَالَ: إذَا كَانَ فِيمَا يَدُورُ فِيهِ مَا يَكُونُ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ مَكَّةَ مِنْ مِصْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَسِيرَ يَوْمًا وَيُقِيمَ يَوْمًا حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ؟ قَالَ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ يُرِيدُ الصَّيْدَ إلَى مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ عَيْشَهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا خَرَجَ مُتَلَذِّذًا فَلَمْ أَرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ، وَقَالَ: أَنَا لَا آمُرُهُ أَنْ يَخْرُجَ، فَكَيْفَ آمُرُهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ قَبْلَ الْيَوْمِ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَّا فِي مَسِيرِ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ.

قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَهُوَ مُسَافِرٍ، فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً بَدَا لَهُ فِي الْإِقَامَةِ، قَالَ: يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَيَجْعَلُهَا نَافِلَةً، ثُمَّ يَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ صَلَاةَ مُقِيمٍ، وَلَوْ بَدَا لَهُ بَعْدَمَا فَرَغَ، قَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَرَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَاجِبَةً، فَإِنْ أَعَادَ فَحَسَنٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ خَرَجَ مُسَافِرًا فَلَمَّا مَضَى فَرْسَخًا أَوْ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ فِي حَاجَةٍ بَدَتْ لَهُ، قَالَ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ إذَا رَجَعَ حَتَّى يَخْرُجَ فَاصِلًا الثَّانِيَةَ مِنْ بَيْتِهِ وَيُجَاوِزَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ ثُمَّ يَقْصُرُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ خَرَجَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَلَهُ بِمِصْرَ أَهْلٌ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ صَلَاةً وَاحِدَةً: إنَّهَا يُتِمُّهَا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَخَلَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ فَأَوْطَنَهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ فَيَعْتَمِرَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْدَمُ مَكَّةَ فَيُقِيمُ بِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا أَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ أَمْ يُتِمُّ؟ قَالَ: بَلْ يُتِمَّ لِأَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ لَهُ مَوْطِنًا، قَالَ لِي ذَلِكَ مَالِكٌ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ لَقِيَهُ قَبْلِي أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ. ثُمَّ سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا فَقَالَ: أَرَى أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ وَقَوْلُهُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ أَعْجَبُ إلَيَّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: الرَّجُلُ الْمُسَافِرُ يَمُرُّ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُ فِي سَفَرٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ بِقَرْيَتِهِ تِلْكَ إلَّا يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، وَفِيهَا عَبِيدُهُ وَبَقَرُهُ وَجَوَارِيهِ وَلَيْسَ لَهُ بِهَا أَهْلٌ وَلَا



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم اليوم, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 207 الى صــ 212
الحلقة(14)




وَلَدٌ؟ قَالَ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يَكُونَ فِيهَا أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقَرْيَةُ الَّتِي فِيهَا أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ مَرَّ بِهَا فِي سَفَرِهِ وَقَدْ هَلَكَ أَهْلُهُ وَبَقِيَ فِيهَا وَلَدُهُ أَيُتِمُّ الصَّلَاةَ أَمْ يَقْصُرُ؟
قَالَ: يَقْصُرُ، قَالَ: إنَّمَا مَحْمَلُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَانَتْ لَهُ مَسْكَنًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَسْكَنًا لَمْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ صَلَاةَ مُقِيمٍ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ.

وَإِذَا صَلَّى الْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ فَإِذَا سَلَّمَ الْمُسَافِرُ أَتَمَّ هُوَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ. قَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ:: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ مَكَّةَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ عَنْ ابْنِ جُدْعَانَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - صَلَّى بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: إنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ: إنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُتِمَّ بِمَكَّةَ فَإِذَا خَرَجَ إلَى مِنًى وَعَرَفَةَ قَصَرَ. قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: إنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي إنَّ اللَّهَ بَعَثَ إلَيْنَا مُحَمَّدًا وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي وَرَاءَ الْإِمَامِ بِمَكَّةَ وَمِنًى أَرْبَعًا فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى أَرْبَعًا أَرْبَعًا فِي سَفَرِهِ كُلِّهِ: إنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ كَمَا هُوَ يُعِيدُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَوَاتِ مِمَّا هُوَ فِي وَقْتِهَا، فَأَمَّا مَا مَضَى وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَسَّاسٍ عَنْ لَهِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «إنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا مَعَ فُلَانٍ فِي سَفَرٍ فَأَبَى إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ لَنَا أَرْبَعًا أَرْبَعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: إذًا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ تُصَلُّونَ» .
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ تُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَلَوْ صَلَّى فِي سَفَرِهِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا حَتَّى رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ؟ قَالَ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ.
قُلْتُ: لِمَ وَقَدْ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ وَإِنَّمَا يُعِيدُ أَرْبَعًا وَقَدْ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا؟
قَالَ: لِأَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ لَا تَجْزِيءُ عَنْهُ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إصْلَاحِ تِلْكَ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.
قُلْتُ لَهُ: فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي السَّفَرِ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ، فَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْحَضَرَ وَهُوَ فِي وَقْتِهَا فَلْيُعِدْهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ حِين صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُسَافِرًا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ يَنْوِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَدَا لَهُ فَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ

مَالِكٍ.
قُلْتُ: مِنْ أَيِّ وَجْهٍ؟
قُلْتُ: لَا يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ: لِأَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى أَوَّلِ نِيَّتِهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي مُسَافِرٍ صَلَّى بِمُسَافِرِينَ فَسَبَّحُوا بِهِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ وَقَدْ كَانَ قَامَ يُصَلِّيَ فَتَمَادَى بِهِمْ وَجَهِلَ، فَقَالَ: أَرَى أَنْ يَقْعُدُوا فَيَتَشَهَّدُوا وَلَا يَتْبَعُوهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَقْعُدُونَ حَتَّى يُصَلِّيَ وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ، وَيُعِيدُ هُوَ الصَّلَاةَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ مُقِيمٍ التَّشَهُّدَ أَوْ السُّجُودَ وَلَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ وَهُوَ مُسَافِرٌ، إنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ صَلَاةَ الْإِمَامِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: صَلَاةُ الْأَسِيرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ إلَّا أَنْ يُسَافَرَ بِهِ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ عَسْكَرًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَأَقَامَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ قَالَ: لَيْسَ دَارُ الْحَرْبِ كَغَيْرِهَا، قَالَ: وَإِذَا كَانُوا فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ فَنَوَوْا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمُّوا الصَّلَاةَ.
قُلْتُ لَهُ: وَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ وَلَا مِصْرٍ أَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُتِمُّوا؟
قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَامُوا عَلَى حِصْنٍ حَاصَرُوهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَيَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ.
قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قُلْتُ لَابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّا نُطِيلُ الْمُقَامَ بِخُرَاسَانَ فِي الْغَزْوِ، قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ أَقَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ الضُّبَعِيِّ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا سَافَرَ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَرَى الْبُيُوتَ، وَإِذَا رَجَعَ قَصَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَصَرَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَصَرَ الصَّلَاةَ إلَى ذَاتِ النُّصُبِ وَهِيَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ قَصَرَا الصَّلَاةَ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - أَقَامَ سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ لِلطَّائِفِ»، وَقَالَ: وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولَانِ: إذَا أَجْمَعَ الْمُسَافِرُ عَلَى مُقَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ فِي السَّفَرِ يَرُوحُ أَحْيَانًا كَثِيرَةً وَقَدْ زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَسِيرَ أَمْيَالًا لَمْ يَطُلْ الْفَيْءُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ إنَّهُ سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّ أَحَدَنَا يَخْرُجُ فِي السَّفِينَةِ يَحْمِلُ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ وَدَاجِنَتَهُ وَدَجَاجَهُ أَيُتِمُّ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: قَالَ: لَا إذَا خَرَجَ فَلْيَقْصُرْ الصَّلَاةَ وَإِنْ


خَرَجَ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَهُ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: فِي الْأَسِيرِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ إنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ مَا كَانَ مَحْبُوسًا.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ الْبَصْرَةِ فَرَأَى خُصًّا فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، يَعْنِي بِالْخُصِّ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْبَصْرَةِ.

[الصَّلَاةُ فِي السَّفِينَةِ]
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يُصَلِّيَ فِي السَّفِينَةِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا وَإِنْ صَلَّى فِيهَا أَجْزَأَهُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَيَجْمَعُونَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ يُصَلِّي بِهِمْ إمَامُهُمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا فَلَا يُصَلِّي قَاعِدًا.

قَالَ: وَقِيلَ لِمَالِكٍ فِي الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي السَّفِينَةِ فَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً تَحْتَ سَقْفِهَا وَيَحْنُونَ رُءُوسَهُمْ، وَإِنْ خَرَجُوا إلَى صَدْرِهَا صَلُّوا أَفْذَاذًا وَلَا يَحْنُونَ رُءُوسَهُمْ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيْك؟ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا عَلَى صَدْرِهَا، وَلَا يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَيَحْنُونَ رُءُوسَهُمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَيَدُورُونَ إلَى الْقِبْلَةِ كُلَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ عَنْ الْقِبْلَةِ إنْ قَدَرُوا، قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدُورُوا مَعَ السَّفِينَةِ؟ قَالَ: تُجْزِئُهُمْ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يُوَسِّعُ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ، مِثْلُ مَا وَسَّعَ لِلْمُسَافِرِ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْمَحْمَلِ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَأَبَا الدَّرْدَاءِ وَغَيْرَهُمْ: كَانُوا يُصَلُّونَ فِي السَّفِينَةِ وَلَوْ شَاءُوا أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْجَدِّ لَفَعَلُوا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي رَكِبَ الْبَحْرَ فَيَسِيرُ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَلَقِيَتْهُ رِيحٌ فَرَدَّتُهُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَحَبَسَتْهُ أَيَّامًا: إنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ مَا حَبَسَتْهُ الرِّيحُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، قَالَ سَحْنُونٌ: يُرِيدُ إنْ كَانَتْ لَهُ مَسْكَنًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَسْكَنًا قَصَرَ الصَّلَاةَ.

[رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ]
مَا جَاءَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ: فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَا يُجْزِئُهُ مَا كَانَ صَلَّى قَبْلَ الْفَجْرِ.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي فِي الْيَوْمِ الْمُغَيِّمِ الْمَسْجِدَ فَيَتَحَرَّى طُلُوعَ الْفَجْرِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؟ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ، قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ تَحَرَّى فَعَلِمَ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ


الْفَجْرِ؟ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُعِيدَهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ بَعْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ وَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَتُقَامُ الصَّلَاةُ أَيَرْكَعُهُمَا؟ فَقَالَ: لَا وَلْيَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَهُمَا فَعَلَ، وَقَدْ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - لِصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَوْمٌ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، فَقَالَ: أَصَلَاتَانِ مَعًا» يُرِيدُ بِذَلِكَ نَهْيًا عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، أَوْ جَاءَ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ أَتَرَى لَهُ أَنْ يَرْكَعَهُمَا خَارِجًا أَوْ يَدْخُلَ؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الْإِمَامُ بِالرَّكْعَةِ فَلْيَرْكَعْ خَارِجًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا يَرْكَعُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ اللَّاصِقَةُ بِالْمَسْجِدِ، وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيَدْخُلْ الْمَسْجِدَ وَلْيُصَلِّ مَعَهُ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَهُمَا فَلْيَفْعَلْ.

قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَا يُقْرَأُ فِيهِمَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: الَّذِي أَفْعَلُ أَنَا لَا أَزِيدُ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - ﷺ -؟ «إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - لَيُخَفِّفُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، حَتَّى إنِّي لَأَقُولُ أَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟» .

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَفُوتُهُ حِزْبُهُ أَوْ يَتْرُكُهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ فَيُصَلِّيَهُ فِيمَا بَيْنَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ مَالِكٌ: مَا هُوَ عِنْدِي مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، فَأَمَّا مَنْ تَغْلِبُهُ عَيْنَاهُ فَيَفُوتُهُ حِزْبُهُ وَرُكُوعُهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِهِ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ إلَّا الرَّكْعَتَيْنِ. قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ السَّجْدَةَ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَيَسْجُدَهَا، وَقَدْ صَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَقِيَّةَ حِزْبِهِ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى بِالْكَلَامِ بَأْسًا فِيمَا بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُكْرَهُ الْكَلَامُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَتَكَلَّمُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - ﷺ - أَنَّهَا قَالَتْ: «إنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَانَةً حَدَّثَنِي حَتَّى يَأْتِيَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ»، وَكَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَتَحَدَّثُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُقَامَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، قَالَ لِي مَالِكٌ: وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ عُلَمَائِنَا يَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَالِكًا يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَيَتَحَدَّثُ وَيُسْأَلُ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَتْرُكُ الْكَلَامَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُرْبَ طُلُوعِهَا، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الصُّبْحِ، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَمُوسَى بْنَ مَيْسَرَةَ وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ يَجْلِسُونَ بَعْدَ


أَنْ يُصَلُّوا الصُّبْحَ، ثُمَّ يَتَفَرَّقُونَ لِلذِّكْرِ مَا يُكَلِّمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ اشْتِغَالًا بِذِكْرِ اللَّهِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الضَّجْعَةَ الَّتِي بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَبَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ الَّتِي يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يَفْصِلُونَ بِهَا؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْهُ فِيهَا شَيْئًا، وَأَرَى إنْ كَانَ يُرِيدُ بِذَلِكَ فَصْلَ الصَّلَاةِ فَلَا أُحِبُّهُ وَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا صَلَّاهُمَا الرَّجُلُ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَهُوَ لَا يَنْوِي بِهِمَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؟ قَالَ: لَا يُجْزِيَانِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

[مَنْ نَسِيَ الْوِتْرَ أَوْ نَامَ عَنْهُ]
. مَا جَاءَ فِيمَنْ نَسِيَ الْوِتْرَ أَوْ نَامَ عَنْهُ فَانْتَبَهَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ الْوِتْرَ أَوْ نَامَ عَنْهُ فَانْتَبَهَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُوتِرَ وَيُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَيُصَلِّيَ الصُّبْحَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، يُوتِرُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةَ الصُّبْحِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الْوِتْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، صَلَّى الْوِتْرَ وَصَلَاةَ الصُّبْحِ وَتَرَكَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الصُّبْحِ وَحْدَهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، صَلَّى الصُّبْحَ وَتَرَكَ الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي الْوِتْرِ وَلَا فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَضَيَاهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْضِيَهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلْيَفْعَلْ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَرَاهُمَا وَاجِبَتَيْنِ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْوِتْرُ وَاحِدَةٌ وَاَلَّذِي أُقِرُّ بِهِ وَأَقْرَأُ بِهِ فِيهَا فِي خَاصَّةِ نَفْسِي: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] وَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ [الفلق: ١] وَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ [الناس: ١] فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَانَ لَا يُفْتِي بِهِ أَحَدًا وَلَكِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَرَأَ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمُعَوِّذَتَيْن، وَمَنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي عِيسَى الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ سَحْنُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ يَجْمَعُهُنَّ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ» .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ فَسَأَلَنِي مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ؟ فَحَدَّثْتُ بِهِ مَالِكًا فَأَعْجَبَهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ لَا فِي حَضَرٍ وَلَا فِي سَفَرٍ، وَلَكِنْ يُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُوتِرَ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ فِي السَّفَرِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ


سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يُسَبِّحُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَبْلَ أَيُّمَا وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ» .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَهُوَ فِي سَفَرِهِ فِي مَحْمَلِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ، أَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وِتْرَهُ حَتَّى يَرْكَعَ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ فِي مَحْمِلِهِ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ حِزْبِهِ أَوْ لَعَلَّهُ أَنْ يُطَوِّلَ صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ، أَمْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرَ عَلَى الْأَرْضِ؟
قَالَ: أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرَ عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ فَيَتَنَفَّلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ وِتْرُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ نَاسِيًا فَلْيُصَلِّ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَلْيُوتِرْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَتَى فِي رَمَضَانَ وَالْقَوْمُ فِي الْوِتْرِ فَصَلَّى مَعَهُمْ جَاهِلًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْوِتْرِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يُضِيفُ رَكْعَةً أُخْرَى إلَى صَلَاتِهِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ الْوِتْرَ، قَالَ: وَإِنْ هُوَ لَمْ يُضِفْ رَكْعَةً أُخْرَى إلَى الْوِتْرِ الَّذِي صَلَّى مَعَ الْقَوْمِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَمَضَى وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يُضِيفُ الرَّكْعَةَ إلَى الْوِتْرِ إلَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ فَلْيُصَلِّ الْعِشَاءَ ثُمَّ لِيُعِدْ الْوِتْرَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى بَيْتِهِ فَتَوَضَّأَ وَأَوْتَرَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ؟
قَالَ: يُعِيدُ الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ الْوِتْرَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هَذَا قَوْلُهُ.
قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يُسْتَحَبُّ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَدْ كَانَ نَسِيَ الْوِتْرَ وِتْرَ لَيْلَتِهِ أَنْ يَقْطَعَ ثُمَّ يُوتِرَ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ خَلْفَ إمَامٍ قَطَعَ وَأَوْتَرَ وَصَلَّى الصُّبْحَ، وَإِنْ كَانَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا أَرَى أَنْ يَقْطَعَ وَيُوتِرَ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ، فَهُوَ إنْ تَرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ صَلَّى صَلَاةً هِيَ سُنَّةٌ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ أَسْكَتَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الْمُؤَذِّنَ بَعْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ صَلَاةَ الصُّبْحِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِلْوِتْرِ أَسْكَتَهُ. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا يُرَخِّصُ فِيهِ يَقُولُ: إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَقْطَعْ وَلْيَمْضِ وَلَكِنْ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ بِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ خَاصَّةً أَنْ يَقْطَعَ وَإِنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا رَأَيْتُهُ وَقَفَتْهُ عَلَيْهِ فَرَأَيْتَ ذَلِكَ أَحِبَّ إلَيْهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا قَطُّ قَضَى الْوِتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي الْقَضَاءِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ فَإِنَّهُ يُوتِرُ، قَالَ: وَإِنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَلَا يُوتِرْ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ سَهَا فِي الْوِتْرِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةَ الْوِتْرِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى كَيْفَ يَصْنَعُ أَيُعِيدُ وِتْرَهُ أَمْ يُجْزِئُهُ هَذَا الْوِتْرُ وَيَسْجُدُ السَّهْوَةَ؟
قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِسَهْوِهِ وَيَجْتَزِئُ بِوِتْرِهِ يَعْمَلُ فِي السُّنَنِ كَمَا يَعْمَلُ فِي الْفَرَائِضِ، وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - الْوِتْرَ وَاحِدَةً.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ سَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ فِي الشَّفْعِ أَمْ فِي الْوِتْرِ؟



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم اليوم, 05:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 213 الى صــ 218
الحلقة(15)





قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ.
قُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: ذَلِكَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَيْقَنَ بِالشَّفْعِ وَشَكَّ فِي الْوِتْرِ فَأَمَرَهُ مَالِكٌ أَنْ يُلْغِيَ مَا شَكَّ فِيهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ أَفِي أَوَّلِ الرَّكْعَةِ هُوَ أَمْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَمْ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟
قَالَ: يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ شَكَّ فَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَهَذَا فِي أَوَّلِ الشَّفْعِ فَلْيُضِفْ إلَيْهَا رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلْوِتْرِ، وَإِذَا صَلَّى الْفَجْرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلْوِتْرِ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ كَالْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ» ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَمَّنْ نَسِيَ الْوِتْرَ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ، قَالَ: قَدْ ضَيَّعَ وَفَرَّطَ فِي سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلْيَسْتَعْتِبْ فَإِنَّمَا الْوِتْرُ بِاللَّيْلِ وَلَيْسَ بِالنَّهَارِ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ قُسَيْطٍ وَعَطَاءٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَيْمُونَ الصَّفَدِيِّ عَنْ الْحَسَنِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوِتْرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ؟ فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ: أَوْتِرْ» قَالَ سَحْنُونٌ: يَعْنِي بَعْدَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ كَلَّمَهُ وَأَجَابَهُ أَنْ افْعَلْ.

[مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ إذَا نَسِيَهَا]
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، قَالَ: إنْ كَانَ وَحْدَهُ فَذَكَرَهَا حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَلْيَقْطَعْ وَلْيُصَلِّ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُصَلِّي هَذِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا، قَالَ: وَإِنْ كَانَ إنَّمَا ذَكَرَهَا بَعْدَمَا صَلَّى مِنْ هَذِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا رَكْعَةً فَلْيُضْفِ إلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ لِيَقْطَعْ، وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَمَا صَلَّى ثَلَاثًا فَلْيُضْفِ إلَيْهَا رَكْعَةً رَابِعَةً ثُمَّ لِيَقْطَعْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَقْطَعُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا إذَا ذَكَرَ الَّتِي نَسِيَ بَعْدَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلْيُصَلِّ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُصَلِّي هَذِهِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ ذَكَرَ صَلَاةً وَنَسِيَهَا بَعْدَمَا صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، قَالَ: إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَلْيُصَلِّ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُصَلِّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ. قَالَ: وَوَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ الَّتِي نَسِيَ وَإِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ، صَلَّى الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ الْعَصْرَ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الَّتِي نَسِيَ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ صَلَّى الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا، قَالَ: يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَقْطَعُ حَتَّى يَفْرُغَ فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ أَعَادَ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونُ قَدْ صَلَى قَبْلَهَا فَيُدْرِكُ وَقْتَهَا

وَوَقْتَ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّهِمَا جَمِيعًا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَذَكَرَ وَهُوَ فِيهَا صَلَاةً قَدْ كَانَ نَسِيَهَا؟
قَالَ: يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَلَّمَ مَعَهُ وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَقْضِي الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُعِيدُ الْمَغْرِبَ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَغْرِبِ، قُلْت لَهُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ الْمَغْرِبُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى إذَا فَرَغَ صَلَّى الَّتِي نَسِيَ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي هَذَا اللَّيْلِ كُلِّهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً فَذَكَرَهَا وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ يُصَلِّيهَا؟
قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّى مِنْهَا شَيْئًا قَطَعَهَا، وَإِنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ يُسَلِّمُ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ أَيْضًا: يَقْطَعُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهَا أُخْرَى. وَقَالَ مَالِكٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا» قَالَ: وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ كَانَتْ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَوْ عِنْدَ طُلُوعِهَا، قَالَ: وَإِنْ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَلْيُصَلِّهَا، قَالَ: وَإِنْ غَابَ بَعْضُ الشَّمْسِ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا وَلَا يَنْتَظِرْ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» . قَالَ مَالِكٌ: فَوَقْتُهَا حِينَ ذَكَرَهَا فَلَا يُؤَخِّرْهَا عَنْ ذَلِكَ.

[مَنْ نَسِيَ صَلَاةً ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي وَقْتِ صَلَاةٍ]
فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي وَقْتِ صَلَاةٍ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ صَلَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ ذَكَرَهُنَّ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً صَلَّاهُنَّ قَبْلَ الصُّبْحِ، وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الصُّبْحِ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً بَدَأَ بِالصُّبْحِ ثُمَّ صَلَّى مَا كَانَ نَسِيَ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ ذَكَرَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً صَلَّى مَا نَسِيَ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ الْوَقْتِ صَلَّى الصُّبْحَ وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ مِمَّا نَسِيَ حَتَّى فَاتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَقَدْ مَضَى وَقْتُهَا. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ نَسِيَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً أَوْ تَرَكَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً فَلْيُصَلِّ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَلْيَذْهَبْ إلَى حَوَائِجِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَوَائِجِهِ صَلَّى أَيْضًا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ مَا نَسِيَ أَوْ تَرَكَ وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيُصَلِّي صَلَاةَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ وَيُسِرُّ وَيُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَيَجْهَرُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فِي النَّهَارِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي كَتَبْتُ فِيهِ أَنَّهُ نَسِيَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً فَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا نَسِيَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً فَذَكَرَهَا فِي وَقْتِ صَلَاةٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلَّى الَّتِي هُوَ فِي وَقْتِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَهَا وَهُوَ فِيهَا أَنَّهُ يَمْضِي عَلَيْهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَكْرَهُ الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ فِي التَّطَوُّعِ.


[مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا]
فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ فَلَا يَذْكُرُهُمَا إلَّا فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ، قَالَ: يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ نَسِيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إلَى آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ. أَوْ عِنْدَ الْمَغِيبِ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، قَالَ: يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَإِنْ غَابَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ وَنَسِيَ الظُّهْرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ إلَّا قَدْرَ مَا يُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً؟
قَالَ: يُصَلِّي الظُّهْرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْعَصْرِ.
قُلْتُ: فَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ مَا يُصَلِّي رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ؟
قَالَ: يُعِيدُ الْعَصْرَ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ هُوَ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَغَابَتْ الشَّمْسُ؟
قَالَ: لَا يُعِيدُ الْعَصْرَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ نَسِيَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَلَمْ يَذْكُرْهُمَا إلَّا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا إحْدَاهُمَا؟
قَالَ: يَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ الْعِشَاءِ ثُمَّ الصُّبْحِ، وَكَذَلِكَ إنْ نَسِيَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فَلَمْ يَذْكُرْهُمَا إلَّا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا إحْدَاهُمَا، قَالَ: يَبْدَأُ بِالْعِشَاءِ وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ هُوَ نَسِيَ صَلَوَاتِ صَلَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟
قَالَ: إذَا نَسِيَ صَلَوَاتٍ يَسِيرَةً بَدَأَ بِهَا كُلِّهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ الَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا، وَإِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً بَدَأَ بِالصَّلَاةِ الَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا ثُمَّ قَضَى مَا كَانَ نَسِيَ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَسِيرَةِ: الصَّلَاةَ أَوْ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَ أَوْ مَا قَرُبَ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقْضِي مُتَتَابِعًا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ مُتَتَابِعًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ نَسِيَ الصُّبْحَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ يَوْمِهِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، قَالَ: يُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، قَالَ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي النَّهَارِ إلَّا قَدْرُ مَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ جَعَلَهَا الْعَصْرَ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرَ الصُّبْحَ الَّتِي نَسِيَ بَعْدَمَا غَابَتْ الشَّمْسُ فَلَا يُعِيدُ الظُّهْرَ وَلَا الْعَصْرَ وَيَبْدَأُ بِالصُّبْحِ ثُمَّ لِيُصَلِّ الْمَغْرِبَ، وَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّى الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَاللَّيْلُ كُلُّهُ وَقْتٌ لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّيْلِ إلَّا قَدْرُ مَا يُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً جَعَلَهَا الْعِشَاءَ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّيْلِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَرَكْعَةً مِنْ الْأُخْرَى، صَلَّاهُمَا جَمِيعًا بَعْدَ الَّتِي نَسِيَ، وَالصُّبْحُ كَذَلِكَ أَيْضًا إنْ أَدْرَكَ أَنْ يُصَلِّيَ الَّتِي نَسِيَ وَالصُّبْحَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ صَلَّاهُمَا جَمِيعًا إذَا كَانَ إنَّمَا ذَكَرَ الَّتِي نَسِيَ بَعْدَمَا صَلَّى الصُّبْحَ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَسِيَ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ مِنْ يَوْمِهِ فَلَمْ يَذْكُرْهُمَا إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَذَكَرَ الظُّهْرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الصُّبْحَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الظُّهْرِ ذَكَرَ الصُّبْحَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ نَسِيَهَا أَيْضًا؟


قَالَ: يَفْسُدُ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهَا وَقَدْ فَرَغَ مِنْ الظُّهْرِ صَلَّى الصُّبْحَ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ فَرَغَ مِنْ الظُّهْرِ فَكَأَنَّهُ صَلَّاهَا حِينَ نَسِيَهَا.

[إمَامٍ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا فِي الصَّلَاةِ]
فِي إمَامٍ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي إمَامٍ ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَقْطَعَ وَيُعْلِمُهُمْ وَيَقْطَعُوا وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ الْحَدَثِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَيُعِيدُ مَنْ خَلْفَهُ؟
قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِمْ إعَادَةً وَلَكِنْ يُعِيدُ هُوَ بَعْدَ قَضَاءِ مَا نَسِيَ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: وَيُعِيدُونَ هُمْ فِي الْوَقْتِ، وَقَالَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَهُمَا يَحْمِلَانِ جَمِيعًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً ثُمَّ ذَكَرَهَا فَلَمَّا ذَكَرَهَا صَلَّى صَلَوَاتٍ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي نَسِيَهَا وَلَمْ يُصَلِّهَا؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا فَلْيُصَلِّهَا ثُمَّ لِيُعِدْ كُلَّ صَلَاةٍ هُوَ فِي وَقْتِهَا، قَالَ: فَأَرَى ذَلِكَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ وَإِنْ كَانَ صَلَّى عَمْدًا إذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الَّذِي نَسِيَ وَكُلَّ صَلَاةٍ هُوَ فِي وَقْتِهَا، وَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا تَعَمَّدَ وَلَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعَمْدِ شَيْئًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَسِيَ الصُّبْحَ أَوْ نَامَ عَنْهَا حَتَّى بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، قَالَ: يُصَلِّيهَا سَاعَتَهُ تِلْكَ إذَا ذَكَرَهَا، وَإِنْ نَسِيَ الْعَصْرَ حَتَّى غَابَ بَعْضُ الشَّمْسِ أَوْ نَامَ عَنْهَا ذَكَرَهَا فَلْيُصَلِّهَا مَكَانَهُ وَلَا يُؤَخِّرْهَا إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ غَيْرَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ هُوَ بِمَنْزِلَتِهَا.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «إذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ فَزِعَ إلَيْهَا فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا إذَا صَلَّاهَا لِوَقْتِهَا» .
قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤]» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ يُونُسُ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا لِلذِّكْرَى.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: ﴿وأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] قَالَ: إذَا ذَكَرْتُهَا. عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: صَلِّ الْمَكْتُوبَةَ مَتَى نَسِيتَهَا إذَا مَا ذَكَرْتَهَا فِي وَقْتٍ أَوْ غَيْرِ وَقْتٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَهَا ثُمَّ لِيُصَلِّ بَعْدَهَا الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ مَالِكٌ: عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ عِنْدَنَا فِي كُلِّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ غَيْرَهَا وَهُوَ مَعَ إمَامٍ أَوْ وَحْدَهُ، قَالَ: فَإِنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَلَا تُجْزِئُهُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ


الَّتِي نَسِيَ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَذَكَرَ وَهُوَ فِي الْعَصْرِ أَنَّهُ نَسِيَ الظُّهْرَ، مَضَى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَفْرُغَ فَيُصَلِّيَ هُوَ الظُّهْرَ ثُمَّ يُعِيدُ الْعَصْرَ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَذَكَرَهَا وَهُوَ فِي شَفْعٍ سَلَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ بَعْدُ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ شَفَعَهُ بِرَكْعَةٍ أُخْرَى ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ.

[السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ]
مَا جَاءَ فِي السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ إمَامًا صَلَّى بِقَوْمٍ رَكْعَتَيْنِ فَسَلَّمَ فَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَفْقَهْ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إنَّكَ لَمْ تُتِمَّ فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ، فَالْتَفَتَ إلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: يُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَيُصَلُّونَ مَعَهُ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا وَاَلَّذِينَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا، قَالَ: وَيَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ مِثْلَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ - ﷺ - يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ، وَبِذَلِكَ الْحَدِيثِ يَأْخُذُ مَالِكٌ، وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ - ﷺ - يَوْمئِذٍ وَفَعَلَ مَنْ خَلْفَهُ مِثْلَ مَا فَعَلَ مَنْ كَانَ خَلْفَ النَّبِيِّ يَوْمَئِذٍ، فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ يَفْعَلُونَ كَمَا فَعَلَ مَنْ كَانَ خَلْفَ النَّبِيِّ يَوْمئِذٍ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى وَحْدَهُ وَقَوْمٌ إلَى جَنْبِهِ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ. فَلَمَّا سَلَّمَ قَالُوا لَهُ: إنَّكَ لَمْ تُصَلِّ إلَّا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، قَالَ: لَا يَلْتَفِتْ إلَى مَا قَالُوا لَهُ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى يَقِينِهِ فَيَمْضِي عَلَيْهِ وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَأَنَّهُ قَدْ صَلَّى أَرْبَعًا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَا قَالُوا وَلْيَمْضِ عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَفَرَغَ عِنْدَ نَفْسِهِ مِنْ الْأَرْبَعِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إلَى جَنْبِهِ: إنَّكَ لَمْ تُصَلِّ إلَّا ثَلَاثًا، وَالْتَفَتَ الرَّجُلُ إلَى آخَرِ فَقَالَ لَهُ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا وَلَا يَلْتَفِتَ إلَيْهِمَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ أَرْبَعًا فَظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا فَأَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً. فَلَمَّا صَلَّى الْخَامِسَةَ بِسَجْدَتَيْهَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ، قَالَ: يَرْجِعُ وَيَجْلِسُ وَيُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ مِنْ الْخَامِسَةِ إلَّا أَنَّهُ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً رَجَعَ أَيْضًا فَجَلَسَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إمَامًا سَهَا فَصَلَّى خَمْسًا فَتَبِعَهُ قَوْمٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ يَقْتَدُونَ بِهِ وَقَدْ عَرَفُوا سَهْوَهُ وَقَوْمٌ سَهَوْا بِسَهْوِهِ وَقَوْمٌ قَعَدُوا فَلَمْ يَتْبَعُوهُ؟
قَالَ: يُعِيدُ مَنْ اتَّبَعَهُ عَامِدًا، وَقَدْ تَمُتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَصَلَاةُ مَنْ اتَّبَعَهُ عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدٍ، وَصَلَاةُ مَنْ قَعَدَ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ وَمَنْ سَهَا بِسَهْوِهِ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَيَسْجُدُ مَعَهُ مَنْ لَمْ يَتْبَعْهُ عَلَى سَهْوِهِ وَلَا يُخَالِفُ الْإِمَامُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» فَعَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ مِمَّنْ لَمْ يَتْبَعْهُ وَقَعَدَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ فِي سَهْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْهُ.


قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِيمَنْ لَمْ يَسْهُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ سَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» . مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ أَوْ رَكَعَ وَنَسِيَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ ثَانِيَةً، قَالَ: إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الثَّانِيَةَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَلْيَقُمْ وَلْيَبْتَدِئْ فِي الْقِرَاءَةِ قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ هُوَ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَلْيُلْغِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَيَمْضِي فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَيَجْعَلُهَا الْأُولَى.
قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ حَتَّى يَرْكَعَ، أَهُوَ إذَا رَكَعَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَدْ بَطَلَتْ الْأُولَى أَمْ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؟
قَالَ: بَلْ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ أَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَنَسِيَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى قَامَ فَقَرَأَ أَوْ رَكَعَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَرَفَعَ مِنْهَا رَأْسَهُ، قَالَ: يُلْغِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَتَكُونُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ تَتِمَّ بِسَجْدَتَيْهَا حَتَّى يَرْكَعَ بَعْدَهَا أَلْغَى الرَّكْعَةَ الَّتِي قَبْلَهَا الَّتِي سَجَدَ فِيهَا سَجْدَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتِمَّ بِسَجْدَتَيْهَا، وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الثَّانِيَةَ وَقَدْ قَرَأَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، فَلْيَرْجِعْ وَيَسْجُدْ السَّجْدَةَ الَّتِي نَسِيَهَا ثُمَّ يَبْتَدِئُ فِي الْقِرَاءَةِ الَّتِي قَرَأَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ.

[تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ شَرِبَ أَوْ قَامَ مِنْ أَرْبَعَةٍ]
فِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ شَرِبَ أَوْ قَامَ مِنْ أَرْبَعَةٍ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ. وَقَدْ قَالَ رَبِيعَةُ وَابْنُ هُرْمُزَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْإِمَامِ سَهْوٌ فِيمَا نَسِيَ مَعَهُ مِنْ تَشَهُّدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ الْإِمَامُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ زِيَادَةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - صَلَاةَ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أَقَصَرْتَ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ جَالِسٌ» .
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَرِبَ فِي صَلَاتِهِ سَاهِيًا وَلَمْ يَكُنْ سَلَّمَ أَيَبْتَدِئُ أَمْ يَبْنِي؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا، إلَّا أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْلَهُ قَدِيمًا أَنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ عَنْ رَكْعَةٍ أَوْ عَنْ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم اليوم, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 219 الى صــ 224
الحلقة(16)




سَجْدَتَيْ السَّهْوِ إذَا كَانَتَا قَبْلَ السَّلَامِ: فَإِنَّهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَبَنَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ وَتَبَاعَدَ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ وَلَا يَبْنِي.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَفَكَّرَ قَلِيلًا فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا، قَالَ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا فِي الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَجْلِسْ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ حَتَّى صَلَّى خَامِسَةً، قَالَ: يَرْجِعُ فَيَجْلِسُ فَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُمَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» . ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - صَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ وَلَمْ يُعِدْ لِذَلِكَ صَلَاتَهُ» .
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَلَّى الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ سَاهِيًا خَمْسَ رَكَعَاتٍ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ لِسَهْوِهِ وَلَمْ يُعِدْ لِذَلِكَ صَلَاتَهُ. قَالَ عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْحُسَيْنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ: «أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ خَمْسًا أَوْ الْعَصْرَ، فَقِيلَ لَهُ: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَقَالَ لَهُ: وَتَقُولُ أَنْتَ ذَلِكَ يَا أَعْوَرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَامَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -» . ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ حَدَّثَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَامَ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنْ الْجُلُوسِ» .
قَالَ سَحْنُونٌ فَلِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَسْجُدُ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ وَفِي النُّقْصَانِ قَبْلَ السَّلَامِ. قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي قُعُودٍ أَوْ قَعَدَ فِي قِيَامٍ أَوْ سَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَلْيُتِمَّ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ يَتَشَهَّدُ فِيهِمَا وَيُسَلِّمُ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَأَى أَنَّ السَّلَامَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عَلَى السَّهْوِ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا، قَالَ: تُجْزِئُهُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِسَهْوِهِ، قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَنَسِيَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى قَامَ فَقَرَأَ وَنَسِيَ أَنْ يَرْكَعَ فِي الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ لِلثَّانِيَةِ سَجْدَتَيْنِ، أَيُضِيفُ شَيْئًا مِنْ هَذَا السُّجُودِ الثَّانِي إلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ لَهُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ نِيَّتَهُ فِي هَذَا السُّجُودِ إنَّمَا كَانَتْ لِرَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لِرَكْعَتِهِ الْأُولَى، وَلَكِنْ يَسْجُدُ سَجْدَةً فَيُضِيفُهَا إلَى رَكْعَتِهِ الْأُولَى فَتَصِيرُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ. قُلْتُ: فَإِنْ قَامَ بَعْدَمَا رَكَعَ فِي الْأُولَى وَسَجَدَ سَجْدَةً فَقَرَأَ وَرَكَعَ فَذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى إلَّا

سَجْدَةً وَاحِدَةً؟ قَالَ: يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ.
قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إذَا رَكَعَ وَقَدْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا تَرَكَ رُكُوعَهُ هَذَا الَّذِي هُوَ فِيهِ وَخَرَّ سَاجِدًا لِسَجْدَتِهِ الَّتِي نَسِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا قَبْلَ هَذَا الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، وَكَانَ يَقُولُ عَقْدُ الرَّكْعَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ صَلَّى نَافِلَةً ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ سَاهِيًا: فَإِنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ الرَّابِعَةِ، وَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فِي الثَّالِثَةِ قَعَدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى سُجُودَهُ فِي النَّافِلَةِ إذَا صَلَّى ثَلَاثًا وَبَنَى عَلَيْهَا فَصَلَّى أَرْبَعًا فَسَجْدَتَاهُ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ نُقْصَانٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي السَّهْوِ فِي التَّطَوُّعِ وَالْمَكْتُوبَةِ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالسَّهْوُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «فِي كُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ شِهَابٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَفِي النَّوَافِلِ كَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا نَسِيَ الرَّجُلُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى سَلَّمَ، قَالَ: إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى يَتَطَاوَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا ذَكَرَ اللَّهَ، قَالَ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُ التَّشَهُّدَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ سَهْوُهُ عَنْ التَّشَهُّدَيْنِ جَمِيعًا إلَّا يَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِيمَا يَسْهُو عَنْهُ. قَالَ: وَالتَّكْبِيرُ قَالَ فِيهِ مَالِكٌ: إنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ رَأَيْتُهُ خَفِيفًا وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَإِنْ نَسِيَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَهُ مَالِكٌ أَنْ يَسْجُدَ لِسَهْوِهِ وَقَبْلَ السَّلَامِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَرَكَ أَنْ يَسْجُدَهُمَا نَسِيَ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْهُمَا وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مَتَى مَا ذَكَرَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ سَهْوٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ فَنَسِيَ ذَلِكَ حَتَّى قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ وَتَبَاعَدَ. قَالَ: فَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ بِحَضْرَةِ مَا سَلَّمَ وَسَهْوِهِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلْيَسْجُدْهُمَا وَلْيُسَلِّمْ، وَتُجْزِئَانِ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَامَ مِنْ أَرْبَعٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَلْيَرْجِعْ جَالِسًا وَلْيُسَلِّمْ وَلْيَسْجُدْ لِسَهْوِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ سَهْوًا يَكُونُ السُّجُودُ فِيهِ قَبْلَ السَّلَامِ، مِثْلَ أَنْ يَنْسَى بَعْضَ التَّكْبِيرِ أَوْ يَنْسَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ فَنَسِيَ أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ، وَأَكْثَرَ مِنْ الْكَلَامِ، وَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ؟
قَالَ: أَمَّا التَّشَهُّدَانِ أَوْ التَّكْبِيرَةُ وَالِاثْنَتَانِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. فَإِذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ طَالَ كَلَامُهُ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ سُجُودًا وَلَا شَيْئًا.
قُلْتُ: فَمَا بَال الَّذِي يَكُونُ سُجُودُهُ بَعْدَ السَّلَامِ؟
قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَمَّا هَذَا فَقَدْ سَلَّمَ فَصَارَ السَّلَامُ فَصْلًا إذَا طَالَ الْكَلَامُ


أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ دَائِمًا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّلَامِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا الَّذِي يَنْسَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مَنْ التَّكْبِيرِ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَرَى عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا طَالَ كَلَامُهُ أَوْ قَامَ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ سَجَدَ عَلْقَمَةُ بَعْدَ الْكَلَامِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَقَالَ هَكَذَا صَنَعَ بِنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ وَكِيعٌ وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ سَهَا سَهْوَيْنِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَالْآخَرُ بَعْدَ السَّلَامِ، قَالَ: يُجْزِئْهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ السَّلَامِ، قَالَ وَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَلِيَنَا قَوْمٌ يَرَوْنَ خِلَافَ مَا تَرَى فِي السَّهْوِ، يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ السَّلَامِ فَيَسْهُو أَحَدُهُمْ سَهْوًا يَكُونُ عِنْدَنَا سُجُودُ ذَلِكَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَيَرَاهُ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ فَيَسْجُدُ بِنَا بَعْدَ السَّلَامِ؟
قَالَ: اتَّبِعُوهُ فَإِنَّ الْخِلَافَ أَشَرُّ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ وَجَبَ عَلَى رَجُلٍ سُجُودُ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ فَسَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ فِي الْإِمَامِ الَّذِي يَرَى خِلَافَ مَا يَرَى مَنْ خَلْفَهُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَسِيَ الْجُلُوسَ مَنْ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى نَهَضَ عَنْ الْأَرْضِ قَائِمًا وَاسْتَقَلَّ عَنْ الْأَرْضِ: فَلْيَتَمَادَ قَائِمًا وَلَا يَرْجِعُ جَالِسًا وَسُجُودُهُ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ.
قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ قَامَ النَّبِيُّ - عليه السلام - مِنْ اثْنَتَيْنِ وَعُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسَجَدُوا كُلُّهُمْ لِلسَّهْوِ، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْإِمَامِ إذَا جَعَلَ مَوْضِعَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ مَوْضِعَ اللَّهُ أَكْبَرُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ: «أَرَى أَنْ يَرْجِعَ فَيَقُولُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَمْضِيَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ».
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ عِنْدِي مِثْلُ الْإِمَامِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ أَرَى ذَلِكَ خَفِيفًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةً أَوْ نَحْوَهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي كُلِّ سَهْوٍ يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ فَيَسْجُدُهُ الرَّجُلُ بَعْدَ سَلَامِهِ ثُمَّ يُحْدِثُ فِي سُجُودِهِ: أَنَّهُ لَا تَنْقُضُ صَلَاتُهُ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَقْضِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ مَكَثَ أَيَّامًا وَقَدْ تَرَكَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ قَضَاهُمَا، وَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَقَضَاهُمَا، قُلْتُ: لِمَ يَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُمَا إذَا أَحْدَثَ وَمَالِكٌ يَقُولُ إذَا أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَبْنِ وَاسْتَأْنَفَ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: لَيْسَتَا مِنْ الصَّلَاةِ فَلَمَّا لَمْ تَكُونَا مِنْ الصَّلَاةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَسْجُدَهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَمَّا سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَأَحْدَثَ، قَالَ: يَتَوَضَّأُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُمَا أَجْزَأَتَا عَنْهُ، قَالَ: فَإِنْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ أَعَادَ ذَلِكَ وَحْدَهُ وَلَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ صَلَّى إيمَاءً فَسَهَا فِي الصَّلَاةِ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ إيمَاءً؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي إمَامٍ سَهَا فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَذَكَرَ سَهْوَهُ ذَلِكَ بَعْدَ


السَّلَامِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَهُ رَجُلٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ: أَنَّهُ يَقُومُ فَيُصَلِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِمَّا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ شَاءَ قَامَ حِينَ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ وَلَا يَسْجُدُ مَعَهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقُومَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ انْقَضَتْ صَلَاتُهُ حِينَ سَلَّمَ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ ثُمَّ سَجَدَ هَذَا لِسَهْوِهِ إذَا فَرَغَ مِمَّا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ، وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ حَتَّى يَقْضِيَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ وَجَبَتَا عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ الْإِمَامُ إنَّمَا سَهَا وَهُوَ خَلْفَهُ أَوْ سَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ هَذَا فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ سَهْوُ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَى هَذَا رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ مَعَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ اللَّتَيْنِ سَجَدَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ سَلَامِهِ هُوَ لِنَفْسِهِ وَلَا بَعْدَ سَلَامِهِ، وَقَدْ أَجْزَأَتَا عَنْهُ السَّجْدَتَانِ اللَّتَانِ سَجَدَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ.
عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرَّجُلِ تَفُوتُهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ رَكْعَةٌ وَقَدْ سَهَا فِيهَا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَإِنْ كَانَ سُجُودُ الْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ فَسَجَدَهُمَا الْإِمَامُ، فَأَمَرَ مَالِكٌ هَذَا أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْوِهِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي، أَيَتَشَهَّدُ فِي جُلُوسِهِ كَمَا يَتَشَهَّدُ الْإِمَامُ فِي سَهْوِهِ وَهُوَ يَلْبَثُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَقُمْ؟
قَالَ: لَا وَلَكِنْ يَدْعُو.
قُلْتُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ، قَالَ: أَرَى ذَلِكَ خَفِيفًا، قَالَ: وَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ فَرَجَعَ فَتَشَهَّدَ مَكَانَهُ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ يَرَاهُ نَقْصًا مِنْ الصَّلَاةِ، قَالَ: وَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ أَنْ يَسْجُدَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ أَوْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ، قَالَ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] الْآيَةَ. أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ صَمَتَ؟
قَالَ: هَذَا خَفِيفٌ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَسْجُدُ إذَا أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ أَوْ جَهَرَ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَجَهَرَ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ، قَالَ: إنْ كَانَ جَهَرَ جَهْرًا خَفِيفًا لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا.
قُلْتُ: فَإِنْ هُوَ أَسَرَّ فِيمَا يَجْهَلُ فِيهِ؟
قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا خَفِيفًا، قُلْتُ: فَإِنْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ هَلْ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ؟
قَالَ نَعَمْ،


قُلْتُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ فَأَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ أَوْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ، هَلْ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ، قَالَ: يَرْجِعُ فَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَبْعَدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَ السَّلَامِ؟
قَالَ: بَلْ بَعْدَ السَّلَامِ، قُلْت لَهُ: فَإِنْ هُوَ لَمْ يَجْلِسْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ السَّجْدَةِ سَلَّمَ سَاهِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ؟
قَالَ: يَرْجِعُ فَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ أَيْضًا بَعْدَ السَّلَامِ.
قُلْتُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَاهِيًا؟ قَالَ: يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - ﷺ - وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ سَهْوٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً سَجَدَ أَوْ اثْنَتَيْنِ: إنَّهُ يَسْجُدُ أُخْرَى؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً قَدْ أَيْقَنَ بِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَسَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَمَا سَلَّمَ، قَالَ: هَذَا الَّذِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ لَا يَسْجُدُ حَتَّى يُتِمَّ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي سُجُودِهِ الْآخِرِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَعَلَى الْإِمَامِ سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَ السَّلَامِ فَسَجَدَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَ السَّلَامِ؟
قَالَ: لَا يَسْجُدُ مَعَهُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، وَلَا يَقْضِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الصَّلَاةِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ فَاتَتْهُ بَعْضُ صَلَاةِ إمَامٍ فَظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ سَلَّمَ فَقَامَ يَقْضِي، فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْهَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَعَلِمَ بِذَلِكَ؟
قَالَ: يَرْجِعُ فَيُصَلِّي تِلْكَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَتَيْهَا وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا صَلَّى قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَلَوْ رَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ رَجَعَ فَقَرَأَ وَابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَوَّلِهَا، ثُمَّ أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ عَلِمَ وَهُوَ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ؟
قَالَ: يَرْجِعُ فَيَجْلِسُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَضَى.
قُلْتُ: أَفَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؟
قَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَجَعَ إلَى الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَقَدْ حَمَلَ ذَلِكَ عَنْهُ الْإِمَامُ، قُلْت لَهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَهُوَ قَائِمٌ أَيَرْجِعُ فَيَقْعُدُ بِقَدْرِ مَا قَامَ؟
قَالَ: لَا وَلَكِنْ لِيَمْضِ وَلْيَبْتَدِئْ فِي الْقِرَاءَةِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ شَكَّ فِي سَلَامِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَسَلَّمَ أَمْ لَمْ يُسَلِّمْ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ هَلْ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَلِمَ وَالسَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَ فَسَلَامُهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ فَسَلَامُهُ هَذَا يُجْزِئْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ ذَكَرَ سَهْوًا عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ وَذَلِكَ السَّهْوُ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ


وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ النَّافِلَةِ هَلْ تَفْسُدُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرَ ذَلِكَ السَّهْوَ فِيهَا؟ قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ لَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ الَّتِي تَرَكَ السَّهْوَ فِيهَا الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَفْسَدَهَا وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ ذَكَرَ سَهْوًا عَلَيْهِ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ، أَيَفْسُدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ هَذِهِ؟
قَالَ: لَا يَفْسُدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِذَا فَرَغَ مِمَّا هُوَ فِيهِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ قَبْلَ السَّلَامِ؟
قَالَ: إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي صَلَّى رَجَعَ إلَى صَلَاتِهِ إنْ كَانَتْ فَرِيضَةً وَنَقَضَ مَا كَانَ فِيهِ بَعْدَ سَلَامٍ، وَإِنْ كَانَ تَبَاعَدَ ذَلِكَ مِنْ طُولِ الْقِرَاءَةِ فِي هَذِهِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا أَوْ رَكَعَ رَكْعَةً انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ الَّتِي كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا السَّهْوُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً مَضَى فِي نَافِلَتِهِ ثُمَّ أَعَادَ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ سَهَا فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَةً انْتَقَضَتْ فَرِيضَتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأَعَادَ الَّتِي سَهَا فِيهَا ثُمَّ صَلَّى الصَّلَاةَ الَّتِي انْتَقَضَتْ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ حِينَ ذَكَرَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي فَرِيضَةٍ وَهُوَ مِنْهَا عَلَى وِتْرٍ، أَيَنْصَرِفُ أَمْ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً فَيَنْصَرِفُ عَلَى شَفْعٍ، قَالَ: يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَيَنْصَرِفُ عَلَى شَفْعٍ أَحَبُّ إلَيَّ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ سَهْوٌ مِنْ نَافِلَةٍ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَ السَّلَامِ فَذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَاعَدَ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ أُخْرَى أَيَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرْكَعْ مِنْهَا رَكْعَةً فَيَرْجِعُ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي نَافِلَتَهُ الَّتِي كَانَ فِيهَا يَبْتَدِئُ بِهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يَقْطَعْ نَافِلَتَهُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ إلَّا أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْهَا سَجَدَ لِسَهْوِهِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ رَكْعَتَيْنِ فَيَسْهُو فَيَزِيدُ رَكْعَةً؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً حَتَّى تَكُونَ أَرْبَعًا وَسَوَاءٌ كَانَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ نُقْصَانٌ، قُلْت: فَإِنْ سَهَا حِينَ صَلَّى الرَّابِعَةَ عَنْ السَّلَامِ حَتَّى صَلَّى خَامِسَةً؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ السَّادِسَةَ وَلَكِنْ يَرْجِعُ فَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ إنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ فِي قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَرَكْعَتَانِ وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ فِيهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ إذَا سَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الثَّالِثَةَ، قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ إذَا صَلَّى خَامِسَةً فِي نَافِلَةٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً ثُمَّ قَامَ يَقْرَأُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ؟
قَالَ: يَرْجِعُ فَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا بَعْدَمَا رَكَعَ قَالَ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَكِنْ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ صَلَّى الْفَرِيضَةَ فَلَمَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَامَ فَصَلَّى خَامِسَةً سَاهِيًا قَالَ: هَذَا يَجْلِسُ وَلَا


يَزِيدُ شَيْئًا وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: أَكَانَ مَالِكٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ فِي هَذَا وَبَيْنَ النَّافِلَةِ قَالَ: نَعَمْ.

[التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ]
مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَعْرِفُ فِي التَّشَهُّدِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَكِنْ يُبْدَأُ بِالتَّحِيَّاتِ لِلَّهِ، قَالَ: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ تَشَهُّدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: بِأَيِّهِمْ يَبْدَأُ إذَا قَعَدَ بِالتَّشَهُّدِ أَمْ بِالدُّعَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ الدُّعَاءِ، وَتَشَهُّدُ عُمَرَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ كَيْفَ يُسَلِّمُ؟
قَالَ: وَاحِدَةٌ قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ قَلِيلًا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَالرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ؟
قَالَ: وَاحِدَةٌ وَيَتَيَامَنُ قَلِيلًا، قَالَ: وَمَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ إنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ رَدَّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَسَلَامُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنْ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَلْيُسَلِّمْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ أَعَلَيْكَ السَّلَامُ أَمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ؟
قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.
قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ رَجُلٌ عَنْ يَسَارِهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَفَيُسْمِعُهُ؟
قَالَ: يُسَلِّمُ سَلَامًا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَلَا يَجْهَرُ ذَلِكَ الْجَهْرَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ إذَا سَهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ لِسَهْوِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، قَالَ: سَلَامُهُ مِنْ بَعْدِ سُجُودِ السَّهْوِ كَسَلَامِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ، وَمَنْ خَلْفَهُ يُسَلِّمُونَ وَمِنْ بَعْدِ سُجُودِ السَّهْوِ كَمَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي إمَامِ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ أَوْ مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ، قَالَ: إذَا سَلَّمَ فَلْيَقُمْ وَلَا يَقْعُدْ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَ إمَامًا فِي السَّفَرِ أَوْ إمَامًا فِي فِنَائِهِ لَيْسَ بِإِمَامِ جَمَاعَةٍ فَإِذَا سَلَّمَ فَإِنْ شَاءَ تَنَحَّى وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ، وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ وَاحِدَةً وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمْرٌو وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَائِشَةُ وَأَبُو وَائِلٍ وَهُوَ شَقِيقٌ وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَالْحَسَنُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَبِهِ يَأْخُذُ مَالِكٌ الْيَوْمَ
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ رَدَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَأْخُذُ بِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ قَالَ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَعِيبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ قُعُودَهُمْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَالَ: إنَّمَا كَانَتْ الْأَئِمَّةُ سَاعَةَ تُسَلِّمُ تَنْقَطِعُ مَكَانَهَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَبَلَغَنِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا السُّنَّةُ.
قَالَ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم اليوم, 05:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 225 الى صــ 230
الحلقة(17)




ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَجْلِسُ عَلَى الرَّضْفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ لِمَكَانِهِ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: جُلُوسُهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِدْعَةٌ.

[الْإِمَام يُحْدِثُ وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ]
فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ إذَا أَحْدَثَ فَقَدَّمَ غَيْرَهُ، أَيَكُونُ هَذَا الَّذِي قَدَّمَ إمَامًا لِلْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَوْضِعَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ أَحْدَثَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: يَا فُلَانُ تَقَدَّمْ فَتَكَلَّمَ أَيَكُونُ هَذَا خَلِيفَةً وَتَرَى صَلَاتَهُمْ تَامَّةً أَمْ تَرَاهُ إمَامًا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ عَامِدًا؟
قَالَ: هَذَا لَمَّا أَحْدَثَ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ وَيَخْرُجَ فَإِنْ تَكَلَّمَ لَمْ يَضُرَّهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَيَكُونُ لِلْقَوْمِ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا أَمْ يُصَلُّوا وُحْدَانًا وَقَدْ خَرَجَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ مَنْ الْمَسْجِدِ وَتَرَكَهُمْ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَالْإِمَامُ إذَا أَحْدَثَ أَوْ رَعَفَ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَكَانَهُ وَإِنَّمَا يَضُرُّهُمْ أَنْ لَوْ تَمَادَى فَصَلَّى بِهِمْ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَفْعَلْ وَخَرَجَ فَإِنَّهُ لَمْ يَضُرَّ أَحَدًا فَإِنْ تَكَلَّمَ وَكَانَ فِيمَا يَبْنِي عَلَيْهِ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا يَبْنِي عَلَيْهِ فَهُوَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ بِالْحَدَثِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَبْنِي عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي إمَامٍ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا قَدْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ، قَالَ: إذَا صَلَّى بِهِمْ هَذَا الْمُقَدَّمُ رَكْعَةً جَلَسَ فِي رَكْعَتِهِ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِلْإِمَامِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي بِهِمْ هَذَا الْمُسْتَخْلَفُ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَيَجْتَزِئُ بِمَا قَرَأَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ قَالَهُ الشَّعْبِيُّ تُجْزِئُهُ قِرَاءَتُهُ إنْ كَانَ قَرَأَ وَتَكْبِيرُهُ إنْ كَانَ كَبَّرَ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قُلْت: فَإِذَا صَلَّى بِهِمْ تَمَامَ صَلَاةِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَقْعُدُ فَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْعُدُونَ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إمَامًا أَحْدَثَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا كَيْفَ يَصْنَعُ الْمُسْتَخْلَفُ؟
قَالَ: يَرْفَعُ بِهِمْ هَذَا الْمُسْتَخْلَفُ رَأْسَهُ وَتُجْزِئُهُمْ الرَّكْعَةُ.

[غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ]
فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْجُمُعَةِ غَدَاةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ غَدَا إلَى الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ رَوَاحُهُ ثُمَّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، قَالَ: يَخْرُجُ يَتَوَضَّأُ وَيَرْجِعُ وَلَا يُنْتَقَضُ غُسْلُهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ هُوَ اغْتَسَلَ لِلرَّوَاحِ لِلْجُمُعَةِ ثُمَّ تَغَدَّى أَوْ نَامَ، قَالَ: فَلْيُعِدْ غُسْلَهُ حَتَّى يَكُونَ

غُسْلُهُ مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ، قُلْت لَهُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَدَا لِلرَّوَاحِ وَقَدْ اغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ مَنْ الْمَسْجِدِ فِي حَوَائِجِهِ ثُمَّ رَجَعَ، هَلْ يُنْتَقَضُ عَلَيْهِ غُسْلُهُ؟
قَالَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَقَالَ وَأَرَى إنْ خَرَجَ إلَى شَيْءٍ قَرِيبٍ أَنْ يَكُونَ عَلَى غُسْلِهِ وَإِنْ طَالَ غُسْلُهُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ غُسْلًا وَاحِدًا لِلْجُمُعَةِ وَلِلْجَنَابَةِ يَنْوِيهِمَا جَمِيعًا، وَقَدْ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الْعَبِيدِ وَلَا عَلَى الصِّبْيَانِ جُمُعَةٌ فَمَنْ شَهِدَهَا مِنْهُمْ فَلْيَغْتَسِلْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: إنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - أَنَّهُ قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» .
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - ﷺ - مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَغْتَسِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَسَوَّكَ وَيَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ» . قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا أَحْدَثَ الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ يَتَوَضَّأُ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنُ شِهَابٍ.

[مَنْ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
فِيمَنْ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَمَا رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَسْجُدَ، وَلْيَرْكَعْ مَعَ الْإِمَامِ هَذِهِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَيُلْغِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَزَحَمَهُ النَّاسُ مِنْ بَعْدِ مَا رَكَعَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مَنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: يُعِيدُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَمَا رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ الْأُولَى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَسْجُدَ وَلْيَرْكَعْ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَيُلْغِي الْأُولَى. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَمَا رَكَعَ الْإِمَامُ وَقَدْ رَكَعَ مَعَهُ رَكْعَةً فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَقَامَ، قَالَ: فَلْيَتْبَعْهُ مَا لَمْ يَخَفْ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَلَوْ خَافَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَلْغَى الَّتِي فَاتَتْهُ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ زَحَمَهُ النَّاسُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَرْكَعَهَا مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ؟
قَالَ: يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَيُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ السُّجُودَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ


أَخِيهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ، قِيلَ لَهُ: فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ؟
قَالَ: يُعِيدُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

[مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى أَوْ لِيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» .
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ مَنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: يَقُومُ فَيَقْضِي رَكْعَةً يَقْرَأُ فِيهَا بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ لَهُ مَالِكٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُهُ بِالْجَهْرِ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَلَّى أَرْبَعًا، قَالَ عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا. قَالَ عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا. قَالَ عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ الْأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ قَالَا: إذَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ مِنْ الْجُمُعَةِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» أَوْ قَالَ الظُّهْرُ أَوْ قَالَ الْأُولَى.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا.
قَالَ عَلِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: إذَا سَمِعْتَ الْإِمَامَ حِينَ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَصَلِّ أَرْبَعًا؟ قَالَ عَلِيٌّ: يَعْنِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ.

[خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى خَرَجَ الْإِمَامُ، قَالَ: يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يَقْطَعُ وَمَنْ دَخَلَ بَعْدَمَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلْيَجْلِسْ وَلَا يَرْكَعْ، وَإِنْ دَخَلَ فَخَرَجَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَتِحَ هُوَ الصَّلَاةَ فَلْيَقْعُدْ وَلَا يُصَلِّي. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيّ أَنَّ جُلُوسَ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَأَنَّ كَلَامَهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ، وَقَالَ: إنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ حِينَ يَجْلِسُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى يَسْكُتَ الْمُؤَذِّنُ، فَإِذَا قَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَمْ يَتَكَلَّمْ


أَحَدٌ حَتَّى يَقْضِيَ خُطْبَتَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، فَإِذَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ وَقَضَى خُطْبَتَيْهِ كِلْتَيْهِمَا تَكَلَّمُوا.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ، قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ.

[اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِنْصَاتِ]
مَا جَاءَ فِي اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِنْصَاتِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَأَيْتُ مَالِكًا وَالْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَاعِدٌ وَمَالِكٌ مُتَحَلِّقٌ فِي أَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامُ وَبَعْدَمَا جَاءَ يَتَحَدَّثُ وَلَا يَقْطَعُ حَدِيثَهُ وَلَا يَصْرِفُ وَجْهَهُ إلَى الْإِمَامِ، وَيُقْبِلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى حَدِيثِهِمْ كَمَا هُمْ حَتَّى يَسْكُتَ الْمُؤَذِّنُ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَقَامَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ تَحَوَّلَ هُوَ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إلَى الْإِمَامِ فَاسْتَقْبَلُوهُ بِوُجُوهِهِمْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى يَتَحَلَّقُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَتَحَدَّثُ، فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: مَتَى يَجِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الْإِمَامَ بِوُجُوهِهِمْ؟
قَالَ: إذَا قَامَ يَخْطُبُ وَلَيْسَ حِينَ يَخْرُجُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ بَعْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ عَنْ الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَنْزِلُ مِنْ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُكَلِّمُهُ الرَّجُلُ فِي الْحَاجَةِ فَيُكَلِّمُهُ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إلَى مُصَلَّاهُ فَيُصَلِّي»، قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُقْبِلُ عَلَى الذِّكْرِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا سِرًّا فِي نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُنْصِتَ وَيَسْتَمِعَ. قَالَ مَالِكٌ: وَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْإِمَامَ مِنْ الْإِنْصَاتِ مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَاةِ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْإِمَامَ فِيهَا مِنْ الْإِنْصَات مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ عَطَسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ؟ فَقَالَ يَحْمَدُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ سِرًّا، قَالَ: وَلَا يُشَمِّتُ أَحَدٌ الْعَاطِسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَالِمٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَرَبِيعَةُ يَحْتَبُونَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ.
قَالَ: وَرَأَيْتُ مَالِكًا يَتَحَدَّثُ وَحَوْلَهُ حَلْقَةٌ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّنُونَ فِي الْأَذَانِ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ النَّاسُ الْإِمَامَ بِوُجُوهِهِمْ إذَا أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ لَيْسَ حِينَ يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّنُونَ فِي الْأَذَانِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ فِي جُلُوسِ الْإِمَامِ بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ، قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ إذَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ


يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ وَأَصْغُوا إلَيْهِ بِأَسْمَاعِكُمْ وَارْمُقُوهُ بِأَبْصَارِكُمْ» .
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْإِمَامُ إذَا قَعَدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ بِوُجُوهِهِمْ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّاسُ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَشُرَيْحًا وَالنَّخَعِيَّ كَانُوا يَحْتَبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَسْتَقْبِلُونَ الْإِمَامَ بِوُجُوهِهِمْ إذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ وَاصِلٍ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: رَأَيْت مُجَاهِدًا وَطَاوُسًا وَعَطَاءً يَسْتَقْبِلُونَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِوُجُوهِهِمْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ.

[مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ]
ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْخُطَبُ كُلُّهَا خُطْبَةُ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَالْجُمُعَةِ، يَجْلِسُ فِيمَا بَيْنَهَا يَفْصِلُ فِيمَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ، وَقَبْلَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ يَخْطُبُ ثُمَّ يَجْلِسُ أَيْضًا ثُمَّ يَقُومُ يَخْطُبُ، هَكَذَا قَالَ لِي مَالِكٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ جَلَسَ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، قَالَ: وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ حَتَّى يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ: يَجْلِسُ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ مِثْلَ مَا يَصْنَعُ فِي الْجُمُعَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ هَلْ يُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ؟
قَالَ: لَا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مِنْ سُنَّةِ الْإِمَامِ وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ يَقُولُونَ الْيَوْمَ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرُكُمْ، قَالَ: وَهَذَا حَسَنٌ وَكَأَنِّي رَأَيْتُهُ يَرَى الْأَوَّلَ أَصْوَبَ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَأْمُرُ النَّاسَ فِيهِ وَيَعِظَهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَعَدَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ الذَّاهِبُ إلَى قُبَاءَ وَإِلَى الْعَوَالِي فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَتَكَلَّمَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ إذَا كَانَ فِي أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ بِالْأَمْرِ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ أَوْ يَعِظُهُمْ بِهِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا نَرَاهُ لَاغِيًا.
قَالَ: وَلَقَدْ اسْتَشَارَنِي بَعْضُ الْوُلَاةِ فِي ذَلِكَ فَأَشَرْتُ عَلَيْهِ بِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ مَنْ كَلَّمَهُ الْإِمَامُ فَرَدَّ عَلَى الْإِمَامِ فَلَا أَرَاهُ لَاغِيًا، قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: «بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ يَبْدَأُ فَيَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ


الْأُولَى ثُمَّ جَلَسَ شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى إذَا قَضَاهَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ إذَا قَامَ أَخَذَ عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ» . ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْمَنَابِرِ أَنْ يَخْطُبُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَهُمْ الْعِصِيُّ يَتَوَكَّئُونَ عَلَيْهَا فِي قِيَامِهِمْ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا.

[الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ]
مَا جَاءَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الدُّورِ الَّتِي حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَالْحَوَانِيتِ الَّتِي حَوْلَ الْمَسْجِدِ الَّتِي لَا يُدْخَلُ فِيهَا إلَّا بِإِذْنٍ، لَا تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ وَإِنْ أَذِنَ أَهْلُهَا فِي ذَلِكَ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَلَا تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ وَإِنْ أَذِنُوا، وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَا كَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ مِنْ أَفْنِيَةِ الْحَوَانِيتِ وَأَفْنِيَةِ الدُّورِ الَّتِي تُدْخَلُ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ إلَى تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ فَصَلَّى رَجُلٌ فِي تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ إلَّا مِنْ ضِيقِ الْمَسْجِدِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ صَلَّى أَجْزَأَهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا فَصَلَّى فِي تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ إلَى تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ.

قَالَ: وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ وَفِي الطَّرِيقِ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ ضِيقِ الْمَسَاجِدِ وَفِيهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم اليوم, 05:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 231 الى صــ 236
الحلقة(18)





الْأُولَى ثُمَّ جَلَسَ شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى إذَا قَضَاهَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ إذَا قَامَ أَخَذَ عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ» . ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْمَنَابِرِ أَنْ يَخْطُبُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَهُمْ الْعِصِيُّ يَتَوَكَّئُونَ عَلَيْهَا فِي قِيَامِهِمْ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا.

[الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ]
مَا جَاءَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الدُّورِ الَّتِي حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَالْحَوَانِيتِ الَّتِي حَوْلَ الْمَسْجِدِ الَّتِي لَا يُدْخَلُ فِيهَا إلَّا بِإِذْنٍ، لَا تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ وَإِنْ أَذِنَ أَهْلُهَا فِي ذَلِكَ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَلَا تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ وَإِنْ أَذِنُوا، وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَا كَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ مِنْ أَفْنِيَةِ الْحَوَانِيتِ وَأَفْنِيَةِ الدُّورِ الَّتِي تُدْخَلُ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ إلَى تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ فَصَلَّى رَجُلٌ فِي تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ إلَّا مِنْ ضِيقِ الْمَسْجِدِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ صَلَّى أَجْزَأَهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا فَصَلَّى فِي تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ إلَى تِلْكَ الْأَفْنِيَةِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ.

قَالَ: وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ وَفِي الطَّرِيقِ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ ضِيقِ الْمَسَاجِدِ وَفِيهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ.
قُلْتُ: فَإِنْ فَعَلَ؟
قَالَ: يُعِيدُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَرْبَعًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ إمَامِ الْفُسْطَاطِ يُصَلِّي بِنَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ الْجُمُعَةَ، أَيْنَ تَرَى أَنْ نُصَلِّيَ أَمِعْ الْإِمَامِ حَيْثُ صَلَّى فِي الْعَسْكَرِ أَمْ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَأَرَى الْجُمُعَةَ لِلْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَالْإِمَامُ قَدْ تَرَكَهَا فِي مَوْضِعِهَا.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - ﷺ - كُنَّ يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ بِصَلَاةِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ

وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَرَبِيعَةَ مِثْلَهُ، إلَّا أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَا لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَدْخُلُونَ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - ﷺ - بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - عليه الصلاة والسلام - وَيُصَلُّونَ فِيهَا الْجُمُعَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ يَضِيقُ عَلَى أَهْلِهِ فَيَتَوَسَّعُونَ بِهَا وَحُجَرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - ﷺ - لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَكِنَّهَا شَارِعَةٌ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَا بَأْسَ بِمَنْ صَلَّى فِي أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ الَّتِي تَلِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ لَا يَعِيبُهُ أَهْلُ الْفِقْهِ وَلَا يَكْرَهُونَهُ، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي حُجَرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - ﷺ - حَتَّى بُنِيَ الْمَسْجِدُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ لِي مَالِكٌ: فَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي دَارٍ مُغْلَقَةٍ لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِذْنٍ، فَإِنِّي لَا أَرَاهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا أَرَى أَنْ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهَا.

[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ]
فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَرْيَةِ الْمُجْتَمِعَةِ الَّتِي قَدْ اتَّصَلَتْ دُورُهَا كَانَ عَلَيْهَا وَالٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ: أَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا الْجُمُعَةَ.
قُلْتُ: فَهَلْ حَدَّ مَالِكٌ فِي عِظَمِ الْقَرْيَةِ حَدًّا؟
قَالَ لَا، إنَّهُ قَالَ: مِثْلُ الْمَنَاهِلِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ مِثْلُ الرَّوْحَاءِ وَأَشْبَاهِهَا. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي الْقُرَى الْمُتَّصِلَةِ الْبُنْيَانِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ يُجَمِّعُ أَهْلُهَا، وَقَدْ سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي الْقَرْيَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْبُنْيَانِ يُجَمِّعُ أَهْلُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَسْوَاقَ. قَالَ: وَقَدْ سَأَلَهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ عَنْ الْخُصُوصِ الْمُتَّصِلَةِ وَهُمْ جَمَاعَةٌ وَاتِّصَالُ تِلْكَ الْخُصُوصِ كَاتِّصَالِ الْبُيُوتِ، وَقَالُوا لَيْسَ لَنَا وَالٍ؟
قَالَ: يُجَمِّعُونَ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَالٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَهْلِ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ يُجَمِّعُ فِي مِثْلِهَا الْجَامِعُ مَاتَ وَلِيُّهُمْ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ فَبَقِيَ الْقَوْمُ بِلَا إمَامٍ؟
قَالَ: إذَا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ قَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَخَطَبَ بِهِمْ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْقُرَى الَّتِي يَنْبَغِي لِأَهْلِهَا أَنْ يُجَمِّعُوا فِيهَا الْجُمُعَةَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَالٍ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُقَوِّمُوا رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ يَخْطُبُ وَيُصَلِّي. وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّ لِلَّهِ فَرَائِضَ فِي أَرْضِهِ لَا يُنْقِصُهَا شَيْءٌ إنْ وَلِيَهَا وَالٍ أَوْ لَمْ يَلِهَا نَحْوًا مِنْ هَذَا يُرِيدُ الْجُمُعَةَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ.
أَرَى أَنْ يَشْهَدُوا الْجُمُعَةَ وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا أَبْعَدُ الْعَوَالِي وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ قَالَ: فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي كَهْفِ جَبَلٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَكَانَ رُبَّمَا تَخَلَّفَ وَلَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا اجْتَمَعَ الْأَضْحَى وَالْجُمُعَةُ أَوْ الْفِطْرُ أَوْ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الْحَضَرِ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ لَا يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ، هَلْ يَضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ شُهُودُهُ صَلَاةَ الْعِيدِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ؟
قَالَ: لَا وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَضَعُ


ذَلِكَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا أَذِنَ لِأَهْلِ الْعَوَالِي إلَّا عُثْمَانَ، وَلَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَرَى الَّذِي فَعَلَ عُثْمَانُ، وَكَانَ يَرَى: إنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا يَضَعُهَا عَنْهُ إذْنُ الْإِمَامِ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ عِيدًا وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - «جَمَعَ أَهْلَ الْعَوَالِي فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَكَانَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَنْ كَانَ بِالْعَقِيقِ وَنَحْوَ ذَلِكَ»، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَوَالِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ أَيُّمَا قَرْيَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا خَمْسُونَ رَجُلًا فَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَلْيَخْطُبْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلْيُقَصِّرْ بِهِمْ الصَّلَاةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إنَّا لَنَرَى الْخَمْسِينَ جَمَاعَةً إذَا كَانُوا بِأَرْضٍ مُنْقَطِعَةٍ لَيْسَ قُرْبَهَا إمَامٌ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «إذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثُونَ بَيْتًا فَلْيُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ» .

[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعَمَلِ فِيهِ]
فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعَمَلِ فِيهِ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ أَوْ بَاعَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فُسِخَ ذَلِكَ الْبَيْعُ.
قَالَ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْمَرْأَةِ أَوْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ يُفْسَخُ مَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُفْسَخُ شِرَاءُ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَا بَيْعُهُ وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ؟
قَالَ: فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، ثُمَّ احْتَجَّ مَالِكٌ بِاَلَّذِي اشْتَرَى الطَّعَامَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ يَهُودِيٍّ، وَقَدْ اشْتَرَاهُ النَّصْرَانِيُّ عَلَى كَيْلٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ.
قُلْتُ: فَبَيْعُهُ غَيْرُ جَائِزٍ؟
قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، ثُمَّ قَالَ: إذَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ أَهْلَ الْأَسْوَاقِ مِنْ الْبَيْعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَقَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنَعَ النَّاسَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الرِّجَالَ وَالْعَبِيدَ وَالنِّسَاءَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتْرُكَ الرَّجُلُ الْعَمَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، كَمَا تَرَكَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْعَمَلَ فِي السَّبْتِ وَالْأَحَدِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ


مِنْ الْبَيْعِ إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: يَحْرُمُ النِّدَاءُ لِلْبَيْعِ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يُفْسَخُ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: يُفْسَخُ.

[الْإِمَامِ يُحْدِثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُحْدِثُ بَيْنَ ظَهْرَانِي خُطْبَتِهِ: أَنَّهُ يَأْمُرُ رَجُلًا يُتِمَّ بِهِمْ الْخُطْبَةَ وَيُصَلِّي بِهِمْ، فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا يَسْتَخْلِفُ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَدَّمَ رَجُلًا لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ أَحَدٌ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ، فَإِنْ فَعَلَ فَأَرْجُو أَنْ تُجْزِئَهُمْ صَلَاتُهُمْ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَلَوْ أَنَّ إمَامًا صَلَّى بِقَوْمٍ فَأَحْدَثَ فَخَرَجَ فَمَضَى وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ؟
قَالَ: لَمْ أَسْأَلْ مَالِكًا عَنْ هَذَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ صَلُّوا وُحْدَانًا حِينَ مَضَى إمَامُهُمْ لِمَا أَحْدَثَ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ هَلْ يُجْزِئُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يَسْتَخْلِفُوا فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِمْ؟
قَالَ: أَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا تُجْزِئُهُمْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِإِمَامٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: يَسْتَخْلِفُ رَجُلًا يُتِمُّ بِهِمْ بَقِيَّةَ الْخُطْبَةِ وَيُصَلِّي بِهِمْ وَلَا يُتِمُّ هُوَ بِهِمْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ بَقِيَّةَ الْخُطْبَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُحْدِثُ فِي خُطْبَتِهِ أَوْ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ أَوْ بَعْدَمَا أَحْرَمَ: إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَوَاءٌ، وَيُقَدِّمُ مَنْ يُتِمُّ بِالْقَوْمِ بَقِيَّةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُطْبَةِ أَوْ مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ تَرَكَهُ عَامِدًا قَدَّمَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ مَنْ يُتِمُّ ذَلِكَ بِهِمْ وَصَلَاتُهُمْ مُجْزِئَةٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُقَدِّمُونَ مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ أَحَبُّ إلَيَّ، فَإِنْ قَدَّمُوا مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ وَلَا يَتَقَدَّمَ بِهِمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُقَدِّمُ رَجُلًا جُنُبًا نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ أَوْ ذَاكِرًا لَهَا فَيُصَلِّي بِهِمْ: إنَّ الْجُمُعَةَ فِي هَذَا وَغَيْرَ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا فَصَلَّى بِهِمْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ وَلَمْ يُعِيدُوا، وَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لَهَا فَصَلَّى بِهِمْ فَسَدَتْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ هُوَ خَرَجَ بَعْدَمَا دَخَلَ الْمِحْرَابَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ الصَّلَاةِ شَيْئًا فَقَدَّمَ رَجُلًا أَوْ قَدَّمُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ فَصَلَّى بِهِمْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ وَلَمْ يُعِيدُوا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ فَيُقَدِّمُ مَجْنُونًا فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ سَكْرَانًا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُقَدِّمْ فَإِنْ صَلَّى بِهِمْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَمْ تُجْزِهِمْ.

قَالَ: وَقَالَ


مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَخْرُجُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ، فَيَتَقَدَّمُ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بِالْقَوْمِ وَلَمْ يُقَدِّمُوهُ هُمْ وَلَا إمَامُهُمْ: إنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُمْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ. أَوْ مَنْ خَلْفَهُ، وَالْجُمُعَةُ فِي هَذَا وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِحْرَامَ مَعَهُ وَقَدْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ، وَمَنْ خَلْفَهُ فَيُحْرِمُ هَذَا الدَّاخِلُ بَعْدَمَا يَدْخُلُ: إنَّ صَلَاتَهُمْ مُنْتَقَضَةٌ وَلَا تَجُوزُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْمِ يُحْرِمُونَ قَبْلَ إمَامِهِمْ، فَلَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ هَذَا الْمُسْتَخْلَفِ عَلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ وَحْدَهُ، وَلَا يَجْمَعُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَاحِدٌ وَيُعِيدُونَ كُلُّهُمْ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ خَطَبَ فَأَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا، قَالَ: يُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ أَحْدَثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَنْصَرِفُ بِلَا إذْنٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ الْإِذْنُ كَانَ فِي حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْجُمُعَةِ.

[فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاة]
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي إمَامٍ خَطَبَ النَّاسَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَدَّمَ وَالٍ سِوَاهُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ؟ قَالَ: لَا يُصَلِّي بِهِمْ بِالْخُطْبَةِ الْأُولَى خُطْبَةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ يَبْتَدِئُ لَهُمْ الْخُطْبَةَ هَذَا الْقَادِمُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي إمَامٍ يُقَصِّرُ فِي بَعْضِ الْخُطْبَةِ أَوْ يَنْسَى بَعْضَهَا أَوْ يُدْهَشُ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ: إنَّهُ إنْ خَطَبَ بِهِمْ مَا لَهُ مِنْ كَلَامِ الْخُطْبَةِ قَدْرٌ وَبَالٌ أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ الْكَلَامُ الْخَفِيفُ مِثْلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَنَحْوُهُ أَعَادُوا الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَجْهَلُ فَيُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ: إنَّهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثَانِيَةً وَتُجْزِئُ عَنْهُمْ الْخُطْبَةُ وَيُلْغِي مَا صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي خُطْبَةِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَمْسِكُ بِيَدِهِ عَصًا، قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ.
قُلْتُ لَهُ عَمُودٌ أَعْمَرَ الْمِنْبَرَ يَعْنِي مَالِكٌ أَمْ عَصَا سِوَاهُ؟
قَالَ: لَا بَلْ عَصَا سِوَاهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي إمَامٍ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَقَدْ خَطَبَ قَبْلَ ذَلِكَ: إنَّهُ يُلْغِي صَلَاتَهُ تِلْكَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ وَتَكْفِيهِ خُطْبَتُهُ الْأُولَى.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ وَلَا تَجْزِيءُ أَحَدًا صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْإِمَامِ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، قَالَ: وَهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمِيرِ الْمُؤَمَّرِ عَلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ يَخْرُجُ فِي عَمَلِهِ مُسَافِرًا: أَنَّهُ إنْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُ تُجَمَّعُ فِي مِثْلِهَا الْجُمُعَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ مَرَّ بِمَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ عَمَلِهِ جَمَعَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ جَمَعَ فِي قَرْيَةٍ لَا


يُجَمِّعُ فِيهَا أَهْلُهَا لِصِغَرِهَا فَلَا يُجْزِئُهَا، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُجَمِّعَ فِي الْقُرَى الَّتِي يُجَمَّعُ فِي مِثْلِهَا إذَا كَانَتْ فِي عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا؛ لِأَنَّهُ إمَامُهُمْ، قَالَ: وَمَنْ صَلَّى مَعَ هَذَا الْإِمَامِ الْجُمُعَةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّتِي لَا تَكُونُ فِيهِ جُمُعَةٌ، فَإِنَّمَا هِيَ لَهُمْ ظُهْرٌ وَيُعِيدُونَ صَلَاتَهُمْ وَلَا يُجْزِئُهُمْ مَا صَلَّوْا مَعَهُ وَيُعِيدُ الْإِمَامُ أَيْضًا، وَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَإِنْ صَلَّاهَا بِهِمْ.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ تُجْزِئُ الْإِمَامَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلِّي الْعَبْدُ بِالنَّاسِ الْعِيدَ وَلَا الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يَخْطُبُ فَيَهْرُبُ النَّاسُ عَنْهُ وَلَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ، وَمَنْ لَا عَدَدَ لَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ فِي خُطْبَتِهِ أَوْ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْهَا: إنَّهُمْ إنْ لَمْ يَرْجِعُوا إلَيْهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ صَلَّى أَرْبَعًا وَلَمْ يُصَلِّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ، وَلَا تُجَمَّعُ الْجُمُعَةُ إلَّا بِجَمَاعَةٍ وَإِمَامٍ وَخُطْبَةٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يُؤَخِّرُ الْخُرُوجَ إلَى الْجُمُعَةِ وَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ مَا يُسْتَنْكَرُ: إنَّهُمْ يُجَمِّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ إنْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ صَلَّوْا فُرَادَى لِأَنْفُسِهِمْ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَيَتَنَفَّلُونَ صَلَاتَهُمْ مَعَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ يَفْعَلُهُ، وَأَنَّهُ كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَأَنْ أُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ لَا أُصَلِّيَ شَيْئًا. عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: أَخَّرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ، فَلَقِيتُ ابْنَ أَخِي أَبِي ذَرٍّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ فَضَرَبَ فَخِذِي ثُمَّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ لِي: سَأَلْتُ خَلِيلِي يَعْنِي النَّبِيَّ فَضَرَبَ فَخِذِي ثُمَّ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَلَا تَقُلْ إنِّي صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي» . عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ الظُّهْرَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا أَمْسَى الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ، وَيُصَلِّيَانِ الْعَصْرَ إذَا أَمْسَى الْإِمَامُ ثُمَّ يُصَلِّيَانِ مَعَهُ بَعْدُ إذَا كَانَ يُؤَخِّرُهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - عليه السلام - كَانَ إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ وَلَمْ يَرْكَعْ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْيَوْمَ إذَا سَلَّمُوا مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ مَنْزِلَهُ وَيَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَرْكَعَ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: وَمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ إذَا سَلَّمُوا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْصَرِفُوا أَيْضًا وَلَا يَرْكَعُوا فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: وَإِنْ رَكَعُوا فَذَلِكَ وَاسِعٌ.

[الْقِرَاءَة فِي صَلَاة الْجُمُعَةَ]
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَأَيَّتُهُمَا قَبْلُ؟ قَالَ: سُورَةُ الْجُمُعَةِ قَبْلُ عِنْدِي، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: فَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ إذَا أَقَامَ يَقْضِي أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا سُورَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَبِهَذَا عَلِمْتُ أَنَّ سُورَةَ الْجُمُعَةِ تَبْدَأُ قَبْلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم اليوم, 05:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 237 الى صــ 242
الحلقة(19)



ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ إلَّا بِخُطْبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَخْطُبْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَتْ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا فَحُطَّتْ رَكْعَتَانِ لِلْخُطْبَةِ.
وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ: أَنَّ إمَامًا صَلَّى الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَخْطُبْ فَقَامَ الضَّحَّاكُ فَصَلَّى أَرْبَعًا.

ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ جُمُعَةٌ، فَمَنْ شَهِدَهَا مِنْهُمْ فَلْيُصَلِّهَا. عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ شَيْخٍ يُقَال لَهُ حُمَيْدٌ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ قَالَتْ: جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ فَصَلِّينَ أَرْبَعًا، وَإِذَا صَلَّيْتُنَّ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّينَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا عَامٌ إلَّا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ وَلَنْ تُؤْتَوْا إلَّا مِنْ قِبَلِ أُمَرَائِكُمْ، وَلَبِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا إنْ أَنَا كَذَبْتُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَمِيرِ جُمُعَةٌ فِي سَفَرٍ إلَّا أَنْ يُجَمِّعَ أَنْ يُقِيمَ بِقَرْيَةٍ مِنْ سُلْطَانِهِ فَتَحْضُرُهُ بِهَا الْجُمُعَةُ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. مَالِكٌ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُجَمِّعُ بِأَهْلِ مَكَّةَ الْجُمُعَةَ وَهُوَ فِي السَّفَرِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ الْجُمُعَةُ إلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِقَرْيَةٍ مِنْ عَمَلِهِ تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَيُجَمِّعُ بِأَهْلِهَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَزَلَ بِقَرْيَةٍ مِنْ عَمَلِهِ تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ لَا يَنْبَغِي لَهُ إنْ وَافَقَ الْجُمُعَةَ أَنْ يُصَلِّيَهَا خَلْفَ عَامِلِهِ، وَلَكِنَّهُ يُجَمِّعُ بِأَهْلِهَا وَمَنْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ، قَالَ: وَإِذَا جَهِلَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ فَجَمَعَ بِأَهْلِ قَرْيَةٍ، لَا تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ، فَلَا جُمُعَةَ لَهُ وَلَا لِمَنْ جَمَعَ مَعَهُ، وَلْيُعِدْ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَمَنْ حَضَرَهَا مَعَهُ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ الظُّهْرَ أَرْبَعًا. وَكِيعٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جُمُعَةٌ فِي سَفَرِهِمْ وَلَا يَوْمَ نَفْرِهِمْ. وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ فِي سَفَرٍ.

[الْقَوْمِ تَفُوتُهُمْ الْجُمُعَةَ]
فِي الْقَوْمِ تَفُوتُهُمْ الْجُمُعَةَ فَيُرِيدُونَ أَنْ يُجَمِّعُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْمٍ أَتَوْا الْجُمُعَةَ فَفَاتَهُمْ الْجُمُعَةُ، أَتَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا فِي مَسْجِدٍ سِوَى مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ؟ فَقَالَ: لَا وَيُصَلُّونَ أَفْذَاذًا.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ كَانَ فِي السِّجْنِ أَوْ مُسَافِرًا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَالْمَرْضَى يَكُونُونَ فِي بَيْتٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُجَمِّعَ هَؤُلَاءِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُجَمِّعُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَهْلُ السُّجُونِ وَالْمُسَافِرُونَ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ يُصَلِّي بِهِمْ إمَامُهُمْ ظُهْرًا أَرْبَعًا، وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ لَا يُجَمِّعُونَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا إذَا فَاتَتْهُمْ. وَكِيعٌ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ دَلْهَمٍ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْمٍ تَفُوتُهُمْ الْجُمُعَةُ فِي الْمِصْرِ، قَالَ: لَا يُجَمِّعُونَ الصَّلَاةَ.

[التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا يُكْرَهُ التَّخَطِّي إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ وَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ. فَمَنْ تَخَطَّى حِينَئِذٍ فَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرَجٌ وَلْيَتَرَفَّقْ فِي ذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - صَلَاتَهُ الْتَفَتَ إلَيْهِ فَقَالَ: أَشَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْلَمَ تَرَنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ سَلَّمْتُ عَلَيْكَ؟ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - ﷺ -: رَأَيْتُكَ تَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - لِآخَرَ صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ: مَا صَلَّيْتَ وَلَكِنَّكَ آنَيْتَ وَآذَيْتَ» .
قَالَ سَحْنُونٌ: يَعْنِي أَبْطَأْتَ وَآذَيْتَ النَّاسَ.

[جُمُعَةِ الْحَاجِّ]
مَا جَاءَ فِي جُمُعَةِ الْحَاجِّ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا جُمُعَةَ فِي أَيَّامِ مِنًى كُلِّهَا بِمِنًى وَلَا يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى وَلَا يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَالرَّجُلُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَيُقِيمُ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامِ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ يَحْبِسُهُ كَرَيِّهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ حَتَّى يُصَلِّيَ أَهْلُ مَكَّةَ الْجُمُعَةَ أَتَرَى عَلَى هَذَا الرَّجُلِ جُمُعَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُقِيمًا وَهُوَ كَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ وَلَيْسَ بِمُقِيمٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَخْرُجُ إلَى مِنًى يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: لَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ. قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جُمُعَةٌ فِي سَفَرِهِمْ وَلَا يَوْمَ نَفْرِهِمْ.

[صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ إمَامًا لَمْ يُصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ؟
قَالَ: يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ، وَأَنْ لَا يُدْرِكَ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ.


[صَلَاةِ الْخَوْفِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قُلْتُ: وَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِي الْخَوْفِ؟ قَالَ: يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بِهِمْ وَيَقُومُ، فَإِذَا قَامَ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمَّ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَا يُسَلِّمُونَ هُمْ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامُوا وَأَتَمُّوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِقِرَاءَةٍ، قَالَ: وَالطَّائِفَةُ الْأُولَى الَّذِينَ صَلَّوْا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ يَقْرَءُونَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي صَلَّوْهَا بِغَيْرِ إمَامٍ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ الْإِمَامُ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْرَأُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي يُصَلُّونَهَا مَعَ الْإِمَامِ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَيَقْرَءُونَ هُمْ كَمَا يَقْرَأُ الْإِمَامُ وَيَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ وَلَا يُصَلِّيهَا مَنْ هُوَ فِي حَضَرٍ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ فِي حَضَرٍ صَلَّوْا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عَلَى سُنَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَمْ يُقَصِّرُوهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلِّي أَهْلُ السَّوَاحِلِ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَكِنْ يُصَلُّونَهَا أَرْبَعًا مِثْلَ صَلَاةِ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَعَسْقَلَانَ وَتُونُسَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ أَهْلَ حَضَرٍ لَيْسُوا بِمُسَافِرِينَ أَفَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ وَحْدَهُ، فَإِنْ جَهِلَ حَتَّى صَلَّى بِهِمْ صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ يَقُومُ فَيَثْبُتُ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلُّونَ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ أَهْلُ حَضَرٍ وَمُسَافِرُونَ فَوَقَعَ الْخَوْفُ كَيْفَ يُصَلُّونَ؟
قَالَ: أَرَى إنْ صَلَّى بِهِمْ مُسَافِرٌ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يَثْبُتُ قَائِمًا، ثُمَّ يُصَلِّي مَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَيَنْصَرِفُونَ تُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَيُصَلِّي مَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إلَى الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُكَبِّرُونَ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، فَمَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ صَلَّى رَكْعَةً وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ صَلَّوْا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ كَانَ إمَامُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ كَانُوا مُسَافِرِينَ أَوْ حَضَرِيِّينَ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيَقُومُ فَيَثْبُتُ قَائِمًا وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَفُّوا خَلْفَهُ ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ بِهِمْ ثُمَّ قَامُوا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

[صَلَاةِ الْمُسَابِقَةِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْمُسَابِقَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يُصَلُّوا إلَّا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا وُجُوهُهُمْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَلْيَفْعَلُوا.
قُلْتُ: فَإِنْ انْكَشَفَ الْخَوْفُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِي الْوَقْتِ؟


قَالَ: فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَلْيُصَلُّوهَا رَكْعَتَيْنِ إنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ يُومِئُونَ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى دَوَابِّهِمْ وَعَلَى أَقْدَامِهِمْ وَيَقْرَءُونَ، قُلْت: فَالرَّجَّالَةُ إذَا كَانُوا فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ أَيُومِئُونَ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ خَوْفًا شَدِيدًا قَدْ أَخَذَتْ السُّيُوفُ مَأْخَذَهَا، فَلْيُصَلُّوا إيمَاءً يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ حَيْثُ وُجُوهُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا يَرْكُضُونَ وَيَسْعَوْنَ صَلَّوْا عَلَى قَدْرِ حَالَاتِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: وَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ أَنْ يُصَلُّوا إيمَاءً بِرُءُوسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا أَوْ رُكْبَانًا يَسِيرُونَ وَيَرْكُضُونَ، أَوْ رَاجِلٌ يَمْشِي أَوْ يَسْعَى صَلَّى كُلٌّ عَلَى جِهَتِهِ يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

فِي السَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ كَيْفَ تَصْنَعُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ؟
قَالَ: تُصَلِّي الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَيَثْبُتُ الْإِمَامُ قَائِمًا، فَإِذَا صَلَّتْ هِيَ لِنَفْسِهَا بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ، فَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا سَجَدُوا قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً سَلَّمُوا ثُمَّ سَجَدُوا، فَإِذَا جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى صَلَّوْا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ لِلْإِمَامِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْإِمَامُ جَالِسًا وَيَقُومُونَ هُمْ فَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا سَجَدَ بِهِمْ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ.
قُلْتُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا تَفْسِيرُ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ بِهِ مَالِكٌ أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَدِيثِ الْقَاسِمِ فَقَالَ: هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ: أَنْ تَفْعَلَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى كَمَا فَعَلَتْ تِلْكَ فِي الْأُولَى سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْحَدِيثَيْنِ فِي الطَّائِفَةِ الْآخِرَةِ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ، يُسَلِّمُ الْإِمَامُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ أُمِرُوا فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ أَنْ يَسْجُدُوا مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ إنْ كَانَتْ السَّجْدَتَانِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَتَا بَعْدَ السَّلَامِ فَإِذَا قَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ سَجَدُوهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا صَلَّتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى أَتَنْصَرِفُ أَمْ تُتِمُّ؟
قَالَ: بَلْ تُتِمُّ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَكُونُونَ أَهْلَ إقَامَةٍ فَيَنْزِلُ بِهِمْ الْخَوْفُ: إنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلُّونَهَا أَرْبَعًا عَلَى سُنَّتِهَا عَلَى سُنَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ: «إنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّتِي


مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا حَتَّى أَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»، وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ سَلَّمَ بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى ثُمَّ قَامَتْ تَقْضِي لِأَنْفُسِهَا.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]، قَالَ: رُكْبَانًا حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ إيمَاءً.

[صَلَاةِ الْخُسُوفِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجْهَرْ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ، قَالَ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - لَوْ جَهَرَ بِشَيْءٍ فِيهَا لَعُرِفَ مَا قَرَأَ.
قَالَ: وَالِاسْتِفْتَاحُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ بِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]، قَالَ: وَلَا أَرَى لِلنَّاسِ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخُسُوفِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا سُنَّتُهَا أَنْ تُصَلَّى ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهَا تُصَلَّى فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ تَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي السُّجُودِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ أَنَّهُ يُطِيلُ فِي السُّجُودِ كَمَا يُطِيلُ فِي الرُّكُوعِ؟
قَالَ: لَا إلَّا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْجُدَ سُجُودًا طَوِيلًا وَلَا أَحْفَظُ طُولَ السُّجُودِ عَنْ مَالِكٍ، قُلْت: فَهَلْ يُوَالِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَلَا يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا قُعُودٌ لَذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ صَلَاةَ الْخُسُوفِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ مِثْلُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: هَلْ يُصَلِّي أَهْلُ الْقُرَى وَأَهْلُ الْعَمُودِ وَالْمُسَافِرُونَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَافِرِينَ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ جَمَاعَةً إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ بِالْمُسَافِرِينَ السَّيْرُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ رَجُلًا مُسَافِرًا صَلَّى صَلَاةَ الْخُسُوفِ وَحْدَهُ عَلَى سُنَّتِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخُسُوفِ جَمَاعَةً أَوْ صَلَّاهَا رَجُلٌ وَحْدَهُ فَبَقِيَتْ الشَّمْسُ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَنْجَلِ، قَالَ: يَكْفِيهِمْ صَلَاتُهُمْ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ ثَانِيَةً وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ وَمَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فَقَدْ فَرَغُوا مِنْهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَقَدْ فَرَغَ الْإِمَامُ، هَلْ عَلَى الَّذِي فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ أَنْ يَقْضِيَ شَيْئًا؟
قَالَ: تُجْزِئُهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَدْرَكَهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ، كَمَا يُجْزِئُ مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْقِرَاءَةِ إذَا فَاتَتْهُ الْقِرَاءَةُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، قَالَ: وَأَنَا أَرَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إذَا فَاتَهُ أَوَّلُ الرَّكْعَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَة وَأَدْرَكَ الْآخِرَةَ، أَنْ يَقْضِيَ


رَكْعَتَيْنِ بِسَجْدَتَيْنِ وَيُجْزِئُ عَنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَأَرَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ صَلَاةَ الْخُسُوفِ فِي بَيْتِهَا، قَالَ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ الْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ إذَا سَهَا فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ أَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ: يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَيَدْعُونَ وَلَا يُجَمِّعُونَ، وَلَيْسَ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ كَصَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنْكَرَ مَالِكٌ السُّجُودَ فِي الزَّلَازِلِ قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ بِهِمَا فَاذْكُرُوا اللَّهَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ؟ فَقَالَ: إنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ أَوْ أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» .
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ يَعْنِي: الْقِيَامَ الَّذِي يَلِيهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرُّكُوعِ الْآخَرِ إنَّمَا يَعْنِي دُونَ الرُّكُوعِ الَّذِي يَلِيهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - صَلَّى إلَّا فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ، وَلَمْ يَعْمَلْ أَهْلُ بَلَدِنَا فِيمَا سَمِعْنَا وَأَدْرَكْنَا إلَّا بِذَلِكَ. قَالَ: وَمَا سَمِعْنَا أَنَّ خُسُوفَ الْقَمَرِ يُجَمِّعُ لَهُ الْإِمَامُ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: وَنَحْنُ إذَا كُنَّا فُرَادَى نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ بِهِمَا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ»، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» .

[صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الَّذِي يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَيُصَلِّي قَبْلَ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم اليوم, 05:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي


اسم الكتاب: المدونة الكبرى
للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي
عن الإمام عبد الرحمن بن قاسم العتقي
الفقه المالكى
المجلد الاول
من صــ 243 الى صــ 248
الحلقة(20)




الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ أَتَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ إنَّمَا تَكُونُ ضَحْوَةً مِنْ النَّهَارِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْحِينِ مِنْ النَّهَارِ وَذَلِكَ سُنَّتُهَا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ يَخْرُجُ بِالْمِنْبَرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ - ﷺ - مِنْبَرٌ يَخْرُجُ بِهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَلَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ لَهُ مِنْبَرًا فِي الْعِيدَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْبَرٌ مِنْ طِينٍ أَحْدَثَهُ لَهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَيَجْلِسُ الْإِمَامُ فِيمَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ؟
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، فِيمَا بَيْنَ كُلِّ خُطْبَتَيْنِ جِلْسَةً.
قُلْتُ: فَهَلْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ جِلْسَةٌ كَمَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُ مَا أَمَرَ بِهِ مَالِكٌ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَلَيْسَ يَخْرُجُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ بِمِنْبَرٍ، وَلَكِنْ يَتَوَكَّأُ الْإِمَامُ عَلَى عَصًا قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ: وَهِيَ السُّنَّةُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُمْنَعَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى إذَا أَرَادُوا أَنْ يَسْتَسْقُوا.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا هَلْ يُسْتَسْقَى فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، قُلْت: هَلْ كَانَ يَأْمُرُ مَالِكٌ بِأَنْ يَخْرُجَ بِالْحُيَّضِ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُؤْمَرَ بِخُرُوجِهِنَّ، وَلَا يَخْرُجُ الْحُيَّضُ عَلَى حَالٍ، فَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَإِنْ خَرَجُوا فَلَا أَمْنَعُهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَعْقِلْ مِنْ الصِّبْيَانِ الصَّلَاةَ فَلَا يَخْرُجُوا وَلَا يَخْرُجْ إلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ: يَخْرُجُ الْإِمَامُ فَإِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى صَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا ﴿سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] . ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس: ١] وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ النَّاسَ وَيَخْطُبُ عَلَيْهِمْ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ مَكَانَهُ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ قَائِمًا يَجْعَلُ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ وَاَلَّذِي عَلَى شِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ حِينَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَقْلِبْهُ فَيَجْعَلْ الْأَسْفَلَ الْأَعْلَى وَالْأَعْلَى الْأَسْفَلَ، وَيُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ كَمَا يُحَوِّلُ الْإِمَامُ فَيَجْعَلُونَ الَّذِي عَلَى أَيْمَانِهِمْ عَلَى أَيْسَارِهِمْ وَاَلَّذِي عَلَى أَيْسَارِهِمْ عَلَى أَيْمَانِهِمْ، ثُمَّ يَدْعُو الْإِمَامُ قَائِمًا وَيَدْعُونَ وَهُمْ قُعُودٌ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ انْصَرَفَ وَانْصَرَفُوا، قَالَ: وَيُحَوِّلُ الْقَوْمُ أَرْدِيَتَهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ وَالْإِمَامُ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، قَالَ: وَالْإِمَامُ يَدْعُو وَهُوَ قَائِمٌ وَالنَّاس يَدْعُونَ وَهُمْ جُلُوسٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ تَكْبِيرٌ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: وَيُحَوِّلُ الرِّدَاءَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ أَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ أَمْ يَمْضِي؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، قَالَ: وَأَرَاهُ خَفِيفًا أَنْ يَمْضِيَ.
قُلْتُ: فَهَلْ يُطِيلُ الْإِمَامُ الدُّعَاءَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنَّ وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي

صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ: يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ، قَالَ وَكُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا خُطْبَةٌ يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ الْمَازِنِيَّ يَقُول: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ يَقُولُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - إلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي الْحَدِيثِ فَقَرَأَ فِيهِمَا.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: لَمْ يُؤْذَنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - فِي الِاسْتِمْطَارِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - صَلَّى فِي الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ فَجَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ»، قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَبَعْدَهَا.

[صَلَاة الْعِيدَيْنِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْغُسْلِ فِي الْعِيدَيْنِ، قَالَ أَرَاهُ حَسَنًا وَلَا يُوجِبُهُ كَوُجُوبِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: وَاَلَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ وَأَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَغْدُونَ إلَى الْمُصَلَّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَمِنَ الْمَسْجِدِ أَمْ مِنْ دَارِهِ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ وَذَلِكَ عِنْدِي سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ الِاغْتِسَالَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمُصَلَّى حَسَنٌ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ مِثْلَهُ، قَالَ: وَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ وَيَتَطَيَّبُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالتَّكْبِيرُ إذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يُكَبِّرُ حِينَ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى، وَذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَيُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ تَكْبِيرًا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، وَفِي الْمُصَلَّى إلَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَطَعَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ يُكَبِّرُ إذَا رَجَعَ؟ قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَطَعَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ ذَكَرَ لَكُمْ مَالِكٌ التَّكْبِيرَ كَيْفَ هُوَ؟
قَالَ: لَا، قَالَ: وَمَا كَانَ مَالِكٌ يَجِدُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَدًّا وَالتَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ يَوْمَ الْفِطْرِ إذَا غَدَا إلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرَ بِتَكْبِيرِهِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ وَابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي الزِّنَادِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَابْنِ حُجَيْرَةَ وَابْنِ أَبِي سَلَمَةَ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ وَيَفْعَلُهُ فِي الْعِيدَيْنِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ -


كَانَ يَخْرُجُ مَنْ طَرِيقٍ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى، قَالَ مَالِكٌ: وَأَسْتَحْسِنُ ذَلِكَ وَلَا أَرَاهُ لَازِمًا لِلنَّاسِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَقْتُ خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَقْتٌ وَاحِدٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ أَنْ يَخْرُجَ بِقَدْرِ مَا إذَا بَلَغَ إلَى الْمُصَلَّى حَلَّتْ الصَّلَاةُ.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالنِّسَاءِ، هَلْ يُؤْمَرُونَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْعِيدَيْنِ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجُ إلَى الْعِيدَيْنِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ؟ قَالَ. لَا، قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَمَنْ شَهِدَ الْعِيدَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجُ، فَلَمَّا صَلَّوْا مَعَ الْإِمَامِ أَرَادُوا الِانْصِرَافَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ يَتَعَجَّلُونَ لِحَاجَاتِ سَادَاتِهِمْ وَلِمَصْلَحَةِ بُيُوتِهِمْ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَّا بِانْصِرَافِ الْإِمَامِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ فَالنِّسَاءُ فِي الْعِيدَيْنِ إذَا لَمْ يَشْهَدْنَ الْعِيدَيْنِ؟
قَالَ: إنْ صَلَّيْنَ فَلْيُصَلِّينَ مِثْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، يُكَبِّرْنَ كَمَا يُكَبِّرُ الْإِمَامُ وَلَا يُجَمِّعُ بِهِنَّ الصَّلَاةَ أَحَدٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَأْنَ ذَلِكَ، فَإِنْ صَلَّيْنَ صَلَّيْنَ أَفْذَاذًا عَلَى سُنَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ يُكَبِّرْنَ سَبْعًا وَخَمْسًا، وَإِنْ أَرَدْنَ أَنْ يَتْرُكْنَ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ بِوَاجِبٍ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ فِعْلَ ذَلِكَ لَهُنَّ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَيَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس: ١] وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَنَحْوَهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ عِنْدِي مِثْلُهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ إلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ، فَذَهَبَ مَرْوَانُ لِيَصْعَدَ الْمِنْبَرَ فَأَخَذَ أَبُو سَعِيدٍ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: الصَّلَاةُ، قَالَ: فَاجْتَبَذَهُ مَرْوَانُ جَبْذَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِنْهَا.
قَالَ دَاوُد بْنُ قَيْسٍ إنَّ عِيَاضَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُول: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ فَيُصَلِّي فَيَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ قَائِمًا فَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ يُعَلِّمُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَلَى النَّاسِ بَعْثًا ذَكَرَهُ وَإِلَّا انْصَرَفَ» .
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ» .
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَتَكْبِيرُ الْعِيدَيْنِ سَوَاءٌ التَّكْبِيرُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا فِي كِلْتَا الرَّكْعَتَيْنِ التَّكْبِيرُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ تَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ إلَّا فِي الْأُولَى.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ: إنْ شَاءَ صَلَّى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُصَلِّ، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ، قَالَ: وَإِنْ صَلَّى فَلْيُصَلِّ. مِثْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيُكَبِّرْ مِثْلَ تَكْبِيرِهِ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ


ابْنِ وَهْبٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَبَّرَ فِي الْأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْفِطْرِ مِثْلَ ذَلِكَ» .
قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ -: كَبَّرَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ» قَالَ: وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَبْعٍ فِي الْأُولَى وَخَمْسٍ فِي الْآخِرَةِ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: شَهِدْتُ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، قَالَ: يُكَبِّرُ التَّكْبِيرَ كَمَا يُكَبِّرُ الْإِمَامُ وَيَقْضِي إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بِالتَّكْبِيرِ أَحَبُّ إلَيَّ.
قُلْتُ: أَفَيُكَبِّرُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَوَّلَ مَا يَفْتَتِحُ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ تَكْبِيرَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى؟
قَالَ: إذَا هُوَ أَحْرَمَ جَلَسَ، فَإِذَا قَضَى الْإِمَامُ صَلَاتَهُ قَامَ فَكَبَّرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ كَمَا صَلَّى الْإِمَامُ.

قَالَ: وَقُلْتُ لِمَالِكٍ: إنَّا نَكُونُ فِي بَعْضِ السَّوَاحِلِ فَنَكُونُ فِي مَسْجِدٍ عَلَى السَّاحِلِ يُصَلِّي بِنَا إمَامُنَا صَلَاةَ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، فَهَلْ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ إذَا أَتَى وَهُوَ مِمَّنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا شَيْئًا. قَالَ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ رَجَعْتُ مِنْ الْمُصَلَّى أَأُصَلِّي فِي بَيْتِي؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ يَكْرَهُ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي الْمُصَلَّى يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا، فَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمُصَلَّى فَلَمْ يَكُنْ يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ لَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا» ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهَا شَيْئًا» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْإِمَامِ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه - ﷺ - كَانَ لَا يُسَبِّحُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهَا، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ إذَا نَسِيَ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَتَّى قَرَأَ، قَالَ: إنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ عَادَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ مَضَى وَلَمْ يُكَبِّرْ مَا فَاتَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَهْلِ الْقُرَى يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ كَمَا يُصَلِّي الْإِمَامُ


وَيُكَبِّرُونَ مِثْلَ تَكْبِيرِهِ، وَيَقُومُ إمَامُهُمْ فَيَخْطُبُ بِهِمْ خُطْبَتَيْنِ، قَالَ: وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ أَهْلُ الْقُرَى صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ إذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بَعْدَمَا صَلَّى يَسْتَخْلِفُ أَمْ يَخْطُبُ بِهِمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ وَأَنْ يُتِمَّ بِهِمْ الْخُطْبَةَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَا يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِهِمْ، وَلَكِنْ يَخْرُجُونَ كَمَا خَرَجَ النَّبِيُّ - ﷺ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى، ثُمَّ اسْتَنَّ بِذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْعِيدَيْنِ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى» .

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ مَالِكٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ أُضْحِيَّتَهُ فَيَذْبَحَهَا أَوْ يَنْحَرَهَا فِي الْمُصَلَّى وَيُبْرِزَهَا لِلنَّاسِ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطْعِمَ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ الْفِطْرِ إلَى الْمُصَلَّى، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْأَضْحَى.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمْشِيَ إلَى الْعِيدَيْنِ فَلْيَفْعَلْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مِنْ سُنَّةِ الْفِطْرِ الْمَشْيُ وَالْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ وَالِاغْتِسَالِ.

[التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ]
فِي التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: كَيْفَ التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَأَلْنَاهُ عَنْهُ فَلَمْ يُحِدَّ لَنَا فِيهِ حَدًّا، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَسَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ: إنَّ هَذَا لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ بِهِ الْإِمَامُ، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ نَسِيَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بَعْدَمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مَنْ صَلَاتِهِ وَذَهَبَ وَتَبَاعَدَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا قَعَدَ فَكَبَّرَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ ذَهَبَ فَلَمْ يُكَبِّرْ وَالْقَوْمُ جُلُوسٌ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُكَبِّرُوا؟
قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَهَلْ كَانَ يَرَى عَلَى النِّسَاءِ وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَأَهْلِ الْقُرَى وَأَهْلِ الْبَوَادِي وَالْمُسَافِرِينَ وَغَيْرِهِمْ مَنْ الْمُسْلِمِينَ التَّكْبِيرَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ، قَالَ: إنْ كَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَكَبَّرَ، وَإِنْ كَانَ ذَهَبَ وَتَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، قَالَ: يُكَبِّرُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ وَالْمُسَافِرُونَ وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ؟ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ أَدْرَكْتَهُمْ وَاقْتَدِي بِهِمْ فَلَمْ


يَكُونُوا يُكَبِّرُونَ إلَّا فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ، قَالَ: وَأَوَّلُ التَّكْبِيرِ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ التَّكْبِيرِ فِي الصُّبْحِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيَقْطَعُ فِي الظُّهْرِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟ فَقَالَ: يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى دُبُرِ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَالَ بُكَيْر وَسَأَلْتُ غَيْرَهُ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ التَّكْبِيرَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ النَّحْرِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالنَّاسَ يُكَبِّرُونَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَأَوَّلِ ذَلِكَ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ ذَلِكَ دُبُرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنَّمَا يَأْتَمُّ النَّاسُ فِي ذَلِكَ بِإِمَامِ الْحَجِّ وَبِالنَّاسِ بِمِنًى، قَالَ: وَذَلِكَ عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ، يُكَبِّرُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ مِثْلَ مَا كَبَّرَ الْإِمَامُ.

[الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ]
فِي الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ بِعَرَفَةَ فِي الظُّهْرِ وَلَا فِي الْعَصْرِ، وَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَلَا الْعَصْرَ أَرْبَعًا وَيُصَلِّيهِمَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَيُتِمُّ أَهْلُ عَرَفَةَ وَأَهْلُ مِنًى بِمِنًى، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ فَلْيُقْصِرْ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ مِنًى فَلْيُقْصِرْ الصَّلَاةَ بِمِنًى. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، قَالَ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ يَوْمَ عَرَفَةَ إذَا خَطَبَ الْإِمَامُ وَفَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ أَقَامَ فَإِذَا أَقَامَ نَزَلَ الْإِمَامُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَإِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ أَذَّنَ أَيْضًا لِلْعَصْرِ وَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ أَيْضًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يَخْطُبُ بِعَرَفَةَ: أَنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا رَاحَ وَلَا يُلَبِّي إذَا خَطَبَ، وَيُكَبِّرُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خُطْبَتِهِ.
قَالَ: وَأَمَّا النَّاسُ فَيَقْطَعُونَ إذَا رَاحُوا إلَى الصَّلَاةِ أَيْضًا. قَالَ: وَالْإِمَامُ يَوْمَ الْفِطْرِ يُكَبِّرُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ يُوَقِّتْ لَنَا مَالِكٌ فِي ذَلِكَ وَقْتًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا خُطْبَةٌ يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَعَرَفَةُ فِيهَا خُطْبَةٌ وَلَا يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ؟
قَالَ: خُطْبَتُهُ تَعْلِيمٌ لِلنَّاسِ. قَالَ: وَأَمَّا الِاسْتِسْقَاءُ فَيَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا خُطْبَةً وَأَمَّا الْخُسُوفُ فَلَا يَجْهَرُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا خُطْبَةَ فِيهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَلَيْسَ عَرَفَةُ خُطْبَةٌ فِيهَا وَالْإِمَامُ لَا يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ؟
قَالَ: لِأَنَّ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 306.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 300.40 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.92%)]