مشكلات التربية في مرحلة الطفولة - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5085 - عددالزوار : 2327060 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4671 - عددالزوار : 1619952 )           »          تربية الأطفال بهدوء.. 6 نصائح تساعد الأمهات في السيطرة على انفعالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          4 خطوات بسيطة تساعد الطلاب على الموازنة بين الدراسة وأنشطتهم المختلفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          طريقة عمل كب كيك في البيت بمكونات سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          5 خطوات تساعدك على مقاومة الرغبة في النوم بعد الاستيقاظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          وصفة طبيعية لتحضير زبدة الشفاه في المنزل.. هتحتاجيها في الخريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          4 تريندات مكياج متصدرة في 2025.. الروج البرجندي وبشرة طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          5 خطوات تساعدك فى إدارة وقتك على السوشيال ميديا والاهتمام بالمذاكرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          5 طرق فعالة هتساعدك في علاج شعرك من الجفاف.. لو لسه راجعة من البحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 04-12-2024, 04:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة



مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (11) مشكلة العناد (6)









كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

العناد المرضي:

تكلمنا في المقال السابق عن مشكلة العناد، وبيَّنا أن منه المحمود، وهذا ينبغي أن يُربى عليه الطفل، ومنه المذموم، وهو نوعان: مشكِل ومرضي، وهذا ما سنعالجه في هذا المقال -إن شاء الله-.

علاج العناد المشكل:

- المقصود بالعناد المشكل: الذي إن تُرك بدون علاج سيمثِّل مشكلة فيما بعد للأسرة، وللمدرسين، بل وقد تمتد إلى عمله وحياته الزوجية فيما بعد، فتُطبع حياته بالعناد المستمر، وعدم المبالاة والاستهتار، والانصراف عن التعلُّم وعما ينفعه، وقد لا يتواءم مع حياته الاجتماعية فيما بعد، وقد تصل إلى مرضٍ نفسي وعقلي.

وعلاجه يكون بالخطوات التالية:

- الوقاية خير من العلاج؛ فعلى الأبوين الكريمين تربية ولدهما على الإيمان بالله -تعالى-، ومحبته، ومحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومحبة الصحابة -رضي الله عنهم-، وحب الصلاة، وحب القرآن، وأهمية حفظه، وتشجيعه على ذلك.

- لا بد من تربيته على الأخلاق الطيبة والآداب الحسنة، وأهمية الطاعة للأبوين في المعروف، وأنه بذلك ينال محبة والديه، ومِن ثَمَّ محبة الله -تعالى-؛ لأن رضا الوالدين من رضا الله -تعالى-؛ ذلك لأن الإيمان لازمه السكينة والطمأنينة، وانشراح الصدر وراحة البال.

- وأن يُبغض إليه خُلُق العناد، وأنه إن شبَّ به كرهه الناس ونفروا منه؛ بل لا بد من الطاعة في المعروف والصواب.

- ويُعلَّم أن كلَّ إنسان له خطأ وصواب؛ والممدوح مَن رجع إلى الصواب إذا تبيَّن له، والمذموم هو مَن يُصرّ على خطئه، ولا يرجع عنه.

- القدوة من الأبوين في ذلك: فلا يمكن أبدًا أن نربي الطفل علي الطاعة وعدم المعصية، والأم مثلًا تُظهر عصيانًا لزوجها، أو الأب يصر على الخطأ مع ظهور الصواب؛ فمتى يستقيم الظل والعود أعوج!

فما أعظم خلق الاعتذار إذا أخطأ الإنسان، ولو رأى الطفل هذه الصفة في أبويه كانت تربية عملية له، تنسف إن شاء الله خُلُق العناد المذموم.

- أهمية القصص الهادف الذي يحكيه الأبوان لطفلهما عن بر الوالدين، ومظاهر هذا البر، ومنه الطاعة لهما في المعروف، والتحذير من العقوق، ولا بأس بقصص الحيوانات التي عُقدتها: ذم العناد، وهذا أسلوب ناجح جدًّا، ويحبه الطفل، وهو من أحسن المداخل في التربية: التربية بالقصة الهادفة.

نحو ما في هذه الروابط:

- https://youtu.be/p5oIgN6OPf4

- https://www.tiflisaghir.com/2017/02/blog-post_17.html

- أهمية الحوار الهادف بين الأبوين وطفلهما، وأن تُترك الفرصة للطفل ليعبِّر عن رأيه، وأن يُساعَد على ذلك، حتى يتعوَّد إذا عبَّر عن رأيه أن يقويه بالحجج والبراهين، وأن يتصلَّب في الحق الذي يدعمه الدليل، ومِن خلال الحوار يتعرف على أسباب عناده، وبمعرفة السبب يسهل العلاج إن شاء الله.

- أهمية أن نمنحه فرصة الاستقلالية في قيامه بعمل مفيد، ونشجعه على ذلك؛ حتى يشعر بأهمية شخصيته، ولعل ذلك يسوقه نحو الانصياع والطاعة.

- ماذا نفعل إذا كان الطفل في عنادٍ وانفعالٍ شديدٍ؟

أولًا: لا بد وأن نُهدئ من روعه، ونذهب عنه غضبه مع الصبر والتأني، والحديث معه بحب ودفء؛ فالطفل يرفض اللهجة الجافة، ويتقبل الرجاء.

وقد أثبتت التجارب العملية أن الطفل بمثل هذا التعامل يميل إلى السكون والطاعة، ثم ينبغي أن يُكافئ عندما يترك أسلوبه السلبي.

ثانيًا: إذا فشلت الجهود السلمية؛ فلا بد من أسلوب الإنذار، والتلويح بالعقاب، ولا بد من تنفيذه هذا الأمر الذي غضب من أجله إذا كان صوابًا ونافعًا له، ولا تحملن العاطفة أو الخوف من غضبه ثانية إلى تركه؛ فهذا سيزيد في عناده؛ لأنه قد عَلِم أن غضبه كان سببًا في انصياع والديه لمطالبه، ومِن ثَمَّ عندما يذهب إلى المدرسة، وأراد التخلص من التكاليف؛ فإنه سيلجأ إلى أسلوب العناد، بل يصير ذلك طبعًا له عندما يشب ويتعامل مع الآخرين؛ فأي إصلاح يُرجَى لهذا الطفل بعد هذا؟!

- لا يصح الجمود على أسلوب لم يُفلح علاجًا مع الطفل؛ لأن الهدفَ هو صلاح الطفل واستقامته، لا كسره واعوجاجه.

ومن أساليب المعالجة: تجاهل الطفل وتركه؛ فإذا لجأ إلى الصراخ يُترك حتى ينتهي من صراخه، ولا يتدخل أحد لتهدئته، عندئذٍ يراجع نفسه، ويرجع إلى صوابه، ويعلم أن صراخه ليس طريقًا صحيحًا للوصول إلى ما يريد؛ فقد بيَّنت الدراسات والتجارب أن هذا التجاهل يفيد كثيرًا في تقويم سلوك العناد عند بعض الأطفال.

- بعض الدراسات تقول: إن العقاب الفوري مع بعض الأطفال يُفيد؛ لا سيما إذا جُرِّب معه من قبل: كالعقاب بالحرمان من نزهةٍ معينةٍ محببةٍ لنفسه، أو طعامٍ محبب، ونحو ذلك مما يحبه، وينبغي هنا ألا يتدخل أحد -خاصة الجَدين- في إشباع ما حُرِم منه الطفل عقابًا.


ولا ينبغي أن ينتهي الموقف دون حلٍّ، أو يؤجل إلى وقتٍ لاحقٍ؛ فإن الفائدة المرجوة منه ستنقطع؛ لأن الطفلَ سيشعر أنه قد رَبَح المعركة؛ مما يدفعه إلى تكراره، ويزيد في معصيته وعناده.

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 27-12-2024, 11:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (12)

مشكلة العناد (7)







كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- هناك قاعدة وضعها العلماء في معالجة العناد: "عناد الطفل لا يقاوم بعناد الكبار، بل بحوار دافئ عاجل".

- الحذر مِن تفضيل الوالدين بعض الأولاد على بعض؛ فهذا يُشعر الطفل بأنه مهمل ومنبوذ، وقد يُعبِّر عن ذلك بالعناد والعصيان لوالديه؛ جزاءً لهما على إهماله، أو جذب انتباههما نحوه.

- الخلافات الأسرية تساعد على الاضطراب النفسي للطفل، ويظهر ذلك في عناده في كل شيء.

- الإفراط في المحبة والحنان، والتساهل الزائد، وتلبية جميع رغباته تجعله يتصور والديه خادمين له، فإذا أُمر بأمر يرى فيه تقييدًا له؛ فإنه يسعى لمواجهته، حتى تتحقق رغباته وما يريده.

- التدليل الزائد يؤدي إلى العناد الزائد عند بعض الأطفال الذين لديهم شخصية قوية تحب الاعتماد على نفسها، وفي هذه الحالة يكون العناد صحيًّا لا مرضيًّا، وإنما على الأبوين أن يُغيِّرا من سلوكهما هذا إلى اعتدال وتوسط (رفق وحنان - توفير الفرص للاعتماد على النفس - إثبات الشخصية).

- وأحيانًا يبدأ عناد الطفل عندما يُولد طفل جديد للأسرة؛ خاصة إذا بدأت الأم تتوجه باهتمام نحو الوليد، وتُهمل طفلها هذا، فيلجأ للفت الانتباه في صورة عناد ونحوه.

- قد تكون للطفل إعاقة بدنية تحمله على العناد لشعوره بالعجز، والعلاج الأمثل هنا: هو الحديث الإيجابي عن جوانبه المحمودة، وإعانته على استخدام بقية أعضائه السليمة، وأن يعيش حياته كالمعافي من هذه الإعاقة؛ بذلك نُعينه على تقبل حاله، واستغلال إمكانياته في التفوق، وأن يكون راضيًا بقدره، شاكرًا لربه -تعالى-.

- تجنيبه مشاهد العنف التي يراها في الفيلم الكرتوني، فإنها تدفعه إلى المحاكاة تأثرًا بما رآه.

- لا بد من التغاضي عن بعض الأمور البسيطة من العناد ما دام أن تحقيق رغبته هذه في حدود المعقول، ولن تأتي بضرر عليه.

- إن استمر عناد الطفل، حتى مرحلة الدراسة، وعاند في عدم الذهاب إلى المدرسة، أو كتابة الواجبات، ونحو ذلك.

فيكون علاجه:

- بالاحتواء، والتقدير، وحسن المعاملة.

- أسلوب التخيير، كأن يقال له: هل تحب أن تبدأ المذاكرة بمادة كذا أو كذا؟ فيشعر حينئذٍ أن المذاكرة ليست مفروضة عليه، كما يستحب هنا مساعدته على المذاكرة.

- التوجيه غير المباشر.

- لا مانع من أخذ إجازة من المدرسة؛ ليُعالج فيها الطفل المعالجة الصحيحة.

- التعاون مع المدرسة، ومحاولة الوصول إلى العلاج المناسب.

العناد المرضي:

قد يأخذ الأبوان الكريمان بهذه الإصلاحات، ويستمر عناد الطفل، وتظهر عليه أعراضًا معينة يسميها علماء النفس: "اضطراب العناد الشارد (ODD)"؛ فعندئذٍ تكون حالة مرضية تحتاج إلى علاج نفسي توجيهي، قالوا: تبدأ علامات المرض عامةً خلال السنوات السابقة على الالتحاق بالمدرسة، وقد يحدث في مرحلة لاحقة، ولكن غالبًا ما يكون قبل سنوات المراهقة المبكرة.

أعراض المرض:

كثرة الغضب العارم وسهولة الإثارة - مجادلة البالغين والأفراد في موقع السلطة - ممارسة العناد بحماس - رفض الانصياع لطلبات وقواعد الكبار - إزعاج الآخرين ومضايقتهم عمدًا - لوم الآخرين على أخطائه أو سوء سلوكه - وممارسة السلوكيات الحاقدة أو الانتقامية.

أنواعه:

- ضعيف: إذا حدثت الأعراض في مكانٍ واحدٍ، مثل: المنزل أو المدرسة، أو العمل أو مع الأقران.

- متوسط: إذا حدثت الأعراض في مكانين على الأقل.

- حاد: إذا حدثت الأعراض في ثلاثة أماكن أو أكثر.

بالنسبة لبعض الأطفال، يمكن رؤية الأعراض للمرة الأولى في المنزل فقط، ولكن مع الوقت تمتد إلى أماكن أخرى، مثل المدرسة والأصدقاء.

الأسباب:

لا يوجد سبب واضح وراء اضطراب العناد الشارد، قد تكون خليطًا من العوامل الوراثية والبيئية، بما في ذلك الأسباب الجينية، وسجية الطفل أو مزاجه الطبيعيان، والاختلافات العصبية المحتملة في أسلوب عمل الأعصاب والدماغ.

الأسباب البيئية: مشكلات متعلقة بالتربية، والتي قد تتضمن نقص الإشراف، أو عدم التناسق، أو الانضباط الصارم، أو الإساءة، أو الإهمال.

عوامل الخطر:

اضطراب العناد الشارد مشكلة معقدة، تتضمن الحالة المزاجية حيث يجد الطفل صعوبة في السيطرة على عواطفه، مثل أن يكون شديد التفاعل عاطفيًا مع المواقف أو يواجه صعوبة في تحمل الإحباط، ومشكلات التربية من سوء معاملة أو إهمال، أو وجود نظام تأديب متقلب أو قاسٍ، أو عدم وجود رقابة أبوية، أو خلافات أسرية، أو يكون أحد والديه مصابًا باضطراب الصحة العقلية أو اضطراب إساءة استخدام العقاقير.

الوقاية:

لا توجد طريقة مضمونة لمنع اضطراب التحدي المعارض، ومع ذلك يمكن أن تساعد تصرفات الأبوين الإيجابية، والعلاج النفسي المبكر في تحسين السلوك، ومنع الوضع من التدهور.

وكلما كان الوقت مبكرًا في السيطرة على ODD كان ذلك أفضل، حيث يساعد العلاج في استعادة تقدير الطفل لذاته، وإعادة بناء علاقة إيجابية بينه وبين والديه من جانب، وبينه وبين مجتمعه من جانب آخر" (موقع: Mayo Clinic).


يعني العلاج النفسي هنا علاج توجيهي، ومن هنا نقول للأبوين: الوقاية خير من العلاج، وقد قالوا: "درهم وقاية خير مِن قنطار علاج"، وهي ما قدَّمناه من وسائل تربوية مبناها على الشرع والواقع، فيستعينون بالله -تعالى- في تربية أولادهم بها، وإن كان من توجيه نفسي طبي فلا بأس، فالمقصود هو سلامة الطفل.

نسأل الله -تعالى- أن يصلح لنا أولادنا أجمعين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 15-03-2025, 05:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (13) مشكلة الكذب (1)



كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمِن أخطر المشكلات التربوية التي تواجه الوالدين في مرحلة التأديب والتهذيب: "مشكلة الكذب"؛ ذلك لأنه سلوك شائع في مرحلة الطفولة يلجأ إليه الطفل ليحصل على شيء محبب لديه، أو هروبًا مِن عقاب، أو استرضاءً لوالديه.
وإن لم يُتدارَك كانت ثماره مُرة وعواقبه وخيمة؛ فمِن ذلك:
- أنه يستمرئ الكذب، ويتحرَّاه، حتى يصير مرضًا مزمنًا، يستعصي على العلاج.
- ينشأ معدوم الشخصية، متهربًا من تحمُّل أعباء الحياة مِن: وظيفة وزواج، وتربية أولاد، ونحو ذلك، فيهرب مِن تحمل هذه المسئوليات متسترًا بالكذب، واختلاق الحكايات، والتمارض وغيره ليهرب من الواقع.
ومِن ثَمَّ يُصبح عضوًا فاسدًا في المجتمع، وقدوة سيئة لمن يقتدي به مِن زوجة وولد وغيره.
- وفوق ذلك، يكون طريقه إلى النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا. وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا".
فالكذب يهدي إلى الفجور -وهو الميل والانحراف عن الصراط السوي- ثم يهديه إلى النار، ولا يزال هذا الكاذب في كذبه لا يرعوي، بل يتحرّاه، ويفضِّله على الصدق حتى يُكتب عند الله كذابًا، وبئس هذا الوصف لمَن اتصف به.
فظُن شرًّا بمَن يصير فاجرًا مائلًا عن صراط الله المستقيم، وكُتب عند الله كذابًا من شهادة زور، وأكل حقوق الناس، والكذب عليهم، وقد يكذب على الله تعالى إن كان في منصب ديني؛ باختلاق بدع، أو فتاوى باطلة، أو وضع أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كما أن وصف الكذاب يلازمه في حياته؛ فلا يُوثق به في خبر أو معاملة، وبعد مماته؛ فلا يُذكر إلا بالوصف السيئ، ويقال: مستراح منه!
هذا، وغيره يجعل الكذب من المشكلات التربوية الخطيرة في مرحلة الطفولة التي تضاعف من مسئولية الوالدين، ويوجب عليهم أن يأخذوا بأسباب نجاة طفلهما منها.
لذلك نقول -والاستعانة بالله-:
- تعريف الكذب لغة: الإخبار بخلاف الواقع؛ كذب الشّخص: إذا أخبر عن الشّيء بخلاف ما هو عليه في الواقع، عكسه صدَق، وكذَبَ عليه: أَخبر عنه بما لم يكن فيه (المعجم الوسيط).
وقالوا: حبل الكذب قصير: أي: لا يدوم، وسرعان ما ينكشف (معجم اللغة العربية المعاصرة).
والكاذب أيضًا: المختلق لأقوال غير صحيحة.
- تعريف الكذب اصطلاحًا: قال النووي رحمه الله: (الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه، عمدًا كان أو سهوًا؛ سواء كان الإخبار عن ماضٍ أو مستقبلٍ).
وكذا عرَّفه علماء علم النفس؛ قالوا: "مخالفة قول الحقيقة أو إخفاؤها لغرضٍ ما".
- أشكال الكذب:
يأخذ الكذب أشكالاً عِدَّة، فمِن ذلك:
1- قلب الحقيقة: يدَّعي -مثلًا- أنه قد صلّى، وهو في الحقيقة لم يصلِّ إلا صلاتين مثلًا.
2- المبالغة في الحديث: وهذه غالبًا يأخذها من أحد والديه أو أقاربه.
3- التورية والتعريض: وهذه غالبًا يأخذها أيضًا مِن أحد والديه عندما يبرر كذبه بأنه تعريض جائز، وليس كذبًا؛ فيأخذ هذه الصفة، ويصبح هروبه مِن المواقف كلها بالتعريض، وإن قيل له: إن هذا كذب. قال: هذا تعريض.
4- الاختلاق: يختلق قصة لم تحدث أصلًا.
وللحديث بقية إن شاء الله.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 24-05-2025, 11:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (14) مشكلة الكذب (2)




كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أنواع الكذب:
مِن المهم جدًّا معرفة أنواع الكذب كما ذكرها علماء النفس؛ حتى نستطيع التعامل الصحيح مع كلِّ نوعٍ دون التباس.
1- الكذب الخيالي:
وهذا يمارسه الطفل عندما يعيش في عالم الأحلام والكرتون، فيتخيل عالمًا خاصًّا به، ويظل يحكي عنه، وهذا كذب، وإن ادَّعى بعض علماء النفس أنه كذب محمود، ودليل على قدرته الإبداعية، وأنه ينبغي أن يُفسح له المجال في التأليف المسرحي والتمثيل، ونحو ذلك، وهذا في الحقيقة نوعٌ مِن الكذب المحرَّم الذي ينبغي أن يُعالج عند الطفل؛ فإن التأليف القصصي مشروط بأن تكون القصة واقعية، ومنها فائدة.
أما أن يُترك للطفل أن يعيش في عالم الخيال فسيكبر بخياله هذا المخالف الواقع، ويظل ينسج قصصًا وأكاذيب من خياله؛ ليتهرب مِن واقعه ومسئولياته.
2- الكذب الالتباسي:
عندما يلتبس عليه الخيال بالواقع، يختلق قصة خيالية، وعلاج ذلك من الوالدين بأن يُفرِّقا له بين الحقيقة والخيال.
3- الكذب الادعائي:
وهو ادّعاء ما ليس فيه -مبالغة-، وينشأ غالبًا من شعور الطفل بنقص فيه، وهذا يحدث عندما يُوجد الطفل في بيئة مخالفة لبيئته، أو يكون بين أطفال؛ كلٌ يتحدَّث عن حاجياته وأهله بتفاخر، ونحو ذلك.
وعلاج ذلك: تجنيبه مخالطة مَن ليس مِن طبقته الاجتماعية، وتربيته على الرضا والقناعة التي هي الغِنَى الحقيقي، وكثرة حمد الله تعالى على نعمه، وأن ينظر في أمر الدنيا دائمًا إلى مَن هو أقل منه، حتى يشكر نعمة الله تعالى ولا يحتقرها.
وأن يعزَّز الوالدان الجوانب الطيبة عنده، وأن كل إنسان عنده جوانب إيجابية، وجوانب سلبية، فينبغي له أن يعزز الجوانب الإيجابية فيه، وأن يعالج الجوانب السلبية عنده.
4- الكذب الأناني:
وهو كذب غرضه تحقيق رغبة شخصية لديه، ولعل سبب ذلك يرجع إلى الحرمان؛ فيلجأ إلى هذا النوع من الكذب ليتحصّل على ما يريده.
مثلًا يقول: المدرسة تحتاج إلى كذا من المال لتزيين الفصل أو لإجراء حفلة ونحو ذلك؛ ليتحصل على المال لنفسه، وهذا غالبًا يكون سببه الحرمان، والوقاية دائمًا خيرٌ من العلاج، وهو عدم تعريضه للشعور بالحرمان.
5- الكذب الانتقامي:
يكذب ويدَّعي لينتقم من طفل بعينه، والدافع لذلك هو الغيرة أو أنه مميَّز عليه.
وعلاج هذا: عدم لجوء الأبوين إلى تفضيل ولد على الآخر، فالعدل أساس المحبة بين الأولاد، ومع ذلك قد يُوجد هذا الشعور؛ فيحتاج إلى مزيد عناية لعلاج الغيرة عنده، وهذه مشكلة سنتناولها فيما بعد بالتفصيل.
6- الكذب الدفاعي:
يكذب ليدفع عن نفسه العقوبة أو اللوم، وهذا يلجأ إليه الطفل عندما يمارس الأبوان دور المحقّق، والأفضل هنا هو: جمع الحقائق بعيدًا عن المواجهة المباشرة مع عرض المساعدة، فمثلًا: علم الأب أن ابنه راسب في امتحان الشهر، فيقول: إن الأستاذ قد هاتفني وأخبرني أنك قد رسبت في امتحان الشهر، وهذا أقلقني للغاية، وحزنت لحزنك؛ لأني أعلم أنك تحب التفوق؛ فكيف نعوّض هذه الخسارة في الشهر القادم إن شاء الله؟ هل تحتاج إلى تقوية من مدرس؟ ونحو ذلك مما يجنبه الكذب، ويحبب عنده شعور التفوق، والحزن على نفسه أنه قد قصَّر حتى تنال هذه الدرجة غير المرضية.
7- الكذب العنادي:
وهو شكل مِن أشكال التحدي للسلطة، وهذا يُعالج برفق وهدوء كما سبق وأن بيَّنا تفصيلًا في علاج مشكلة العناد.
الأسباب:
- قد يلجأ الطفل للكذب لسدِّ فراغ نفسي عنده مِن ادِّعاء تفوّق أو عمل بطولي ونحوه؛ خاصة إذا كان قرناؤه بهذه الصفة، أو يتفاخرون بمفاخر ليست عنده.
- أو لإضحاك أقرانه وأهله بما يُعرف بالنكت، أو تمثيل الأدوار؛ لينال المنزلة عندهم، وليسمع مدحه منهم.
- وقد يلجأ للادعاء باتهام بعض إخوانه أو أقرانه بما ليس فيهم؛ ليرى عقابهم؛ إما غيرة أو عدوانية في نفسه.
- عدم ثقة الوالدين في كلامه.
- وعمومًا، فسبب الكذب إما مهانة الشخص في نفسه، أو عادة سوء تعود عليها، أو قِلَّة أدب وتهذيب من الوالدين.
قال الشاعر:
لا يكذب المرءُ إلَّا مِن مهانتِه أو عادةِ السوءِ أو من قِلّةِ الأدبِ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 13-07-2025, 08:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة



مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (15)

علاج مشكلة الكذب (3)



كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
العلاج:
- تُرجِع دراسة نفسية كذب الطفل بنسبة 70% إلى الخوف، وبنسبة 20% إلى الغش والخداع والكراهية، وبنسبة 10% إلى الخيال وأحلام اليقظة.
- لذلك فالقاعدة الأساسية في التعامل مع كذب الأطفال هي: "معرفة الأسباب والدوافع"، ولا يكون هذا إلا بالحوار الدافئ، وجو الألفة والطمأنينة، بعيدًا عن القسوة والضرب المبرِّح الذي يكون سببًا في كذب الطفل؛ خوفًا من تسلط الأيدي عليه بالضرب، أو الحرمان مما يحب.
الوقاية خير من العلاج:
- تحفيظه القرآن مع معلم قدوة؛ فإن القرآن نور وهدى.
- الجو الأسري الدافئ الآمن الذي يشعر معه الطفل بالأمان.
- الحوار الهادئ الحاني معه مِن آنٍ لآخر، وتشجيعه على الحديث عن نفسه بصدق.
- التشجيع على الصدق، وإثابته عليه، وأعظم إثابة: مدحه بعبارات الصدق، ومحبة الله للصادق، وأنت بذلك تتشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان معروفًا في صغره بالصادق الأمين!
- القصص الهادف الذي يغذي عنده التشبه بالقدوات الصادقة الصالحة.
- لا بأس بالأفلام القصصية، أو قصّ القصص الهادف من الوالدين عن الصدق وعاقبته الحميدة، وعن الكذب وعاقبته السيئة.
قصة بناء الكعبة:
"لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وثلاثين سنة قبل بعثته بخمس سنوات، اجتمعت قريش لتجديد بناء الكعبة لِما أصابها من تصدع جدرانها، وكانت لا تزال كما بناها إبراهيم عليه السلام رضمًا (حجارة) فوق القامة (أي: قامة الإنسان)، وقد تم تقسيم العمل في بناء الكعبة بين القبائل، وتولت كل واحدة منها ناحية من نواحي الكعبة، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دبَّ الشقاق بين قبائل قريش، فكلُّ يريد أن ينال شرف رفع الحجر الأسود إلى موضعه، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي؛ فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول مَن يدخل عليهم مِن باب المسجد الحرام، فوافقوا على اقتراحه، وانتظروا أول قادم، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما إن رأوه حتى هتفوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر، فقال: هلمَّ إليَّ ثوبًا، فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا، ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه" (سيرة ابن هشام).
- (قصة الغلام الراعي، وكيف أن الكذب كان سبب هلاك ماشيته)، وهي معروفة.
- (قصة عبد القادر الجيلاني وهو طفل، وهي قصة جميلة عجيبة، وقد جسدت فيلمًا كرتونيًّا خاليًا من الموسيقى، ولتشاهده معه، ومن خلال المشاهدة امدح صدقه، وعاقبته الحميدة).
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله: "بَنَيْتُ أمري على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أُمِّي أربعين دينارًا، وعاهدتني على الصدق! ولمَّا وصلنا أرض (هَمْدَان) خرج علينا عرب، فأخذوا القافلة، فمرَّ واحد منهم، وقال: ما معك؟ قلت: أربعون دينارًا. فظنَّ أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل آخر، فقال ما معك؟ فأخبرته، فأخذني إلى أميرهم، فسألني فأخبرته، فقال: ما حملك على الصدق؟ قلت: عاهدَتْني أُمِّي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها! فصاح باكيًا، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أُمِّك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله! ثم أمر بردِّ ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله على يديك! فقال مَنْ معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعًا ببركة الصدق وسببه". (نزهة المجالس).
وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-10-2025, 02:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (16)

علاج مشكلة الكذب (4)



كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
- فينبغي أن تتوافر القدوة الصالحة من الوالدين لأولادهم؛ فلا يأمر الوالد مثلًا بالصدق وهو يكذب؛ الحذر ثم الحذر من ذلك، فإنه بذلك يهدم القدوة عند الطفل، ويدفعه إلى تقليد ما يراه مِن كَذَبٍ وسوء.
وقد تتخذ الأم الكذب وسيلة للتربية كأن تقول للطفل: تعالَ خذ هذا ولا تعطيه! وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تقول ذلك لابنها، فقال: "لو لم تعطه حسبت عليك كذبة".
أو يتهرب الأب من ضيف أو مدين، ونحو ذلك، بالكذب ونحوه، وقد يستخدم الوالد التعريض المباح بقيوده أمام الطفل، وما هذا إلا كذب عند الطفل، وهذا أيضًا ينبغي أن يُحذر.
- وكذلك ينبغي إشباع الحاجات النفسية للطفل: كالحب والعطف، والتقدير والاحترام، والشعور بالثقة.
- والحذر من تكرير وصف الطفل بالكذّاب، فإنها تُفقده المعاني الجميلة من الصدق والشجاعة، ويهرب إلى وصف الكذب الذي وصفه به أبواه، ومن ثَمَّ يبحث عن أشكاله؛ فيزداد كذبه، فيتحول الاتهام مع الأيام إلى واقع! لذلك لا بد من إظهار أعلى درجات التحمُّل والصبر، وسعة الصدر، والتفرغ وعدم التأجيل لعلاج بادرة الكذب عند الطفل.
- تجنيبه المخالطة للنماذج السيئة الكاذبة؛ فإن الطفل في السنوات الأولى من عمره يُحاكي ما يسمعه ويراه.
- الحذر من أسلوب السيطرة والعسكرة، وإشاعة جو الخوف والرعب في البيت، والتدخل الزائد في خصوصيات الطفل.
- أو الإهمال وعدم الاهتمام.
- الحذر ثم الحذر من التشهير به، أو السخرية منه.
- تجنب أسلوب التحقيق مع طفلك حتى لا تضطره إلى الكذب، حاول جمع المعلومات عنه بطرق غير مباشرة، ثم مساعدته على تجاوز عثراته ومشكلاته.
العلاج:
ينبغي أن يعلم الأبوان أن الطفل سوف يخطئ ولا بد، فالكبير يخطئ فما بالك بالصغير؟! والأسلوب القاسي من الأسرة يولّد خوفًا عنده، ومن ثَمَّ يلجأ للكذب؛ لذلك إذا وقع منه كذب، فيجب علي الوالد المربي:
- ألا يتهاون في المعالجة، وأن يتفرغ لعلاج المشكلة، ولا يتهرب منها بقول: الزمن كفيل أن يُعالجها!
- أن يقبِّح لديه الكذب، وأنه أقبح شيء عنده، وأنه صفة المنافقين، وأن الله تعالى يحب الصادقين، ولا يحب الكاذبين، فإن كنت تحب أن أحبك، وأعاملك معاملة حسنة؛ فعليك بما يحبه الله تعالى، وإلا فلن أحبك، ولن أكلمك، ولن... (تهدده بحرمانه مما يحبه).
- تذكر له النصوص الشرعية في قبح الكذب، وفضيلة الصدق:
- حفّظه حديث: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة"، مع الشرح، والترغيب والترهيب.
- وعلمه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المنام الطويل: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالَا: الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وكلّمه عن أخلاق العرب قبل الإسلام، وأن أجمل ما كانوا يتزينون به الصدق، وأقبح ما كانوا يتصفون به الكذب، أو أن يُؤثر عنهم كذبًا، فلما وقف أبو سفيان -وكان يومئذٍ مشركًا- أمام هرقل ملك الروم في فترة هدنة الحديبية، قال هرقل لِتَرْجُمَانِهِ: "قُلْ لَهُمْ أِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ‏. فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَىَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ" (رواه البخاري).
- ثم جاء الإسلام بنوره وهدايته؛ فدعا إلى حسن الأخلاق ومكارمها.
معالجة الأسباب والدوافع:
- إن ظهرت منه كذبة؛ فصحح له: لعلك تقصد كذا، أي: إعانته على الصدق برفق.
- لا تكلّف طفلك ما لا طاقة له به، وإنما وضِّح له الهدف، والوسائل الموصلة إليه بخطة زمنية بعيدة، مع إعطاء نفْس الطفل ما تحبه مِن لهو مباح ولعب.
- علّمه حب أخيه والآخرين؛ فلا تقارنه بغيره بقولك: فلان أفضل منك، أو: فلان أصدق منك لسانًا، ونحو ذلك.
- الثواب والعقاب؛ فإن صدق أثبته، وإن كذب حذرته مرة بعد مرة، ثم إن كان عقاب فليكن بعد استنفاد وسائل العلاج السلمية، ويكون بحرمانه أولًا مما يحب، وإن كان من ضرب فليكن غير مبرح كما بيّنا.
- لا تُظهر ضحكًا لكذب الطفل؛ خاصة إذا كان صغيرًا، فإنه يستمرئ ذلك، ويُحب أن يُضحك الكبار، وأن ينال إعجابهم، فيستمر في اختلاق الأكاذيب من أجل نيل الإعجاب.
- اتبع أسلوب التفاهم، والمحبة في النقاش، لا السلطة المعاقبة.
- قم برحلة وعدِّد أنواع الأنشطة، ثم اطلب من الطفل وصف ما يراه، حتى يتعوّد الوصف الصادق.
- إثراء خيال الطفل الإبداعي الواقعي بعيدًا عن الكذب.
- استخدم أسلوب الهجر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطَّلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة، لم يزل مُعرضًا عنه حتى يحدث توبة".
- إن لم يُجدِ الهجر؛ استعمل الضرب بضوابطه التي ذكرناها قبلُ؛ فإن آخر العلاج الكي.
- قبول عذره إن اعتذر -ولا بد أن يعتذر-، وهنا يأتي دور الأبوين المتعاونين على صلاح الطفل، فتقوم الأم بتأنيب الطفل على كذبه، وأنه يلزمه أن يعتذر لأبيه، مع وعد بعدم الرجوع للكذب مرة أخرى.
وفي المدرسة:
ينبغي على المدرسين المربين أن ينزلوا الطلاب من أنفسهم منزلة الأبناء؛ فعليهم أن يتجنبوا:
- أسلوب الضرب المبرِّح.
- إرهاق الطفل بالواجبات المدرسية غير المستطاعة.
- وعليهم أن يكونوا قدوة حسنة لطلابهم، فإن الحسن عند الطفل ما حسَّنوه، وإن السيئ عنده ما ذموه.
- التعاون المثمر بين المدرسة والبيت لمصلحة الطفل.
ثم فوق كل هذا الدعاء بصلاح الأولاد.
والله المستعان.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 06-10-2025, 02:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (16)

مشكلة الغيرة (1)




كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد جرت -منذ مدة- وقعة إجرامية بشعة لا تصدق بمنطقة العامرية بمحافظة الإسكندرية؛ حيث أقدم ثلاث طالبات بالمرحلة الإعدادية على دس السم لزميلاتهن المتفوقات؛ لتعطيلهن عن دخول الامتحان؛ لكي لا يكون بالقرية متفوقات غيرهن! فقمن بشراء ثمان قطع جاتوه، ومادة شديدة السمية، ثم قمن بوضع السم في ثلاث قطع وعلَّمنها بعلامة؛ هكذا زين لهن الشيطان -لعنه الله-.
وفي اليوم التالي وهن راجعات من المدرسة، قدمن القطع السليمة لغير المقصودات، ثم قدمن للمقصودات القطع المسمومة؛ فتوفيت إحداهن في الحال، وأصيبت الثانية بفشل ُكلوي، وأمكن إسعاف الثالثة.
هذه الجريمة النكراء سببها الأكبر: الحقد والحسد الناتج عن الغيرة المذمومة، التي عُمقت في نفوسهن؛ نتاج تربية: فلانة أحسن منك، وفلانة متفوقة عنك، وإذا لم تتفوقي عليها؛ سيكون كذا وكذا من العقاب... وانظري فلانة تحتفل بها القرية لتفوقها؛ أي: المقارنة بالآخرين التي ولَّدت هذه الغيرة المذمومة التي تحولت إلى حسد وحقد أدى الى هذه الجريمة، وإنا لله وإنا إليه راجعون؛ لذلك ولغيره كان هذا المقال الذي يعالج الغيرة كمشكلة من مشكلات الطفولة، والتي يحتاج فيها المربون إلى معرفة الفارق الكبير بين الغيرة المحمودة والغيرة المذمومة، وكيف نعمّق المحمود، وكيف ننفر ونعالج المذموم، والله المستعان.
أولًا: تعريف الغيرة لغة واصطلاحًا:
يدور تعريف الغيرة في اللغة على معنيين: الأول: الحمية والأنفة، وغيرة الرجل على امرأته وحريمه، وكراهة مشاركة غيره في حقه.
يقال غار على امرأته: ثار من الحمية، وكره مشاركة غيره في حقه، وهي بذلك مأخوذة من مادة تدل على الصلاح والإصلاح. والثاني: الحزن لنعمة أصابت غيره. وأما اصطلاحًا على المعنى اللغوي الأول؛ فهي كراهة اشتراك الرجل غيره فيما هو من حقه؛ قاله الكفوي.
وذكر الرجل هنا على سبيل التمثيل، وإلا فالغيرة غريزة يشترك فيها الرجال والنساء، بل قد تكون في النساء أشد! فقد غارت عائشة -رضي الله عنها- على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والعرب تقول في أمثالها: "أغيرُ من الحُمَّى"؛ أي: أنها تلازم المحموم ملازمة الغيور لبعلها (لسان العرب، ومختار الصحاح).
وهذه من الغيرة المحمودة إذا كانت في الريبة، وهي صفة يحبها الله -تعالى- في عبده؛ لأنها من صفته على ما يليق بكماله، وغيرته -تعالى- أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (‌إِنَّ ‌اللهَ ‌يَغَارُ، ‌وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللهُ) (متفق عليه)، وهذه تحتاج إلى التربية الإيمانية التي تجنبه محارم الله -تعالى-، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (‌مِنَ ‌الْغَيْرَةِ ‌مَا ‌يُحِبُّ ‌اللَّهُ ‌وَمِنْهَا ‌مَا ‌يُبْغِضُ ‌اللَّهُ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).
فقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ)؛ أي: يغار الرجل إذا رأى من محارمه أو غيرهم فعلًا محرمًا، فينزعج من ذلك، ويمنعهم منه، (وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ): كأن يغار الرجل إذا رأى أمه تزوجت أو غير ذلك مما هو حلال، فينزعج من ذلك، ويريد منعه.
ومن فوائد الغيرة: صيانة الأعراض، وحفظ الحرمات؛ قال علي -رضي الله عنه-: "ما زنى غيور قط"؛ لأن الغيور لا يرضى لنفسه ما يأباه لغيره؛ تعظيمًا لشعائر الله وحفظ حدوده. والمؤمن الحق يغضب إذا انتهكت محارمه؛ لذلك فهو يعظم شعائر الله ويحفظ حدوده، ويسعى لنشر الفضيلة في المجتمع وتطهيره من الرذيلة، كما أنها دليل على قوة الإيمان ورسوخه في القلب، ومظهر من مظاهر الرجولة الحق.
وعليه؛ فيجب أن يُربَّى الطفل عليها باعتدال في موضعه، وأن تُعمق في نفسه؛ فيغار على نسائه أمه وأخته وسائر محارمه أن يراهن أحد من غير المحارم، وأن يقوم على حفظهن وصيانتهن عن التبذل؛ بالسعي في حاجياتهن، وأن يحفظ حرمات الآخرين وأعراضهم؛ ليحفظ الله عرضه، ومن ثَم تُحفظ الحرمات، ويُوقى المجتمع شر فتنة النساء.
ويجب أن يُجنب الغيرة المذمومة التي يبغضها الله تعالى، وهي الغيرة في غير الريبة، وهذه نتكلم عنها في المقال القادم.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 115.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 111.23 كيلو بايت... تم توفير 4.47 كيلو بايت...بمعدل (3.87%)]