يوميات فتيات مسلمات - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سُنّة: صلاة النوافل في البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ماذا أفعل لغزة ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لَفِي خُسْرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 103 - عددالزوار : 96697 )           »          (حلف الدم) الخيانة الدرزية في فلسطين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4962 - عددالزوار : 2067181 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4538 - عددالزوار : 1336138 )           »          في آخر الزمان تصبح السنة بدعة والبدعة سنة (اخر مشاركة : عبد العليم عثماني - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 606 - عددالزوار : 339565 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 08-09-2024, 08:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,008
الدولة : Egypt
افتراضي رد: يوميات فتيات مسلمات

يوميات فتيات مسلمات (11)

عثمان عطية محسب

من عظمة الإسلام أنه بثَّ روح الرحمة بين أبنائه حتى يرحم القويُّ الضعيفَ ويرحم الغنيُّ الفقيرَ، ومن باب الرحمة إخراج الزكاة طاعةً لله؛ مما يدل على صدق المزكِّي؛ لأن المال المحبوب لا يخرج إلا لمحبوب أكثر محبة، والمحب لمن يحب مطيع.

رنَّ جرس الباب، ذهبت سالي وفتحت الباب، دخل أبوها حاملًا حقيبة قائلًا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سالي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نوَّرت بيتك يا أبي.

الأب: منير بك يا حبيبتي، لقد رزقني الله مالًا وفيرًا هذا العام.

الأم: لا تنسَ إخراج زكاة هذا المال يا أبا سالي.

الأب: بإذن الله تعالى.

سالي: ما معنى إخراج الزكاة يا أمي؟

الأم: في البداية لا بُدَّ أن تعلمي معنى الزكاة؛ الزَّكاة في اللغة: النماء والزيادة.

والزَّكاة في الاصطلاح: هي التعبُّد لله تعالى، بإخراج جزءٍ واجبٍ شرعًا في مال مُعيَّن لطائفةٍ أو جهةٍ مخصوصة.

سالي: هل من الضرورة إخراج الزكاة يا أمي، ولماذا سُمِّيت بهذا الاسم؟

الأم: نعم إخراج الزكاة ضرورة، فالزكاة فريضة على كل مسلم، ملك نصابًا من مال بشروطه، فهي أحد أركان الإسلام الخمسة ومبانيه العظام، وقُرِنت بالصلاة في مواضع كثيرة في كتاب الله. وأخذها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بأخذها ممن تجب عليه، وتجب الزكاة على من توافر فيه شروط الإسلام والحرية والحول (مرور سنة هجرية)، وأن يكون المسلم مالكًا لنصاب الزكاة، قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103] وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 267] ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [المزمل: 20].

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان»؛ [متفق عليه]. وفرضت الزكاة في السنة الثانية للهجرة النبوية.

والذي يمنع الزكاة له عذاب أليم، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].

الأم: وللزكاة ثوابٌ عظيم، وفضائل جليلة، منها: أن في الزكاة إحسان إلى الخلق، وطهرة للمال من الدنس، وحصانة له من الآفات، وعبودية للربِّ سبحانه، وتطهير للنفوس من الشُّحِّ والبُخْل والطمع، ومواساة الفقراء، وسد حاجات المعوزين والمحرومين، وإقامة المصالح العامة التي تتوقَّف عليها حياة الأمة وسعادتها، وامتحان للغني؛ حيث يتقرب إلى الله بإخراج شيء من ماله المحبوب إليه، والزكاة علامة من علامات التقوى، وسبب من أسباب دخول الجنة، وتحقيق التكافل والتعاون والمحبة بين أفراد المجتمع.

وقد سمَّاها الله بالزكاة؛ لأنها تُزكِّي النفس والمال؛ فهي ليست غرامة ولا ضريبة تنقص المال وتضُرُّ صاحبه، بل هي على العكس تزيد المال نموًّا من حيث لا يشعر الناس، قال صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مالٌ من صَدَقة".

الأب: ولا تنسي يا أم سالي أن الزكاة لها آداب عدة، أهمُّها: الإخلاص لوجه الله تعالى، وأن تكون من كسب طيب حلال، والمبادرة بإخراجها، وتحرِّي المحتاجين بالزكاة، وتقديم ذوي الرَّحِم، واستصغار الزكاة.

سالي: وهل للزكاة أنواع يا أبي؟

الأب: الأموال التي تجب فيها الزكاة أربعة: الأثمان، وبهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، وعروض التجارة.

1- الأثمان (الذهب والفضة والأوراق المالية) فتجب الزكاة في الذهب (85 جرامًا): ربع العشر، وتجب الزكاة في الفضة (595 جرامًا): ربع العشر أيضًا. أما الأوراق المالية الحالية (الدولار، والجنيه، والريال، وغير ذلك) وكذلك السَّنَدَات (كالشِّيكَات والكِمْبِيالات وشهادات الاستثمار وغيرها) تقوَّم على أساس القيمة، فإذا بلغت نصاب أحد النقدَين وجبت فيها الزكاة، ومقدارُها ربع العشر إذا حال عليها الحول.

2- بهيمة الأنعام: (الإبل والبقر والغنم) إذا كانت سائمة ترعى في الكلأ المباح؛ فإذا بلغت النصاب (في الإبل خمس، وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أربعون) وحال عليها الحول تخرج زكاتها.

3- الخارج من الأرض: (الحبوب كلها، وكل ثمر يُكال ويُدَّخر؛ كتمر وزبيب) ويعتبر بلوغ النصاب ومقداره ثلاثمائة صاع نبوي؛ أي: ما يعادل (624) ستمائة وأربعة وعشرين كيلوجرامًا تقريبًا. ولا زكاة في الخَضْراوات والفواكه إلا إذا أُعِدَّت للتجارة، فيخرج من قيمتها ربع العشر إذا حال عليها الحول وبلغت النِّصاب.

4- عروض التجارة: (ما أُعِدَّ لبيع وشراء لأجل ربح من عقار وحيوان وطعام وشراب وآلات ونحوها) إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة، وتقوَّم بالأحظِّ للفقراء، ويخرج ربع العشر من كامل القيمة، ويجوز إخراج زكاة العروض ربع العشر من العروض نفسها.

الأب: بقي أن تعرفي مصارف الزكاة يا بُنيَّتي.

سالي: تفَضَّل يا أبي.

الأب: مصارف الزكاة؛ أي: أهل الزكاة الذين يجوز صرفها إليهم وهم ثمانية، وهم المذكورون في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]؛ وهم كالتالي:
1- الفقراء، وهم الذين لا يجدون بعض الكفاية.

2- المساكين: وهم الذين يجدون أكثر الكفاية أو نصفها.

3- العاملون عليها: وهم جُباتها وحُفَّاظها إذا لم يكن لهم راتب.

4- المُؤلَّفة قلوبهم: وهم رؤساء قومهم ممن يرجى إسلامه، أو كفُّ شرِّه أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره.

5- الرقاب: وهم الأرِقَّاء المكاتبون الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم.

6- الغارمون وهم نوعان: غارمون لإصلاح ذات البَيْن، وغارم لنفسه بأن تَحمَّل ديونًا ولم يكن عنده وفاء.

7- في سبيل الله: وهم الغُزاة المتطوِّعون الذين يجاهدون في سبيل الله والدعوة إلى الله وما يعين عليها ويدعم أعمالها.

8- ابن السبيل: وهو المسافر المنقطع به السفر وليس معه ما يوصله إلى بلده.

سالي: هناك زكاة يا أبي نخرجها في نهاية شهر رمضان لا أتذكَّرُ اسمها.

الأب: نعم يا ابنتي، إنها زكاة الفطر التي تُطهِّر نفس الصائم مما يكون قد علق بها من آثار اللغو والرفث، كما أنها تغني الفقراء والمساكين عن السؤال يوم العيد وإدخال السرور عليهم.

سالي: وما حكم زكاة الفطر وما مقدارها؟

الأب: زكاة الفطر واجبة على كل مسلم مُكلَّف بها سواء كان ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، حُرًّا أو عبدًا؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحُرِّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة"؛ متفق عليه. ويستحبُّ إخراجها عن الجنين في بطن أمه.

ومقدار زكاة الفطر صاع (الصاع أربعة أمداد؛ أي: ثلاثة كيلوات تقريبًا) وتخرج من غالب قوت أهل البلد، وتجب زكاة الفطر بحلول ليلة العيد؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وجائز إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين.

أمَّا إخراج القِيمة فلم يُجزئُه الأئمة الثلاثة: (مالك والشافِعِيُّ وأحمد) في زكاة الفِطْر، وأما أبو حنيفة فقد ذهب إلى جواز إخراج القيمة، والزكاة عبادة، لا تبْرَأ الذِّمَّة إلا بأدائها على الوجه المأمور به، والله أعلم.

الأم: لقد أفدتنا كثيرًا يا أبا سالي.

سالي: جزاك الله خيرًا يا أبي، وبارك فيك.

الأب: الحمد لله الذي أنْعَم علينا بنعمة الإسلام.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08-09-2024, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,008
الدولة : Egypt
افتراضي رد: يوميات فتيات مسلمات

يوميات فتيات مسلمات (12)

عثمان عطية محسب

اجتمع الأهل والأحباب في بيت أماني، يباركون ويُودِّعون جدَّها ليلة سفره لأداء مناسك الحج، وفي هذا الجمع الغفير السعيد دار بينهم حوار:
الجد: أشكر لكم قدومكم، جُزيتم خيرًا.
أبو سالي: هل راجعت مناسك الحج والعمرة جيدًا يا أبي؟
الجد: الحمد لله، ولكن لا مانع من المزيد.
الأب: لا أتقدم الكلام وإمام مسجدنا بيننا.
الإمام: أخجَلَنا تواضعُكم يا أبا سالي، وإن كان من تذكرة فلا بد أن نعلم أن الحج هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفُرِض في السنة التاسعة من الهجرة، والحج فرض بإجماع المسلمين، وهو فرض في العمر مرة على المستطيع، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97].

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان»؛ (متفق عليه). ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا حجة واحدة هي حجة الوداع، وكانت سنة عشر من الهجرة، واعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات.

الجد: وما المقصود بالحج والعمرة والحكمة من مشروعيتهما؟
إمام المسجد: يقصد بالحج في اللغة: القصد. وفي الشرع: التعبُّد لله بأداء المناسك في مكان مخصوص في وقت مخصوص على ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما العمرة في اللغة: الزيارة، وفي الشرع: أفعال مخصوصة مذكورة في مواضعها.

والحكمة في مشروعية الحج هي كما بيَّنها الله تعالى بقوله: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28] إلى قوله: ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]؛ فالمنفعة من الحج ترجع للعباد ولا ترجع إلى الله تعالى؛ لأنه ﴿ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]؛ فليس به حاجة إلى الحجاج كما يحتاج المخلوق إلى من يقصده ويُعظِّمه، بل العباد بحاجة إليه؛ فهم يقدمون إليه لحاجتهم إليه. والحكمة في تأخير فريضة الحج عن الصلاة والزكاة والصوم؛ لأن الصلاة عماد الدين، ولتكررها في اليوم والليلة خمس مرات، ثم الزكاة لكونها قرينة لها في كثير من المواضع، ثم الصوم لتكرره كل سنة.

وأما العمرة فواجبة في العمر مرة على قول كثير من العلماء؛ بدليل قوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وقوله صلى الله عليه وسلم لمَّا سئل: هل على النساء من جهاد؟ قال: «نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة»؛ رواه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح. وإذا ثبت وجوب العمرة على النساء فالرجال أوْلَى.

وقال صلى الله عليه وسلم للذي سأله، فقال: أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظَّعْن: «حجَّ عن أبيك واعتمر»؛ رواه الخمسة وصحَّحه الترمذي.

ومن الحكمة في الحج والعمرة، تطهير النفس من آثار الذنوب لتصبح أهلًا لكرامة الله تعالى في الدار الآخرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن حَجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومَ ولدَتْه أُمُّه»؛ (رواه البخاري).

وإِذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُ المسلم عَلَى الْحَجِّ بَدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ، وَيَقْضِي مَا أَمْكَنَهُ مِنْ دُيُونِهِ، وَيَرُدُّ الْوَدَائِعَ، وَيَسْتَحِل كُل مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ، وَيَكْتُبُ وَصِيَّتَهُ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا، وَيُوَكِّل مَنْ يَقْضِي عَنْهُ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ، وَيَتْرُكُ لأِهْلِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ نَفَقَتَهُمْ إِلَى حِينِ رُجُوعِهِ، وأَنْ يَجْتَهِدَ فِي إِرْضَاءِ وَالِدِيهِ، ولِيَحْرِصَ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ كَثِيرَةً وَحَلالًا، خَالِصَةً مِنَ الشُّبْهَةِ، والْحِرْصُ عَلَى صُحْبَةِ رَفِيقٍ مُوَافِقٍ صَالِحٍ يَعْرِفُ الْحَجَّ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَصْحَبَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِهِ.

الجد: وما شروط وجوب الحجِّ؟
إمام المسجد: يُشترط لوجوب الحج الشروط الآتية: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والاستطاعة (وجود الزاد والراحلة الصالحَين لمثله)، وكمال الحرية، وتزيد المرأة شرطًا سادسًا؛ وهو المَحْرَمُ، فإن حجَّت بدون مَحْرَم أثمت وحجُّها صحيح.

إمام المسجد: وللحج والعمرة أنواع وحالات، فهل يتذكَّرها أحد منكم؟
أبو أماني: نعم، فهناك العمرة المفردة: وهي في سائر أيام السنة، وأفضل العمرة ما كانت مع الحج أو في رمضان.

وهناك الحج المفرد: وهو أن ينوي حجًّا مفردًا مجردًا من العمرة.

وهناك القِرآن: وهو أن يحرم بالحج والعمرة معًا، وتتداخل أعمالهما فيكفي طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة.

وهناك التمتُّع: وهو أفضل الأنساك؛ حيث يُحرِم بالعمرة في أشْهُر الحج، فيسعى لها ويطوف ويتحَلَّل منها، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج من نفس العام ويأتي بأعمال الحج من طواف وسعي ووقوف وغير ذلك، وعليه هَدْي واجب للتمتُّع والقِرآن.

الجد: وما أركان الحج والعمرة يا ولدي؟

أبو أماني: للحجِّ أربعة أركان؛ وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، فلو سقط ركن بطل الحجُّ.

وللعمرة ثلاثة أركان، وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، فلا تتم إلا بها وتفصيل هذه الأركان على النحو التالي:
الركن الأول: الإحرام: وهو نية الدخول في أحد النُّسُكَين: الحج أو العمرة بعد التهيُّوء للإحرام والتجرُّد من المخيط. وللإحرام واجبات ثلاثة؛ وهي: الإحرام من الميقات، والتجرُّد من المخيط للرجال، والتلبية، وهي قول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، يقولها المحرم عند الشروع في الإحرام وهو بالميقات لم يتجاوزه، ويستحب تكرارُها ورفع الصوت بها من الرجال وتجديدها عند كل مناسبة من نزول أو ركوب أو إقامة صلاة أو فراغ منها، أو ملاقاة رفاق. وتقطع التلبية في العمرة إذا شرع في طوافها، وتقطع في الحج إذا شرع في رمي جمرة العقبة.

الركن الثاني: الطواف: وهو الدوران حول البيت سبعة أشواط، وله شروط سبعة:
النية عند الشروع فيه، والطهارة من الخبث والحدث، وستر العورة؛ إذ الطواف كالصلاة، وأن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد ولو بعُد من البيت، وأن يكون البيت على يسار الطائف، وأن يكون الطواف سبعة أشواط، وأن يوالي بين الأشواط فلا يفصل بينها لغير حاجة.

وللطواف سنن عدة: الرمل، وهو سنة للرجال القادرين دون النساء، والاضطباع؛ وهو كشف الضبع؛ أي: الكتف الأيمن، وللرجال دون النساء، وتقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف، وكذا استلام الركن اليماني، وقول: بسم الله والله أكبر، اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتِّباعًا لسُنَّة نبيِّك صلى الله عليه وسلم عند بدء الشوط الأول، والدعاء أثناء الطواف وهو غير محدد بل يدعو كل طائف بما يفتح الله عليه، غير أنه يُسَنُّ ختم كل شوط بقول: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، والدعاء بالملتزم عند الطواف من الفراغ؛ والملتزم هو المكان الذي بين باب البيت والحجر الأسود، وصلاة ركعتين بعد الفراغ من الطواف خلف مقام إبراهيم يقرأ فيهما بسورتَي الكافرون والإخلاص بعد الفاتحة، والشرب من ماء زمزم والتضلُّع منه بعد الفراغ من صلاة الركعتين، والرجوع لاستلام الحجر الأسود قبل الخروج إلى المسعى.

الركن الثالث: السعي: وهو المشي بين الصفا والمروة ذهابًا وإيابًا بنيَّة التعبُّد، وشروط السعي هي: النية، والترتيب، والموالاة بين أشواطه، وإكمال العدد سبعة أشواط، ووقوعه بعد طواف صحيح.

الجد: وما واجبات الحج والعمرة؟
أبو أماني: واجبات الحج سبعة: الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهارًا، والمبيت ليلة النحر بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل، والمبيت بمِنى في ليالي التشريق، ورمي الجمار مرتَّبًا، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع.

واجبات العمرة: واجباتها شيئان: الإحرام، والحلق أو التقصير.
والمرأة تلبس ما شاءت غير مُتبرِّجة، وتغطي رأسها، وتكشف وجهها ولا تغطيه إلا عند وجود رجال أجانب منها. وإذا حاضت المرأة المتمتِّعة قبل الطواف، وخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت قارنةً، والحائض والنفساء تفعل المناسك كلها غير الطواف بالبيت.

إمام المسجد: أحسنت يا أبا أماني، وعلينا أن نعرف مواقيت الحج وسُنَن الحج أيضًا.
المواقيت قسمان: زمانية: وهي أشْهُر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
ومكانية: وهي التي يحرم منها من أراد الحج أو العمرة، وهي خمسة: ذو الحليفة: (أهل المدينة) والجحفة: (أهل الشام ومصر)، ويلملم: (أهل اليمن)، وقرن المنازل: (أهل نجد والطائف)، وذات عرق: (أهل العراق وخراسان ووسط وشمال نجد).

وأما سنن الحج فهي كثيرة أهمها: الاغتسال عند الإحرام، والإحرام في إزار ورداء أبيض، والتلبية ورفع الصوت بها، والمبيت بمِنى ليلة عرفة، وتقبيل الحجر الأسود، والاضطباع (جعل الرداء تحت الإبط الأيمن في طواف القدوم أو العمرة)، والرمل (الإسراع في الأشواط الثلاثة الأُوَل من طواف القدوم أو العمرة)، وطواف القدوم للقارِن والمفرد.

ولا تنس يا أبانا أن تعلم وتعي لما ينبغي أن يفعله الحاجُّ خلال أيام الحج كُلٌّ حسب نسكه:
الإحرام من الميقات عقب صلاة، ويبين نوع النسك، والتلبية، ودخول مكة من أعلاها، والمسجد الحرام من باب السلام، والطواف، ثم يُصلِّي ركعتين خلف مقام إبراهيم، والسعي والحلق للرجل والتقصير للمرأة، ويوم التاسع يسير إلى عرفة، ثم بعد الغروب يبيت في مزدلفة، ويقف عند المشعر الحرام بعد صلاة الصبح ويكثر من الدعاء، ثم ينصرف إلى مِنى ويرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، ثم يذبح ثم يقصر، ثم طواف الإفاضة، وسعي الحج، ثم يبيت بمِنى ليالي التشريق ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، وهكذا في اليوم الثاني والثالث إن لم يتعَجَّل، وقبل المغادرة طواف الوداع.

وأخيرًا احرص على زيارة المدينة المنورة؛ ففضائلُها لا تُعَدُّ ولا تُحصى. ولتعلم أن أيام الحج أيام دعاء وقراءة القرآن فاستغلَّ وقتك فيما ينفع، واحذر الخوض في الجدال والكلام الباطل، قال تعالى: ﴿ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

أبو سالي والحضور: بارك الله فيك ولك يا شيخنا الفاضل ونفعنا بعلمك.
إمام المسجد: جزاكم الله خيرًا. كتب الله لنا ولكم حج بيته الحرام، آمين.

مراجع للاستزادة والاستفادة:
الملخص الفقهي: صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان.
رسالة في الفقه الميسر: صالح بن غانم بن عبدالله بن سليمان.
الفقه الميسر للطفل المسلم: محمود المصري.
حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه: محمد ناصر الدين الألباني.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.18 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]