مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131589 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-03-2012, 06:16 PM
الصورة الرمزية أمة_الله
أمة_الله أمة_الله غير متصل
هُـــدُوءُ رُوح ~
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: ღ تحت رحمة ربي ღ
الجنس :
المشاركات: 6,445
افتراضي رد: مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية

جزاك الله خيرا ،،، وبارك الله فيك أختي العزيزة
__________________

()

{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
[الأعراف: 156]


اللَّهُمَّ مَغْفِرَتِكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَرَحْمَتَكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-03-2012, 01:52 AM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية

وفيك بارك الله أختي الغالية

جزاكِ الله خيرا أختي لمرورك الكريم ومتابعتك الطيبة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-03-2012, 01:52 AM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية



أساليب المشركين في مواجهة الدعوة دروس وعبر


أجمع المشركون على محاربة الدعوة التي كشفت واقعهم الجاهلي، وعابت آلهتهم ومعتقداتهم، فاتخذوا
العديد من الوسائل والمحاولات لإيقافها والقضاء عليها، أو تحجيمها وتقليل مجال انتشارها،
ومع كثرة هذه الوسائل وتنوعها، إلا أن جميعها باءت بالفشل، لأن صوت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
كان أقوى من أصواتهم، ووسائله في التبليغ كانت أبلغ من وسائلهم، وثباته على دينه ودعوته، كان أعلى
بكثير مما كان يتوقعه أعداؤه، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يجلس في بيته، ليحمى نفسه من المشركين
، بل كان يدعو أهل مكة للإسلام مع شدة ما يلاقيه منهم، ويخرج للوفود القادمة إلى مكة يدعوها إلى الله،
ولذلك تعددت وتنوعت أساليب المشركين في مواجهة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودعوته ،



ومن هذه الأساليب
:
*السخرية والاستهزاء والتكذيب

وقصدوا بذلك تشكيك المسلمين، وإضعاف قواهم المعنوية، فرموا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بتهم كثيرة، فكانوا ينادونه بالمجنون، ويصفونه بالسحر والكذب، ويتعرضون له ولأصحابه بالسخرية والاستهزاء،
قال تعالى: { وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } (الحجر:6)،
وقال: { وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } (ص:4) ..

ولم تقتصر وسائل المشركين على السخرية والتكذيب والاستهزاء، بل تعدت ذلك إلى الإيذاء البدني للنبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، فأهل الباطل لا يستسلمون أمام الحق بسهولة، فكلما أخفقت لهم وسيلة
من وسائل محاربة الحق، ومحاولة القضاء عليه، انتقلوا إلى وسائل أخرى،
وهكذا يستمر الصراع، حتى يتحقق وعد الله، وينتصر رسل الله والمؤمنون،
قال تعالى: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } (غافر:51)
.. وقال تعالى:{ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } (الروم: من الآية47).

لم تفلح هذه الوسيلة، فانتقلوا إلى وسيلة أخرى، ـ بلغة العصر أكثر دبلوماسية ـ وهي المساومة،
فعرضوا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عروضا لعله يرجع عما هو فيه،
أو يتنازل عن بعض الحق الذي يدعوا إليه، فعرضوا عليه المال والشرف والملك ..
تحتاج إلى وقفة تأمل وتدبر، لنستلهم منها بعض الدروس والعبر وهي كثيرة، منها :



*صبر النبي صلى الله عليه وسلم

لقد واجه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأذى والمحن الكثير في مواقف متعددة،
وكان ذلك على قدر الرسالة التي حملها، ولذلك استحق المقام المحمود، والمنزلة الرفيعة عند ربه،
وقد صبر على ما أصابه، إشفاقًا على قومه أن يصيبهم مثل ما أصاب الأمم الماضية من العذاب،
وليكون قدوة للدعاة في كل زمان ومكان، فإذا كان الإيذاء قد نال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ،
فلم يعد هناك أحد لكرامته أو علو منزلته أكبر من الابتلاء والمحن، وتلك سنة الله مع الأنبياء والمؤمنين ..

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه ـ قال: ( قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال ـ
صلى الله عليه وسلم ـ : الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه،
فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي حسب دينه، فما يبرح
البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ) ( ابن ماجه ) ..

فلا ينبغي للمسلم أن يضعف إذا ما عانى شيئا من المشقة والابتلاء، في طريق سيره ودعوته إلى الله
، فقد سبقه في ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وليعلم أنه كلما اشتد الظلام أوْشك طلوع الفجر،
وكلما ازدادت المحن والابتلاءات، قرب مجيء النصر، قال الله تعالى :
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا
حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } (البقرة:214).



*الثبات أمام الإغراءات والمساومات

حينما عرض المشركون عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ المال والشرف والملك، لعله يرجع عن الدين الذي جاء به
، أو يتنازل عن بعض الحق الذي يدعو إليه، ثبت ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنه جبل أشم،
أمام هذه الإغراءات والمساومات، ولم يناقشها، بل قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وضوح وحسم وثبات ـ
كما ذكر ابن هشام في سيرته ـ : ( ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم،
ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم
رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه
علي أصبر لأمر الله، حتى يحكم الله بيني وبينكم )..

فهذا درسا تربويا للصحابة، تعلموا منه الثبات على العقيدة، والتمسك بالمبادئ، وعدم التفكير في المغريات
التي تعرض عليهم لصرفهم عن دينهم ودعوتهم .. ومن ثم لم تفلح وسائل المشركين في إضعافهم،
فإن أحدا منهم لم يرتد عن الدين الذي شرفه الله به، بل ازدادوا ثباتا وتمسكا وعزة،
لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رباهم على التمسك بدينهم، والصبر على الإيذاء،
والتفاؤل وعدم تعجل النتائج، وهذا درس آخر.



*التفاؤل وعدم اليأس والعجلة

ظهر ذلك واضحا في قصة خباب بن الأرت ـ رضي الله عنه ـ، عندما جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقال له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا ؟، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين
، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير
الراكب من صنعاء إلى حضرموت، فلا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون ) ( البخاري ) ..

ـ كان الرسول يربي أصحابه على الصبر والثبات، والتفاؤل وعدم اليأس، والتأسي في ذلك بالأنبياء والمرسلين،
والتعلق بما أعده الله للمؤمنين الصابرين في الجنة، والتطلع للمستقبل الذي ينصر الله فيه الإسلام
، وهذا من الدروس الهامة في التربية، وفي مواجهة أساليب المشركين في الصد عن سبيل الله،
ومحاربة الدعوة إلى الله، حتى تكون القلوب متفائلة ولا يتسرب اليأس إليها
، فاليأس قاتل للرجال وهازم للأبطال ..

المبشرات التي كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يزفها لأصحابه بين آونة وأخرى، يؤكد لهم ولنا من بعدهم
، أن المستقبل للإسلام، ويشحذ همم المسلمين، ويقتلع القنوط من قلوب القانطين،
فمن ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر
ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر ) ( أحمد ).

وسُئِل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أي المدينتين تفتح أولا، أقسطنطينية أو رومية؟، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ
: مدينة هرقل تفتح أولا )( أحمد ) يعني القسطنطينية ..



التطبيق :

* معرفة أساليب المشركين في مواجهة الدعوة

ثم الصبر كما صبر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه

*الثبات أمام الإغراءات والمساومات

*التفاؤل وعدم اليأس والعجلة



إن الصراع بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، قصته واحدة، وإن اختلفت صوره وأساليبه على حسب الزمان والمكان،
لكن العاقبة للمتقين، فما أحوج أمتنا في ظل هذا الواقع الذي تعيشه، أن تقف مع سيرة نبيها ـ
صلى الله عليه وسلم ـ، لتعيش دروسها ومعانيها واقعا عمليا في حياتها..
نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة عزها ومجدها ..


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-03-2012, 12:46 AM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية





فيك جاهليّة

عن المعرور بن سويد قال : "رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه بُردٌ وعلى غلامه بُرد، فقلت:
لو أخذتَ هذا فلبسته كانت حلّة، وأعطيته ثوباً آخر، فقال: كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه
أعجمية فنلت منها، فذكرني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: ( أساببت فلاناً؟ ) ،
قلت: نعم قال: ( أفنلت من أمه؟ ) ، قلت: نعم، قال: ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ، قلت:
على حين ساعتي هذه من كبر السن ؟، قال: ( نعم، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم،
فمن جعل الله أخاه تحت يده فليُطعمه مما يأكل، وليُلبسه مما يلبس، ولا يكلّفه من العمل ما يغلبه،
فإن كلفه ما يغلبه فليُعِنْه عليه ) "متفق عليه واللفظ للبخاري .

وفي رواية مسلم : "فشكاني إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- فلقيت النبى -صلى الله عليه وسلم-
فقال: (يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية) ، قلت: يا رسول الله، من سبّ الرجال سبّوا أباه وأمه، قال:
(يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية) ".

وفي رواية أبي داوود :
(إنهم إخوانكم فضّلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم فبيعوه ولا تعذّبوا خلق الله) .



معاني المفردات

بُرد: هو كساء مربع مخطط

حلّة: الحلة هي ثوبان من جنس واحد يلبسان معاّ.

أعجمية: حبشية من غير العرب.

نلت منها: أي ذمّها.

فعيّرته بأمّه: عاب عليه بسبب أمه لكونها سوداء.

فيك جاهلية: أي خصلة من خصال الجاهلية وهي التفاخر بالآباء.

على حين ساعتي هذه من كبر السن: يعني بعد هذا العمر الطويل الذي قضاه في الإسلام؟

خَوَلكم : الخول : أتباع الرجل، وهو اسم يقع على العبد .

تحت أيديكم: أي تحت سلطتكم.

ما يغلبهم: ما يعجزون عن القيام به

يلائمكم : يناسبكم؟



تفاصيل الموقف

في بادية من البوادي التي تحيط بالمدينة، عاش شيخٌ وقور كانت له قدم صدقٍ عند ربّه،
وقد كان من أوائل الذين التحقوا بقوافل المؤمنين والرسالة المحمّدية، ومن النوادر الذين بدؤوا
صفحات حياتهم بالمواجهة والتحدّي والمصادمة مع أعداء الملّة وطواغيت الكفر، فأصابه لأجل ذلك
أذىً كثيراً، وما زاده البلاء إلا استمساكاً بدين الله وإقبالاً على تعاليمه، كما أن إسلامه
كان فاتحة خيرٍ على عشيرته الذين تابعوه على دينه.

ذلك هو الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، شريفٌ من أشراف قومه،
وصاحب القلب الحيّ والنفس الأبيّة والشعور المرهف، والذي كان يرى في نفسه رابع
أربعةٍ دخلوا الإسلام، وإن كان قد ثبت إسلامُ نفرٍ قبله ومنهم آل النبي –صلى الله عليه وسلم-
إلا أن ذلك يعني أنّه من الرعيل الأوّل في الإسلام.

وعندما تُوفّي النبي –صلى الله عليه وسلم- قرّر ابو ذر رضي الله عنه أن يستقرّ في موضعٍ يُقال له
:"الربذة"، فرآه يوماً المعرور بن سويد وعليه حلّة جميلة، إلا أنّه اقتسمها مع غلامه الذي يرافقه
بحيث ائتزر أحدهما بالنصف الأوّل وارتدى الآخر نصفها الثاني، فاحتار المعرور من هذه القسمة الغريبة،
وتعجّب كيف لم يقم أبو ذر رضي الله عنه بارتداء كلا القطعتين لتصبحا حلّةً كاملة عليه،
ثم يُعطي الغلام ثوباً آخر!!،
ونقل تساؤله إلى صحابيّ رسول الله ليقف على الحقيقة ويطّلع على الحكمة من هذا التصرّف.



لكنّ كلام المعرور أثار ذكرياتٍ قديمة ما كان لأبي ذر رضي الله عنه أن ينساها، وأنّى له ذلك وقد نال
من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عتاباً بلغ من نفسه مبلغاً كبيراً، وأحدث في حياته نقطة تحوّل
في منهج التعامل مع الضعفاء، فمضى أبو ذرّ يشرح لصاحبه وقائع تلك الذكريات.

كان ذلك فيما مضى، إذ كان لأبي ذر رضي الله عنه عبدٌ مملوك، وحصل أن دار بينهما خلافٌ حول مسألةٍ ما،
وتطوّر الخلاف إلى تلاسن بالقول وتراشقٍ بالألفاظ، فعيّر أبو ذر رضي الله عنه الرجل بأمّه الأعجمية فقال:
"يا ابن السوداء"، فغضب العبد من هذه المقولة لما انطوت عليه من استنقاصٍ وتعريضٍ به،
فانطلق إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يشكو إليه قول أبي ذر رضي الله عنه.

وعندما استمع النبي –صلى الله عليه وسلم- شكاية العبد تمعّر وجهه غضباً، وقال لأبي ذر رضي الله عنه:
( أساببت فلاناً؟، أفنلت من أمه؟) ، فاعتذر قائلاً: "يا رسول الله، من سبّ الرجال سبّوا أباه وأمه"
، لكنّ اعتذاراً كهذا لا يمكن القبول به في ميزان الشرع، بل هو ضربٌ من ضروب العصبيّات الجاهليّة
التي جاء الإسلام لاجتثاثها، فقال له عليه الصلاة والسلام: (يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية) ".



استعظم أبو ذر رضي الله عنه أن يتبقّى فيه من رواسب الجاهليّة شيء، وهو الذي ظلّ يُفاخر الناس بإسلامه مبكّراً،
واستاء أن يتسلّل إليه ذلك الخلق دون انتباهه، فقال رضي الله عنه: "على حين ساعتي هذه من كبر السن ؟"
، فجاءه الجواب: (نعم) ثم تطرّق النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى قيمٍ أخلاقيّة ومُثُلٍ عالية لم يحظ بمثلها الضعفاء
على مرّ العصور: ( إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليُطعمه مما يأكل، وليُلبسه
مما يلبس، ولا يكلّفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليُعِنْه عليه ) .

وبعد أن انتهى أبو ذر رضي الله عنه من سرد الموقف أدرك المعرور سبب اقتسامه للحلّة بينه وبين غلامه،
إنه الإحسان إلى من جعله الله تحت يديه وسخّره لخدمته وتحقيق رغباته، ومنذ ذلك اليوم والألسنة تتناقل
هذه القصّة لتبقى شاهداً على عظمة الإسلام وأهله.



إضاءات حول الموقف

لم يحذّر النبي –صلى الله عليه وسلم- من شيء تحذيره من الجاهليّة وأخلاقها، وقيمها ومبادئها،
حتى إنه عليه الصلاة والسلام جعل لهذه القضيّة نصيباً من خطبته يوم عرفة حيث قال:
( ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع) رواه مسلم .

ومن صور الجاهليّة التي يقع فيها الناس بين الحين والآخر: التنقيص بالآباء والأمهات؛ ذلك أن
مثل هذه المعايير المبنيّة على المفاخرة الكاذبة والنظرة الدونيّة للآخرين تتنافى مع الإيمان بوحدة الناس
من جهة النسب بأبينا آدم وأمّنا حوّاء عليهما السلام، قال سبحانه وتعالى:
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء}
(النساء:1)، والشرف كلّ الشرف إنما هو في تقوى الله عز وجل والالتزام بشريعته الغرّاء بعيداً عن القيم
الأرضيّة والفوارق التي يذكرها الناس من النسب أو اللون أو الجاه ونحو ذلك، بل الكل يُقيّم بحسب
الميزان الإلهيّ الأوحد، قال تعالى: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (الحجرات:13).



التطبيق 1 )

احذري اُُخيه من التفاخر والنظرة الدونية للناس

وفي الموقف النبويّ الوصيّة بالضعفاء والتنبيه على حقوقهم، فهم "إخوة" قبل أن يكونوا خدماً، وقد سخّرهم
الله لأسيادهم، فكان لهم الحق في المطعم الذي يُناسبهم والملبس الذي يلائم حالهم، مع عدم تكليفهم بالأعمال
الشاقة التي تفوق قدراتهم وملكاتهم فيعجزون عن القيام بها، وإن كان لابد من تكليفهم بمثل هذه الأعمال فلابد
من إعانتهم عليها، وإن لم يحصل التوافق والانسجام بين السيّد والعبد ولم تصل كفاءة العمل إلى المستوى
المطلوب فالحلّ يكون في بيع العبد والبحث عن غيره، لا أن يُعذّب بأعمالٍ لا يطيقها.



التطبيق 2 )

حقوق العباد والحرص عللى آدائها وعدم إذاء المسلم بالقول أوالفعل

والعجب من موقف أبي ذرٍّ رضي الله عنه من هذه الوصيّة، فعلى الرغم من أنها كانت تدعو إلى مجرّد
المواساة لا المساواة، إلا أن أبا ذرّ أصرّ على أن يُعامل مماليكه وخدمه بالأكمل والأفضل،
فالتزم المساواة بينه وبينهم، ولم ذلك في موقفٍ عابرٍ أو حالةٍ استثنائيّة،
ولكن سلوكاً راسخاً ظلّ يطبّقه طيلة حياته.

وفي الحديث جملة أخرى من الفوائد، منها:

تحريم أذيّة المسلم بالقول أوالفعل،
والنهي عن التنابز بالألقاب كما جاء في الآية الكريمة، وبيان قرب النبي –صلى الله عليه وسلم-
من جميع طبقات المجتمع، بحيث يستطيع الجميع أن يحادثه ويشتكي إليه ويُناجيه،
وحرصه عليه الصلاة والسلام على وحدة الصفّ الإسلامي،
ووضوح سرعة استجابة الصحابة للأوامر الشرعيّة

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21-04-2012, 02:11 AM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية

أصلهم ويقطعوني



عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني،

وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلمُ عنهم ويجهلون علي.

فقال: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك )

رواه مسلم .




معاني المفردات


تسفّهم: تطعمهم.


المَلّ : الرماد الحار الذى يُحمى ليدفن فيه الطعام فينضج، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحقهم

من الأذى بأكل الرماد الحارّ.


الظهير : الناصر والمعين .




تفاصيل الموقف


للظلم مذاقه العلقميّ الذي لا تستسيغه النفوس، ولا تُطيقه القلوب، فهو الموقد لنيران الحسرة،

المُكدّر لصفو الحياة وصفائها

، المستجلب للهموم والمستدرّ للأحزان.


ولئن كان وقعُ الظلم على النفوس بمثل هذه المثابة، فإنّ أقذعه وأشنعه، وأعمقه جرحاً وأشدّه إيلاماً،

ما كان صادراً من قرابة الإنسان ورَحِمه؛

ذلك لأنّ المتصوّر من الأقربين نسباً توافر أسباب الرحمة وأواصر اللُحْمة،

بما يكون سبباً في تماسك بنائهم الأسريّ ليبقى حصناً يحمي من عاديات الزمان وحوادث الزمان.


أما أن تأتي الإساءة وتنطلق الأذيّة ممن تربطك بهم وشائج الأخوّة والدمّ، فأعظِمْ به

من ظلم، وأعظِمْ بها من إساءة، على حدّ قول الشاعر:


وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على النفس من وقع الحسام المهنّد




وكان من الذين اكتووا بهذه النيران،

أحد صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-، ما توقّفت قرابته عن الإساءة إليه قولاً وفعلاً، بدءاً بالهجران والقطيعة

، ومروراً بالهمزِ واللمز، وانتهاءً بالسخرية والتطاول.


وحاول الصحابيّ رضي الله عنه أن يحتمل هذه التصرّفات، وأن يتذرّع بالحلِم والصبر،

لعلمه بأن عشيرته مهما أساؤوا إليه سيظلّون جناحه الذي به يُحلّق، ولسانه الذي به ينطق،

ويده التي بها يُنافح، لكنّهم لم يقدّروا هذا السموّ الخُلقيّ والرفعة الإنسانيّة فلا كرامةَ ولا احترام،

بل زادوا عتوّاً ونفوراً، وطغياناً وظلماً، وعندها قرّر أن يلملم جراحاته ويشتكي للنبي

صلى الله عليه وسلم- ما يجده من قرابته.


وأمام النبي –صلى الله عليه وسلّم- ألقى إليه مظلِمَته بكلماتٍ تقطرُ ألماً وحسرةً:

" يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلَهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي،

وأحلم عنهم ويجهلون علي"

وكأنّه يقول بلسان حاله: "فبماذا تأمرني يا رسول الله؟".




وجاءت الإجابة من النبي –صلى الله عليه وسلم- بعيداً عن المتوقّع، فلم يبيّن الوعيد في حقّ أولئك

، ولم يوجهه إلى المعاملة بالمثل –

وهذا من حقّ السائل- ، ولكنّه أرشده إلى ما تقتضيه معالي الأخلاق من الاستمرار على صلتهم

والتواصل معهم مهما فعلوا، مبيّناً له حاله وحالهم في مثلٍ رائع، مبشّراً في الوقت ذاته بمعونة

الله سبحانه وتعالى ونصره له، قال عليه الصلاة والسلام : ( لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم الملّ،

ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك ) .


وهذا والله هو محض الكرم ولُباب العقل، فعفوٌ يتلوه عفو، وحلمٌ يقابل إساءة،

وتغافلٌ عن زلّة، وتأويل لهفوة،

وتتابع من هذه المواقف الكريمة، والخصال الكريمة، والأعمال الجليلة،

ستذيب جبل الجليد مهما طال الزمن،

وإن لم يكن ما يريد فهو نهر الأجور الجاري، والثناء العطر من الخلق،

والمكانة العظيمة من النفوس، ورضى الله سبحانه فوق ذلك كلّه.




إضاءات حول الموقف


يشير الموقف النبويّ إلى أهمّية صلة الرحم ومكانتها بين مكارم الأخلاق،

ولولا فضلها وعظيم منزلتها ما أرشد النبي –صلى الله عليه وسلم- صاحب القصّة إلى احتمال الأذى

في سبيل تحقيق هذه الشعبة من شعب الإيمان، والتي جاء ذكرها في قول الله تعالى

{ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} (النساء:1)،

وجاء التحذير من ضدّها في قول الحقّ تبارك وتعالى: { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا

في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}

(محمد 22- 23)

وقوله تعالى: { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل

ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} (الرعد:25).


وصلة الرحم ورد الحثّ عليها في عددٍ ليس بالقليل من الأحاديث النبويّة الصحيحة،

تبيّن أنها سببٌ في طول العمر ومباركة الرزق، وأنّ الله تعالى قد تكفّل للرحم بأن يصل

من وصلها ويقطع من قطعها، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- :

( إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة،

قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى يا رب قال: فهو لك)

متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: (من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره -

أي يؤخر له في أجله وعمره- فليصل رحمه) متفق عليه، وفي التحذير من القطيعة قال عليه الصلاة والسلام

: ( لا يدخل الجنة قاطع رحم) متفق عليه.



بل قد صحّ في السنّة ما يحثّ على صلة الأرحام غير الأوفياء، وهو ما يُطابق المعنى الذي جاء به

الموقف الذي بين أيدينا، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل هو الذى إذا قطعت رحمه وصلها) رواه أبو داود .


وبل قد صحّ في السنّة ما يحثّ على صلة الأرحام غير الأوفياء،

وهو ما يُطابق المعنى الذي جاء به الموقف الذي بين أيدينا، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل هو الذى إذا قطعت رحمه وصلها) رواه أبو داود .




التطبيق ..


إخوتي احسنوا لمن أسائوا إليكم واتصفوا بالحلم والصبر

ولاتقطعوا الرحم وان قطعوكم صلوا رحمكم ..

فكما ذكر في الحديث "أن الواصل هو الذي قطعت رحمه وصلها"

وبين رسولنا صلى الله عليه وسلم حسن ثواب من وصل رحمه من بسط في رزقه وطول في العمر

وبالمقابل وعيد وعقاب لمن قطع رحمة بعدم دخول الجنة والعياذ بالله..


فاحرصوا كل الحرص على وصل أقربائكم ,رعاكم الله ..





ومما يستوقفنا في أصل القصّة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يُعلّم صحابته الرُقيّ والإحسان

في أمورهم كلّها، فلئن كان العدل يقتضي من المظلوم أن يُعامل من ظلمه بالمثل،

أو أن يهجرهم تجنّباً لسهامه المؤذية، ونباله الجارحة، فأين الصبر وأين الحلم؟

وأين العفو وأين المسامحة؟ وأين المودّة وأين الرحمة؟

بهذا فقط تُنال طمأنينة النفس وراحة البال، وما أحسن قول


المقنع الكندي :


وإن الذي بيـني وبيـن بني أبي ..... وبين بني عمي لمختلف جدا


أراهم إلى نصـري بطـاءً وإن ...... هم دعوني إلى نصر أتيتهم شدا


إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ...... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24-04-2012, 09:36 AM
اسدالغابة اسدالغابة غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
مكان الإقامة: العراق
الجنس :
المشاركات: 587
الدولة : Iraq
افتراضي رد: مواقف نبوية ،وتطبيقات حياتية

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 126.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.99 كيلو بايت... تم توفير 4.04 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]