|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() جزانا الله وإياكِ خير الجزاء أخيتي عطرتي الصفحة بمروركِ اللهم صل عل محمد وعلى آله وصحبه وسلم سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ممداد كلماته
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
![]() الرقيـــب جلَّ جلاله مراقبة الله تعالى لخلقه مراقبة عن استعلاء وفوقية، وقدرة وصمدية، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، ملك له الملك كله، وله الحمد كله، وإليه يُرجع الأمر كله .. تصريف الأمور كلها بيديه، ومصدرها منه ومردها إليه، سبحـــانه مستو على عرشه لا تخفى عليه خافية، عالمٌ بما في نفوس عباده مطلع على السر والعلانية، يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويقدر ويقضي، ويدبر أمور مملكته، فمراقبته لخلقه مراقبة حفظٍ دائمة، وهيمنةٍ كاملة، وعلم وإحاطة .. المعنى اللغوي الرقيب في اللغة: فعيل بمعنى فاعل وهو الموصوف بالمراقبة، والرقابة تأتي بمعنى الحفظ والحراسة والانتظار مع الحذر والترقب. عن ابن عمر ![]() ![]() ![]() فالرقيب الموكل بحفظ الشيء المترصد له المتحرز عن الغفلة فيه، ورقيب القوم حارسهم، وهو الذي يشرف على مرقبة ليحرسهم، ورقيب الجيش طليعتهم، والرقيب الأمين .. وراقب الله تعالى في أمره، أي: خافه. ![]() ورود الاسم في القرآن الكريم ورد اسم الله الرقيب في القرآن ثلاث مرات: في قوله تعالى {.. وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117]، وقوله تبارك وتعالى {.. إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، وقوله {.. وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} [الأحزاب: 52] ![]() معنى الاسم في حق الله تعالى الرقيب سبحانه هو المطلع على خلقه يعلم كل صغيرة وكبيرة في ملكه، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .. قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [المجادلة:7]، وقال الله ![]() فبما ينبض قلبك؟ هل ينبض ب"لا إله إلا الله" أم قد زاغ مع سبل الشيطان؟! والله سبحانه رقيب راصد لأعمال العباد وكسبهم، عليم بالخواطر التي تدب في قلوبهم، يرى كل حركة أو سكنة في أبدانهم، ووكل ملائكته بكتابة أعمالهم وإحصاء حسناتهم وسيئاتهم، قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [الانفطار: 10,12]، فالملائكة تسجيل أفعال الجنان والأبدان، وقال تعالى عن تسجيلهم لقول القلب وقول اللسان: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 16,18]، وهو ![]() قال الحليمي: "الرقيب: هو الذي لا يغفل عما خلق فيلحقه نقصٌ، أو يدخل خلل من قِبَلِ غفلته عنه" [المنهاج (1:206)] قال ابن الحصار "الرقيب: المراعي أحوال المرقوب، الحافظ له جملة وتفصيلاً، المحصي لجميع أحواله" [الكتاب الأسنى (375 ب)] وقال الزجاج "الرقيــب: هو الحافظ الذي لا يغيب عمَّا يحفظه" [تفسير الأسماء (51)] قال السعدي "الرقيب: المطلع على ما أكنته الصدور، القائم على كل نفسٍ بما كسبت، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير" [تيسير الكريم الرحمن (1:947)] يقول ابن القيم في النونية: وَهْوَ الرَّقِيبُ عَلَى الخَوَاطِرِ واللَّوَا ... حِظِ كَيْفَ بالأَفْعَالِ بالأَرْكَانِ [القصيدة النونية (244)] ![]() حظ المؤمن من اسم الله الرقيب أولاً: مراقبة الله تعالى في سره وعلانيته .. ما معنى المراقبة؟ يقول ابن القيم "المراقبة: دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق ![]() ![]() فإذا تيَّقن العبد من نظر الله تعالى إليه، تتولد لديه مراقبة لله في جميع أحواله مما يجعله يرتقي درجة عظيمة من درجات الإيمان ألا وهي درجة الإحســـان. فأول المراقبة:: علم القلب بقرب الربِّ .. قال الحارث المحاسبي: "أوائل المراقبة: علم القلب بقرب الرب ![]() ![]() والمراقبة درجـــــات يقول الإمام الغزالي "أعلم أن حقيقة المراقبة هي ملاحظة الرقيب وانصراف الهمم إليه، فمن احترز من أمر من الأمور بسبب غيره يقال: أنه يراقب فلانًا ويراعى جانبه، ويعنى بهذه المراقبة حالة للقلب يثمرها نوعٌ من المعرفة وتثمر تلك الحالة أعمالا في الجوارح وفي القلب .. أما الحالة: فهي مراعاة القلب للرقيب واشتغاله به والتفاته إليه وملاحظتهإياه وانصرافه إليه وأما المعرفة: التي تثمر هذه الحالة فهو العلم بأن الله مطلع على الضمائر عالم بالسرائر، رقيب على أعمال العباد، قائم على كل نفس بما كسبت وأن سر القلب في حقه مكشوف كما أن ظاهر البشرة للخلق مكشوف بل أشد من ذلك. فهذه المعرفة إذا صارت يقينًا، أعنى أنها خلت عن الشك ثم استولت بعد ذلك على القلب فقهرته. فرُبَّ علمٍ لا شك فيه لا يغلب على القلب، كالعلم بالموت .. فإذا استولت على القلب، استجرت القلب إلى مراعاة جانب الرقيب وصرفت همه إليه والموقنون بهذه المعرفة هم المقربون وهم ينقسمون إلى الصديقين وإلى أصحاب اليمين" [إحياء علوم الدين (4:398)] والمراقبة لمن وحد الله في اسمه الرقيب على نوعين: النوع الأول: مراقبة العبد لربِّه بالمحافظة على حدوده وشرعه واتباعه لسُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم .. فعلى العبد أن يسعى لتحقيق أركان القبول في جميع أعماله، وهي: 1) الإخلاص ..فإن كان يقوم بأعمال بر ظاهرة، عليه أن يقوم بأعمال خفية عن الناس في المقابل؛ لكي يُحقق معنى الإخلاص .. قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل" [صحيح الجامع (6018)] 2) المتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .. بأن يتحرى السُّنَّة في عمله. فيوقن بأن الله معه من فوق عرشه يتابعه يراه ويسمعه، كما ورد من حديث عبد الله بن عباس ![]() والنوع الثاني: إيمان العبد بمراقبة الله لعباده وحفظه لهم وإحصائه لكسبهم .. عن أبي هريرة ![]() فيستشعر العبد أن الله تعالى ناظرٌ إليه حال عمله، ويرى خطارات قلبه وظاهر عمله،، ![]() نموذج تطبيقي للمراقبة:: إذا فرغ العبد من فريضة الصبح، ينبغي أن يفرِّغ قلبه ساعة لمشارطة نفسه .. فيقول للنفس: ما لى بضاعة إلا العمر، فإذا فني منى رأس المال وقع اليأس من التجارة، وطلب الربح، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله فيه، وأخرَّ أجلي، وأنعمَّ عليَّ به، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا حتى أعمل فيه صالحاً .. هل تحب أن تلقى الله ![]() إن كنت تريد أن تكون أفضل مما أنت عليه الآن، لِمَ لا تتحرك وقد أمهلك الله تعالى وأمدَّ في عمرك؟! فقل لنفسك: احسبي يا نفس أنك قد توفيتِ ثمَّ رددتِ، فإياكِ أن تضيعي هذا اليوم. وينبغى أن يراقب الإنسان نفسه قبل العمل وفى العمل ..هل حركه عليه هوى النفس أو المحرك له هو الله تعالى خاصة ؟ فإن كان الله تعالى، أمضاه وإلا تركه، وهذا هو الإخلاص . قال الحسن "رحم الله عبداً وقف عند همه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخر" .. فهذه مراقبة العبد في الطاعة وهو:: أن يكون مخلصاً فيها. أما مراقبته في المعصية تكون:: بالتوبة والندم والإقلاع ..فكلما ورد الذنب على خاطره، يستعيذ بالله منه ويبعث على وجل قلبه .. فيكون دائمًا أبدًا مُنيـــب إلى ربِّ العالمين، كثيــر الرجوع إليه. ومراقبته في المباح تكون:: بمراعاة الأدب، والشكر على النعم ..فإنه لا يخلو من نعمة لابد له من الشكر عليها، ولا يخلو من بلية لابد من الصبر عليها، وكل ذلك من المراقبة .. والتوسع في المباحات يبعث على الذنب لا محالة؛ لأن النفس تطغى بذلك وهي لا تأمر بخيرٍ أبدًا. ثم تأتي مرحلة المراقبة بعد العمل .. وهي أن يكون قلبه وجلاً ألا يُقبَل عمله، وهذا من تمام المراقبة .. قال تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60] ![]() ثـانيــــًا: حراسة الخواطر فمراقبة الله سبحانه تعالى تقتضي أن يحترس المرء من خواطره؛ لأنها نقطة البداية لأي عمل .. وذلك بألا تسبح مع خاطرك ..فلا تطلق لخيالك العنــان وتدع نفسك تشرُد في كل ما تشتهي وتتمنى .. وكلما راودتك تلك الخواطر وأحلام اليقظة، تحرَّك واشغل نفسك بأي عمل آخر: حتى لا تسبح بخيالك بعيدًا عن هدفك. ومن راقب الله في خواطره، عصمَّه الله في حركات جوارحه،، ![]() وفوائد المراقبة ست: 1) الفوز بالجنة والنجاة من النــار ..فإن من راقب الله ![]() 2) أن يشمله الله بحفظه ورعايته في الدنيــا والآخرة ..كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم ".. ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" [متفق عليه] 3) الأمان من الفزع الأكبر يوم القيامة .. 4) المراقبة دليلٌ على كمال الإيمان وحُسن الإسلام .. فالمراقبة ترتقي بإيمان العبد إلى درجة الإحسان، كما ذكر النبيصلى الله عليه وسلمفي تعريف الإحسان "أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" [رواه مسلم]، والمحسن أعلى درجة من المؤمن والمسلم . 5) تُثمر محبة الله تعالى ورضاه .. 6) يرزقه الله تعالى حُسن الخاتمة ..إذا راقب قلبه واستقامت أحواله في حياته. ![]() دعاء المسألة باسم الله الرقيب ورد دعاء المسألة بالاسم المقيد في قوله تعالى عن عيسى ![]() وورد في السُّنَّة المطهَّرة ..عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلم "تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } .. فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }" [صحيح البخاري] وفي خطبة الحاجة ..كما ورد من حديث ابن مسعود ![]() ![]() سُئِل ذو النون: بِمَ ينال العبد الجنة؟، فقال "بخمس: استقامة ليس فيها روغان، واجتهاد ليس معه سهو، ومراقبة الله تعالى في السر والعلانية، وانتظار الموت بالتأهب له ومحاسبة نفسك قبل أن تحاسب وقد قيل" [إحياء علوم الدين (4:398)] ![]() إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا ... فَلَا تَقُلْ خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً ... وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ ألم ترَ أن اليوم أسرع ذاهبٍ ... وأن غدًا إذًا للناظرينَ قريبُ
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
![]() اسم الله تعالى الكريم من الأسماء المُحببة إلى النفوس المؤمنة، فهم متقلبون في نعيمه ليل نهار .. فلا كرم يسمو على كرمه، ولا إنعام يرقى إلى إنعامه، ولا عطاء يوازي عطاؤه .. له علو الشأن في كرمه، يعطي ما يشاء لمن يشاء كيف يشاء بسؤال وغير سؤال .. يعفو عن الذنوب ويستر العيوب .. ويجازي المؤمنين بفضله، ويمهل المعرضين ويحاسبهم بعدله .. فما أكرمه .. وما أرحمه .. وما أعظمه .. المعنى اللغوي الكريم:صفة مشبهة للموصوف بالكرم، والكرَم نقيض اللؤم .. وكَرُمَ السحــابُ:إذا جــــاء بالغيث .. والكريم: الصفوح، كثير الصفح .. وقيل لشجرة العنب: كَرمَةٌ بمعنى كريمة .. وقد يُسمى الشيء الذي له قدرٌ وخطرٌ: كريمًا، ومنه قوله سبحانه وتعالى في قصة سليمان عليه السلام {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29].. جاء في تفسيره: كتابٌ جليلٌ خطيرٌ، وقيل: وصفته بذلك لأنه كان مختومًا، وقيل: كان حسن الخط، وقيل: لأنها وجدت فيه كلامًا حسنًا. قال الزجاج: الكرم سرعة إجابة النفس، كريم الخُلُق وكريم الأصل. يقول أحمد بن مسكويه في كتابه (تهذيب الأخلاق) "أما الكرم فهو إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع كما ينبغي" [تهذيب الأخلاق (1:7)].. ويقول الإمام الغزالي "وأما الكرم فالتبرع بالمعروف قبل السؤال والإطعام في المحل والرأفة بالسائل مع بذل النائل" [إحياء علوم الدين (3:246)].. والكرم السعة والعظمة والشرف والعزة والسخاء عند العطاء. ![]() وروده في القرآن ورد اسم الله تعالى الكريم ثلاث مرات .. في قوله تعالى {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116] وقول الله عزَّ وجلَّ { يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الإنفطار: 6] .. وقوله تعالى {.. وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40] وورد اسمه تعالى الأكرم في قوله { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: 3].. وهي من أوائل السور التي نزلت في مفتتح البعثة، فكان ميثاق التعرُّف بين الله سبحانه وتعالى ونبيهصل الله عليه وسلممن خلال اسمه الأكرم .. لأن الكرم كان من أبلغ المناقب عند العرب، والله سبحانه وتعالى أكرم من كل ما تتصور. ![]() معنى الاسم في حق الله تعالى يقول الغزالي "الكريم: هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى .. وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى .. وإن رُفِعَت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى .. وإذا جُفِيَ عاتب وما استقصى .. ولا يضيع من لاذ به والتجأ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء .. فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلُّف، فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط " [المقصد الأسنى (1:117)] فالكريم هو كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه .. الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل .. فالكريم اسم جامعٌ لكل ما يُحمد .. وقد أورد ابن العربي ستة عشر قولاً في معنى اسمه تعالى الكريم، وهي: 1) الذي يعطي لا لعوض .. 2) الذي يعطي بغير سبب .. 3) الذي لا يحتاج إلى الوسيلة .. 4) الذي لا يبالي من أعطى ولا من يُحسَن إليه ..كان مؤمنًا أو كافرًا، مُقرًا أو جاحدًا .. لولا كرمهُ ما سقى كافر شربة ماء. 5) الذي يُستبشر بقبول عطائه ويُسرُّ به. 6) الذي يعطي ويثني ..كما فعل بأوليائه حبَّبَ إليهم الإيمان وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، ثم قال { .. أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (*) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 7,8] يُحكى أنَّ الجُنيد سَمِعَ رجلاً يقرأ {.. إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44].. فقال: سبحـــان الله ! أعطى وأثنى .. فالله تعالى هو الذي وهب عبده أيوب عليه السلام الصبر، ثمَّ مدحه به وأثنى. 7) الذي يَعُمُّ عطاؤه المحتاجين وغيرهم. 8) الذي يُعطي من يلومه .. فيعطي العبد برغم إساءته للأدب مع ربِّه سبحانه وتعالى. 9) يُعطي قبل السؤال ..قال تعالى { وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34] 10) يُعطي بالتعرُّض .. 11) الذي إذا قَدَرَ عفى .. 12) الذي إذا وَعَدَ وفَّى .. 13) الذي تُرفَع إليه كل حاجة صغيرة كانت أو كبيرة .. 14) الذي لا يُضيع من توسَّل إليه ولا يترك من التجأ إليه .. عن سلمان رضى الله عنه قال: قال رسول اللهصل الله عليه وسلم "إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين" [رواه أبو داود وصححه الألباني] 15) الذي لا يُعاتب .. 16) الذي لا يُعاقب .. الفرق بين الكرم والجود .. الجود:هو صفة ذاتية للجواد، ولا يستحق بالاستحقاق ولا بالسؤال. والكرم:مسبوق باستحقاق السائل والسؤال منه. [كتاب الكليات (1:545)] ![]() أما معنى اسم الله تعالى الأكرم الأكرم:اسم دل على المفاضلة في الكرم، فعله: كرم يكرم كرما، والأكرم هو الأحسن والأنفس والأوسع، والأعظم والأشرف، والأعلى من غيره في كل وصف كمال، قال تعالى: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات:13] الفرق بين الكريم والأكرم والأكرم سبحانه هو الذي لا يوازيه كرم ولا يعادله في كرمه نظير، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم .. لكن الفرق بين الكريم والأكرم: أن الكريم .. دل على الصفة الذاتية والفعلية معًا، كدلالته على معاني الحسب والعظمة والسعة والعزة والعلو والرفعة وغير ذلك من صفات الذات، وأيضًا دل على صفات الفعل فهو الذي يصفح عن الذنوب، ولا يمُنُ إذا أعطى فيكدر العطية بالمن .. وهو الذي تعددت نعمه على عباده بحيث لا تحصى وهذا كمال وجمال في الكرم. أما الأكرم ..فهو المنفرد بكل ما سبق في أنواع الكرم الذاتي والفعلي، فهو سبحانه أكرم الأكرمين له العلو المطلق على خلقه في عظمة الوصف وحسنه، ومن ثم له جلال الشأن في كرمه وهو جمال الكمال وكمال الجمال. ![]() حظ المؤمن من اسم الله تعالى الكريـــم الأكرم 1) أن يظهر على العبد أثر النعمة .. عن أبي الأحوص عن أبيه قال: أتيت رسول الله صل الله عليه وسلم وعليَّ ثوب دون، فقال لي "ألك مال؟"، قلت: نعم . قال "من أي المال؟"، قلت: من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والبقر والخيل والرقيق. قال "فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته" [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني] 2) إكرام النـــاس .. قالصل الله عليه وسلم "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (269)] .. إذا كنت تُحب أن يعاملك الله الكريم، بكرمه وجوده وفضله وإنعامه، فعليك أن تُكرم النــاس في معاملاتك وأخلاقك.والاهتمام بإكرام الضيف والجــار على الأخص .. لأن النبيصل الله عليه وسلمقال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه" [متفق عليه].. وقالصل الله عليه وسلم "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره" [رواه أحمد وصححه الألباني] فبإكرامك لضيفك وجارك، يزدد إيمانك وترتفع درجتك عند الله سبحانه وتعالى،، 3) أن يعلم أن الإكرام بالنعمة إبتلاء، يستوجب الشكر والطاعة .. لا كما يظن البعض أنها دليل حبٍ ورضــا .. يقول الله تعالى { فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (*) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (*) كَلَّا ..} [الفجر: 15,17] فالله سبحانه وتعالى يبتلينا بالخير والشر، وحق الخير شكره وحق الشر الصبر عليه. وعن أبي هريرة أن الرسولصل الله عليه وسلمقال "فيلقى العبد فيقول: أي فُل (فلان) ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟، فيقول: بلى، قال: أفظننت أنك ملاقيَّ ؟ فيقول لا فيقول فإني قد أنساك كما نسيتني" [رواه مسلم] والإكرام الحقيقي هو إكرام الله للعبد بالتوفيق للطاعة واليقين والإيمان .. قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات:13] 4) كثرة فعل الخيـــرات .. لأن من معاني اسمه تعالى الكريم أنه كثيـــر الخير، فعلى العبد أن يبذل الخيـــر للناس .. بأن يُكثر من الصدقات عن طيب نفس .. من نفقة على مسكين وفقير، وسعي على أرملة، سقي الظمآن، وإغاثة اللهفان، وحتى ذكر الله سبحانه وتعالى صدقة. 5) كرم الأخلاق .. إذا أردت أن يكرمك الله، كن كريم الأخلاق .. قال رسول اللهصل الله عليه وسلم "إن الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها" [صحيح الجامع (1801)] عن أبي هريرة رضى الله عنه: عن النبيصل الله عليه وسلمقال "من كان هينا لينًا قريبًا حرمه الله على النار" [رواه الحاكم وصححه الألباني] 6) التعزز عن سفاسف الأمور وعدم التذلل لأحد .. فالكريم هو الذي له خطر وقدر، فتعالى عن سفاسف الأمور ولا تذل لمال أو جــاه أو شهوة .. فكن على طاعة الله وابتعد عن مخالفته، تكن كريمًا في الأرض ويَعظُم شأنك .. أما المعصية فهي سبب ذُلَك وشؤمك .. قال رسول اللهصل الله عليه وسلم ".. وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم" [صحيح الجامع (2831)] 7) التخليـــة والتصفيــة .. لأن الكريم معناه: المُنزه عن النقائص والآفــات .. فعليك أن تسعى في تربية وتهذيب نفسك؛ لإنك لن تكون كريمًا عند الله وأنت مليء بالنقائص والعيــوب. 8) لا تجعل الله أهون الناظرين إليـــك .. قال تعالى {.. وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] 9) اللوذ واللُجأ بالكريــم عن الكُربــــات .. عن ابن عباس: أن رسول اللهصل الله عليه وسلمكان يقول عند الكرب "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم" [متفق عليه] فلُذ بربِّك الكريـــم، يُفرج كربك،، 10) إكرام القرآن .. قال تعالى {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: 77].. فأكرم كتاب الله الكريم قراءةً وتدبرًا وعملاً؛ لكي تكون كريمًا عند ربِّ العالمين. ![]() الدعاء باسمي الله تعالى الكريم الأكرم منه: دعـــاء ليلة القدر ..عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال: "قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني" [رواه الترمذي وصححه الألباني] وورد الدعاء باسمه الأكرم ..عن ابن مسعود رضى اللهعنه: أنه كان يدعو في السعي: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"، وفي رواية: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، وقال الألباني: "وإن دعا في السعي بقوله: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف" [مناسك الحج والعمرة (26)] ومما ورد في الدعاء بالوصف ..ما رواه مسلم من حديث عوف بن مالك رضى الله عنه أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِصل الله عليه وسلميُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ فَسَمِعْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللهُمَّ اغفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلهُ، وَاغسِلهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ" [صحيح مسلم] المصادر:
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |