الرثاء في شعر باشراحيل - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         لو بيتك صغير.. 8 حيل ذكية وبسيطة لزيادة مساحة الغرف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          طريقة عمل الفول النابت بخطوات سهلة في منزلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تعرف على أهم 7 تريندات لأثاث الديكور الخارجي في 2024 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          5 وجبات سريعة التحضير وصحية لتناولها بعد التمارين الرياضية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل شوربة قرع العسل مع العيش المحمص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          4 أفكار لدمج ألوان الربيع فى ديكور بيتك .. لمظهر متناسق ومبهج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          طريقة عمل الحواوشى المصري.. أكلة لذيذة للكبار والصغار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          5 طرق تضمن حفظ الفواكه والخضراوات طازجة لأطول وقت في أيام الربيع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طريقة عمل سلطة الباذنجان بالنعناع والبقدونس ..طعم مختلف وشهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 29-07-2021, 03:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

مِنَ الْمُدُنِ الَّتِي أَوْدَتْ

وَأَضْحَى فَجْرُهَا ذِكْرَى






أمَّا ما دفع "باشراحيل" إلى الاستنجاد بالماضي بتاريخه وجغرافِيَّته - أنَّ الأمور صارت فوق طاقة النفس البشرية، وهو يطالب "منازل الوحي" أنْ تُشاركه في رثاء جزء عزيز من الوطن... فيقول في قصيدة (لبنان) ديوان (النبع الظامئ):



مَنَازِلَ الْوَحْيِ إِرْثِي الْيَوْمَ لُبْنَانَا

وَاسْتَمْطِري الصَّبْرَ مِنْ عَيْنَيْكِ رَيَّانَا




مَالَتْ عَلَيْهِ الْأَعَادِي فِي شَرَاسَتِهَا

وَقَدْ أَحَالَتْ عَرُوسَ الشَّرْقِ بُرْكَانَا







وهذا المآل لَم يكن الوصولُ إليه (بيده)، ولكن (بيد عمرو) عكس ما يقول المثل العربي، وتتوالى أبياتُ القصيدة على المنوال نفسِه:



مَاذَا عَلَى الشَّرْقِ؟ نِيرَانٌ مُكَثَّفَةٌ

قَدِ اسْتَبَاحَ بِهَا الْأَعْدَاءُ دُنْيَانَا




يَسْتَنْجِدُ الْعَدْلَ قَلْبٌ بَاتَ مُنْفَطِرًا

مِمَّا اعْتَرَاهُ فَمَنْ يُصْغِي لَهُ الْآنَا




وَالْغَرْبُ غَافٍ وَأَمْرِيكَا مُؤَيِّدَةٌ

وَالرُّوسُ يُحْصُونَ إِنْ أَحْصَوْا ضَحَايَانَا







أمَّا هذه الصورة القاتمة للواقع، فلن تبعث في نفوسنا اليأسَ الذي يرفضُه دينُنا الحنيف، ولكنَّ النهايةَ كما في آخر القصيدة:



فَلاَ تَهُونُ وَلاَ تَخْبُو عَزَائِمُنَا

وَلاَ يَكُونُ لِغَيْرِ الْحَقِّ نَجْوَانَا







فالحقُّ - سبحانه وتعالى - هو الملاذُ، وإذا لم نرع الحق بجلاله وصفاته، فإن العاقبة سيئة، وهذا ما ينفيه باشراحيل.



وإذا كانت قصيدة (صبرا وشاتيلا) في ديوان "النبع الظامئ" نهايتها:



رُبَّمَا عَادَتْ لَنَا أَمْجَادُنَا

ذَاتَ يَوْمٍ نَتَسَامَى رُبَّمَا







ومن المعروف أنَّ كلمةَ (رُبَّما) تُفيد الاحتمالَ الضَّعيف، أو تقليل احتمالاتِ الحدوث، على العكس من كلمتي "لعلَّ وعسى"، فإنَّ قصيدةَ (نكبة اليمن) في الديوان نفسه تجبر تلك الآلامَ التي خلفتها أحداثُ "صبرا وشاتيلا"، وألقت بظلالِها في نهاية القصيدة، وتَحكمت في الأسلوبِ الشِّعْري عند تناوُل الحدث، فنهايتها تنسجمُ مع التبعات التي استجدَّت مع الأحداث، وهو يقول فيها:



فَالْمُؤْمِنُونَ رِدَاءُ الْحَقِّ يَجْمَعُهُمْ

وَاللَّهُ مَوْلَى مَنِ اخْتَارَ الْهُدَى سَنَدَا




سُبْحَانَهُ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ عِزَّتُهُ

وَهْوَ الَّذِي خَلَقَ الْأَكْوَانَ مُنْفَرِدَا







وباشراحيل يؤرقه حال التفرق والتشرذم، الذي تهيم فيه الأمة العربية، فيتصور أنَّ الزمانَ عاد القهقرى، فيستل قلمه ليقاومَ ذلك الاعوجاج بأسلوبِه الخاص، ويكتب قصيدة (ظلال الأمس) من "ديوان الخوف"، ويصب فيها كلمات قاسية جدًّا، منها (الزيف - وهج الغبار - الظلام - القهر - اللظى - الكي - الوهن - الريب - الإزهاق - الأعاصير - الأسى - الخيانة - التعاسة - الموت...) وهكذا فإنَّ القاموس اللُّغوي لهذه القصيدة يُوحي بمدى معاناة الشاعر وهو ينسج مشاعرَه ويَخطُّها بين القوافي والأوزان، وعلى غير عادته، يختتم باشراحيل هذه القصيدة بقوله:



مَرْحَى زَمَانَ الْخَالِدِينَ بِزَيْفِهِمْ

مَرْحَى زَمَانَ الْكِبْرِ عَادَ أَبُو لَهَبْ







وقد وصل إلى هذه النِّهاية بعد أنْ تراءى له أنَّ "الصدقَ مات مُجندلاً بين النصب"، كما يقول هو في شطر البيت قبل الأخير.



وأنا أرى أنَّ عودةَ أبي لهب معناها إعادة الأمور إلى المداولة مرة أخرى بين الحق والباطل، وكما انهزم أبو لهب، فإن عودته أيضًا مصيرها الاندحار، وإن لم يقل باشراحيل ذلك صراحةً، فإن البناء الشعري للقصيدة يوحي بذلك، فبداية القصيدة:



زَيْفٌ أَطَلَّ مِنَ الزَّوَابِعِ وَاقْتَرَبْ

مُتَسَرْبِلاً بِالْحِلْمِ فِي أَوْجِ النُّوَبْ



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29-07-2021, 03:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

فالأمر كله زيفٌ في زيف، والزوابع مرحلة عابرة، وفي موضع آخر من القصيدة يقول:



هَذِي بَقَايَا الصَّيْفِ جَاثِمَةُ اللَّظَى

تَكْوِي، وَهَذَا الْوَهْنُ فِي غُصْنِ التَّعَبْ







فالمفاجأة عِبارة عن "بَقايا صيف" على وشْك التلاشي، أمَّا باشراحيل بشخصه، فإنه في وسط هذه الدَّوامة كما يصف نفسه:



أَمْسَكْتُ فِي يُمْنَايَ نَاقُوسَ الرِّضَا

وَغَرَسْتُ فِي صَدْرِي الْجَوَاهِرَ وَالذَّهَبْ







ولا أدري لماذا غرس الجواهر والذهب في صدره، ولَم يتقلَّدها؟ وهو القائل في قصيدة (البحث الأخير) من ديوان قناديل الريح:



نَسْتَعْلِي بِالدِّينِ الْأَسْمَى

وَنَكُونُ عَلَى الْبَاغِي أُمَّةْ







وربما هي إشارةٌ إلى أنَّ (أبا لهب) الذي عاد، كانت نهايته استعلاء الدين الأسمى، ولذلك فإنَّه يُخاطب أمته بنفسٍ أبيَّة وهِمَّة عالية، ويقول لها في قصيدة (أمتي معي):



قُومِي اشْعِلِي اللَّيْلَ بِالْأَضْوَاءِ وَانْتَقِدِي

يَا أُمَّتِي وَاسْحَقِي ظُلْمَ الطُّغَاةِ مَعِي







وأيًّا كانت الأمور أو النتائج في الحياة، فإنَّها سجال؛ يقول في قصيدة (حمى جازان) من ديوان قناديل الريح:



هِيَ النَّوَائِبُ أَقْدَارٌ مُقَدَّرَةٌ

يَوْمٌ يَسُرُّ وَيَوْمٌ بَيْنَ أَحْزَانِ




يَا رَحْمَةً مِنْ لَدَى الْبَارِي نُؤَمِّلُهَا

وَفَضْلُهُ ذَائِعٌ فِي الْإِنْسِ وَالْجَانِ





يَا رَبِّ رُحْمَاكَ مِنْ خَطْبٍ يُدَاهِمُنَا

وَاسْبَغْ عَلَيْنَا بِإِكْرَامٍ وَغُفْرَانِ.








[1] معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين - المجلد الخامس.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29-07-2021, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

الرثاء في شعر باشراحيل (4)
محيي الدين صالح






من أهمِّ الجماليَّات التي تُميِّز بعضَ الأدباء والشعراء - التزامُهم بالموروث الثقافي، والتأثُّر به، والتفاعُل معه، فإذا تَجاوب الشاعِرُ مع مَوروثِه الدِّيني بالذَّات وهو ينسج أشعارَه وقوافيه، فإنه لا يلتفت كثيرًا إلى ما حوله ومن حوله، إلاَّ بالقدر الذي ينسجم مع دواخله ومكوناته، وهذا يأخذنا إلى قولِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالِل)) والحكمة العربية التي تقول: "قل لي من تصاحب، أقُلْ لك من أنت"، وعلى هذا فيُمكننا الاستدلالُ بالرفيق على رفيقه، فإذا كان القارئُ يعرف باشراحيل، الذي يعيش بين ظَهْرَانَيْنا، فمن خلاله يستطيعُ التعرُّف على من رثاهم بشعره، وإذا كان يعرف سيرةَ من رثاهم باشراحيل، فسيعرف شخصيةَ الراثي من خلالهم.



ويلحظ المتتبع لشعر باشراحيل الرثائي في مجموعته "مرافئ الدمع" أنَّه تعرض لقامات كبيرة، لها دَوْرٌ عظيم دينيًّا وأدبيًّا واجتماعيًّا، ومن هؤلاء الأعلام: الأديب الكبير والعالم الموسوعي الفريق يحيى المعلمي، وعلامة الجزيرة الراحل حمد الجاسر، وشيخ الإسلام محمد بن عثيمين، وفقيه العصر سماحة الشيخ الراحل ابن باز، والأديب عبدالقدوس الأنصاري، والكاتب الإسلامي أحمد محمد جمال، والشاعران حسين سرحان، وحسين عرب، والشاعر السوري عمر أبو ريشة، والكاتب محمد أسعد، والفنان السعودي طلال المداح، إضافةً إلى بعض المقربين إليه مثل عباس عجلان، وعبدالله الحمدان، ومعتز فاروق، وكذلك فإنَّ أولى الناس به وباهتماماته كان لهم نصيب من قصائده "والده في قصيدتين، وعمته في قصيدة".



ونستطيع أنْ نؤكِّد أنَّ باشراحيل أخلصَ في قصائده هذه لرموز فكرية ودينية وأدبية، أجمعت الأمَّة على عظمة ما قدَّمته من آراء وأفكار وأشعار، وفي إذكاء جذوة الصَّحوة في أركان المجتمع العربي الإسلامي، بكتاباتها الرَّصينة، وإخلاصها في عِلاج مُشكلات الأمَّة، إنْ شعرًا وإنْ نثرًا، أو حتى بالمقالات الاجتماعية، أو الخطب المنبرية، أو الدروس المسجدية، ومن هنا كان باشراحيل مُخلصًا لأبعد حد في رثائه لهذه الشموس النَّيِّرات في سماء العرب في العصر الحديث، وإلاَّ... فإنَّنا لم نَرَه - مثلاً - يرثي أصحابَ الجاه والسُّلطان والثراء، لماذا؟ لأنه كان صادقًا في قصيده الرِّثائي لشخصيَّات بارزة استحَقَّت كلمةَ الرِّثاء، في وقتٍ عزَّ فيه الراثي الصادق، والصديق النبيل، وكأنَّه أراد أن ينأى بنفسِه عن الشبهات التي تلحق بمن يرثون القادةَ والحكام.



ففي قصيدته "طبت وطبت" في رحيل الأستاذ الأديب المعلمي، تتبدَّى علائم وأمارات الموت واضحةَ العيان في خيال الشاعر؛ لأَنَّه الحقيقة الكبرى في دنيا الناس، والنَّجاة منه ليست لأحد:



كُلُّنَا إِنْ تَقَارَبَ الْمَوْتُ حَاضِرْ

مَنْ يَرُدُّ الْقَضَاءَ مَنْ ذَا يُكَابِرْ




قَدْ تَرَجَّلْتُ وَالْأَزَاهِرُ ثَكْلَى

أَنْتَ أَسْقَيْتَهَا بِدَمْعِ الْمَحَاجِرْ







وهو في رثائه ليحيى المعلمي لا يتحدَّث عنه كشاعر وأديب ومُؤرخ ولغوي؛ لأنَّ فاجعةَ المنون سلبت من باشراحيل كُلَّ تفاصيل حياة الراحل الكريم - ذلك العَلَم الذي لا ينكر - وجعلته يَهيمُ في طريق الموت واصفًا وشارحًا وراثيًا؛ حيث لا تنفعُ إلاَّ الكلمة الصادقة في هذا المُخْلِص الذي أدرك فيه الشاعر أنَّ كلَّ نعيم في الحياة إلى زَوال، وأنَّ عزاءَه هو الدُّعاء بالمغفرة له في هذا المقام، وليس الحديث عن مناقبه أو عن حياته:



جِئْتُ أَرْثِيكَ وَالدُّعَاءُ عَزَائِي

إِنَّ رَبَّ الْأَنَامِ لِلْعَبْدِ غَافِرْ




مَا نَعِيمُ الْحَيَاةِ غَيْرَ خَيَالٍ

وَنَعِيمُ الْجِنَانِ أَعْلَى الذَّخَائِرْ




فَاغْتَرِفْ مِنْ مَنَاهِلِ الرَّبِّ فَضْلاً

وَهْوَ بِالْفَضْلِ لِلْخَلاَئِقِ جَابِرْ




جِئْتُ أَرْثِيكَ وَالْمَنَايَا طَرِيقٌ

وَخُطَانَا عَلَى الْحَيَاةِ مَعَابِرْ




ضَمَّخَ اللَّهُ بِالرَّيَاحِينِ وَجْهًا

وَسَقَاكَ الْحَيَا مِنَ الْخَيْرِ مَاطِرْ







ويرى باشراحيل أنَّ المعلمي ملَّ الحياةَ السقيمة، وتَمنَّى الفردوسَ الأعلى؛ لذلك كان كالطير المسافر، وكذلك أراد الشاعرُ في رثائه أنْ يكون مثلَ البرقيات المستعجلة، والتعازي الحارَّة المخلصة، بلا رتوش أو أقنعة مزيفة:



يَا لَيَحْيَى تَجَاذَبَتْهُ الثَّوَانِي

قَبْلَ أَنْ نَلْتَقِي كَطَيْرٍ مُسَافِرْ




هَجَرَ الدَّوْحَ وَاغْتِرَابَ اللَّيَالِي

مَلَّ مِنْ سَطْوَةِ الْحَيَاةِ مُهَاجِرْ




فَارْشُفِ النُّورَ مِنْ رَحِيقِ الْأَمَانِي

طِبْتَ رُوحًا وَطِبْتَ مَيْتًا وَحَاضِرْ







وارتشافُ النور من رحيق الأماني صورةٌ شعرية بديعة، توضِّح مدى ارتباطِ الشاعر بالمعاني الإيمانية التي يراها في الْمَرْثِيِّ... كما توضح قوة تأثُّر باشراحيل بالقناعات التي عاش لها وبها المرحوم بإذن الله (يحيى المعلمي)، وكيف كان قدوةً لمن معه ومن يأتي بعده.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29-07-2021, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل



أمَّا قصيدته "هذا هو الحق" في رثاء الأديب العلامة حمد الجاسر، فهي تنضح بمكانة الرجل العِلْمِيَّة، وأخلاقه السمحة، فهو صاحِبُ الفكر المحلق الوحيد الذي تشرئبُّ إليه النفوس والأفئدة:



يَا سَاكِنًا فِي جُفُونِ الدَّهْرِ مَا غَمَضَتْ

عَيْنٌ مِنَ الدَّمْعِ تَهْمِي وَهْيَ نَجْلاَءُ




خُيُولُنَا فِي رِحَابِ الْفِكْرِ جَاثِمَةٌ

وَخَيْلُ فِكْرِكَ تَجْرِي وَهْيَ خَرْسَاءُ




مَضَى الْأَدِيبُ وَلَمْ تَمْضِ خَلاَئِقُهُ

تَعِيشُ وَهْيَ أَنَاشِيدٌ وَأَصْدَاءُ




قَلْبٌ عَلَى الطِّيبِ أَغْرَتْنَا مَحَبَّتُهُ

وَإِنَّهَا لِكَرِيمِ الطَّبْعِ آلاَءُ







ثم يتحدث الشاعر بعد ذلك عن المباهج التي يُلاقيها حمد الجاسر في جَنَّات الخلد والنعيم؛ حيث لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قلب بشر.



ومن البديهي أنْ لا أحدَ يُزكِّي أحدًا على الله، ولكنَّه إحسانُ الظنِّ الذي أمرنا به الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله: ((إذا رأيتم الرجلَ يرتادُ المساجد، فاشهدوا له بالإيمان))، يقول باشراحيل:



يَا رَاحِلاً عَنْ ظَلاَمِ الْأَرْضِ فِي مَلَلٍ

كَيْفَ الضِّيَاءُ وَكَيْفَ الظِّلُّ وَالْمَاءُ




وَكَيْفَ جَنَّاتُ عَدْنٍ فِي مَبَاهِجِهَا

وَأَنْتَ فِي رَحْمَةِ الدَّيَّانِ قَرَّاءُ




هُنَاكَ مَا لاَ رَأَتْ عَيْنٌ وَلاَ خَطَرَتْ

عَلَى الْقُلُوبِ عُيُونٌ وَهْيَ حَوْرَاءُ




فَانْهَلْ مِنَ الصَّفْوِ كَاسَاتٍ مُعَتَّقَةً

أَلْوَانُهَا مِنْ رَحِيقِ الشَّهْدِ صَفْرَاءُ




وَعْدَ الْإِلَهِ وَوَعْدُ اللَّهِ يُنْجِزُهُ

لِلصَّادِقِينَ فَلاَ ضَيْمٌ وَلاَ دَاءُ




فَاغْنَمْ حُظُوظَكَ أَنْعَامًا وَمَكْرُمَةً

فَقَدْ وَفَيْتَ وَمَا أَغْرَتْكَ أَشْيَاءُ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 29-07-2021, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

فَاغْفِرْ لَهُ يَا إِلَهَ الْكَوْنِ فِي كَرَمٍ

فَإِنَّنَا وَجَمِيعَ الْخَلْقِ خَطَّاءُ






وفي القصيدتين السابقتين يتبيَّن لنا مدى عاطفة باشراحيل الفوَّارة بِحُبِّ أهل العلم والأدب، والصادقة إلى أبعدِ مدى، والألفاظ التي تُلائِم جَوَّ الرثاء، وجلالَ الحدث، ومكانةَ الراحلين، فضلاً عن الصور الفنية المعبرة عن علمِ وقيمةِ هؤلاء، كقوله: "فَاغْتَرِفْ مِنْ مَنَاهِلِ الرَّبِّ فَضْلاً"، وهي صورة جامعة لما ينتظره من الثَّواب العميم، والخير الجزيل، وعليه في الجنات أن يغترفَ من أماكن وموارد ومناهل وفيوضاتِ الرحمن - سبحانه وتعالى - فهو الجدير بهذه المكرمات الربانية، وفي قوله:



ضَمَّخَ اللَّهُ بِالرَّيَاحِينِ وَجْهًا

وَسَقَاكَ الْحَيَا مِنَ الْخَيْرِ مَاطِرْ







تخيل الرياحين وهي تعتلي وجهَ المعلمي في رحاب الله، داعيًا مولاه أن يسقيَه من عطائه الجزيل وخيراته الماطرة.



كذلك حال باشراحيل في صدقه الإنساني مع قصيدةِ رثاء العلاَّمة حمد الجاسر، تفوح فيها روائحُ الإخلاص والمحبة والصِّدْق، والتحليق الفني في دوحة علامة الجزيرة، وتبدو تصاويره الفنية أقربَ إلى اللوحة الفنية المرسومة بريشة فنان ماهر، مثال ذلك قول بشراحيل:



يَا سَاكِنًا فِي جُفُونِ الدَّهْرِ مَا غَمَضَتْ

عَيْنٌ مِنَ الدَّمْعِ تَهْمِي وَهْيَ نَجْلاَءُ







عندما جعله الشاعر ساكتًا في جفون الزمن، وأنَّ كلَّ العيون البشرية تبكي عليه، وتنوح من أجْلِ فراقه، وهي صورة بديعة تتضمن معانِيَ جَمَّة تؤكد على مكانة هذا الرجل الموسوعي.



كذلك أبدع خيالُ باشراحيل في قوله عن حمد الجاسر:



خُيُولُنَا فِي رِحَابِ الْفِكْرِ جَاثِمَةٌ

وَخَيْلُ فِكْرِكَ تَجْرِي وَهْيَ خَرْسَاءُ







فأفكارنا نحن بلا خيول مُتحركة؛ لأنَّها جاثمة على الأرض، أمَّا خيلُ فكر حمد الجاسر، فهي راكضة مُتحركة وراء المعرفة والعلم والرِّيادة في شَتَّى مجالات الحياة.



وفي فراقِ الشيخ محمد بن عثيمين أبدع الشاعِرُ عبدالله باشراحيل فريدتَه "الفراق المر" متوجعًا، شاكيًا، باكيًا، مُستصعبًا آلامَ الفراق، ولوعةَ الرحيل:



يَا لَلْفِرَاقِ بَكَتْكَ عَيْنٌ أَمْ فَمُ

وَبَكَاكَ فِي كُلِّ الْبِلاَدِ الْمُسْلِمُ




مَا أَصْعَبَ الْفَقْدَ الَّذِي يَنْتَابُنَا

وَالْمَوْتُ حَقٌّ وَالْقَضَاءُ مُحَكَّمُ







ولأن الشيخَ كان بطلعته البَهِيَّة يعتاد المسلمين في كلِّ عيد، ويُطِلُّ عليهم بإشراقته الساحرة، فإنه الآن اختار طريقَ الجنان، الذي هو أعظمُ فرحةً للمُؤمن الظمآن لنعيم مولاه:



يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ الَّذِي يَعْتَادُنَا

فِي كُلِّ عِيدٍ بِالتُّقَى يَتَبَسَّمُ




عِيدُ الْجِنَانِ هُنَاكَ أَعْظَمُ فَرْحَةٍ

لِلْمُؤْمِنِ الصَّادِي لِمَنْ هُوَ أَعْظَمُ







ويرى باشراحيل أنَّ ابن عثيمين يتسربل في النعيم - بإذن الله - ويشرب رحيقَ المسك؛ لأنَّه عاشق البلد الحرام، وهذا هو جزاء العُلماء العاملين:



عِمْ يَا مُحَمَّدُ بِالنَّعِيمِ وَبِالْعُلاَ

وَاشْرَبْ رَحِيقَ الْمِسْكِ وَهْوَ مُخَتَّمُ




وَانْعَمْ بِأُخْرَاكَ الْبَهِيجَةِ بَاسِمًا

فِي رَوْضَةٍ مِنْ حُسْنِهَا تَتَكَلَّمُ



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 29-07-2021, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

يَا عَاشِقَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَفَضْلِهِ

هَا قَدْ ثَوَيْتَ بِهِ وَطَابَ الْمَقْدِمُ




هَذَا جَزَاءُ الْعَامِلِينَ بِعِلْمِهِمْ

هَذَا الْفَلاَحُ قَدِ اجْتَبَاكَ الْمُنْعِمُ




فَالْثَمْ ضِيَاءَ الْحَمْدِ فِي جَنَّاتِهِ

وَانْهَلْ مِنَ اللَّذَّاتِ مَا لاَ تَعْلَمُ






كوكب العلم:

علامة الحجاز، وشيخ الإسلام الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - صاحِبُ الباعِ الطويل في الدَّعوة، وفي العناية بالحديث، وبالجرح والتعديل، الذي لم يَمُت - كما يقول باشراحيل - هو بطلُ هذه القصيدة وصاحبها؛ لأنَّ ذكراه عاطرةٌ على مَرِّ الأيام، وفتاواه وكتاباته يتداولُها الناس، ويطالعونَها عن حبٍّ وفهم، وعندما جاءَه نداء ربِّه لبَّاه على الفور، في فرحة وعجلة، وكأنَّه في عرس كبير يزفُّه فيه مُحِبُّوه ومشيعوه إلى مُستَقَرِّه في مكة المكرمة:



لاَ لَمْ تَمُتْ فِيكَ ذِكْرَانَا إِلَى الْأَبَدِ

يَا كَوْكَبَ الْعِلْمِ بَيْنَ الْمَتْنِ وَالسَّنَدِ




لَبَّيْتَ حَقًّا نِدَاءَ الْحَقِّ فِي عَجَلٍ

بِفَرْحَةٍ مِنْ شِغَافِ الْقَلْبِ لِلْأَحَدِ




وَقَدْ تَخَيَّرْتَ فِي أُمِّ الْقُرَى نُزُلاً

أَنْعِمْ بِهَا جِيرَةً لِلْبَيْتِ وَالْبَلَدِ




يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ أَقْيَالٌ وَأَفْئِدَةٌ

جَاءَتْ تَزِفُّكَ أَنْفَاسًا بِلاَ عَدَدِ




هَذِي غِرَاسُكَ أَحْبَابٌ مُشَيِّعَةٌ

وَأَنْتَ بِالطُّهْرِ وَالْأَوْرَادِ وَالْبَرَدِ







وينتقل باشراحيل إلى سَرْدِ تفاصيل حياة الشيخ، ومَواقفه، عندما كان - يرحمه الله - يصحبُ الأخيارَ والصَّالحين، ويُوجِّه أنظارَهم إلى عمل الخيرات؛ لأَنَّه كان في أعماقِ ضمائر أحبابه يَحْيا بعلمه، ويُحيِيهم بدُروسه وتقواه:



وَكُنْتَ تَصْطَحِبُ الْأَخْيَارَ فِي كَرَمٍ

وَكَمْ تَحُثُّ رِجَالَ الْخَيْرِ بِالْمَدَدِ




لَكَمْ صَحِبْنَاكَ عُمْرًا فِي ضَمَائِرِنَا

وَقَدْ حَفِظْنَاكَ حَتَّى آخِرِ الْأَمَدِ
















يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 29-07-2021, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

الرثاء في شعر باشراحيل (4)
محيي الدين صالح


يَا مَنْ بَذَلْتَ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَثْمِنَةً
وَكُنْتَ تُخْفِيهِ عَنْ أَهْلٍ وَعَنْ وَلَدِ


ومن شدة حبِّ الناس للشيخ ابن باز أصبحَ الجميعُ ساهرين؛ لبكاهم عليه، حتى إنَّ الغَدَ تأثَّر به، فشايعهم في بكاه:يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ وَالْأَحْبَابُ سَاهِرَةٌ
تَبْكِي الرَّحِيلَ وَيَبْكِي لِلْفِرَاقِ غَدِي

فَقَدْ يَهُونُ وَلِلْأَيَّامِ تَعْزِيَةٌ
لَكِنَّ فَقْدَكَ قَدْ أَعْيَا عَلَى الْجَلِدِ

أَمْطَرْتَ بِالْعَطْفِ تَسْقِي جَدْبَ أَنْفُسِنَا
وَكُنْتَ بِالْعِلْمِ تِرْيَاقًا لِكُلِّ صَدِي

طَبْعُ الْقُرَى فِيكَ إِحْسَانٌ وَتَأْسِيَةٌ
لِلْمُعْدَمِينَ تُدَاوِي قِلَّةَ الْمَدَدِ

وَكُنْتَ لِلْحَقِّ صَوْتًا غَيْرَ مُحْتَجِبٍ
تَذُودُ بِالشَّرْعِ عَنْ جَهْلٍ وَعَنْ فَنَدِ



وها هو ذا باشراحيل يُصوِّر الشيخَ وهو يرفع رايةَ الحق عاليةً مُدوِّية بعيدةً عن الزيف والأوهام، وهو كذلك عازفٌ عن أهواءِ ومطالب النَّفسِ الأرضية، وهو أيضًا في جهاده:مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ يَرْفَعُهُ
حُبُّ الْإِلَهِ عَنِ الْأَوْهَامِ وَالنَّكَدِ

وَعَازِفٌ عَنْ بَرِيقِ الْأَرْضِ يَطْلُبُهُ
مُجَاهِدٌ لِنِدَاءِ الْحَقِّ فِي جَلَدِ



ولأن الشيخ مضى إلى رضوانِ الله، وهو لا يعرف ماذا أصاب المسلمين من بعده؛ خاطبه باشراحيل في نداء يَنْدَى بالخجل، بعد ما دهمتنا طيورُ الأعادي الضَّعيفة، وتُذِيقُنا الموتَ ألوانًا من العذاب والضنك والشتات:أَعْدَاؤُنَا مِنْ بُغَاثِ الطَّيْرِ تُمْطِرُنَا
بِوَابِلٍ مِنْ رِمَاحِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ

تُذِيقُنَا الْمَوْتَ مَا ضَجَّتْ جَوَانِحُنَا
وَكَمْ شَكَى الصَّبْرُ فِينَا حُرْقَةَ الْجَسَدِ

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 29-07-2021, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

يَا أَلْفَ مِلْيُونَ وَالْإِسْلاَمُ يَجْمَعُنَا
كَيْفَ الشَّتَاتُ وَنَارُ الثَّأْرِ فِي الْكَبِدِ

كَيْفَ الْخَلاَصُ وَدَرْبُ الْحَقِّ تَخْذُلُهُ
عِصَابَةٌ مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ بِالرَّصَدِ

يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ فِينَا مِنْكَ تَذْكِرَةٌ
تَرُودُنَا كُلَّمَا ضِقْنَا مِنَ الْكَمَدِ


فذكرى الشيخ دائمًا وأبدًا حِصنٌ منيعٌ ضِدَّ التُّرّهات والأباطيل والأراجيف، وهو القابع في رحابِ الخُلْدِ؛ حيث الأطيارُ المحلقة، التي يُشجيه تسبيحُها:سِرْ لِلْجِنَانِ رِحَابُ الْخُلْدِ وَارِفَةٌ
وَانْعَمْ بِرَحْمَةِ رَبِّ الْخَلْقِ لِلْأَبَدِ

تَطُوفُ عِنْدَكَ أَطْيَارٌ مُحَلِّقَةٌ
يَشْجِيكَ تَسْبِيحُهَا فِي صَوْتِهَا الْغَرِدِ



الفراق الصعب:
ويَرْثِي شاعِرُنا صديقَه الناقد الدكتور عباس عجلان، الذي كان آيةً في الأخلاق الحميدة، وغزارة العلم، ونقداته الأدبية الصائبة، التي أطرت للساحة الأدبية طريقها وَفْقَ ضوابطِ العلم، ولذلك خاض معاركَ نقدية طائلة، فما وهن ولا استكان لما أصابه:(عَبَّاسُ)، وَانْدَاحَ شِعْرِي فِي خَلاَئِقِهِ
وَاقْتَدَّ فِي سَامِقِ الْعَلْيَاءِ بُنْيَانُهْ

(عَبَّاسُ)، يَا مَوْئِلاً لِلْفِكْرِ قَدْ نَضَجَتْ
بِهِ الْعُلُومُ وَمَا أَعْيَاهُ تِبْيَانُهْ

(عَبَّاسُ)، يَا فَرْحَةً بِالْأَمْسِ عَاطِرَةً
مَرَّتْ سِرَاعًا وَيَبْقَى مِنْكَ تَحْنَانُ

لَقَدْ غَرَسْتَ غُصُونَ الْحُبِّ مَوْرُومَة
وَكَمْ رَمَاكَ مِنَ الْحُسَّادِ بُهْتَانُ

مَا رَقَّ خَافِقُهُمْ يَوْمًا عَلَى أَلَمٍ
مِنْ جَانِحِيكَ وَقَدْ أَغْرَاكَ سُلْوَانُ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 29-07-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

وَكُلُّ شَلْوٍ عَلَى آثَارِكَ ارْتَفَعَتْ
بِهِ الْمَرَاتِبُ يَعْلُو وَهْوَ جَذْلاَنُ

الْحَاقِدُونَ وَقَدْ لاَنَتْ مَلاَمِسُهُمْ
وَكُلُّهُمْ فِي ثِيَابِ الْغَدْرِ ثُعْبَانُ

صَحِبْتُ فِيكَ مَسَرَّاتِي وَأَغْبِيَتِي
وَنَحْنُ فِي مُلْتَقَى الْأَفْلاَكِ جِيرَانُ

ويدعوه باشراحيل إلى الخلود؛ حيث يُسافر الشعر في بهجة معه، والأحباب والخلان؛ ليتركَ على الأرض الأشباحَ وبقايا الشعراء:إِلَى الْخُلُودِ وَيَسْرِي الشِّعْرُ فِي شَغَفٍ
وَسَافَرَ الشَّوْقُ تَسْتَدْنِيهِ أَشْجَانُ

إِلَى الْخُلُودِ وَكُلُّ الصَّحْبِ فِي وَجَلٍ
وَحَوْلَكَ الْيَوْمَ أَحْبَابٌ وَخِلاَّنُ

إِلَى الْخُلُودِ ضَحُوكُ الثَّغْرِ لَيْسَ يَرَى
سِوَى الْمَنَاكِيدِ أَشْبَاحٌ وَغِرْبَانُ

سِرْ حَيْثُ شِئْتَ طَلِيقًا عِنْدَ بَارِئِنَا
ظِلُّ الفَرَادِيسِ فِي مَثْوَاكَ فَيْنَانُ

وَقَلِّبِ الطَّرْفَ أَلْوَانًا عَلَى فَنَنٍ
مِنَ الْجِنَانِ بِهَا رَوْحٌ وَرَيْحَانُ


ونلحظ مدى حنين باشراحيل إلى صُحْبَةِ صديقه عباس عجلان، سواء في الدنيا أم في الآخرة، وكأنَّهما صنوانِ عاشا على حُبِّ الأدب الأصيل، والشعر القويم، وهكذا كانت نفس عجلان، في وُدِّها وأدبها، وهكذا كانت - وما تزال - نفسُ وروح باشراحيل الشاعرة.
فداحة العمر اليتيم:
وهنا تتجلَّى براعةُ باشراحيل الموسيقيَّة العالية، وقوة جرسه الصادح بالنَّغَم في رثاء الشاعر الكبير حسين سرحان، عندما تناغَمت ألفاظُه مع المضمون والعاطفة:يَا شَاعِرَ الْوَقْتِ الْجَحُو
دِ وَقَدْ رَعَى بِالْحَقِّ عَهْدَهْ

جِئْنَاكَ لَمْ نَلْقَ الْمَكَا
نَ وَلاَ الزَّمَانَ وَلاَ الْأَوُدَّةْ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 29-07-2021, 03:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,673
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

جِئْنَاكَ وَالطَّيْفُ الْحَبِيبُ
مُحَلِّقٌ فِي كُلِّ بَلْدَةْ

جِئْنَاكَ وَالْعُمْرُ الْيَتِيمُ
وَقَدْ أَضَاعَ الْعُمْرُ مَهْدَهْ

جِئْنَاكَ وَالدَّمْعُ الْحَزِي
نُ عَلَى الْجُرُوحِ الْمُسْتَبِدَّةْ

جِئْنَاكَ وَالسَّيْفُ الصَّقِيلُ
قَدِ اسْتَعَادَ الْيَوْمَ غِمْدَهْ

خَلَّدْتَ لِلصَّوْتِ الصَّدَى
وَالشِّعْرُ يُحْيِي فِيكَ مَجْدَهْ


فحسن التقسيم والبلاغة الموسيقيَّة طبعت هذه القصيدة بطابع الإخلاص، والحب والصدق لشخص الشاعر حسين سرحان، وتبدو المفارقةُ في أبيات باشراحيل قويَّة، عندما جاءه ومعه مُحبُّو الشاعر الكبير، لكنَّهم صدموا بفقده؛ حيث لا الزمان هو الزمان، ولا المكان هو المكان؛ لأنَّك - يا شاعرنا - قد رحلت وأخذت معك كلَّ شيء جميل.
ويؤكِّد باشراحيل على أنَّ حسين سرحان، وإنْ كان قد انتهى أجلُه إلاَّ أن الأجيال ستظل تذكره وتتذكره، عن طريق مطالعة أسفاره الضخمة الشعريَّة، التي يبدأ عندها تاريخ الشعر:إِنْ يَنْتَهِ الْعُمْرُ الْمَدِي
دُ سَتَذْكُرُ الْأَجْيَالُ رِفْدَهْ

أَوْ يَنْصَرِمْ شَرْخُ الشَّبَا
بِ سَيَبْدَأُ التَّارِيخُ عِنْدَهْ



صوت الرحيل:
وتَمتاز قصيدته هذه في رثاء الشيخ عبدالله المحمد الحمدان أبي عليوي؛ لقدرته العجيبة على مَوْسَقَةِ أبياته، والتلاعُب الفَذِّ في تناغُمها، على غرار فرائد شاعر العرب الأكبر أبي الطيب المتنبي، في مفتتح قصائده:أَسْرِي مَعَ الْوَجْدِ فِي تَذْكَارِ مَحْبُوبِي
وَأَسْتَعِيدُ زَمَانًا غَيْرَ مَجْلُوبِ

وَكَمْ أُفِيقُ عَلَى السَّلْوَى وَيَصْرُخُ بِي
صَوْتُ الْمَنَايَا وَعُمْرِي رَجْعُ تَغْرِيبِ

أَسْتَنْقِذُ الْعُمْرَ فِي صَحْرَاءَ قَاحِلَةٍ
فِيهَا الْأَمَانِي اقْتَضَتْ هَمِّي وَتَعْذِيبِي




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 140.88 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (3.99%)]