للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الملل آفة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 4 )           »          الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 4 )           »          عظمة الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          في انتظار الفرج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          رمضان شهر الرحمات وشهر البطولات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المرأة في أوروبا القديمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فقه بناء الأمم والحضارات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فقه الْحَج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          ما يقول الحاج والمعتمر إذا استوى على راحلته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من قام الليل هو وزوجته أصابته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 22-04-2021, 03:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (7)
الشيخ جمال عبدالرحمن



56- العاقلة والطب النبوي قبل الطب البشري
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى مريضاً أو أتي به إليه قال:"أذهب البأس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً"[1].

وهذه ميمونة بنت أبي عسيب مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحدث أن امرأة مريضة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا عائشة أغيثيني بدعوة من رسول الله تطمئنني، فقال - صلى الله عليه وسلم -:"ضعي يدك اليمنى على فؤادك فامسحيه وقولي: بسم الله اللهم داوني بدوائك واشفني بشفائك واغنني بفضلك عمن سواك"[2].

وجدير بكل مسلم ومسلمة إذا أصاب أحدهم شيء أن يفزع إلى الخالق قبل أن يفزع إلى المخلوق فلا شك أن هذا زيادة في التوكل ورسوخ في التوحيد.


57- العاقلة عروساً في ساحة القتال
أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية زوجة عكرمة بن أبي جهل، قتل عنها عكرمة بموقعة أجنادين، وبعد عدتها خطبها خالد بن سعيد فتزوجها على أربعمائة دينار، فلما نـزل المسلمون "مرج الصفر" أراد خالد أن يعرس بأم حكيم - أي يدخل بها - فجعلت تقول: لو أخرت الدخول حتى يهزم الله هذه الجموع، فقال خالد: نفسي تحدثني أني أقتل في جموعهم، قالت: فدونك "هيا"، فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر "اسم مكان" وبها سميت قنطرة أم حكيم، وأَوْلَم عليها، فدعا أصحابه على طعام فلما فرغوا من الطعام، صفت الروم صفوفها، صفوفاً خلف صفوف... وبرز خالد بن سعيد فقاتل فقتل، وشدت أم حكيم عليها ثيابها وتبدَّت وإن عليها أثر الخَلوق فاقتتل المسلمون والروم أشد القتال على النهر، وصبر الفريقان جميعاً، وأخذت السيوف بعضها بعضاً، وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط "الخيمة" الذي بات فيه خالد معرساً بها [3].

سبحان الله! ما هذا الثبات؟! لا يؤخرهم زواج عن قتال، ولا قتال عن زواج، صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

تنبيه هام
يستدل بعض المسلمين بخروج المرأة للجهاد أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده بجواز خروج المرأة مطلقاً لكل الأعمال ولو أدى ذلك إلى الإختلاط وغيره، وجعلوا بهذا الدليل خروجها أصلاً، في حين أن خروجها كان استثناء وليس أصلاً، ولن أطيل في تفسير هذه الجزئية لقلة بضاعتي، لكني سأترك السهم لراميه والقوس لباريه، وأستمع مع إخواني لسيد البشر - صلى الله عليه وسلم - ليفسر هو بنفسه خروج المرأة للجهاد وغيره، فماذا قال - صلى الله عليه وسلم -؟

عن سعيد بن عمرو القرشي أن أم كبشة "امرأة من قضاعة" قالت: يا رسول الله، ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا، قال:"لا"، قالت: يا رسول الله: إني لست أريد أن أقاتل، وإنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى وأسقي الماء، قال - صلى الله عليه وسلم -:"لولا تكون سنة ويقال: فلانة خرجت لأذنت لك، ولكن اجلسي، لا يتحدث الناس أن محمداً يغزو بامرأة"[4].

والحديث واضح ومفهوم، فإن قال قائل: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أذن للنساء في أحد وكن يقاتلن معه كأم عمارة، وفي خيبر كأم سنان الأسلمية التي استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج معه إلى خيبر لتخرز السقاة وتداوي الجرحى، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -:"إن لك صواحب قد أذنت لهن من قومك ومن غيرهم".

فإن قيل ذلك فأترك المجال ليرد عليه الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله، قال[5]:"يمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم - أي بين إذنه - صلى الله عليه وسلم - ثم عدم إذنه - أن هذا ناسخ لذاك، يعني قصة أم كبشة ناسخة لذلك كله، لأن قصة أم كبشة كانت عام الفتح سنة ثمانية من الهجرة، وغيرها كان في أحد وخبير سنة ثلاث وسبع من الهجرة - على الترتيب" اهـ.

ولننظر إلى قول أسماء بنت يزيد كما سبق بالفقرة [4] وهي تقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات "مستترات" قواعد بيوت، وإن الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا لهم أولادهم" حتى أعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - بفقهها والتفت إلى أصحابه وقال:"هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟".

إن خروج المرأة له ضوابط منها عدم الاختلاط فإذا وجد الإختلاط فبيتها أولى بها. فأين الإستدلال على خروج النساء إلى كل مكان على الإطلاق؟ أيها الأحباب لا يجوز بحال أن نجعل الإستثناء أصلاً نسير عليه.


58- العاقلة داعية إلى الإسلام
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:"... ووقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة وهي إحدى نساء قريش فأسلمت، ثم جعلت تدخل على النساء من قريش سراً فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكة. فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير، ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثاً لا يطعمونني ولا يسقونني، قالت: فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنـزلوا منـزلاً، وكانوا إذا نـزلوا "استراحوا" أوثقوني في الشمس واستظلوا، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا أنا بأثر شيء برد علي منه، ثم رفع ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء فشربت منه قليلاً ثم نـزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلاً... قالت: فصنع ذلك مراراً حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقلت: لا والله ما فعلت، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها وأسلموا بعد ذلك"[6].

أرأيت يا أختاه كيف يحفظ الله تعالى الداعية إذا صبر وأخلص بل ويجري الكرامات على يديه؟ وما أشبه دلو أم شريك بقطف العنب في يد خبيب في سجنه وليس بمكة كلها يومئذ حبة عنب.


59- العاقلة وبيان حدود الرجال والنساء في النكاح
عن عبدالرحمن بن يزيد ومجمع بن يزيد الأنصاريين - رضي الله عنهما - أن رجلاً منهم يدعى خداماً؛ أنكح ابنة له فكرهت نكاح أبيها، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له، فرد عليها نكاح أبيها، فنكحت أبا لبابة بن عبدالمنذر، وذكر يحيى أنها كانت ثيباً[7].

وعن نافع بن جبير قال: تأيمت خنساء بنت خدام "أي صارت بلا زوج، والأيم في الأصل التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً، مطلقة كانت أو متوفى عنها" فالخنساء تأيمت من زوجها، فزوجها أبوها بغير علمها فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله: إن أبي تغوَّث عليَّ "أغاث بي غيري" فزوجني ولم يشعرني فقال - صلى الله عليه وسلم -:"لا نكاح له، انكحي من شئت" فنكحت أبا لبابة [8].

وفي قصة أخرى لرجل أراد أن يزوج ابنة أخيه على رغبته دون رغبتها هي وأمها، فقالت أمها: والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتحبس أيم بني عدي على ابن أخيك، سفيه أو ضعيف؟ ثم خرجت حتى أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته الخبر فدعاه فقال له:"صل رحمك، وأرضِ أيمك وأمها فإن لهما من أمرهما نصيباً"[9].

وقد فهمت النساء هذه المسألة، حتى إن أم القاسم بنت ذي الجناحين جعفر لما تأيمت، دعت رجلين من المهاجرين ورجلين من الأنصار، فقالت لهم: إني قد تأيمت كما ترون، وإني مشفقة "خائفة" من الأولياء "أولياء أمرها" أن ينكحوني من لا أريد نكاحه، إني أشهدكم أني من أنكحت من الناس بغير إذني فإني عليه حرام ولست بامرأة "بزوجة"، فشهدوا لها جميعاً وأقروها وقالوا: لو فعلوا ذلك لم يجر عليك[10]. واستدلوا بقصة الخنساء المتقدمة.


60- العاقلة وطلاء الأظفار
قالت أم سنان الأسلمية: أتيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعته على الإسلام، فنظر إلى يدي فقال:"ما على إحداكن أن تغير أظفارها"[11].

فهذه امرأة لم تكن مسلمة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت فرأى النبي يدها مكشوفة وهي مغيرة أظفارها إما بطلاء، أو غيرت طريقة تقليم الأظفار فبدلاً من تقليمها تماماً جعلتها مدببة كالحربة أو غير ذلك، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك منها استنكره، وبين لها أن المرأة لم يطلب منها شرعاً أن تفعل في نفسها مثل ذلك. وللعلم فإن طلاء الأظفار الذي يكون بمثابة قشرة على الأظفار لا يصلح الوضوء معه، وبالتالي تبطل الصلاة به إن حصل الوضوء في وجوده، فمن شروط الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة[12]، والحناء لا تدخل في هذا بلا شك.

[1] (صحيح)، حديث رقم (4639) بصحيح الجامع عن عائشة.

[2] أخرجه الطبراني عن ميمونة بنت أبي عسيب، وانظر ضعيف الجامع (ح 3591).

[3] (الاستيعاب) لابن عبد البر، و(الإصابة) (4/243).

[4] الإصابة (8/283)، وطبقات ابن سعد (8/308).

[5] (الإصابة) لابن حجر (4/487)، والجمل الإعتراضية من أسلوب المؤلف.

[6] (الإصابة) لابن حجر (8/238).

[7] قال الألباني: صحيح، (صحيح ابن ماجه) (1/1541)، وأخرجه البخاري.

[8] أخرجه ابن مندة وابن سعد، وانظر (الإصابة) (4/287).

[9] ابن مندة، وانظر الإصابة (4/473).

[10] الإصابة (8/253).

[11] (الاستيعاب) لابن عبد البر، و(الإصابة) لابن حجر (4/462).

[12] (الدروس المهمة) لابن باز.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 22-04-2021, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (8)
الشيخ جمال عبدالرحمن


61- العاقلة وبشرى لكل المذنبين:
عن أم عصمة العوصية امرأة ابن قيس قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يعمل ذنباً إلا وقف الملك الموكل بإحصاء ذنوبه ثلاث ساعات، فإذا استغفر من ذنبه ذلك في شيء من تلك الثلاث ساعات لم يرفعه عليه يوم القيامة"[1].

فما أوسع رحمة الله جل وعلا الذي قال في ذلك: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 11]، والشرط في ذلك الصدق في التوبة والاستغفار وليس استغفار المستهزئين.

62- العاقلة والتوبة النصوح:
التوبة النصوح هي التي تكون عامة وشاملة لكل الذنوب، مما يعني تسليم المرء قلبه كله لله رب العالمين، فلا يتوب عن معصية ويترك غيرها بلا توبة؛ فالتسليم لله لا يتجزأ.

روى مسلم في صحيحه عن بريدة أن امرأة تسمى الغامدية جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني زنيت فطهرني، فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله، لمَ تردني؟ لعلك تردني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لحبلى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "... فاذهبي حتى تلدي" فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: "اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه"، فلما فطمته أتت بالصبي في يده كسرة خبز فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبِل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها فقال: "مهلاً يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس - نوع خبيث من أكل أموال الناس بالباطل - لغفر له"، ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت، فهل هناك توبة أصدق من مثل هذه التوبة؟ تلح المرأة وتجادل، ليس للهروب من الذنب والخطأ كما يفعل الكثيرون ولكن لتطهر من دنس الذنب ورجس المعصية، ولو كان التطهير رجماً بالحجارة حتى الموت.

إنها تعرف أن الرجم مهما كان قاسياً فهو أهون بكثير من غمسة واحدة في النار، من أجل ذلك جادت بأعز ما تملك؛ بروحها، فليسارع العصاة والزناة بالتوبة إلى الله، فإن الله تعالى يغفر لمن تاب ويهدي إليه من أناب.

63- العاقلة وهي وحيدة أبويها:
سهل بن رافع صاحب الصاعين الذي لمزه المنافقون - فأنـزل الله تعالى في حقه: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ... ﴾ [التوبة: 79].

خرج سهل بابنته عميرة، وبصاع من تمر فقال: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، قال: "وما هي؟" قال: تدعو الله لي ولابنتي، وتمسح رأسها فإنه ليس لي ولد غيرها، قالت عميرة: فوضع كفه علي، فأقسم بالله لكان برد كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كبدي بعد[2]. رضي الله تعالى عن عميرة، فحب أبيها لها وهي وحيدته لم يدفعه أن يهمل تربيتها أو يتساهل في تأديبها، لكنه ذهب يلتمس صلاحها والبركة بدعوة من سيد البشر، "تدعو الله لي ولابنتي".


64- العاقلة وبر أبويها قبل وبعد موتهما:
جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم"[3].

وأخرى جاءت إليه تسأله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة "في حج أو عمرة أو اعتكاف أو صلاة" فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقض عنها"[4].

65- العاقلة واحترام الأب:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيامها وقعودها؛ من فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت إذا دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليها قامت من مجلسها وقبلته وأجلسته في مجلسها[5].

ما أحسن العشرة حين يكون الاحترام متبادلاً سواء بين الزوج وزوجته أو بين الوالدين والأبناء، عندها يكون البيت جنة وبهجة، وتنمو المبادئ والقيم فيتلقنها الأولاد بالرضا والقبول.


[1] الحاكم (4/291) وقال: صحيح الإسناد، والإصابة لابن حجر (8/260).

[2] الاستيعاب (4/1888)، والإصابة (8/38).

[3] البخاري (2/1442)، ومسلم (2/1334).


[4] فتح الباري (4/1754)، وقال ابن حجر: أخرجه ابن مندة في حرف الغين المعجمة من الصحابيات.

[5] البخاري وأبو داود والترمذي.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 22-04-2021, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (9)
الشيخ جمال عبدالرحمن




66- العاقلة وصلة أمها ولو كانت كافرة
لقد أوصى الله سبحانه وتعالى بصلة الرحم، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 21].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"[1].

واشتق الله تعالى للرحم اسماً من اسمه "الرحمن" جل وعلا، ووعد بوصل من وصلها، وتوعد بقطع من قطعها، فقال سبحانه للرحم كما بالحديث القدسي: "... أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟". قالت: بلى، قال:"فذاك لك". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأوا إن شئتم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [2] [محمد: 22 - 23].

وهذه أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ترى أمها مشركة وأتتها، فلم تعرف أسماء ماذا تفعل، فاستفتت معلم البشرية - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، قالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت "إلي"، وهي راغبة أفاصلها؟ قال:"نعم صلي أمك"[3].

وكانت أمها كافرة، فكيف إذا كانت الأم مسلمة؟ وكيف إذا كانت كبيرة وضعيفة وفقيرة؟! إن من وصل رحماً وصله الله، ومن قطع رحماً قطعه الله كما جاء به ديننا.

67- العاقلة وملاينة العجوز المسن
عن أسماء بنت الصديق - رضي الله عنهما - قالت: لما توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مهاجراً - حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف، أو ستة آلاف، فأتاني جدي - والد أبي بكر - وقد عمي، فقال: إن هذا - يعني أبا بكر - قد فجعكم بما له ونفسه - يعني هاجر وفارقكم ولم يترك لكم مالاً - فقلت: كلا؛ قد ترك لنا خيراً كثيراً، قالت: فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت "طاقة"، وغطيت عليها بثوب ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت: هذا تركه لنا - تقصد الثوب حتى لا تقع في الكذب، أما جدها فقد فهم أن ما تحت الثوب نقود تركها أبو بكر - فقال: أما ترك لكم هذا فنعم"[4].

رحمكِ الله يا أسماء، الذكاء والفطنة، والصدق والخلق الحسن، كيف لا وأنت بنت الصديق؟

68- العاقلة والحداد على الميت
المعروف شرعاً أنه لا يجوز للمرأة الحداد على المبيت أكثر من ثلاث ليال، إلا على الزوج فقط، فتحد عليه زوجته أربعة أشهر وعشراً، والمقصود بالحداد الحزن وترك التزين، يقال أحدت المرأة على زوجها إذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة[5]. تقول زينب بنت أبي سلمة - رضي الله عنهما -: دخلت على أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان وذلك بعد وفاته بأكثر من ثلاث ليال - فدعت بطيب فيه صفرة خلوق "عطر" أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها[6]، ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة مؤمنة بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً..."[7].

الناس ليسوا سواء، فمن الناس من يهمل الضوابط الشرعية عند الوصية، ومنهم من يهملها عند الأفراح والليالي الملاح، ومنهم من يهمل الضوابط الشرعية في كل أحيانه، والجميع على خطر لكن الصنف الأخير هم شرار الخلق، لا في فرح يشكرون ولا في مصيبة يصبرون، ولا لأمر الله ورسوله يعظمون.

لكن المسلم العاقل والمسلمة العاقلة يحسنون طاعة ربهم في السر والعلن، والسراء والضراء، والغنى والفقر، فإن أصابهم سراء شكروا فكان خيراً لهم وإن أصابهم ضراء صبروا فكان خيراً لهم وما ذلك إلا للمؤمنين.

69- العاقلة والاستتار عن الرجال ولو كانوا صالحين
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت ألعب بالبنات "اللُّعب" فيجيء صواحبي، فينْقَمِعْنَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يعني يتغيبن منه ويدخلن وراء الستر"، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُسَربُهن إلي "يرسلهن" فيلعبن معي.

وفي لفظ: يأتين يلعبن معي بها، فإذا رأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَقَمَّعْنَ "اختبأن وراء الستر"[8].

ما شاء الله! طهر وعفاف في مجتمع طاهر عفيف، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتقى الناس وأصفاهم قلباً وأصلحهم سراً وعلانية، تختبئ الجاريات منه وراء الستر حتى يمر، ثم يرجعن للعب مع عائشة، ولا زال هناك من تختلط بالرجال فتقول: أنا قلبي صافي، ونيتي سليمة، وفلان مثل أخي والآخر كأنه أبي، ورباني على يديه، والحب شريف، أهذه عاقلة؟!

أذكر أن جمعية خيرية نظمت مسابقة لتحفيظ القرآن الكريم، وكان من بين المتسابقات في الاختبار بنتان لي، الكبيرة تسع سنوات والصغيرة ثمان سنوات، فلما جاء دورهما في استلام الجائزة، قام وكيل الوزارة مبتسماً ليسلم الجائزة للكبيرة ثم مد يده ليصافحها كالعادة عند تسليم الجوائز، فقالت له: أنا لا أصافح الرجال، ولما جاءت الصغيرة قالت مثل ذلك، وبعد هذا الموقف بأيام تقابلت بعض المتعلمات تعليماً عاليا كما يقولون؛ مع ابنتي وقالت لها: يا فلانة، هل هناك بنت تتاح لها فرصة مصافحة وكيل الوزارة أمام المشاهدين وتضيع هذه الفرصة؟

إنني أتساءل، في أي مدرسة تعلمت البنات اللاتي استترن وراء الستر حتى يمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ولماذا لم تصافح البنت منهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر - وليس وكيل وزارة - لتكون فرصة ثمينة لا تضيع؟ الجواب لأنهن تعلمن حقاً التعليم العالي ولكن في مدرسة الإسلام، ومدرسها القدوة الحسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكل من لم يتعلم من مدرسة الإسلام ويقتدي بإمامها محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو جاهل وإن بلغ الثُّريَّا[9].

70- العاقلة والتخفف من ملأ البطن
عائشة - رضي الله عنها - وهي تحكي قصة الإفك[10] التي نسجها المنافقون، تذكر أن الرجال المخصصين لحمل هودجها حملوه ووضعوه على البعير ظناً منهم أنها بداخله، تقول: "فاحتملوا هودجي فرحلوه "وضعوه" على بعيري، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء، إذ ذاك خفافاً لم يثقلهن اللحم، إنما يأكلن العُلْقة[11] من الطعام، فلم يستنكروا خفة المحمل حين رفعوه". فلم يكن الهدف ملأ البطون وتخزين الأطعمة وإنما كانت الآخرة هدفهم فنالوها.


[1] البخاري (5 /5787).

[2] مسلم (4 /2554) وغيره.

[3] البخاري (6 /201)، ومسلم (103)، وغيرهما.

[4] إسناده صحيح، وأخرجه ابن هشام في (السيرة) (1 /488) عن ابن إسحاق.

[5] النهاية لابن الأثير باب (حدد).

[6] العارضان هما صفحتا الخدين.

[7] البخاري (1 /1221) ومسلم (2 /1486).

[8] البخاري (10 /437)، ومسلم (2440).

[9] نجم من النجوم.

[10] كل ما سيأتي من قصة الإفك في البخاري ومسلم.

[11] العلقة: البلغة من الطعام، أي الشيء اليسير الذي يبلغ الإنسان بعض الشبع.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 22-04-2021, 03:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (10)
الشيخ جمال عبدالرحمن







71- العاقلة وترك فضول الكلام في محادثة الرجال:

فلما ساروا وانطلق الجيش وتركوا عائشة - رضي الله عنها - وهم لا يعلمون، كان صفوان بن المعطل من وراء الجيش للتأكد من أن الناس لم يتركوا شيئاً وراءهم، تقول: "فأتاني فعرفني حين رأني وكان يراني قبل الحجاب فاسترجع[1] فاستيقظت باسترجاعه، فخمرت رأسي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، فأناخ راحلته [ناقته] فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة [يمشي ويسحبها من ورائه]..." الحديث.



إنها رضي الله عنها تعلم - وهو أيضاً - أن الإسلام نهى عن المحادثات والحوارات والسمر بين الرجل والمرأة الأجنبية؛ فلذلك سارا لا يكلمها ولا تكلمه.



عن الحسن في بيعة الناس قال: "كان فيما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - [على النساء] ألا تحدثن الرجال إلا أن تكون ذات محرم فإن الرجل لا يزال يحدث المرأة حتى يمذي بين فخذيه"[2].



والمذي: هو ماء أبيض لزج يخرج من الرجل عند التفكير في النساء أو عند الملاعبة وهو نجس باتفاق العلماء.



72- العاقلة والتستر بسواد الليل:

فلما رجعت عائشة - رضي الله عنها - إلى المدينة مرضت شهراً وهي لا تعلم ما يقول أهل الإفك، فلما نقهت [شعرت بالعافية] تقول: "خرجت بعدما نقهت، فخرجت مع أم مسطح قِبَل المناصع[3]، تقول: وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل...



فلم تكن تخرج النساء لقضاء الحاجة إلا ليلاً إلى ليل [من الليل إلى الليل] وفيه فائدتان:

الأولى: أن الليل سترة للنساء وأن النساء رغم تسترهن بالحجاب والتزامهن به، كن يخرجن ليلاً لئلا يراهن أحد.



الثانية: أنهن لا يحتجن إلى قضاء الحاجة إلا مرة في اليوم والليلة تقريباً، وهذا سببه التخفيف في ملأ البطن، فكم مرة ندخل [الحمام] في زماننا؟!



73- العاقلة والدفاع عن أعراض المسلمين:

ثم تقول عائشة - رضي الله عنها -: "فعثرت أم مسطح في مرطها [كساء] فقالت: تعس مسطح [ابنها] فقلت لها: بئس ما قلتِ! أتسبين رجلاً شهد بدراً[4]؟ قالت أم مسطح: أوَلم تسمعي ما قال؟ [وكان قد استُدرج فقال ما قاله المنافقون في عائشة، ولم يكن يقصد الكيد لبيت النبوة مثلهم فزلت قدمه معهم عن غير قصد] فعرفت عائشة من أم مسطح بالذي يقول الناس منذ شهر وهي لا تدري، تقول: "فازددت مرضاً على مرضي"، فعائشة - رضي الله عنها - غافلة عما يقوله الناس وهي البريئة المطهرة، تدافع عن مسطح في غيابه من سب أمه له، فمن دفع عن مؤمن سوءاً دفع الله عنه ودافع عنه ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا... ﴾ [الحج: 38].



وحقاً دافع الله عنها وبرأها من فوق سبع سموات بقرآن يتلى بكرة وعشياً.



74- العاقلة وشهادة الحق:

وفي خضم تلك الأحداث المفجعة والآلام المروعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدري ما الحقيقة، فاستشار بعض أصحابه ومنهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقال علي: اسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة [وقيل جارية غير بريرة] فقال: "أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك؟" [يعني على عائشة] قالت: لا، والذي بعثك بالحق، إن رأيت [يعني ما رأيت] عليها أمراً أغمصه [أعيبه] أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن [الشاة] فيأكله.



وكذلك سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش زوجته - رضي الله عنها، [وهي ضُرِّة عائشة]، وأمر الضرائر معروف، لكن الشهادة لله فوق كل اعتبار، فتورعت وقالت: "أحمي سمعي وبصري"، يعني لا تقول في عائشة شيئاً يشينها.



ومن الأمثلة الرائعة في شهادة الحق، ما فعلته أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - وكانت زوجة جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم لما قتل في غزوة مؤتة؛ تزوجت أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -، ثم لما مات عنها تزوجت علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه.



أخرج ابن الموطأ بسند صحيح عن الشعبي قال: تزوج علي أسماء بنت عميس، فتفاخر ابنها محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال علي: اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شاباً خيراً من جعفر، ولا كهلاً خيراً من أبي بكر، فقال لها علي: فما أبقيت لنا[5]؟



فانظري أيتها المسلمة إلى شهادة أسماء - رضي الله عنها - لرجلين كان كل منهما زوجاً لها يوماً ما، وقد أدلت بتلك الشهادة في حضور زوجها علي - رضي الله عنه -، حتى قال لها مازحاً: فما أبقيت لنا؟!



75- العاقلة ومشاركة أخواتها أحزانهن:

وعائشة تبكي قبل أن تنزل براءتها - تقول: "حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي، فبينما أبواي جالسان عندي، وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي...".



إنها ببكائها مع عائشة تخفف عنها آلامها، وتشاطرها أحزانها، وتشعرها بأن حولها من يشفق عليها، ويحزن لحزنها، وهذا بلا شك واجب على المسلمة نحو أختها عند الشدائد، فالمسلون مثلهم في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.





[1] الاسترجاع هو قول: (إنا لله وإنا إليه راجعون).




[2] رواه ابن أبي حاتم تفسير ابن كثير - سورة الممتحنة.




[3] وهي مواضع خارج بيوت المدينة كانوا يتبرزون فيها.




[4] كل من شهد غزوة بدر غفر الله له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، البخاري، ومسلم، وغيرهما.




[5] الإصابة (7/490).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 22-04-2021, 03:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (11)
الشيخ جمال عبدالرحمن



76- العاقلة والاستعانة بالله على البلاء

ثم تقول عائشة رضي الله عنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأبيها وأمها رضي الله عنهماإنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني بريئة - لَتُصدِّقُني، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]. نسيت اسم يعقوب عليه السلام).



77- العاقلة والتواضع واحتقار النفس

وتقول - رضي الله عنها -ولكن ما ظننت أن الله ينـزل في شأني وحياً يتلى، ولشأني كان في نفسي أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها..).



78- العاقلة والورع والعدل

ثم تقول - رضي الله عنها -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري، وهي التي كانت تساميني "تنافسني" من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (في الجمال وحب النبي لها)، فعصمها الله بالورع...) فلما سئلت عن عائشة قالت: أحمي سمعي وبصري. ا هـ.



فلم تساهم - رضي الله عنها - في الفتنة بشيء، لا تصريحاً ولا تلميحاً، وكانت فرصة أن تتخلص من منافستها كما تفعل ضرائر زماننا إلا من رحم الله، لكنها عصمها الله تعالى بالورع حتى قالت فيها عائشة نفسهالم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة...) الحديث[1]. ما شاء الله، وتبارك الله، هؤلاء حقاً هم النساء.



وبهذه الفقرة انتهى حديثنا عن بعض المواقف للعاقلات أمهات المؤمنين والمؤمنات، فيها عبر وعظات، في قصة الإفك كما أتت بصحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، ثم نكمل حديثنا عن العاقلة.



79- العاقلة وفقهها في البلاء

كانت أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - تصدع - صداع الرأس - فتضع يدها على رأسها وتقول:"بذنبي، وما يغفره الله أكثر"[2]. حتى الصداع تعرف أنه بذنبها، هذا هو الفقه الصحيح، وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ... ﴾ [النساء: 79].



ولو أن المسلمة وضعت هذه القاعدة أمام عينيها، لعرفت أن كل مصيبة تأتيها وكل بلاء يحل بها؛ إنما هو بسبب ذنوبها هي فتريح نفسها وتصلح من شأنها.



80- العاقلة ومولودها الجديد

أرادت فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أم الحسن والحسين أن تعق [عقيقة] عن الحسن ابنها بكبشين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلملا تعقي ولكن احلقي رأسه فتصدقي بوزنه - وزن الشعر - من الورق [الفضة]) ثم ولدت الحسين فصنعت مثل ذلك[3]. ومعروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع العقيقة ولكن أراد أن يعفي ابنته فاطمة منها لأنه سيقوم هو بذلك، فعق عنهما - صلى الله عليه وسلم.



فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً[4].



فعليك أيتها العاقلة أن تعقي عن مولودك يوم سابعه لتصيبي السنة، وتكون بركة في المولود، وأهله بدلاً من البدع والخرافات والإبريق ورش الملح وعروسة وحصان، وتكاليف ما أنـزل الله بها من سلطان.





[1] مسلم (2422).



[2] طبقات ابن سعد (8/251).



[3] رواه أحمد (6/27240)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/304)، قال الألباني في صحيح الجامع (ح7960): صحيح.



[4] رواه أبو داود. قال الألباني: صحيح، (صحيح أبي داود) (ح2471).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 22-04-2021, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (12)
الشيخ جمال عبدالرحمن






81- العاقلة ورحمة أولادها والإحسان إليهم:

عن أنس بن مالك قال: جاءت امرأة إلى عائشة - رضي الله عنها - ومعها صبيان لها فأعطتها ثلاث تمرات فأعطت - المرأة - كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة، فقالوما يعجبك من ذلك؟ لقد رحمها الله برحمتها صبييها)[1]. وفي رواية عن عائشة قالت: دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: "من ابتلي [اختبر] من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار" [متفق عليه] وفي رواية مسلم: "إن الله قد أوجب لها بهما الجنة أو أعتقها بهما من النار".



82- العاقلة ورعاية الأبناء بعد أبيهم:

كانت أم سليم - رضي الله عنها - تقول: "لا أتزوج حتى يبلغ أنس ويجلس في المجالس". يعني يصير شاباً يافعاً يواجه الرجال، وهذا من عناية تلك الأم بولدها بعد فقد زوجها، فالمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها، قال أنس رضي الله عنه: جزى الله أمي عني خيراً فقد أحسنت ولايتي (تربيته وهي ولية أمره)، ثم خطبها أبو طلحة وقال لها: "فقد جلس أنس في المجالس وتكلم"، فتزوجها[2]، حتى إنها جعلت أنساً وليها في الزواج فقالت له: يا أنس قم فزوج أبا طلحة. رحم الله أم سليم.



83- العاقلة ونصح ولدها وحثه على ترك المعصية:

قال عبدالله بن المبارك: قالت عائشة: يا بَنِي، لا تطلبوا ما عند الله؛ من عند غير الله مما يسخط الله[3].



وقال أبو القاسم عبدالرحمن بن يمن بن عطية التاهرتي: كانت والدتي تحفظ القرآن، وكتاب الجمل في النحو للزجاجي، وكتبت المدونة بخطها، وتقول لي: يا بني، لا تحتقر من الخير ولا من الشر شيئاً، فقد قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، فانتفعت بكلامها ووصيتها[4].



وعن أبي إسحاق عن الأسود قال: قلت لعائشة: إن رجلاً من الطلقاء يبايع له - يعني معاوية - قالت: يا بني، لا تعجب، هو ملك الله يؤتيه من يشاء[5].



وعن أصبغ بن زيد الواسطي قال: كان لسعيد بن جبير ديك، كان يقوم من الليل بصياحه، قال: فلم يصح ليلة، فشق عليه، فقال: ما له قطع الله صوته، قال: فما سمع بعدها، فقالت أمه: يا بني، لا تدعو على شيء بعدها[6].



فالمرأة العاقلة تنصح بنيها وتعلمهم، وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر.



84- العاقلة وتربية ولدها وتدبير مستقبله:

عن حسن بن دحمان الأشقر قال: كنت بالمدينة، فخلا لي الطريق وسط النهار، فجعلت أتغنى:



ما بال أهلكِ يا رباب

خُزْراً كأنهمُ غضاب؟








قال: فإذا خوخة "نافذة" قد فتحت، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء، فقال: يا فاسق، أسأت التأدية، ومنعت القائلة، وأذعت الفاحشة، ثم اندفع يغنيه، فظننت أن طويساً قد نشر بعينه، فقلت له: أصلحك الله، من أين لك هذا الغناء؟ فقال: نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين، وآخذ عنهم، فقالت لي أمي: يا بني، إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه، فدع الغناء واطلب الفقه، فإنه لا يضر معه قبح الوجه، فتركت المغنين واتبعت الفقهاء، فبلغ الله بي عز وجل ما ترى، فقلت له: فأعد جعلت فداءك، قال: لا، ولا كرامة، أتريد أن تقول أخذته عن مالك بن أنس وإذا هو مالك بن أنس[7]. فترك الغناء وطلب الفقه رحمه الله، عملاً بنصيحة أمه، فناله أعظم ما يكون.



وأخرج البخاري رحمه الله عن أنس رضي الله عنه أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة - وكان حارثة قتل يوم بدر - أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن حارثة، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال: "يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى". إن أم حارثة ربته وتعبت في تربيته وتريد أن تطمئن عليه، هل بعد تعبها يدخل النار؟ فما فائدة التربية! لكن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرها بأن تعبها جاء بثمرته وفائدته، ونجح ابنها النجاح الأعلى وحصل على الدرجات العليا (الفردوس الأعلى).



فهل يا أختاه تتعبين في تربية أبنائك؟ وهل حسبت الحساب بالضبط وأن تعبك في تربيتهم هو طريق الجنة؟ إن المرأة الحنونة على أبنائها هي التي تشفق عليهم من عذاب الله، وليست التي تشفق أن توقظهم من النوم للصلاة.



وهذه الخنساء بنت عمرو السلمية رضي الله عنها، حضرت حرب القادسية ضد الفرس ومعها بنوها الأربعة، تعظهم وتحرضهم على القتال وعدم الفرار وتقول لهم: "إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، وإنكم لابن - أي أبناء - أب واحد وأم واحدة، ما حَبَت آباؤكم (ما عجزت)، ولا فضحت أخوالكم، فلما أصبحوا باشروا القتال واحداً بعد واحد حتى قتلوا جميعاً، فبلغها الخبر فقالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته"[8].



سبحان الله!! ما هؤلاء النسوة اللاتي شرفهن التاريخ والدنيا، وخلد ذكرهن في الصالحات، وأفضل المربيات؟! أربعة أبناء تقدمهم الخنساء وقوداً للحرب، لكن في سبيل الله، ولما علمت باستشهادهم عرفت أن ذلك شرفاً وذخراً عند الله فتمنت لقاءهم عنده جل وعلا، كانت منذ قليل تنوح على موت أخيها صخر وتشق الجيب وتقص الشَعر؛ لأنها لم تكن أسلمت بعد، وها هي الآن تفتخر وتتشرف بفقد أربعة هم فلذات كبدها. فما الذي غيرها؟ إنه الإسلام.



أختنا المسلمة: كم أضاع أولادك من الوقت مع الكرة ومع الغناء والمسارح والسينما والتلفزيون، والمجلات الهابطة والأفلام الخليعة؟!




هل علمت أحداً منهم القرآن؟ هل نال منك إعداداً ليكون فارساً في سبيل الله إذا اقتضى الأمر؟ الله المستعان.



85- العاقلة وعزة النفس تلقنها لابنها:

هذه أعرابية وأم عربية، عزيزة النفس توصي ابنها بأن يكون عزيز النفس محافظاً على كرامته، تقول: "يا بني، إن سؤالك الناس ما في أيديهم من أشد الافتقار إليهم، ومن افتقرت إليه هنت عليه، ولا تزال تُحفظ وتُكرم، حتى تسأل وترغب، فإذا ألحت عليك الحاجة، ولزمك سوء الحال، فاجعل سؤالك إلى من إليه حاجة السائل والمسئول [الله جل وعلا] فإنه يعطي السائل" [9].



إنها ترده إلى خالقه الذي يفرح بسؤال العبد، وترده عن المخلوقين الذي يضيقون بسؤال الناس لهم.





[1] أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (1/45)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (ح4373) وقال: (صحيح).




[2] (الإصابة) لابن حجر (4/461).




[3] البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن بحر، المولد سنة 159هـ. (1/517).




[4] معجم السفر (1/172) لأبي طاهر أحمد بن محمد السلفي المولود سنة 576.




[5] مصنف ابن أبي شيبة (6/186).




[6] كرامات الأولياء لهبة الله اللالكائي المتوفى سنة 418 (1/196)..




[7] الأغاني للأصفهاني (4/221).




[8] (الإصابة) لابن حجر (4/288)، والتعبير بلفظ: (مستقر رحمته) خطأ، والصواب: (في جنته)؛ لأن مستقر الرحمة هو الذات، انظر بالتفصيل، صحيح الأدب المفرد للألباني رحمه الله (1/768).




[9] (العقد الفريد) لابن عبد ربه (2/85).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 22-04-2021, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (13)
الشيخ جمال عبدالرحمن






86- العاقلة تلقن ابنها الشجاعة:

لأسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - موقف بل مواقف تدل على حسن مشورتها، وصائب رأيها، وشجاعتها وصبرها، ويظهر ذلك واضحاً جلياً من خلال قصتها التي ضربت فيها أروع الأمثلة في كيفية تعليم المرأة العاقلة لأولادها وأبنائها الشجاعة حتى لو كان ثمن ذلك الموت.



إن موقف عبدالله بن الزبير وأمه أسماء آية بالغة ودليل عظيم على ما نقول؛ فلقد كان عبدالله على إمرة المؤمنين، ودانت له العراق والحجاز واليمن ثماني سنين، ثم أخذ عبدالملك بن مروان يقارعه فانتقص منه العراق وأخذ يطوي البلاد عنه حتى انتهى إلى مكة فطوقها بيد من حديد هي يد الحجاج بن يوسف الثقفي.



وكان عبدالله يقاتل جند الحجاج مسنداً ظهره إلى الكعبة فيروع أبطالهم ويفرقهم وليس حوله إلا أعداد قليلة، والحجاج بين ذلك كله يرسل إليه يمنيه ويعده بالإمارة إن هو خضع وبسط للبيعة يده، ولكن عبدالله لم يستجب، بل دخل على أمة يستلهم رأيها ويستشيرها فقالت له في حكمة بالغة: يا بني إن كنت تعلم أنك على حق تدعو إليه فامض عليه، وإن كنت أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن معك، وإن قلت إني كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي فليس هذا فعل الأحرار ولا من فيه خير، كم خلودك في الدنيا؟! القتل أحسن ما يقع بك يا ابن الزبير، والله لضربة بالسيف في عز أحب إلي من ضربة بالسوط في ذل، فقال: يا أماه أخاف إن قتلت إن يمثل بي وأصلب، فقالت أسماء - رضي الله عنها - قولتها المشهورة: يا بني، إن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح، فقبل رأسها وقال: هذا والله رأيي، ولكني أحببت أن أطلع على رأيك فيزيدني قوة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي، وذهب عبدالله فقاتل وصبر، وتكاثر عليه أعداؤه فقتلوه، وصلبه الحجاج وظل مدة وهو مصلوب، فقالت أسماء - في صبر واحتساب - اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه، فأتيت به بعد فجعلت تحنطه بيدها وتكفنه بعد ما ذهب بصرها ثم أدرج في أكفانه وصلت عليه، وما أتت عليه جمعة إلا ماتت - رضي الله عنها[1].



فينبغي على المسلمة أن تربي ولدها على الشجاعة، فمن الأخطاء الشائعة في ذلك أن بعض الأمهات إذا أرادت ألا يذهب طفلها إلى مكان، أو أن يأتي إليها أخافته من الذئب أو من الظلام أو من الغول وغيره، ولا شك أن هذا يغرس فيه الخوف والجبن ويقلل عنده الشجاعة.



87- العاقلة ووداع ابنها المسافر:

هذه امرأة توصي ابنها وهو مسافر وتزوده وهي تودعه، فماذا قالت له؟ تقول: (أي بني، اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك، فإن الوصية أجدى عليك [أنفع لك] من كثير عقلك، أي بني، إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة، وتفرق بين المحبين، إياك والتعرض للعيوب فتتخذ غرضاً [أي هدفاً للنيل منك] وخليق [جدير] ألا يثبت الغرض علي كثرة السهام، وقلما اعتورت [قصدت] السهام غرضاً [هدفاً] إلا كلَمته [جرحته] حتى يهي [يضعف] ما اشتد من قوته، وإياك والجود بدينك، والبخل بمالك وإذا هززت [قصدت] فاهزز كريماً يَلِن لهزتك، ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا يتفجر ماؤها، ومثل لنفسك مثال [اجعل لنفسك هذا الميزان] ما استحسنت من غيرك فاعمل به، وما استقبحت من غيرك فاجتنبه فإن المرء لا يرى عيب نفسه][2].



إنها والله وصية جامعة بها حكم بالغة، وعظات مثمرة تخرج من قلب الأم إلى ابنها فتضيء له طرق سفره، فهي توصيه بتجنب النميمة والبعد عن عيوب الناس، وتنصحه ألا يكون مقتراً في ماله مبذراً في دينه، وأن يتصل بالكرام لا باللئام وأن يفعل ما يستحسنه من غيره ويترك ما يستقبحه.



88- العاقلة ووصية ابنتها ليلة زفافها:

من الواجب على الأم أن تلقن ابنتها عند ذهابها إلى عشها الجديد مبادئ الحياة الزوجية، وهذا امرأة عاقلة فعلاً تحمل عقلاَ راجحاً وقلباً صالحاً، إنها أمامة بنت الحارث توصي ابنتها ليلة زفافها فتقول: [... أي بنية، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك [بعقده عليك] رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً [أي سريع الإجابة لك]. يا بنية: احملي عني عشر خصال تكن لك ذخراً وذكراً:

الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.



والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.



والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود.



والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.



والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء [الرعاية] على نفسه وحشمه [خدمه] وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير.



ولا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره، لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.



ثم اتق منه ذلك الفرح إن كان تَرِحاً [أي لا تفرحي إن كان غضباناً] والاكتئاب عنده إن كان فرحاً [أي لا تحزني إن كان فرحاً] فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير.



وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً، يكن أشد ما يكون لك إكراماً.



وأشد ما تكونين له موافقة يكن أطول ما يكون لك له مرافقة.



واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين، حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك[3].



أختنا المسلمة: هل رأيت مثل هذا المرأة الأم وهي توصي ابنتها، أجمل ما تكون ذوقاً، وأصوب نظراً وأبلغ حكمة، وأروع تجربة، وأعذب لغة، وأحلى منطقاً؟!



إن كثيراً من بناتنا وأمهاتهن ليفتقدن مثل هذه النصيحة الثمينة والوصية الغالية.



89- العاقلة قدوة في تعويد أولادها على الصدق:

عن عبدالله بن عامر بن ربيعة قال: جاءنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في دارنا، وكنت ألعب، فقالت أمي: يا عبدالله، تعال أعطك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أردت أن تعطيه؟" قالت: أردت أن أعطيه تمراً، قال: "أما أنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة" [4].



فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يتأكد ويؤكد هذا المعنى العظيم لأم عبدالله بن عامر، بحيث تكون صادقة إذا وعدته بإعطائه، وبحمد الله كانت أم عبدالله صادقة فيما قالته لعبدالله ابنها: "تعال أعطك"، "أعطيه تمراً".



وهذا درس لمن يعدون الأبناء بالعطايا ثم يهونون من شأن تلك الوعود، فإن ذلك مدعاة لتعلم الولد رذيلة الكذب.



90- العاقلة وحب زوجها للبنين وهي تلد الإناث:

هجر أبو حمزة الضبي خيمة امرأته، وكان يقيل ويبيت عند جيران له حين ولدت امرأته بنتاً، فمر يوماً بخبائها، وإذا هي ترقصها وتقول:





ما لأبي حمزة لا يأتينا

يظل في البيت الذي يلينا



غضبان ألا نلد البنينا

تالله ما ذلك في أيدينا



وإنما نأخذ ما أعطينا

ونحن كالأرض لزارعينا


ننبت ما قد زرعوه فينا







فلما سمع الشيخ الأبيات غدا حتى ولج عليها الخباء، فقبل رأس امرأته وابنتها، وقال: ظلمتكما ورب الكعبة[5].



إن البنات هبة من الله تعالى، ولا يدري الإنسان دائماً أين الخير، أفي البنين أم في البنات أم فيهما معاً، أم في عدمهما، فالقاعدة المحكمة قول الله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].



وكانت ذرية الأنبياء بنات، وأشهرهم في ذلك محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان جميع أبنائه الذين عاشوا وكبروا بنات.



فــــــ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50].



فهل علمت العاقلة أن الخير فيما يختاره الله فتقنع بقسمته، وترضى بخيرته؟!





[1] انظر (تاريخ الطبري) (3/538، 539) بتصرف واختصار.




[2] (الأمالي) لأبي علي القالي (2/81).




[3] (العقد الفريد) لابن عبد ربه (3/223).




[4] (الاستيعاب) (3/931). وانظر السلسلة الصحيحة (ح 748).




[5] البيان والتبيين (1/108).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 22-04-2021, 03:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (14)
الشيخ جمال عبدالرحمن




91- العاقلة والصبر على فقد الولد:
إن الأولاد فلذة الأكباد، وفقد الولد كثيراً ما تتأثر به الأم أكثر من الأب، ولكننا رأينا نموذجاً فذاً ومثالاً قل أن يتكرر، رأينا أم سليم زوجة أبي طلحة، يموت ابنها المريض، والأب خارج البيت، فتطلب من أهل البيت ألا يبلغه أحد بالخبر حتى تبلغه هي، فلما جاء سألها عن ابنه فقالت: سكن واستراح "تقصد أنه مات" لكن الأب لم يفهم ذلك، بل فهم أن الولد في عافية، والسبب أن الأم لم يظهر عليها شيء من التأثر، بل كانت متزينة بأحسن الزينة وأعدت له عشاء، فلم يشك في الأمر، فلما تعشى وأعجبته زينتها جامعها، ثم بعد أن شبع بطنه وفرجه أبلغته، وبحكمة نادرة بالغة؛ قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ "يعني لو استعار أحد شيئاً من أحد، ثم جاء صاحب الشيء يطلبه، أيحزن ذلك المستعير؟" قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، فدهش أبو طلحة مما صنعت زوجته، فأبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بالذي حدث فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في جماعهما تلك الليلة، وقال: "اللهم بارك لهما"، فولدت غلاماً سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله، وكبر عبدالله وتزوج وأنجب تسعة من الأولاد كلهم قرأوا "حفظوا" القرآن، وتلك دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم [1].

فهل رأيتِ أيتها العاقلة مثل هذه المرأة "أم سليم" في صبرها وجلدها وعقلها وحكمتها؟
وها هي أم سعد بن معاذ وقد فقدت ابنها عمرو في غزوة أحد مع قتلى آخرين، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أم سعد أبشري وبشري أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً وقد شفعوا في أهلهم جميعاً"، قالت: رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا[2]؟! ثم هي هي تفقد سعداً بعد ذلك شاباً يافعاً عمره 37 سنة، فعن المسور بن رفاعة القرظي قال: جاءت أم سعد بن معاذ تنظر إلى سعد في اللحد، فردها الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها"، فأقبلت حتى نظرت إليه وهو في اللحد قبل أن يبنى عليه اللبن والتراب، فقالت: احتسبتك عند الله، وعزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره[3]. نعم، هل يبكي أحد على من بشر بالجنة؟! قطعاً لا، والسبب أنهم كانوا يدركون معنى البشرى، وقدر الجنة.

ولكن لما رق الدين ونقص الإيمان صارت الجنة تذكر أمام كثير من الناس ولا شيء، وتذكر النار والأمر هين! ويذكر عذاب القبر ونعيمه ولا بأس، نعوذ بالله من قسوة القلوب وغفلتها.

وقد مر بنا قصة أم حارثة، وكذلك الخنساء التي قدمت أولادها الأربعة، تحرضهم على الموت تحريضاً في حرب القادسية، فقتلوا جميعاً، فاستقبلت الخبر بالبشرى وقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم.

وهذه أعرابية تبكي ابنها، وقد حجت وهو معها، فأصيبت به، فلما دفن قامت على قبره وهي وجعة، فقالت: والله يا بني، لقد غذوتك رضيعاً، وفقدتك سريعاً، وكأنه لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحت بعد النضارة والغضارة ورونق الحياة، والتنسم في طيب روائحها، تحت أطباق الثرى جسداً هامداً، ورفاتاً سحيقاً وصعيداً جرزاً، أي بني، لقد سحبت الدنيا عليك أذيال الفنا، وأسكنتك دار البلى، ورمتني بعدك نكبة الردى، أي بني؛ لقد أسفر لي عن وجه الدنيا صباح داج ظلامه، ثم قالت: أي رب؛ ومنك العدل ومن خلقك الجور، وهبته لي قرة عين، فلم تمتعني به كثيراً، بل سلبتنيه وشيكاً، ثم أمرتني بالصبر، ووعدتني عليه الأجر، فصدقت وعدك، ورضيت قضاءك، فرحم الله من ترحم على من استودعته الردم، ووسدته الثرى، اللهم ارحم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته يوم تنكشف الهنّات والسوءات[4] سبحان الله! ما أحسن حديثها.

92- العاقلة وقلب الأسد وشهامتها ضد المجرمين:
أم موسى اللخمية - زوجة نصير اللخمي والد موسى بن نصير - "الأمير المشهور الذي فتح الأندلس" -، شهدت مع زوجها اليرموك، فقتلت حينئذ علجاً "العلج هو الرجل من كفار العجم وغيرهم" وأخذت سلبه - متاعه - وكان عبدالعزيز بن مروان "من أمراء بني أمية" يستحكيها "يطلب منها أن تحكي القصة" فتصفه له وتقول:"بينما نحن في جماعة من النساء؛ إذ جال الرجال جولة، فأبصرت علجاً يجر رجلاً من المسلمين فأخذت عمود الفسطاط "الخيمة" ثم دنوت منه فشدخت به رأسه "فلقتها" وأقبلت أسلبه "آخذ متاعه" فأعانني الرجل المسلم على أخذه"[5].

بارك الله فيك يا أم موسى، يا أم الرجال، كيف لا تفتحين رأسه، وولدك فتح الأندلس؟! والله ما قصرت ولا فعلت غير الواجب، ومبارك عليك ما سلبتيه منه، فقد قال سيدك محمد صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلاً فله سلبه"[6]. وقال: "وجعل رزقي تحت ظل رمحي"[7]، فهذا رزقك، هنيئاً لك.

وعن أنس رضي الله عنه أن أم سليم - أمه اتخذت خنجراً يوم حنين "غزوة حنين" فقال أبو طلحة "زوجها" يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر - يمزح معها! - فقالت يا رسول الله، إن دنا مني مشرك بقرت "شققت" به بطنه[8].

وعن صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم الزبير بن العوام وأخت حمزة رضي الله عنهم جميعاً -، قالت: أنا أول امرأة قتلت رجلاً، كان حسان بن ثابت معنا، فمر بنا يهودي فجعل يطيف بالحصن - الذي فيه النساء - تقول: فاحتجزت "أي شدت حُجزة - حزاماً - على وسطها" وأخذت عموداً ونـزلت فضربته حتى قتلته[9].

يا ليتك يا صفية تعرفينا وتعاونينا على قتل اليهود الذين استلبوا الأرض وانتهكوا الحرمات وأفسدوا أيَّما إفساد، لقد بطلت حيلة الرجال يا صفية فعرفينا كيف يقتل اليهودي؟!

وعن هشام بن عروة أن أسماء بنت أبي بكر - جدته - اتخذت خنجراً - زمن سعيد بن العاص -ـ للصوص وكانوا قد استعروا "كثروا" بالمدينة فكانت تجعله تحت رأسها، فقيل لها: ما تصنعين بهذا؟ قالت: إن دخل علي لص بعجت بطنه، وكانت عمياء![10].

93- العاقلة وتمنيها الغزو والشهادة في سبيل الله:
عن أم حرام بنت ملحان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيتها "أي نام وقت القيلولة" يوماً فاستيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: يا رسول الله: ما أضحكك؟ قال: "عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر "غزاة في سبيل الله" كالملوك على الأسرة "جمع سرير"، قلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "أنت من الأولين"، فتزوجها عبادة بن الصامت، فغزا بها في البحر فحملها معه، فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها، فدقت عنقها، فماتت رضي الله عنها"[11]، لقد صدقت الله فصدقها، قال صلى الله عليه وسلم:"إن تصدق الله يصدقك"[12].

وعن أم ورقة الأنصارية أنها قالت: يا رسول الله، لو أذنت لي فغزوت معكم، فمرَّضتُ مريضكم وداويت جريحكم - وذلك في غزوة بدر - فلعل الله أن يرزقني الشهادة؟ قال: "يا أم ورقة؛ اقعدي في بيتك فإن الله سيهدي إليك شهادة في بيتك"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها، وكان لها غلام وجارية قد دبرتهما "لخدمتها"، فقاما إليها فغمياها فقتلاها، فلما أصبح عمر قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئاً، فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صعد المنبر فذكر الخبر وقال: عليَّ بهما، فأتي بهما فسألهما فأقرا أنهما قتلاها، فأمر بهما فصلبا، فكانا أول مصلوبين بالمدينة[13].

94- العاقلة والتطلع إلى أعلى الدرجات:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة (زوجهُ) بطلاقها، فجلست على طريقه صلى الله عليه وسلم، فقالت: أنشدك "أي أسألك" بالذي أنـزل عليك كتابه، لم طلقتني؟ أَلِمُوجِدَة؟ "يعني لشيء في نفسك تأخذه علي" قال: "لا" قالت: أنشدك الله لما راجعتني، فلا حاجة لي في الرجال، ولكني أحب أن أبعث في نسائك، فراجعها[14].

95- العاقلة ونصرة الحق:
لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، ودخل هو وصاحبه الصديق في غار ثور، وكان لابد لهما من الزاد والطعام، فمن ذا الذي يتحمل مسئولية توصيل الطعام لهما، وعيون الكفار من قريش مرتقبة، وحرارة الشمس ملتهبة، والطريق إلى الغار ليس قريباً؟ إنها الصابرة المحتسبة أسماء بنت أبي بكر.

قال البخاري[15] - رحمه الله -:
وأتتهما أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاماً "رباط تعلق به السفرة"، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة، فإذا ليس لها عصام فشقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد، وانتطقت بالآخر، فسميت ذات النطاقين.

تلك المرأة التي أسهمت في نصرة الحق وإتمام خطة الخروج والهجرة - رضي الله عنها.


[1] القصة بنصها في البخاري ومسلم وشرحتها بأسلوبي.

[2] (السيرة الحلبية) (2/47).

[3] الطبقات الكبرى (3/432).

[4] جمهرة خطب العرب (3/273).

[5] (الإصابة) لابن حجر (4/501).

[6] البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود.

[7] البخاري وأحمد (2/50).

[8] (طبقات ابن سعد) (8/425)، وإسناده صحيح.

[9] أخرجه الحاكم (4/51)، ورجاله رجال الصحيح، والطبراني والهيثمي في (المجمع) (6/134).

[10] أخرجه الحاكم في (المستدرك) (4/64)، وابن سعد (8/253).

[11] البخاري (12/345)، ومسلم (1912) وغيرهما.

[12] (صحيح) انظر صحيح الجامع (ح1415).

[13] (حسن)، أخرجه أبو داود، وانظر صحيح أبي داود للألباني (ح555).

[14] أخرجه ابن سعد (8/54)، وسنده صحيح.

[15] صحيح البخاري (1/553).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 23-04-2021, 01:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (15)
الشيخ جمال عبدالرحمن









96- العاقلة والانقياد للحق:

وهذه ملكة سبأ، وقد بين القرآن رجاجة عقلها ونضج أفكارها، فلما عرض عليها أمر الإسلام لله، وكانت تعبد الشمس هي وقومها فترددت وتشاورت، وراسلت وحاورت، فلما حصحص الحق وعرفت أن دين سليمان حق، قالت قولتها التي سجلها القرآن عنها: ﴿ رب إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44].



نعم كانت ظالمة لنفسها بالشرك وعبادة الشمس، والله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].



97- العاقلة وفعل الخيرات:

تزوج هارون الرشيد الخليفة العباسي الصالح بامرأة صالحة وهي: الست المحجبة [أمة العزيز] وتكنى أم جعفر بن المنصور أبي جعفر العباسي، وكانت عظيمة الجاه والمال، لها آثار حميدة في طريق الحج، وكان في قصرها من الجواري نحو مائة جارية كلهن يحفظن القرآن[1].



اسمها [أمة العزيز] ولقبها جدها المنصور [زبيدة]؛ لأنها كانت بيضاء ناصعة البياض كأنها الزبدة فكان جدها يحبها ويلاعبها ويقول لها: يا زبيدة، حتى اشتهرت بهذا الاسم.



جعلت مدة حياتها لفعل الخيرات، قال عنها ابن جبير في كلامه على طريق الحج: [وهذه المصانع والبرك والآبار والمنازل التي من بغداد إلى مكة هي آثار زبيدة ابنة جعفر].



مهدت طريقاً للحج من بغداد إلى مكة وجعلت فيه مرافق ومنافع على جنباته وحفرت الآبار والعيون وصرفت في ذلك مبالغ قيل: إنها حوالي [أربعة وخمسين ألف ألف درهم].



هذه المرأة لم يضرها أنها عاشت في بيت خلافة، ولم يخدعها بريق الأموال والترف، ولو أنها كانت من ذلك الصنف ما سمعنا لها ذكراً، وما رأينا لها قدراً، وما حازت سمعة طيبة وأجراً.



جواريها وخدمها كلهن يحفظن القرآن، وكان يسمع في قصرها دوي مثل دوي النحل من قراءة القرآن، فأين نساؤنا اليوم من هذه؟ وماذا يسمع في بيوتنا؟ وماذا نعلم خدمنا وأبناءنا وبناتنا؟، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].



98- العاقلة ورحمة الحيوان:

الراحمون يرحمهم الرحمن، والقلب الذي تنـزع منه الرحمة تنـزع منه البركة، فلا فائدة فيه ولا خير يرجى منه.



روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما كلب يطيف بركية [يدور حول بئر] قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغيٌّ [زانية] من بغايا بني إسرائيل فنـزعت موقها [خُفها] فأسقت له به، فسقته فغفر لها به". ففي مقابل رحمتها لكلب، غفر الله تعالى لها كبيرة من أعظم الكبائر، فما هو الحال لمن يرحم بشراً؟



وفي المقابل نرى أن "امرأة عذبت في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها إذ هي حبستها؛ ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض"[2]. حقاً من لا يرحم لا يرحم، ولا تنزع الرحمة إلا من شقي.



99- العاقلة امرأة مثالية:

عفراء بنت عبيد بن ثعلبة، قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى - عنها: "وعفراء هذه لها خصيصة لا توجد لغيرها؛ وهي أنها تزوجت بعد الحارث بن رفاعة؛ البكير بن ياليل الليثي، فولدت له أربعة من الأولاد: إياساً، وعاقلاً، وخالداً، وعامراً، وكلهم شهدوا بدراً، وكذلك إخوتهم لأمهم بنو الحارث بن رفاعة [ثلاثة]، فانتظم من هذا أنها امرأة صحابية لها سبعة أولاد شهدوا كلهم بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم [3]. ومعروف أن كل من شهد بدراً غفر له، وهو من أهل الجنة!



ما شاء الله، سبعة أولاد من أهل الجنة!



وكذلك الخنساء تقدم أربعة من الولد في حرب القادسية فيقتلون جميعاً، فتقول صابرة محتسبة: الحمدلله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته][4].



وأم عمارة وابناها وزوجها في ساحة القتال بأحد والقتل مستعر فوق رؤوسهم، كما أوردنا ذلك بالفقرة [7].



وامرأة بني دينار[5] التي قتل زوجها وأخوها وأبوها في أحد، وكلما أخبروها بقتل أحدهم تسأل أولاً: فما فعل رسول الله؟ فلما رأته حياً هان عليها مصابها في أهلها أجمعين، وغيرهن كثير، وهذه نماذج فقط لكنها النساء المثاليات، واللاتي ينبغي أن تقاس المثاليات عليهن، إننا نسمع عن أمهات اختيرت مثاليات لسنة كذا وسنة كذا، فإذا عشنا في أسباب مثاليتهن وجدنا أحداهن ربت أولادها بعد أبيهم، وكافحت حتى صار أحدهم طبيباً والآخر مهندساً والثالث قاضياً، وربما لا يصلي بعضهم أو كلهم، صحيح أن المرأة التي تفقد زوجها تعاني بعده في تربية الأولاد، لكن لا بد أن يكون ضمن هذه المعاناة التربية الإسلامية، والفقه في الدين، بجوار الوظائف الدنيوية، أما أن تكون الوظائف والمناصب هي فقط أسلوب التفاضل والمثالية فهذا الميزان ليس ربانياً. ولهذا فهو ظلم للمثاليات الحقيقيات، ويوم القيامة سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.



100- العاقلة المظلومة يوم تجد من ينصفها:

عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال[6]: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالت: إن سيدي اتهمني فأقعدني على النار حتى احترق فرجي، فقال لها عمر رضي الله عنه: علي به، فلما رأى عمر الرجل قال: أتعذب بعذاب الله؟ قال: يا أمير المؤمنين، اتهمتها في نفسها، قال: رأيت ذلك عليها؟ قال الرجل: لا، قال: فاعترفت لك به؟ فقال: لا، قال: والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقاد مملوك من مالكه ولا ولد من والده" لأقدتها منك، فبرزه وضربه مائة سوط، وقال للجارية: اذهبي أنت حرة لوجه الله، وأنت مولاة الله ورسوله، قال أبو صالح: وقال الليث: وهذا القول معمول به.



خاتمة:

وفي النهاية أدعو نفسي أولاً وكل من تيسر له قراءة هذه السلسلة كلها أو بعضها؛ أن يكون هناك حصاد للقراءة، وثمرة للاطلاع، فالمواقف العديدة فيه تحمل من المعاني الشرعية والسلوكيات التربوية؛ ما هو كفيل - إن شاء الله - لمن تأسى بأصحابها، أن يكون على الصراط السوي، والهدي النبوي، ذلك بأن الله تعالى خاطب جيل النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا... ﴾ [البقرة: 137].



فالهدى الحقيقي في الإيمان بمثل ما آمن به هؤلاء الأصحاب، والعمل بمثل ما عملوا.



أما أن تقف قراءة القارئ عند حد زيادة المعلومات، والإعجاب بالمواقف، دون التحرك إلى الإمام؛ عندها يكون النص الشرعي، والحديث النبوي، وسلوك الصحابة العملي حجة الله على من علم به ولم يعمل.



رزقني الله وإياكم العلم النافع والعمل، والإخلاص في السر والعلن، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





[1] (سير إعلام النبلاء) وكل ما كتبته عن زبيدة من كتاب (إبهاج الحاج) للشيخ الزهراني بتصرف (133 - 137).




[2] متفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعاً.



[3] (الإصابة) لابن حجر (4/364).



[4] سبق تخريجه بالفقرة (84).




[5] سبق تخريجه بالفقرة (8).



[6] سنن البيهقي الكبرى (8/36).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 182.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 177.38 كيلو بايت... تم توفير 5.24 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]