تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 160 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خاطرة قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كلمات منهي عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 16165 )           »          سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 4023 )           »          أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 174 )           »          الشباب أداة بناء وتأثير وتغيير وإن لم نحسن تربيتهم تحولوا إلى أداة تدمير ومعاول هدم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          سبيل التأسي بدراسة حديث اللهم إني ظلمت نفسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 106 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 135 - عددالزوار : 77728 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 31 - عددالزوار : 11751 )           »          المهيمن العزيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1591  
قديم 10-08-2022, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (1)
الحلقة (804)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 186الى صــــ 191)

وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم (44) فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون (45) يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون (46) وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون (47) واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم (48) ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم (49)
شرح الكلمات:
وإن يروا كسفا من السماءساقطا: أي وإن ير هؤلاء المشركون قطعة من السماء تسقط عليهم.
يقولوا سحاب مركوم: أي يقولوا في القطعة سحاب متراكم يمطرنا ولا يؤمنوا.
فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون: أي فاتركهم إذا يجاحدون ويعاندون حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون وهو يوم موتهم.
يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاولا هم ينصرون: أي اتركهم إلى ما ينتظرهم من العذاب ما داموا مصرين على الكفر وذلك يوم لا يغني عنهم مكرهم بك شيئا من الإغناء.
وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك: أي وإن لهؤلاء المشركين الظلمة عذابا في الدنيا دون
عذاب يوم القيامة وهو عذاب القحط سبع سنين وعذاب القتل في بدر.
ولكن أكثرهم لا يعلمون: أي أن العذاب نازل بهم في الدنيا قبل يوم القيامة.
واصبر لحكم ربك: أي بإمهالهم ولا يضق صدرك بكفرهم وعنادهم وعدم تعجيل العذاب لهم.
فإنك بأعيننا: أي بمرأى منا نراك ونحفظك من كيدهم لك ومكرهم بك.
وسبح بحمد ربك حين تقوم: أي واستعن على الصبر بالتسبيح الذي هو الصلوات الخمس والذكر بعدها والضراعة والدعاء صباح مساء.
معنى الآيات:
يذكر تعالى من عناد المشركين أنهم لو رأوا العذاب نازلا من السماء في صورة قطعة كبيرة من السماء ككوكب مثلا لما أذعنوا ولا آمنوا بل قالوا في ذلك العذاب سحاب مركوم الآن يسقى ديارنا فنرتوي وترتوي أراضينا وبهائمنا. إذا فلما كان الأمر هكذا فذرهم1 يا رسولنا في عنادهم وكفرهم حتى يلاقوا وجها لوجه يومهم الذي فيه يصعقون أي يموتون يوم لا يغني عنهم كيدهم2 شيئا ولا هم ينصرون، فيذهب كيدهم ولا يجدون له أي أثر بحيث لا يغنى عنهم أدنى إغناء من العذاب النازل بهم ولا يجدون من ينصرهم، وذلك يوم القيامة.
وقوله تعالى: {وإن للذين ظلموا} أي أنفسهم أي بالكفر والتكذيب والشرك والمعاصي عذبا دون 3 ذلك المذكور من عذاب يوم القيامة وهو ما أصابهم به من سني القحط والمجاعة وما أنزله بهم من هزيمة في بدر حيث قتل صناديدهم وذلوا وأهينوا ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك، ولو علموا لما أصروا على العناد والكفر. وقوله تعالى: واصبر لحكم ربك وقضائه بتأخير العذاب عن هؤلاء المشركين، ولا تخف ولا تحزن فإنك بأعيننا أي بمرأى منا نراك ونحفظك، وجمع لفظ العين على أعين مراعاة للنون العظمة وهو المضاف إليه (بأعيننا) وقوله {وسبح بحمد ربك} أي قل سبحان الله وبحمده حين تقوم4 من نومك ومن مجلسك ومن الليل أيضا فسبحه بصلاة المغرب والعشاء والتهجد وكذا إدبار النجوم أي بعد طلوع الفجر فسبح بصلاة الصبح وغيرها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان عناد كفار قريش ومكابرتهم في الحق ومجاحدتهم فيه.
2- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وهي للدعاة بعده أيضا.
3- تقرير وخامة عاقبة الظلم في الدنيا قبل الآخرة.
4- وجوب الصبر على قضاء الرب وعدم الجزع.
5- مشروعية التسبيح عند القيام من5 النوم بنحو: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير والحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور.
__________

1 يقال في مثل هذا: هو منسوخ بآية السيف.
2 هو ما كانوا يكيدون للرسول صلى الله عليه وسلم وما يمكرون به.
3 جائز أن يكون عذاب القبر.
4 شاهده ما رواه الترمذي بإسناد حسن قوله صلى الله عليه وسلم "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذاك".
5 يرى ابن مسعود رضي الله عنه أن قوله: (حين تقوم) شامل لكل قيام يقومه من أي مكان.

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1592  
قديم 10-08-2022, 08:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم

والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2) وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4) علمه شديد القوى (5) ذو مرة فاستوى (6) وهو بالأفق الأعلى (7) ثم دنا فتدلى (8) فكان قاب قوسين أو أدنى (9) فأوحى إلى عبده ما أوحى (10) ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى (12) ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14) عندها جنة المأوى (15) إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17) لقد رأى من آيات ربه الكبرى (18)

شرح الكلمات:
والنجم إذا هوى: أي والثريا إذا غابت بعد طلوعها.
ما ضل صاحبكم: أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهدى.
وما غوى: أي وما لابس الغى وهو جهل من اعتقاد فاسد.
وما ينطق عن الهوى: أي عن هوى نفسه أي ما يقوله عن الله تعالى لم يصدر فيه عن هوى نفسه.
إن هو إلا وحي يوحى: أي ما هو إلا وحي إلهي يوحى إليه.
علمه شديد القوى: أي علمه ملك شديد القوى وهو جبريل عليه السلام.
ذو مرة: أي لسلامة في جسمه وعقله فكان بذلك ذا قوة شديدة.
فاستوى وهو بالافق الأعلى: أي استقر وهو بأفق الشمس عند مطلعها على صورته التي خلقه الله عليها فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وكان بجياد قد سد الأفق إلى المغرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي طلب من جبريل أن يريه نفسه في صورته التي خلقه الله عليها.
ثم دنا فتدنى: أي وقرب منه فتدلى أي زاد في القرب.
فكان قاب قوسين أو أدنى: أي فكان في القرب قاب قوسين أي مقدار قوسين.
فأوحى إلى عبده ماأوحى: أي فأوحى الله تعالى إلى عبده جبريل ماأوحاه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ما كذب الفؤاد ما رأى: أي ماكذب فؤاد النبي ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام:
أفتمارونه على ما يرى: أي أفاتجادلونه أيها المشركون على مايرى من صورة جبريل.
ولقد رآه نزلة أخرى: أي على صورته مرة أخرى وذلك في السماء ليلة أسري به.
عند سدرة المنتهى: وهي شجرة نبق عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة.
عندها جنة المأوى: أي تأوى إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين أولياء الله.
إذ يغشى السدرة ما يغشى: أي من نور الله تعالى ما يغشى.
ما زاغ البصر وما طغى: أي ما مال بصر محمد يمينا ولا شمالا، ولا ارتفع عن الحد الذي حدد له.
لقد رأى من آيات ربه الكبرى: أي رأى جبريل في صورته ورأى رفرفا أخضر سد أفق السماء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والنجم1} إلى قوله {من آيات ربه الكبرى} يقرر به تعالى نبوة محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم بالنجم إذا هوى وهو نجم الثريا إذا غاب في الأفق على أنه ما ضل محمد صاحب قريش الذي صاحبته منذ ولادته ولم يغب عنها ولم تغب عنه مدة تزيد على الأربعين سنة فهي صحبة كاملة ما ضل عن طريق الهدى وهم يعرفون هذا، وما غوى2 أيضا أية رواية وما لابسه جهل في قول ولا عمل فغوى به.
وما ينطق بالقرآن وغيره مما يقوله ويدعوا إليه عن هوى3 نفسه كما قد يقع من غيره من البشر إن هو إلا وحي يوحى أي ما هو أي الذي ينطق به ويدعوا إله ويعمله إلا وحي يوحى إليه. علمه إياه ملك شديد القوى4 ذو مرة أي سلامة عقل وبدن وكان بذلك قويا روحيا وعقليا وذاتيا وهو جبريل عليه والسلام وقوله: {فاستوى} أي جبريل {وهو بالأفق الأعلى} ومعنى استوى استقر {ثم دنا فتدلى} أي تدلى فدنا أي قرب شيئا فشيئا حتى كان من الرسول صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي قدر قوسين والقوس معروف آلة للرمي {أو أدنى} أي من قاب قوسين5.
وقوله تعالى {فأوحى إلى عبده ما أوحى6} أي فأوحى الله تعالى إلى جبريل ما أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقوله {ما كذب الفؤاد ما رأى} أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه محمد ببصره وهو جبريل في صورته التي خلقه الله تعالى عليها ذات الستمائة جناح طول الجناح ما بين المشرق والمغرب. وقوله تعالى: {أفتمارونه على ما يرى} هذا خطاب للمشركين المنكرين لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ينكر تعالى ذلك عليهم بقوله {أفتمارونه} أي تجادلونه وتغالبونه أيها المشركون على ما يرى ببصره.
{ولقد رآه نزلة أخرى7} أي مرة أخرى {عند سدرة المنتهى8} وذلك ليلة أسرى به صلى الله عليه وسلم، ووصفت هذه السدرة9 وهي شجرة النبق بأن أوراقها كآذان الفيلة وأن ثمرها كغلال هجر قال فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله تعالى يقدر أن ينعتها من حسنها، وسميت سدرة المنتهى لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها أو لكونها عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة. وقوله {عندها جنة المأوى} أي الجنة التي تأوى إليها الملائكة وأرواح الشهداء، والمتيقن أولياء الله تعالى.
وقوله تعالى: {إذ يغشى السدرة ما يغشى10} أي من نور الله تعالى، والملائكة من حب الله مثل الغربان حين تقفز على الشجر كذا روى ابن جرير الطبري. وقوله {ما زاغ البصر وما طغى} أي ما مال بصر محمد يمينا ولا شمالا ولا ارتفع فوق الحد الذي حدد له. {لقد رأى من آيات11 ربه الكبرى} أي رأى جبريل في خلقه الذي يكون فيه في السماء ورأى رفرفا أخضر قد سد الأفق ورأى من عجائب خلق الله ومظاهر قدرته وعلمه ما لا سبيل إلى إدراكه والحديث عنه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة لمحمد وإثباتها بما لا مجال للشك والجدال فيه.
2- تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن القول بالهوى أو صدور شيء من أفعاله أو أقواله من اتباع الهوى.
3- وصف جبريل عليه السلام.
4- إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل وعلى صورته التي يكون في السماء عليها مرتين.
5- تقرير حاثة الإسراء والمعراج وإثباتها للنبي صلى الله عليه وسلم.
6- بيان حقيقة سدرة المنتهى.
__________

1 أصل النجم: الطلوع والظهور يقال: نجم السن: إذا طلع، ونجم السر إذا ظهر وأطلق النجم بالغلبة على الثريا. الهوي: السسقوط يقال: هوى يهوي هويا كمضى يمضي مضيا. وهوى يهوي هويا: إذا خسر للسجود، ومن الحب يقال: هوى يهوي هوى كرضي يرضى رضا: إذا أحب.
2 الغي: ضد الرشد، والغواية مثله: وهو فساد الرأي وتعاطي الإنسان الباطل من الأقوال والأفعال مما لا خير فيه البتة.
3 الهوى: ميل النفس إلى ما تحبه أو تحب أن تفعله دون اقتضاء العقل السليم الحكيم له وفعله: هوى يهوي كرضي يرضى هواى.
(شديد القوى) صفة لموصوف محذوف أي: علمه ملك شديد القوى وهو جبريل إجماعا، والمرة: تطلق على قوة الذات وعلى متانة العقل معا، وعليهما كان جبريل عليه السلام.
5 أي: مقدار قوسين.
6 (ما أوحى) إبهام من أجل التفخيم أي: أوحى إليه شيئا عظيما.
7 (نزلة) على وزن فعلة من النزول دال على المرة أي: رآه إذ نزل إليه مرة أخرى.
8 السدر شجر معروف صحراوي فيه ثلاث ميزات: ظل ظليل وثمر لذيذ ورائحة ذكية.
9 هذا الوصف رواه مسلم في صحيحه.
10 في قوله (ما يغشى) من التفخيم ما فيه.
11 جملة: (لقد رأى من آيات ربه) تذليل أي: رأى آيات أخرى غير سدرة المنتهى وجنة المأوى وما غشي السدرة من البهجة والجلال والآيات: دلائل عظمة الله تعالى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1593  
قديم 10-08-2022, 08:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (2)
الحلقة (805)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 192الى صــــ 195)

أفرأيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20) ألكم الذكر وله الأنثى (21) تلك إذا قسمة ضيزى (22) إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى (23) أم للإنسان ما تمنى (24) فلله الآخرة والأولى (25) وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى (26)
شرح الكلمات:
أفرأيتم اللات والعزى: أي أخبروني عن أصنامكم التي اشتققتم لها أسماء من أسماء الله وأنثتموها.
ومناة الثالثة الأخرى1: وجعلتموها بنات لله، افتراء على الله وكذبا عليه.
ألكم الذكر وله الأنثى: أي أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه لأنفسكم ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم.
تلك إذا قسمة ضيزى: أي قسمتكم هذه إذا قسمة ضيزى أي جائزة غير عادلة ناقصة غير تامة.
إن هي إلا أسماء سميتموها: أي ما اللات والعزى ومناة الثالة الأخرى إلا أسماء لا حقيقة لها.
أنتم وآباؤكم: أي سميتموها بها أنتم وآباؤكم.
ما أنزل الله بها من سلطان: أي لم ينزل الله تعالى وحيا يأذن في عبادتها.
إن يتبعون إلا الظن: أي ما يتبع المشركون في عبادة أصنامهم إلا الظن والخرص والكذب.
وما تهوى الأنفس: أي وما يتبعون إلا ما تهواه نفوسهم وما تميل إليه شهواتهم.
أم للإنسان ما تمنى: أي بل أللإنسان ما تمنى والجواب لا ليس له كل ما يتمنى.
فلله الآخرة والأولى: أي إن الآخرة والأولى كلاهما لله يهب منهما ما يشاء لمن يشاء.
وكم من ملك في السماوات: أي وكثير من الملائكة في السماوات.
لا تغني شفاعتهم شيئا: أي لو أرادوا أن يشفعوا لأحد حتى يكون الله قد أذن لهم ورضي للمسموح له بالشفاعة.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى مظاهر قدرته وعظمته وعلمه وحكمته في الملكوت الأعلى جبريل وسدرة المنتهى وما غشاها من نور الله وما أرى رسوله من الآيات الكبرى، خاطب المشركين بقوله {أفرأيتم اللات2 والعزى ومناة الثالثة الأخرى} أي أعميتم فرأيتم هذه الأصنام أهلا لأن تسوى بمن له ملكوت السموات والأرض وعبدتموها معه على حقارتها ودناءتها، وأزددتم عمى فاشتققتم لها من أسماء الله تعالى أسماء فمن العزيز اشتققتم العزى ومن الله اشتققتم اللات، وجعلتموها بنات لله افتراء على الله بزعمكم أنها تشفع لكم عند الله. أخبروني ألكم الذكر3 لأنكم تحبون الذكران وترضون بهم لأنفسكم، وله الأنثى لأنكم تكرهونها ولا ترضون بها لأنفسكم، إذا كان الأمر على ما رأيتم فإنها قسمة ضيزى4 أي جائزة غير عادلة وناقصة غير تامة فكيف ترضونها لمن عبدتم الأصنام من أجل التوسل بها إليه ليقضي حوائجكم؟ إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم. إن أصنامكم أيها المشركون لا تعدو كونها أسماء لآلهة لا وجود لها ولا حقيقة في عالم الواقع إذ لا إله إلا الله، أما اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فلم تكن آلهة تحيي وتميت وتعطي وتمنع وتضر وتنفع. إن هي أي ما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان أي لم ينزل بها وحيا يأذن بعبادتها. وهنا التفت الجبار جل جلاله في الخطاب عنهم وقال {إن يتبعون إلا الظن} أي إن هؤلاء المشركين ما يتبعون في عبادة هذه الأصنام إلا الظن، فلا يقين لهم في صحة عبادتها. كما يتبعون في عبادتها {وما تهوى الأنفس} أي هوى أنفسهم {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} فبين لهم الصراط السوي فأعرضوا عنه وهو الحق من ربهم. وتعلقوا بالأماني الكاذبة وأن أصنامهم تشفع لهم، أم للإنسان ما تمنى5 والجواب ليس له تمنى، إذ لله الآخرة والأولى يعطي منها ما يشاء ويمنع ما يشاء وكم من6 ملك في السموات لا يعدون كثرة لا تغني شفاعتهم شيئا من الإغناء ولو قل إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء أن يشفع من الملائكة وغيرهم، ويرضى عن المشفوع له، وإلا فلا شافع ولا شفاعة تنفع عند الله الملك الحق المبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التنديد بالشرك والمشركين وتسفيه أحلامهم لعبادتهم أسماء لا مسميات لها في الخارج إذ تسمية حجرا إلها لن تجعله إلها.
2- بيان أن المشركين في كل زمان ومكان ما يتبعون في عبادة غير الله إلا أهواءهم.
3- بيان أن الإنسان لا يعطى بأمانيه، ولكن بعمله وصدقه وجده فيه.
4- بيان أن الدنيا كالآخرة لله فلا ينبغي أن يطلب شيء منها إلا من الله مالكها.
5- كل شفاعة ترجى فهي لا تحقق شيئا إلا بتوفر شرطين الأول أن يأذن الله للشافع في الشفاعة والثاني أن يكون الله قد رضي للمشفوع له بالشفاعة والخلاصة هي: الإذن للشافع والرضا عن المشفوع.
__________

1 هدمها خالد بن الوليد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما شرع في هدمها قال لها:
يا عز كفرانك لا سبحانك
إني رأيت الله قد أهانك
2 انتقل الكلام من تقرير النبوة المحمدية إلى تقرير الإلهية الربانية، واللات أصله: لات فأدخلوا عليه ال فصار اللات، وهي صنم لثقيف كانت قريش والعرب يعبدونه، وقيل: هو وصف لرجل كان يلت السوق للحجاج ثم صنع له صنم تمثالا وألهته ثقيف وقريش وجمهور العرب والعزى اسم مشتق من العز وهي فعلى ككبرى: صنم عليه بناء كان بوادي نخلة فوق (ذات عرق) ميقات أهل العراق قريبا من الطائف ومناة: صنم كان لخزاعة كان بالمشلل حذو قديد بين مكة والمدينة وكان الأوس والخزرج يهلون منه ويطوفون به كالسعي بين الصفا والمروة.
3 تقديم الجار والمجرور في (ألكم الذكر) للاهتمام بالاختصاص.
4 (ضيزى) اسم كدفلي وشعرى، وهو مشتق من ضاز يضيز ضيزا: إذا ظلم وتعدى وبخس وانتقص. قال الشاعر:
ضازت بنو أسد بحكمهم
إذ يجعلون الرأس كالذنب
5 الاستفهام المقدر بعد أم إنكاري المقصود منه إبطال حصول الإنسان على ما يتمناه.
6 هذه الجملة تأكيد لإبطال حصول الإنسان على ما يتمناه وإبطال لاعتقاد المشركين في أن آلهتهم تشفع لهم عند الله عز وجل.

*******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1594  
قديم 10-08-2022, 08:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى (27) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا (28) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى (30)
شرح الكلمات:
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة: أي إن الذين لا يؤمنون بالبعث والحياة الآخرة.
ليسمون الملائكة تسمية الأنثى: أي ليطلقون على الملائكة أسماء الإناث إذ قالوا بنات الله.
وما لهم به من علم: أي وليس لهم بذلك علم من كتاب ولا هدى من نبي ولا عقل سوي.
إن يتبعون إلا الظن1: أي في تسميتهم الملائكة إناثا إلا مجرد الظن، والظن لا تقوم به حجة ولا يعطى به حق.
فأعرض عمن تولى عن ذكرنا: أي القرآن وعبادتنا.
ولم يرد إلا الحياة الدنيا: ولم يرد من قوله ولا عمله إلا ما يحقق رغائبه من الدنيا.
ذلك مبلغهم من العلم: أي ذلك الطلب للدنيا نهاية علمهم إذ آثروا الدنيا على الآخرة.
معنى الآيات:
لما ندد تعالى بالمشركين الذين جعلوا من الأصنام والأوهام والأماني آلهة وجادلوا دونها وجالدوا ذكر ما هو علة ذلك التخبط والضلال فقال: {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة} دار السعادة الحقة أو الشقاء {ليسمون الملائكة تسمية الأنثى} فلو آمنوا بالآخرة لما سموا الملائكة بنات الله لأن المؤمن بالآخرة يحاسب نفسه على كل قول وعمل له تبعة يخشى أن يؤخذ بها بخلاف الذي لا يؤمن بالآخرة فإنه يقول ويفعل ما يشاء لعدم شعوره بالمسؤولية والتبعة التي قد يؤخذ بها فيهلك ويخشى كل شيء وهو تعليل سليم حكيم.
وقوله تعالى: {وما لهم به من 2علم} أي ليس لهم في ادعائهم أن الملائكة بنات الله أي علم يعتد به إن يتبعون فيه إلا الظن والظن أكذب الحديث، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وبناء على هذا أمر تعالى رسوله أن يعرض عمن تولى منهم عن الحق بعد معرفته وعن الهدى بعد مشاهدته فقال تعالى {فأعرض3 عن من تولى عن ذكرنا} أي القرآن والإيمان والتوحيد والطاعة، ولم يرد بقوله وعمله واعتقاده إلا الحياة الدنيا إذ هو لا يؤمن بالآخرة فلذا هو قد كيف حياته بحسب
الدنيا فكل تفكيره في الدنيا، وكل عمله لها فيصبح بذلك أشبه بالآلة منه بالحيوان. وتصبح الحياة معه عميقة الفائدة فلذا يجب الإعراض عنه وتركه إلى أن يأذن الله فيه بشيء.
وقوله تعالى {ذلك مبلغهم4 من العلم} أي هذا الطلب للدنيا هو ما انتهى إليه علمهم فلذا هم آثروها عن الآخرة التي لم يعلموا عنها شيئا.
وقوله تعالى في خطاب رسوله {إن ربك هو أعلم بمن ضل5 عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} أي إن ربك أيها الرسول هو أعلم منك ومن غيرك بمن ضل عن سبيله قدرا وأزلا فضل في الحياة الدنيا أيضا، وهو أعلم بمن اهتدى، قضاء وقدرا وواقعا في الحياة الدنيا وسيجزى كلا بما عمل من خير أو شر فلا تأس يا رسولنا ولا تحزن وفوض الأمر إلينا فإنا عالمون ومجازون كل عامل بما عمل في دار الجزاء.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- أكثر الأمراض مردها إلى قلب لا يؤمن بالآخرة.
2- أكثر الفساد في الأرض هو نتيجة الجهل وعدم العلم اليقيني.
3- التحذير من الماديين فإنهم شر وخطر وواجب الإعراض عنهم لأنهم شر الخليقة.
__________

1 حذر النبي صلى الله عليه وسلم من القول بالظن وكذا العمل به ففي الصحيحين قال "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث"!!
2 نفي العلم عنهم حجة قاطعة على ادعائهم لأن ما لا يثبت بالعلم النقلي أو العقلي لا تقوم به حجة ولا يثبت به شيء وقد وبخهم تعالى في قوله: {أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} ؟
3 قيل نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث، والوليد بن المغيرة، والآية نزلت قبل الأمر بالجهاد.
4 قال الفراء: صغرهم وازدرى بهم أي: ذلك قدر عقولهم ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة.
5 هذه الجملة تعليل لجملة: (فأعرض عمن تولى) والجملة متضمنة زيادة على التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم الوعد والوعيد فالوعد للمهتدين من الرسول والمؤمنين والوعيد للمشركين الضالين عن سبيل الهدى فإن جزاءهم الشقاء في دار الشقاء.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1595  
قديم 10-08-2022, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (3)
الحلقة (806)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 196الى صــــ 202)

ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى (31) الذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (32)

ولله ما في السموات وما في الأرض: أي خلقا وملكا وتصرفا.
ليجزي الذين أساءوا بما عملوا: ليعاقب الذي أساءوا بما عملوا من الشرك والمعاصي.
ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى: ويثيب الذين أحسنوا في إيمانهم وعملهم الصالح بالجنة.
الذين يجتنبون كبائر الإثم: أي يتجنبون كبائر الذنوب وهو كل ذنب وضع له حد أو لعن فاعله أو توعد عليه بالعذاب في الآخرة.
والفواحش الا اللمم: أي الذنوب القبيحة كالزنا واللواط وقذف المحصنات والبخل واللمم صغائر الذنوب التي تكفر باجتناب كبائرها.
هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض: أي خلق أباكم آدم من تراب الأرض.
وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم: أي وأنتم في أرحام أمهاتكم لم تولدوا بعد.
فلا تزكوا أنفسكم: أي فلا تمدحوها على سبيل الفخر والإعجاب.
هو أعلم بمن اتقى: أي منكم بمن اتقى منكم وبمن فجر فلا حاجة إلى ذكر ذلك منكم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير ربوبيته تعالى المطلقة لكل شيء إذ تقدم في السياق قوله تعالى: {فلله الآخرة والأولى} وهنا قال عز من قائل {ولله ما في السماوات وما في الأرض} خلقا وملكا وتصرفا وتدبيرا فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء هداية تابعة لحكمة وإضلال كذلك يدل عليه قوله تعالى {ليجزي1 الذين أساءوا} أي إلى أنفسهم بما عملوا من الشرك والمعاصي يجزيهم بالسوء وهي جهنم {ويجزي الذين أحسنوا} إلى أنفسهم فزكوها وطهروها بالإيمان والعمل الصالح يجزيهم بالحسنى2 التي هي الجنة وقوله {الذين يجتنبون كبائر الأثم3 والفواحش} بين فيه وجه إحسان المحسنين إلى أنفسهم حين طهروها بالإيمان وصالح الأعمال ولم يلوثوها بأوضار كبائر الإثم من كل ما توعد فاعله بالنار أو بلعن أو إقامة حد، أو غضب الرب.
والفواحش من زنا ولواط وبخل وقوله {إلا اللمم3 إن ربك واسع المغفرة} أي لكن اللمم يتجاوز عنه وهو ما ألم به المرء وتاب منه أو فعله في الجاهلية ثم أسلم، وما كان من صغائر الذنوب كالنظرة والكلمة والتمرة. وقد فسر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. فمغفرة الله واسعة تشمل كل ذنب تاب منه فاعله كما تشمل كل ذنب من الصغائر.
وقوله تعالى {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم} أعلم بضعفنا وغرائزنا وحاجاتنا وعجزنا منا نحن بأنفسنا ولذا تجاوز لنا عن اللمم الذي نلم به بحكم العجز والضعف، فله الحمد والمنة. وقوله: {فلا تزكوا أنفسكم4} ينهى الرب تعالى عباده المؤمنين عن تزكية المرء نفسه بإدعاء الكمال والطهر الأمر الذي يكون فخرا وإعجابا والإعجاب بالنفس محبط للعمل كالرياء والشرك فقوله {فلا تزكوا أنفسكم} أي لا تشهدوا عليها بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي وقوله {هو أعلم بمن اتقى} أي أن الله أعلم بمن اتقى منكم ربه فخاف عقابه فأدى الفرائض واجتنب المحرمات منا ومن المتقى نفسه فلذا لا تمدحوا أنفسكم له فإنه أعلم بكم من أنفسكم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير ربوبية الله تعالى لكل شيء وهي مستلزمة لإلوهيته.
2- تقرير حرية إرادة الله يهدي من يشاء ويضل ويعذب من شاء ويرحم إلا أن ذلك تابع لحكم عالية.
3- تقرير قاعدة الجزاء من جنس العمل.
4- تقرير قاعدة أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر.
5- حرمة تزكية النفس وهي مدحها والشهادة عليها بالخير والفضل والكمال والتفوق.
__________

1 هذه اللام هي لام التعليل إذ أوجد الله تعالى العوالم العلوية والسفلية من أجل الإنسان، وأوجد الإنسان للذكر والشكر فمن ذكر وشكر وهو المحسن فله الجنة ومن نسي وكفر فله السوأى وهي النار.
2 أي: بالمثوبة الحسنى وهي الجنة، والحسنى صفة لموصوف محذوف وهي المثوبة.
3 عن ابن عباس: هو الرجل يلم بالذنب ثم ينزع عنه، واستشهد قائلا:
إن تغفر اللهم تغفر جما
وأي عبد لك ما ألما
4 في الآية دليل على كراهة تزكية العبد نفسه أو تزكية غيره ففي الحديث الصحيح: "أنه لم يرض لهم تسمية برة وقرأ: {فلا تزكوا أنفسكم} الآية: وقال سموها زينب" وفي الصحيح "أنه سمع رجلا يمدح آخر فقال له: ويلك قطعت عنق صاحبك -مرارا- إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك" روى مسلم "أن رجلا أتى عثمان فأثنى عليه في وجهه، فجعل المقداد بن الأسود يحثو التراب في وجهه ويقول: أمرنا رسول الله أن نحثوا التراب في وجوه المداحين".

******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1596  
قديم 10-08-2022, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

أفرأيت الذي تولى (33) وأعطى قليلا وأكدى (34) أعنده علم الغيب فهو يرى (35) أم لم ينبأ بما في صحف موسى (36) وإبراهيم الذي وفى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى (38) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (39) وأن سعيه سوف يرى (40) ثم يجزاه الجزاء الأوفى (41) وأن إلى ربك المنتهى (42) وأنه هو أضحك وأبكى (43) وأنه هو أمات وأحيا (44) وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى (45) من نطفة إذا تمنى (46) وأن عليه النشأة الأخرى (47) وأنه هو أغنى وأقنى (48) وأنه هو رب الشعرى (49) وأنه أهلك عادا الأولى (50) وثمود فما أبقى (51) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى (52) والمؤتفكة أهوى (53) فغشاها ما غشى (54)
شرح الكلمات:
أفرأيت الذي تولى: أي عن الإسلام بعد ما قارب أن يدخل فيه.
أعطى قليلا وأكدى: أي أعطى من زعم أنه يحتمل عنه عذاب الآخرة أعطاه ما وعده من المال ثم منع.
أعنده علم الغيب فهوى يرى: أي يعلم أن غيره يتحمل عنه العذاب والجواب لا.
أم لم ينبأ بما في صحف موسى وابراهيم الذي وفى: أي أم بل لم يخبر بما ورد في الصحف المذكورة وهي التوراة وعشر صحف كانت لإبراهيم عليه السلام.
ألا تزر وازرة وزر أخرى: أي أنه لا تحمل نفس مذنبة ذنب غيرها.
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى: أي من خير وشر، وليس له ولا عليه من سعي غيره شيء.
وأن سعيه سوف يرى: أي يبصر يوم القيامة ويراه بنفسه.
ثم يجزاه الجزاء الأوفى: أي الأكمل التام الذي لا نقص فيه.
إن إلى ربك المنتهى: أي المرجع والمصير إليه ينتهي أمر عباده بعد الموت ويجازيهم.
وأنه أضحك وأبكى: أي أفرح من شاء فأضحكه، وأحزن من شاء فأبكاه.
وإنه أمات وأحيا: أمات في الدنيا وأحيا في الآخرة.
وإنه خلق الزوجين: أي الصنفين الذكر والأنثى.
من نطفة إذا تمنى: أي من منى إذا تمنى تصب في الرحم.
وأن عليه النشأة الأخرى: أي الخلقة الثانية للبعث والجزاء.
وأنه هو أغنى واقنى: أي وأنه هو وحده أغنى بعض الناس بالكفاية، واقنى بعض الناس بالمال المقتنى المدخر للقنية.
وأنه هو رب الشعرى: أي خالقها ومالكها وهي كوكب خلف الجوزاء عبده المشركون.
وأهلك عادا الأولى: أي قوم هود عليه السلام.
وثمودا فما أبقى: أي أهلكها أيضا فلم يبق أحدا وهم قوم صالح.
وقوم نوح من قبل: أي وأهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود وقوم لوط.
والمؤتفكة أهوى: أي وقرى قوم لوط أسقطها بعد رفعها إلى السماء مقلوبة إلى الأرض إذ الائتفاك الانقلاب.
فغشاها ما غشى: أي بالعذاب ما غشى حيث جعل عاليها سافلها وأمطر عليها حجارة من سجيل.
معنى الآيات:
إن هذه الآيات ترسم صورة لقرشي جاهل هو الوليد بن المغيرة إذ قدر له أن استمع إلى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهش لها ودعاه الرسول فأسلم أو أوشك أن يسلم فعلم به أحد المشركين من شياطينهم فجاءه فعيره بإسلامه وترك دين آبائه فاعتذر له الوليد بأنه يخاف عذاب الله فقال له الشيطان القرشي وكان فقيرا والوليد غنيا أعطني كذا من المال شهريا أو أسبوعيا أو سنويا وأنا أتحمل عنك العذاب الذي تخافه وعد إلى دينك واثبت عليه فوافق الوليد على العرض وأخذ
يعطيه المال. ثم أكدى1 أي قطع عنه ما كان يعطيه ومنعه. فأنزل الله تعالى فيه هذه الآيات تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليما وتحذيرا لكل من تبلغه ويقرأها أو تقرأ عليه فقال تعالى في أسلوب حمل فيه السامع على التعجب: {أفرأيت الذي تولى} أي عن الإسلام بعد أن قارب الوصول إليه والدخول فيه، {وأعطى قليلا} أي من المال للشيطان المشرك الذي اتفق معه على أن يتحمل عليه العذاب مقابل مال يعطيه إياه أقساطا، {وأكدى} أي قطع ومنع لأن الذي يحفر بئرا في أرض أحيانا تصادفه كدية من الأرض الصلبة يعجز عن الحفر فينقطع عن الحفر ويمتنع كذلك الوليد أعطى ثم امتنع وهو معنى اكدى أي انتهى إلى كدية من الأرض الصلبة.
وقوله تعالى: {أعنده علم الغيب فهو يرى2} أي أن المرء في إمكانه أن يتحمل عذاب غيره يوم القيامة والجواب لا علم غيب عنده لا من كتاب ولا من سنة، أم لم ينبأ بما في صحف موسى وهي التوراة وإبراهيم الذي وفى لربه في كل ما عهد به إليه من ذبح ولده حيث تله للجبين ليذبحه، ومن بناء البيت والهجرة والختان بالقدوم إلى غير ذلك من التكاليف الشاقة. أي ألم ينبأ أي يخبر هذا الرجل الجاهل بما في صحف موسى بن عمران نبي بني إسرائيل وإبراهيم أبو الأنبياء ثم بين تعالى ما تضمنته تلك الصحف من علم فقال:
* ألا تزر3 وازرة وزر أخرى أن لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى.
* وأن ليس4 للإنسان من ثواب يوم القيامة إلا ما سعى في تحصيله بنفسه وهذا لا يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية أو علم ينتفع به إذ هذه الثلاثة أمور من عمل الإنسان وسعيه الولد انجبه ورباه والصدقة الجارية أوقفها بنفسه والعلم تعلمه وبثه في الناس وعلمه فالجميع من سعيه وكسبه.
وأن سعيه أي عمله في الدنيا من خير وشر سوف يرى علانية ويجزى به خيرا كان أو شرا والجزاء الأوفى أي الأكمل الأتم.
* وأن إلى ربك المنتهى أي إليه تصير أمور عباده بعد الموت ويحكم فيها ويجزيهم بها.
* وأنه هو أضحك5 وأبكى أي أفرح من شاء وأحزن فضحك الفرح وبكى الحزن. أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار. زيادة على من أفرح في الدنيا ومن أحزن.
* وأنه أمات وأحيا أمات عند نهاية أجل العبد وأحياه في قبره ويوم نشره وحشره وأحيا بالإيمان وأمات بالكفر وأمات بالقحط وأحيا بالمطر.
* وأنه خلق الزوجين أي الصنفين الذكر والأنثى من سائر الحيوانات من نطفة أي قطرة المني إذا تمنى6 أي تصب في الأرحام.
* وأن عليه تعالى النشأة الأخرى أي هو الذي يقوم بها فيحيي الخلائق بعد موتهم يوم القيامة.
* وأنه هو أغنى وأقنى أي أغنى بعض الناس فسد حاجتهم وكفاهم مؤونتهم، وأقنى آخرين أعطاهم مالا كثيرا فاقتنوه قنية.
* وأنه هو رب الشعرى7 ذلك الكوكب الذي يطلع خلف الجوزاء فالله خالقه ومالكه ومسخره وقد عبده الجاهلون واتخذوه ربا وإلها وهو مربوب مألوه.
* {وأنه أهلك8 عادا الأولى} قوم هود أرسل عليهم ريحا صرصرا ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم، عاد تلك الأمة القائلة من أشد منا قوة دمر الله عليهم فأهلكهم أجمعين.
* وثمودا9 فما أبقى أي وأهلك ثمود قوم صالح بالحجر فما أبقى منهم أحدا.
* وقوم نوح من قبل عاد وثمود أهلكهم إنهم كانوا هم أظلم من غيرهم وأطغى.
* والمؤتفكة أي10 قرى قوم لوط سدوم وعمورة أهلكهم فرفع تلك القرى إلى عنان السماء ثم أهوى بها إلى الأرض وأرسل عليهم حجارة من طين من سجيل فغشى تلك المدن من العذاب الأليم ما غشى11 عذاب يعجز الوصف عنه هذا هو الله رب العالمين الذي اتخذ الجهال له أندادا فعبدوها معه.
هذا هو الله الإله الحق الذي اتخذ الناس من دونه آلهة لا تعلم ولا تحكم ولا تقدر. هذا هو الله العزيز المنتقم لأوليائه من أعدائه يشقي عبدا عاداه ويسعد آخر والاه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير ربوبية الله تعالى وإثبات ألوهيته بالبراهين والحجج التي لا ترد بحال.
2- تقرير عدالة الله تعالى في حكمه وقضائه.
3- مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته.
4- تقرير حقيقة علمية وهي أن العمل الذي يزكي النفس أو يدنسها هو ذاك الذي يباشره المرء بنفسه وباختياره وقصده ونيته.
5- تحذير الظلمة والطغاة من أهل الكفر والشرك من أن يصيبهم ما أصاب غيرهم من الدمار والخسران.
__________

1 يقال: أكدى الكافر وأجبل إذا بلغ في حفر كدية أو جبلا فلا يمكنه أن يحفر, ثم استعمل فيمن أعطى ولم يتمم, ولمن طلب شيئا ولم يبلغ آخره. قال الحطيئة:
أعطى قليلا ثم أكدى عطاءه
ومن يبذل المعروف في الناس يحمد
2 الاستفهام إنكاري أي: ينكر عليه ما ادعاه من تحمل العذاب عن غيره, وفيه معنى التعجب فيما ادعاه كأنه يعلم الغيب ويشاهده, وليس له ذلك.
(أن لا تزر وازرة) أن: هي المخففة من الثقيلة, وموضعها جائز أن يكون حرفا بدلا من (ما) في قوله (بما في صحف) وجائز أن يكون في موضع رفع على إضمار: هو, وهو ما يفهم من التفسير.
4 يظهر أن هذا العام خصصته السنة فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة عن لبغير كما أجاز الصدقة كذلك وقد يقال إن الذي يحج أو يتصدق عن غيره) هو بمثابة متوسل إلى الله تعالى طالب منه المغفرة والرحمة فإذا استجاب الله تعالى له غفر للميت ورحمه وهذا جزاء كل عمل صالح.
5 قيل: لا يوجد في المخلوقات من يضحك ويبكي إلا الإنسان وقيل إن القرد يضحك ولا يبكي، وإن البعير يبكي ولا يضحك. والله أعلم.
6 قيل: سميت مني: مني لأنها تمنى فيها الدماء أيام التشريق وهو كذلك.
7 قال القرطبي: اختلف في من كان يعبد كوكب الشعرى فقيل: كان تعبده حمير وخزاعة وقيل: إن أول من عبده أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمهاته، ولذا كان المشركون يسمون النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة لما خالفهم ودعاهم إلى التوحيد.
8 قرأ الجمهور (عادا) بإظهار تنوين عاد، وقرأ ورش (عادا الأولى) بحذف همزة الأولى بعد نقل حركتها إلى اللام المعرفة وإدغام نون التنوين من عاد في لام (لولى) .
9 قرأ الجمهور (وثمودا) بالتنوين وقرأ حفص (وثمود) وقرأ حفص وحمزة بدون تنوين على إرادة اسم القبيلة.
10 نصب المؤتفكة، على الاشتغال وأهوى. أي جعلها هاوية والإهواء: الإسقاط وجيء بصلتها من مادة وصيغة الفعل الذي أسند إليه لأجل التهويل، والذي غشاها: هو مطر من الحجارة المحما.
11 (ما) موصول فاعل (غشاها) .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1597  
قديم 10-08-2022, 08:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النجم - (4)
الحلقة (807)

سورة النجم
مكية
وآياتها اثنتان وستون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 202الى صــــ 207)

فبأي آلاء ربك تتمارى (55) هذا نذير من النذر الأولى (56) أزفت الآزفة (57) ليس لها من دون الله كاشفة (58) أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون (60) وأنتم سامدون (61) فاسجدوا لله واعبدوا (62)

شرح الكلمات:
فبأي آلاء ربك: أي فبأي أنعم ربك عليك وعلى غيرك أيها الإنسان.
تتمارى: أي تتشكك أو تكذب.
هذا نذير من النذر الأولى: أي هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم من النذر الأولى أي رسول مثل الرسل الأولى الذين أرسلوا إلى أقوامهم.
أزفت الآزفة: أي قربت القيامة ووصفت بالقرب لقربها فعلا.
ليس لها من دون كاشفة: أي ليس لها أي للقيامة من دون الله نفس كاشفة لها مظهرة لوقتها، إذ لا يجليها لوقتها إلا الله سبحانه وتعالى.
أفمن هذا الحديث: أي القرآن.
تعجبون وتضحكون: أي تعجبون تكذيبا به، وتضحكون سخرية منه كذلك.
وأنتم سامدون: أي لاهون مشتغلون بالباطل من القول كالغناء والعمل كعبادة الأصنام والأوثان.
فاسجدوا لله: أي الذي خلقكم ورزقكم وكلأكم ولا تسجدوا للأصنام.
واعبدوا: أي وذلوا لله وخضعوا له تعظيما ومحبة ورهبة فإنه إلهكم الحق الذي لا إله لكم غيره.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض العظيم لمظاهر القدرة والعلم والحكمة وكلها مقتضية للربوبية والألوهيتة لله سبحانه وتعالى خاطب الله تعالى الإنسان فقال {فبأي آلاء1 ربك} أي بعد الذي عرضنا عليك في هذه السورة من مظاهر النعم والنقم وكلها في الباطن نعم فبأي آلاء ربك2 تتمارى أي تتشكك أو تكذب، وكلها ثابتة أمامك لا تقدر على إنكارها وإخفائها بحال من الأحوال. ثم قال تعالى: {هذا نذير 3من النذر الأولى} يشير إلى أحد أمرين إما إلى ما في هذه السورة والقرآن كله من نذر أو إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكلا الأمرين حق القرآن نذير ومحمد نذير من النذر الأولى التي سبقته وهم الرسل، أو ما خوفت به الرسل أقوامها من عذاب الله تعالى العاجل في الدنيا والآجل في الآخرة. ألا فاحذروا أيها الناس عاقبة إعراضكم.
وقوله تعالى: {أزفت الآزفة} يخبر تعالى أن القيامة قد آن أوانها وحضرت ساعتها إنها لقريبة جدا. ليس لها من دون الله نفس كاشفة تكشف الستار عنها وتظهرها بل تبقى مستورة لحكمة إلهية قد تفاجأ بها البشرية وويل يومئذ للمكذبين.
وقوله تعالى توبيخا للمشركين والمكذبين: {أفمن هذا الحديث} أي غفلتم كل هذه الغفلة فتعجبون من هذا الحديث الإلهي والكلام الرباني وهو القرآن. {وتضحكون} كأن قلوبكم أصابها الموات، ولا تبكون على أنفسكم وقد بعتموها للشيطان ليقدمها إلى نار جهنم حطبا،وأنتم سامدون4 ساهون لاهون تغنون وتلعبون. ويلكم أنقذوا أنفسكم فاسجدوا لله واعبدوا5، فإنه لا نجاة لكم من العذاب الأليم إلا بالاطراح بين يديه إسلاما له وخضوعا. تعبدونه بتوحيده في عبادته، وتسلمون له قلوبكم ووجوهكم فلا يكون لكم غير الله مألوها ومعبودا تعظمونه وتحبونه وتتقربون إليه بفعل محابه وترك مكاره.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان قرب الساعة وخفاء ساعتها عن كل خلق الله حتى تأتي بغتة.
2- ذم الضحك مع الانغماس في الشهوات.
3- الترغيب في البكاء من خشية الله.
4- كراهية الغناء واللهو واللعب.
5- مشروعية السجود عند تلاوة هذه الآية لمن يتلوها ولمن يستمع لها، وهي من عزائم السجدات في القرآن الكريم، ومن خصائص هذه السجدة أن المشركين سجدوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حول الكعبة كما في الصحيح.
__________

1 فبأي نعم ربك تشك أيها الإنسان المكذب، والآلاء: النعم، واحدها إلى وألى وإلي وألو كدلو.
2 التماري: التشكك، وهو تفاعل من المرية، ولا يصح أن يكون المراد بالمخاطب النبي صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشك أبدا، وإن قاله بعضهم، ورده إمام المفسرين ابن جرير الطري.
3 حقيقة النذير: أنه المخبر عن حدث مضر بالمخبر، وجمعه: نذر ويطلق النذير على الإنذار فهو إذا اسم مصدر، ومنه: {فستعلمون كيف نذير} أي: إنذاري لكم.
4 السمود: الغناء بلغة حمير والمعنى: فرحون بأنفسكم تتغنون بالأغاني لقلة اكتراثكم بما تسمعون من القرآن، وفعله: سمد يسمد: اسمد لنا أي عن لنا.
5 جائز أن يراد بالسجود: الصلاة والعبادة والتوحيد إذ كانت الصلاة يومئذ قد فرضت، وجائز أن يكون المراد بالسجود الخضوع لله والإذعان له بالإيمان والتوحيد بعد ترك الشرك والكفر، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة سجد فسجد المشركون بسجوده متأثرين بما أسمعهم الشيطان من مدح آلهتهم بقوله: تلك الغرانيق العلا.. وإن شفاعتهن لترتجى.

*****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1598  
قديم 10-08-2022, 08:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة القمر
مكية
وآياتها خمس وخمسون آية

بسم الله ارحمن الرحيم
اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (3) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (4) حكمة بالغة فما تغن النذر (5) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر (6) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8)

شرح الكلمات:
اقتربت الساعة وانشق القمر: أي قربت الساعة، وانفلق القمر فلقتين على جبل أبي قبيس.
وإن يروا آية يعرضوا: أي وإن ير كفار قريش آية أي معجزة يعرضوا عنها ولا يلتفتوا إليها.
ويقولوا سحر مستمر: أي هذا سحر مستمر أي قوي من المرة أو دائم غير منقطع.
وكل أمر مستقر: أي وكل من الخير أو الشر مستقر بأهله في الجنة أو في النار.
ولقد جاءهم من الأنباء: أي من أنباء الأمم السالفة مما قصه القرآن.
ما فيه مزدجر: أي جاءهم من الأخبار ما فيه ما يزجرهم عن التكذيب والكفر.
حكمة بالغة: أي الذي جاءهم من الأنباء هو حكمة بالغة أي تامة.
فما تغن النذر: أي عن قوم كذبوا واتبعوا أهواءهم لا تغن شيئا.
فتول عنهم: أي لذلك فأعرض عنهم.
يوم يدعو الداع إلى شيء نكر: أي يدع الداع إلى موقف القيامة.
يخرجون من الأجداث: أي من القبور.
مهطعين إلى الداع: أي مسرعين إلى نداء الداع.
هذا يوم عسر: أي صعب شديد.
قوله تعالى {اقتربت 1الساعة وانشق القمر} يخبر تعالى أن ساعة نهاية الدنيا وفنائها وقيام القيامة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم علامة من علامات الساعة، وانشقاق القمر كان بمكة حيث طالبت قريش النبي صلى الله عليه وسلم بمعجزة تدل على نبوته فسأل الله تعالى انشقاق القمر فانشق فلقتين على جبل أبي قبيس فلقة فوق الجبل وفلقة وراءه فشاهدته قريش ولم تؤمن وهو معنى قوله تعالى: {وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر2 مستمر} أي هذا سحر قوي شديد. قال تعالى {وكذبوا} أي رسولنا وما جاء به من التوحيد والوحي واتبعوا في هذا التكذيب أهواءهم لا عقولهم ولا ما جاء به رسولهم. وقوله تعالى {وكل أمر3 مستقر} أي وكل أمر من خير أو شر مستقر بصاحبه إما في الجنة أو النار. وقوله تعالى {ولقد جاءهم من الأنباء} أي من أخبار الأمم السابقة وكيف أهلكها الله بتكذيبها رسلها وإصرارها على الشرك والكفر، وذلك في القرآن الكريم ما فيه مزدجر4 أي جاء من الأخبار الواعظة المذكرة من قصص الأنبياء مع أممهم ما فيه زاجر عن التكذيب والمعاصي هو5 حكمة بالغة تامة، والحكمة القول الذي يمنع صاحبه من التردي والهلاك بصرفه عن أسباب ذلك.
وقوله تعالى {فما تغن6 النذر} أي عن قوم كذبوا بالحق لما جاءهم واتبعوا أهواءهم ولم يتبعوا هدى ربهم ولا عقولهم. إذا فتول عنهم يا رسولنا واتركهم إلى حكم الله فيهم. وقوله: {يوم يدع الداع إلى شيء7 نكر} أي اذكر يا رسولنا يوم يدعو الداع إلى شيء نكر وهو موقف القيامة خشعا أبصارهم وكل أجسامهم وإنما ذكرت الأبصار لأنها أدل على الخشوع من سائر الأعضاء {يخرجون من الأجداث} أي القبور جمع جدث وهو القبر كأنهم جراد منتشر في كثرتهم وتفرقهم وانتشارهم مهطعين إلى الداع أي مسرعين إلى داع الله إلى ساحة الموقف وفصل
القضاء. يومئذ يقول الكافرون هذا يوم عسر وهو كذلك عسير شديد العسر ولكن على المؤمنين يسير غير عسير. كما قال تعالى فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير مفهومه أنه على المؤمنين يسير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- ذكر بعض علامات الساعة. كبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر معجزة له صلى الله عليه وسلم.
3- التنديد باتباع الهوى، والتحذير منه فإنه مهلك.
4- عدم جدوى النذر لمن يتنكر لعقلة ويتبع هواه.
__________

1 إنها بالنسبة لما مضى من أيام الدنيا لقريبة جدا إذ أكثر عمر الدنيا قد انقضى، خطب يوما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى" وما نرى من الشمس إلا يسيرا.
(مستمر) : يكون بمعنى ذاهب من قولهم مر الشيء واستمر: إذا ذهب ويكون بمعنى محكم قوي شديد مأخوذ من المرة وهي القوة، وكونه مستمرا نافذا أولى بالمعنى.
3 وجائز أن يكون (مستقر) في أم الكتاب: كائن لا محالة أو أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى استقرار بانتصاره على الباطل وأهله فيكون في الخبر بشرى للنبي صلى الله عليه وسلم.
4 أصل: (مزدجر) مزتجر من زجرته فانزجر فقلبت التاء دالا لتقارب مخرجي التاء والدال، أي: جاءهم من الأخبار الواعظة ما يزجرهم عن الكفر، لو قبلوه واتعظوا به.
5 أي: جاءهم من مواعظ القرآن وزواجره ما هو حكمة بالغة إلى المقصود مفيدة لصاحبها.
6 جائز أن تكون (ما) نافية أي: لا تغني النذر شيئا عمن تلك حاله، وجائز أن تكون استفهامية أي: أي شيء تغني النذر مع الإصرار على الكفر والتوغل في الباطل، والاستفهام للنفي أيضا.
(نكر) ما تنكره النفوس وتكرهه، ونكر: وزنه نادر نحو أنف: بمعنى جديد.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1599  
قديم 10-08-2022, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة القمر - (1)
الحلقة (808)

سورة القمر
مكية
وآياتها خمس وخمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 207الى صــــ 211)

كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر (10) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (11) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر (12) وحملناه على ذات ألواح ودسر (13) تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14) ولقد تركناها آية فهل من مدكر (15) فكيف كان عذابي ونذر (16) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17)

شرح الكلمات:
فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون: أي كذبوا نوحا عبد الله ورسوله وقالوا هو مجنون.
وازدجر: أي انتهزوه وزجروه بالسب والشتم.
فدعا ربه إني مغلوب فانتصر: أي فسأل ربه قائلا رب إني مغلوب فانتصر أي لي.
بماء منهمر: أي منصب انصبابا شديدا.
وفجرنا الأرض عيونا: أي تنبع نبعا.
فالتقى الماء: أي ماء السماء وماء الأرض.
على أمر قد قدر: أي في الأزل ليغرقوا به فيهلكوا.
وحملناه على ذات ألواح ودسر: أي حملنا نوحا على سفينة ذات ألواح ودسر وهو ما يدسر به الألواح من مسامير وغيرها. واحد الدسر دسار ككتاب.
تجري بأعيننا: أي بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا لها.
جزاء لمن كان كفر: أي أغرقناهم انتصارا لمن كان كفر وهو نوح كفروا نبوته وكماله.
ولقد تركناها: أي إغراقنا لهم على الصورة التي تمت عليها.
آية: أي لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر إلى اليوم.
فهل من مدكر: أي معتبر ومتعظ بها.
فكيف كان عذابي ونذر: أي ألم يكن واقعا موقعه.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلناه للحفظ، وهيأناه للتذكير.
فهل من مدكر: أي فهل من متعظ به حافظ له نتذكر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كذبت قبلهم قوم نوح} يخبر تعالى مسليا رسوله مخوفا قومه فيقول {كذبت قبلهم} أي قبل قريش قوم نوح وهو أول رسول أرسل إلى قوم مشركين فكذبوا عبدنا1 رسولنا نوحا كذبوه في دعوة التوحيد كذبوه في دعوة الرسالة، ولم يكتفوا بتكذيبه فقالوا مجنون2 أي هو مجنون {وازدجر} أي أنتهروه وزجروه ببذيء القول وسيء الفعل فدعا أي نوح ربه قائلا {أني مغلوب فانتصر} لي يا ربي، فاستجاب الله تعالى له ففتح أبواب السماء بماء منهمر3 أي منصب انصبابا شديدا، وفجرنا الأرض عيونا نابعة من الأرض فالتقى4 الماء النازل من السماء والنابع من الأرض {على أمر قد قدر} أي قدره الله في الأزل وقضى بأن يهلكهم بماء الطوفان وقوله تعالى {وحملناه على ذات ألواح ودسر} والدسر جمع واحدة دسار ككتاب وكتب وهو ما تدسر به الألواح من مسامير وغيرها وقوله تعالى {تجري} وهي حاملة لعوالم شتى {بأعيننا} أي بمرأى منا محفوظة بحفظنا لها وقوله {جزاء لمن كان كفر} أي أغرقناهم انتصارا لعبدنا نوح وجزاء له على صبره مع
طول الزمن لقد أقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما. وقوله {ولقد تركناها آية} أي تلك الفعلة التي فعلنا بهم وهي إغراقنا لهم تركناها آية للاعتبار لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر إلى اليوم.
وقوله تعالى {فهل من مدكر5} أي معتبر ومتعظ بها. وقوله {فكيف كان عذابي ونذر6} ألم يكن واقعا موقعه؟ بلى. وقوله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} أي سهلناه للحفظ وهيأناه للتذكر. فهل من مدكر؛ أي فهل من متعظ به حافظ له والاستفهام للأمر أي فاتعظوا به واحفظوه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- تحذير قريش من الاستمرار في الكفر والمعاندة.
3- تقرير حادثة الطوفان والتي لا ينكرها إلا سفيه لم يحترم عقله.
4- فضل الله على هذه الأمة بتسهيل القرآن للحفظ والتذكر.
__________

1 أخبر تعالى أن قوم نوح كذبوا الرسل. وكان في الكلام اجمال ففصله بقوله: (فكذبوا عبدنا) أي: نوحاص، وقالوا مجنون، وفيه إشارة إلى أن المكذب برسول يعتبر مكذبا بكل الرسل.
2(مجنون) خبر لمبتدأ محذوف أي: هو مجنون. والجملة مقولة القول.
3 (منهمر) أي: كثير والهمر: الصب، وكان انهمار الماء بدون سحاب وقيل استمر أربعين يوما.
4 التقى الماءان النازل من الماء والنابع من الأرض (على أمر قد قدر) أي: على مقدار معين لم يزد أحدهما على الآخر.
5 أصل مدكر متذكر أبدلت التاء ذالا كما أبدلت الذال دالا وأدغمت الدالان الأولى في الثانية فصارت مدكر أي معتبر متعظ.
6 ونذر: تقدم أنه اسم مصدر كالإنذار.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1600  
قديم 10-08-2022, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

(17) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر (18) إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر (19) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر (20) فكيف كان عذابي ونذر (21) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (22)
شرح الكلمات:
كذبت عاد: أي نبيها هودا عليه السلام فلم تؤمن به ولا بما جاء به.
فكيف كان عذابي ونذر1: أي فكيف كان عذابي الذي أنزلته بهم وإنذاري لهم كان أشد ما يكون.
إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا: أي ريحا عاتية ذات صوت شديد.
في يوم نحس مستمر: أي في يوم نحس أي شؤم مستمر دائم الشؤم قوية حتى هلكوا.
تنزع الناس كأنهم أعجاز2: أي تقتلعهم من الحفر التي اندسوا فيها وتصرعهم فتدق رقابهم.
نخل منقعر: منفصلة أجسامهم كأنهم والحال كذلك أعجاز أي أصول نخل منقلع.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلنا القرآن للحفظ والتذكير والتذكر به.
فهل من مدكر: أي تذكروا يا عباد الله بالقرآن فإن منزله سهله للتذكير.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كذبت عاد} هذا القصص الثاني في هذه السورة يذكر بإيجاز تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديدا لقومه المكذبين وذكرى للمؤمنين فقال تعالى كذبت عاد أي قوم هود كذبوا رسول الله هودا عليه السلام وكفروا بما جاءهم به من التوحيد والشرع وقالوا ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأرسل تعالى عليهم ريحا صرصرا ذات صوت شديد في يوم نحس3 وكان مساء الأربعاء لثمان خلون من شهر شوال مستمر بشدة وقوة وشؤم عليهم مدة سبع ليال وثمانية أيام تنزع تلك الريح الناس وقد دخلوا حفرا تحصنوا بها فتنزعهم منها نزعا وتخرجهم فتصرعهم فتدق رقابهم فتنفصل عن أجسادهم فيصيرون والحال هذه لطول أجسامهم كأنهم أعجاز نخل منقعر أي منقلع ساقط على الأرض. وقوله تعالى {فكيف كان عذابي ونذر؟} هذا الاستفهام للتهويل أي إنه كان كأشد ما يكون لعذاب والإنذار. وقوله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} أي سهلناه وهيأناه بفضل منا ورحمة للحفظ ولولا هذا التسهيل ما حفظه أحد، وهيئناه للتذكر به. فهل من مدكر أي من متذكر والاستفهام للأمر كأنما قال: فاحفظوه وتذكروا به.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1-بيان عقوبة المكذبين لرسل الله وما نزل بهم من العذاب في الدنيا قبل اللآخرة.
2-بيان أن قوة الإنسان مهما كانت أمام قوة الله تعالى هي لا شيء ولا ترد عذاب الله بحال.
3-بيان تسهيل الله تعالى كتابه للناس ليحفظوه ويذكروا به, ويعملوا بما جاء فيه ليكملوا ويسعدوا في الحياتين.
__________

1 قال القرطبي: وقعت نذر في هذه السورة في ستة أماكن محذوفة الياء في جميع المصاحف، وقرأها يعقوب مثبتة في الحالين أي: في الوصل والوقف، وقرأها ورش في الوصل لا غير. وحذفها الباقون ولا خلاف في حذف النون في قوله: (فما تغن النذر) والواو في قوله: (يدع) وأما الياء من (الداع) أثبتها ورش وأبو عمرو في الوصل وحذفها الباقون.
2 جملة: {كأنهم أعجاز نخل منقعر} في موضع نصب على الحال من الناس.
3 النحس: سوء الحال، وقد انجر إلى المسلمين بواسطة عقائد المجوس التشاؤم بيوم الأربعاء من آخر الشهر، ولا تشاؤم في الإسلام والنحس كان على الكافرين الذين



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 244.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 238.90 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]