أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة - الصفحة 15 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         5 زيوت طبيعية تساعدك في إزالة رائحة اللحوم من اليدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 123 )           »          حلول وخطوات فعالة للتخلص من رائحة الأضحية فى المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 101 )           »          أفضل طريقة لتنظيف الممبار فى منزلك بخطوات سريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 92 )           »          5 تريكات عشان تستمتع بمكسرات العيد طازة ولذيذة.. من الشراء للتخزين والتقديم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 130 )           »          خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 131 )           »          خطبة العيد فرح وعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 1592 )           »          الآلئ والدرر السعدية من كلام فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 94 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 10048 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 11844 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #141  
قديم 19-03-2020, 02:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة


أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك



حجة الوداع


عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهلَّ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحج، فتمتَّع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهلَّ بالعمرة إلى الحج، فكان مِن الناس مَن تمتَّع، فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهدِ، فلمَّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة، قال للناس: "مَن يكن منكم قد أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجَّه، ومن لم يكن أهدى، فليَطُف بالبيت وبالصفا والمروة، ليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، ومن لم يجد هديًا فليصُم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله"، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم إلى مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعًا، وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم وانصرف، فأتي الصفا، فطاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجَّه، ونحر هدية يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حل من كل شيء حرم منه، وفعل مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى فساق الهدي من الناس.

♦ قال البخاري: باب من ساق البدن معه[1]، وذكر الحديث.

♦ قال الحافظ: (قوله: باب من ساق البدن معه؛ أي: من الحل إلى الحرم، قال المهلب: أراد المصنف أن يعرف أن السنة في الهدي أن يساق من الحل إلى الحرم، فإن اشتراه من الحرم خرج به إذا حج إلا عرفة، وهو قول مالك، قال: فإن لم يفعل فعليه البدل، وهو قول الليث، وقال الجمهور: إن وقف به بعرفة فحسن، وإلا فلا بدل عليه، وقال أبو حنيفة: ليس بسنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ساق الهدي من الحل؛ لأن مسكنه كان خارج الحرم، وهذا كله في الإبل، فأما البقر فقد يضعف عن ذلك، والغنم أضعف، ومن ثم قال مالك: لا يساق إلا من عرفة، أو ما قرب منها؛ لأنها تضعف عن قطع طول المسافة.

♦ قوله: (تمتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج).

♦ قال الحافظ: (يحتمل أن يكون معنى قوله: "تمتع" محمولًا على مدلوله اللغوي، وهو الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها وغير ذلك، بل قال النووي: إن هذا هو المتعين.

♦ قال الحافظ: وقوله: بالعمرة إلى الحج؛ أي: بإدخال العمرة على الحج، وإنما المشكل هنا قوله: بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج؛ لأن الجمع بين الأحاديث الكثيرة في هذا استقر على أنه بدأ أولًا بالحج، ثم أدخل عليه العمرة، وهذا بالعكس، وأجيب عنه بأن المراد به صورة الإهلال لما أدخل العمرة على الحج لبَّى بهما، فقال: لبَّيك بعمرة وحجة معًا، وهذا مطابق لحديث أنس، لكن قد أنكر ابن عمر ذلك على أنس، فيحتمل أن يحمل إنكار ابن عمر عليه كونه أطلق أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما؛ أي: في ابتداء الأمر، ويُعين هذا التأويل قوله في نفس الحديث: وتمتَّع الناس...إلخ، فإن الذين تمتعوا إنما بدؤوا بالحج، لكن فسخوا حجهم إلى العمرة حتى حلَّوا بعد ذلك بمكة، ثم حجوا من عامهم؛ انتهى.

♦ قوله: (وأهدى فساق الهدي من ذي الحليفة).

♦ قال الحافظ: وفيه الندب إلى سَوق الهدي من المواقيت، ومن الأماكن البعيدة، وهي من السنن التي أغفلها كثير من الناس)[2].

♦ قوله: (فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم، قال للناس: "من يكن منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضى حجَّه").

♦ قال ابن دقيق العيد: هو موافق لقوله تعالى: ï´؟ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ï´¾ [البقرة: 196]، فلا يجوز أن يحل المتمتع الذي ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلَّه.

♦ قوله: (ومن لم يكن منكم أهدى فليطُف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد).

♦ قال النووي: معناه أنه يفعل الطواف والسعي والتقصير ويصير حلالًا، وهذا دليل على أن الحلق أو التقصير نسك وهو الصحيح، وإنما أمراه بالتقصير دون الحلق مع أن الحلق أفضل؛ ليبقى له شعر يحلقه في الحج.

♦ قال الحافظ: وقوله: "وليحلل" هو أمر معناه الخبر؛ أي: قد صار حلالًا، فله فعل كل ما كان محظورًا عليه في الإحرام، وقوله: "ثم ليهل بالحج"؛ أي: يحرم وقت خروجه إلى عرفة، ولهذا أتى (ثم) الدالة على التراخي، وقوله: "وليهد"؛ أي: هدي التمتع.

♦ قوله: (ومن لم يجد هديًا فليصُم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)؛ أي من لم يجد الهدي بذلك المكان، ويتحقق ذلك بأن يعدم الهدي أو يعدم ثمنه حينئذ، أو يجد ثمنه لكن يحتاج إليه لأهم من ذلك، فينتقل إلى الصوم كما هو نص القرآن.

♦ قال الحافظ: والمراد بقوله: "في الحج"؛ أي: بعد الإحرام به.

♦ وقال النووي: هذا هو الأفضل، فإن صامها قبل الإهلال بالحج أجزأ على الصحيح، وأما قبل التحلل من العمرة، فلا على الصحيح، قاله مالك: وجوَّزه الثوري وأصحاب الرأي، وعلى الأول فمن استحب صيام عرفة بعرفة، قال: يحرم يوم السابع ليصوم السابع والثامن والتاسع، وإلا فيحرم يوم السادس ليفطر بعرفة، فإن فاته الصوم قضاه، وقيل: يسقط ويستقر الهدي في ذمته، وهو قول الحنفية، وفي صوم أيام التشريق لهذا قولان للشافعية أظهرهما لا يجوز، قال النووي: وأصحهما من حيث الدليل الجواز[3]؛ انتهى.

♦ قال في "المبدع شرح المقنع[4]": الضرب الثاني يعني من الفدية على الترتيب، وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: دم المتعة والقران، فيجب الهدي فإن لم يجد، "فصيام ثلاثة أيام في الحج"، والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله، فإن صامها قبل ذلك أجزأ، وإن لم يصم قبل يوم النحر صام أيام منى، وعنه لا يصومها، ويصوم بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم، وعنه إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه، وأن تركه لغير عذر فعليه مع فعله دم، وقال أبو الخطاب: إن أخَّر الهدي والصوم لعذر، لم يلزمه إلا قضاؤه، وإن أخر الهدي لغير عذر، فهل يلزمه دم آخر على روايتين، قال: وعندي أنه لا يلزمه مع الصوم دم بحال، ولا يجب التتابع في الصيام، ومتى وجب عليه الصوم، فشرع فيه، ثم قدر على الهدي، لم يلزمه الانتقال إليه إلا إن يشاء، وإن وجب ولم يشرع، فهل يلزمه الانتقال إليه على روايتين.

النوع الثاني: المحصر يلزمه الهدي فإن لم يجد صام عشرة أيام ثم حل.

النوع الثالث: فدية الوطء يجب به بدنة، فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله لقضاء الصحابة رضي الله عنهم به.

♦ قوله: (فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم إلى مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعًا، وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم وانصرف فأتى الصفا).

♦ قوله: (ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجَّه).

♦ قال الحافظ: (سبب عدم إحلاله كونه ساق الهدي، وإلا لكان يفسخ الحج إلى العمرة، ويتحلل منها كما أمر به أصحابه.

♦ قوله: (وفعل مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى فساق الهدي من الناس).

♦ قال الحافظ: إشارة إلى عدم خصوصيته صلى الله عليه وسلم بذلك، وفيه مشروعية طواف القدوم والرمل فيه إن عقبه بالسعي، وتسمية السعي طوافًا، وطواف الإفاضة يوم النحر)[5]؛ انتهى والله أعلم.

[1] صحيح البخاري: (2/ 205).

[2] فتح الباري: (3/ 539، 540).

[3] فتح الباري: (3/ 540).

[4] (3/ 107).

[5] فتح الباري: (3/ 541).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #142  
قديم 19-03-2020, 02:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




حديث: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج


عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهلَّ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحج، فتمتَّع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهلَّ بالعمرة إلى الحج، فكان مِن الناس مَن تمتَّع، فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهدِ، فلمَّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة، قال للناس: "مَن يكن منكم قد أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجَّه، ومن لم يكن أهدى، فليَطُف بالبيت وبالصفا والمروة، ليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، ومن لم يجد هديًا فليصُم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله"، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم إلى مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعًا، وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم وانصرف، فأتي الصفا، فطاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجَّه، ونحر هدية يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حل من كل شيء حرم منه، وفعل مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى فساق الهدي من الناس.

♦ قال البخاري: باب من ساق البدن معه[1]، وذكر الحديث.

♦ قال الحافظ: (قوله: باب من ساق البدن معه؛ أي: من الحل إلى الحرم، قال المهلب: أراد المصنف أن يعرف أن السنة في الهدي أن يساق من الحل إلى الحرم، فإن اشتراه من الحرم خرج به إذا حج إلا عرفة، وهو قول مالك، قال: فإن لم يفعل فعليه البدل، وهو قول الليث، وقال الجمهور: إن وقف به بعرفة فحسن، وإلا فلا بدل عليه، وقال أبو حنيفة: ليس بسنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ساق الهدي من الحل؛ لأن مسكنه كان خارج الحرم، وهذا كله في الإبل، فأما البقر فقد يضعف عن ذلك، والغنم أضعف، ومن ثم قال مالك: لا يساق إلا من عرفة، أو ما قرب منها؛ لأنها تضعف عن قطع طول المسافة.

♦ قوله: (تمتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج).

♦ قال الحافظ: (يحتمل أن يكون معنى قوله: "تمتع" محمولًا على مدلوله اللغوي، وهو الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها وغير ذلك، بل قال النووي: إن هذا هو المتعين.

♦ قال الحافظ: وقوله: بالعمرة إلى الحج؛ أي: بإدخال العمرة على الحج، وإنما المشكل هنا قوله: بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج؛ لأن الجمع بين الأحاديث الكثيرة في هذا استقر على أنه بدأ أولًا بالحج، ثم أدخل عليه العمرة، وهذا بالعكس، وأجيب عنه بأن المراد به صورة الإهلال لما أدخل العمرة على الحج لبَّى بهما، فقال: لبَّيك بعمرة وحجة معًا، وهذا مطابق لحديث أنس، لكن قد أنكر ابن عمر ذلك على أنس، فيحتمل أن يحمل إنكار ابن عمر عليه كونه أطلق أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما؛ أي: في ابتداء الأمر، ويُعين هذا التأويل قوله في نفس الحديث: وتمتَّع الناس ...إلخ، فإن الذين تمتعوا إنما بدؤوا بالحج، لكن فسخوا حجهم إلى العمرة حتى حلَّوا بعد ذلك بمكة، ثم حجوا من عامهم؛ انتهى.

♦ قوله: (وأهدى فساق الهدي من ذي الحليفة).

♦ قال الحافظ: وفيه الندب إلى سَوق الهدي من المواقيت، ومن الأماكن البعيدة، وهي من السنن التي أغفلها كثير من الناس)[2].

♦ قوله: (فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم، قال للناس: "من يكن منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضى حجَّه").

♦ قال ابن دقيق العيد: هو موافق لقوله تعالى: ï´؟ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ï´¾ [البقرة: 196]، فلا يجوز أن يحل المتمتع الذي ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلَّه.

♦ قوله: (ومن لم يكن منكم أهدى فليطُف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد).

♦ قال النووي: معناه أنه يفعل الطواف والسعي والتقصير ويصير حلالًا، وهذا دليل على أن الحلق أو التقصير نسك وهو الصحيح، وإنما أمراه بالتقصير دون الحلق مع أن الحلق أفضل؛ ليبقى له شعر يحلقه في الحج.

♦ قال الحافظ: وقوله: "وليحلل" هو أمر معناه الخبر؛ أي: قد صار حلالًا، فله فعل كل ما كان محظورًا عليه في الإحرام، وقوله: "ثم ليهل بالحج"؛ أي: يحرم وقت خروجه إلى عرفة، ولهذا أتى (ثم) الدالة على التراخي، وقوله: "وليهد"؛ أي: هدي التمتع.

♦ قوله: (ومن لم يجد هديًا فليصُم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)؛ أي من لم يجد الهدي بذلك المكان، ويتحقق ذلك بأن يعدم الهدي أو يعدم ثمنه حينئذ، أو يجد ثمنه لكن يحتاج إليه لأهم من ذلك، فينتقل إلى الصوم كما هو نص القرآن.

♦ قال الحافظ: والمراد بقوله: "في الحج"؛ أي: بعد الإحرام به.

♦ وقال النووي: هذا هو الأفضل، فإن صامها قبل الإهلال بالحج أجزأ على الصحيح، وأما قبل التحلل من العمرة، فلا على الصحيح، قاله مالك: وجوَّزه الثوري وأصحاب الرأي، وعلى الأول فمن استحب صيام عرفة بعرفة، قال: يحرم يوم السابع ليصوم السابع والثامن والتاسع، وإلا فيحرم يوم السادس ليفطر بعرفة، فإن فاته الصوم قضاه، وقيل: يسقط ويستقر الهدي في ذمته، وهو قول الحنفية، وفي صوم أيام التشريق لهذا قولان للشافعية أظهرهما لا يجوز، قال النووي: وأصحهما من حيث الدليل الجواز[3]؛ انتهى.

♦ قال في "المبدع شرح المقنع[4]": الضرب الثاني يعني من الفدية على الترتيب، وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: دم المتعة والقران، فيجب الهدي فإن لم يجد، "فصيام ثلاثة أيام في الحج"، والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله، فإن صامها قبل ذلك أجزأ، وإن لم يصم قبل يوم النحر صام أيام منى، وعنه لا يصومها، ويصوم بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم، وعنه إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه، وأن تركه لغير عذر فعليه مع فعله دم، وقال أبو الخطاب: إن أخَّر الهدي والصوم لعذر، لم يلزمه إلا قضاؤه، وإن أخر الهدي لغير عذر، فهل يلزمه دم آخر على روايتين، قال: وعندي أنه لا يلزمه مع الصوم دم بحال، ولا يجب التتابع في الصيام، ومتى وجب عليه الصوم، فشرع فيه، ثم قدر على الهدي، لم يلزمه الانتقال إليه إلا إن يشاء، وإن وجب ولم يشرع، فهل يلزمه الانتقال إليه على روايتين.

النوع الثاني: المحصر يلزمه الهدي فإن لم يجد صام عشرة أيام ثم حل.

النوع الثالث: فدية الوطء يجب به بدنة، فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله لقضاء الصحابة رضي الله عنهم به.

♦ قوله: (فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم إلى مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعًا، وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم وانصرف فأتى الصفا).

♦ قوله: (ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجَّه).

♦ قال الحافظ: (سبب عدم إحلاله كونه ساق الهدي، وإلا لكان يفسخ الحج إلى العمرة، ويتحلل منها كما أمر به أصحابه.

♦ قوله: (وفعل مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى فساق الهدي من الناس).

♦ قال الحافظ: إشارة إلى عدم خصوصيته صلى الله عليه وسلم بذلك، وفيه مشروعية طواف القدوم والرمل فيه إن عقبه بالسعي، وتسمية السعي طوافًا، وطواف الإفاضة يوم النحر)[5]؛ انتهى والله أعلم.

[1] صحيح البخاري: (2/ 205).

[2] فتح الباري: (3/ 539، 540).

[3] فتح الباري: (3/ 540).

[4] (3/ 107).

[5] فتح الباري: (3/ 541).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #143  
قديم 19-03-2020, 02:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




حديث: ما شأن الناس حَلُّوا من العمرة ولم تَحِلَّ أنت من عمرتك؟


عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حَلُّوا من العمرة ولم تَحِلَّ أنت من عمرتك؟ قال: "إني لبَّدتُ رأسي وقلَّدت هديي، فلا أَحِلُّ حتى أنحرَ"؛ ذكره البخاري في باب التمتُّع والقِران.

♦ قال الحافظ: (استدل به على أن من ساق الهدي لا يتحلل من عمل العمرة، حتى يهل بالحج ويفرغ منه؛ لأنه جعل العلة في بقائه على إحرامه كونه أهدى، وكذا وقع في حديث جابر وأخبر أنه لا يحل حتى ينحر الهدي، وهو قول أبي حنيفة وأحمد ومن وافَقهما، ويؤيده قوله في حديث عائشة: "فأما من لم يكن ساق الهدي، فليَحِلَّ"، والأحاديث بذلك متضافرة - إلى أن قال - والذي تجتمع به الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، بمعنى: أنه أدخل العمرة على الحج بعد أن أهلَّ به مفردًا، لا أنه أول ما أهلَّ أحرم بالحج والعمرة معًا، وقد تقدم حديث عمر مرفوعًا، وقل عمرة في حجة وحديث أنس، ثم أهل بحج وعمرة، ولمسلم من حديث عمران بن حصين: جمع بين حج وعمرة، ولأبي داود والنسائي من حديث البراء مرفوعًا: إني سقت الهدي وقرنت، وقال النووي: الصواب الذي نعتقده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، وقال عياض: وأما إحرامه صلى الله عليه وسلم فقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردًا، وأما رواية من روى: "متمتعًا"، فمعناه أمر به؛ لأنه صرح بقوله: "ولو لا أن معي الهدي لأحللت"، فصح أنه لم يحل، وأما رواية من روى القران، فهو إخبار عن آخر أحواله؛ لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادي، وقيل له: قل عمرة في حجة)[1].

♦ قال الحافظ: (وهذا الجمع هو المعتقد، وقد سبق إليه قديمًا ابن المنذر، وبيَّنه ابن حزم في حجة العدل بيانًا شافيًا، ومهده المحب الطبري تمهيدًا بالغًا يطول ذكره، ومحصِّله أن كل من روى عنه الإفراد حمل على ما أهل به في أول الحال، وكل من روى عنه التمتع، أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روى عنه القران أراد ما استقر عليه أمره، ويترجَّح رواية من روى القرآن بأمور منها أن معه زيادة علم على من روى الإفراد وغيره، وبأن من روى الإفراد والتمتع اختلف عليه في ذلك - إلى أن قال: ومقتضى ذلك أن يكون القران أفضل من الإفراد والتمتع، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وابن راهويه، واختاره من الشافعية المزني وابن المنذر، وأبو إسحاق المروزي، ومن المتأخرين تقي الدين السبكي، وذهب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أن التمتع أفضل لكونه صلى الله عليه وسلم تمناه، فقال: "لولا أني سقت الهدي لأحللتُ"، ولا يتمنى إلا الأفضل، وهو قول أحمد في المشهور عنه، وأجيب بأنه إنما تمنَّاه تطييبًا لقلوب أصحابه لحزنهم على فوات موافقته، وإلا فالأفضل ما اختاره الله له واستمرَّ عليه، وقال ابن قدامة: يترجَّح التمتع بأن الذي يفرد إن اعتمر بعدها، فهي عمرة مختلف في أجزائها عن حجة الإسلام بخلاف عمرة التمتع، فهي مجزئة بلا خلاف، فيترجح التمتع على الإفراد ويليه القران، وقال: من رجح القران هو أشق من التمتع وعمرته مجزئة بلا خلاف، فيكون أفضل منهما، وحكى عياض عن بعض العلماء أن الصور الثلاث في الفضل سواء، وهو مقتضى تصرُّف ابن خزيمة في صحيحه، وعن أبي يوسف القران والتمتع في الفضل سواء، وهما أفضل من الإفراد، وعن أحمد من ساق الهدي، فالقران أفضل له؛ ليوافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن لم يسُق الهدي، فالتمتع أفضل له؛ ليوافق ما تمناه، وأمر به أصحابه، زاد بعض أتباعه: ومن أراد أن ينشئ لعمرته من بلده سفرًا، فالإفراد أفضل له، قال: وهذا أعدل المذاهب وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة، فمن قال: الإفراد أفضل، فعلى هذا يتنزل؛ لأن أعمال سفرين للنسكين أكثر مشقة، فيكون أعظم أجرًا، ولتجزئ عنه عمرته من غير نقص ولا اختلاف.


♦ قوله: (إني لبَّدت رأسي):
قال الحافظ: (هو أن يُجعَلَ فيه شيءٌ ليلتصق به، ويؤخذ منه استحباب ذلك للمحرم؛ أي: لئلا يتشعثَ شعره في الإحرام.

♦ قوله: (فلا أحل حتى أنحر)؛ يعني: يوم النحر، وفي رواية: "فلا أَحل حتى أحل من الحج")[2].

[1] فتح الباري: (3/ 428).

[2] فتح الباري: (3/ 429، 430).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #144  
قديم 19-03-2020, 02:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




حديث: فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي


عن عائشة رضي الله عنها قالت: فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم أشعرها وقلدها أو قلدتها، ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة، فما حرِّم عليه شيء كان له حلالًا.
وعنها رضي الله عنها قالت: أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مرة غنمًا.

الأصل في مشروعية الهدي الكتاب والسنة والإجماع؛ قال تعالى: ï´؟ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ï´¾ [الحج: 36، 37]، وقال تعالى: ï´؟ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ï´¾ [الحج: 32، 33].

قال البخاري: قال مجاهد: سُميت البدن: لبدنها، والقانع: السائل، والمعتر: الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير، وشعائر الله: استعظام البدن واستحسانها، والعتق: عتقه من الجبابرة، ويقال: وجبت: سقطت إلى الأرض، ومنه: وجبت الشمس[1].

قولها: (فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي)، وفي رواية أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة رضي الله عنها أن عبدالله بن عباس صلى الله عليه وسلم قال: من أهدى هديًا حرِّم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، قالت عمرة: فقالت عائشة رضي الله عنها، ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلَّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحلَّه الله حتى نحر الهدي.

قولها: (ثم أشعرها وقلدها أو قلدتها): فيه مشروعية الإشعار، وهو أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دمٌ، ثم يسلته، فيكون ذلك علامة على كونها هديًا، وبذلك قال الجمهور من السلف والخلف.

وقال الخطابي وغيره: اعتلال من كره الإشعار بأنه من المثلة مردود، بل هو باب آخر كالكي، وشق أذن الحيوان ليصير علامة، وقال الترمذي: "سمعت أبا السائب يقول: كنا عند وكيع، فقال له رجل: روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: الإشعار مثلة، فقال له: أقول لك: أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول: قال إبراهيم، ما أحقك بأن تحبس!

قال الحافظ: (اتفق من قال بالإشعار بإلحاق البقر في ذلك بالإبل إلا سعيد بن جبير، واتفقوا على أن الغنم لا تشعر لضعفها، ولكون صوفها أو شعرها يستر موضع الإشعار)[2].

وأخرج مسلم من حديث جابر قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في سنامها الأيمن، وسلت الدم، وقلدها نعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج"، وفي "الموطأ" عن نافع عن عبدالله بن عمر أنه كان إذا أهدى هديًا من المدينة على ساكنها الصلاة والسلام قلده بذي الحليفة، يقلده قبل أن يشعره، وذلك في مكان واحد، وهو متوجه إلى القبلة، يقلده بنعلين، ويشعره من الشق الأيسر، ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ثم يدفع، فإذا قدم غداة النحر نحَره.
وعن نافع عن ابن عمر: كان إذا طعن في سنام هديه بالشفرة، قال: بسم الله الله أكبر.

قال الحافظ: (وفي الحديث مشروعية الإشعار، وفائدته الإعلام بأنها صارت هديًا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك، وحتى لو اختلطت بغيرها تميَّزت أو ضلَّت، عُرفت أو عطِبت، عرَفَها المساكين بالعلامة فأكلوها، مع ما في ذلك من تعظيم شعائر الشرع، وحث الغير عليه)[3].

وقال ابن دقيق العيد: (في الحديث دليلٌ على استحباب بعث الهدي من البلاد لمن لا يسافر بها معه، وفيه دليل على استحباب تقليده للهدي، وإشعاره من بلده بخلاف ما إذا سافر مع الهدي، فإنه يؤخر الإشعار إلى حين الإحرام، وفيه دليل على استحباب الإشعار في الجملة خلافًا لمن أنكره، وهو شقُّ صفحة السنام طولًا وسلت الدم عنه، واختلف الفقهاء هل يكون في الأيمن أو الأيسر، ومن أنكره قال: إنه مثله، والعمل بالسنة أولى، وفيه دليلٌ على أن من بعث بهدي لا يحرم عليه محظورات الإحرام، ونقل فيه الخلاف عن بعض المتقدمين، وهو مشهور عن ابن عباس، وفيه دليلٌ على استحباب فتل القلائد)[4]؛ انتهى.

قال الحافظ: (حاصل اعتراض عائشة على ابن عباس أنه ذهب إلى ما أفتى به قياسًا للتوكيل في أمر الهدي على المباشرة له، فبيَّنت عائشة أن هذا القياس لا اعتبار له في مقابلة هذه السنة الظاهرة.

قال: وفي الحديث من الفوائد تناول الكبير الشيء بنفسه، وإن كان له من يكفيه إذا كان مما يهتم به، ولا سيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الديانة، وفيه تعقُّب بعض العلماء على بعض ورد الاجتهاد بالنص، وأن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم التأسي به حتى تثبت الخصوصية.

قولها: (أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مرة غنمًا)، وفي رواية: كنت أفتل القلائد للنبي صلى الله عليه وسلم، فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالًا، وفي رواية: كنت أفتل قلائد الغنم للنبي صلى الله عليه وسلم، فيبعث بها ثم يمكث حلالًا، وفي الحديث دليل على مشروعية إهداء الغنم.

قال الحافظ: قال ابن المنذر: أنكر مالك وأصحاب الرأي تقليدها، زاد غيره: وكأنهم لم يبلغهم الحديث، ولم نجد لهم حجة إلا قول بعضهم: إنها تضعف عن التقليد، وهي حجة ضعيفة؛ لأن المقصود من التقليد العلامة، وقد اتفقوا على أنها لا تشعر؛ لأنها تضعف عنه فتقليدها لا يضعفها)[5]؛ انتهى والله أعلم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: فتلتُ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم تعني القلائد قبل أن يحرم، وعنها قالت: فتلت قلائدها من عهنٍ كان عندي؛ متفق عليه، وبالله التوفيق.


[1] صحيح البخاري: (2 /205).

[2] فتح الباري: (3/ 544، 545).

[3] فتح الباري: (3 /543).

[4] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: (1/ 323).

[5] فتح الباري: (3/ 547).











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #145  
قديم 18-04-2020, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة


أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




حديث: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنِه


عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنِه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، ولا أعطي الجزار منها شيئًا، وقال: "نحن نعطيه من عندنا".

وعند مسلم في حديث جابر الطويل: ثم انصرف صلى الله عليه وسلم إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بدنة، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها وشرِبَا من مَرقها.

قوله: (وأن أتصدق بلحمها وجلودها).

قال البخاري: باب يتصدق بجلود الهدي، وذكر الحديث ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه، وأن يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها وجلالها، ولا يعطي في جزارتها شيئًا[1].

قوله: (لحومها وجلودها وجلالها)، زاد ابن خزيمة من هذا الوجه في روايته: على المساكين.

وقال البخاري: باب يتصدق بجلود الهدي، وذكر الحديث: أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فأمرني بلحومها فقسَّمتها، ثم أمرني بجلالها فقسمتها، ثم بجلودها فقسمتها.

قال الحافظ: واستدل به على منع بيع الجلد، قال القرطبي: فيه دليل على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع لعطفها على اللحم وإعطائها حكمه، وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع، فكذلك الجلود والجلال انتهى؛ وأخرج أحمد في حديث قتادة بن النعمان مرفوعًا: "لا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي، وتصرفوا، وكلوا واستمتعوا بجلودها، ولا تبيعوا، وإن أطعمتم من لحومها فكلوا إن شئتم"[2].


وقال البخاري أيضًا: باب الجلال للبدن.

وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يشق من الجلال إلا موضع السنام، وإذا نحرها نزع جلالها مخافة أن يفسدها الدم ثم يتصدق بها.

ثم ذكر حديث علي رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتصدق بجلال البُدن التي نُحرت وبجلودها.

قال الحافظ: (الجلال جمع جل بضم الجيم وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه، قال: وهذا التعليق وصل بعضه مالك في الموطأ عن نافع أن عبدالله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه، وعن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه القباطي، ثم يبعث بها إلى الكعبة، فيكسوها إياها، وعن مالك أنه سأل عبدالله بن دينار: ما كان ابن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة، قال: كان يتصدق به، قال المهلب: ليس التصدق بجلال البدن فرضًا، وإنما صنع ذلك ابن عمر؛ لأنه أراد ألا يرجع في شيء أهلَّ به لله، ولا في شيء أضيف إليه، وفائدة شق الجل من موضع السنام؛ ليظهر الإشعار؛ لئلا يستتر ما تحتها، وروى ابن المنذر من طريق أسامة بن زيد عن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج من المدينة، ثم ينزعها فيطويها، حتى يكون يوم عرفة فيلبسها إياها، حتى ينحرها ثم يتصدق بها، قال نافع: وربما دفعها إلى بني شيبة)[3].

قوله: (ولا أعطي الجزار منها شيئًا، وقال: "نحن نعطيه من عندنا").

قال البخاري: باب لا يُعطى الجزارُ من الهدي شيئًا.

قال الحافظ: ظاهره ألا يعطي الجزار شيئًا البتةَ، وليس ذلك المراد، بل المراد ألا يعطي الجزار منها شيئًا في جزارتها كما وقع عند مسلم، وظاهره مع ذلك غير مراد، بل بيَّن النسائي في روايته من طريق شعيب بن إسحاق عن ابن جريج أن المراد منع عطية الجزار من الهدي عوضًا عن أجرته ولفظه، ولا يعطى في جزارتها منها شيئًا.

قال ابن خزيمة: والنهي عن إعطاء الجزار المراد به ألا يعطى منها عن أجرته، وكذا قال البغوي في شرح السنة، قال: وأما إذا أعطي أجرته كاملة، ثم تصدَّق عليه إذا كان فقيرًا كما يتصدق على الفقراء، فلا بأس بذلك، وقال غيره: إعطاء الجزار على سبيل الأجرة ممنوع؛ لكونه معاوضة، وأما إعطاؤه صدقة أو هدية، أو زيادة على حقه، فالقياس الجواز، ولكن إطلاق الشارع ذلك قد يفهم منه منع الصدقة؛ لئلا تقع مسامحة في الأجرة لأجل ما يأخذه، فيرجع إلى المعارضة.

قال الحافظ: وفي حديث علي من الفوائد: سوق الهدي، والوكالة في نحر الهدي، والاستئجار عليه، والقيام عليه وتَفرقته والاشتراك فيه، وأن من وجب عليه شيء لله فله تخليصه، ونظيره الزرع يعطي عشرة ولا يحسب شيئًا مِن نفقته على المساكين)[4]؛ والله أعلم.

[1] صحيح البخاري: (2/ 211).

[2] فتح الباري: (3/ 556).

[3] فتح الباري: (3/ 49).

[4] فتح الباري: (3/ 556).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #146  
قديم 18-04-2020, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة


أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

حديث: رأيت ابن عمر قد أتى على رجل قد أناخ بدنه ينحرها




عن زياد بن جبير قال: رأيت ابن عمر قد أتى على رجل قد أناخ بدنه ينحرها، فقال: ابعثها قيامًا مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.

♦ قال البخاري: باب نحر الإبل مقيدة[1]، وذكر الحديث.

♦ قوله: (قد أناخ بدنته ينحرها)، زاد أحمد: لينحرها بمنى، ولأبي داود من حديث جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقِي من قوائمها".

♦ قال الحافظ: (وفي هذا الحديث استحباب نحر الإبل على الصفة المذكورة، وفيه تعليم الجاهل، وعدم السكوت على مخالفة السنة وإن كان مباحًا، وفيه أن قول الصحابي: من السنة كذا مرفوع عند الشيخين؛ لاحتجاجهما بهذا الحديث في صحيحيهما)[2].


♦ قال البخاري: باب نحر البدن قائمة، وقال ابن عمر رضي الله عنهما سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس رضي الله عنه ï´؟ صَوَافَّ ï´¾ [الحج: 36] قيامًا[3].

♦ قال الحافظ: (قوله: صواف بالتشديد جمع صافة؛ أي: مصطفة في قيامها، ووقع في مستدرك الحاكم من وجه آخر عن ابن عباس في قوله تعالى: ï´؟ صوافن ï´¾؛ أي: قيامًا على ثلاث قوائم معقولة، وهي قراءة ابن مسعود ï´؟ صوافن ï´¾ بكسر الفاء بعدها نون جمع صافنة، وهي التي رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب)[4]؛ انتهى.

تتمة:
♦ قال البخاري: وقال عبيدالله، أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: لا يؤكل من جزاء الصيد والنذر، ويؤكل مما سوى ذلك، وقال عطاء: يأكل ويطعم من المتعة[5].

♦ وقال ابن مفلح في "الفروع": واختار أبو بكر والقاضي والشيخ الأكلَ من أضحية النذر، كالأضحية على رواية وجوبها في الأصح[6]؛ انتهى.

وعن عطاء: لا يؤكل من جزاء الصيد، ولا مما يجعل للمساكين من النذر؛ رواه سعيد ابن منصور[7]، والله أعلم.

[1] صحيح البخاري: (2/ 210).

[2] فتح الباري: (3/ 553).


[3] صحيح البخاري: (2/ 210).

[4] فتح الباري: (3/ 554).

[5] صحيح البخاري: (2/ 211).

[6] الفروع: (6/ 182).

[7] فتح الباري: (3/ 558).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #147  
قديم 18-04-2020, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة


أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





الغسل للمحرم من عمدة الأحكام (الحديث الأول)


عن عبدالله بن حنين أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء؛ فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب، فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبدالله بن حنين، أرسلني إليك ابن عباس يسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه الماء: اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، ثم أقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل.

وفي رواية: فقال المسور لابن عباس: لا أماريك بعدها أبدًا.
القرنان: العمودان اللذان يشد فيهما الخشبة التي تعلق عليها البكرة.

♦ قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة واختلفوا فيما عدا ذلك[1].

♦ قال البخاري: وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يدخل المحرم الحمام، ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك بأسًا[2].

♦ قال الموفق: فإن حك فرأى في يده شعرًا أحببنا أن يفديه احتياطًا، ولا يجب عليه حتى يستيقن أنه قلعة[3].

♦ وقال أيضًا: ويكره له غسل رأسه بالسدر والخطمي ونحوهما، لِما فيه من إزالة الشعث والتعرض لقلع الشعر[4].

♦ قوله: (اختلفا بالأبواء)؛ أي: وهما نازلان بها.

♦ قوله: (فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب)، وفي رواية: قل له: يقرأ عليك السلام ابن أخيك عبدالله بن عباس ويسألك.

♦ قوله: (فوجدته يغتسل بين القرنين)؛ أي: قرني البئر.

♦ قوله: (أرسلني إليك ابن عباس يسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟).

♦ قال ابن عبدالبر: الظاهر أن ابن عباس كان عنده في ذلك نص عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه عن أبي أيوب أو غيره، ولهذا قال عبدالله بن حنين لأبي أيوب: يسالك كيف كان يغسل رأسه؟ ولم يقل: هل كان يغسل رأسه أو لا؟ على حسب ما وقع فيه اختلاف بين المسور وابن عباس[5].

♦ قوله: (فطأطأه)، في رواية: جمع ثيابه إلى صدره حتى رأيت رأسه ووجهه.

♦ قوله: (فقال المسور لابن عباس: لا أماريك أبدًا)؛ أي: لا أجادلك، وأصل المراء استخراج ما عند الإنسان، يقال: أمرى فلان فلانًا: إذا استخرج ما عنده؛ قاله ابن الأنباري، وأطلق ذلك في المجادلة؛ لأن كلًّا من المتجادِلَينِ يستخرج ما عند الآخر من الحجة.

♦ قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد: مناظرة الصحابة في الأحكام ورجوعهم إلى النصوص، وقبولهم لخبر الواحد ولو كان تابعيًّا، وأن قول بعضهم ليس بحجة على بعض.

♦ قال ابن عبدالبر: لو كان معنى الاقتداء في قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم"، يراد به الفتوى لَما احتاج ابن عباس إلى إقامة البيِّنة على دعواه، بل كان يقول للمسور: أنا نجم وأنت نجم، فبأيِّنا اقتدى مَن بعدنا كفاه، ولكن معناه كما قال المزني وغيره من أهل النظر: أنه في النقل؛ لأن جميعهم عدول، وفيه اعتراف للفاضل بفضله وأنصاف الصحابة بعضهم بعضًا، وفيه استتار الغاسل عند الغسل والاستعانة في الطهارة، وجواز الكلام والسلام حالة الطهارة، وجواز غسل المحرم وتشريبه شعرَه بالماء، ودلكه بيده إذا أمِن تناثُره[6].

[1] فتح الباري: (4/ 55).

[2] صحيح البخاري: (3/ 20).

[3] المغني: (6/ 420).

[4] المغني: (6/ 423).

[5] فتح الباري: (4/ 56).

[6] فتح الباري: (4/ 56).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #148  
قديم 18-04-2020, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





فسخ الحج إلى العمرة (1)



عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: لبيك بالحج، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عمرة.

فسخ الحج إلى العمرة: هو الإحرام بالحج، ثم يتحلل منه بعمل عمرة فيصير متمتعًا.

♦ قال الموفق: ومن كان مفردًا أو قارنًا أحببنا له أن يفسخ إذا طاف وسعى ويجعلها عمرة؛ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك، إلا أن يكون معه هدي فيكون على إحرامه[1].

♦ قوله: (أهلَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحج)، الإهلال: أصله رفع الصوت، والمراد به هنا التلبية.

♦ قال البخاري: باب من لبى بالحج وسماه.

وذكر حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك بالحج، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلناها عمرة[2].

♦ قال الحافظ: يؤخذ من هذا الحديث فسخ الحج إلى العمرة، وقد ذهب الجمهور إلى أنه منسوخ، وذهب ابن عباس إلى أنه محكم، وبه قال أحمد وطائفة يسيرة؛ انتهى.

♦ قوله: (وليس مع أحد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة) في حديث عائشة عند مسلم: "كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسار"، وفي حديث ابن عباس: "وكان طلحة ممن ساق الهدي ولم يحل"، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر أن الزبير كان ممن كان معه الهدي.

♦ قال الحافظ: ويجمع بينهما بأن كلًّا ذكر من اطلع عليه[3].

♦ قوله: (وقدم علي رضي الله عنه من اليمن، فقال: أهللت بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم)، ولمسلم في حديث ابن عباس فقال: لبيك بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يقيم على إحرامه وأشركه في الهدْي.

عن أبي موسى رضي الله عنه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم باليمن، فجئت وهو بالبطحاء، فقال: بمَ أهللتَ؟ قلتُ: أهللتُ كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هل معك من هدي؟ قلت: لا، فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أمرني فأحللتُ، فأتيت امرأة من قومي، فمشطتني، أو غسلت رأسي، فكنت أفتي به حتى كانت خلافة عمر، فقال: إن نأخذ بكتاب الله، فإنه يأمرنا بالتمام؛ قال الله: ï´؟ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ï´¾ [البقرة: 196]، وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يحل حتى نحر الهدي؛ متفق عليه.

محصل جواب عمر في منعه الناس من التحلل بالعمرة - أن كتاب الله دال على منع التحلل لأمره بالإتمام، فيقتضي استمرار الإحرام إلى فراغ الحج، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا دالة على ذلك؛ لأنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله، لكن الجواب عن ذلك ما أجاب هو صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: (ولولا أن معي الهدي لأحللتُ"، فدل على جواز الإحلال لمن لم يكن معه هدي، وفي قصة أبي موسى وعليٍّ دلالةٌ على جواز تعليق الإحرام بإحرام الغير مع اختلاف آخر الحديثين في التحلل، وذلك أن أبا موسى لم يكن معه هدي، فصار له حكم النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يكن معه هدي، وقد قال: "لو لا الهدي لأحللت"؛ أي: وفسخت الحج إلى العمرة كما فعله أصحابه بأمره، وأما علي فكان معه هدي، فلذلك أمره بالبقاء على إحرامه، وصار مثله قارنًا؛ قال النووي: هذا هو الصواب، قال: واستدل به على جواز الإحرام المبهم، وأن المحرم به يصرفه لما شاء، وهو قول الشافعي وأصحاب الحديث[4].

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها عمرة فيطوفوا، ثم يقصروا ويحلوا، إلا من كان معه الهدي، فقالوا: ننطلق إلى منى، وذكر أحدنا يقطر، وفي رواية: وذكر أحدنا يقطر منيًّا.

♦ قال ابن دقيق العيد: (فيه دليل على استعمال المبالغة في الكلام، فإنهم إذا حلوا من العمرة وواقعوا النساء، كان إحرامهم للحج قريبًا من زمن المواقعة والإنزال، فحصلت المبالغة في قرب الزمان بأن قيل: وذكر أحدنا يقطر وكأنه إشارة إلى اعتبار المعنى في الحج، وهو الشعث وعدم الترفه، فإذا طال الزمن في الإحرام، حصل هذا المقصود، وإذا قرب زمن الإحرام من زمن التحلل، ضعُف هذا المقصود، أو عُدِمَ، وكأنهم استنكروا زوال هذا المقصود أو ضعفه لقرب إحرامهم من تحلُّلهم)[5].

♦ قوله: (لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت ما أهديتُ)، تمنَّى صلى الله عليه وسلم ألا يكون أهدى لموافقة أصحابه في فسخ الحج إلى العمرة لما شق ذلك عليهم.

وفيه جواز استعمال (لو) في تمني القربات والعلم والخير، وأما استعمالها في التلهف على أمور الدنيا ومعارضة القضاء، فهو مكروه وقد ورد في الحديث: "احرص على ما ينفعك واستعنْ بالله ولا تَعجِزْ، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان".

♦ قال ابن دقيق العيد: معلل بقوله: ï´؟ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ï´¾ [البقرة: 196].

♦ قوله: (وحاضت عائشة، فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت).

♦ قال البخاري: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة، وذكر حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض ولم أطُف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "افعلي كما يفعل الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهُري".

وذكر حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، وحديث أم عطية وفيه: "أو ليس تشهد عرفة وتشهد كذا وتشهد كذا"[6].

♦ قال الحافظ: (قوله: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة، جزم بالحكم الأول لتصريح الأخبار التي ذكرها في الباب بذلك، وأورد المسألة الثانية مورد الاستفهام للاحتمال؛ انتهى.


ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر بإسناد صحيح: إذا طافت ثم حاضت قبل أن تسعى بين الصفا والمروة، فلتسع.

♦ قال الحافظ: حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، ظاهر في نهي الحائض عن الطواف؛ حتى ينقطع دمها وتغتسل؛ لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد، وذلك يقتضي بطلان الطواف لو فعلته، وفي معنى الحائض الجنب والمحدث وهو قول الجمهور، وذهب جمع من الكوفيين إلى عدم الاشتراط، وعند أحمد رواية أن الطهارة للطواف واجبة تجبر بالدم، وعند المالكية قول يوافق هذا)[7]؛ انتهى.

♦ قال ابن مفلح في "الفروع": (وتشترط الطهارة من حدث، قال القاضي وغيره: الطواف كالصلاة في جميع الأحكام إلا في إباحة النطق، وعنه: يجبره بدم، وعنه: إن لم يكن بمكة، وعنه: يصح من ناس ومعذور فقط، وعنه: يجبره بدم، وعنه: وكذا حائض وهو ظاهر كلام القاضي وجماع واختاره شيخنا، وأنه لا دم لعذر، وقال: هل هي واجبة أم سنة لها؟ فيه قولان في مذهب أحمد وغيره، ونقل أبو طالب: والتطوع أيسر وإن طاف فيما لا يجوز له لُبسه، صح وفدى، ذكره الآجُرِّي)[8]؛ انتهى.

♦ قوله: (قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة وأنطلق بحج، فأمر عبدالرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج).

♦ قال البخاري: باب عمرة التنعيم.
ثم ذكر حديث عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة ويعمرها من التنعيم، ثم ذكر حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، وزاد في آخره: فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة، وأن سراقة بن مالك بن جعشم لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ قال: لا، بل للأبد[9].

♦ قال الحافظ: (قوله: باب عمرة التنعيم، يعني هل تتعين لمن كان بمكة أم لا، وإذا لم تتعين هل لها فضل على الاعتمار من غيرها من جهات الحل أو لا، قال صاحب الهدي: لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مدة إقامته بمكة قبل الهجرة، ولا اعتمر بعد الهجرة إلا داخلًا إلى مكة، ولم يعتمر قط خارجًا من مكة إلى الحل، ثم يدخل مكة بعمرة كما يفعل الناس اليوم، ولا ثبت عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك في حياته إلا عائشة وحدها.

♦ قال الحافظ: وبعد أن فعلته عائشة بأمره دلَّ على مشروعيته، واختلف السلف في جواز الاعتمار في السنة أكثر من مرة، فكرِهه مالك، وخالفه مطرف، وطائفة من أتباعه، وهو قول الجمهور، واستثنى أبو حنيفة يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ووافقه أبو يوسف إلا في يوم عرفة، واستثنى الشافعي البائت بمنى لرمي أيام التشريق، وفيه وجه اختاره بعض الشافعية، فقال بالجواز مطلقًا؛ كقول الجمهور والله أعلم، واختلفوا أيضًا هل يتعين التنعيم لمن اعتمر من مكة، فروى الفاكهي وغيره من طريق محمد بن سيرين، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم، أو إلى الجعرانة، فليحرم منها، وأفضل ذلك أن يأتي وقتًا؛ أي ميقاتًا من مواقيت الحج، قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أنه لا ميقات للعمرة لمن كان بمكة إلا التنعيم، ولا ينبغي مجاوزته كما لا ينبغي مجاوزة المواقيت التي للحج، وخالفهم آخرون، فقالوا: ميقات العمرة الحل، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بالإحرام من التنعيم؛ لأنه كان أقرب الحل من مكة، ثم روِي من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة في حديثها قالت: وكان أدنانا من الحرم التنعيم، فاعتمرت منه، قال: فثبت بذلك أن ميقات مكة للعمرة الحل، وأن التنعيم وغيره في ذلك سواء، وقال الشافعي في الإملاء: أفضل بقاع الحل للاعتمار الجعرانة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرَم منها ثم التنعيم؛ لأنه أذن لعائشة منها، قال: وإذا تنحى عن هذين الموضعين، فأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحبَّ إليَّ)[10].

♦ قال الحافظ: (قوله: وأن سراقة لقي النبي صلى الله عليه وسلم بالعقبة وهو يرميها، يعني وهو يرمي جمرة العقبة، وفي رواية يزيد بن زريع عن حبيب المعلم عند المصنف في كتاب التمني: وهو يرمي جمرة العقبة، هذا فيه بيان المكان الذي سأل فيه سراقة عن ذلك، ورواية مسلم من طريق ابن جريج عن عطاء عن جابر كذلك، وسياق مسلم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، يقتضي أنه قال له ذلك لما أمر أصحابه أن يجعلوا حجهم عمرة، وبذلك تمسك من قال: إن سؤاله كان عن فسخ الحج عن العمرة، ويحتمل أن يكون السؤال وقع عن الأمرين لتعدد المكانين.

قوله: ألكم هذه خاصة يا رسول الله، قال: لا بل للأبد، في رواية يزيد بن زريع: ألنا هذه خاصة، وفي رواية جعفر عند مسلم، فقام سراقة، فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذه أم للأبد؟ فشبك أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: "دخلت العمرة في الحج" مرتين "لا بل للأبد أبدًا"، قال النووي: معناه عند الجمهور أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إبطالًا لما كان عليه الجاهلية، وقيل: معناه جواز القران؛ أي: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج، وقيل: معناه سقط وجوب العمرة وهذا ضعيف؛ لأنه يقتضي النسخ بغير دليل، وقيل: معناه جواز فسخ الحج إلى العمرة، قال: وهو ضعيف، وتعقَّب بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل، بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ والجواب وقع عما هو أعم من ذلك؛ حتى يتناول التأويلات المذكورة إلا الثالث)[11]، والله أعلم؛ انتهى.

قال البخاري: باب كيف تهل الحائض والنفساء[12].

أهل تكلم به واستهللنا وأهللنا الهلال كله من الظهور، واستهل المطر خرج من السحاب ï´؟ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ï´¾ [المائدة: 3]، وهو من استهلال الصبي.

حدثنا عبدالله بن مسلمة، حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي، فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا"، فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطُف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "انقضي رأسك وامتشطي، وأهلِّي بالحج ودعي العمرة"، ففعلتْ، فلما قضينا الحج، أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم مع عبدالرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت فقال: "هذه مكان عمرتك"، قالت: فطاف الذين كانوا أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا ثم طافوا طوافًا واحدًا بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا.

♦ قال ابن حزم: أن عائشة حاضت يوم السبت ثالث ذي الحجة، وطهرت يوم السبت عاشره يوم النحر[13]؛ انتهى.
وروى مسلم من حديث جابر أن عائشة أهلت بعمرة حتى إذا كانت بسرف حاضت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أهلي بالحج"، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وسعت، فقال: قد حللت من حجك وعمرتك، قالت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي أني لم أطُف بالبيت حتى حججت، قال: فأعمرها من التنعيم، ولمسلم من طريق طاوس عنها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "طوافك يسعك لحجك وعمرتك".

♦ قال الحافظ: (فهذا صريح في أنها كانت قارنة لقوله: "قد حللت من حجك وعمرتك"، وإنما أعمرها من التنعيم تطييبًا لقلبها، لكونها لم تطف بالبيت لما دخلت معتمرة، وقد وقع في رواية لمسلم: وكان النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا سهلًا إذا هويت الشيء تابعها عليه؛ انتهى.

قوله: ودعي العمرة؛ قال جماعة من العلماء: يحتمل أن يكون معنى قوله: ارفضي عمرتك؛ أي: اترُكي التحلل منها، وادخلي عليها الحج، فتصير قارنة.

♦ قال الحافظ: ويؤيده قوله في رواية لمسلم: وأمسكي عن العمرة؛ أي: عن أعمالها، وإنما قالت عائشة، وأرجع بحج لاعتقادها أن إفراد العمرة بالعمل أفضل كما وقع لغيرها من أمهات المؤمنين)[14].

♦ وقال الحافظ: (قال الخطابي: استشكل بعض أهل العلم أمره لها بنقض رأسها، ثم بالامتشاط، وكان الشافعي يتأوله على أنه أمرها أن تدع العمرة، وتدخل عليها الحج، فتصير قارنة، قال: وهذا لا يشاكل القصة، وقيل: إن مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج إذا رمى الجمرة، قال: وهذا لا يعلم وجهه، وقيل: كانت مضطرة إلى ذلك، قال: ويحتمل أن يكون نقض رأسها كان لأجل الغسل؛ لتهل بالحج، لا سيما إن كانت ملبدة، فنحتاج إلى نقض الضفر، وأما الامتشاط، فلعل المراد به تسريحها شعرها بأصابعها برفق؛ حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان)[15]؛ انتهى.

♦ وقال البخاري أيضًا: باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج، هل يجزئه من طواف الوداع، وذكر حديث عائشة في عمرتها من التنعيم، وفيه قوله: "اخرج بأختك من الحرم، فلتهل بعمرة، ثم افرغا من طوافكما"؛ الحديث[16].

♦ قال ابن بطال: (لا خلاف بين العلماء أن المعتمر إذا طاف، فخرج إلى بلده أنه يجزئه من طواف الوداع كما فعلت عائشة)[17]؛ انتهى.

♦ قال الحافظ: (وفي الحديث جواز الخلوة بالمحارم سفرًا وحضرًا، وإرداف المحرم مَحرمه معه، واستدل به على تعين الخروج إلى الحل لمن أراد العمرة ممن كان بمكة، وهو أحد قولي العلماء، والثاني تصح العمرة، ويجب عليه دم لترك الميقات)[18]؛ والله أعلم.

[1] المغني: (3/ 421).

[2] صحيح البخاري: (2/ 176).

[3] فتح الباري: (3/ 608).

[4] فتح الباري: (3/ 418).

[5] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: (1/ 327).

[6] صحيح البخاري: (1/ 83).

[7] فتح الباري: (3/ 505).

[8] الفروع: (6/ 111).

[9] صحيح البخاري: (3/ 4).

[10] فتح الباري: (3/ 606، 607).

[11] فتح الباري: (3/ 608).

[12] صحيح البخاري: (2/ 172).

[13] فتح الباري: (3/ 608).

[14] فتح الباري: (3/ 424).

[15] فتح الباري: (3/ 416).

[16] صحيح البخاري: (3/ 6).

[17] فتح الباري: (3/ 612).

[18] فتح الباري: (3/ 607).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #149  
قديم 18-04-2020, 03:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة


أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





فسخ الحج إلى العمرة (2)



عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة أربعة من ذي الحجة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: "الحل كله".

• قوله: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم) أول الحديث كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرًا، ويقولون: إذا برأ الدبر وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلَّت العمرة لمن اعتمر، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلِّين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: "حل كله".


قوله: (كانوا يرون أي يعتقدون والمراد أهل الجاهلية، قال النووي: قال العلماء المراد الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، فكانوا يسمون المحرم صفرًا، ويحلونه ويؤخرون تحريم المحرم إلي نفس صفر؛ لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة، فيضيق عليهم فيها ما اعتادوه من المقاتلة والغارة بعضهم على بعض، فضللهم الله في ذلك، فقال: ï´؟ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ï´¾ [التوبة: 37].

• قال الحافظ: ووجه تعلُّق جواز الاعتمار بانسلاخ صفر مع كونه ليس من أشهر الحج وكذلك المحرم، أنهم لما جعلوا المحرم صفرًا، ولا يستقرون ببلادهم في الغالب، ويبرأ دبر إبلهم إلا عند انسلاخه، ألحقوه بأشهر الحج على طريق التبعية، وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرم الذي هو في الأصل صفر، والعمرة عندهم في غير أشهر الحج، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة أربعة؛ أي: يوم الأحد مهلِّين بالحج في رواية وهم يلبون بالحج.
• قوله: (فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: "الحل كله")، وفي رواية: فكبر ذلك عندهم قوله: أي الحل.

• قال الحافظ: كأنهم كانوا يعرفون أن للحج تحلُّلين، فأرادوا بيان ذلك، فبيَّن لهم أنهم يتحللون الحل كله؛ لأن العمرة ليس لها إلا تحلُّل واحد)[1]؛ انتهى.

• قال ابن دقيق العيد: (وحديث ابن عباس يدل أيضًا على فسخ الحج إلى العمرة وفيه زيادة: أن التحلل بالعمرة تحلُّل كامل بالنسبة إلى جميع محظورات الإحرام لقوله صلى الله عليه وسلم للصحابة لما قالوا: أي الحل؟ قال: "الحل كله"، وقول الصحابة كأنه لاستبعادهم بعض أنواع الحل وهو الجماع المفسد للإحرام، فأجيبوا بما يقتضي التحلل المطلق والذي يدل على هذا: قولهم في الحديث الآخر: "ينطلق أحدنا إلى منى وذكرُه يَقطُر"، وهذا يشعر بما ذكرناه من استبعاد التحلل المبيح للجماع)[2]؛ انتهى، والله أعلم.



[1] فتح الباري: (3 /426).

[2] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: (1/ 330).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #150  
قديم 18-04-2020, 03:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




السير إذا دفع من عرفة


عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: سئل أسامة بن زيد وأنا جالس: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حين دفع؟ فقال: كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص.

العنق: انبساط السير، والنص: فوق ذلك.

قال البخاري: باب السير إذا دفع من عرفة، وذكر الحديث وفي آخره قال هشام والنص فوق العنق[1].
فجوة متسع وفجاء، وكذلك ركوة وركاء، مناص ليس حين فرار.

قوله: (حين دفع) في "الموطأ": حين دفع من عرفة.

وقوله: (كان يسير العنق) هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع، وقيل: المشي الذي يتحرك به عنق الدابة.

قال أبو عبيد: النص تحريك الدابة حتى يستخرج به أقصى ما عندها، وأصل النص غاية المشي، ومنه نصصت الشيء: رفعته، ثم استُعمل في ضرب سريع من السير[2].

قال ابن عبدالبر: في هذا الحديث كيفية السير في الدفع من عرفة إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصلاة؛ لأن المغرب لا تُصلى إلا مع العشاء بالمزدلفة، فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسكينة عند الزحمة، ومن الإسراع عند عدم الزحام، وفيه أن السلف كانوا يحرصون على السؤال عن كيفية أحواله صلى الله عليه وسلم في جميع حركاته وسكونه؛ ليقتدوا به في ذلك[3].

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى حين صلى الصبح في صبيحة يوم عرفة، حتى أتى عرفة فنزل بنمرة، وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة، حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرًا، فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة؛ رواه أحمد وأبو داود.

قوله: "حين صلى الصبح" في حديث جابر عند مسلم: "ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس"، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز الجمع والقصر بعرفة لأهل مكة، فلم يجوزه الشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه، وجوَّزه مالك وأحمد في الرواية الأخرى عنه، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

وقال ابن القيم: خطب صلى الله عليه وسلم واحدة، فلما أتمها أمرَ بلالًا فأذَّن، ثم أقام الصلاة فصلى الظهر ركعتين، ثم أقام فصلى العصر ركعتين أيضًا، ومعه أهل مكة وصلوا بصلاته قصرًا وجمعًا بلا ريب، ولم يأمرهم بالإتمام ولا بترك الجمع"، ومن قال: إنه قال لهم: "أتِمُّوا صلاتكم فإنا قوم سفر"، فقط غلط، وإنما قال لهم ذلك في غزاة الفتح بجوف مكة؛ حيث كانوا في ديارهم مقيمين[4].

ولهذا كان أصح أقوال العلماء أن أهل مكة يقصرون ويجمعون بعرفة كما فعلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن عُروة بن مُضرِّس بن أَوس بن حارثة بن لامٍ الطائي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني جئت من جبلي طيئ أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفه ليلًا أو نهارًا، فقد أتَمَّ حجَّه وقضى تَفثه"؛ رواه الخمسة، وصحَّحه الترمذي.

قال المجد: وهو حُجة في أن نهار عرفة كله وقت للوقوف.

وعن عبدالرحمن بن يعمر: "أن ناسًا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة فسألوه، فأمر مناديًا ينادي: "الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر، أدرك أيام منى ثلاثة أيام، فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخَّر فلا إثم عليه"، وأردف رجلًا ينادي بهنَّ"؛ رواه الخمسة.

قال الشوكاني: وقد أجمع العلماء على أن من وقف في أي جزء كان من عرفات، صحَّ وقوفه، ولها أربعة حدود: حد إلى جادة طريق المشرق، والثاني إلى حافات الجبل الذي وراء أرضها، والثالث إلى البساتين التي تلي قرنيها على يسار مستقبل الكعبة، والرابع وادي عرنة، وليست هي ولا نمرة من عرفات ولا من الحرم[5]؛ انتهى.

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نحرتُ ها هنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف"؛ رواه أحمد ومسلم وأبو داود، ولابن ماجه وأحمد أيضٍا نحوه، وفيه: كل فجاج مكة طريق ومنحر.

وعن أسامة بن زيد قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته، فسقط خطامها، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى؛ رواه النسائي.

قال الموفق: والمستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ويستقبل القبلة؛ لما جاء في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القِبلة"؛ انتهى.

تتمة:
ما يفعله العوام من استقبال عرفة واستدبار القبلة عند الدعاء بدعة مخالفة للسنة، ولا أعلم لذلك أصلًا من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا قول من يقتدي به، وبالله التوفيق.



[1] صحيح البخاري: (2 /200).

[2] فتح الباري: (3 /518).

[3] فتح الباري: (3 /519).


[4] بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار: (3 /56).

[5] نيل الأوطار: (2 /117).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 208.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 202.49 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]