تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 145 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السخرية في سورة ( المنافقون) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الأخلاق في حياتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 19 )           »          وقفة تربوية مع التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فتح مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 1772 )           »          فتنة المسلمين في الغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          معركة مرج الصفر شرقي شقحب بحوران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أبو مسلم الخراساني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 8 )           »          ابن العديم .. مؤرخ يعشق حلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-08-2022, 01:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ص - (3)
الحلقة (730)
سورة ص
مكية

وآياتها ثمان وثمانون آية
المجلد الرابع (صـــــــ 450الى صــــ 453)

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)
شرح الكلمات:
ولقد فتنا سليمان: أي ابتليناه.
وألقينا على كرسيه جسداً: أي شق ولد ميت لا روح فيه.
ثم أناب: أي رجع إلى ربه وتاب إليه من عدم استثنائه في يمينه.
وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي: أي أعطني ملكاً لا يكون لسواي من الناس.
فسخرنا له الريح: أي استجبنا له فسخرنا له الريح تجري بأمره.
رخاء حيث أصاب: أي لينة حيث أراد.
والشياطين كل بناء وغواص: أي وسخرنا له الشياطين من الجن منهم البناء ومنهم الغواص في البحر.
مقرنين في الأصفاد: أي مشدودين في الأصفاد أيديهم إلى أعناقهم في السجون المظلمة وذلك إذا تمردوا وعصوا أمراً من أوامره.
هذا عطاؤنا: أي وقلنا له هذا عطاؤنا.
فامنن أو أمسك: أي أعط من شئت وما شئت وامنع كذلك.
بغير حساب: أي منّا لك.
وإن له عندنا لزلفى: أي وإن لسليمان عندنا لقربة يوم القيامة.
وحسن مآب: أي مرجع في الجنة في الدرجات العلا.
معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر إنعام الله على آل داود فقد أخبر تعالى هنا عما منّ به على سليمان فأخبر تعالى أنه ابتلاه كما ابتلى أباه داود وتاب سليمان كما تاب داود ولم يسقط ذلك من علو منزلتهما وشرف مقامهما قال تعالى في الآية (34) {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ (1) } أي ابتليناه، وذلك أنه كما أخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح أنه قال لأطأن الليلة مائة جارية (2) تلد كل جارية ولداً يصبح فارساً يقاتل ي سبيل الله، ولم يقل إن شاء الله أي لم يستثن ووطئ نساءه في تلك الليلة فعوقب لعدم استثنائه فلم يلدن إلا واحدة جاءت بولد مشلول بالشلل النصفي فلما وضعته أمه أتوا به إلى سليمان ووضعوه على كرسيه. وهو معنى قوله تعالى {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ} سليمان إلى ربه فاستغفر وتاب فتاب الله عليه وقال {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي (3) لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} أي لا يكون مثله لسواي من الناس وتوسل إلى الله في قبول دعائه بقوله {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} فاستجاب الله تعالى له فسخر له الريح تجري بأمره حيث يريدها لأنها تحمل بساطه أو سفينته الهوائية التي غدوها شهر ورواحها شهر رخاء أي ليّنة حيث أصاب أي أراد، كما سخر له شياطين الجن منهم البناء الذي يقوم بالبناء للدور والمصانع ومنهم الغواص في أعماق البحر لاستخراج اللآلي، ومنهم من إذا عصاه وتمرد عليه جمع يديه إلى عنقه بصفد ووضعه تحت الأرض. هذا ما جاء في قول الله تعالى {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (4) } وقوله تعالى {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي أعطيناه ما طلب منا وقلنا له هذا عطاؤنا لك فامنن أي أعط ما شئت لمن شئت وامنع ما شئت عمن شئت بغير حساب منا عليك. وفوق هذا وإن لك عندنا يوم القيامة للقربة وحسن المرجع وهو قوله تعالى {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير قول بعضهم حسنات الأبرار سيئات المقربين إذ عدم الاستثناء في قوله لأطأن الليلة مائة جارية الحديث
عوقب به فلم تلد امرأة من المائة إلا واحدة وولدت طفلاً مشلولاً، وعوقب به نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانقطع عنه الوحي نصف شهر وأكربه ذلك لأنه لم يستثن عندما سئل عن ثلاث مسائل وقال غدا أجيبكم.
2- مشروعية التوبة من كل ذنب صغيراً كان أو كبيرا.
3- مشروعية التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى.
4- بيان إنعام الله تعالى على عبده سليمان.
5- بيان تسخير الله تعالى لسليمان الريح والجن وهذا لم يكن لأحد غيره من الناس.
__________

1 - ذكر المفسرون لهذه الفتنة عدة أمور وهي قصص أشبه بالخرافات الإسرائيلية أمثلها ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: اختصم إلى سليمان فريقان أحدهما من أهل جرادة امرأة سليمان وكان يحبها فهوى أن يقع القضاء لهم ثم قضى بينهما بالحق فأصابه الذي أصابه عقوبة لذلك الهوى وما في التفسير أصح وأقرب إلى تفسير الآيات.
2 - نص الحديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعاً فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون.
3 - روى البخاري أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "إن عفريت من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع على صلاتي فحماني الله تبارك وتعالى منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان عليه السلام {رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} فرددته خاسئا.
4 - الأصفاد جمع صفد بفتح الصاد والفاء القيد من حديد.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-08-2022, 01:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
شرح الكلمات:
واذكر عبدنا أيوب: أي اذكر يا نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبدنا أيوب بن عيصو بن إسحق بن إبراهيم.
بنصب وعذاب: أي بضر وألم شديد نسب هذا للشيطان لكونه سببا وتأدبا مع الله تعالى.
اركض برجلك: أي اضرب برجلك الأرض تنبع عين ماء.
هذا مغتسل بارد وشراب: أي وقلنا له هذا ماء بارد تغتسل منه، وتشرب فتشفى.
ضغثا: أي حزمة من حشيش يابس.
ولا تحنث: بترك ضربها.
نعم العبد: أي أيوب عليه السلام.
إنه أواب: أي رجاع إلى الله تعالى.
معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر قصص الأنبياء ليثبت به فؤاد نبيّه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال تعالى له {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا (1) أَيُّوبَ} وهو أيوب بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام {إِذْ نَادَى رَبَّهُ} أي دعاه قائلاً {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ (2) وَعَذَابٍ} (3) أي ألم شديد، وذلك بعد مرض شديد دام مدة تزيد على كذا سنة وقال في ضراعة أخرى ذكرت في سورة الأنبياء {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} قال تعالى {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} وقوله {ارْكُضْ (4) بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} أي لما أراد الله كشف الضر عنه قال له اركض برجلك أي اضرب برجلك الأرض ينبع منها ماءٌ فاشرب (5) منه واغتسل تشف ففعل فشفي كأن لم يكن به ضر البتة. وقوله تعالى {وَوَهَبْنَا (6) لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} أي عوضه الله تعالى عما فقد من أهل وولد، وقوله {رَحْمَةً مِنَّا} أي كان ذلك التعويض لأيوب {رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} أي عبرة لأولي القلوب الحية الواعية يعلمون بها أن الله قد يبتلي أحب عباده إليه ليرفعه بذلك درجات عالية ما كان ليصل إليها دون ابتلاء في ذات الله والصبر عليه. وقوله {وَخُذْ بِيَدِكَ (7) ضِغْثاً} أي قلنا له خذ بيدك ضغثا أي حزمة من حشيش يابس واضرب به امرأتك ضربة واحدة إذ في الحزمة مائة عود وكان قد حلف أن يضرب امرأته مائة جلدة لما حصل منها من تقصير في يوم من أيام حياتهما، فأفتاه ربه تعال بما ذكر في هذه الآية. وقوله تعالى {إِنَّا وَجَدْنَاهُ (8) صَابِراً} أي قد اختبرناه بالمرض وفقد الأهل والمال والولد فوجدناه صابراً، وبذلك أثنى عليه بقوله {نِعْمَ الْعَبْدُ} أي أيوب {إِنَّهُ أَوَّابٌ} رجاع إلى ربه في كل أمره لا يعرف إلا الله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طريق هذا القصص الذي لا يتأتى إلا بالوحي الإلهي.
2- قد يبتلي الله تعالى من يحبه من عباده ليزيد في علو مقامه ورفعة شأنه.
3- فضل الصبر وعاقبته الحميدة في الدنيا والآخرة.
4- مشروعية الفتيا وهي خاصة بأهل الفقه والعلم.
5- وجوب الكفارة على من حنث في يمينه.
__________

1 - قال القرطبي أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاقتداء بهم في الصبر على المكاره.
2 - قرأ الجمهور بنصب بضم النون وتسكين الصاد وقرئ بنصب بفتحها كحزن وحزن والنصب الشر والبلاء الشديد والنصب بالتحريك التعب والإعياء
3 - الباء في بنصب سببية أي مسني نصب وعذاب بسبب وسوسة الشيطان لي فنسب النصب والعذاب إلى الشيطان لأنهما كانا بسبب وسواسه.
4 - الركض التحريك يقال ركب الدابة إذا حركها برجليه فركضت أي تحركت بسرعة وجملة اركض مقولة لقول محذوف أي قلنا له اركض برجلك.
5- أي ماء فيه شفاء ومغتسل اسم مفعول أي مغتسل به هو من باب الحذف والإيصال مثل تمرون الديار ولا تعرجوا: فكلامكم إذا عليّ حرام. أي تمرون بالديار فحذف الباء.
6 - لم تشر الآيات إلى أن أيوب رزئ بموت أهله ولا بفقد ماله وسياق الآيات يدل على أن أيوب مات أهله من بنين وأحفاد وما يذكر هنا من كونه فقد أهله بموتهم ثم أحياهم الله تعالى له من أحاديث بني إسرائيل، والظاهر أن الله تعالى حفظ لأيوب أهله ووهبه مثلهم أي أعطاه أهله وزاده ضعفهم ولو أراد ما تقوله الناس لقال وأحيينا له أهله ووهبنا له مثلهم والله أعلم.
7 - هذه الفتيا مما خص الله تعالى بها عبده أيوب فلا تتعداه إلى غيره والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وفعلت الذي هو خير وما روى أبو داود من أن رجلا مريضا وجب عليه حد فأفتاهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضربه بعثكول نخل به مائة عود فضربوه به ضربة واحدة فإن الخبر إن صح فالعلة هي مرضه الشديد وعلته القائمة به.
8 - الجملة تعليلية لما تقدم من إنعام الله تعالى على أيوب أي وهبه الله ذلك الإنعام لصبره على ما ابتلاه به وكذا جملة إنه أواب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-08-2022, 01:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ص - (4)
الحلقة (731)
سورة ص
مكية

وآياتها ثمان وثمانون آية
المجلد الرابع (صـــــــ 454الى صــــ 458)

وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48) هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)
شرح الكلمات:
واذكر عبادنا: أي اذكر صبرهم على ما أصابهم فإن لك فيه أسوة.
أولي الأيدي: أي أصحاب القوى في العبادة.
والأبصار: أي البصائر في الدين بمعرفة الأسرار والحكم.
بخالصة: أي هي ذكر الدار الآخرة والعمل لها.
لمن المصطفين الأخيار: أي من المختارين الأخيار جمع خيّر.
هذا ذكر: أي لهم بالثناء الحسن الجميل هنا في الدنيا.
وإن للمتقين: أي هم وغيرهم من سائر المؤمنين والمؤمنات.
لحسن مآب: أي مرجع أي عندما يرجعون إلى ربهم بالوفاة.
متكئين فيها: أي على الأرائك.
يدعون فيها بكل فاكهة: أي يطالبون فيها بفاكهة وذكر الفاكهة دون الطعام والشراب إيذاناً بأن طعامهم وشرابهم لمجرد التلذذ لا للتغذية كما في الدنيا.
قاصرات الطرف: أي حابسات العيون على الأزواج فلا ينظرون إلى غيرهم.
أتراب: أي أسنانهن متساوية وهي ثلاث وثلاثون سنة.
ماله من نفاد: أي ليس له انقطاع أبداً.
معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر الأنبياء وما أكرموا به على صبرهم ليكون ذلك مثبتا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على دعوته والصبر عليها والتحمل في سبيل الوصول بها إلى غاياتها فقال تعالى له {وَاذْكُرْ} أي يا نبينا {عِبَادَنَا} لتتأسى بهم وهم {إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ (1) } ولد و {وَيَعْقُوبَ} حفيده {أُولِي} أي أصحاب {الْأَيْدِي (2) } أي القوى في العبادة والطاعة {وَالْأَبْصَارِ} أي أبصار القلوب وذلك بالفقه في الدين ومعرفة أسرار التشريع، وقوله تعالى {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ} أي خصصناهم {بِخَالِصَةٍ (3) } أي بخاصة امتازوا بها هي ذكر الدار أي الدار الآخرة بالعمل لها والدعوة إليها بالإيمان والتقوى، وقوله {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} أي المختارين {الْأَخْيَارِ} جمع خيّر (4) وهو المطبوع على الخير وقوله {وَاذْكُرْ} أي نبينا للائتساء {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ} وقوله {وَكُلٌّ} أي من داود ومن ذكر بعده من الأنبياء كانوا من الأخيار، وقوله {هَذَا ذِكْرٌ} أي لهم بالثناء الحسن لهم في الدنيا، {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} (5) هم وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات {لَحُسْنَ مَآبٍ} أي مرجع وهو الجنة حيث يرجعون إلى الله تعالى بعد الموت، وفسر ذلك المرجع بقوله تعالى {جَنَّاتِ عَدْنٍ} أي إقامة {مُفَتَّحَةً (6) لَهُمُ الْأَبْوَابُ} {مُتَّكِئِينَ فِيهَا} أي على الأرائك الأسرة بالحجلة، {يَدْعُونَ فِيهَا} أي يطالبون فيها {بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} ولم يذكر الطعام إشارة إلى أن مآكلهم ومشاربهم لمجرد التلذذ لا للتغذي بها كما في الدنيا، وقوله {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} يخبر تعالى أن لأولئك المتقين في الجنة قاصرات الطرف أي نساء قاصرات الطرف حابسات له على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم من الأزواج وقوله {أَتْرَابٌ} أي في سن واحدة وهي ثلاث وثلاثون سنة. وقوله {هَذَا مَا تُوعَدُونَ} أي يقال لهم هذا ما توعدون {لِيَوْمِ الْحِسَابِ} أي هذا المذكور من النعيم هو ما يعدكم به ربكم يوم القيامة. وقوله {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} أي ليس له انقطاع ولا فناء.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- فضيلة القوة في العبادة والبصيرة في الدين وفي الحديث (7) "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير".
2- فضل ذكر الدار الآخرة وتذكرها دائماً لأنها تساعد (8) على الطاعة.
3- فضل التقوى وأهلها وبيان ما اعد لهم يوم الحساب.
4- نعيم الآخرة لا ينفد كأهلها لا يموتون ولا يهرمون.
5- فضيلة الائتساء بالصالحين والاقتداء في الخير بهم وهم أولوا القوة في العبادة والبصيرة في الدين.
__________

1 - أما إبراهيم فقد ذكر الله تعالى ما ابتلاه به من إلقائه في النار وكذا يعقوب من فقده ليوسف عليهم السلام وأما إسحاق فلم يذكر له في القرآن ابتلاء ولعله ذكر بين مبتلين وهما أصله وفرعه فكان ذلك ابتلاء له أيضا.
2 - جمع يد والمراد بها القوة لا الجارحة نحو والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون.
3 - قرأ نافع بخالصة ذكر الدار بإضافة خالصة إلى الدار وقرأ حفص بتنوين خالصة فتكون ذكر الدار عطف بيان على خالصة.
4 - جائز أن يكون الأخيار جمع خير بإسكان الياء وجمع خير بتشديدها مكسورة نحو أموات جمع ميت وميت.
5 - اللام للاختصاص ليس للملك ولا للتعليل بل للاختصاص إذ هي مختصة بالمتقين دون غيرهم.
6 - مفتحة منصوبة على الحال والأبواب مرفوع بمفتحة لأنه نائب فاعل.
7 - أخرجه مسلم في صحيحه.
8 - شاهده حديث " كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة " حديث صحيح".

*********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-08-2022, 01:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (59)
قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)

شرح الكلمات:
هذا: المذكور للمتقين.
وإن للطاغين: أي الذين طغوا في الكفر والشر والفساد.
لشر مآب: أي جهنم يصلونها.
فبئس المهاد: أي الفراش الذي مهدوه لأنفسهم في الدنيا بالشرك والمعاصي.
هذا فليذوه: أي العذاب المفهوم مما بعده فليذوقوه.
حميم: أي ماء حار محرق.
وغساق: أي قيح وصديد يسيل من لحوم وفروج الزناة في النار.
وآخر من شكله أزواج: أي وعذاب آخر كالحميم والغساق أصناف.
هذا فوج مقتحم معكم: أي يقال لهم عند دخولهم النار هذا فوج مقتحم معكم.
لا مرحبا بهم: أي لا سعة عليهم ولا راحة لهم إنهم صالوا النار.
قالوا: أي الأتباع للطاغين: بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا.
قالوا ربنا من قدم لنا هذا: أي الأتباع أي من كان سببا في عذابنا هذا في جهنم فزده عذابا.
وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً: أي قال الطاغون وهم في النار ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار في الدنيا يعنون فقراء المسلمين كبلال وعمار وصهيب.
أتخذناهم سخرياً: أي كنا نسخر منهم في الدنيا.
أم زاغت عنهم الأبصار: أي أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار؟ فلم نرهم.
إن ذلك لحق تخاصم أهل النار: أي إن ذلك المذكور لأهل النار لحق ثابت وهو تخاصم أهل النار.
معنى الآيات:
بعد ذكر نعيم أهل الإيمان والتقوى ناسب ذكر شقاء أهل الكفر والفجور وهو أسلوب الترهيب والترغيب الذي امتاز به القرآن الكريم في هداية العباد. فقال تعالى {هَذَا (1) } أي ما تقدم ذكره من نعيم أهل السعادة {وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} وهم المشركون الظلمة كأبي جهل وعتبة بن معيط والعاص بن وائل {لَشَرَّ مَآبٍ} أي لأسوأ مرجع وأقبحه وهو {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (2) } هي يمهدها الظالمون لأنفسهم. وقوله تعالى {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} أي هذا حميم وغساق (3) فليذوقوه والحميم الماء الحار المحرق والغساق ما سال من جلود ولحوم وفروج الزناة من أهل النار كالقيح والصديد وقوله {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ (4) } أي وعذاب آخر من شكل الأول {أَزْوَاجٌ} أي أصناف عديدة وقوله تعالى {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} أي يقال (5) عند دخولهم النار هذا فوج أي فريق مقتحم معكم في النار، فيقول الطاغون {لا مَرْحَباً (6) بِهِمْ} أي لا سعة ولا راحة لهم {إِنَّهُمْ صَالُو
النَّارِ} أي داخلوها محترقون بحرها ولهبها، فيرد الأتباع عليهم قائلين: {بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً (7) بِكُمْ} أي لا سعة ولا راحة {أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} إذ كنتم تأمروننا بالشرك والكفر والفجور قال تعالى {فَبِئْسَ الْقَرَارُ} أي الذي انتهى إليه الطاغون وأتباعهم في النار، وقالوا أيضا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا} أي العذاب {فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} أي يا ربنا ضاعف لهم العذاب مرتين لأنهم هم الذين قدموه لنا يوم كانوا يدعوننا إلى الشرك والباطل ويحضوننا عليه. وقوله تعالى {وَقَالُوا} أي الطغاة {مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ} (8) بيننا {أَتَّخَذْنَاهُمْ} (9) في الدنيا {سِخْرِيّاً} (10) نسخر منهم يعنون فقراء المسلمين كبلال وعمّار وصهيب وخبيب، أمفقودون هم {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ} أبصارنا فلم نرهم، قال تعالى {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} أي إن ذلك الكلام الذي دار بين أهل النار حق وصدق هو تخاصم أهل النار فاسمعوه أيها المشركون اليوم آيات تتلى وغدا يوم الحساب حقائق تشاهدوه وغصص تتجرع وحسرات تمزق الأكباد والقلوب.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- ذم الطغيان وهو مجاوزة الحد في الظلم والكفر وبيان جزاء أهله ويوم القيامة.
2- بيان ما يجري من خصام بين أهل النار للعظة والاعتبار.
3- شكوى الأتباع ممن اتبعوهم في الضلال ومطالبتهم بمضاعفة العذاب لهم.
4- تذكر أهل النار فقراء المسلمين الذين كانوا يعدونهم متخلفين ورجعيين لأنهم كانوا لا يأتون الفجور والشرور مثلهم.
__________

1 - هذا مستعمل في الانتقال من غرض إلى غرض تثنية للغرض قبله شبيهة بكلمة وبعد.
2 - الفاء في فبئس المهاد للترتيب والسبب.
3 - الغساق سائل في جهنم يقال غسق الجرح إذا سال منه ماء أصفر. قرأ الجمهور "غساق" بالتخفيف وقرأه حفص وبعض بالتشديد فهما لغتان فيه والتشديد للمبالغة في غاسق وهو أقرب.
4 - وآخر صفة لموصوف محذوف أي وعذاب آخر من شكله أي من مثله أزواج أي أصناف متعددة.
5 - يبدوا أن القائل هم الزبانية يخاطبون الطغاة وهم يعذبونهم هذا فوج.
6 - لا مرحبا نفي للكلمة التي يقولها المزور لمن زاره وهي إنشاء دعاء للوافد. وهي مصدر بوزن مفعل، والعامل فيه محذوف تقديره أتيت رحبا أي مكاناً ذا رحب، فإذا أراداو نفيه قالوا لا مرحباً بكم. قال الشاعر:
لا مرحبا بغدٍ ولا أهلا به
إذا كان تفريق الأحبة في غدٍ
7 - بل للإضراب الإبطالي لرد الشتم عليهم، وأنهم هم أولى به منه، والباء في بهم للبيان فهي بمعنى اللام أي لا مرحباً لهم يستحقونه عندنا.
8 - جمع شر بمعنى أشر كالأخيار جمع خير بمعنى أخير.
9 - قرأ نافع وحفص والجمهور اتخذناهم بهمزة الاستفهام وحذفت همزة الوصل والجملة بدل من جملة "ما لنا لا نرى رجالاً ... اتخذناهم سخرياً أم زاغت عنهم الأبصار، وأم بمعنى بل أي بل زاغت عنهم أبصارنا فلم نرهم وزاغت بمعنى مالت.
10 - قرأ نافع سخرياً بضم السين وقرأ حفص بكسرها كما في سورة المؤمنون والسخرية الاستهزاء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-08-2022, 02:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة ص - (5)
الحلقة (732)
سورة ص
مكية

وآياتها ثمان وثمانون آية
المجلد الرابع (صـــــــ 459الى صــــ 464)

قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)
شرح الكلمات:
قل: أي يا رسولنا لمشركي قومك أي مخوفاً من عذاب الله.
وما من إله إلا الله الواحد القهار: أي وليس هناك من إله قط إلا الله الواحد القهار.
العزيز الغفار: أي الغالب الذي لا يمانع في مراده الغفار للتأئبين من عباده.
قل هو نبأ عظيم: أي قل يا رسولنا لكفار مكة القرآن نبأ عظيم وخبر جسيم.
أنتم عنه معرضون: لا ترغبون في سماعه ولا في تدبر معانيه.
بالملأ الأعلى: أي بالملائكة عندما شووِروا في خلق آدم.
إذ قال ربك للملائكة: أي اذكر لهم تدليلا على أنه يوحى إليك القرآن إذ قال ربك للملائكة.
خالق بشرا من طين: أي خالق آدم من مادة الطين وقيل فيه بشر لبدوّ بشرته.
من روحي: الروح جسم لطيف يسري في الجسم سريان النار في الفحم أو الماء في الشجر أو الكهرباء في الأسلاك.
إلا إبليس: أي لم يسجد.
استكبر: عن السجود لآدم كبراً وحسداً له.
معنى الآيات:
بعد كل ذلك العرض للقصص ولما في الجنة والنار وما تقرر به من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء أمر تعالى رسوله أن يقول لمشركي قريش {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ (1) } أي مخوف من عذاب الله الواجب لكل من كفر به وكذب بآياته ولقائه وترك عبادته وعبد الشيطان عدوه، كما أخبركم مقررا أنه ليس هناك من إله قط إلا الله الواحد في ذاته وصفاته وربوبيته وعبادته القهار لكل قاهر والجبار لكل جبار رب السموات والأرض وما بينهما أي مالك لها متصرف فيها دون شريك له في ذلك. العزيز الانتقام ممن كفر به وعصاه الغفار لمن أناب إليه واتبع هداه. وقوله تعالى {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} أي يأمر تعالى رسوله أن يقول للمشركين من أهل مكة هو أي (2) القرآن وما حواه من تقرير التوحيد والنبوة والبعث والجزاء وعرض القصص والأحداث ووصف الجنة والنار نبأ عظيم أي خبر ذو شأن عظيم أنتم عنه معرضون تأبون سماعه والإيمان به والاهتداء بهديه. بدعوى أني اختلقته وافتريته وهي حجة داحضة وأدلتكم في ذلك واهية. كيف يكون ما أتلوه عليكم من القرآن افتراء مني عليكم وعلى الله ربي وربكم، وإنه ما كان لي (3) من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون (4) عندما قال الله للملائكة {إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ} وقال {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} فقال الملائكة {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} كيف عرفت أنا هذا وحدثت به لو لم يكن وحياً من الله أوحاه إليّ. يا قوم إنه ما يوحى إليّ إلا أنما أنا نذير مبين أي
بين النذارة. فلم يوح إليّ الأمر بالتسلط عليكم وأخذكم بالشدة لأستعبدكم وتكونوا خولا لي وخدماً لا، لا. إنما يوحى إليّ لتقرير حقيقة واحدة وهي أني نذير لكم ولغيركم من عذاب الله المعدّ لمن كفر به وأشرك في عبادته، وفسق عن طاعته. وقوله تعالى في الآية (71) {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ} هو آدم عليه السلام {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} فحيى وصار بشراً سوياً {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} أي خروا على الأرض ساجدين له طاعة لأمرنا وتحيّة لعبدنا، {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} سواء من كان منهم في السموات أو في الأرض {إِلَّا إِبْلِيسَ} استكبر عن السجود لآدم لزعمه الكاذب أنه خير منه لكونه من النار وآدم من طين، ولحسده أيضاً حيث فضله وفُضّل عليه، وكان بذلك الكبر والحسد من الكافرين إذ جحد معلوماً من طاعة الله بالضرورة وكيف وهو يتلقى الخطاب من الله تعالى بلا واسطة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير التوحيد بأدلته.
2- تقرير النبوة والوحي بشواهده من نبأ الملأ الأعلى.
3- عداوة إبليس لآدم وأن الحامل عليها الحسد والكبر وهما من شر صفات العبد.
4- تقرير أن من القياس ما هو شر وباطل كقياس إبليس إذ قاس النار على التراب فرأى أن النار أفضل فهلك بذلك، إذ التراب أفضل، النار تحرق والتراب يحيي، وشتان ما بين الموت والحياة.
__________

1 - في هذه الآيات الثلاث الترهيب والترغيب ببيان قدرة الله وجبروته وبيان ربوبيته الموجبة للألوهية المستلزمة لمغفرته ورحمته لمن تاب إليه بتوحيده وطاعته بعد الإيمان به وبرسوله ولقائه.
2 - كون النّبأ هو القرآن هذا ما ذهب إليه ابن جرير رحمه الله تعالى، ومن فسره بما سبق ذكره من الإنذار وما عرض من أحوال أهل الجنة وأهل النار فإن ما في التفسير شامل لكل ذلك هاد إليه ودال عليه والحمد لله.
3 - قوله تعالى: ما كان لي من علم الخ استئناف لأجل الاستدلال على صدق القرآن بأنه وحي من الله تعالى ولولا أنه وحي لما كان للرسول علم به لا إجمالا ولا تفصيلا ولهذا الاستدلال نظائر نحو ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم، وما كنت لديهم إذ يختصمون، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا.
4 - قال بعض المفسرين تخاصم الملأ الأعلى هو أشراف قريش فيما بينهم سراً وقال آخرون هو تخاصم أهل النار وقيل والصواب ما في التفسير وهو أن الملأ الأعلى الملائكة وما جرى بينهم في شأن السجود لآدم وامتناع إبليس عن ذلك وفي الآية بعد تفسير هذا الاختصام وأما حديث السنن فلم يرد به ما في هذه الآيات ونصه "إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة فقال يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري يا رب - أعادها ثلاثاً- فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت في الكفارات. قال وما الكفارات؟ قلت: نقل الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات قال وما الدرجات؟ قلت إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام. قال سل قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك هذا "حديث المنام".

*******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-08-2022, 02:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)
شرح الكلمات:
لما خلقت بيدي: أي للذي خلقته بيدي وهو آدم فدل ذلك على شرفه.
أستكبرت أم كنت من العالين: أستكبرت الآن أم كنت من قبل من العالين المتكبرين والاستفهام للتوبيخ والتقريع لإبليس.
فاخرج منها: أي من الجنة.
فإنك رجيم: أي مرجوم مطرود.
وأن عليك لعنتي إلى يوم الدين: أي طرده من الجنة وألحقه لعنة وهي الطرد من الرحمة إلى يوم الدين أي الجزاء وهو يوم القيامة.
قال رب فأنظرني: أي أخر موتي وأبق عليّ حيّا إلى يوم يبعثون أي الناس.
إلى يوم الوقت المعلوم: أي إلى النفخة الأولى وهي نفخة الموت والفناء.
إلا عبادك منهم المخلصين: أي الذين استخلصهم للإيمان بك وعبادتك ومجاورتك في الجنة.
قل ما أسألكم عليه من أجر: لا أسألكم على البلاغ أجراً تعطونه لي.
وما أنا من المتكلفين: أي المتقولين القرآن وما أنذركم به من تلقاء نفسي.
إن هو إلا ذكر للعالمين: أي ما أتلوه من القرآن وما أقوله من الهدى إلا ذكر للعالمين.
ولتعلمن نبأه بعد حين: أي ولتعلمن أيها المكذبون نبأ القرآن الذي أنبأ به من الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين بعد حين.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر ما دار بين الرب تعالى وعدوه إبليس من حديث في الملأ الأعلى إذ قال تعالى بعد أن امتنع إبليس من السجود لآدم {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ (1) أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (2) } أي أيُّ شيء جعلك تمتنع من السجود لآدم وقد أمرتك بذلك {أَسْتَكْبَرْتَ} أي الآن {أَمْ كُنْتَ} من قبل {مِن (3) َ الْعَالِينَ} أي المستكبرين، وهذا الاستفهام من الله تعالى توبيخ لإبليس وتقريع له. وأجابه إبليس بما أخبر تعالى به عنه في قوله {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} فاستعمل اللعين القياس الفاسد المردود عند أرباب العقول، إذ النار لم تكن أبداً خيرا من الطين، النار تحرق ونهايتها رماد، والطين لا يحرق ومنه سائر أنواع المغذيات التي بها الحياة الحبوب والثمار والفواكه والخضر واللحوم وحسبه أنه أصل الإنسان ومادة خلقته. فأيّ شرف للنّار أعظم لو كان اللعين يعقل. وهنا قال تعالى له {فَاخْرُجْ مِنْهَا} أي من الجنة {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} أي مطرد مبعد لا ينبغي أن تبقى في رحمة الله، {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} لا تفارقك على مدى الحياة وهي بُعد من رحمتي طوال الحياة.
وهنا قال اللعين لما آيس من الرحمة {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي أبق عليّ حياً لا تمتني {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} حتى يتمكن من إغواء بني آدم، ولا يموت إذا ماتوا في النفخة الأولى فلا يذوق هو الموت وعلم الله ما أضمره في نفسه فرد عليه بقوله {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} أي الممهلين المبقى على حياتهم {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وهو النفخة الأولى حتى يموت مع سائر الخلائق ولما علم اللعين أنه أنظر قال في صفاقة وجه ووقاحة قول مقسماً بعزة الله {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} فاستثنى اللعين عباد الله المؤمنين المتقين الذين استخلصهم الله لطاعته وجواره في دار كرامته. وهنا قال تعالى رداً على اللعين {قَالَ (4) فَالْحَقُّ} أي أنا الحق {وَالْحَقَّ أَقُولُ} {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} أي من الإنس والجن أجمعين. وإلى هنا انتهى ما دار من خصومة في الملأ الأعلى، وكيف عرف محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا وأخبر به لولا أنه وحي يوحى إليه. وهنا قال تعالى لرسوله قل لقومك المكذبين برسالتك {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} أي على البلاغ {مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (1) } الذين يتقولون على الله ويقولون ما لم يقل {إِنْ هُوَ} أي القرآن {إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} من الإنس والجن يذكرون به فيؤمنون ويهتدون {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} أي ولتعرفن صدق ما أخبر به من وعد ووعيد وصلاحية ما تضمنه من تشريع بعد حين، وقد عرف بعضهم ذلك يوم بدر، ويوم الفتح، ويوم مؤتة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- ذم الكبر والحسد وحرمتهما وبيان جزائهما.
2- مشروعية القياس إن كان قياساً صحيحاً، وبيان أخطار القياس الفاسد.
3- مشروعية القسم بالله وبصفاته وأسمائه.
4- بيان أن من كتب الله سعادتهم لا يقوى الشيطان على إغوائهم وإضلالهم.
5- لا يجوز أخذ الأجرة على بيان الحق والدين.
6- ذم التكلّف (5) المفضي إلى الكذب والتقول على الله والرسول والمؤمنين.
7- ظهر مصداق ما أخبر به القرآن بعد حين قصير وطويل.
__________

1 - ذكر صاحب تفسير التحرير أن خطاب الله تعالى لإبليس بعد إبلاسه كان بواسطة ملك من الملائكة معللاً ذلك بعدم أهلية إبليس بعد إبلاسه لذلك لما فيه من الشرف والكمال ولم أقف على من رأى هذا الرأي غيره والله أعلم بصحته أو خطأه.
2 - في قوله بيدي إثبات صفة اليدين لله تعالى وقد وردت أحاديث صحيحة تقرر ذلك وتثبته فوجب الإيمان بهذه الصفة الذاتية لله تعالى مع تنزيهه تعالى أن يكون يداه تشبه يدي من له يدان من خلقه لأن الله تعالى ليس كمثله شيء.
3 - العلو الشرف فمعنى قوله تعالى من العالين أي من أهل علو المراتب وشرف المنازل فلذا امتنعت من السجود لآدم عليه السلام.
4 - قرأ الجمهور قال فالحق بنصب الحق على أنه مفعول مطلق تقديره أحق الحق، وقرأ حفص بالرفع على تقدير فالحق قولي، أو أنا الحق أي على الابتداء، وأما الحق الثاني فهو منصوب إجماعاً لفعل أقول.
5 - التكلف: معالجة الكلفة وهو ما يشق على المرء عمله أو علمه أو قوله لعدم قدرته على ذلك روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال من سئل عما لا يعلم فليقل لا أعلم، ولا يتكلف فإن قوله لا أعلم علم وقد قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} . روي أن للمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم. وروى الدارقطني أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر في بعض أسفاره على رجل جالس على مقراة له وقال له عمر يا صاحب المقراة أولغت السباع الليلة في مقراتك*؟ فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا صاحب المقراة لا تخبره، هذا متكلف، لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور، كما روى مالك في الموطأ أن عمر خرج في ركب معهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضاً فقال عمرو بن العاص يا صاحب الحوض هل ترد السباع حوضك؟ فقال عمر يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا.
* المقراة: الحوض يجمع فيه الماء.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08-08-2022, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الزمر - (1)
الحلقة (733)
سورة الزمر
مكية
وآياتها خمس وسبعون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 465الى صــــ 470)

تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)
سورة الزمر (1)
مكية
وآياتها خمس وسبعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)

شرح الكلمات:
تنزيل الكتاب: أي القرآن من الله.
العزيز الحكيم: أي العزيز في مُلكه وانتقامه الحكيم في صنعه وتدبير خلقه.
مخلصاً له الدين: أي مفرداً إياه بالعبادة فلا تشرك بعبادته أحداً.
لله الدين الخالص: أي له وحده خالص العبادة لا يشاركه في ذلك أحد سواه.
أولياء: أي شركاء وهي الأصنام.
ليقربونا إلى الله زلفى: تقريباً وتشفع لنا عند الله.
من هو كاذب كفار: أي كاذب على الله كفار بعبادته غير الله تعالى.
سبحانه: أي تنزيهاً له عن الولد والشريك.
هو الله الواحد القهار: أي المعبود الحق الواحد الذي لا شريك له في ملكه وسلطانه القهار لخلقه.
معنى الآيات:
{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ (2) مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} يخبر تعالى أن تنزيل القرآن كان منه سبحانه وتعالى وهو العزيز في انتقامه من أعدائه الحكيم في تدبير خلقه. ولم يكن عن غيره بحال من الأحوال وقوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} (3) يخبر تعالى رسوله بقوله {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ (4) } أي القرآن العظيم {بِالْحَقِّ} في كل ما جاء فيه ودعا إليه من العقائد والعبادات والأحكام وعليه {فَاعْبُدِ (5) اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} أي العبادة فلا تعبد معه غيره فإن العبادة لا تصلح لغيره أبداً {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ (6) } أي شركاء يعبدونهم ويقولون {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} أي تقريبا ويشفعوا لنا عند الله في قضاء حوائجنا هؤلاء يحكم الله بينهم في ما هم فيه مختلفون مع المؤمنين الموحدين وذلك يوم القيامة وسيجزي بعدله كلا بما يستحقه من إنعام وتكريم أو شقاء وتعذيب. وقوله تعالى {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} يخبر تعالى بحرمان أناس من هدايته وهم الذين توغلوا في الفساد فكذبوا على الله تعالى وعلى عباده وأصبح الكذب وصفاً لازماً لهم، وكفروا وبالغوا في الكفر بالله وآياته ورسوله ولقائه فأصبح الكفر وصفاً ثابتاً لهم، إذ هذه سنته في حرمان العبد من الهداية ليمضي فيه حكم الله بإشقائه وتعذيبه يوم القيامة. وقوله تعالى {لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} كما يزعم المشركون الذين قالوا الملائكة بنات الله، وكما قال النصارى المسيح ابن الله، وكما قال اليهود عزير ابن الله، ولو أراد الله أن يكون له ولد لاصطفى واختار مما يخلق ما يشاء، ولا يتركهم ينسبون إليه الولد افتراء عليه وكذباً، ولكنه تعالى منزه عن صفات المحدثين وافتقار المخلوقين إذ هو الله ذو الألوهية على سائر خلقه الواحد الذي لا شريك له في ملكه وسلطانه وحكمه القهار لسائر خلقه فسبحانه لا إله غيره ولا رب سواه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية.
2- تقرير التوحيد.
3- بطلان الشرك والتنديد بالمشركين.
4- تقرير البعث والجزاء يوم القيامة.
__________

1- سميت بالزمر لذكر لفظ الزمر فيها ولم يذكر في غيرها قط والزمر جمع زمرة وهي الفوج المتبوع بفوج آخر.
2 - تنزيل الكتاب، أي القرآن - جائز أن يكون تنزيل الكتاب مبتدأ والخبر من الله وجائز أن يكون تنزيل خبر والمبتدأ محذوف أي هذا تنزيل.
3 - بالحق الباء للملابسة أي ملابساً للحق فلا باطل معه.
4 - فيه تقرير نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والإعلان عن شرفه بإنزال الكتاب عليه.
5 - الفاء للتفريع، أي فبناء على إنزالنا عليك الكتاب فاعبد الله، ومخلصاً حال، والدين العبادة، وإخلاص العبادة تجريدها من الالتفات إلى غير الله تعالى لطلب مدح أو نفع أو دفع مكروه أو اتقاء ذم.
6 - ألا لله الدين الخالص افتتاح الجملة بألا للتنبيه على شرف ما دخلت عليه والتنويه به. اللام في لله للملك والاستحقاق وفي الآية دليل على وجوب الإخلاص في العبادة ووجوب النية فيها ولا عبادة بدون نية صحيحة ولا يضر النية الخاطر يخطر بالقلب لا يملك المرء دفعه.

**********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08-08-2022, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)
شرح الكلمات:
خلق السموات والأرض بالحق: أي من أجل أن يذكر ويشكر لا من أجل اللهو والعبث.
يكور الليل على النهار: أي يدخل أحدهما في الآخر فإذا جاء الليل ذهب النهار والعكس كذلك.
وسخر الشمس والقمر: أي ذللهما فلا يزالان يدوران في فلكيهما إلى نهاية الحياة وبدورتهما تتم مصالح سكان الأرض.
خلقكم من نفس واحدة: هي آدم عليه السلام.
ثم جعل منها زوجها: هي حواء خلقها الله تعالى من ضلع آدم الأيسر.
وأنزل لكم من الأنعام: أي أنزل المطر فأنبت العشب فخلق الأنعام فهذا وجه لإنزالها.
ثمانية أزواج: أي من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين.
يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق: أي أطواراً طوراً بعد طورٍ نطفة فعلقة فمضغة.
في ظلمات ثلاث: أي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة.
ولا تزر وازرة وزر أخرى: أي لا تحمل نفس ذات وزر وزرَ نفس أخرى.
إنه عليم بذات الصدور: أي ما يخفيه المرء في صدره وما يسره في ضميره.
معنى الآيات:
هذه الآيات الكريمة في تقرير التوحيد بذكر الأدلة والبراهين التي لا تدع للشك مجالاً في نفوس العقلاء فقال تعالى في الآية (5) {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ (1) وَالْأَرْضَ} أي أوجدهما خلقاً على غير مثال سابق وخلقهما بالحق لغايات سامية شريفة وليس للباطل والعبث ومن تلك الغايات أن يعبد فيها فيذكر ويشكر. وقوله {يُكَوِّرُ (2) اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} أي يغشي هذا هذا فيغطيه به ويستره كأنما لفّه عليه وغشاه به وهذا برهان ثان فالأول برهان الخلق للسموات والأرض وبرهان ثالث في قوله {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ (3) مُسَمّىً} يدوران في فلكيهما إلى قيام الساعة وفي ذلك من الفوائد والمصالح للعباد ما لا يقادر قدره من ذلك معرفة عدد السنين والحساب. وقوله {أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (4) } إعلان وتنبيه بأنه تعالى عزيز في بطشه وانتقامه من أعدائه غفّار لعباده التائبين إليه. وقوله تعالى في الآية (6) {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} هي آدم عليه السلام فقد صح أنه
لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ذرّيته وأشهدهم على أنفسهم، ولهذا جاء العطف بثم إذ {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} أي بعد أن مسح على ظهر آدم وأخرج ذرّيته من ظهره وأشهدهم على أنفسهم خلق حواء من ضلعه الأيسر، وهذا برهان وآخر في قوله {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ} وهي الإبل والبقر والغنم ضأن وماعز وهي ذكر وأنثى فالذكر زوج والأنثى زوج فهي ثمانية أزواج وجائز أن يكون أصل هذه الأنعام قد أنزله من السماء كما أنزل آدم وحواء من السماء، (5) وجائز أن يكون أنزل الماء فنبت العشب وتكونت هذه الأنعام من ذلك فالأصل الإنزال من السماء وتدرج الخلق كان في الأرض. وبرهان رابع في قوله {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ (6) خَلْقٍ} أي نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم نكسوا العظام لحماً فإذا هو إنسان كامل وقوله {فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ} هي ظلمة بطن الأم، ثم ظلمة الرحم، ثم ظلمة المشيمة، وهي غشاء يكون للولد وفي الحيوان يقال له السَّلي وقوله بعد ذكر هذه البراهين قال {ذَلِكُمُ اللهُ (7) رَبُّكُمْ} أي خالقكم ومعبودكم الحق {لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي لا معبود إلا هو غذ لا تصلح العبادة إلا له {فَأَنَّى (8) تُصْرَفُونَ} أي كيف تصرفون عن الحق إلى الباطل، وعن الهدى إلى الضلال إن أمركم عجبٌ. وقوله في الآية (7) {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} أي بعد أن بين بالأدلة القاطعة وجوب الإيمان به ووجوب عبادته، وأنه الرب الحق وإله الحق أعلم عباده أن كفرهم به لا يضره أبداً لأنه غنيّ عنهم وعن سائر خلقه إلا أنه لرحمته بعباده لا يرضى لهم الكفر لما يسببه لهم من شقاء وخسران، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضه لهم فيثيبهم أحسن ثواب ويجزيهم أحسن جزاء. وقوله {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} هذا مظهر من مظاهر عدله بين عباده وهو أن نفسا ذات وزر أي ذنب لا تحمل وزر أي ذنب نفس أخرى بل كل نفس تحمل وزرها وتتحمل تبعته ونتائجه وحدها. وقوله تعالى {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ} أي بعد الموت {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي فيخبركم بأعمالكم خفيها وجليها صغيرها وكبيرها {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} فضلا عما كان عملاً ظاهرا غير باطن ويجزيكم بذلك الخير بمثله والشر بمثله. فهذا ربكم الحق وإلهكم الصدق فآمنوا به ووحدوه ولا تشركوا به وأطيعوه ولا تعصوه تنجوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة. ولا يهلك على الله إلا هالك.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان آيات الله في الكون وإيرادها أدلة على التوحيد.
2- بيان إفضال الله تعالى على العباد في خلقهم ورزقهم.
3- بيان أن الكفر أعجب من الإيمان إذ أدلة الإيمان لا تعد كثرة وأما الكفر فلا دليل عليه البتة ومع هذا أكثر الناس كافرون.
4- بيان غنى الله تعالى عن خلقه وافتقار الخلق إليه.
5- بيان عدالة الله تعالى يوم القيامة وتقريرها.
6- بيان إحاطة علم الله بالخلق وعلمه بأفعالهم وأحوالهم ظاهراً وباطناً.
__________

1 - هذه الجملة بيان لجملة هو الله الواحد القهار.
2 - وهذه الجملة بيان ثان أيضاً وحقيقة التكوير أنه اللف واللي يقال كور العمامة على رأسه إذا لفها ولوّاها وهذا تمثيل بديع لتعاقب الليل والنهار.
3 - كل التنوين للعوض أي كل واحد منهما يجري لأجل مسمى هو أجل فنائهما.
4 - استئناف ابتدائي وجملة فإنكم الخ استدلال على صفة العزة والمغفرة في العزيز الغفار.
5 - ووجه ثالث وهو جائز أن يكون الإنزال بمعنى التسخير نحو وأنزلنا الحديد أي ذللناه لكم تصنعون منه السيوف والرماح وهذ كقولك نزل فلان على رأي فلان قال الشاعر:
أنزلني الدهر على حكمه
من شاهق عال إلى خفض.
6 - أي طوراً بعد طور لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويأمر بكتب أربع كلمات رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد" الحديث (مسلم) .
7 - هذه الجملة كالفذلكة والنتيجة لما سبق من ذكر آيات العلم والقدرة والرحمة الموجبة للألوهية الحقة للرب الحق سبحانه وتعالى.
8 - فأنى تصرفون الاستفهام للإنكار مشوباً بالتعجب من حال انصرافهم عن الحق بعد ظهور أدلته وسطوع براهينه، عجبا لكم كيف صرفتم وبناء الفعل للمجهول إشارة واضحة إلى أنهم يصرفون بقوى غير قواهم وهي قوى الشياطين التي تزين لهم الباطل وتبغض لهم الحق.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08-08-2022, 02:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الزمر - (2)
الحلقة (734)
سورة الزمر
مكية
وآياتها خمس وسبعون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 471الى صــــ 475)

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)
شرح الكلمات:
وإذا مس الإنسان: الإنسان أي المشرك.
ضرّ: أي مرض أو خوف غرق ونحوه من كل مكروه لا يقدر على دفعه.
دعا ربه منيبا إليه: أي سأل ربه كشف ما أصابه من ضر راجعا إليه معرضاً عمن سواه.
إذا خوله نعمة منه: أي أعطاه نعمة منه بأن كشف ما به من ضر.
نسي ما كان يدعو إليه من قبل: أي ترك ما كان يتضرع إليه من قبل وهو الله سبحانه وتعالى.
وجعل لله أنداداً: أي شركاء.
ليضل عن سبيله: أي ليضل نفسه وغيره عن الإسلام.
قل تمتع بكفرك قليلا: أي قل يا نبينا لهذا الكافر الضال المضل تهديداً تمتع بكفرك بقية أجلك.
إنك من أصحاب النار: أي أهلها المتأهلين لها بخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم.
قانت آناء (1) الليل: أي مطيع لله آناء الليل أي ساعات الليل ساجدا وقائماً في الصلاة.
إنما يتذكر أولوا الألباب: أي يتعظ بما يسمع من الآيات أصحاب العقول النيّرة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير التوحيد وإبطال التنديد، فقال تعالى مخبراً عن حال المشرك بربه المتخذ له أنداداً يعبدها معه {وَإِذَا مَسَّ الْإنْسَانَ (2) ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ} أي سأل ربّه راجعا إليه رافعا إليه يديه يا رباه يا رباه سائلا تفريج ما به وكشف ما نزل به {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ (3) نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} حتى إذا فرّج الله كربه ونجاه، ترك دعاء الله، وأقبل على عبادة غير الله، {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً} أي شركاء {لِيُضِلَّ} (4) نفسه وغيره. وهنا أمر تعالى رسوله أن يقول له نيابة عن الله تعالى قل يا رسولنا لهذا المشرك الكافر تمتع بكفرك قليلاً أي مدة بقية عمرك إنك من أصحاب النار، هكذا هدده ربّه وخوفه بعاقبة أمر الشرك والتنديد لعله ينتهي فيتوب توبة صادقة ويرجع إلى الله رجوعاً حسناً جميلا. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (8) أما الآية الثانية (9) فيقول تعالى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ (5) } أي مطيع لله ورسوله في أمرهما ونهيهما {آنَاءَ اللَّيْلِ} أي ساعات الليل تراه ساجدً في صلاته أو قائماً يتلوا آيات الله في صلاته، وفي نفس الوقت هو يحذر عذاب الآخرة ويسأل الله تعالى أن يقيه منه، ويرجو رحمة ربّه وهي الجنة أن يجعله الله من أهلها هذا خير أم ذلك الكافر الذي قيل له تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار، والجواب معلوم للعقلاء (6) وقوله تعالى {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} محاب الله ومكارهه وهم يعملون على الإتيان بمحابّ الله تقرباً إليه، وعلى ترك مكارهه تحبّباً إليه، هل يستوي هؤلاء العاملون مع الذين لا يعلمون ما يحب وما يكره فهم يتخبطون في الضلال تخبط الجاهلين؟ والجواب لا يستوون وإنما يتذكر بمثل هذا التوجيه الإلهي والإرشاد الرباني أصحاب الألباب أي العقول السليمة الراجحة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير التوحيد وإبطال الشرك والتنديد.
2- الكشف عن داخلية الإنسان قبل أن يؤمن ويُسلم وهو أنه إنسان متناقض لا خير فيه ولا رشد له، فلا يرشد ولا يكمل إلا بالإيمان والتوحيد.
3- بشرى الضالين عن سبيل الله المضلين عنه بالنار.
4- مقارنة بين القانت المطيع، والعاصي المضل المبين، وبين العالم والجاهل، وتقرير أفضلية المؤمن المطيع على الكافر العاصي. وأفضلية العالم بالله وبمحابه ومكارهه والجاهل بذلك.
5- فضل العالم على الجاهل لعمله بعلمه ولولا العمل بالعلم لاستويا في الخسة والانحطاط.
__________

1 - الآناء جمع أنىً مثل أمعاء ومَعىً وأقفاء وقفىً والأنى الساعة.
2 - الإنسان هو اسم جنس دال على غير معين بل هو عام في كل مشرك بالله تعالى كافر به.
3 - قوله أعطاه إذ التخويل الإعطاء والتمليك دون قصد عوض مأخوذ من الخول وهو اسم للعبد والخدم وفي الحديث "إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم" (الحديث) .
4 - اللام لام العاقبة، أي هو لم يقصد إضلال نفسه.
5 - قرأ نافع أمن هو قانت بتخفيف الميم - وقرأ حفص أمن بتشديدها وجائز أن تكون الهمزة همزة استفهام ومن مبتدأ والخبر مقدر نحو أمن هو قانت أفضل أم من هو كافر وعلى قراءة التشديد فالهمزة للاستفهام وأمن كلمتان أم المعادلة أدغمت في من المبتدأ وجائز أن تكون أم منقطعة لمجرد الإضراب الانتقالي.
6 - وهو أنهما لا يستويان بحال من الأحوال.

************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08-08-2022, 02:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)
شرح الكلمات:
اتقوا ربكم: أي اجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية بالإيمان والتقوى.
للذين أحسنوا: أي أحسنوا العبادة.
حسنة: أي الجنة.
أرض الله واسعة: أي فهاجروا فيها لتتمكنوا من عبادة الله إن منعتم منها في دياركم.
أمرت: أي أمرني ربي عز وجل.
مخلصاً له الدين: أي مفرداً إياه بالعبادة.
أول المسلمين: أي أول من يسلم في هذه الأمة فينقاد لله بعبادته والإخلاص له فيها.
عذاب يوم عظيم: أي عذاب يوم القيامة.
قل: أي يا رسولنا للمشركين.
الله أعبد: أي لا أعبد معه سواه.
مخلصا له ديني: أي مفرداً إياه بطاعتي وانقيادي.
فاعبدوا ما شئتم: أي إن أبيتم أيها المشركون عبادة الله وحده فاعبدوا ما شئتم من الأوثان فإنكم خاسرون.
خسروا أنفسهم: أي فحرموها الجنة وخلدوها في النار.
وأهليهم: أي الحور العين اللائي كن لهم في الجنة لو آمنوا واتقوا بفعل الطاعات وترك المنهيات.
ظلل من النار: أي دخان ولهب وحر من فوقهم ومن تحتهم.
ذلك: أي المذكور من عذاب النار.
يا عباد فاتقون: أي يا من أنا خالقهم ورازقهم ومالكهم وما يملكون فلذلك اتقون بالإيمان والتقوى.
معنى الآيات:
لقد تضمنت هذه الآيات الخمس توجيهات وإرشادات ربّانيّة للمؤمنين والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففي الآية الأولى (10) يأمر تعالى رسوله أن يقول للمؤمنين اتقوا ربكم أي اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية وذلك بطاعته وطاعة رسوله، ويعلمهم معللا أمره إياهم بالتقوى بأن للذين أحسنوا الطاعة المطلوبة منهم الجنة، كما يعلمهم أنهم إذا لم يقدروا على الطاعة بين المشركين فليهاجروا إلى أرض يتمكنون فيها من طاعة الله ورسوله فيقول {وأرض الله واسعة} أي فهاجروا فيها ويشجعهم على الهجرة لأجل الطاعة فيقول {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ (1) } أي على الاغتراب والهجرة لأجل طاعة الله والرسول {وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي بلا كيل ولا وزن ولا عد لأنه فوق ذلك. وفي الآية الثانية (11) والثالثة (12) يأمر تعالى رسوله موجهاً له بأن يقول للناس {إِنِّي أُمِرْتُ} أي أمرني ربي أن أعبد الله باعتقاد وقول وفعل ما يأمرني به وترك ما ينهاني عنه من ذلك مخلصاً له الدين، فلا أشرك في دين الله أحداً أي في عبادته أحداً، كما أمرني أن أكون أول المسلمين في هذه الأمة أي أول من يسلم قلبه وجوارحه الظاهرة والباطنة لله تعالى وفي الآيات الرابعة (13) والخامسة (14) يأمر الله تعالى رسوله أن يقول للمشركين إني أخاف إن عصيت ربي، فرضيت بعبادة غيره وأقررتها عذاب (2) يوم عظيم كما يأمره أن يقول اللهَ أَعْبدُ أي الله وحده لا شريك له أعبد حال كوني مخلصا له ديني. وأما أنتم أيها المشركون إن أبيتم التوحيد فاعبدوا ما شئتم (3) من آلهة دونه تعالى ويأمره أن يقول لهم إن الخاسرين بحق ليسوا بأولئك الذين يخسرون دنياهم فيفقدون الدار والبعير أو المال والأهل والولد بل هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم (4) القيامة، وذلك بتخليدهم في النار، وبعدم وصولهم إلى الحور العين المعدة لهم في الجنة لو أنهم آمنوا واتقوا. ألا ذلك أي هذا هو الخسران المبين ثم يوضح ذلك الخسران بالحال التالية وهي أن لهم وهم في النار من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل أي طبقات من فوقهم طبقة ومن تحتهم أخرى وكلها دخان ولهب وحر وأخيراً قوله تعالى {ذَلِكَ} أي المذكور من الخسران وعذاب الظلل يخوف الله تعالى به عباده المؤمنين ليواصلوا طاعتهم وصبرهم عليها فينجوا من النار ويظفروا بالجنان وقوله يا عباد فاتقون أي يا عبادي المؤمنين فاتقون ولا تعصون يحذرهم تعالى نفسه، والله رءوف بالعباد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان عناية الله تعالى برسوله والمؤمنين إذ أرشدهم إلى ما يكملهم ويسعدهم.
2- وجوب التقوى والصبر على الأذى في ذلك.
3- تقرير التوحيد بأن يعبد الله وحده.
4- فضل الإسلام وشرف المسلمين.
5- تقرير البعث والجزاء ببيان شيء من أهوال الآخرة وعذاب النار فيها.
6- كل خسران في الدنيا إذا قيس بخسران الآخرة لا يعد خسراناً أبدا.
__________

1 - وفسر بعضهم الصبر بالصوم وحقاً الصوم من الصبر وحسب الصوم أجراً أن يقول الله تعالى "الصوم لي وأنا أجزي به". إلا أن الآية عامة في الصبر في مواطنه الثلاث وهي صبر على الطاعات وصبر دون المعاصي وصبر على البلاء. ومن ذلك الهجرة إلى دار الإسلام.
2 - ذهب بعضهم إلى أن الآية منسوخة بقوله تعالى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} ولا معنى لهذا النسخ إذ النسخ لا يكون في الأخبار. وإنما الآية من باب الفرض والتقدير إذ الرسول معصوم ولا يعصي وإذاً لا خوف عليه وإنما من باب طلب الهداية للآخرين قال له قل لهذا.
3 - الأمر هنا للتهديد والوعيد والتوبيخ وليس للإذن بعبادة غير الله إذ القرآن كله نزل ليعبد الله تعالى وحده ولا يعبد معه سواه فكيف يأذن بعبادة ما شاءوا من آلهة.
4 - روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ما من أحد إلا وخلق الله له زوجة في الجنة فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله. وهو كذلك لقوله تعالى {أولئك هم الوارثون} أي يرث المسلم الكافر يرثه في أهله ومكانه في الجنة وسبب الإرث الإيمان والتقوى بإذن الله تعالى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 393.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 387.28 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]