تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد - الصفحة 143 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا على المسلم بعد الحج – حاجا أو غيره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          روائع قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 75 )           »          ثلاثون فضيلة لصائم يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الوصايا العشر في الذكاء الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أساليب الدعوة إلى الله وصفات الداعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تحول العبادات إلى عادات وأثره في حياة المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          شكوى الجمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          فضل المسير إلى المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في السابع عشر من ذي القعدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          واستجاب الله دعاءَ أمِّ سلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1421  
قديم 27-07-2025, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الهمزة
الحلقة (1421)
صــ 591 الى صــ600






آخر تفسير سورة والعصر




تفسير سورة ويل لكل همزة

بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) } .
يعني تعالى ذكره بقوله:
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ) الوادي يسيل من صديد أهل النار وقيحهم، (لِكُلِّ هُمَزَةٍ) : يقول: لكل مغتاب للناس، يغتابهم ويبغضهم، كما قال زياد الأعجم:
تُدلِي بوُدِّي إذا لاقَيْتَنِي كَذِبا ... وَإنْ أُغَيَّبْ فأنتَ الهامِزُ اللُّمَزَهْ (1)
ويعني باللمزة: الذي يعيب الناس، ويطعن فيهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا مسروق بن أبان، قال: ثنا وكيع، عن رجل لم يسمه، عن أبي الجوزاء،
(1)
الخبر 177 - هذا موقوف من كلام عبد الله بن مسعود. وقد رواه الطبري بإسنادين إلى سفيان، وهو الثوري. أما أولهما: أحمد بن إسحاق عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري - فإسناده صحيح، لا كلام فيه. وأما ثانيهما: محمد بن حميد الرازي عن مهران، وهو ابن أبي عمر العطار - فقد بينا في الإسناد 11 أن في رواية مهران عن الثوري اضطرابًا، ولكنه هنا تابعه عن روايته حافظ ثقة، هو أبو أحمد الزبيري. وقد رواه الثوري عن منصور، وهو ابن المعتمر الكوفي، وهو ثقة ثبت حجة، لا يختلف فيه أحد. وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي، من كبار التابعين الثقات، قال ابن معين: "ثقة لا يسأل عن مثله" .

وهذا الخبر، رواه الحاكم في المستدرك 2: 258 من طريق عمر بن سعد أبي داود الحضري عن الثوري، بهذا الإسناد. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي 1: 15، والشوكاني 1: 13.
قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء هم الذين بدأهم الله بالويل؟ قال: هم المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون أكبر العيب.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبيه، عن رجل من أهل البصرة، عن أبي الجوزاء، قال: قلت: لابن عباس: من هؤلاء الذين ندبهم الله إلى الويل؟ ثم ذكر نحو حديث مسروق بن أبان.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: الهمزة يأكل لحوم الناس، واللمزة: الطعان.
وقد رُوي عن مجاهد خلاف هذا القول، وهو ما حدثنا به أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ) قال: الهمزة: الطعان، واللمزة: الذي يأكل لحوم الناس.
حدثنا مسروق بن أبان الحطاب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
ورُوي عنه أيضا خلاف هذين القولين، وهو ما حدثنا به ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: أحدهما الذي يأكل لحوم الناس، والآخر الطعان. وهذا يدلّ على أن الذي حدث بهذا الحديث قد كان أشكل عليه تأويل الكلمتين، فلذلك اختلف نقل الرواة عنه فيما رووا على ما ذكرت.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) أما الهمزة: فأكل لحوم الناس، وأما اللمزة: فالطعان عليهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: الهمزة: آكل لحوم الناس: واللمزة: الطعان عليهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: ويل لكلّ طعان مغتاب.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: الهمزة: يهمزه في وجهه، واللمزة: من خلفه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال:
يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس، ويطعن عليهم.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الهمزة باليد، واللمزة باللسان.
وقال آخرون في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: الهمزة: الذي يهمز الناس بيده، ويضربهم بلسانه، واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم.
واختلف في المعنى بقوله: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ) فقال بعضهم: عني بذلك: رجل من أهل الشرك بعينه، فقال بعض من قال هذا القول: هو جميل بن عامر الجُمَحِيّ. وقال آخرون منهم: هو الأخنس بن شريق.
* ذكر من قال: عُنِي به مشرك بعينه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: مشرك كان يلمز الناس ويهمزهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن رجل من أهل الرقة قال: نزلت في جميل بن عامر الجمحي.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، في قوله (هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: ليست بخاصة لأحد، نزلت في جميع بني عامر; قال ورقاء: زعم الرقاشي.
وقال بعض أهل العربية: هذا من نوع ما تذكر العرب اسم الشيء العام، وهي تقصد به الواحد، كما يقال في الكلام، إذا قال رجل لأحد: لا أزورك أبدا: كل من لم يزرني، فلست بزائره، وقائل ذلك يقصد جواب صاحبه القائل له: لا أزورك أبدا.
وقال آخرون: بل معنيّ به، كل من كانت هذه الصفة صفته، ولم يقصد به قصد آخر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو. قال: ثنا أبو عاصم، قاله: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،
في قول الله: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قال: ليست بخاصة لأحد.
والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله عمّ بالقول كلّ همزة لمزة، كلّ من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها، سبيله سبيله كائنا من كان من الناس.
وقوله: (الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ)
يقول: الذي جمع مالا وأحصى عدده، ولم ينفقه في سبيل الله، ولم يؤد حق الله فيه، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه من قرّاء أهل المدينة أبو جعفر، وعامة قرّاء الكوفة سوى عاصم: "جَمَّعَ" بالتشديد، وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والحجاز، سوى أبي جعفر وعامة قرّاء البصرة، ومن الكوفة عاصم، "جَمَعَ" بالتخفيف، وكلهم مجمعون على تشديد الدال من (وَعَدَّدَهُ) على الوجه الذي ذكرت من تأويله. وقد ذكر عن بعض المتقدمين بإسناد غير ثابت، أنه قرأه: "جَمَعَ مَالا وَعَدَدَهُ" تخفيف الدال، بمعنى: جمع مالا وجمع عشيرته وعدده. هذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، بخلافها قراءة الأمصار، وخروجها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك.
وأما قوله: (جَمَعَ مَالا) فإن التشديد والتخفيف فيهما صوابان، لأنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ)
يقول: يحسب أن ماله الذي جمعه وأحصاه، وبخل بإنفاقه، مخلده في الدنيا، فمزيل عنه الموت. وقيل: أخلده، والمعنى: يخلده، كما يقال للرجل الذي يأتي الأمر الذي يكون سببا لهلاكه: عطب والله فلان، هلك والله فلان، بمعنى: أنه يعطب من فعله ذلك، ولما يهلك بعد ولم يعطب; وكالرجل يأتي الموبقة من الذنوب: دخل والله فلان النار.
وقوله: (كَلا) يقول تعالى ذكره: ما ذلك كما ظنّ، ليس ماله مخلِّده،
ثم أخبر جلّ ثناؤه أنه هالك ومعذب على أفعاله ومعاصيه، التي كان يأتيها في الدنيا، فقال جل ثناؤه: (لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) يقول: ليُقذفنّ يوم القيامة في الحطمة، والحطمة: اسم من أسماء النار، كما قيل لها: جهنم وسقر ولظى، وأحسبها سميت بذلك لحطمها كلّ ما ألقي فيها، كما يقال للرجل الأكول: الحطمة. ذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: "لَيُنْبَذَانِّ فِي الحُطَمَةِ" يعني: هذا الهمزة اللمزة وماله، فثنَّاه لذلك.
وقوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ) يقول: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما الحطمة، ثم أخبره عنها ما هي، فقال جل ثناؤه: هي (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ) يقول: التي يطلع ألمها ووهجها القلوب; والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى، حُكي عن العرب سماعا: متى طلعت أرضنا; وطلعت أرضي: بلغت.
وقوله: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) يقول تعالى ذكره: إن الحطمة التي وصفت صفتها عليهم، يعني: على هؤلاء الهمازين اللمازين (مُؤْصَدَةٌ) : يعني: مطبقة; وهي تهمز ولا تهمز; وقد قُرئتا جميعا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق، عن ابن ظهير، عن السديّ، عن أبي مالك، عن ابن عباس في (مُؤْصَدَة) : قال: مطبقة.
حدثني عبيد بن أسباط، قال: ثني أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، في قوله: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال: مطبقة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: في النار رجل في شعب من شعابها ينادي مقدار ألف عام: يا حنان يا حنان، فيقول رب العزة لجبريل: أخرج عبدي من النار، فيأتيها فيجدها مطبقة، فيرجع فيقول: يا ربّ (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) فيقول: يا حبريل فكها، وأخرج عبدي من النار، فيفكها، ويخرج مثل الخيال، فيطرح على ساحل الجنة حتي يُنبت الله له شعرا ولحما ودما.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال: مطبقة.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن مضرِّس بن عبد الله، قال: سمعت الضحاك (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال: مطبقة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال: عليهم مغلقة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) : أي مطبقة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال: مطبقة، والعرب تقول: أوصد الباب: أغلق.
وقوله: (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: (فِي عَمَدٍ) بفتح العين والميم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: "فِي عُمُدٍ" بضم العين والميم. والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، ولغتان صحيحتان. والعرب تجمع العمود: عُمُدا وعَمَدا، بضم الحرفين وفتحهما، وكذلك تفعل في جمع إهاب، تجمعه: أُهُبا، بضم الألف والهاء، وأَهَبا بفتحهما، وكذلك القضم، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: (إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة) أي مغلقة مطبقة عليهم، وكذلك هو في قراءة عبد الله فيما بلغنا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قتادة، في قراءة عبد الله: "إنها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٍ بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ" .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما دخلوا في عمد، ثم مدت عليهم تلك العمد بعماد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) قال: أدخلهم في عمد، فمدت عليهم بعماد، وفي أعناقهم السلاسل، فسدّت بها الأبواب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد (فِي عَمَدٍ) من حديد مغلولين فيها، وتلك العمد من نار قد احترقت من النار، فهي من نار (مُمَدَّدَةٍ) لهم.
وقال آخرون: هي عمد يعذّبون بها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) كُنَّا نحدَّث أنها عمد يعذّبون بها في النار، قال بشر: قال يزيد: في قراءة قتادة: (عَمَدٍ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) قال: عمود يعذبون به في النار.
وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: معناه: أنهم يعذّبون بعمد في
النار، والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها، ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها، ولا وضع لنا عليها دليل، فندرك به صفة ذلك، فلا قول فيه، غير الذي قلنا يصحّ عندنا، والله أعلم.
آخر تفسير سورة الهمزة




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1422  
قديم 27-07-2025, 11:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الفيل
الحلقة (1422)
صــ 601 الى صــ610





تفسير سورة الفيل




بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر يا محمد بعين قلبك، فترى بها (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) الذين قَدِموا من اليمن يريدون تخريب الكعبة من الحبشة ورئيسهم أبرهة الحبشيّ الأشرم (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)
يقول: ألم يجعل سعي الحبشة أصحاب الفيل في تخريب الكعبة (فِي تَضْلِيلٍ) يعني: في تضليلهم عما أرادوا وحاولوا من تخريبها.
وقوله: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ) يقول تعالى ذكره: وأرسل عليهم ربك طيرا متفرقة، يتبع بعضها بعضا من نواح شتي; وهي جماع لا واحد لها، مثل الشماطيط والعباديد ونحو ذلك. وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى، أنه لم ير أحدا يجعل لها واحدا. وقال الفرّاء: لم أسمع من العرب في توحيدها شيئا. قال: وزعم أبو جعفر الرُّؤاسِيّ، وكان ثقة، أنه سمع أن واحدها: إبالة. وكان الكسائي يقول: سمعت النحويين يقولون: إبول، مثل العجول. قال: وقد سمعت بعض النحويين يقول. واحدها: أبيل.
وبنحو الذي قلنا في الأبابيل: قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا سوّار بن عبد الله، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن عبد الله، في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: فرق.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، قال: الفِرَق.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: يتبع بعضُها بعضا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: هي التي يتبع بعضها بعضا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، أنه قال في: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: هي الأقاطيع، كالإبل المؤَبَّلة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القُمِّيّ، عن جعفر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: متفرّقة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الفضل، عن الحسن (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: الكثيرة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن ابن سابط، عن أبي سلمة، قالا الأبابيل: الزُّمَر.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (أَبَابِيلَ) قال: هي شتى متتابعة مجتمعة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: الأبابيل: الكثيرة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: الأبابيل: الكثيرة.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) يقول: متتابعة. بعضها على أثر بعض.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد; في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: الأبابيل: المختلفة، تأتي من ها هنا، وتأتي من ها هنا، أتتهم من كلّ مكان.
وذُكر أنها كانت طيرا أُخرجت من البحر. وقال بعضهم: جاءت من قبل البحر.
ثم اختلفوا في صفتها، فقال بعضهم: كانت بيضاء.
وقال آخرون: كانت سوداء.
وقال آخرون: كانت خضراء، لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: قال ابن عباس: هي طير، وكانت طيرا لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب.
حدثني الحسن بن خلف الواسطي، قال: ثنا وكيع وروح بن عبادة، عن ابن عون، عن ابن سيرين عن ابن عباس، مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن ابن عون، عن ابن عباس، نحوه.
حدثنا يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حسين، عن عكرمة، في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: كانت طيرا خرجت خضرا، خرجت من البحر، لها رءوس كرءوس السباع.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: هي طير سود بحرية، في مناقرها وأظفارها الحجارة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: سود بحرية، في أظافيرها ومناقيرها الحجارة.
قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن عبد الله بن عون، عن ابن سيرين، عن ابن عباس قال: لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب.
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعى، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في قوله: (طَيْرًا أَبَابِيلَ) قال: طير خُضْر، لها مناقير صُفْر، تختلف عليهم.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير، قال: طير سود تحمل الحجارة في أظافيرها ومناقيرها.
وقوله: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ)
يقول تعالى ذكره: ترمي هذه الطير الأبابيل التي أرسلها الله على أصحاب الفيل، بحجارة من سجيل.
وقد بيَّنا معنى سجيل في موضع غير هذا، غير أنا نذكر بعض ما قيل من ذلك في هذا الموضع، من أقوال مَنْ لم نذكره في ذلك الموضع.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ، عن عكرمة، عن ابن عباس (حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: طين في حجارة.
حدثني الحسين بن محمد الذارع، قال: ثنا يزيد بن زُرَيع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: من طين.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس (حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: سنك وكل.
حدثني الحسين بن محمد الذارع، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، في قوله: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: من طين.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن شرقي، قال: سمعت عكرمة يقول: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: سنك وكل.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عكرمة، قال: كانت ترميهم بحجارة معها، قال: فإذا أصاب أحدهم خرج به الجُدَرِيّ، قال: كان أوّل يوم رُؤى فيه الجدريّ; قال: لم ير قبل ذلك اليوم، ولا بعده.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال: ذكر أبو الكُنود، قال: دون الحِمَّصة وفوق العدسة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال: كانت الحجارة التي رُمُوا بها أكبر من العدسة; وأصغر من الحِمَّصَةِ.
قال: ثنا أبو أحمد الزُّبيريّ، قال: ثنا إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمران، مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السديّ، عن عكرِمة، عن ابن عباس: سجِّيل بالفارسية: سنك وكل، حَجَر وطين.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر بن سابط، قال: هي بالأعجمية: سنك وكل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كانت مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، فجعلت ترميهم بها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: هي من طين.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: هي طير بيض، خرجت من قِبَل البحر، مع كلّ طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، ولا يصيب شيئا إلا هشَمه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث بن يعقوب أن أباه أخبره أنه بلغه أن الطير التي رمت بالحجارة، كأنت تحملها بأفواهها، ثم إذا ألقتها نَفِط لها الجلد.
وقال آخرون: معنى ذلك: ترميهم بحجارة من سماء الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) قال: السماء الدنيا، قال: والسماء الدنيا اسمها سجيل، وهي التي أنزل الله جلّ وعزّ على قوم لوط.
قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أنه بلغه أن الطير التي رمت بالحجارة، أنها طير تخرج من البحر، وأن سجيل: السماء الدنيا. وهذا القول الذي قاله ابن زيد لا نعرف لصحته وجها في خبر ولا عقل، ولا لغة، وأسماء الأشياء لا تدرك إلا من لغة سائرة، أو خبر من الله تعالى ذكره.
كان السبب الذي من أجله حلَّت عقوبة الله تعالى بأصحاب الفيل، مسير أبرهة الحبشيّ بجنده معه الفيل، إلى بيت الله الحرام لتخريبه.
وكان الذي دعاه إلى ذلك فيما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثنا ابن إسحاق، أن أبرهة بنى كنيسة بصنعاء، وكان نصرانيا، فسماها القليس; لم يُر مثلها في زمانها بشيء من الأرض; وكتب إلى النجاشيّ ملك الحبشة: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة، لم يبن مثلها لملك كان قبلك، ولستُ بمُنتهٍ حتى أصرف إليها حاجّ العرب (1) . فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك للنجاشي، غضب رجل من النَّسأة أحد بني فقيم، ثم أحد بني مالك، فخرج حتى أتى القُليس،
(1)
الخبر 178 - وهذا موقوف على جابر بن عبد الله. وإسناده صحيح: محمود بن خداش بكسر الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة وآخره شين معجمة - الطالقاني: ثقة من أهل الصدق، مات يوم الأربعاء 14 شعبان سنة 250، كما في التاريخ الصغير للبخاري: 247. وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي: ثقة ثبت عاقل، روى عنه أحمد وغيره من الحفاظ. والحسن وعلي ابنا صالح بن صالح بن حي: ثقتان، وهما أخوان توأم. ومن تكلم في الحسن تكلم بغير حجة، وقد وثقناه في المسند: 2403. وأخاه فيه: 220. وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وأمه زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب: تابعي ثقة، ولا حجة لمن تكلم فيه.

والخبر رواه الحاكم في المستدرك 2: 258 - 259، من طريق أبي نعيم عن الحسن بن صالح -وحده- بهذا الإسناد. وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي. وذكره ابن كثير 1: 50، والسيوطي 1: 15، والشوكاني 1: 13
فقعد فيها، ثم خرج فلحق بأرضه، فأخبر أبرهة بذلك، فقال: من صنع هذا؟ فقيل: صنعه رجل من أهل هذا البيت، الذي تحجّ العرب إليه بمكة، لما سمع من قولك: أصرف إليه حاجّ العرب، فغضب، فجاء فقعد فيها، أي أنها ليست لذلك بأهل; فغضب عند ذلك أبرهة، وحلف ليسيرنّ إلى البيت فيهدمه، وعند أبرهة رجال من العرب قد قَدِموا عليه يلتمسون فضله، منهم محمد بن خُزَاعي بن حِزَابة الذَّكواني، ثم السُّلَمي، في نفر من قومه، معه أخ له يقال له قيس بن خزاعي; فبينما هم عنده، غَشِيهم عبد لأبرهة، فبعث إليهم فيه بغذائه، وكان يأكل الخُصَى; فلما أتى القوم بغذائه، قالوا: والله لئن أكلنا هذا لا تزال تسبُّنا به العرب ما بقينا، فقام محمد بن خزاعي، فجاء أبرهة فقال: أيها الملك، إن هذا يوم عيد لنا، لا نأكل فيه إلا الجنُوب والأيدي، فقال له أبرهة: فسنبعث إليكم ما أحببتم، فإنما أكرمتكم بغذائي، لمنزلتكم عندي.
ثم إن ابرهة توج محمد بن خُزَاعِي، وأمَّره على مضر، وأمره أن يسير في الناس، يدعوهم إلى حج القُلَّيس، كنيسته التي بناها، فسار محمد بن خزاعي، حتى إذا نزل ببعض أرض بني كنانة، وقد بلغ أهل تهامة أمره، وما جاء له، بعثوا إليه رجلا من هذيل يقال له عُرْوة بن حياض الملاصي، فرماه بسهم فقتله; وكان مع محمد بن خزاعي أخوه قيس بن خزاعي، فهرب حين قُتل أخوه، فلحق بأبرهة فأخبره بقتله، فزاد ذلك أبرهة غضبا وحنقا، وحلف ليغزونّ بني كنانة، وليهدمنّ البيت.
ثم إن أبرهة حين أجمع السير إلى البيت، أمر الحُبْشان فتهيأت وتجهَّزت، وخرج معه بالفيل، وسمعت العرب بذلك، فأعظموه، وفُظِعوا به، ورأوا جهاده حقا عليهم، حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة، بيت الله الحرام، فخرج رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم، يقال له ذو نَفْر، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب، إلى حرب أبرهة، وجهاده عن بيت الله، وما يريد من هدمه وإخرابه، فأجابه من أجابه إلى ذلك، وعَرَض له، وقاتله، فهزم وتفرق أصحابه، وأُخِذَ له ذو نفر أسيرا; فلما أراد قتله، قال ذو نفر: أيها الملك لا تقتلني، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي; فتركه من القتل، وحبسه عنده في وثاق. وكان أبرهة رجلا حليما.
ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خثعم، عرض له نفيل بن حبيب الخثعميّ في قبيلتي خثعم: شهران، وناهس، ومن معه
من قبائل العرب، فقاتله فهزمه أبرهة، وأُخِذ له أسيرا، فأتي به; فلما همّ بقتله، قال له نفيل: أيها الملك لا تقتلني، فإني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم: شهران، وناهس، بالسمع والطاعة; فأعفاه وخلَّى سبيله، وخرج به معه، يدله على الطريق; حتى إذا مرّ بالطائف، خرج إليه مسعود بن معتب في رجال ثقيف، فقال: أيها الملك، إنما نحن عبيدك، سامعون لك مطيعون، ليس لك عندنا خلاف، وليس بيتنا هذا بالبيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة - يعنون الكعبة - ونحن نبعث معك من يدلك، فتجاوز عنهم، وبعثوا معهم أبا رغال; فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمِّس، فلما أنزله به مات أبو رغال هناك، فرَجَمت العرب قبره، فهو القبر الذي ترجم الناس بالمغمِّس.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1423  
قديم 27-07-2025, 11:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ قريش
الحلقة (1423)
صــ 611 الى صــ620






ولما نزل أبرهة المغمس، بعث رجلا من الحبشة، يقال له الأسود بن مقصود، على خيل له حتى انتهى إلى مكة، فساق إليه أموال أهل مكة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها; وهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان معهم بالحرم من سائر الناس بقتاله، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به، فتركوا ذلك، وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة، وقال له: سل عن سيد هذا البلد وشريفهم، ثم قل له: إن الملك يقول لكم: إني لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم، فإن لم يُرِد حربي فأتني به.
فلما دخل حناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَيّ، فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة، قال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة; هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن يُخْلِ بينه وبينه، فو الله ما عندنا له من دافع عنه، أو كما قال; فقال له حناطة: فانطلق إلى الملك، فإنه قد أمرني أن آتيه بك. فانطلق معه عبد المطلب، ومعه بعض بنيه، حتى أتى العسكر، فسأل عن ذي نفر، وكان له صديقا، فدل عليه، فجاءه وهو في محبسه، فقال: يا ذا نفر، هل عندك غَنَاء فيما نزل بنا؟ فقال له ذو نفر، وكان له صديقا: وما غناء رجل أسير في يدي ملك، ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا! ما عندي
غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيسا سائق الفيل لي صديق، فسأرسل إليه، فأوصيه بك، وأعظم عليه حقك، وأساله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما تريد، ويشفع لك عنده بخير، إن قدر على ذلك. قال: حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنيس، فجاء به، فقال: يا أنيس إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عير مكة، يطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب الملك له مئتي بعير، فاستأذن له عليه، وانفعه عنده بما استطعت، فقال: أفعل.
فكلَّم أنيس أبرهة، فقال: أيها الملك، هذا سيِّد قريش ببابك، يستأذن عليك، وهو صاحب عير مكة، يُطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، فأْذَنْ له عليك، فليكلمك بحاجته، وأحسن إليه. قال: فأذن له أبرهة، وكان عبد المطلب رجلا عظيما وسيما جسيما; فلما رآه أبرهة أجلَّه وأكرمه أن يجلس تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه، فأجلسه معه عليه إلى جنبه، ثم قال لترجمانه: قل له ما حاجتك إلى الملك؟ فقال له ذلك الترجمان، فقال له عبد المطلب: حاجتي إلى الملك أن يردّ عليّ مئتي بعير أصابها لي; فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم زهدت فيك حين كلَّمتَني، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك، قد جئت لهدمه فلا تكلمني فيه؟ قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، قال: ما كان ليمنع مني، قال: فأنت وذاك، أردد إليّ إبلي.
وكان فيما زعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطب إلى أبرهة، حين بعث إليه حناطة، يعمر بن نفاثة بن عديّ بن الديل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، وهو يومئذ سيِّد بني كنانة، وخويلد بن واثلة الهُذَليّ وهو يومئذ سيد هُذَيل، فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة، على أن يرجع عنهم، ولا يهدم البيت، فأبي عليهم، والله أعلم.
وكان أبرهة، قد ردّ على عبد المطلب الإبل التي أصاب له، فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش، فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرزّ في شعف الجبال والشعاب، تخوّفا عليهم من مَعَرّة الجيش; ثم قام عبد المطلب، فأخذ بحلقة الباب، باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله، ويستنصرونه على
برهة وجنده، فقال عبد المطلب، وهو آخذ حلقة باب الكعبة:
يا رَبِّ لا أرْجُو لَهُمْ سِوَاكا ... يا رَبِّ فامْنَعْ مِنْهُم حِماكا
إنَّ عَدُوَّ الْبَيْتِ مَنْ عادَاكا ... امْنَعْهُمُ أنْ يُخَربُوا قُرَاكا (1)
وقال أيضا:
لا هُمَّ إنَّ العَبْدَ يَمْ ... نَعُ رَحْلَهُ فامْنَع حِلالكْ
لا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ ... ومِحَالُهُمْ غَدْوا مِحَالكْ
فَلَئِنْ فَعَلْتَ فَرُبَّمَا ... أوْلى فأمْرٌ ما بَدَا لَكْ
وَلئِنْ فَعَلْتَ فإنَّهُ ... أمْرٌ تُتِمُّ بِهِ فِعَالكْ (2)
وقال أيضا:
وكُنْتُ إذَا أتى باغٍ بِسَلْمٍ ... نُرَجِّي أن تَكُونَ لَنَا كَذلِكْ
فَوَلَّوْا لَمْ يَنالُوا غَيْرَ خِزْيٍ ... وكانَ الحَيْنُ يُهْلِكُهُمْ هُنَالكْ
وَلَمْ أسْمَعْ بأرْجَسَ مِنْ رِجالٍ ... أرَادُوا العِزَّ فانْتَهَكُوا حَرامَكْ
جَرُّوا جُمُوعَ بِلادِهِمْ ... والْفِيلَ كَيْ يَسبُوا عِيَالكْ (3)
(1)
الحديث 179 - إسناده ضعيف، سبق بيان ضعفه: 137. وهذا اللفظ نقله ابن كثير 1: 50 دون إسناد ولا نسبة. ونقله السيوطي 1: 14 مختصرًا، ونسبه للطبري فقط.

(2)
الخبر 180 - إسناده ضعيف جدا، على ما فيه من جهلنا بحال بعض رجاله: فموسى بن سهل الرازي، شيخ الطبري: لم نجزم بأي الرجال هو؟ ولعله "موسى بن سهل بن قادم، ويقال ابن موسى أبو عمر الرملي، نسائي الأصل" . فهو شيخ للطبري مترجم في التهذيب 10: 347، ولكنه لم ينسب "رازيا" . وكتب في المخطوطة: "سهل بن موسى" ! ولم نجد هذه الترجمة أيضًا، ونرجح أنه خطأ من الناسخ. . ويحيى بن عوف: لم نجد ترجمة بهذا الاسم قط فيما لدينا من مراجع. واما علة الإسناد، فهو "الفرات بن السائب الجزري" ، وهو ضعيف جدا، قال البخاري في الكبير 4 / 1 / 130: "تركوه، منكر الحديث" ، وكذلك قال الأئمة فيه، وقال ابن حبان في المجروحين (في الورقة 187) : كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتبة الحديث إلا على سبيل الاختبار ". وأما ميمون بن مهران فتابعي ثقة معروف، فقيه حجة."

وهذا الخبر نقله ابن كثير 1: 50 مجهلا بلفظ "وقيل: هو الإسلام" . ونقله السيوطي 1: 15 منسوبا لابن جريج فقط، على خطأ مطبعي فيه "ابن جريج" !
(3)
الأثر 181 - ابن الحنفية: هو محمد بن علي بن أبي طالب، والحنفية أمه، وهي خولة بنت جعفر من بني حنيفة، عرف بالنسبة إليها. وهذا الإسناد إليه ضعيف: محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي: ثقة من شيوخ أحمد وابن معين. وإسماعيل الأزرق: هو إسماعيل بن سلمان، وهو ضعيف، قال ابن معين: "ليس حديثه بشيء" ، وقال ابن نمير والنسائي: "متروك" ، وقال ابن حبان في كتاب المجروحين (ص 78 رقم 35) : "ينفرد بمناكير يرويها عن المشاهير" . وأبو عمر البزار: هو دينار بن عمر الأسدي الكوفي الأعمى، وهو ثقة. والأثر ذكره ابن كثير 1: 51 دون نسبة ولا إسناد.

ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شَعَف الجبال، فتحرّزوا فيها، ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها; فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة، وهيأ فيله، وعبأ جيشه، وكان اسم الفيل محمودا، وأبرهة مُجْمِعٌ لهدم البيت، ثم الانصراف إلى اليمن. فلما وجَّهوا الفيل، أقبل نفيل بن حبيب الخثعميّ، حتى قام إلى حنبه، ثم أخذ بأذنه فقال: أبرك محمود، وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام; ثم أرسل أذنه، فبَرَك الفيل، وخرج نُفَيل بن حبيب يشتدّ حتى أصعد في الجبل. وضربوا الفيل ليقوم فأبى، وضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم، فأبى، فأدخلوا محاجن لهم في مراقه، فبزغوه بها ليقوم، فأبى، فوجَّهوه راجعا إلى اليمن، فقام يهرول، ووجَّهوه إلى الشام، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، وأرسل الله عليهم طيرا من البحر، أمثال الخطاطيف، مع كل طير ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه مثل الحمص والعدس، لا يصيب منهم أحدا إلا هلك، وليس كلهم أصابت، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا، ويسألون عن نفيل بن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن، فقال نُفَيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:
أيْنَ المَفَرُّ والإلَهُ الطَّالِبْ ... والأشْرَمُ المَغْلُوبُ غَيْرُ الْغَالِبْ (1)
فخرجوا يتساقطون بكلّ طريق، ويهلكون على كلّ منهل، فأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، فسقطت أنامله أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة أتبعتها مِدّة تَمُثُّ قيحا ودما، حتى قَدِموا به صنعاء، وهو مثل فرخ الطير، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة
(1)
الخبر 182 - هذا من تفسير السدي، وقد سبق شرح إسناده 168. وقد نقله ابن كثير 1: 50 والسويطي 1: 15.

بن المُغيرة بن الأخنس، أنه حدّث، أن أوّل ما رُؤيت الحصبة والجدريّ بأرض العرب ذلك العام، وأنه أوّل ما رؤي بها مُرار الشجر: الحرملُ والحنظلُ والعُشرُ ذلك العام.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) أقبل أبرهة الأشرم من الحبشة يوما ومن معه من عداد أهل اليمن، إلى بيت الله ليهدمه من أجل بيعة لهم أصابها العرب بأرض اليمن، فأقبلوا بفيلهم، حتى إذا كانوا بالصَّفَّاح برك; فكانوا إذا وجَّهوه إلى بيت الله ألقى بجرانه على الأرض، وإذا وجهوه إلى بلدهم انطلق وله هرولة، حتى إذا كان بنخلة اليمانية بعث الله عليهم طيرا بيضا أبابيل. والأبابيل: الكثيرة، مع كلّ طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، فجعلت ترميهم بها حتى جعلهم الله عزّ وجلّ كعصف مأكول; قال: فنجا أبو يكسوم وهو أبرهة، فجعل كلما قدم أرضا تساقط بعض لحمه، حتى أتى قومه، فأخبرهم الخبر ثم هلك.
وقوله: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)
يعني تعالى ذكره: فجعل الله أصحاب الفيل كزرع أكلته الدواب فراثته، فيبس وتفرّقت أجزاؤه; شبَّه تقطُّع أوصالهم بالعقوبة التي نزلت بهم، وتفرّق آراب أبدانهم بها، بتفرّق أجزاء الروث، الذي حدث عن أكل الزرع.
وقد كان بعضهم يقول: العصف: هو القشر الخارج الذي يكون على حبّ الحنطة من خارج، كهيئة الغلاف لها.
*ذكر من قال: عُني بذلك ورق الزرع:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال: ورق الحنطة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال: هو التبن.
وحُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) : كزرع مأكول.
حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا زريق بن مرزوق، قال: ثنا هبيرة، عن سلمة بن نُبَيط، عن الضحاك، في قوله (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال:
هو الهبور بالنبطية، وفي رواية: المقهور.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال: ورق الزرع وورق البقل، إذا أكلته البهائم فراثته، فصار رَوْثا.
*ذكر من قال: عني به قشر الحبّ:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال: البرّ يؤكل ويُلقى عصفه الريح والعصف: الذي يكون فوق البرّ: هو لحاء البرّ.
وقال آخرون في ذلك بما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن حبيب بن أبي ثابت: (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال: كطعام مطعوم.
آخر تفسير سورة الفيل



تفسير سورة قريش



بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {لإيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) } .
اختلفت القرّاء في قراءة: (لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم، سوى أبي جعفر، فإنه وافق غيره في قوله (لإيلافِ) فقرأه بياء بعد همزة، واختلف عنه في قوله (إِيلافِهِمْ) فروي عنه أنه كان يقرأه: "إلْفِهِمْ" (1) على أنه مصدر من ألف يألف إلفا، بغير ياء. وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه: "إلافِهِمْ" بغير ياء مقصورة الألف.
والصواب من القراءة في ذلك عندي: من قرأه: (لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة، من آلفت الشيء أُولفه إيلافا، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وللعرب في ذلك لغتان: آلفت، وألفت; فمن قال: آلفت بمدّ الألف قال: فأنا أؤالف إيلافا; ومن قال: ألفت بقصر الألف قال: فأنا آلف إلفا، وهو رجل آلف إلفا. وحكي عن عكرمة أنه كان يقرأ ذلك: "لتألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف" .
حدثني بذلك أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي مكين، عن عكرِمة.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: "إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ" .
واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) ،
(1)
الخبر 183 - نقله السيوطي 1: 14 منسوبا للطبري وابن المنذر. وقد سبق أول هذا الإسناد: 144، وهو هنا منقطع، لأن ابن جريج لم يدرك ابن عباس، إنما يروي عن الرواة عنه.

فكان بعض نحويي البصرة يقول: الجالب لها قوله: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) فهي في قول هذا القائل صلة لقوله جعلهم، فالواجب على هذا القول، أن يكون معنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل، نعمة منا على أهل هذا البيت، وإحسانا منا إليهم، إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، فتكون اللام في قوله (لإيلافِ) بمعنى إلى، كأنه قيل: نعمة لنعمة وإلى نعمة، لأن إلى موضع اللام، واللام موضع إلى.
وقد قال معنى هذا القول بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (إيلافِهِم رِحْلَة الشتاءِ والصَّيْف) قال: إيلافهم ذلك فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف.
حدثني إسماعيل بن موسى السديِّ، قال: أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد (لإيلافِ قُريْشٍ) قال: نعمتي على قريش.
حدثني محمد بن عبد الله الهلالي، قال: ثنا فروة بن أبي المَغْراء الكندي، قال: ثنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، مثله.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: ثنا خطاب ابن جعفر بن أبي المغيرة قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله: (لإيلافِ قُريْشٍ) قال: نعمتي على قريش.
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قد قيل هذا القول، ويقال: إنه تبارك وتعالى عجَّب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: اعجب يا محمد لِنعَم الله على قريش، في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك يستدل بقوله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) .
وكان بعض أهل التأويل يوجِّه تأويل قوله: (لإيلافِ قُريْشٍ) إلى أُلفة بعضهم بعضا.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (لإيلافِ قُريْشٍ) فقرأ: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) إلى آخر السورة،
قال: هذا لإيلاف قريش، صنعتُ هذا بهم لألفة قريش، لئلا أفرّق أُلفتهم وجماعتهم، وإنما جاء صاحب الفيل ليستبيد حريمهم، فصنع الله ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن هذه اللام بمعنى التعجب. وأن معنى الكلام: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة ربّ هذا البيت، الذي أطعهم من جوع، وآمنهم من خوف، فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام، فأدخلوها في الكلام للتعجب اكتفوا بها دليلا على التعجب من إظهار الفعل الذي يجلبها، كما قال الشاعر:
أغَرَّكَ أنْ قَالُوا لِقُرَّةَ شاعِرًا ... فيالأباهُ مِنْ عَرِيفٍ وَشَاعِرِ (1)




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1424  
قديم 27-07-2025, 11:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الماعون
الحلقة (1424)
صــ 621 الى صــ630






فاكتفى باللام دليلا على التعجب من إظهار الفعل، وإنما الكلام: أغرّك أن قالوا: اعجبوا لقرّة شاعرا، فكذلك قوله:
(لإيلافِ) .
وأما القول الذي قاله من حَكينا قوله، أنه من صلة قوله: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) فإن ذلك لو كان كذلك، لوجب أن يكون "لإيلاف" بعض "ألم تر" ، وأن لا تكون سورة منفصلة من "ألم تر" ، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان، كلّ واحدة منهما منصلة عن الأخرى ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك. ولو كان قوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) من صلة قوله: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) لم تكن "ألم تر" تامَّة حتى توصل بقوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) لأن الكلام لا يتمّ إلا بانقضاء الخبر الذي ذُكر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشتاءِ وَالصَّيْف) يقول: لزومهم.
(1)
الأثر 184 - عبد الله بن كثير أبو صديف الآملي، شيخ الطبري: لم أعرف من هو، ولم أجد له ذكرًا، وأخشى أن يكون فيه تحريف. هاشم بن القاسم: هو ابو النضر - بالنون والصاد المعجمة - الحافظ الخراساني الإمام، شيخ الأئمة: أحمد وابن راهويه وابن المديني وابن معين وغيرهم.

حمزة بن المغيرة بن نشيط - بفتح النون وكسر الشين المعجمة - الكوفي العابد: ثقة، مترجم في التهذيب، وترجمه البخاري في الكبير 2 / 1 / 44، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 214 - 215، وذكره ابن حبان في الثقات 443، قال: "حمزة بن المغيرة العابد، من أهل الكوفة. يروي عن عاصم الأحول عن أبي العالية (اهدنا الصراط المستقيم) ، قال: هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه. روى عنه أبو النضر هاشم بن القاسم" . ووقع هنا: في الأصول "حمزة بن أبي المغيرة" . وهو خطأ من الناسخين.
عاصم: هو ابن سليمان الأحول، تابعي ثقة ثبت. أبو العالية: هو الرياحي - بكسر الراء وتخفيف الياء، واسمه: رفيع -بالتصغير- ابن مهران، من كبار التابعين الثقات، مجمع على توثيقه.
وهذا الأثر ذكره ابن كثير 1: 51 ونسبه أيضًا لابن أبي حاتم. والسيوطي 1: 15 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن عدي وابن عساكر. وأبو العالية لم يقله من قبل نفسه: فقد رواه الحاكم في المستدرك 2: 259 من طريق أبي النضر بهذا الإسناد إلى "أبي العالية عن ابن عباس" . وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي. واختصره السيوطي ونسبه للحاكم فقط.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبى، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) قال: نهاهم عن الرحلة، وأمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت، وكفاهم المؤنة، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف، فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف، فأطعمهم بعد ذلك من جوع، وآمنهم من خوف، وألفوا الرحلة، فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا، وإذا شاءوا أقاموا، فكان ذلك من نعمة الله عليهم.
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة قال: كانت قريش قد ألفوا بصرى واليمن يختلفون إلى هذه في الشتاء، وإلى هذه في الصيف (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) فأمرهم أن يقيموا بمكة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح (لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) قال: كانوا تجارا، فعلم الله حبهم للشام.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (لإيلافِ قُرَيْشٍ) قال: عادة قريش عادتهم رحلة الشتاء والصيف.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) كانوا ألفوا الارتحال في القيظ والشتاء.
وقوله: (إِيلافِهِمْ) مخفوضة على الإبدال، كأنه قال: لإيلاف قريش لإيلافهم، رحلة الشتاء والصيف، وأما الرحلة فنُصبَت بقوله. (إِيلافِهِمْ) ، ووقوعه عليها.
وقوله: (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) يقول: رحلة قريش الرحلتين: إحداهما إلى الشام في الصيف، والأخرى إلى اليمن في الشتاء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) قال: كانت لهم رحلتان: الصيف إلى الشام، والشتاء إلى اليمن في التجارة، إذا كان الشتاء امتنع الشأم منهم لمكان البرد، وكانت رحلتهم في الشتاء إلى اليمن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) قال: كانوا تُجَّارا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، ثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الكلبيّ (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) قال: كانت لهم
رحلتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشأم.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس (إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) قال: كانوا يشْتون بمكة، ويَصِيفون بالطائف.
وقوله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) يقول: فليقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة، وليعبدوا ربّ هذا البيت، يعني بالبيت: الكعبة.
كما حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مُغيرة، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، صلى المغرب بمكة، فقرأ: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) فلما انتهى إلى قوله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) أشار بيده إلى البيت.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: ثنا خطاب ابن جعفر بن أبي المغيرة، قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) قال الكعبة.
وقال بعضهم: أمروا أن يألفوا عبادة ربّ مكة كإلفهم الرحلتين.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلِيّ، قال: ثنا مروان، عن عاصم الأحول، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قول الله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ) قال: أُمروا أن يألفوا عبادة ربّ هذا البيت، كإلفهم رحلة الشتاء والصيف.
وقوله: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) يقول: الذي أطعم قريشا من جوع.
كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) يعني: قريشا أهل مكة بدعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال: (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ) .
(وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) فقال بعضهم: معنى ذلك: أنه آمنهم مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات والحروب والقتال، والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس،
(وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) حيث قال إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا) .
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال: آمنهم من كلّ عدو في حرمهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) قال: كان أهل مكة تجارا يتعاورون ذلك شتاء وصيفا، آمنين في العرب، وكانت العرب يغير بعضها على بعض، لا يقدرون على ذلك، ولا يستطيعونه من الخوف، حتى إن كان الرجل منهم ليُصاب في حيّ من أحياء العرب، وإذا قيل حِرْمِيٌّ خُليَ عنه وعن ماله، تعظيما لذلك فيما أعطاهم الله من الأمن.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال: كانوا يقولون: نحن من حرم الله، فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية، يأمنون بذلك، وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أغير عليه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال: كانت العرب يغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها بعضا، فأمنوا من ذلك لمكان الحرم، وقرأ: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) .
وقال آخرون: عُنِي بذلك: وآمنهم من الجذام.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا قال: قال الضحاك: (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال: من خوفهم من الجذام.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال: من الجذام وغيره.
حدثنا أبو كُريب، قال: قال وكيع: سمعت أطعمهم من جوع، قال: الجوع (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) الخوف: الجذام.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المُغيرة، قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قال: الخوف: الجذام.



والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه (آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) والعدو مخوف منه، والجذام مخوف منه، ولم يخصص الله الخبر عن أنه آمنهم من العدوّ دون الجذام، ولا من الجذام دون العدوّ، بل عمّ الخبر بذلك، فالصواب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه، فيقال: آمنهم من المعنيين كليهما.
آخر تفسير سورة قريش



تفسير سورة أرأيت



بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) } .
يعني تعالى ذكره بقوله: (أرأيت الذي يكذب بالدين) أرأيت يا محمد الذي يكذّب بثواب الله وعقابه، فلا يطيعه في أمره ونهيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) قال: الذي يكذّب بحكم الله عز وجلّ.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن جُرَيج (يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) قال: بالحساب.
وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "أرأيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ الدِّينَ" فالباء في قراءته صلة، دخولها في الكلام وخروجها واحد.
وقوله: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يقول: فهذا الذي يكذِّب بالدين، هو الذي يدفع اليتيم عن حقه، ويظلمه. يقال منه: دععت فلانًا عن حقه، فأنا أدعه دعًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يدفع حقّ اليتيم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يدفع اليتيم فلا يُطعمه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) : أي يقهره ويظلمه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يقهره ويظلمه.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يقهره.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان في قوله: (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قال: يدفعه.
وقوله: (وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) يقول تعالى ذكره: ولا يحثّ غيره على إطعام المحتاج من الطعام.
وقوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)
يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم للمنافقين الذين يصلون، لا يريدون الله عز وجل بصلاتهم، وهم في صلاتهم ساهون إذا صلوها.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: (عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) فقال بعضهم: عُنِيَ بذلك أنهم يؤخِّرونها عن وقتها، فلا يصلونها إلا بعد خروج وقتها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا سكن بن نافع الباهلي، قال: ثنا شعبة، عن خلف بن حوشب، عن طلحة بن مُصَرّف، عن مصعب بن سعد، قال: قلت لأبي، أرأيت قول الله عزّ وجلّ: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) : أهي تركها؟ قال: لا ولكن تأخيرها عن وقتها.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَية، عن هشام الدستوائي، قال:
ثنا عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، قال: قلت لسعد: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) : أهو ما يحدّث به أحدنا نفسه في صلاته؟ قال: لا ولكن السهو أن يؤخِّرها عن وقتها.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن مصعب بن سعد (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: السهو: الترك عن الوقت.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1425  
قديم 27-07-2025, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الماعون
الحلقة (1425)
صــ 631 الى صــ640






حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عمران بن تمام البناني، قال: ثنا أبو جمرة الضبعي نصر بن عمران، عن ابن عباس، في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: الذين يؤخِّرونها عن وقتها.
وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزي (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: الذين يؤخِّرون الصلاة المكتوبة، حتى تخرج من الوقت أو عن وقتها.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى عن مسروق (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: الترك لوقتها.
حدثني أبو السائب، قال: ثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: تضييع ميقاتها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى (عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: ترك المكتوبة لوقتها.
حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: أخبرني ابن زحر، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح (عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) الذين يضيعونها عن وقتها.
وقال آخرون: بل عني بذلك أنهم يتركونها فلا يصلونها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) فهم المنافقون كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا، ويمنعونهم العارية بغضا لهم، وهو الماعون.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي،
عن أبيه، عن ابن عباس: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: هم المنافقون يتركون الصلاة في السرّ، ويصلون في العلانية.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: الترك لها.
وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك أنهم يتهاونون بها، ويتغافلون عنها ويلهون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: لاهون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) : غافلون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: ساهٍ عنها، لا يبالي صلى أم لم يصلّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) يصلون، وليست الصلاة من شأنهم.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: يتهاونون.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله: (ساهُونَ) : لاهون يتغافلون عنها، وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها، تضييعها أحيانا، وتضييع وقتها أخرى، وإذا كان ذلك كذلك صح بذلك قول من قال: عُنِيَ بذلك ترك وقتها، وقول من قال: عُنِيَ به تركها لما ذكرتُ من أن في السهو عنها المعاني التي ذكرت.
وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خبران يؤيدان صحة ما قلنا في ذلك:
أحدهما: ما حدثني به زكريا بن أبان المصري، قال: ثنا عمرو بن طارق، قال: ثنا عكرمة بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم، عن (الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: هم الذين يؤخِّرون الصلاة عن وقتها.
والآخر منهما: ما حدثني به أبو كُرَيب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن شيبان النحوي، عن جابر الجعفي، قال: ثني رجل، عن أبي برزة الأسلميّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما نزلت هذه الآية: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) : الله أكبر هذه خير لكم من أن لو أعطي كلّ رجل منكم مثل جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته، وإن تركها لم يخف ربه" .
حدثني أبو عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت عمر بن سليمان يحدّث عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد لله الذي قال: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) وكلا المعنيين اللذين ذكرت في الخبرين اللذين روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محتمل عن معنى السهو عن الصلاة.
وقوله: (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ) يقول: الذين هم يراءون الناس بصلاتهم إذا صلوا، لأنهم لا يصلون رغبة في ثواب، ولا رهبة من عقاب، وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنونهم منهم، فيكفون عن سفك دمائهم، وسبي ذراريهم، وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستبطنون الكفر، ويُظهرون الإسلام، كذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر ومؤمل، قالا ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: هم المنافقون.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني يونس، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله: (يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: يراءون بصلاتهم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ) يعني المنافقين.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: هم المنافقون، كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني ابن زيد: ويصلون- وليس الصلاة من شأنهم- رياءً.
وقوله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) يقول: ويمنعون الناس منافع ما عندهم، وأصل الماعون من كلّ شيء منفعته، يقال للماء الذي ينزل من السحاب ماعون، ومنه قول أعشى بني ثعلبة:
بِأَجْوَدَ مِنْه بِمَاعُونِهِ ... إذا ما سَماؤُهُمُ لَمْ تَغِمْ (1)
وقال آخر يصف سحابا:
يَمُجُّ صّبيرُهُ المَاعُونَ صَبًا (2)
(1)
الأثر 185 - هذا من كلام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد نقله ابن كثير 1: 51 دون نسبة. وعبد الرحمن بن زيد: متأخر، من أتباع التابعين، مات سنة 182. وهو ضعيف جدا، بينت ضعفه في حديث المسند: 5723، ويكفي منه قول ابن خزيمة: "ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه، لسوء خفظه، وهو رجل صناعته العبادة والتقشف، ليس من أحلاس الحديث" .

(2)
الحديث 186، 187 - رواه الطبري عن شيخه "المثنى" بإسنادين، أولهما أعلى من الثاني درجة: بين المثنى وبين معاوية بن صالح في أولهما شيخ واحد، وفي ثانيهما شيخان.

أما المثنى شيخ الطبري: فهو المثنى بن إبراهيم الآملي، يروي عنه الطبري كثيرا في التفسير والتاريخ. وأبو صالح، في الإسناد الأول: هو عبد الله بن صالح المصري، كاتب الليث بن سعد، صحبه عشرين سنة. وهو ثقة، ومن تكلم فيه، في بعض حديثه عن الليث، تكلم بغير حجة. وله ترجمة في التهذيب جيدة، وكذلك في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2 / 2 / 86 - 87، وتذكرة الحفاظ 1: 351 - 353. ولد عبد الله بن صالح سنة 137 ومات سنة 222. ووقع تاريخ مولده في التهذيب (173) وهو خطأ مطبعي، صوابه في تذكرة الحفاظ. وآدم العسقلاني، في الإسناد الثاني: هو آدم بن أبي إياس، وهو ثقة مأمون متعبد، من خيار عباد الله، كما قال أبو حاتم. الليث: هو ابن سعد، إمام أهل مصر. معاوية بن صالح، في الإسنادين: هو الحمصي، أحد الأعلام وقاضي الأندلس، ثقة، من تكلم فيه أخطأ. عبد الرحمن بن جبير بن نفير - بالتصغير فيهما - الحضرمي الحمصي: تابعي ثقة. وأبوه: من كبار التابعين، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو ثقة مشهور بالعلم، وقد ذكره الطبري في طبقات الفقهاء. النواس -بفتح النون وتشديد الواو- بن سمعان الكلابي: صحابي معروف.
وهذا الحديث مختصر من حديث طويل، رواه احمد في المسند: 17711 (ج 4 ص 182 حلبي) عن الحسن بن سوار عن الليث بن سعد عن معاوية بن صالح، به. ونقله ابن كثير 1: 51 من رواية المسند، قال: "وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث الليث بن سعد، به. ورواه الترمذي والنسائي جميعا عن علي بن حجر بن بقية عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس بن سمعان، به. وهو إسناد حسن صحيح" . ونسبه السيوطي 1: 15، والشوكاني 1: 13 أيضًا للحاكم "وصححه" ، ولغيره.
وقال عبيد الراعي:
قَوْمٌ عَلى الإسْلامِ لَمَّا يَمْنَعُوا ... ماعُونَهُمْ وَيُضَيِّعُوا التَّهْلِيلا (1)
يعني بالماعون: الطاعة والزكاة.
واختلف أهل التأويل في الذي عُنِيَ به من معاني الماعون في هذا الموضع، فقال بعضهم: عُنِيَ به الزكاة المفروضة.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قال عليّ رضى الله عنه في قوله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: الزكاة.
حدثني ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قال عليّ رضى الله عنه: (المَاعُون) : الزكاة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ، عن أبي صالح، عن عليّ رضى الله عنه قال: (المَاعُون) : الزكاة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عليّ رضى الله عنه (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: يمنعون زكاة أموالهم.
حدثني محمد بن عمارة وأحمد بن هشام قالا ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن السديّ عن أبي صالح، عن عليّ رضى الله عنه (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: الزكاة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (المَاعُون) قال: الزكاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عليّ، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني
(1)
الخبر 188 - ضعف هذا الإسناد مفصل في: 137. وهذا الخبر نقله ابن كثير 1: 52. وانظر أيضًا: 179.

الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أن عليا رضى الله عنه كان يقول (المَاعُون) : الصدقة المفروضة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) أن عليا رضى الله عنه قال: هي الزكاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: (المَاعُونَ) : الزكاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي المُغيرة، قال: سأل رجل ابن عمر، عن الماعون قال: هو المال الذي لا يؤدى حقه، قال: قلت: إن ابن أمّ عبد يقول: هو المتاع الذي يتعاطاه الناس بينهم، قال: هو ما أقول لك.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن سلمة، قال: سمعت أبا المُغيرة قال: سألت ابن عمر، عن الماعون، فقال: هو منع الحقّ.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، عن سلمة بن كهيل، قال: سُئل ابن عمر عن الماعون، فقال: هو الذي يسأل حق ماله ويمنعه، فقال: إن ابن مسعود يقول: هو القدر والدلو والفأس، قال: هو ما أقول لكم.
حدثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سلمة بن كهيل، أن ابن عمر سُئل عن قول الله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: الذي يُسأل مال الله فيمنعه، فقال الذي سأله، فإن ابن مسعود يقول: هو الفأس والقدر، قال ابن عمر: هو ما أقول لك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سلمة بن كهيل، قال: سأل رجل ابن عمر عن الماعون، فذكر مثله.
حدثني سليمان بن محمد بن معدي كرب الرعيني، قال: ثنا بقية بن الوليد، قال: ثنا شعبة، قال: ثني سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا المغيرة: رجلا من بني أسد، قال: سألت عبد الله بن عمر، عن الماعون، قال: هو منع الحقّ، قلت: إن ابن مسعود قال: هو منع الفأس والدلو قال: هو منع الحقّ.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن
أبي المغيرة، عن ابن عمر قال: هي الزكاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ، عن أبي صالح، عن عليّ، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا جابر بن زيد بن رفاعة، عن حسان بن مخارق، عن سعيد بن جُبير، قال: (المَاعُونَ) : الزكاة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة والحسن: الماعون: الزكاة المفروضة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن أبي عمر، عن ابن الحنفية رضى الله عنه قال: هي الزكاة.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: الزكاة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: هم المنافقون يمنعون زكاة أموالهم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: (المَاعُونَ) : الزكاة المفروضة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سعيد، عن قتادة، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا محمد بن عقبة، قال: سمعت الحسن يقول: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: منعوا صدقات أموالهم، فعاب الله عليهم.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن مبارك، عن الحسن (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: هو المنافق الذي يمنع زكاة ماله، فإن صلى راءى، وإن فاتته لم يأس عليها.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سلمة، عن الضحاك، قال: هي الزكاة.
وقال آخرون: هو ما يتعاوره الناس بينهم من مثل الدلو والقدر ونحو ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا ابن أبي إدريس، عن الأعمش، عن الحكم بن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين، أنه قال لعبد الله: أخبرني عن
الماعون؟ قال: هو ما يتعاوره الناس بينهم.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدّث عن أبي العبيدين: رجل من بني تميم ضرير البصر، وكان يسأل عبد الله بن مسعود، وكان ابن مسعود يعرف له ذلك، فسأل عبد الله عن الماعون، فقال عبد الله: إن من الماعون منع الفأس والقدر والدلو، خصلتان من هؤلاء الثلاث; قال شعبة: الفأس ليس فيه شكّ.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا الوليد، قال: ثنا شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين، عن عبد الله، مثله.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَيه، قال: ثنا شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، أن أبا العبيدين: رجلا من بني تميم، كان ضرير البصر، سأل ابن مسعود عن الماعون، فقال: هو منع الفأس والدلو، أو قال: منع الفأس والقدر.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، أن أبا العبيدين سأل ابن مسعود، عن الماعون، قال: هو ما يتعاوره الناس بينهم، الفأس والقدر والدلو.
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: ثنا أبو الجوّاب، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرِّب، عن أبي العبيدين، عن عبد الله، قال: كنا أصحاب محمد نحدّث أن الماعون: القدر والفأس والدلو. قال أبو بكر: قال أبو الجوّاب، وخالفه زُهير بن معاوية فيما: حدثنا به الحسن الأشيب، قال: ثنا زُهَير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن حارثة، عن أبي العبيدين، حدثني محمد بن عبيد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن أبي العبيدين وسعيد بن عياض، عن عبد الله، قال: كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدّث أن الماعون: الدلو والفأس والقدر، لا يستغنى عنهنّ.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن ابن أبي إسحاق، عن سعيد بن عياض -قال أبو موسى: هكذا قال غندر- عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، قالوا: إن من الماعون: الفأس والدلو والقدر.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، وحدثنا ابن حميد،
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبى إسحاق، عن سعيد بن عياض، يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت سعيد بن عياض، يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، مثله.
حدثنا خلاد، قال: أخبرنا النضر، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا أبو إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن أبى العبيدين، قال: قال عبد الله: الماعون: القدر والفأس والدلو.
حدثنا خلاد، قال: أخبرنا النضر، قال: أخبرنا المسعودي، قال: أخبرنا سلمة بن كُهَيْلٍ، عن أبي العبيدين، وكانت به زمانة، وكان عبد الله يعرف له ذلك، فقال: يا أبا عبد الرحمن ما الماعون؟ قال: ما يتعاطى الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن أبي العبيدين، أنه سأل ابن مسعود، عن الماعون، فقال: ما يتعاطاه الناس بينهم.
قال: ثنا مهران، عن الحسن وسلمة بن كهيل، عن أبي العبيدين، عن ابن مسعود، قال: الفأس والدلو والقدر وأشباهه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن المسعوديّ، عن سلمة بن كهيل، عن أبي العبيدين، أنه سأل ابن مسعود، عن قوله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) فذكر نحوه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن ابن مسعود، قال: الفأس والقدر والدلو.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيميّ، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله قال: (المَاعُونَ) منع الفأس والقدر والدلو.
حدثنا أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله، أنه سُئل عن الماعون، قال: ما يتعاوره الناس بينهم: الفأس والدلو وشبهه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن ابن مسعود، قال: الدلو والفأس والقدر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن عياض، عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: قال: الماعون: الفأس والقدر والدلو.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: سُئل عبد الله عن الماعون، قال: ما يتعاوره الناس بينهم، الفأس والقدر والدلو وشبهه.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أنه قال هو عارية الناس: الفأس والقدر والدلو ونحو ذلك، يعني الماعون.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله، بمثله.
قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس مثله، قال: الفأس والدلو.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت الأسدّي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: (المَاعُونَ) : العارية.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع; وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: هو العارية.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: (المَاعُونَ) قال: متاع البيت.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا إسماعيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أراه عن ابن عباس - "شك أبو كريب" - (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: المتاع.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد،
قال: قال ابن عباس هو متاع البيت.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: يمنعونهم العارية، وهو الماعون.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1426  
قديم 27-07-2025, 11:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الكوثر
الحلقة (1426)
صــ 641 الى صــ650







حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قال: يمنعون الزكاة، ومنهم من قال: يمنعون الطاعة، ومنهم من قال: يمنعون العارية.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: لم يجيء أهلها بعد.
حدثني ابن المثنى، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: (المَاعُونَ) ما يتعاطى الناس بينهم.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا ابن عُلَية، قال: ثنا ليث، عن أبي إسحاق، عن الحارث، قال: قال عليّ رضى الله عنه: (المَاعُونَ) : منع الزكاة والفأس والدلو والقدر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم النبيل، قال: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبير قال: الماعون: العارية.
حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك، في قول الله: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: الدلو والقدر والفأس.
حدثنا عمرو بن علي، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو عوانة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: الماعون: منع الدلو وأشباه ذلك.
وقال آخرون: الماعون: المعروف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن إبراهيم السلمي، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا محمد بن رفاعة، قال: سمعت محمد بن كعب يقول: الماعون: المعروف.
وقال آخرون: الماعون: هو المال.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أحمد بن حرب، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، قال: الماعون، بلسان قريش: المال.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن ابن أبى ذئب، عن الزهريّ، قال: الماعون: بلسان قريش: المال.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، إذ كان الماعون هو ما وصفنا قبل، وكان الله قد أخبر عن هؤلاء القوم، وأنهم يمنعونه الناس، خبرًا عاما، من غير أن يخص من ذلك شيئا أن يقال: إن الله وصفهم بأنهم يمنعون الناس ما يتعاونونه بينهم، ويمنعون أهل الحاجة والمسكنة ما أوجب الله لهم في أموالهم من الحقوق؛ لأن كل ذلك من المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض.
آخر تفسير سورة أرأيت




تفسير سورة الكوثر




بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ (3) } .
يقول تعالى ذكره: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ) يا محمد (الْكَوْثَرَ) واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر، فقال بعضهم: هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر: أنه قال: "الكوثر: نهر في الجنة، حافتاه من ذهب وفضة، يجري على الدرّ والياقوت، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن، وأحلى من العسل" .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن محارب بن دثار الباهلي، عن ابن عمر، في قوله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: "نهر في الجنة حافتاه الذهب، ومجراه على الدرّ والياقوت، وماؤه اشدّ بياضا من الثلج، وأشدّ حلاوة من العسل، وتربته أطيب من ريح المسك" .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عمر بن عبيد، عن عطاء، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: "الكوثر: نهر في الجنة حافتاه من ذهب وفضة، يجري على الياقوت والدرّ، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل" .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القُمِّي، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، عن شقيق أو مسروق، قال: قلت لعائشة: يا أمّ المؤمنين، وما بُطْنان الجنة؟ قالت: "وسط الجنة: حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت، ترابه المسك، وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت" .
حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ، قال: ثنا أبو النضر وشبابة، قالا ثنا
أبو جعفر الرازيّ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل، عن عائشة قالت: الكوثر: نهر في الجنة ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي جعفر; وحدثنا ابن أبي سريج، قال: ثنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو جعفر الرازيّ، عن ابن أبي نجيح، عن أنس، قال: الكوثر: نهر في الجنة.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة قالت: الكوثر نهر في الجنة، درّ مجوّف.
حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة: "الكوثر: نهر في الجنة، عليه من الآنية عدد نجوم السماء" .
قال ثنا وكيع، عن أبي جعفر الرازيّ، عن ابن أبي نجيح، عن عائشة قالت: من أحبّ أن يسمع خرير الكوثر، فليجعل أصبعيه في أُذنيه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة، قالت: نهر في الجنة، شاطئاه الدرّ المجوّف.
قال: ثنا مهران، عن أبي معاذ عيسى بن يزيد، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة قالت: "الكوثر: نهر في بطنان الجنة وسط الجنة، فيه نهر شاطئاه در مجوف، فيه من الآنية لأهل الجنة، مثل عدد نجوم السماء" .
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: نهر أعطاه الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الجنة.
حدثنا أحمد بن أبي سريج، قال: ثنا مسعدة، عن عبد الوهاب، عن مجاهد، قال: "الكَوْثر: نهر في الجنة، ترابه مسك أذفر، وماؤه الخمر" .
حدثنا ابن أبي سريج، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: نهر في الجنة.
حدثنا الربيع، قال: أخبرنا ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن شريك بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا، قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، مضى به جبريل في السماء الدنيا، فإذا هو بنهر، عليه قصر من لؤلؤ
وزبرجد، فذهب يَشَمّ ترابه، فإذا هو مسك، فقال: "يا جبريل ما هذا النهر؟" قال: هو الكوثر الذي خبأ لك ربُّك.
وقال آخرون: عُنِي بالكوثر: الخير الكثير.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثني هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عطاء بن السائب، قال: قال محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قال: قلت: قال: قال ابن عباس: هو الخير الكثير، فقال: صدق والله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: الكوثر: الخير الكثير.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الكوثر، فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله، فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة، فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الكثير.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة، قال: هو النبوّة، والخير الذي أعطاه الله إياه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا حرمي بن عمارة، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عمارة، عن عكرمة في قول الله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الكثير، والقرآن والحكمة.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة أنه قال: الكوثر: الخير الكثير.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الكثير.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هلال، قال: سألت سعيد بن جُبير (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: أكثر الله له من الخير، قلت: نهر في الجنة؟ قال: نهر وغيره.
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الكوثر: الخير الكثير.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الكوثر: الخير الكثير.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن مجاهد: الكوثر: قال: الخير كله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: خير الدنيا والآخرة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في الكوثر، قال: هو الخير الكثير.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، قال: الكوثر: الخير الكثير.
قال: ثنا وكيع، عن بدر بن عثمان، سمع عكرمة يقول في الكوثر: قال: ما أُعطي النبّي من الخير والنبوّة والقرآن.
حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ، قال: ثنا أبو داود، عن بدر، عن عكرمة، قوله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الذي أعطاه الله النبوّة والإسلام.
وقال آخرون: هو حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن مطر، عن عطاء (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: حوض في الجنة أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أحمد بن أبي سريج، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مطر، قال: سألت عطاء ونحن نطوف بالبيت عن قوله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي، قول من قال: هو اسم النهر الذي أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، وصفه الله بالكثرة، لعِظَم قدره.
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك، لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك.
* ذكر الأخبار الواردة بذلك:
حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة، عن أنس قال: لما عُرج بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، أو كما قال، عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف، أو قال: المجوب، فضرب الملك الذي معه بيده فيه، فاستخرج مسكا، فقال محمد للملك الذي معه: "ما هَذَا؟" قال: هذا الكوثر الذي أعطاك الله; قال: ورفعت له سدرة المنتهى، فأبصر عندها أثرا عظيما "أو كما قال."
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "بَيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذْ عَرَض ليَ نَهْرٌ، حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّفِ، فقالَ المَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أتَدْرِي ما هَذَا؟ هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَ اللهُ إيَّاهُ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ إلى أرْضِه، فأخْرَجَ مِنْ طِينِه المِسْكَ" .
حدثني ابن عوف، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمَّا عُرِجَ بِي إلى السَّماء، أَتَيْتُ على نَهْرٍ حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّف، قُلتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَ رَبُّكَ، فأهْوَى المَلكُ بِيَدِهِ، فاسْتَخْرَجَ طِينَه مِسْكًا أذفَرَ" .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن حميد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَخَلْتُ الجَنَّة، فإذَا أنا بِنَهْرٍ حافَتاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فِيهِ، فإذَا مِسْكٌ أذْفَرُ; قال: قُلْتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَهُ اللهُ" .
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحو حديث يزيد، عن سعيد.
حدثنا بشر، قال: ثنا أحمد بن أبي سريج، قال: ثنا أبو أيوب العباس، قال: ثنا إبراهيم بن مسعدة، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب،
عن أبيه، عن أنس، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر، فقال: "هُوَ نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ في الجَنَّةِ، تُرَابُهُ مِسْكٌ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وأحْلَى مِنَ العَسَلِ، تَرِدُهُ طَيْرٌ أعنَاقُهَا مِثْلُ أعناقِ الجُزُرِ" ، قال أبو بكر: يا رسول الله، إنها لناعمة؟ قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها" .
حدثنا خلاد بن أسلم، قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي وقاص الليثي، عن كثير، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ حِينَ عُرِجَ بِيَ، فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، فإذَا هُوَ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ، عُضَادَتاهُ بُيُوتٌ مُجَوَّفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ" .
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبي وشعيب بن الليث، عن الليث، عن يزيد بن الهاد، عن عبد الله بن مسلم بن شهاب، عن أنس: أن رجلا جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الكوثر؟ قال: "نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ، لَهُوَ أشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وأحْلَى مِنَ العَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ" . قال عمر: يا رسول الله إنها لناعمة، قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها" .
حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن عبد الله، قال: ثني الليث، عن ابن الهاد، عن عبد الوهاب عن عبد الله بن مسلم بن شهاب، عن أنس، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.
حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري، أن أخاه عبد الله، أخبره أن أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما الكوثر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ، مَاؤهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وأحْلَى مِنَ العَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ" ، فقال عمر: إنها لناعمة يا رسول الله، فقال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْهَا" .
فقال: عمر بن عثمان: قال ابن أبي أُوَيس; وحدثني أبي، عن ابن أخي الزهريّ، عن أبيه، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكوثر، مثله.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن فضيل، قال: ثنا عطاء، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ، حَافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمجْرَاهُ عَلى الْياقُوتِ والدُّرِّ، تُرْبَتُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، ماؤُهُ أحْلَى"
مِنَ العَسَلِ، وأشَدُّ بَياضًا مِنَ الثَّلْجِ "."
حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، قال: قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس، أنه قال: هو الخير الكثير، فقال: صدق والله، إنه للخير الكثير، ولكن حدثنا ابن عمر، قال: لما نزلت: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ، حافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي على الدُّرِّ واليَاقُوتِ" .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ" ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ نَهَرًا حَافَتاهُ اللُّؤْلُؤ، فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ ما هَذَا؟ قالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَهُ اللهُ" .
حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، قال: أخبرنا حزام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أُسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما، فلم يجده، فسأل امرأته عنه، وكانت من بني النجار، فقالت: خرج، بأبي أنت آنفا عامدا نحوك، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار، أو لا تدخل يا رسول الله؟ فدخل، فقدمت إليه حيسا، فأكل منه، فقالت: يا رسول الله، هنيئا لك ومريئا، لقد جئت وإني لأريد أن آتيك فأهنيك وأمريك (1) أخبرني أبو عمارة أنك أُعطيت نهرا في الجنة يُدعى الكوثر، فقال: "أَجَلْ، وَعَرْضُهُ - يعني أرضه - يَاقُوتٌ وَمَرْجَانٌ وزَبَرْجَدٌ ولُؤْلُؤٌ" .
وقوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)
اختلف أهل التأويل في الصلاة التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصليها بهذا الخطاب، ومعنى قوله: (وَانْحَرْ) فقال بعضهم: حضه على المواظبة على الصلاة المكتوبة، وعلى الحفظ عليها في أوقاتها بقوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) .
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي، قال: ثنا محمد بن ربيعة، قال: ثني يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد، عن عاصم الجحدري، عن عقبة بن ظهير،
(1)
الأثر 189 - ربيع: هو ابن أنس البكري. وسبق شرح هذا الإسناد إليه: 164. والأثر نقله ابن كثير 1: 53، والسيوطي 1: 16.










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1427  
قديم 27-07-2025, 11:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الكافرون
الحلقة (1427)
صــ 651 الى صــ660






عن علي رضى الله عنه في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم الجحدري، عن عقبة بن ظبيان عن أبيه، عن علي رضى الله عنه (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: وضع اليد على اليد في الصلاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الجحدري، عن عقبة بن ظهير، عن أبيه، عن علي رضى الله عنه (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى، ثم وضعهما على صدره.
قال: ثنا مهران، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن الشعبي مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن يزيد بن أبي زياد، عن عاصم الجحدري، عن عقبة بن ظهير، عن علي رضى الله عنه: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، يقال: ثنا عوف، عن أبي القُموص، في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: وضع اليد على اليد في الصلاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا أبو صالح الخراساني، قال: ثنا حماد، عن عاصم الجحدري، عن أبيه، عن عقبة بن ظبيان، أن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال في قول الله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده الأيسر، ثم وضعهما على صدره.
وقال آخرون: بل عُنِيَ بقوله (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) : الصلاة المكتوبة، وبقوله (وَانْحَرْ) أن يرفع يديه إلى النحر عند افتتاح الصلاة والدخول فيها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) الصلاة، وانحر: برفع يديه أول ما يكبر في الافتتاح.
وقال آخرون: عني بقوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) المكتوبة، وبقوله (وَانْحَرْ) : نحر البُدن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم وهارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: الصلاة المكتوبة، ونحر البُدن.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير وحجاج أنهما قالا في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: صلاة الغداة بجمع، ونحر البُدن بمنًى.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن قطر، عن عطاء: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: صلاة الفجر، وانحر البدن. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: الصلاة المكتوبة، والنحر: النسك والذبح يوم الأضحى.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: صلاة الفجر.
وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك: صل يوم النحر صلاة العيد، وانحر نسكك.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن جابر، عن أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر قبل أن يصلي، فأمر أن يصلي ثم ينحر.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عكرِمة: فصلّ الصلاة، وانحر النُّسُك.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن ثابت بن أبي صفية، عن أبي جعفر (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) قال: الصلاة; وقال عكرِمة: الصلاة ونحر النُّسُك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: إذا صليت يوم الأضحى فانحر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا قطر، قال: سألت عطاء، عن قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: تصلي وتنحر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عوف، عن الحسن (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: اذبح
قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا أبان بن خالد، قال: سمعت الحسن يقول (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: الذبح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: نحر البُدن، والصلاة يوم النحر.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: صلاة الأضحى، والنحر: نحر البُدن.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: مناحر البُدن بِمِنًى.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل، عن عكرمة (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: نحر النسك.
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) يقول: اذبح يوم النحر.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: نحر البُدن.
وقال آخرون: قيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، لأن قوما كانوا يصلون لغير الله، وينحرون لغيره فقيل له. اجعل صلاتك ونحرك لله، إذ كان من يكفر بالله يجعله لغيره.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي، أنه كان يقول في هذه الآية: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) يقول: إن ناسا كانوا يصلون لغير الله، وينحرون لغير الله، فإذا أعطيناك الكوثر يا محمد، فلا تكن صلاتك ونحرك إلا لي.
وقال آخرون: بل أنزلت هذه الآية يوم الحديبية، حين حصر النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وصُدّوا عن البيت، فأمره الله أن يصلي، وينحر البُدن، وينصرف، ففعل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر، قال: ثني أبو معاوية البجلي، عن سعيد بن جُبير أنه قال: كانت هذه الآية، يعني قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) يوم الحديبية، أتاه جبريل عليه السلام فقال: انحر وارجع، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب خطبة الفطر والنحر (1) ثم ركع ركعتين، ثم انصرف إلى البُدن فنحرها، فذلك حين يقول: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فصل وادع ربك وسله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال: صلّ لربك وسل.
وكان بعض أهل العربية يتأوّل قوله: (وَانْحَرْ) واستقبل القبلة بنحرك. وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذكر أن بعض بني أسد أنشده:
أبا حَكَمٍ هَلْ أنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ ... وَسَيِّدُ أهْلِ الأبْطَحِ المُتَنَاحِرِ (2)
أي ينحر بعضه بعضا.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له،
(1)
الخبر 190 - هذا كالخبر 183 منقطع بين ابن جريج وابن عباس. وقد نقله ابن كثير 1: 53، والسيوطي 1: 16، ولكن وقع فيه "ابن حميد" بدل "ابن جرير" .

(2)
الأثر 191 - وهذا نقله ابن كثير أيضًا 1: 53.

وخصك به، من إعطائه إياك الكوثر.
وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك، لأن الله جلّ ثناؤه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما أكرمه به من عطيته وكرامته، وإنعامه عليه بالكوثر، ثم أتبع ذلك قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له، والنحر على الشكر له، على ما أعلمه من النعمة التي أنعمها عليه، بإعطائه إياه الكوثر، فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض، وبعض النحر دون بعض وجه، إذ كان حثا على الشكر على النِّعَم.
فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر، إنعاما منا عليك به، وتكرمة منا لك، فأخلص لربك العبادة، وأفرد له صلاتك ونسكك، خلافا لما يفعله من كفر به، وعبد غيره، ونحر للأوثان.
وقوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)
يعني بقوله جل ثناؤه: (إِنَّ شَانِئَكَ) إن مبغضك يا محمد وعدوك (هُوَ الأبْتَرُ) يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره، الذي لا عقب له.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: عني به العاص بن وائل السهميّ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) يقول: عدوّك.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: هو العاص بن وائل.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن هلال بن خباب، قال: سمعت سعيد بن جُبير يقول: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: هو العاص بن وائل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هلال، قال: سألت سعيد بن جُبير، عن قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: عدوّك العاص بن وائل انبتر من قومه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني
الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: العاص بن وائل، قال: أنا شانئٌ محمدا، ومن شنأه الناس فهو الأبتر.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: هو العاص بن وائل، قال: أنا شانئٌ محمدا، وهو أبتر، ليس له عقب، قال الله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال قتادة: الأبتر: الحقير الدقيق الذليل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) هذا العاص بن وائل، بلغنا أنه قال: أنا شانئُ محمد.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: الرجل يقول: إنما محمد أبتر، ليس له كما ترون عقب، قال الله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) .
وقال آخرون: بل عني بذلك: عقبة بن أبي معيط.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القُمِّي، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولد، وهو أبتر، فأنزل الله فيه هؤلاء الآيات: (إِنَّ شَانِئَكَ) عقبة بن أبي معيط (هُوَ الأبْتَرُ) .
وقال آخرون: بل عني بذلك جماعة من قريش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عكرمة، في هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا) قال: نزلت في كعب بن الأشرف، أتى مكة فقال لها أهلها: نحن خير أم هذا الصنبور (1) المنبتر من قومه،
(1)
الأثر 192 - مضى هذا الإسناد: 185. وأما نص الأثر، فهو عند ابن كثير 1: 53. وقال بعد هذه الروايات: "والتفسير المتقدم عن ابن عباس أعم وأشمل" . يعني الخبر 188.

ونحن أهل الحجيج، وعندنا منحر البدن، قال: أنتم خير. فأنزل الله فيه هذه الآية، وأنزل في الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن بدر بن عثمان، عن عكرمة (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) . قال: لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش: بَتِرَ محمد منا، فنزلت: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: الذي رماك بالبتر هو الأبتر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبى عديّ، قال: أنبأنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما قَدِم كعب بن الأشرف مكة أتَوْه، فقالوا له: نحن أهل السقاية والسدانة، وأنت سيد أهل المدينة، فنحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا؟ قال: بل أنتم خير منه، فنزلت عليه: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) قال: وأنزلت عليه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ) ... إلى قوله (نَصِيرًا) .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقلّ الأذلّ، المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه.
آخر تفسير سورة الكوثر



تفسير سورة الكافرون



بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة، على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة، فأنزل الله معرفه جوابهم في ذلك: (قُلْ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة، على أن يعبدوا إلهك سنة (يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) بالله (لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) من الآلهة والأوثان الآن (وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) الآن
(وَلا أَنَا عَابِدٌ) فيما أستقبل
(مَا عَبَدْتُمْ) فيما مضى (وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ) فيما تستقبلون أبدا (مَا أَعْبُدُ) أنا الآن، وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك، لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين، قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا، وسبق لهم ذلك في السابق من علمه، فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه، وحدّثوا به أنفسهم، وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم، في وقت من الأوقات، وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم، ومن أن يفلحوا أبدا، فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا، إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف، وهلك بعض قبل ذلك كافرا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاءت به الآثار.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1428  
قديم 27-07-2025, 11:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الكافرون
الحلقة (1428)
صــ 661 الى صــ675






* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن موسى الحَرشي، قال: ثنا أبو خلف، قال: ثنا داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة، ويزّوجوه ما أراد من النساء، ويطئوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد، وكفّ عن شتم آلهتنا، فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل، فإنا نعرض عليك خصلة واحدة، فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: "ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزي، ونعبد إلهك سنة، قال: "حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي" ، فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) السورة، وأنزل الله: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) ... إلى قوله: (فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) .
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري (1) قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، وأميَّة بن خلف، رسول الله، فقالوا: يا محمد، هلمّ فلنعبد ما تعبد، وتعبدْ ما نعبد، ونُشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه، وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك، كنت قد شَرِكتنا في أمرنا، وأخذت منه بحظك، فأنزل الله: (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) حتى انقضت السورة.
وقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)
يقول تعالى ذكره: لكم دينكم فلا تتركونه أبدا، لأنه قد ختم عليكم، وقضي أن لا تنفكوا عنه، وأنكم تموتون عليه، ولي دين الذي أنا عليه، لا أتركه أبدا، لأنه قد مضى في سابق علم الله أني لا أنتقل عنه إلى غيره.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) قال: للمشركين; قال: واليهود لا يعبدون إلا الله ولا يشركون، إلا أنهم يكفرون ببعض الأنبياء، وبما جاءوا به من عند الله، ويكفرون برسول الله، وبما جاء به من عند الله، وقتلوا طوائف الأنبياء ظلما وعدوانا، قال:
(1)
ديوانه: 58، سيبويه 1: 375، مجاز القرآن: 101 الخزانة 2: 314، وهذا الشعر يقوله النابغة لعيينة بن حصن الفزاري. بنو أقيش: هم بنو أقيش بن عبيد. وقيل: فخذ من أشجع. وقيل: حي من اليمن في إبلهم نفار شديد. وقيل: هم حي من الجن يزعمون. وقعقع حرك شيئا يابسا فتسمع له صوت. والشن: القربة البالية. يصف عيينة بالجبن والخور وشدة الفزع، كأنه جمل شديد النفار، إذا سمع صوت شن يقعقع به

إلا العصابة التي بقوا، حتى خرج بختنصر، فقالوا: عُزَير ابن الله، دعا الله ولم يعبدوه ولم يفعلوا كما فعلت النصارى، قالوا: المسيح ابن الله وعبدوه.
وكان بعض أهل العربية يقول: كرّر قوله: (لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) وما بعده على وجه التوكيد، كما قال: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ، وكقوله: (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) .
آخر تفسير سورة الكافرون




تفسير سورة النصر



بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إذا جاءك نصر الله يا محمد على قومك من قريش، والفتح: فتح مكة (وَرَأَيْتَ النَّاسَ) من صنوف العرب وقبائلها أهل اليمن منهم، وقبائل نزار (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) يقول: في دين الله الذي ابتعثك به، وطاعتك التي دعاهم إليها أفواجًا، يعني: زُمَرًا، فوجًا فوجًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ما قلنا في قوله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) :
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) : فتح مكة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) النصر حين فتح الله عليه ونصره.
حدثني إسماعيل بن موسى، قال: أخبرنا الحسين بن عيسى الحنفي، عن معمر، عن الزهري، عن أبي حازم، عن ابن عباس، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، إذ قال: "اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، جاءَ نَصْرُ الله والفَتْحُ، جاءَ أهْلُ اليَمَنِ" ، قيل: يا رسول الله، وما أهل اليمن؟ قال: "قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنةٌ طِبَاعُهُمْ، الإيمَانُ يَمَانٍ، والفِقْهُ يَمَانٍ، والحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" .
حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر، عن
مسروق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله وأتوب إليه; قالت: فقلت: يا رسول الله أراك تُكثر قول: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله وأتوب إليه، فقال: "خَبَّرَنِي رَبِّي أنّي سأرَى عَلامَةً فِي أمَّتِي، فإذَا رَأَيْتُهَا أكْثَرْتُ مِنْ قَوْل سُبْحَانَ الله وبحَمْدِهِ، وأسْتَغْفِرُهُ وأتُوبُ إلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْتُها (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فتح مكة (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) " .
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عامر، عن عائشة، قالت: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يكثر قبل موته من قول سبحان الله وبحمده ثم ذكر نحوه.
حدثني إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد، عن داود، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عكرمة قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "جَاءَ نَصْرُ الله والفَتْحُ، وَجَاءَ أهْلُ اليَمَنِ" ، قالوا: يا نبيّ الله، وما أهل اليمن؟ قال: "رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ، الإيمَانُ يَمَانٍ، والْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" . وأما قوله; (أَفْوَاجًا) فقد تقدّم ذكره في معنى أقوال أهل التأويل.
وقد حدثني الحارث، قال: ثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) قال: زُمرًا زُمرًا.
وقوله: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ)
يقول: فسبح ربك وعظمه بحمده وشكره، على ما أنجز لك من وعده. فإنك حينئذ لاحق به، وذائق ما ذاق مَنْ قبلك من رُسله من الموت.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سألهم عن قول الله تعالى:
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: فأنت يا بن عباس ما تقول: قلت: مَثَلٌ ضُرب لمحمد صلى الله عليه وسلم نعيت إليه نفسه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يُدنيه، فقال له عبد الرحمن: إن لنا أبناءً مثلَهُ، فقال عمر: إنه من حيث تعلم، قال: فسأله عمر عن قول الله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) السورة، فقال ابن عباس: أجله، أعلمه الله إياه، فقال عمر: ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس، قال: قال عمر رضي الله عنه: ما هي؟ يعني (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قال ابن عباس، (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ) حتى بلغ: (وَاسْتَغْفِرْهُ) إنك ميت (إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) فقال عمر: ما نعلم منها إلا ما قلت.
قال: ثنا مهران، عن سفيان عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس قال: لما نزلت (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) علم النبيّ أنه نعيت إليه نفسه، فقيل له: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ... ) إلى آخر السورة.
حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع، قالا ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نُعِيَتْ إليَّ نَفْسِي، كأنّي مَقْبُوضٌ فِي تِلكَ السَّنَةِ" .
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قال: ذاك حين نَعَى لَه نفسه يقول: إذا (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) يعني إسلام الناس، يقول: فذاك حين حضر أجلك (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) .
حدثني أبو السائب وسعيد بن يحيى الأموي، قالا ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول قبل أن يموت: "سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك" ; قالت: فقلت: يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك قد أحدثتها تقولها؟ قال: "قد جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) إلى آخر السورة" .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قالت عائشة: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أنزلت عليه هذه السورة (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) لا يقول قبلها: سبحانك ربنا وبحمدك، اللهمّ اغفر لي "."
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، مثله.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم وبحمدك، اللهمّ اغفر لي" ، يتأول القرآن.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَية، عن داود، عن الشعبي، قال داود: لا أعلمه إلا عن مسروق، وربما قال عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول: "سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه" ، فقلت: إنك تُكثر من هذا، فقال: "إنَّ رَبي قَدْ أخْبَرَنِي أنِّي سأرَى عَلامةً في أُمَّتِي، وأَمَرَنِي إذَا رأَيْتُ تِلكَ الْعَلامَةَ أنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ، وأسْتَغْفِرَهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّابا، فَقَدْ رأَيْتُها (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) " .
حدثنا أبو السائب، قال: ثنا حفص، قال: ثنا عاصم، عن الشعبي، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيء إلا قال: "سبحان الله وبحمده" ، فقلت: يا رسول الله، إنك تكثر من سبحان الله وبحمده، لا تذهب ولا تجيء، ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت: سبحان الله وبحمده، قال: "إني أمرت بها" ، فقال: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) إلى آخر السورة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت سورة (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) كلها بالمدينة بعد فتح مكة، ودخولها الناس في الدين، ينعي إليه نفسه.
قال: ثنا جرير، عن مُغيرة، عن زياد بن الحصين، عن أبي العالية، قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) ونعيت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم نفسه،
كان لا يقوم من مجلس يجلس فيه حتى يقول: "سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك" .
قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو، قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) كان النبيّ صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، رب اغفر لي وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الرحيم" .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قرأها كلها. قال ابن عباس: هذه السورة عَلَمٌ وحَدٌّ حدّه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، ونعى له نفسه. إي إنك لن تعيش بعدها إلا قليلا. قال قتادة: والله ما عاش، بعد ذلك إلا قليلا سنتين، ثم توفي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي معاذ عيسى بن أبي يزيد، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) كان يكثر أن يقول: "سبحانك اللهمّ وبحمدك، اللهمّ اغفر لي، سبحانك ربنا وبحمدك، اللهمّ اغفر لي، إنك أنت التواب الغفور" .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قول الله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) : كانت هذه السورة آية لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) قال: اعلم أنك ستموت عند ذلك.
وقوله: (وَاسْتَغْفِرْهُ)
يقول: وسله أن يغفر ذنوبك.
يقول: إنه كان ذا رجوع لعبده، المطيع إلى ما يحب. والهاء من قوله "إنه" من ذكر الله عز وجلّ.
آخر تفسير سورة النصر




تفسير سورة تبت

بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) } .
يقول تعالى ذكره: خسرت يدا أبي لهب، وخسر هو. وإنما عُنِي بقوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) تبّ عمله. وكان بعض أهل العربية يقول: قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) : دعاء عليه من الله.
وأما قوله: (وَتَبَّ) فإنه خبر. ويُذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ" . وفي دخول "قد" فيه دلالة على أنه خبر، ويمثِّل ذلك بقول القائل، لآخر: أهلكك الله، وقد أهلكك، وجعلك صالحا وقد جعلك.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) : أي خسرت وتب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) قال: التبّ: الخسران، قال: قال أبو لهب للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ماذا أُعطَى يا محمد إن آمنت بك؟ قال؟ "كمَا يُعْطَى المُسْلِمُون" ، فقال: مالي عليهم فضل؟ قال: "وأيّ شَيْءٍ تَبْتَغِي؟" قال: تبا لهذا من دين تبا، أن أكون أنا وهؤلاء سواء، فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) يقول: بما عملت أيديهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (تَبَّتْ يَدَا
أَبِي لَهَبٍ) قال: خسرت يدا أبي لهب وخسر.
وقيل: إن هذه السورة نزلت في أبي لهب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته، إذ نزل عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ) وجمعهم للدعاء، قال له أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا دعوتنا؟




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1429  
قديم 27-07-2025, 11:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الاخلاص
الحلقة (1429)
صــ 676 الى صــ690






* ذكر الأخبار الواردة بذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا، فقال: "يا صَباحاهُ!" فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: مالك؟ قال: "أرأيْتُكُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أوْ مُمَسِّيكُمْ، أما كُنْتُمْ تُصَدقُونَنِي؟" قالوا: بلى، قال: "فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ" ، فقال أبو لهب: تبا لك، ألهذا دعوتنا وجمعتنا؟! فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) إلى آخرها.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصَّفا ثم نادَى: "يا صَبحاهُ" فاجتمع الناس إليه، فبين رجل يجيء، وبين آخر يبعث رسوله، فقال: "يا بَنِي هاشِمٍ، يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي ... يا بَنِي أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ" -يريد تغير عليكم- صَدَّقْتُمُونِي؟ "قالوا: نعم، قال:" فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ "، فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا دعوتنا؟ فنزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) " .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ) ورهطك منهم المخلصين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى صعد الصفا، فهتف: "يا صَباحاهُ" . فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ فقالوا: محمد، فاجتمعوا إليه، فقال: "يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يا بَنِي"
عَبْدِ مَنَافٍ "، فاجتمعوا إليه، فقال:" أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ "قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال" فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ "، فقال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام فنزلت هذه السورة:" تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ "كذا قرا الأعمش إلى آخر السورة."
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، في قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) قال: حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى غيره، وكان أبو لهب عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه عبد العزى، فذكرهم، فقال أبو لهب: تبا لك، في هذا أرسلت إلينا؟ فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) .
وقوله: (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)
يقول تعالى ذكره: أيّ شيء أغنى عنه ماله، ودفع من سخط الله عليه (وَمَا كَسَبَ) وهم ولده. وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
* ذكر من قال ذلك.
حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن خيثم، عن أبي الطفيل، قال: جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس، فقاموا يختصمون في البيت، فقام ابن عباس، فحجز بينهم، وقد كُفّ بصره، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش، فغضب وقال: أخرجوا عني الكسب الخبيث.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن محمد بن سفيان، عن رجل من بني مخزوم، عن ابن عباس أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون، فجعل يحجز بينهم ويقول: هؤلاء مما كسب.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ) قال: ما كسب ولده.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (وَمَا كَسَبَ) قال: ولده هم من كسبه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله (وَمَا كَسَبَ) قال: ولده.
وقوله: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ)
يقول: سيصلى أبو لهب نارا ذات لهب.
وقوله: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)
يقول: سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب، نارا ذات لهب. واختلفت القرّاء في قراءة (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة: "حَمَّالَةُ الحَطَبِ" بالرفع، غير عبد الله بن أبي إسحاق، فإنه قرأ ذلك نصبا فيما ذكر لنا عنه.
واختلف فيه عن عاصم، فحكي عنه الرفع فيها والنصب، وكأن من رفع ذلك جعله من نعت المرأة، وجعل الرفع للمرأة ما تقدم من الخبر، وهو "سَيَصْلَى" ، وقد يجوز أن يكون رافعها الصفة، وذلك قوله: (فِي جِيدِهَا) وتكون "حَمَّالَة" نعتا للمرأة. وأما النصب فيه فعلى الذم، وقد يحتمل أن يكون نصبها على القطع من المرأة، لأن المرأة معرفة، وحمالة الحطب نكرة (1) .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا: الرفع، لأنه أفصح الكلامين فيه، ولإجماع الحجة من القرّاء عليه.
واختلف أهل التأويل، في معنى قوله: (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) فقال بعضهم: كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليدخل في قدمه إذا خرج إلى الصلاة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: كانت تحمل الشوك، فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم، ليعقره وأصحابه، ويقال: (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) : نقالة للحديث.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رجل من همدان يقال له يزيد بن زيد، أن امرأة أبي لهب كانت تلقي في طريق النبيّ صلى الله عليه وسلم الشوك، فنزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ... وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) .
حدثني أبو هريرة الضبعي، محمد بن فراس، قال: ثنا أبو عامر، عن قرة بن
(1)
ديوانه: 131 والنقائض: 773، ويأتي في تفسير آية سورة الشعراء: 4 (19: 38 بولاق) ، وهو هناك "على الكتاب" ، وهو خطأ. يهجو جريرا وقومه بني كليب بن يربوع. الأرباق: جمع ربق، والربق جمع ربقة: وهو الحبل تشد به الغنم الصغار لئلا ترضع. وتقالد السيف: وضع نجاده على منكبه. والكماة، جمع كمى: وهو البطل الشديد البأس. يصف بني كليب بأنهم رعاء أخساء بخلاء، لا هم لهم إلا رعية الغنم، والأبطال في الحرب يصلون حرها الأيام الطوال حتى يصدأ حديد الدروع على أبدانهم من العرق.

خالد، عن عطية الجدلِّي. في قوله: (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: كانت تضع العضاه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنما يطأ به كثيبا.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) كانت تحمل الشوك، فتلقيه على طريق نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعقِره.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: كانت تأتي بأغصان الشوك، فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: قيل لها ذلك: حمالة الحطب، لأنها كانت تحطب الكلام، وتمشي بالنميمة، وتعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: قال أبو المعتمر: زعم محمد أن عكرمة قال (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) : كانت تمشي بالنميمة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: كانت تمشي بالنميمة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: النميمة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) : أي كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: كانت تحطب الكلام، وتمشي بالنميمة.
وقال بعضهم: كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر، وكانت تحطب فعُيِّرتْ بأنها كانت تحطب.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) قال: كانت تمشي بالنميمة.
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي، قول من قال: كانت تحمل الشوك، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن عيسى بن يزيد، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن زيد، وكان ألزم شيءٍ لمسروق، قال: لما نزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) بلغ امرأة أبي لهب أن النبي صلى الله عليه وسلم يهجوك، قالت: علام يهجوني؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا؟ "(فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)" ؟ فمكثت، ثم أتته، فقالت: إن ربك قلاك وودعك'، فأنزل الله: (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) .
وقوله (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)
يقول في عنقها; والعرب تسمي العنق جيدا ; ومنه قول ذي الرمة:
فعَيْنَاكِ عَيْناها وَلَوْنُكِ لَوْنُها ... وجِيدُكِ إلا أنَّهَا غَيْرُ عَاطِلِ (1)
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ) قال: في رقبتها.
وقوله: (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: هي حبال تكون بمكة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: حبل من شجر، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه،
(1)
في المطبوعة "والقراء مجمعة" ، والقَرَأَة: جمع قارئ. انظر ما مضى: 51 في التعليق، و 64 تعليق: 4 و: 109 تعليق: 1.

عن ابن عباس (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: هي حبال تكون بمكة; ويقال: المَسَد: العصا التي تكون في البكرة، ويقال المَسَد: قلادة من وَدَع.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: في قوله: (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: حبال من شجر تنبت في اليمن لها مسد، وكانت تفتل; وقال (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) : حبل من نار في رقبتها.
وقال آخرون: المسد: الليف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدي، عن يزيد، عن عروة (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: سلسلة من حديد، ذرعها سبعون ذراعا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السدي، عن رجل يقال له يزيد، عن عروة بن الزبير (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: سلسلة ذرعها سبعون ذراعا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن يزيد، عن عروة بن الزبير (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: سلسلة ذرعها سبعون ذراعا.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، عن مجاهد (مِنْ مَسَدٍ) قال: من حديد.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعا.
وقال آخرون: المَسَد: الحديد الذي يكون في البَكرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: الحديدة تكون في البكرة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: عود البكرة من حديد.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: الحديدة للبكرة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: ثنا المعمر بن سليمان، قال: قال أبو المعتمر: زعم محمد أن عكرمة قال: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) إنه الحديدة التي في وسط البكرة.
وقال آخرون: هو قلادة من ودع في عنقها.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: قلادة من ودع.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قال: قلادة من ودع.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: هو حبل جُمع من أنواع مختلفة، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا، ومما يدلّ على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز:
وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أيانِقِ ... صُهْبٍ عِتاقٍ ذاتِ مُخ زَاهِق (1)
(1)
يعني بقوله: "المعرفة المؤقتة" المعرفة المحددة، وهو العلم الشخصي الذي يعين مسماه تعيينًا مطلقًا غير مقيد. فقولك "زيد" يعين تعيينًا مطلقًا أو محددًا. والمعرف بالألف واللام إنما يعين مسماه ما دامت فيه "ال" ، فإذا فارقته فارقه التعيين. وانظر معاني الفراء 1: 7.

فجعل إمراره من شتى، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب، أمِرَّ من أشياء شتى، من ليف وحديد ولحاء، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع; ومنه قول الأعشى:
تُمْسِي فَيَصْرِفُ بَابَها مِنْ دُونِنَا ... غَلْقًا صَرِيفَ مَحَالَةَ الأمْسَادِ (1)
يعني بالأمساد: جمع مَسَد، وهي الجبال.
آخر تفسير سورة تبت
(1)
سياق العبارة: "سواء. . . أوصف القوم. . . أم لم يوصفوا" ، وما بين هذين فصل طويل كدأب أبي جعفر في بيانه.




تفسير سورة الإخلاص



بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) } .
ذُكر أن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب ربّ العزّة، فأنزل الله هذه السورة جوابا لهم. وقال بعضهم: بل نزلت من أجل أن اليهود سألوه، فقالوا له: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فأُنزلت جوابا لهم.
ذكر من قال: أنزلت جوابا للمشركين الذين سألوه أن ينسب لهم الربّ تبارك وتعالى.
حدثنا أحمد بن منيع المَرْوَزِي ومحمود بن خداش الطالَقاني، قالا ثنا أبو سعيد الصنعاني، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، قال: قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم: انسُب لنا ربك، فأنزل الله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قال: إن المشركين قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن ربك، صف لنا ربك ما هو، ومن أي شيء هو؟ فأنزل الله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلى آخر السورة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) قال: قال ذلك قتادة الأحزاب: انسُب لنا ربك، فأتاه جبريل بهذه.
حدثني محمد بن عوف، قال: ثنا شريح، قال: ثنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال المشركون: انسُب لنا ربك، فأنزل الله
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
* ذكر من قال: نزل ذلك من أجل مسألة اليهود:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن محمد، عن سعيد، قال: أتى رهط من اليهود النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد هذا الله خلق الخلق، فمن خلقه؟ فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى انتُقِع لونه، ثم ساورهم غضبا لربه، فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه، وقال: اخفض عليك جناحك يا محمد، وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه. قال: "يقول الله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) " فلما تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: صف لنا ربك كيف خلقه، وكيف عضده، وكيف ذراعه، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم أشدّ من غضبه الأول، وساورهم غضبا، فأتاه جبريل فقال له مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أنسب لنا ربك، فنزلت: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) حتى ختم السورة.
فتأويل الكلام إذا كان الأمر على ما وصفنا: قل يا محمد لهؤلاء السائليك عن نسب ربك وصفته، ومَن خَلقه: الربّ الذي سألتموني عنه، هو الله الذي له عبادة كل شيء، لا تنبغي العبادة إلا له، ولا تصلح لشيء سواه.
واختلف أهل العربية في الرافع (أَحَدٌ) فقال بعضهم: الرافع له "الله" ، وهو عماد (1) بمنزلة الهاء في قوله: (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . وقال آخر منهم: بل هو مرفوع، وإن كان نكرة بالاستئناف، كقوله: هذا بعلي شيخ، وقال: هو الله جواب لكلام قوم قالوا له: ما الذي تعبد؟ فقال: "هو الله" ، ثم قيل له: فما هو؟ قال: هو أحد.
وقال آخرون (أَحَدٌ) بمعنى: واحد، وأنكر أن يكون العماد مستأنفا به، حتى يكون قبله حرف من حروف الشكّ، كظنّ وأخواتها، وكان وذواتها، أو إنّ وما
(1)
في المطبوعة: "لو كانت القراءة جائزة به" ، بدلوه ليوافق عبارتهم، دون عبارة الطبري

أشبهها، وهذا القول الثاني هو أشبه بمذاهب العربية.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) بتنوين "أحدٌ" ، سوى نصر بن عاصم، وعبد الله بن أبي إسحاق، فإنه رُوي عنهما ترك التنوين: "أحَدُ اللهُ" ; وكأن من قرأ ذلك كذلك، قال: نون الإعراب إذا استقبلتها الألف واللام أو ساكن من الحروف حذفت أحيانا، كما قال الشاعر:
كَيْفَ نَوْمي على الفِرَاشِ وَلَمَّا ... تَشْمَلِ الشَّامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ
تُذْهِلُ الشَّيْخَ عَنْ بَنِيهِ وَتُبْدِي ... عَنْ خِدَامِ العَقِيلَةِ العَذْراءُ (1)
يريد: عن خدام العقيلة.
والصواب في ذلك عندنا: التنوين، لمعنيين: أحدهما أفصح اللغتين، وأشهر الكلامين، وأجودهما عند العرب. والثاني: إجماع الحجة من قرّاء الأمصار على اختيار التنوين فيه، ففي ذلك مُكْتَفًى عن الاستشهاد على صحته بغيره. وقد بيَّنا معنى قوله "أحد" فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ) يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له الصمد.
واختلف أهل التأويل في معنى الصمد، فقال بعضهم: هو الذي ليس بأجوف، ولا يأكل ولا يشرب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن سلمة بن
(1)
ديوانه: 23، ويأتي في تفسير آية البقرة: 35 (1: 186 بولاق) ، وآية النساء: 114 (5: 178) ، وآية يونس: 98 (11: 117) وآية سورة الليل: 20 (30: 146) . يقال: لقيته أصيلالا وأصيلانًا، إذا لقيته بالعشي. وذلك أن الأصيل هو العشي، وجمعه أُصُل (بضمتين) وأصلان (بضم فسكون) ، ثم صغروا الجمع فقالوا: أصيلان، ثم أبدلوا من النون لامًا. فعلوا ذلك اقتدارا على عربيتهم، ولكثرة استعمالهم له حتى قل من يجهل أصله ومعناه. وعى في منطقه: عجز عن الكلام.

سابور، عن عطية، عن ابن عباس، قال: (الصمد) : الذي ليس بأجوف.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: (الصمد) : المُصْمَت الذي لا جوف له.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثلَه سواء.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: (الصمد) : المصمت الذي ليس له جوف.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ووكيع، قالا ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال (: الصَّمَد) : الذي لا جوف له.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع; وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران جميعا، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثلَه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا الربيع بن مسلم، عن الحسن، قال: (الصمد) : الذي لا جوف له.
قال: ثنا الربيع بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: أرسلني مجاهد إلى سعيد بن جبير أساله عن (الصمد) ، فقال: الذي لا جوف له.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: (الصمد) الذي لا يطعم الطعام.
حدثنا يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي أنه قال: (الصمد) : الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب.
حدثنا أبو كُرَيب وابن بشار، قالا ثنا وكيع، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: (الصمد) : الذي لا جوف له.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل، عن عامر، قال: (الصمد) : الذي لا يأكل الطعام.
حدثنا ابن بشار وزيد بن أخزم، قالا ثنا ابن داود، عن المستقيم بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب قال: (الصمد) : الذي لا حِشوة له.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت
الضحاك يقول في قوله: (الصمدُ) : الذي لا جوف له.
حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا محمد بن عمر بن رومي، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، قال: ثني صالح بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: لا أعلمه إلا قد رفعه، قال: (الصَّمَد) الذي لا جوف له.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن الربيع بن مسلم، قال: سمعت الحسن يقول: (الصَّمَد) : الذي لا جوف له.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عكرمة، قال: (الصمد) : الذي لا جوف له.
وقال آخرون: هو الذي لا يخرج منه شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء قال: سمعت عكرمة، قال في قوله: (الصمد) : الذي لم يخرج منه شيء، ولم يلد، ولم يولد.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء محمد بن يوسف، عن عكرمة قال: (الصمد) : الذي لا يخرج منه شيء.
وقال آخرون: هو الذي لم يَلِد ولم يُولَد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: (الصمد) : الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يلد إلا سيورث، ولا شيء يولد إلا سيموت، فأخبرهم تعالى ذكره أنه لا يورث ولا يموت.
حدثنا أحمد بن منيع ومحمود بن خداش قالا ثنا أبو سعيد الصنعاني، قال: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم أنسب لنا ربك فأنزل الله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله جلّ ثناؤه لا يموت ولا يورث (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) : ولم يكن لَه شبيه ولا عِدل، وليس كمثله شيء.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب: الصمد: الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
وقال آخرون: قدانتهى سُؤدده.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1430  
قديم 27-07-2025, 11:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الفلق
الحلقة (1430)
صــ 691 الى صــ702







* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: الصمد: هو السيد الذي قد انتهى سؤدده.
حدثنا أبو كُرَيب وابن بشار وابن عبد الأعلى، قالوا: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: (الصَّمَد) : السيد الذي قد انتهى سؤدده; ولم يقل أبو كُرَيب وابن عبد الأعلى سؤدده.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل مثله.
حدثنا علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: (الصَّمَدُ) يقول: السيد الذي قد كمُل في سُؤدَده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد عظم في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبَّار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته، لا تنبغي إلا له.
وقال آخرون: بل هو الباقي الذي لا يفنَى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) قال: كان الحسن وقتادة يقولان: الباقي بعد خلقه، قال: هذه سورة خالصة، ليس فيها ذكر شيء من أمر الدنيا والآخرة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: (الصمد) : الدائم.
قال أبو جعفر: الصمد عند العرب: هو السيد الذي يُصمد إليه، الذي لا أحد فوقه، وكذلك تسمى أشرافها; ومنه قول الشاعر:
ألا بَكَرَ النَّاعي بِخَيْرَيْ بَنِي أسَدْ ... بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ (1)
(1)
أواري جمع آري (مشدد الياء) : وهو محبس الدابة ومأواها ومربطها، من قولهم: تأرى بالمكان أقام وتحبس. ولأيا: بعد جهد ومشقة وإبطاء. والنؤى: حفرة حول الخباء تعلى جوانبها بالتراب، فتحجز الماء لا يدخل الخباء، والمظلومة: يعني أرضًا مروا بها في برية فتحوضوا حوضًا سقوا فيه إبلهم، وليس بموضع تحويض لبعدها عن مواطئ السابلة. فلذلك سماها مظلومة، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه. والجلد: الأرض الصلبة، يعني أنها لا تنبت شيئًا فلا يرعاها أحد.

وقال الزبرقان:
وَلا رَهِينَةً إلا سَيِّدٌ صَمَدُ (1)
فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة، المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه; ولو كان حديث ابن بُريدة، عن أبيه صحيحا، كان أولى الأقوال بالصحة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما عنى الله جل ثناؤه، وبما أنزل عليه.
وقوله: (لَمْ يَلِدْ) يقول: ليس بفانٍ، لأنه لا شيء يلد إلا هو فانٍ بائد
(وَلَمْ يُولَدْ) يقول: وليس بمحدث لم يكن فكان، لأن كل مولود فإنما وجد بعد أن لم يكن، وحدث بعد أن كان غير موجود، ولكنه تعالى ذكره قديم لم يزل، ودائم لم يبد، ولا يزول ولا يفنى.
وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولم يكن له شبيه ولا مِثْل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) : لم يكن له شبيه، ولا عِدْل، وليس كمثله شيء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عمرو بن غيلان الثقفي، وكان أميرَ البصرة (2) عن كعب، قال: إن الله تعالى ذكره أسس السموات السبع، والأرضين السبع، على هذه السورة (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) وإن الله لم يكافئه أحد من خلقه.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس
(1)
في المطبوعة: "واستخطئوه" ، واستخفوه: رأوه خفيفا لا وزن له.

(2)
بدلوها في المطبوعة إلى "بمنه" ؛ وثم وثمة (بفتح الثاء) : إشارة للبعيد بمنزلة "هنا" للقريب.

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) قال: ليس كمثله شيء، فسبحان الله الواحد القهار.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن جريج (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا) : مثل.
وقال آخرون: معنى ذلك، أنه لم يكن له صاحبة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن طلحة، عن مجاهد، قوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) قال: صاحبة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن ابن أيجر، عن طلحة، عن مجاهد، مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن طلحة، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبجر، عن رجل عن مجاهد (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) قال: صاحبة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن طلحة بن مصرف، عن مجاهد (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) قال: صاحبة.
حدثنا أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن طلحة، عن مجاهد مثله.
والكُفُؤُ والكُفَى والكِفَاء في كلام العرب واحد، وهو المِثْل والشِّبْه; ومنه قول نابغة بني ذُبيان:
لا تَقْذِفَنِّي بِرُكْن لا كِفَاء لَهُ ... وَلَوْ تَأَثَّفَكَ الأعْدَاءُ بالرِّفَدِ (1)
يعني: لا كِفَاء له: لا مثل له.
(1)
المثلات جمع مثلة (بفتح فضم ففتح) : وهي العقوبة والتنكيل.

واختلف القرّاء في قراءة قوله: (كُفُوا) . فقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة: (كُفُوا) بضم الكاف والفاء. وقرأه بعض قرّاء الكوفة بتسكين الفاء وهمزها "كُفْئًا" .
والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان، فبأيَّتِهِما قرأ القارئ فمصيب.
آخر تفسير سورة الإخلاص




تفسير سورة الفلق




بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد، أستجير بربّ الفلق من شرّ ما خلق من الخلق.
واختلف أهل التأويل في معنى (الفلق) فقال بعضهم: هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله، عمن حدثه عن ابن عباس قال: (الفلق) : سجن في جهنم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن رجل، عن ابن عباس، في قوله: (الفَلَقِ) : سجن في جهنم.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام بن عبد الجبار الجولاني، قال: قَدم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم، قال: فنظر إلى دور أهل الذمة، وما هم فيه من العيش والنضارة، وما وُسِّع عليهم في دنياهم، قال: فقال: لا أبا لك أليس من ورائهم الفلق؟ قال: قيل: وما الفلق؟ قال: بيت في جهنم إذ فُتح هَرّ أهْلُ النار.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت
السديّ يقول: (الفَلَق) : جُب في جهنم.
حدثني عليّ بن حسن الأزدي، قال: ثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن السديّ، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ، مثله.
حدثني إسحاق بن وهب الواسطيُّ، قال: ثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطيُّ، قال: ثنا نصر بن خُزَيمة الخراساني، عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعب القُرَظِيِّ، عن أبي هُريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الفَلَق: جبّ في جهنم مغطًّى" .
حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا نافع بن يزيد، قال: ثنا يحيى بن أبي أسيد عن ابن عجلان، عن أبي عبيد، عن كعب، أنه دخل كنيسة فأعجبه حُسنها، فقال: أحسن عمل وأضلّ قوم، رضيت لكم الفلق، قيل: وما الفلق؟ قال: بيت في جهنم إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه.
وقال آخرون: هو اسم من أسماء جهنم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت خيثم بن عبد الله يقول: سألت أبا عبد الرحمن الحبلي، عن (الفلق) ، قال: هي جهنم.
وقال آخرون: الفلق: الصبح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قال: (الفلق) : الصبح.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، قال: أنبأنا عوف، عن الحسن، في هذه الآية (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قال: (الفلق) : الصبح.
قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير، قال: (الفلق) : الصبح.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع؛ وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران جميعا، عن سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير، مثله.
حدثني عليّ بن الحسن الأزدي، قال: ثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جُبير، مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، قال: (الفَلَق) : الصبح.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، مثله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرنا أبو صخر، عن القُرَظِيّ أنه كان يقول في هذه الآية: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) يقول: فالق الحبّ والنوى، قال: فالق الإصباح.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قال: الصبح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قال: (الفَلَق) : فَلق النهار.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: (الفلق) : فلق الصبح.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قيل له: فلق الصبح؟ قال: نعم، وقرأ: (فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا) .
وقال آخرون: (الفلَق) : الخلق، ومعنى الكلام: قل أعوذ بربّ الخلق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: لنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (الفلق) : يعني: الخلق.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول: (أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) والفلق في كلام العرب: فلق الصبح، تقول العرب: هو أبين من فَلَق الصُّبح، ومن فرق الصبح. وجائز أن يكون في جهنم سجن
اسمه فَلَق. وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عُنِي بقوله: (بِرَبِّ الْفَلَقِ) بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض، وكان الله تعالى ذكره ربّ كل ما خلق من شيء، وجب أن يكون معنيا به كل ما اسمه الفَلَق، إذ كان ربّ جميع ذلك.
وقال جلّ ثناؤه: (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) لأنه أمر نبيه أن يستعيذ (من شرّ كل شيء) ، إذ كان كلّ ما سواه، فهو ما خَلَق.
وقوله: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) يقول: ومن شرّ مظلم إذا دخل، وهجم علينا بظلامه.
ثم اختلف أهل التأويل في المظلم الذي عُنِي في هذه الآية، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منه، فقال بعضهم: هو الليل إذا أظلم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) قال: الليل.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، قال: أنبأنا عوف، عن الحسن، في قوله: (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) قال: أوّل الليل إذا أظلم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا أبو صخر، عن القرظي أنه كان يقول في: (غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) يقول: النهار إذا دخل في الليل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل من أهل المدينة، عن محمد بن كعب (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) قال: هو غروب الشمس إذا جاء الليل، إذا وقب.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (غَاسِقٍ) قال: الليل (إِذَا وَقَبَ) قال: إذا دخل.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) قال: الليل إذا أقبل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) قال: إذا جاء.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس،




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 0 والزوار 31)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 364.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 358.88 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]