في ظلال آية . . . متجدد - الصفحة 14 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         لو بيتك صغير.. 8 حيل ذكية وبسيطة لزيادة مساحة الغرف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          طريقة عمل الفول النابت بخطوات سهلة في منزلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تعرف على أهم 7 تريندات لأثاث الديكور الخارجي في 2024 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          5 وجبات سريعة التحضير وصحية لتناولها بعد التمارين الرياضية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل شوربة قرع العسل مع العيش المحمص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          4 أفكار لدمج ألوان الربيع فى ديكور بيتك .. لمظهر متناسق ومبهج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          طريقة عمل الحواوشى المصري.. أكلة لذيذة للكبار والصغار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          5 طرق تضمن حفظ الفواكه والخضراوات طازجة لأطول وقت في أيام الربيع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طريقة عمل سلطة الباذنجان بالنعناع والبقدونس ..طعم مختلف وشهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #131  
قديم 10-09-2008, 01:45 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

جزانا وإياكم أختي الكريمة

نفعنا الله وإياكم بالقرآن وأهله
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #132  
قديم 10-09-2008, 01:46 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

تلاوة القرآن


قال الله تعالى: {فإذا قرأتَ القرآنَ فاستَعِذْ بالله من الشَّيطانِ الرَّجيم(98) إنَّه ليس له سُلطَانٌ على الَّذين آمنوا وعلى ربِّهم يتوكَّلون(99) إنَّما سلطَانُهُ على الَّذين يتَوَلَّونَهُ والَّذين هم به مُشْرِكُون(100)}سورة النحل(16)


ومضات:

ـ الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، تهيئة للجو الَّذي يُتْلى فيه كتاب الله، وتطهير للقلب من الوسوسة، وإخلاصٌ لله بحيث لا يشغله عنه شاغل.

ـ لا يمكن لظلمة الشيطان أن تصمد أمام نور الله، المستقر في قلب المؤمن ولا أن تقاومه.

ـ أولياء الشيطان هم من استسلموا لنوازعه وفِتَنِهِ، وتحالفوا مع أعوانه وأتباعه، وهم أوَّل من ينزلق بين براثنه، فينالهم من شروره ألوان شتَّى.

في رحاب الآيات:


نور القرآن يباعد بين الإنسان والشيطان، ويحيي قلب الإنسان بماء الإيمان، ويحقِّق له الصلة مع حضرة الله والتوكُّل على فضله. فالشيطان حقيقة واقعة، وخلق من مخلوقات الله، أعطي العلم والقوَّة، ولكنَّ العُجْبَ والاستكبار سيطرا عليه، فتعالى على غيره من مخلوقات الله ـ وأَوَّلُهُمْ آدم عليه السَّلام أبو البشريَّة ـ فباء بالخسران والطرد من رحمة الله. لذلك ما فتئ يخطِّط ويكيد لكي يبعد آدم وذريَّته عن ورود موارد عطاءات الحضرة الإلهية، وعن كلِّ ما يُقَرِّبهم إليها.

والقرآن الكريم هو ألدُّ أعداء الشيطان لأنه يكشف خططه وحبائله وينير للمؤمنين الطريق إلى حضرة الله، لذلك نصب الشيطان شِراكه ليبعد الناس عن تلاوته. إلا أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم تفقده القوَّة والسيطرة، فتردُّ كيده إلى نحره، ويندحر مذموماً مقهوراً، لأن قدرته على الإغواء والإضلال، تتلاشى أمام نور الإيمان وقوَّة التوكُّل، فسلطان الإيمان والتوكُّل مبدِّد لكيد الشيطان ووسوسته.

والمؤمنون الَّذين يتوجَّهون إلى الله وحده، ويخلصون قلوبهم له، لا يملك الشيطان أن يسيطر عليهم مهما اجتهد في ذلك، لأن صلتهم بالله تعصمهم من الاستسلام له، ولو أخطؤوا مرَّة وانزلقوا وراء وساوسه فإنهم لا يسترسلون، وسـرعان ما يتـوبون إلى ربِّهم ويستغفرون. وإنما سلطانه على الَّذين يجعلونه وليّاً لهم، ويُسْلِمُون له قيادتهم لإرضاء شهواتهم وإشباع نزواتهم.

وأمَّا الاستعاذة عند قراءة القرآن الكريم فلها فوائد كثيرة، منها:

1 ـ أنها تجعل القارئ يتذكَّر حقيقة الشيطان، ويتفكر في أمره، وكيف صار شـيطاناً رجيماً ـ بعد أن كـان مخلوقاً كريماً ـ بفسـقه عن أمر ربِّه؛ حيث أبى السـجود لآدم واستكبر. هذا التذكُّر يدفع القارئ إلى أن يهيِّيء نفسه لأن يأتمر بما جاءه من أوامر الله تعالى في القرآن، وينتهي عما نهاه عنه احترازاً عن المخالفة، فيزداد خشوعاً وتواضعاً أمام جلال الله وعظمته.

2 ـ للاستعاذة تأثير فعَّال على تالي القرآن، حيث تمنحه الصفاء من وساوس الشيطان، وتنقِّيه من حديث النفس وهواجسها؛ ليشعر بحلاوة كلام الله، فتزكو نفسه وينجلي قلبه بنور الله.

3 ـ الاستعاذة خطوة أوَّلية نحو فهم وإدراك كلِّ كلمة وإشارة في القرآن الكريم، إذ أنَّ هناك حقائق ومعانيَ لا يعيها إلا قلب مطهَّر من الوساوس.

وللاستعاذة بالله في سائر الظروف، فضل كبير في إزالة الغضب وإشاعة الهدوء في النفس، فقد روى البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: «استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمَرُّ وجهه وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».

إلا أن التلفُّظ بالاستعاذة وحده لا يُجدي، إن لم يَجْمَعِ القارئ في قلبه بين الإيمان والتوكُّل على الله؛ فالإيمان نور والتوكُّل يقين، فلابدَّ أن يستقِرَّا معاً في وعاء القلب، ليشكِّلا رادعاً في وجه الشيطان، ولجوءاً لقوَّة الله وحفظه وأمنه. وتبقى للشيطان سيطرة على ضعاف النفوس، ممَّن حكمت الأنانية تصرُّفاتهم، واحتلَّت الأهواء ساحة قلوبهم، لتصبح مرتعاً له، فصاروا بذلك أدواتٍ منفِّذةً لرغائبه في الإفساد والتخريب، وأولياء له من دون الله الواحد القهار.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #133  
قديم 12-09-2008, 04:58 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

تلاوة القرآن


قال الله تعالى: {وإذا قُرِئ القرآنُ فاستمعوا له وأنصتوا لعلَّكم تُرحمون(204)}سورة الأعراف(7)


ومضات:

ـ لا يُصْغي المريض عادة إلى تعليمات الطبيب، ليطرب بصوته أو يأنس بكلامه، وإنما ليتدبَّرها برويَّة وإمعان، ثمَّ ينفِّذها حفاظاً على صحة جسده. وكلمات القرآن الكريم فيها تعليمات تشفي الروح والجسد، وعلينا أن نستوعب معانيها بدقَّة وانتباه، وننفِّذ وصاياها بحرص وعناية، لنصل إلى الغاية المرجوَّة منها، وهي سعادتنا في الحياة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والإنسانية جمعاء، ولتكون أماناً لنا في الحياة الدنيا وفي الدار الآخرة.

في رحاب الآيات:

القرآن الكريم كلام الله الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، المُتَعبَّد بتلاوته، في آياته تكمن الحكمة، وفي سطوره الشفاء، وفي حناياه النور، يغزو القلوب فيحيي مَوَاتَها، لا يَخْلَق على مرِّ الزمن ولا يبلى مع تقادم الأيام، أُنزل من لدن حكيم عليم ليكون شريعة ومنهاجاً للبشرية إلى قيام الساعة.

وقد حثَّنا الرسول الكريم على قراءته المستديمة، حيث ورد عن أبي أُمامة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» (رواه مسلم) فتلك العطايا الَّتي يحملها القرآن، لا تُغْدَق علينا، إن لم نُعْطِهِ أذناً صاغية، وعقلاً واعياً.

وعلى المستمع للقرآن أن يتأدَّب في مجلس التلاوة، فيكون خاشعاً مدركاً لما يسمع، محاولاً تفهُّم آياته وتدبُّرها، مستعداً للعمل بها وتطبيقها، لتتحوَّل من كلام مسموع، إلى عمل ملموس وسلوك محسوس. لذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتقلون من آية إلى أخرى حتَّى يحسنوا فهم الأولى وتطبيقها التطبيق الكامل؛ فالقرآن أُنزل ليكون منهاجاً للتربية، لا قولاً يُتَغَنَّى به، ولا نغماً يُتَرَنَّم بترديده.

والإنصات يكون بالقلب والعقل معاً، ليخترق نور القرآن الأذن الخارجية إلى شغاف القلب، والحجب الَّتي تستره، فتدبُّ فيه الحياة، ورُبَّ آية سمعها الإنسان ووعاها، حرَّكت مكامن الخير في نفسه، وألهبت مشاعره، واستدرَّت دموع الخشية من عينيه، وغيَّرت مسيرة حياته من الكفر إلى الإيمان، ومن الضلال إلى الهدى، ومن البعد عن الله إلى القرب، ومن القسوة إلى الرحمة.

وليست قصَّة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببعيدة عن الأذهان، فقد سمع آية من آيات الله تُتلى، حين تسلل إلى أذنه صوت القارئ وهو يردِّد قول الله تعالى: {طه * ما أنْزَلْنَا عليك القرآنَ لتشقى * إلاَّ تذكِرَةً لِمن يخشى} (20 طه آية 1ـ3) فهوى الصنم المعبود من سماء قلبه إلى غير رجعة، وارتفعت مكانه كلمة التوحيد، وأعلن إسلامه بعد أن كاد الجميع ييأَسون من ذلك.

والاستماع إلى القرآن له مثوبة كبيرة عند الله تعالى، فقد أخرج أحمد والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من استمع إلى آية من كتاب الله كُتِبَتْ له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة». ولكن نور القرآن لا يدخل القلوب الملوَّثة بشهوات الدنيا وتعلُّقاتها، فلابدَّ قبل الاستماع من ذكر الله ذكراً ممزوجاً بالحبِّ والاطمئنان، مُفعماً بالخوف والتضرُّع والرجاء، في آناء الليل وأطراف النهار، وبذا تحدث للقلب صحوته، وترتدُّ إليه عافيته، فتثمر آيات القرآن فيه.

وأوَّل الثمرات الَّتي يجنيها المستمع من تلاوة القرآن، هي انشراح الصدر الَّذي يهدي إلى الإيمان، من غير حاجة إلى حجَّة أو برهان. ولكي يصل المرء إلى اليقين الصادق، ينبغي عليه أن يترجم تلاوة القرآن، وتفسيره وفهمه فهماً عميقاً، إلى واقع وعمل. وبهذا يزداد اعتقاده رسوخاً وعمله خصوبة، فيكون سماع التلاوة كإلقاء البذرة في التربة، وتكون الدراسة للآيات والعمل بها، كالسِّقاية والرِّعاية لها، حتَّى تنمو تلك البذرة، وتقوى وترتفع شجرة طيِّبة راسخة.

عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين» (رواه مسلم) وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ المؤمن الَّذي يقرأ القرآن مثل الأُتْرُجَّة ريحها طيِّب وطعمها طيِّب» (متفق عليه).
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #134  
قديم 13-09-2008, 10:34 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

حشراتٌ... بل آيات




قال الله تعالى: {ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذينَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلو اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإنْ يَسْلُبهُمُ الذُّبابُ شيئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطّالِبُ والمَطْلُوبُ (73)}.سورة الحج (22)


وقال أيضاً: {إِنَّ الله لا يَسْتَحْي أَنْ يَضرِبَ مَثلاً مَا بَعُوضةً فَمَا فَوْقَهَا..(26) }.سورة البقرة (2)



وقال أيضاً: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ والـجَّرَادَ..(133) }سورة الأعراف (7)



وقال أيضاً: {خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأنَّهُمُ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (7) }.سورة القمر (54)



ومضات:

ـ لقد أكثر الله تعالى من ضرب الأمثلة في القرآن الكريم، ومن ذكر بعض الحشرات من أمثال الذباب والبعوض والجراد، ممَّا أدَّى إلى استهزاء المشركين وتأنُّفهم، حتَّى قالوا: ما بال ربُّك يكثر من ذكر أمثال هذه الحشرات الدنيئة، وماذا يريد من ذلك؟! وما دروا أن الإنسان قد يكون أشدَّ دناءة من أمثال هذه الحشرات، ولو أدركوا سرَّ تكوينها وغرائب حيـاتهـا، رغم صغر حجمها، لأوصلهم هذا الإدراك إلى عظمة الله وقدرته فيما خلق.


ـ لعلَّ العرب في جزيرتهم أكثر النَّاس تعايشاً مع الجراد ومشاكله.. وبسبب هذا التآلف فإنهم لا يلقون بالاً لآليَّة هذا النَّهِم المفرط في الشراهة.

ـ امتلأت الأرض بأرزاق الذباب والبعوض والجراد، وبما أنها لا تعيش للعام القادم، لذلك لم يضع الله في فطرتها غريزة الادخار، أو تشييد مساكن دائمة تأوي إليها.


في رحاب الآيات:

يُعَدُّ الذباب بالرغم من قذارته ودناءته آيةً من آيات إعجاز الله تعالى، ولولا ذلك لما ذكره في القرآن وتحدَّى به الكفار.
ففي الذباب من الغرائب الشيء الكثير منها تعدُّد أنواعه الَّتي زادت عن ثمانين ألف نوع. كما أن لدى الذباب قدرات عالية في الطيران، فسرعته المدهشة تصل إلى ألف وثلاثمائة وعشرين كيلو متر في الساعة إضافة إلى أن لديه قدرة عالية على التوقُّف المفاجئ والانعطاف والانقضاض السريع. وللذبابة زوجان من الأجنحة أحدهما للمساعدة في الطيران والثاني للمحافظة على التوازن، إضافة إلى أن لها دوراً يُشبه دور المكابح. وقد وجد العلماء أن الذبابة عندما تريد لعق غذاء ما فإنها تضع فيه مادَّة كيميائية هاضمة تهضمه قبل أن تدخله إلى جوفها، وذلك تصديقاً لقوله تعالى: {وإن يَسْلِبهُمُ الذُّبابُ شيئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ}، ولكلِّ ذبابة أربعة آلاف عين (سُطيح) بحيث لو نظرتَ إليها بالمكبر لرأيتها كهيئة ثقوب الغربال، كما أن لها خرطوما يرشف السوائل بمضخَّات رئوية، وفكِّين على شكل الخنجر تمزِّق بهما جلد فريستها، ولها ستُّ أرجل في نهاياتها زوائد لحمية تفرز غددا تستطيع الوقوف بها على السقف بالمقلوب ولو كان من الزجاج.

هذه الحشرة، مع قوَّتها وعيونها وأجنحتها، يصطادها العنكبوت الَّذي لا أجنحة له، ويصطادها النبات الصيَّاد الَّذي لا حول ولا قوَّة له إلا بالعسل الَّذي أمدَّه الله به في داخله، وفتح فيه نوافذ أشبه بالمقصورات، وجعلها مسوَّاة ومصقولة تنزلق الأرجل عليها إذا لامستها، فإذا اقتربت الذبابة منها، وشمَّت روائحها الذكيـَّة، تقدَّمت إليها، ودخلت في دهاليزها لتشرب عسلها، لكنَّها سرعان ما تنزلق أرجلها وتنغمس في هذا العسل، فيقتنصها النبات ويهشِّمها ويهضمها بالمادَّة الهاضمة الَّتي هي أشبه بالمادَّة الهاضمة في معدة الإنسان.

أمَّا البعوض، فهذه الحشرة الصغيرة الضعيفة، غنيَّة بأسرار علمية كبيرة، اكتشف الإنسان بعضها في العصر الحديث.. ومنها أنَّه عندما يُهاجم جسد الإنسان يبحث عن أضعف منطقة من جلده، وهي أماكن خروج العرق، ثمَّ ينفث فيها مادَّة تُشبه المخدِّر، ويغرس إبرته فيها..

والحقيقة أنه ليست هناك أدوات للجراحة أكثر دقَّة من أجزاء فم البعوضة، حيث ينتهي خرطومها الطويل بما يُشبه مشارط دقيقة، اثنان منها ذو أسـنان، وثالث ـ وهو أكبرها ـ يتكوَّن من أنبوبة مجوَّفة تمتصُّ بها الدم، وتدفع البعوضة خلال جزء رابع مُجوَّف أيضاً لُعابَها في الجرح لتزيد من تدفُّق الدم، وهذا يزيد من نقلها للأمراض والعدوى. والبعوضة مثال حيٌّ للشراهة، حيث أنها تبقى تمتصُّ الدم حتَّى تَثْقُلَ ويصعب عليها الطيران وربَّما تموت.

أمَّا الجراد فَيُعَدُّ من أشدِّ أعداء المزروعات فتكاً بالمحاصيل الزراعية، وإن هجومه على أحد المناطق الزراعيَّة يسبِّب كارثة اقتصادية أكيدة. لأن الجراد يُهاجم عادة في أسراب كبيرة قد يصل عدد أفراد السرب الواحد إلى أكثر من ألف مليون جرادة تُغطي مساحة عشرين كيلو متراً مربعا.

والجراد شرهٌ جداً في الأكل، فهو يأكل حتَّى تمتلئ معدته، ويتغوَّط مُخْرِجاً ما فيها وهو يتابع أكله دون توقُّف. ويصل ما تأكله الجرادة الواحدة يومياً إلى أكثر من وزنها، كما يقطع الجراد في أثناء رحلته مسافة قد تصل إلى مائة كيلو متر يومياً، وهو يشغل نهاره كلَّه بالطيران وليله كلَّه بالأكل.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #135  
قديم 14-09-2008, 02:35 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

العنكبوت


قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذين اتَخَذُوا مِنْ دُوْنِ الله أَوْلِيَاءَ كَمَثلِ العَنْكَبُوتِ اتْخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيوتِ لبَيتُ العَنْكَبُوتِ لَو كَانُوا يَعْلَمُون (41)}سورة العنكبوت (29)


ومضات:


ـ لا تنتمي العنكبوت إلى أسرة الحشرات، ولكنَّها كثيراً ما تذكر معها لتشابهها معها في كثير من الصفات الَّتي تحار لها القلوب والأبصار.

في رحاب الآيات:

العنكبوت مهندسة بارعة، حيث تقوم ببناء بيتها من خلال الخيوط الحريرية الَّتي تنسجها بشكل مُنظَّم ومُحكم، فما إن يخرج لعابهـا من فمها ويلاقي الهـواء، حتَّى يتجمَّد ويتحوَّل إلى خيوط مرنة مؤلَّفة من شعيرات دقيقة جداً، هذه الشعيرات تنبع من جسم العنكبوت، وكأن هذا الجسم كتلة متراصَّة من الينابيع، حيث سرعان ما تنضمُّ هذه الشعيرات لبعضها وتتَّحد لتشكِّل أربع خيوط متناغمة، وتتَّصف هذه الخيوط باللزوجة، لكي تلتصق بها الحشرات الغريبة، وتصبح لقمة سائغة للعنكبوت.


وتبدأ العنكبوت في نسج خيوطها بشكل مشابه لعمل النسَّاج، حيث تضع أولاً خطوطاً طولية ثمَّ خطوطاً عرضية، ويقع بعيداً عن بيتها الَّذي يوصلها به خيط دقيق، يعطيها العلم بأن حشرة ما قد علقت في شباكها. وإذا قُطعت بعض خيطان هذه الشبكة قبل الغروب لسبب ما، تراها أعادت نسجها قبل شروق شمس اليوم التالي.


ويتألَّف جسم العنكبوت من قسمين في أحدهما الرأس، وفي الثاني البطن، وهما مفصولان عن بعضهما بعنيق صغير ممَّا يعطيها المرونة والسرعة في عملية الغزل، حيث يتوضَّع المغزال في البطن. ومن العناكب نوع يُعرف بعنكبوت الباب الأفقي، إشارة إلى شكل المخبأ الَّذي يأوي إليه هذا النوع. فالعنكبوت من هذا النوع تحفر بيتها في الأرض، وتستخدم من أجل ذلك فكَّيها اللذين تقطع بهما الطين، وتحمله بعيداً عن الحفرة، ثمَّ تكسوها من الداخل بغطاء من الحرير الناعم الَّذي تقوم بغزله، وإذا تداعى جانب من هذه الحفرة قوَّتْه بنسيج من الحرير ممزوج بمادَّة صمغيَّة تُساعد على تماسكه، ثمَّ تبني باباً متيناً لسدِّ الحفرة، وتجعل لهذا الباب مفصلاً لتتمكَّن من الدخول إلى بيتها.. وأحياناً تصنع لنفسها غرفتين ولهما عدَّة أبواب، حيث تتمكَّن من الاختباء بالداخل دون العثور عليها من الغرباء..
وقد تكون هذه الغرف سفليَّة وعلويَّة، حيث تقبع العنكبوت مختبئة في الغرفة العلويَّة، منتظرة فريسـتها حتَّى تدخل إلى الغرفة الأولى، حيث تصل فتحة مسكنها بأنبوبة حريرية طويلة، تُشعرِها بدخول الفريسة..

وهناك العنكبوت المائي الَّتي تصنع لنفسها عُشاً على شكل فقاعة، من خيوطها، ثمَّ تقوم بمهارة بإدخال عدد من فقاعات الهواء إليه، وتقوم برفعه وتعلِّقه بشيء ما تحت الماء، ثمَّ تلد صغارها فيه.. وتستطيع العنكبوت أن تجتاز هاوية أو نهراً بصنع جسر معلَّق من خيوطها، فتغزل خيطاً طويلاً تُعلِّق طرفه في طرف النهر، وتترك طرفه الآخر للرياح، حتَّى يستقرَّ على الطرف الآخر للنهر ثمَّ تنزلق عليه بسرعة كبيرة.. كما تستطيع أن تستعمل خيوطها في ربط أوراق الشجر لتحملها وما معها من مؤن على سطح الماء.

وقد ذكر الله تعالى أن أنثى العنكبوت هي الَّتي تقوم بصنع البيت وليس الذكر، في قوله تعالى: {...كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً..}، وهذا ما أثبته علماء الطبيعة أخيراً... ثمَّ إن أنثى العنكبوت، وبعد أن تنتهي عملية التزاوج بينها وبين الذكر، لا تلبث أن تقتل الذكر بِسُمِّها الَّذي هو أشدُّ فتكاً من سمِّ بعض الأفاعي، إن لم يفر منها فوراً، وتستقرَّ لوحدها في بيتها الَّذي صنعته.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #136  
قديم 16-09-2008, 04:29 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

النحل


سورة النَّحل(16)

قال الله تعالى: {وأوحى ربُّكَ إلى النَّحل أن اتَّخذي من الجبالِ بُيوتاً ومن الشَّجرِ وممَّا يَعْرِشون(68) ثمَّ كُلِي من كلِّ الثَّمراتِ فاسْلُكي سُبُلَ ربِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ من بطونِها شرابٌ مختلِفٌ ألوانُهُ فيه شِفاءٌ للنَّاسِ إنَّ في ذلك لآيةً لِقومٍ يتـفكَّرون(69)}




ومضات:

ـ ما أجمل أن نتَّخذ من حياة النَّحل وكفاحه وتعاونـه، وإنتاجه الطيِّب الشهي، نموذجاً نقتدي به، ونتعلَّم منه الإخلاص والتضحية، والإيثار وفناء الأنا، في سبيل حياة المجموعة وسلامتها.

ـ كلَّما تقدَّم علم الأغذية، نرى للعسل مكانة الصدارة من حيث قيمته الغذائية، وفعاليَّته المدهشة في معالجة كثير من الأمراض، وهذا مصداق قوله تعالى: {فيه شفاءٌ للنَّاس}.

في رحاب الآيات:

يعرض القرآن الكريم أمثلة قريبة من واقع حياتنا، لنتعرَّف من خلالها عظمة الخالق، ولنأخذ دروساً نستفيد منها في بناء مجتمعنا. ولعلَّ في حياة النَّحل ما يكفي عظة ودرساً للإنسان، فإذا دخلنا عالمه أدهشنا ما فيه من نظام، فمجموعة النَّحل تتحرَّك بإلهام من الغريزة الَّتي أودعها الخالق لديها، وهي تعمل بدقَّة عجيبة قد يعجز عن مثلها كثير من البشر، سواء في بناء خلاياها، أو في تقسيم العمل بينها، أو في طريقة إفرازها للعسل المصفَّى. وهي تتَّخذ بيوتها، بوحي من الله عزَّ وجل، في الجبال والشجر، وما ارتفع من الكروم وغيرها، وقد ذلَّل الله لها سبل الحياة، وجعـل نتيجة جهدهـا، غذاءً شـهيـاً ودواءً شـافيـاً. وكـلُّ هـذه المهمَّـات تقوم بها إناث النحل ـ العاملات ـ ولهذا خاطبهنَّ الله بقوله: {أَنِ اتَّخِذِي}، ولو عمل ذكر واحد في شؤون الخلية لكان الخطاب بصيغة المذكَّر؛ وهذا من إعجاز القرآن الكريم.

وقد تتبَّع العلماء أحوال النَّحل، وكتبوا فيها المؤلفات الكثيرة، وتوصَّلوا من ذلك إلى أمور عديدة منها:

1 ـ يعيش النَّحل ضمن مجموعات كبيرة، وتسكن كلُّ مجموعة منها في بيت خاصٍّ يسمى خليَّة.

2 ـ كلُّ خليَّة يكون فيها نحلة واحدة كبيرة تسمى الملكة، وعدد يتراوح بين أربعمائة نحلة وخمسمائة تسمَّى الذكور، وعدد آخر من خمسة عشر ألفاً إلى خمسين ألف نحلة تسمَّى العاملات.

3 ـ تعيش هذه الفصائل الثلاث ـ في كلِّ خلية ـ عيشة تعاونيَّة على أدقِّ ما تكون نظاماً، فعلى الذكر تلقيح الملكة، وعلى الملكة وضع البيض، ويتمُّ التلقيح دائما في الطبيعة وفي الهواء الطلق، حيث تطير الملكة محدثة لصوت تنجذب إليه الذكور، ومفرزة لمادَّة ذات رائحة خاصَّة؛ حيث يُلقِّحها أسرعها طيرانا، ولكنَّه سرعان ما يلقى حتفه من جرَّاء عملية التلقيح هذه. وعلى العاملات خدمة الخليَّة ومن فيها؛ فتنطلق في المزارع طول النهار لجمع الرحيق، ثمَّ تعود إلى الخلَّية فتفرز عسلاً يتغذَّى به سكَّان الخليِّة، وتفرز الشمع وتبني به بيوتاً تخزن في بعضها العسل، وتربِّي الصغار في بعضها الآخر، كما عليها أن تنظِّف الخلية، وتخفق بأجنحتها لتساعد على تهويتها، وعليها الدفاع عن الملكة والمملكة وحراستها من الأعداء. وتهتمُّ العاملات بخزن العسل وغبار الطلع فيجعلنه في خلايا، ثمَّ يُحكمن إغلاقها، ويتولَّين صنع أقراص الشمع من المادَّة الشمعية، الَّتي تفرزها غدد أربع تقع بين قطع البطن، وتكون هذه المادَّة أوَّل الأمر سائلة، ثمَّ تتصلَّب بتعرُّضها للهواء، فتتحوَّل إلى قشور تلوكها العاملة بالأجزاء الساحقة من فكَّيها، ثمَّ تبني بها سلسلة من الخلايا السداسية الشكل، ذات القعر المحدَّب والمتَّصل بعضها ببعض، وهذا الشكل يعطي أكبر فراغ ممكن بأقل كمية من مواد البناء، وهو في الوقت نفسه من أشدِّ الأشكال متانة وقوَّة. ويتألَّف من مجموع هذه الخلايا القرص. ومن مهام العاملات أيضاً دعم جدران الخلية لتكون صامدة، وهن يستعنَّ على ذلك بالمواد الراتنجية، الَّتي يجمعنها من أشجار الصنوبر والتنوب وبراعم الحور.

أمَّا كيفية صنع العسل، فالعاملات يلعقن رحيق الأزهار، حتَّى إذا وصل إلى حواصلهنَّ، امتزج بالأنزيمات اللعابية وتحوَّل إلى عسل، ثمَّ إنهنَّ يُسلِّمن هذا العسل إلى عاملات أصغر منهنَّ سنّاً، ليقمن بتكثيفه باستبعاد الماء عنه، وحين يصبح عسلا مركَّزاً يضعنه في خلايا الأقراص، ومن ثمَّ يُجففنه بأجنحتهن. وقد أثبت الطبُّ الحديث ما للعسل من فوائد، حيث تبيَّن أنه يتركب من: 20% ماء، 70% سكريات بسيطة غلوكوز وفركتوز، 5% سكريات مركَّبة وخاصَّة سكروز، 5% بروتينات وأملاح معدنية، وأنزيمات هاضمة، وأحماض عضوية، ومضاد حيوي، ومركَّبات عطرية، وصبغيات مختلفة، وحبوب طلع.

ويتوافر الغلوكوز في العسل بنسبة أكبر من وجوده في أي غذاء آخر، وهو سلاح الطبيب في أغلب الأمراض، واستعماله مستمرٌّ بتقدُّم الطبِّ، فيُعْطى بصفته مقوياً ومغذياً، ومعالجـاً دوائيا. والعسل يفيد بشكل عامٍّ في معالجة الحروق، ولسعات الحشرات، والجروح الملتهبة، والآفات الجلدية. كما أنه مضادٌّ للجراثيم والتعفُّنات، ويُستخدم في معالجة الالتهابات وخاصَّة الرئوية منها والكلوية والكبدية والقلبية والحصيَّات المرارية، وفي حالات الإرهاق والضعف العام، وهو مضادٌّ للغازات والتخمُّرات والتهاب القولون، وطارد للديدان. كما يُستخدم العسل في معالجة بعض أمراض العيون وخاصة التهاب القرنية، وفي بعض الالتهابات المزمنة في الأنف والبلعوم وجفاف الحنجرة.

لقد عرفت خواص العسل وفوائده، في العصور التاريخية القديمة، سواء عند الفراعنة، أو الرومان أو الهنود أو العرب... ولاتزال هذه المعرفة تزيد وتتطوَّر، مع وضع دراسات لهذه المعرفة حسب أنواع العسل. والَّذي لا خلاف عليه أن العسل هو معالج وشافٍ لبعض الأمراض، والشيء الأهمُّ من ذلك أنه يقي من الأمراض ويقوِّي جهاز المناعة في الجسم، وكلتا الصفتين أشار إليهما رسول الله محمَّد صلى الله عليه وسلم حيث قال: «عليكم بالشفاءين العسل والقرآن» (أخرجه ابن ماجه وابن مردويه والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه). وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : «من لعق العسل ثلاث غدوات كلَّ شهر لم يصبه عظيم من البلاء» (أخرجه ابن ماجه وابن السني والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه ). وللعسل أنواع منها الأحمر والأبيض والأصفر، والجامد والسائل، وفيه دليل على أن القدرة الإلهية نوَّعته بحسب تنويع الغذاء، كما يختلف طعمه بحسب اختلاف المراعي، ونجد أن كلَّ نوع منه يفيد في حالة أو حالات معينة.

والآن، وبعد أن عرفنا الدقَّة اللامتناهية لحياة النَّحل، من حيث توزيع الصلاحيات والاختصاصات، وعلمنا أن الكلَّ مؤهَّل لما يقوم به من عمل، وينفِّذه بإخلاص وتفانٍ، فإذا اعتدى على جماعة النَّحل طارق غريب، قامت كلُّها يداً واحدة للدفاع، متماسكة متفانية مضحِّية بحياتها، مقابل سلامة مملكتها ومليكتها.

فهل لنا أن نستخلص العبر والنتائج، حيث يرينا الله تعالى درساً عملياً نموذجياً في سلوك حشرة ضعيفة؟ فكيف بالإنسان العاقل، المدرك، المتكامل البنيان الروحي والفكري؟ فهل يصعب عليه أن يتَّخذ من هذا المخلوق البسيط، مثالاً له، في التعاون والتفاني في سبيل الأسرة الإنسانية؟.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #137  
قديم 20-09-2008, 03:22 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

حشرات....بل ايات




قال الله تعالى: {حتَّى إِذَا أَتَوا عَلَى وَادِ النَّمل قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمل ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُم لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُون (18)}
سورة النَّمل (27)



ومضات:

ـ كما في النَّحل، رصد العلماء، طرق معيشة النَّمل، وأدهشهم عملهم الجاد الدؤوب في تحصيل أرزاقهم، متعاونين مع بعضهم بعضاً، موزِّعين الوظائف والمهمَّات بينهم بكلِّ دقَّة وجدِّية.

ـ لم تفكِّر النَّملة في إنقاذ نفسها بشكل أناني، بل حذَّرت أصحابها من تحطيم سليمان وجنوده لهم، مما يدُّل على روح الجماعة والتعاون والتفاني المفطورين عليها.

في رحاب الآيات:

الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن للنَّمل لغة تخاطب وتفاهم فيما بينهم.. كما عرفنا منها أن للنَّمل نظاماً دقيقاً في معاشه، فهو له قائد يوجِّهه ويأمره، وله مساكن يعيش فيها. هذه المساكن مقسَّمة إلى غرف معيشة، ومستودعات لخزن المؤن، ولها دهاليز معقَّدة، عليها حراسة مشددَّة على مدار الساعة.

ويجتمع من تلك المساكن قرى كاملة، وقد تبني عدَّة قرى، كأنها مستعمرات تصل بينها طرق ومسالك، بحيث تهتدي بها إلى أعلى الأرض. كذلك هناك نوع آخر من النَّمل يبني بيوته فوق الأرض، من أوراق الأشجار وأغصانها، ويكثر هذا تحت شجر الصنوبر، أو ينحت هذه البيوت في الأشجار العتيقة، كما يتَّخذ الإنسان من الجبال بيوتاً. ومع أن النَّمل لا يملك الآلات والعُدَد، فإنه يبني أبراجا في غاية الدقة والإحكام، مستعينا بمقصِّ فمه الحاد، حيث يمضغ ما يقصُّه حتَّى يصبح كالعجين، ولعلَّ ما بناه قدماء المصريين في مساكنهم وأهراماتهم كان تقليداً للنمل.



وللنَّملة رأس ووسط وذنب أسطواني، ولها ستُّ أرجل تقدر بها على الجري السريع، ولبعضها أجنحة للوثوب، ولها خمس أعين؛ عينان مركَّبتان على جانبي الرأس مكوَّنتان من أعين بسيطة تعدُّ بالمئات، وهي ملتئمة الوضع والتركيب والترتيب بحيث ترى وكأن لها عينا واحدة، وثلاث العيون الباقية موضوعة على هيئة مثلث، يعلو العينين المركبتين، وهي أعين بسيطة لا تركيب فيها، غير أن عيون الذكر أكبر من عيون الأنثى، ومتقاربة من بعضها بسبب قوَّة المهام المنوطة به.. ولكلِّ نملة قرنان طويلان كالشعرتين، بهما تحسُّ الأشياء، ويقومان مقام اليدين والرجلين والأصابع في الحمل؛ ويسميان الحاسَّتين.



وتضع إناث النَّمل بيوضها في محال تقرب من مساكن الكبار، وتخصَّص لها مربيات يلاحظهن ليلا ونهارا، مع تأمين الحرارة المناسبة لها، حتَّى تتفتَّح البيوض وتخرج دودا صغيرا لا جناح له ولا أرجل، تلاحظه المربيات وتطعمه، حيث يأكل بشراهة لعدَّة أسابيع، ثمَّ يغزل بفمه، وينسج على نفسه كرة من الحرير وينام.
فإذا مضت أيام، نهض من رقدته، وقطع خيوط الكرة، وقرض حريرها المحيط به، تساعده المربيات في ذلك، وتقوم بتنظيفه، حيث تظهر أرجله وأجنحته، والنَّمل بهذه المناسبة يحبُّ النظافة حبّاً مفرطاً.


يعمل النَّمل في قراه بموجب انضباط مدهش وصارم للغاية، وبإشراف النَّمل الَّذي كبرت رؤوسه وعظمت خراطيمه. والصبية الصغار تبقى في الديار تحفر الحجرات، وتشكِّل السراديب وتنمو وهي فيها، بالإضافة إلى وجود المربيات، وكذلك النَّمل المسؤول عن الحراسة أو التنظيف أو حفظ المؤن وتوضيبها الَّتي يحضرها النَّمل العامل. وهو يأبى كلَّ الإباء أن يطَّلع أحد على أسراره، أو يتطفَّل عليه لمعرفة نظامه العجيب في الحياة.


وقد وجد العلماء أن النَّمل حين يغادر قريته، يرسل في كلِّ مسافة معيَّنة مـادَّة كيميائية لها رائحة صغيرة حتَّى يستطيع التعرُّف إلى طريق عودته، وأنه عندما قام أحدهم بإزالة آثار هذه المادَّة لم يستطع النَّمل الاهتداء إلى طريق عودته.. فإذا رأت النَّملة شيئا مفيدا لا تقوى على حمله نشرت حوله بعض الرائحة، وأخذت منه قدرا يسيرا، وكرَّت راجعة إلى أخواتها، وكلَّما رأت واحدة منهن أعطتها شيئا ممَّا معها لتدلَّها على ذلك، حتَّى يجتمع على ذلك الشيء جماعات منها، يحملونه ويجرُّونه بجهد وعناء متعاونين في نقله؛ علماً بأن للنَّمل قوى عضلية بالنسبة إلى حجمه تزري بقوَّة أعظم المصارعين والرياضيين، بحيث تستطيع النَّملة الواحدة أن تحمل بين فكَّيها حملا أثقل من وزنها بثلاثة آلاف مرَّة من غير عناء. كما وجد العلماء أن النَّمل ينشر عند موته رائحة خاصَّة تُنبِّه بقيَّة الأفراد إلى الإسراع بدفنه قبل انجذاب الحشرات الغريبة إليه.. وعندما قام أحد العلماء بوضع نقطة من هذه المادَّة على جسم نملة حيَّة سارع باقي النَّمل إليها ودفنوها وهي حيَّة.

والنَّمل من الحيوانات والحشرات القليلة الَّتي أودع الله فيها غريزة ادِّخار الغذاء.

فهو يحتفظ بالحبوب في مسكنه الرطب الدافئ تحت الأرض دون أن يصيبها تلف.. ويتفنَّن النَّمل بطرق الادِّخار حسب أنواعه، فهو يقطع حبَّة القمح نصفين، ويقشِّر البقول، لئلا تنبت من جديد، أو يتركها عدَّة أسابيع في تهوية وحرارة معينة ويسمح لها بعدها بالإنبات، فتنمو ويظهر لها جذر وساق صغيران، حيث يقوم بقطعها وتجفيفها، لتصبح مادَّة جاهزة يتغذَّى عليها طوال مدَّة الشتاء، كما أنه يقوم بتسميد أوراق الأشجار المقطَّعة ببراز نوع معيَّن من الفراشات، وعندها ينمو عليها نوع من الفطريات يسمى (خبز الغراب)، يقوم النَّمل بالتغذِّي عليه.


كما أن بعض أنواع النَّمل يجلب بيوض المنِّ إلى عشِّه، وعندما يفقس يحمله إلى الخارج ويضعه على النباتات الَّتي تفرز الندوة العسلية، ثمَّ يعيده إلى عشِّه في الليل ويحلب منه هذه الندوة العسلية، حيث تعطي كلُّ حشرة ما يقارب ثمانٍ وأربعين نقطة من هذه الندوة خلال أربع وعشرين ساعة، علما بأنه يبني لهذه الحشرات حجرات خاصَّة لتسكن فيها.

ويعرف النَّمل بعضه بغير علامة، والتوادد موجود بين أهل القرية الواحدة فقط، وماعدا ذلك فعداء مستحكم، حيث يمكن أن تنشب الحرب بين عدَّة قرى من النَّمل، فينتظم في صفوف قتالية وتحدث المعارك، ويقع القتلى والجرحى، ويتَّخذ النَّمل المنتصر الأسرى ليجعلهم خدماً في قراه، ويقوم بدفن موتاه في مقابر خاصَّة به، كما ينظِّف أرضه من جثث أعدائه، حتَّى قيل بأن النَّمل أقرب الحشرات إلى الإنسان في أفعاله. وقد يصبح النَّمل قوَّة مزعجة مهلكة، شديدة الخطر على الإنسان نفسه، حيث يمكن أن يقرض دعائم المساكن الخشبية؛ حتَّى تتداعى عروشها، أو يكوِّن مستعمرات في دور الكتب، حيث يقوم بإتلاف الورق أكلا وتمزيقا.

ومن طريف ما ورد في السُنة عن سلوك النَّمل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقتلوا النَّملة فإن سليمان عليه السَّلام خرج ذات يوم يستسقي فإذا هو بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها تقول: اللهم إنّا خلقٌ من خلقك لا غنى لنا عن فضلك، اللهم لا تؤاخذنا بذنوب عبادك الخاطئين اسقنا مطراً تُنبت لنا به شجراً وتُطعمنا به ثمراً، فقال سليمان: ارجعوا فقد كُفيتم وسُقيتم بغيركم» (رواه الدارقطني والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه ) .


وروي أن عدي بن حاتم رضي الله عنه خرج في نزهة إلى بستان، ثمَّ عاد إلى بيته فوجد نملة قد علقت على ثيابه، فقال: لقد أَبْعَدْنَا عليها المسير، ثمَّ حملها وعاد بها إلى البستان الَّذي كان فيه.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #138  
قديم 22-09-2008, 08:58 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

أحكام استثنائية رُخِّص بها لرفع الحرج



قال الله تعالى: {..يريدُ الله بكمُ اليُسْرَ ولا يريدُ بكمُ العُسْرَ.. (185)}سورة البقرة(2)

وقال أيضاً: {يُريدُ الله أَن يُخفِّفَ عنكم وخُلِقَ الإنسانُ ضَعيفاً(28)}سورة النساء(4)

وقال أيضاً: {..وما جعلَ عليكم في الدِّينِ من حرجٍ.. (78)}سورة الحج(22)



ومضات:

ـ اليُسْرُ وعدم الحرج سِمَة بارزة في الأحكام الَّتي كَلَّف الله بها عباده، وتتمثَّل في الإقرار بوجود الدوافع الفطريَّة وتنظيم الاستجابة لها، ليكون التوازن قائماً ومنسجماً، بين التكليف وبين متطلَّبات الحياة، على صعيد الفرد والجماعة.

ـ ليست غاية الإسلام تعذيب النفس وإرهاقها بالمبالغة في التكاليف والأعباء الدِّينية، فقد رحمها الله تعالى لضعفها وعجزها، حيث أن قدراتها محدودة واستعداداتها الطبيعية متفاوتة.


في رحاب الآيات:

من كمال حكمة الله التخفيف على عباده فيما شرع لهم من الحدود والأحكام، وذلك رحمة منه بهم، ومراعاة لضعفهم، ورفعاً للحرج ودفعاً للمشقَّة عنهم، فلا ضرر ولا ضرار. وتأكيداً على هذه المبادئ الَّتي تُبرز يُسر الإسلام وسماحته؛ شُرع كثير من أحكام الرُّخَص الَّتي تتعلَّق بالعبادات والمعاملات والعقوبات، والأمثلة عليها كثيرة وعديدة، سنأتي على ذكر بعضها، فيما يتعلَّق بالعبادات من صلاة وصيام وحج.

فعلى سبيل المثال فرض الله تعالى عدداً من ركعات الصَّلاة يومياً، لكنَّه رخَّص بجواز قَصْرِها في ظروف معيَّنة، كما ورد في قوله تعالى: {وإذا ضرَبْتُم في الأرضِ فليس عليكم جُنَاحٌ أن تَقْصُرُوا من الصَّلاة..} (4 النساء آية 101)

أي إذا سافرتم أيُّها المؤمنون في الأرض للجهاد ـ وقياساً لأي داعٍ من دواعي السفر ـ فلا إثم عليكم في أن تَقصُروا الصَّلاة المفروضة، فَتُصَلُّوا الرباعيَّة ركعتين، لأن في السفر من المشقَّة والتعب ما لا يخفى على أحد، والإسلام دين اليُسر الملائم لكلِّ الظروف، وكذلك أبيح الجمع بين فرضين بسبب وجود حرج على المكلَّف، أو دون سبب لما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه : «صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولاسفر»، وهذا استثناء وليس قاعدة عامَّة.

كما أنه يجوز لمن جهل جهة القبلة، وتعسَّر عليه تحديد جهتها في سفر أو غيره؛ أن يتوجَّه في صلاته إلى أي جهة يغلب على ظنِّه أنها جهة القبلة.

كما يجوز للمصلِّي أن يصلِّي صلاة النافلة على المركوب الَّذي يمكن توقيفه والنزول عنه كالدابَّة والسيارة، أمَّا صلاة الفريضة في القطار والباخرة والطائرة، فيمكنه أداءها قاعدا، فيما إذا تعذَّر عليه الصَّلاة واقفا. وتكون قبلته حيث تتجه مركوبته، لما أخرجه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي وهو مُقبل من مكَّة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت الآية: {ولله المَشرقُ والمَغربُ فأينما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجهُ الله..}» (2 البقرة آية 115). فالحكمة من الاتجاه للقبلة هي توحيد وجهة المصلِّين، ولكنَّ يُسر الإسلام يحكم بجواز الاتجاه لغير جهتها، فيما إذا كان المصلِّي يخضع لظرف يمنعه من استقبالها.


فالله موجود في كلِّ مكان، لا تقيِّده الحدود، ولا تحدُّه الجهات، بل هو الواسع العليم، الَّذي يتقبَّل العبادة من المكلَّف على الشكل الَّذي يمكنه أن يقوم بأدائها عليه، وهو الرحيم الرؤوف الَّذي يتجاوز عن الضعفاء من عباده، ولا يكلِّفهم ما لا يطيقون، فيرخِّص لهم في الأحكام في ظروف الجهل والمرض والسفر والخطأ والنسيان وغيرها من الأسباب الاضطرارية، لأنه يريد بهم اليُسر ولا يريد بهم العُسر.

ومن الرُّخَص الَّتي شُرعت فيما يتعلَّق بالصَّلاة، التخفيف عن المؤمنين بمقدار صلاة قيام الليل، ونَسْخُ حُكمها من الوجوب إلى التطوُّع، لأنه عندما نزل قول الله تعالى: {ياأيُّها المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيلَ إلاَّ قليلاً * نِصفَهُ أو انقُصْ منه قليلاً * أو زدْ عليه ورتِّلِ القرآنَ ترتيلاً} (73 المزمل آية 1ـ4) سارع الرسول صلى الله عليه وسلم مع طائفة من أصحابه إلى امتثال أمر الله في المداومة على قيام الليل. قال مقاتل: لما نزلت هذه الآية شقَّ ذلك عليهم فكان الرجل لا يدري متى نصف الليل من ثلثه، فيقوم حتَّى يصبح مخافة أن يخطئ، فانتفخت أقدامهم، وامتقعت ألوانهم، فرحمهم الله تعالى وخفَّف عنهم، بعد أن أثنى عليهم في محكم تنزيله فقال جلَّ من قائل: {إنَّ ربَّكَ يعلمُ أنَّك تقومُ أدْنى من ثُلُثَي اللَّيلِ ونصفَهُ وثُلُثَهُ وطائفةٌ من الَّذين معك والله يُقَدِّرُ اللَّيلَ والنَّهارَ عَلِمَ أن لن تُحصوهُ فتابَ عليكم فاقرؤوا ما تيسَّرَ من القرآن عَلِمَ أنْ سيكونُ منكم مرضى وآخرونَ يَضْربونَ في الأرضِ يبْتغونَ من فَضْلِ الله وآخرونَ يُقاتِلونَ في سبيلِ الله فاقرؤوا ما تيسَّرَ منه..} (73 المزمل آية 20).

ففي هذا منتهى الرأفة بهم من الله تعالى، وغاية العناية الربَّانية الَّتي شاءت أن تخفِّف عنهم وتيسِّر أمورهم، ليبقى التوازن قائماً بين متطلَّبات الروح وحاجات الجسد، فقد يكون الإنسان مريضاً أو مسافراً لأجل كسبه ومعاشه، وقد يكون مجاهداً في سبيل الله لإعلاء كلمته ونشر دينه، وكلٌّ من هؤلاء الثلاثة قد يشقُّ عليه قيام الليل، فخفَّف الله عنهم وعن أمثالهم، وأسقط عن عموم المسلمين وجوب قيام الليل، وتركه نافلة للمتطوِّعين الراغبين في ذلك. ويؤكِّد ذلك الحديث الصحيح عند مسلم والنسائي والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه الَّذي قال فيه: «قال السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل عليَّ غيرها؟ يعني الصَّلوات الخمس، فقال: لا، إلا أن تَطَّوَّع»؛ فهو يدلُّ على عدم وجوب غير الصلوات الخمس المفروضة، ومن تطوَّع خيراً فهو خير.

أمَّا عن الأحكام المتعلِّقة بالصَّوم، فقد فرض الله على عباده المسلمين صيام شهر رمضان، ولكنَّه رخَّص لهم بالإفطار لأسباب مانعة أو مرهقة كالمرض أو السفر، قال تعالى: {..فمن شَهِدَ منكمُ الشَّهرَ فلْيَصُمهُ ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعِدَّةٌ من أيامٍ أُخَرَ يُريدُ الله بكمُ اليُسرَ ولا يُريدُ بكمُ العسرَ..} (2 البقرة آية 185) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : «إن الله تعالى وضع شطر الصَّلاة عن المسافر، وأرخص له في الإفطار، وأرخص فيه للمرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما» (أخرجه أصحاب السنن عن أنس بن مالك رضي الله عنه ). وقد كان الصحابة الكرام تجاه مثل هذه الأحكام على فريقين، فبعضهم يأخذ بالعزيمة ـ في حال السـفر أو المرض ـ إذا وجد في نفسه القدرة فيصوم، وبعضهم الآخر يأخذ بالرخصة إذا وجد في الصَّوم مشقَّة وحرجاً فيفطر، إلا أنه لم يكن صائمهم ليَعيب على مفطرهم، ولا مفطرهم على صائمهم.

والأخذ بمثل هذه الرُّخص سنةٌ؛ ولا ينقص من الأجر شيئاً، كما أن عدم الأخذ بها يجعل المكلَّف آثماً إذا ترتَّب على عدوله عنها ضرر يؤذيه. ويؤكِّد ذلك ما روي عن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فصام بعض وأفطر بعض، فتحزَّم المفطرون وعملوا، وضعُف الصُوَّام عن بعض العمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب المفطرون اليوم بالأجر» (رواه مسلم والنسائي).

وعن جابر رضي الله عنه قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح إلى مكَّة في رمضان فصام حتَّى بلغ كُراع الغميم فصام النَّاس، ثمَّ دعا بقدح من ماء فرفعه حتَّى نظر النَّاس ثمَّ شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض النَّاس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة» (أخرجه مسلم والترمذي) ويؤيِّد هذا حديث آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم : «ليس من البرِّ الصيام في السفر» (رواه الخمسة عن جابر رضي الله عنه ).

أمَّا فيما يتعلق بفريضة الحج فقد رُخِّص في بعض أحكامها المتعلِّقة ببعض شعائره كَرَمي الجمار؛ فأصل الحكم في ذلك أنه لا يجوز لأحد أن يرمي قبل نصف الليل الأخير بالإجماع. إلا أنه يُرخَّص للنساء والصبيان، والضعفاء، وذوي الأعذار، ورعاة الإبل أن يرموا جمرة العقبة من نصف ليلة النحر (ليلة الإفاضة من عرفات)، فعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت ثمَّ أفاضت» (رواه أبو داود والبيهقي).

والأمثلة على التخفيف في الإسلام كثيرة يضيق المجال عن إحصائهـا، وهي تصل إلى حدِّ إباحة بعض ما حرَّم الله في حال الضرورة القصوى، ومن ثمَّ فإن ميزة التيسير ميزة واضحة في التشريع الإسلامي، نلمس آثارها وملامحها في معظم سور القرآن الكريم، وفي كثير من الحوادث الَّتي جرت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي كثير من الأقوال الَّتي أُثِرت عنه في هذا الصدد،

كقوله عليه الصَّلاة والسلام فيما رواه أحمد عن جابر رضي الله عنه : «بُعثت بالحنيفية السمحة»، وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى رضي الله عنه حين بعثهما إلى اليمن: «بشِّرا ولا تنفِّرا ويسِّرا ولا تعسِّرا» (رواه البخاري ومسلم). فاليسر في الدِّين هدية من الله لعباده، روي عن أنس رضي الله عنه قال: «جاء ثلاثة رَهْط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنَّهم تقالُّوها (عدُّوها قليلة) فقالوا: وأين نحن من النبي وقد غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؟ فقال أحدهم: أمَّا أنا فإني أصلِّي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: أنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الَّذين قلتم كذا وكذا؟ أمَّا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنِّي أصوم وأفطر، وأصلِّي وأرقُد، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني» (رواه البخاري ومسلم)

وبهذا فإنه صلى الله عليه وسلم عدَّ من يسعى إلى الغُلُو في تطبيق أحكامه، معادلاً للمقصِّر في دين الله، والراغب عن سنَّته صلى الله عليه وسلم ، وتبرَّأ منه.

وخَيْرُ منهجٍ في هذا السبيل منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث صحَّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم ما خُيِّر بين أمرين، إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #139  
قديم 24-09-2008, 09:59 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

أحكام استثنائية رُخِّص بها لرفع الحرج


قال الله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ الله باللَّغوِ في أَيمَانِكُم ولكن يُؤَاخِذُكُم بما كَسَبَت قُلُوبُكُم والله غفورٌ حليمٌ(225)}.سورة البقرة(2)


وقال أيضاً: {لا يُؤَاخِذُكُمُ الله باللَّغو في أَيمَانِكُم ولكن يُؤَاخِذُكُم بما عَقَّدْتُمُ الأَيمانَ فَكفَّارَتُهُ إطعامُ عَشَرَةِ مساكينَ من أوسَطِ ما تُطعِمونَ أَهلِيكُم أو كِسوَتُهُم أو تحريرُ رَقَبَةٍ فمن لم يَجِد فصيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ ذلكَ كَفَّارَةُ أيمانِكُم إذا حَلَفتُم واحفَظُوا أيمانَكُم كذلك يُبَيِّنُ الله لكم آياتهِ لعلَّكُم تَشْكرون(89)}سورة المائدة(5)

ومضات:

ـ تُقَـيَّم الأعمال عند الله تعالى بالنيَّات، ومن هنا كانت محاسبته على اليمين مرهونة بالنيَّة المعقودة عليها، ولهذا كانت الكفَّارة واجبة على اليمين المؤكَّدَة وبعد الحِنْث بها، لا على اليمين الَّتي ينزلق بها اللسان لغواً ودون قصد اليمين؛ وفي كلِّ الأحوال فإن لليمين حُرمة وقدسية لا يجوز أن تُنتَهك.

ـ إن الله واسع المغفرة، يغفر الزلاَّت ويتجاوز عن ضعف العبد، طالما أنه لا يقصد بخطئه الإساءة إلى العباد، ولا مخالفة أمر الله سبحانه.

ـ الإسلام دين المجتمع، لهذا فقد شرَّع أغلب الكفارات بشكل يجعل فائدتها تعود على المجتمع بشكل عام، فهو يُلزم مَنْ أقسَمَ يميناً ثمَّ حَنِث بها بإطعام عشرة مساكين، على ألا يرهق نفسه بل يكون إطعامهم مماثلاً لما يأكل، أو كسوتهم ممَّا يرتديه وأُسرَتُهُ، أو تحرير عبد من عبوديَّة الإنسان. وبعد أن أعطى الأولوية لهذه الخدمات الاجتماعية تحت شعار الكفَّارة وأعطى الفرد الحرِّية في اختيار إحداها، شرع الكفَّارة الفردية، لمن لا يقدر على واحدة ممَّا سبق بأن يصوم ثلاثة أيام، وهي كفَّارة تعود منفعتها المباشرة على المرء شخصياً، وتنعكس منافعها بشكل غير مباشر على المجتمع، بتقويم أفراده وتهذيبهم.

ـ الله تعالى يفصِّل الأحكام بما يتلاءم ومصلحة الخلق، وعليهم في مقابل ذلك أن يشكروه ويقدِّروا نعمه عليهم.

في رحاب الآيات:

اليمين في الشرع هو قَسَمٌ يعقده الحالف على نفسه ليؤكِّد به ثبوت أمرٍ أو نفيه، أو عزمه على فعل أمر أو تركه، بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته، ويترتَّب عليه التزامه بصحَّة ما أقسم عليه، وتنفيذه حفظاً لحرمة اليمين وقدسيته. ومن بعض آثاره الهامَّة إيجاب حقٍّ للحالف أو حجب ذاك الحقِّ عمن امتنع عن القسم، ومن هنا كان لليمين دورٌ فاعلٌ في العلاقات بين النَّاس لاسيَّما القضائية منها. ولا يجوز شرعاً الحلف إلا بالله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم : «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد (أي الأصنام) ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون» (رواه أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه ).

ويُشترط فيمن يعقد اليمين: العقل والبلوغ وإمكان التنفيذ والاختيار (الحرِّية) فمن حلف مُكْرَهاً لم تنعقد يمينه.

واليمين أنواع: 1 ـ اللغو 2 ـ المنعقدة 3 ـ الغموس

1 ـ اللغو في اليمين: هو ما يجري على اللسان من غير قصد الحلف بمقتضى العرف والعادة، أو أن يحلف المرء على شيء يظنُّ صدقه فيظهر خلافه، فهو من باب الخطأ، وهذا اليمين لا كفَّارة فيه ولا مؤاخذة عليه.

2 ـ اليمين المنعقدة: هي اليمين الَّتي يقصدها الحالف ويصمِّم عليها، فهي يمين متعمَّدة ومقصودة، وحكمها وجوب الكفَّارة عند الحِنْث بها، والحِنْث في اليمين يكون بفعل ما حُلف على تركه أو ترك ما حُلف على فعله.

3 ـ اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة الَّتي يُقصد بها الغشُّ والخيانة، وهي من الكبائر، لأنه يقصد بها اغتصاب الحقِّ من صاحبه وإلحاقه بمعتدٍ كاذب. ولا كفَّارة فيها ويجب التوبة منها، وردُّ الحقوق المتعلِّقة بها إلى أصحابها؛ إذا ترتَّب عليها ضياع هذه الحقوق، قال صلى الله عليه وسلم : «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس» (رواه البخاري).

والمقصود بالكفارات: الأعمال الَّتي تكفِّر بعض الذنوب وتسترها، حتَّى لا يكون لها أثر يؤاخذ به صاحبها في الدنيا أو في الآخرة.

وكفَّارة اليمين المنعقدة إذا حنث فيها الحالف هي، الإطعام أو الكسوة أو العتق، فمن لم يستطع أي أمر منها فليصم ثلاثة أيام. أمَّا الإطعام فإنه لم يرد نصٌّ شرعي في بيان مقداره، إنما يرجع في تقديره إلى العُرْف فيكون الطعام مقدَّراً بقدر ما يُطعم منه الإنسان أهل بيته من الطعام المتوسط، وقد حدَّدت الآية الإطعام إمَّا لعشرة مساكين يوماً واحداً، أو مسكيناً واحداً لعشرة أيام، كلَّ يوم أكلتين مشبعتين.

وأمَّا الكسوة فهي إكساء عشرة مساكين ثوباً سابغاً لكلِّ واحد منهم، وأَقَلُّ ذلك ما يلبسه المساكين عادة، قال مالك وأحمد رضي الله عنهما: (يُدفع لكلِّ مسكين ما يصحُّ أن يصلِّي فيه إن كان رجلاً أو امرأة كلٌّ بحسبه).

وأمَّا تحرير الرقبة فهو عَتْقُ رقيق وتحريره من العبودية. فإذا تعذَّرت الوسائل الثلاث كان عليه أن يصوم ثلاثة أيام، فإن لم يستطع لمرض أو نحوه، ينوي الصِّيام عند الاستطاعة.

ويجوز للحالف أن يحنث بيمينه عمداً ويُكفِّر عنها إذا اقتضت المصلحة ذلك؛ شريطة أن لا يترتَّب على الحِنْث المتعمَّد إيذاءٌ لأحد أو ضياعٌ للحقوق، قال صلى الله عليه وسلم : «إذا حلفْتَ على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فَأْتِ الَّذي هو خير وكفِّر عن يمينك» (رواه أحمد والبخاري ومسلم).
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
  #140  
قديم 27-09-2008, 10:01 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

مقوِّمـات النصـر



قال الله تعالى: {إن يَنصُرْكُمُ الله فلا غالِبَ لكم وإن يَخذُلْكُمْ فمن ذا الَّذي يَنصُرُكُمْ من بعدهِ وعلى الله فَليتوكَّلِ المؤمنونَ(160)}سورة آل عمران(3)

ومضات:

ـ النصر والخذلان من قوانين الله تعالى. فالنصر حليف من لاذ بالله والتجأ إلى حماه، والتزم بقوانينه، والخذلان نصيب من خذل قوانين الله، وعمل بعكس تعاليمه عزَّ وجل.


في رحاب الآيات:

قضت سنَّة الله في هذا العالَمِ بتوقُّف النتائج على المقدِّمات، وارتباط المسبَّبات بالأسباب، فبقدر ما يفي الإنسان بالتزاماته، بقدر ما يحقِّق الله له من النتائج الإيجابية المثمرة. وهكذا فإن المقدِّمات ترتبط بمشيئة الإنسان وقراره الشخصي في إطار مشيئة الله، وتظلُّ النتائج والعواقب متعلِّقة بمشيئة الله وحدها أوَّلاً، وبمقدار الجهد المبذول والإتقان للعمل المنفَّذ ثانياً. وباعتبار أن قضية النصر والخذلان في أيِّ معركة حياتية يخوضها الإنسان تخضع لعوامل كثيرة، فإن الآية الكريمة تردُّ الناس إلى قدر الله ومشيئته، وتعلُّقهم بإرادته وقوانينه، لذلك فالنصر لا يكون إلا لمن سار على هذه القوانين.

وهذه الحقيقة تُلْزِمُ المسلمين باتباع المنهج والتقيُّد بالتوجيه، والنهوض بالتكاليف، وبذل الجهد والتوكُّل بعد هذا كلِّه على الله تعالى: {..وعلى الله فليتوَكَّلِ المؤمنون} (9 التوبة آية 51) وبذلك يخلص تصوُّر المسلم من التماس شيء من عند غير الله، ويتَّصل قلبه مباشرة بالقوَّة الفاعلة في هذا الوجود.

إن ظاهر الآية يوحي أن النصر والخذلان كليهما من الله تعالى، وأن الإنسان ما هو إلا أداة مسيَّرة، والواقع أن المعنى الحقيقي الَّذي يجب أن نفهمه هو أن من يسير ضمن قوانين الله وتعاليمه ينصره الله، فنصر الله يكلِّل طاعتنا وتنفيذنا لهذه التعاليم، فإن تجاوزناها فإن الله يخذلنا بتقصيرنا وتفريطنا بمقتضيات قانونه التكويني العام، والأدلَّة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {وأعِدُّوا لهم ما استطَعْتُم من قوَّة..} (8 الأنفال آية 60) وقوله في آية أخرى: {إنَّ الله يُحِبُّ الَّذين يُقاتِلون في سبيلِهِ صفّاً كأنَّهم بُنيانٌ مرصوص} (61 الصف آية 4) فإعداد القوَّة الحسيَّة والمعنوية، إلى جانب الوحدة وتجميع القوى، يشكِّلان أساساً من أسس النصر، أمَّا إهمالهما فيكون عاملاً من عوامل الفشل والهزيمة.
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 135.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 129.39 كيلو بايت... تم توفير 5.91 كيلو بايت...بمعدل (4.37%)]