تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 122 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أدب السؤال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          السائرون على الطريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          سَرِيَّة مؤتة اكتشافات جديدة في السجلات التاريخية الرومية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الفتور في الطاعة ..!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          (وَظَنّوا أَنَّهُم مانِعَتُهُم حُصونُهُم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مسالك النفوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          قلب المؤمن بين الخوف والرجاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الخوف والرجاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          من الأسباب المعينة على قيام الليل .. مجاهدة النفس على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          المحتوى القيمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-08-2022, 03:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير سورة المؤمنون مكية تفسير القرآن الكريم

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المؤمنون - (7)
الحلقة (615)

المجلد الثالث (صـــــــ 531الى صــــ 536)

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)
}


شرح الكلمات:

أنشأ لكم السمع: أي خلق وأوجد لكم الأسماع والأبصار.

والأفئدة: جمع فؤاد وهو القلب.

قليلا ما تشكرون: أي ما تشكرون إلاّ قليلا.

ذرأكم: أي خلقكم.

وإليه تحشرون: أي تجمعون إليه بعد إحيائكم وخروجكم من قبوركم.

وله اختلاف الليل والنهار: أي إليه تعالى إيجاد الليل والنهار وظلمة الليل وضياء النهار.

أفلا تعقلون: فتعرفوا أن الله هو المعبود الحق إذ هو الرب الحق.

إلا أساطير الأولين: أي ما تقولون من البعث والحياة الثانية ما هو إلا حكايات وأساطير وأخبار الأولين، والأساطير جمع أسطورة أي حكاية مسطرة مكتوبة.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في دعوة المنكرين للبعث الآخر إلى الإيمان به بعرض الأدلة العقلية عليهم لعلهم يؤمنون فقال تعالى لهم: { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} أي الله الذي خلق لكم أسماعكم وأبصاركم وقلوبكم قادر على إحيائكم بعد موتكم وحشركم إليه تعالى ليحاسبكم ويجزيكم، وقوله: { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ3 } يوبخهم تعالى على كفرانهم نعمه عليهم، إذ أوجد لهم أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ولم يحمدوه على ذلك ولم يشكروه بالإِيمان به وبطاعته، وقوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي خلقكم في الأرض، { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } إذ الذي قدر على خلقكم في الأرض قادر على خلقكم في أرض أخرى بعد أن يميتكم ويحشركم أي يجمعكم إليه ليحاسبكم ويجزيكم. وقوله: { وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أي يحيي النطفة بجعلها مضغة لحم ثم ينفخ فيها الروح فتكون بشراً، ويميتكم بعد انقضاء آجالكم أليس هذا قادراً على إحيائكم بعد موتكم.

وقوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أي ولله تعالى اختلاف الليل والنهار بإيجادهما وتعاقبهما وإدخال أحدهما في الآخر أفلا تعقلون6 أنَّ من هذه قدرته وتصاريفه في خلقه قادر على بعثكم بعد إماتتكم وقوله تعالى: { بَلْ قَالُواْ مِثْلَ7 مَا قَالَ ظ±لأَوَّلُونَ } أي بدل أن يؤمنوا باليوم الآخر لِما دَلْ عليه من هذه الأدلة التي لا يردها عاقل ولا ينكرها عقل عادوا فقالوا قولة المنكرين من الأمم قبلهم: {قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } وهو إنكار صريح منهم للبعث الآخر. وقالوا أيضاً ما أخبر تعالى عنهم، وهم يعلنون تكذيبهم لله تعالى ورسوله: { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } أي لقد وعد هذا آباؤبا من قبل ولم يحصل ما هذا الذي يقال إلا أساطير أي حكايات سطرها الأولون في كتبهم فهي تروى ويتناقلها الناس ولا حقيقة لها ولا وجود.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- وجوب الشكر لله تعالى بطاعته على نعمه ومن بينها نعمة السمع والبصر والقلب.

2- تقرير عقيدة البعث والجزاء بما تضمنت الآيات من الأدلة العديدة على ذلك.

3- سوء التقليد وآثارة في السلوك الإِنساني بحيث ينكر المقلد عقله.
___________________________

1 هذا الكلام الإلهي، استدلال وامتنان فقد عرّفهم بكمال قدرته وعظيم مننه.
2 جائز أن يكون لهم شكر قليل، وجائز أن يكون لا شكر لهم البتة، وإنما هو من باب الاحتراس كيلا ينقض الخبر. بأدنى شكر منهم.
3 جمع الأبصار والأفئدة باعتبار تعدد الأفراد، ووحد السمع لأنه مصدر فجرى على الأصل.
4 هذه بعض مظاهر القدرة الإلهية الموجبة لعبادته وحده، والموجبة لتصديقه فيما واعد به وأوعد، من نعيم الآخرة وعذابها.
5 {وله اختلاف الليل والنهار} هذه اللام: لام الاختصاص إذ لا قدرة لكائن سواه على اختلاف الليل والنهار بالطول والقصر، والضياء والظلام، وما يجري فيهما من تصاريف الكائنات على اختلافها وتنوعها.
6 الاستفهام إنكاري ينكر عليهم عدم تعقلهم وفهمهم لدلائل التوحيد والبعث والجزاء، والفاء: للتفريع إذ هذا الكلام متفرع على ما تقدم من الأدلة في السياق.
7 في هذا التفات من الخطاب إلى الغيبة لأنّ الكلام انتقل من التقريع إلى حكاية ضلالهم، وبل: للإضراب الإبطالي أي: أبطل كونهم يعقلون مع إثبات إنكارهم للبعث مع علّة الإنكار وهي: تقليدهم لآبائهم.
8 قرأ الجمهور بهمزتين: الأولى. همزة الاستفهام، والثانية: همزة إذ الشرطية وكذلك مع {إنا لمبعوثون} إلاّ نافعاً وأبا عمرو فقد قرءا بهمزة واحدة اكتفاء بهمزة الاستفهام الأولى: الدالة على الشرط عن همزة الجواب. والاستفهام إنكاري.
9 من قبل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجملة: "إن هذه لأساطير الأولين جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً لمن قال: كيف رد الأولون والآخرون على هذا القول؟

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-08-2022, 03:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)



شرح الكلمات:

قل أفلا تذكرون: فتعلمون أن من له الأرض ومن فيها خلقاً وملكاً قادر على البعث وأنه لا إله إلا هو.

قل أفلا تتقون: أي كيف لا تتقونه بالإِيمان به وتوحيده وتصديقه في البعث والجزاء.

من بيده ملكوت كل شيء: أي ملك كل شيء يتصرف فيه كيف يشاء.

وهو يجير ولا يجار عليه: يحفظ ويحمي من يشاء ولا يُحمى عليه ويحفظ من أراده بسوء.

فأنى تسحرون: أي كيف تخدعون وتصرفون عن الحق.

بل أتيناهم بالحق: أي بما هو الحق والصدق في التوحيد والنبوة والبعث والجزاء.

ولعلا بعضهم على بعض: أي قهراً وسلطاناً.

عما يصفون: أي من الكذب كزعمهم أن لله ولداً وأن له شريكاً وأنه غير قادر على البعث.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد والإِيمان بالبعث والجزاء فقال تعالى لرسوله قل1 لهؤلاء المشركين المنكرين للبعث والجزاء { قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} من المخلوقات { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } من هي له فسموه. ولما لم يكن لهم من بُدٍّ أن يقولوا { لِلَّهِ } أخبر تعالى أنهم سيقولون لله. إذاًَ قل لهم: { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ2 } فتعلموا أن من له الأرض ومن فيها خلقاً وملكاً وتصرفاً لا يصلح أن يكون له شريك من عباده، وهو رب كل شيء ومليكه، وقوله: { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } أي سَلْهُمْ من هو رب السماوات السبع وربّ العرش العظيم. الذي أحاط بالملكوت كله، أي من هو خالق السماوات السبع، ومن فيهن ومن خالق العرش العظيم ومالك ذلك كله والمنصرف فيه، ولما لم يكن من جواب سوى الله أخبر تعالى أنهم سيقولون الله أي خالقها وهي لله ملكا وتدبيرا وتصريفا إذا قل لهم يا رسولنا { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي الله وأنتم تنكرون عليه قدرته في إحياء الناس بعد موتهم وتجعلون له أندادا تعبدونها معه، أما تخافون عقابه 3أما تخشون عذابه وقوله تعالى: { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ 4} أي سلهم يا رسولنا فقل لهم من بيده ملكوت كل شيء أي ملك كل شيء وخزائنه؟ وهو يجير من يشاء أي يحمي ويحفظ من يشاء فلا يستطيع أحد أن يمسه بسوء ولا يجار عليه، أي ولا يستطيع أحد أن يجير أي يحمي ويحفظ عليه أحداً أراده بسوء وقوله: { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي إن كنتم تعلمون أحداً غير الله بيده ملكوت كل شيء ويجير ولا يجار عليه فاذكروه، ولما لم يكن لهم أن يقولوا غير الله، أخبر تعالى أنهم سيقولون الله أي5 هو الذي بيده ملكوت كل شيء وهي لله خلقاً وملكاً وتصرفاً إذاً قل لهم { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ }؟ أي كيف تخدعون فتصرفون عن الحق فتعبدون غير الخالق الرازق، وتنكرون على الخالق إحياء الأموات وبعثهم وهو الذي أحياهم أولاً ثم أماتهم ثانياً فكيف ينكر عليه إحياءهم مرة أخرى وقوله تعالى: { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }6 أي ليس الأمر كما يتوهمون ويخيل إليهم بل أتيناهم بذكرهم الذي هو القرآن به يذكرون لأنه ذكرى وذكر، وبه يذكرون لأنه شرف لهم وإنهم لكاذبون في كل ما يدعون ويقولون.
{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ } ولا بنت، { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } ولا ينبغي ذلك، والدليل المنطقي العقلي الذي لا يرد هو أنه لو كان مع الله إله آخر لقاسمه الملك وذهب كل إله بما خلق، ولحارب بعضهم بعضاً وعلا بعضهم على بعض غلبة وقهراً وقوله تعالى: { سُبْحَانَ اللَّهِ } تنزيهاً لله تعالى عما يصفه به الواصفون من صفات العجز كاتخاذ الولد والشريك، والعجز عن البعث، وقوله تعالى: { عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي ما ظهر وما بطن، وما غاب وما حضر فلو كان معه آلهة أخرى لعرفهم وأخبر عنهم ولكن هيهات هيهات أن يكون مع الله إله آخر وهو الخالق لكل شيء والمالك لكل شيء { فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}9 علواً كبيراً وتنزه تنزهاً عظيماً.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- مشروعية توبيخ المتغافل المتجاهل وتأنيب المتعامي عن الحق وهو قادر على رؤيته.

2- تقرير ربوبية الله تعالى وألوهيته.

3- تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد وإبطال ترهات المفترين.

4- الإِستدلال العقلي ومشروعيته والعمل به لإِحقاق الحق وإبطال الباطل.
_________________________

1 قل يا رسولنا جواباً لهم عما قالوه: {لمن الأرض..} الخ.
2 أي: تتعظون فتعلموا.. الخ.
3 وتجعلون لله البنات وأنتم تكرهون ذلك لأنفسكم فكيف ترضونه لربكم؟
4 الملكوت: من صفات المبالغة كالجبروت، والرهبوت، والمراد: ملك كل شيء، وهذا كله احتجاج على العرب لأنهم مقرّون بالله ربّا، والاستفهام فيه وفي الذي قبله: تقريري لأنهم مقرّون أن الله هو ربّ السموات وأنه الذي بيده ملكوت كل شيء.
5 قرأ أبو عمرو: {سيقولون الله} في الموضعين الأخيرين، ولا خلاف في الموضع الأول لأنه سؤال بـ لمن المَلك؟ ومن قرأ في الأخيرين بلفظ: الله فلأنّ السؤال بغير اللام فجاء الجواب على لفظه. ومن أجاب بـ الله، فإنه راعى المعنى إذ رب السموات: مالكها فهي له وملكوت كل شيء لله.
6 {بل أتيناهم بالحق} : إضراب لإبطال كونهم مسحورين. أي: ليس الأمر كما يخيّل إليهم، وإنما أتيناهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون، فهذه علّة إعراضهم وعدم قبولهم لدعوة الحق، وقولهم فيه {إن هذا إلاّ أساطير الأولين} .
7 نفى عنه تعالى اتخاذ الولد كما نفى أن يكون له شريك في الألوهية بالبرهان العقلي وهو: أنه لو كان معه آلهة لاقتسموا الكون وذهب كل إله بما خلق، وقد يحارب بعضهم بعضاً ويعلو من يغلب ولم يكن من مظاهر هذا شيء البتة فثبتت النتيجة وهي المذكورة أولا: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله} .
8 هذا من جملة أدلة نفي الشريك له تعالى إذ العالم بكل شيء كيف يكون له شريك ولا يعرفه، وقرأ حفص عالِم بالجر على أنه نعت لاسم الجلالة في قوله {سبحان الله} ، وقرأ نافع بالرفع على أنه خبر لمحذوف أي: هو عالم.
9 {عما يشركون} ما مصدرية، والمعنى: تعالى عن إشراكهم. أي: هو منزه عن أن يكون له شريك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-08-2022, 03:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير سورة المؤمنون مكية تفسير القرآن الكريم

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المؤمنون - (8)
الحلقة (616)

المجلد الثالث (صـــــــ 536الى صــــ 541)
{ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } 93 { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } 94 { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } 95 { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } 96 { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } 97 { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } 98 { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } 99 { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }100


شرح الكلمات:

إما تريني ما يوعدون: أي إن تُريني من العذاب.

ادفع بالتي هي أحسن: اي ادفع بالخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإِعراض عنهم.

من همزات الشياطين: أي من وساوسهم التي تخطر بالقلب فتكاد تفسده.

أن يحضرون: أي في أموري حتى لا يفسدوها علي.

جاء أحدهم الموت: أي رأى علاماته ورآه.

برزخ: أي حاجز يمنع وهو مدة الحياة الدنيا، وإن عاد بالبعث فلا عمل يقبل.

معنى الآيات:

في هذا السياق تهديد للمشركين الذين لم ينتفعوا بتلك التوجيهات التي تقدمت في الآيات قبل هذه، فأمر الله تعالى رسوله أن يدعوه ويضرع إليه إن هو أبقاه حتى يحين هلاك قومه، أن لا يهلكه معهم فقال: { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي1 } أي أن تريني { مَا يُوعَدُونَ } أي من العذاب، { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } بل أخرجني منهم وأبعدني عنهم حتى لا أهلك معهم. وقوله تعالى: { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ 2مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } يخبر تعالى رسوله بأنه قادر على إنزال العذاب الذي وعد به المشركين إذا لم يتوبوا قبل حلوله بهم.

وقوله: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي 3هِيَ أَحْسَنُ } هذا قل أمره بقتالهم: أمره بأن يدفع ما يقولونه له في الكفر والتكذيب بالخُلَّة والخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإِعراض عنهم وعدم الإِلتفاف إليهم. وقوله: { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } أي من قولهم لله شريك وله ولد، وأنه ما أرسل محمداً رسولاً، وأنه لا بعث ولا حياة ولا نشور يوم القيامة وقوله: { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ 4ٱلشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } لما علمه الاحتراز والتحصُّن من المشركين بالصفح والإِعراض أمره أن يتحصن من الشياطين بالإِستعاذة بالله تعالى فأمره أن يقول { رَّبِّ } أي يا رب { أَعُوذُ 5بِكَ } أي استجير بك من همزات الشياطين أي وساوسهم حتى لا يفتنوني عن ديني وأعوذ بك أن يحضروا أمري فيفسدوه علي.

وقوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } أي إذا حضر أحد أولئك المشركين الموت أي رأى ملك الموت وأعوانه وقد حضروا لقبض روحه { قَالَ رَبِّ6 ٱرْجِعُونِ } أي أخروا موتي كي أعمل صالحاً فيما تركت العمل فيه بالصلاح، وفيما ضيعت من واجبات قال تعالى رداً عليه { كَلاَّ }7 أي لا رجوع أبداً، { إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } لا فائدة منها ولا نفع فيها، { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } أي حاجز مانع من العودة إلى الحياة وهو أيام الدنيا كلها حتى إذا انقضت عادوا إلى الحياة، ولكن ليست حياة عمل وإصلاح ولكنها حياة حساب وجزاء هذا معنى قوله: { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }8.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- مشروعية الدعاء والترغيب فيه وإنه لذو جدوى للمؤمن.

2- استحباب دفع السيء من القول أو الفعل بالصفح والإِعراض عن صاحبه.

3- مشروعية الإِستعاذة بالله تعالى من وساوس الشياطين ومن حضورهم أمر العبد الهام حتى لا يفسدوه عليه بالخواطر السيئة.

4- موعظة المؤمن بحال من يتمنى العمل الصالح عند الموت فلا يُمكن منه فيموت بندمه وحسرته ويلقى جزاء تفريطه حرماناً وخسراناً في الدار الآخرة.
__________________________

1 أصل إما: إن ما، إن شرطية، وما: صلة لتقوية الشرط، وجواب الشرط فلا تجعلني مع القوم الظالمين، علمه ربه هذا الدعاء ليدعو به. أي: إذا أردت بهم عقوبة فأخرجني عنهم وأبعدني عنهم. وفي الآية تهديد عظيم للمشركين.
2 الجملة تحمل وعيداً آخر مؤكداً للأول الذي تضمنته جملة {ربّ إما تريني ما يوعدون} .
3 هذا بالنسبة إلى الأمة فهو محكم باق، وهو الصفح وعدم المؤاخذة فيما بينهم وأمّا بالنسبة للمشركين والكافرين، فهو موادعة لهم لا غير إلى أن يؤمر بقتالهم، وقد أمر به فيما بعد.
4 جمع همزة، والهمزة في اللغة النخس والدفع، يقال: همزه ونخسه ودفعه، قال الليث: الهمز: كلام من وراء القفا، واللمز: مواجهة والشيطان يوسوس بوساوسه في صدر ابن آدم، الهمس لغة: الكلام الخفي يقال: همس في أذنه بكذا: أسرّ به إليه.
5 هذا التعوذ، وإن خوطب به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو لأمته معه معه بل هي أحوج منه إليه، وهمزات الشيطان: هي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان بها نفسه وقد شكا خالد بن الوليد للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن كان يؤرق من الليل فأمره أن يقول: "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون".
6 {ربّ ارجعون} هذا تمنّ للحياة الدنيا بعد ذهابها، وهيهات هيهات أن تعود!! وقوله: {ارجعون} : خاطب الربّ تعالى بضمير التعظيم وتعظيم المخاطب شائع في كلام العرب.
7 كلا: ردع للسامع ليعلم يقينا إبطال ما يطلبه الكافر من الرجوع.
8 البرزخ: هو ما بين الدنيا والآخرة إذ كل ما حجز بين شيئين قيل فيه: برزخ.
************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-08-2022, 03:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } 101 { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } 102 { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } 103 { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } 104 { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } 105 { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } 106 { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ }107


شرح الكلمات:

في الصور: أي في القرن المعبر عنه بالبوق نفخة القيام من القبور للحساب والجزاء.

المفلحون: أي الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة.

تلفح وجوههم النار: أي تحرقها.

وهم فيها كالحون: الكالح من أحرقت النار جلدة وجهه وشفتيه فظهرت أسنانه.

ألم تكن آياتي تتلى عليكم: أي يوبخون ويذكرون بالماضي ليحصل لهم الندم والمراد بالآيات آيات القرآن.

غلبت علينا شقوتنا: أي الشقاوة الأزلية التي تكتب على العبد في كتاب المقادير قبل وجوده.

أخرجنا منها فإن عدنا: أي من النار فإن عدنا إلى الشرك والمعاصي.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير التوحيد والنبوة والبعث والجزاء والدعوة إلى ذلك وعرض الأدلة وتبيينها وتنويعها، إذ لا يمكن استقامة إنسان في تفكيره وخلقه وسلوكه على مناهج الحق والخبر إلا إذا آمن إيماناً راسخاً بوجود الله تعالى ووجوب طاعته وتوحيده في عباداته، وبالواسطة في ذلك وهو الوحي والنبي الموحي إليه، وبالبعث الآخر الذي هو دور الحصاد لما زرع الإِنسان في هذه الحياة من خير وشر فقوله تعالى: { فَإِذَا نُفِخَ 1فِي ٱلصُّورِ فَلاَ 2أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } هذا عرض لما يجري في الآخرة فيخبر تعالى أنه إذا نفخ إسرافيل بإذن الله في الصور الذي هو القرن أي كقرن الشاة لقوله تعالى:{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } [المدثر: 8-9] فلشدة الهول وعظيم الفزع لم يبق نسب 3يراعى أو يلتفت إليه بل كل واحد همه نفسه فقط، ولا يسأل حميم حميماً وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم " قالت: هل تذكرون أهليكم يا رسول الله يوم القيامة فقال أما عند ثلاثة فلا: إذا تطايرت الصحف، وإذا وضع الميزان وإذا نصب الصراط " ومعنى هذا الحديث واضح والشاهد منه ظاهر وهو أنهم لا يتساءلون.

وقوله تعالى: { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي من رجحت كفة حسناته على كفة سيئآته أفلح أي نجا من النار وأدخل الجنة وَمن خفت موازينه بأن حصل العكس فقد خسر وأبعد عن الجنة وأدخل النار وهذا معنى قوله تعالى { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ4 وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ 5} أي تحرق وجوههم النار فيكلحون باحتراق شفاههم وتظهر أسنانهم وهو أبشع منظر وأسوأه وقوله تعالى: { أَلَمْ تَكُنْ6 آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ }؟ هذا يقال لهم تأنيباً وتوبيخاً وهم في جهنم وهو عذاب نفساني مع العذاب الجثماني { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أما كان رسلنا يتلون عليكم آياتنا { فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } بأقوالكم وأعمالكم أو بأعمالكم دون أقوالكم فلم تحرموا ما حرم الله ولم تؤدوا ما أوجب الله، ولم تنتهوا عما نهاكم عنه.
وقوله تعالى: { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا 7} هذا جوابهم كالمعتذرين بأن شقاءهم كان بقضاء وقدر فلذا حيل بينهم وبين الإِيمان والعمل الصالح. وقوله تعالى: { وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } هذا قولهم أيضاً وهو اعتراف صريح بأنهم كانوا ضالين. ثم قالوا ما أخبر تعالى به عنهم بقوله: { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } هذا دعاؤهم وهم في جهنم يسْألون ربهم أن يردهم إلى الدنيا ليؤمنوا ويستقيموا8 على صراط الله المستقيم الذي هو الإِسلام وسوف ينتظرون جواب الله تعالى ألف سنة، وهو ما تضمنته الآيات التالية.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء من خلال عرض أحداثها في هذه الآيات.

2- تقرير أن وزن الأعمال يوم القيامة حق وإنكاره بدعة مكفرة.

3- تقرير أن إسرافيل ينفخ في الصور وإنكار ذلك وتأويله بلفظ الصور كما فعل المراغي عند تفسيره هذه الآية مع الأسف بدعة من البدع المنكرة ولذا نبهت عليها هنا حتى لا يغتر بها المؤمنون.

4- الإِعتذار بالقدر لا ينفع صاحبه، إذ القدر مستور فلا ينظر إليه والعبد مأمور فليؤتمر بأمر الله ورسوله ولينته بنهيهما ما دام العبد قادراً على ذلك فإن عجز فهو معذور.

____________________________

1 هذه النفخة الثانية، وهي نفخة البعث، والحشر والتي قبلها هي نفخة الفناء، والتي بعد نفخة الصعق، والأخيرة نفخة الحساب والجزاء.
2 قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يفتخرون بالأنساب في الآخرة كما يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتساءلون فيها كما يتساءلون في الدنيا: من أي قبيلة أنت ولا من أي نسب ولا يتعارفون لهول ما أذهلهم!!
3 ورد ما يخصص هذا العموم وهو قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي" رواه الطبراني فإنه إن صح يكون مخصصا لعموم الآية. والله أعلم.
4 {تلفح} وتنفح بمعنى واحد لقوله تعالى: {ولإن مستهم نفحة من عذاب ربك} إلاّ أن تلفح أبلغ من تنفح وأشد.
5 الكلوح: تكشر في عبوس، والكالح الذي تشمّرت شفتاه وبدت أسنانه قال ابن مسعود: أرأيت الرأس المشتط بالنار وقد بدت أسنانه وقلصت شفتاه.
6 الاستفهام للتقريع والتأنيب، والتذكير بما يزيد في حسرتهم وعظيم محنتهم وبلائهم.
7 قرأ ابن مسعود وبها قرأ الكوفيون إلاّ حفصاً شقاوتنا وقرأ الجمهور شقوتنا.
8 وما يستقيمون لو ردوا لعلم الله تعالى بهم إذ قال عز وجل: {ولو ردوا لعادوا لما نُهوا عنه، وإنهم لكاذبون} .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-08-2022, 03:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المؤمنون - (9)
الحلقة (617)
تفسير سورة المؤمنون مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 541الى صــــ 545)

{ قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } 108 { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } 109 { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } 110 { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ }111


شرح الكلمات:

إخسأوا: أي أبعدوا في النار أذلاء مخزيين.

فريق من عبادي: هم المؤمنون المتقون.

فاتخذتموهم سخرياً: أي جعلتموهم محط سخريتكم واستهزائكم.

بما صبروا: أي على الإِيمان والتقوى.

هم الفائزون: أي الناجون من النار المنعمون في الجنة.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ1 } هذا جواب سؤالهم المتقدم حيث قالوا:{ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ2 } [المؤمنون: 107] وعلل تعالى لحكمه فيهم بالإٍبعاد في جهنم أذلاء مخزيين بقوله: { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي } وهو فريق المؤمنين المتقين 3يقولون { رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا } ذنوبنا { وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } أي يعبدوننا ويتقربون إلينا ويتوسلون بإيمانهم وصالح أعمالهم ويسألوننا المغفرة والرحمة وكنتم أنتم تضحكون من عبادتهم ودعائهم وضراعتهم إلينا وتسخرون منهم 4إني جزيتهم اليوم بصبرهم على طاعتنا مع ما يلاقون منكم من اضطهاد وسخرية. { أَنَّهُمْ هُمُ 5ٱلْفَآئِزُونَ } برضواني في جناتي لا غيرهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان مدى حسرة أهل النار لما يجابون بكلمة: { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }.

2- فضيلة التضرع إلى الله تعالى ودعائه والتوسل إليه بالإِيمان وصالح الأعمال.

3- حرمة السخرية بالمسلم والاستهزاء به والضحك منه.

4- فضيلة الصبر ولذا ورد أن منزلة الصبر من الإِيمان كمنزلة الرأس من الجسد.
____________________________

1 أي: ابعدوا في جهنم كما يقال لكلب: اخسأ أي: أبعد، يقال: خسأ الكلب وأخساه لازم ومتعدّ. يروي عن ابن المبارك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن أهل جهنم يدعون مالكاً فلا يجيبهم أربعين عاماً ثمّ يرد عليهم {إنكم ماكثون} والصحيح أنه يجيبهم بعد ألف سنة، وعندها ينقطع رجاؤهم ودعاؤهم ويقبل بعضهم على بعض فيتنابحون كالكلاب وقد أطبقت عليهم النار.
2 الظلم: وضح الشي في غير موضعه وعابد غير الله تعالى واضع العبادة في غير موضعها فلذا هو ظالم. والشرك: ظلم عظيم.
3 كبلال وصهيب وعمّار وخباب من فقراء المسلمين الذين كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم ويسخرون منهم.
4 في الآية دليل على حرمة السخرية بالمسلم والاستهزاء به.
5 قرىء بفتح الهمزة أي: لأنهم هم الفائزون وقرىء بكسرها على الابتداء.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-08-2022, 03:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } 112 { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } 113 { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } 114 { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } 115 { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } 116 { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } 117 { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }118


شرح الكلمات:

كم لبثتم في الأرض: أي كم سنة لبثتموها في الأرض أحياء وأمواتاً في قبوركم؟.

فاسأل العادين: يريدون الملائكة التي كانت تعد، وهم الكرام الكاتبون أو من يعد أما نحن فلم نعرف.

خلقناكم عبثاً: أي لا لحكمة بل لمجرد العيش واللعب كلا.

فتعالى الله الملك الحق: أي تنزه الله عن العبث.

لا برهان له: الجملة صفة لـ " إلهاً آخر " لا مفهوم لها إذ لا يوجد برهان ولا حجة على صحة عبادة غير الله تعالى إذ الخلق كله مربوب لله مملوك له.

حسابه عند ربه: أي مجازاته عند ربه هو الذي يجازيه بشركه به ودعاء غيره.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم مع أهل النار المنكرين للبعث والتوحيد بقوله تعالى: { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ }؟ هذا سؤال طرح عليهم أي سألهم ربهم وهو أعلم بلبثهم كم لبثتم من سنة في الدنيا مدة حياتكم فيها ومدة لبثكم أمواتاً في قبوركم؟ فأجابوا قائلين { لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ1 يَوْمٍ فَسْئَلِ 2ٱلْعَآدِّينَ } أي من كان يعد من الملائكة أو من غيرهم، وهذا الإِضطراب منهم عائد إلى نكرانهم للبعث وكفرهم في الدنيا به أولاً وثانياً أهوال الموقف وصعوبة الحال وآلام العذاب جعلتهم لا يعرفون أما أهل الإِيمان فقد جاء في سورة الروم أنهم يجيبون إجابة صحيحة إذ قال تعالى:{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [الروم: 55-56] وقوله تعالى: { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 3} هذا بالنظر إلى ما تقدم من عمر الدنيا، فمدة حياتهم وموتهم إلى بعثهم ما هي إلا قليل وقوله تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ4 أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ 5عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } ، هذا منه تعالى توبيخ لهم وتأنيب على إنكارهم للبعث أنكر تعالى عليهم حسبانهم وظنهم أنهم لم يخلقوا للعبادة وإنما خلقوا للأكل والشرب والنكاح كما هو ظن كل الكافرين وأنهم لا يبعثون ولا يحاسبون ولا يجزون بأعمالهم. وقوله تعالى: { فَتَعَالَى 6ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } أي عن العبث وعن كل ما لا يليق بجلاله وكماله وقوله: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } أي لا معبود بحق إلا هو { رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } أي مالك العرش الكريم ووصف العرش بالكرم سائغ كوصفه بالعظيم والعرش سرير الملك وهو كريم لما فيه من الخير وعظيم إذ هو أعظم من الكرسي والكرسي وسع السماوات والأرض، ولم لا يكون العرش كريماً وعظيماً ومالكه جل جلاله هو مصدر كل كرم وخير وعظمة.

وقوله تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ } أي ومن يعبد مع الله إلهاً آخر بالدعاء أو الخوف أو الرجاء أو النذر والذبح، وقوله: لا برهان له أي لا حجة له ولا سلطان على جواز عبادة ما عبده، ومن أين يكون له الحجة والبرهان على عبادة غير الله والله رب كل شيء ومليكه وقوله تعالى: { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } أي الله تعالى ربه يتولى حسابه ويجزيه بحسب عمله وسيخسر خسرانا مبينا لأنه كافر والكافرون لا يفلحون أبداً فلا نجاة من النار ولا دخول للجنة بل حسبهم جهنم وبئس المهاد.
وقوله تعالى: { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ 7} أي أمر الله تعالى رسوله أن يدعو بهذا الدعاء: رب اغفر لي وارحمني واغفر لسائر المؤمنين وارحمهم أجمعين فأنت خير الغافرين والراحمين.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- عظم هول يوم القيامة وشدة الفزع فيه فليتق ذلك بالإِيمان وصالح الأعمال.

2- تنزه الله تعالى عن العبث واللهو واللعب.

3- تقرير عقيدة البعث والجزاء.

4- كفر وشرك من يدعو مع الله إلهاً آخر.

5- الحكم بخسران الكافرين وعدم فلاحهم.

6- استحباب الدعاء بالمغفرة والرحمة للمؤمنين والمؤمنات.
_________________________

1 هذا السؤال موجه للمشركين في عرصات القيامة، والسؤال عن ليثهم في قبورهم وجائز أن يكون عن مدة حياتهم في الدنيا.
2 قيل: أنساهم شدة العذاب مدة مكثهم في قبورهم، وقيل: استقصروا مدة لبثهم في الدنيا وفي القبور ورأوه يسيرا بالنسبة إلى ما هم بصدده.
3 هذا بالنظر إلى الدار الآخرة لا يعتبر شيئاً يذكر.
4 روي بضعف أن ابن مسعود مرّ بمصاب مبتلى فقرأ في أذنه: {أفحسبتم} الآية إلى {رحيم} فبرأ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ماذا قرأت في أذنه؟ فأخبره فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقنا قرأها على جبل لزال".
5 أي: مهملين كما خلق البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها كقوله تعالى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .
6 {فتعالى الله} : أي تنزه وتقدس الله الملك الحق عن الأولاد والشركاء والأنداد، وعن أن يخلق شيئاً عبثاً أو سفهاً.
7نظرت إلى حذف المفعول في: اغفر وارحم فانقدح في نفسي أن لجذفه سراً وهو: أن يكون عاماً في المؤمنين والمؤمنات لقوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-08-2022, 03:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
- (1) تفسير سورة النور
الحلقة (618)
تفسير سورة النور مدنية
المجلد الثالث (صـــــــ 545الى صــــ 549)


سورة النور1
مدنية
وآياتها أربع وستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم

سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)
شرح الكلمات:
سورة أنزلناها: أي هذه سورة أنزلناها.
وفرضناها: أي فرضنا ما فيها من أحكام.
وأنزلنا فيها آيات بينات: أي وأنزلنا ضمنها آيات أي حججاً واضحات تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم.
لعلكم تذكرون: أي تتعظون فتعملون بما في السورة من أحكام.
الزانية: من أفضت إلى رجل بغير نكاح شرعي وهي غير محصنة.
مائة جلدة: أي ضربة على جلد ظهره.
رأفة: شفقة ورحمة.
وليشهد عذابهما: أي اقامة الحد عليهما.
طائفة: أي عدد لا يقل عن ثلاثة أنفار من المسلمين والأربعة أولى من الثلاثة.
الزاني لا ينكح إلا زانية: أي إلا زانية مثله أو مشركة أي لا يقع وطء إلاَّ على مثله2.
معنى الآيات:
قوله تعالى: {سورة أنزلناها} أي هذه سورة من كتاب الله أنزلناها أي على عبدنا ورسولنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وفرضناها} أي وفرضنا ما اشتملت عليه من أحكام على أمة الإسلام، وقوله: {لعلكم تذكرون} أي تتعظون فتعملون بما حوته هذه السورة من أوامر ونواه وآداب وأخلاق وقوله تعالى: {الزانية3 والزاني فاجلدوا كل4 واحد منهما مائة جلدة} أي من زنت برجل منكم أيها المسلمون وهما بكران حُرَّان غير محصنين ولا مملوكين فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة بعصا لا تشين جارحة ولا تكسر عضواً أي جلداً غير مبرح، وزادت السنة تغريب سنة، وقوله تعالى: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} ، أي لا تشفقوا عليهما فتعطلوا حَدَّ الله تعالى وتحرموهما من التطهير بهذا الحد لأن الحدود كفارة لأصحابها، وقوله: {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} أي فأقيموا عليهما الحد وقوله: {وليشهد عذابهما} أي إقامة الحد {طائفة من المؤمنين} أي ثلاثة أنفار فأكثر وأربعة أولى لأن شهادة الزنا تثبت بأربعة شهداء وكلما كثر العدد كان أولى وأفضل.
وقوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} أي لا يطأ إلا مثله من الزواني أو مشركة لا دين لها، والزانية أيضاً لا يطأها إلا زانٍ مثلها أو مشرك {وحرم ذلك على المؤمنين} أي حرم الله الزنا على المؤمنين والمؤمنات ولازم هذا أن لا نزوج زانياً من عفيفة إلا بعد توبته5، ولا نزوج زانية من عفيف إلا بعد توبتها6.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان حكم الزانية والزاني البكرين الحرين وهو جلد مائة وتغريب عام وأما الثيبان فالرحم إن كانا حرين أو جلد خمسين1 جلدة لكل واحد منهما إن كانا غير حرين.
2- وجوب إقامة هذا الحد أمام طائفة من المؤمنين.
3- لا يحل تزويج الزاني إلا بعد توبته، ولا الزانية إلا بعد توبتها.
__________

1 روي أن عمر رضي الله عنه: كتب يوماً إلى أهل الكوفة. علّموا نساءكم سورة النور. كما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن سورة النور، والغزل.
2 أي: إلا مثل الواطىء يريد الزاني بالزانية والمشرك بالمشركة.
3 قرأ الجمهور برفع الزانية وقرأ: عيسى الثقفي بالنصب وهو أوجه عند سيبويه لأنه نحو: زيداً أضربه، وتقدير الرفع: مما يتلى عليكم الزانية والزاني. على تقديم الخبر، وقدمت الزانية لأنّ الزنى في النساء أعر وأقبح وأضر للحمل، وال: في الزانية والزاني: للجنس ليعم سائر الزناة، على مرور الأعصر والأيام.
4 لا خلاف في أن الذي يقوم بإقامة هذا الحد هو الإمام أو نائبه والسادة في العبيد، وأن السوط يكون بين اللين والشدة وسطا بينهما، ولا يتعدى هذا الحد إلا أن يجرؤ الناس على الجرائم ويكثر الشر والفساد فيعزرون بما يردعهم.
5 قيل: إن هذه الآية منسوخة بآية: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإماتكم} وما في التفسير أولى وأظهر وبه العمل.
6 الجمهور على أن من زنى بامرأة يجوز له أن يتزوجها بعد استبرائها بحيضة وإذا زنت امرأة الرجل أو زنى هو لا يفسد نكاحهما.

**************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-08-2022, 03:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)

شرح الكلمات:
يرمون: أي يقذفون.
المحصنات: أي العفيفات والرجال هنا كالنساء.
فاجلدوهم: أي حداً عليهم واجباً.
ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً: لسقوط عدالتهم بالقذف للمؤمنين والمؤمنات.
إلا الذين تابوا: فإنهم بعد توبتهم يعود إليهم اعتبارهم وتصح شهادتهم.
معنى الآيتين:
بعد بيان حكم الزناة بين تعالى حكم القذف فقال: {والذين يرمون المحصنات2} أي والذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بالفاحشة وهي الزنا واللواط بأن يقول فلان زان أو لائط

فيقذفه بهذه الكلمة3 الخبيثة فإن عليه أن يحضر شهوداً أربعة يشهدون أمام الحاكم على صحة ما رمى به أخاه المؤمن فإن لم يأت بالأربعة شهود أقيم عليه الحد المذكور في الآية: وهو جلد ثمانين جلدة على ظهره وتسقط عدالته حتى يتوب وهو معنى قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون} أي عن طاعة الله ورسوله {إلا الذين تابوا هن بعد ذلك وأصلحوا} بأن كذبوا أنفسهم بأنهم ما رأوا الفاحشة وقوله: {فإن الله غفور} فيغفر لهم بعد التوبة {رحيم} بهم يرحمهم ولا يعذبهم بهذا الذنب العظيم بعدما تابوا منه.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:

1- بيان حد القذف وهو جلد ثمانين جلدة لمن قذف مؤمناً أو مؤمنة بالفاحشة وكان المقذوف بالغاً عاقلاً مسلماً4 عفيفاً أي لم يعرف بالفاحشة قبل رميه بها5.
2- سقوط عدالة القاذف إلا أن يتوب فإنه تعود إليه عدالته.
3- قبول توبة6 التائب إن كانت توبته صادقة نصوحا.
__________

1 لقوله تعالى من سورة النساء {فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} والمراد به: الإماء والعبيد مثلهن، ولما كان الموت لا ينصّف فعلم أنه الجلد خمسين جلدة.
2 قيل: خص النساء بهذا وإن كان الرجال يشاركونهن في الحكم لأنّ القذف فيهن أشنع وأنكر للنفوس ومن حيث هو هوى الرجال.
3 اختلف في التعريض هل يوجب الحد أو لا؟ فمالك يرى إيجابه إذا حصلت المعرة بالتعريض وإلا فلا وأخذ التعريض من آية: {إنك لأنت الحليم الرشيد} قاله قوم شعيب لنبيهم شعيب عليه السلام تعريضاً به لاً مدحاً له ومن أمثلة التعريض قول الشاعر:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
شبهه بالنساء.
وقال آخر:
قبيلة لا يغدرون بذمة
ولا يظلمون الناس حبّة خردل
اتهم القبيلة بالضعف وهو من أحوال النساء.
4 للقذف شروط تسعة: العقل والبلوغ وهما للقاذف والمقذوف سواء إذ هما شرط التكليف، وشرطان في الشيء المقذوف به وهما أن يكون القذف بوطىء يوجب الحد وهو الزنى واللواط أو بنفيه من أبيه وخمسة في المقذوف وهي: العقل والبلوغ كما تقدّم والإسلام والحرية والعفة.
5 الجمهور على أنه لا حد على من قذف كتابياً ذكراً أو أنثى والإجماع على عدم إقامة الحد على من قذف كافراً لأنه لا يُحَرمُ الزنى فكيف يحد على من قذف به؟.
6 إن شهد أربعة وأقيم الحد على المقذوف ثم أقرّ أحد الشهود بأنه كان كاذباً فإن لأولياء الدم بين قتله وبين العفو عنه وبين أخذ ربع الدية منه. هذا مذهب مالك وبه قال أحمد رحمهما الله تعالى.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-08-2022, 03:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النور - (2)
الحلقة (619)
تفسير سورة النور مدنية
المجلد الثالث (صـــــــ 549الى صــــ 555)

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)
شرح الكلمات:
يرمون أزواجهم: أي يقذفونهن بالزنا كأن يقول زنت أو الحمل الذي في بطنها ليس منه.
إنه لمن الصادقين: أي فيما رماها به من الزنى.
والخامسة: أي والشهادة الخامسة.
ويدرأ عنها العذاب: أي يدفع عنها حد القذف وهو هنا الرجم حتى الموت.
أن تشهد أربع شهادات: أي شهادتها أربع شهادات.
والخامسة: هي قولها غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
ولولا فضل الله عليكم: أي لفضح القاذف أو المقذوف ببيان كذب أحدهما.
معنى الآيات:
بعد بيان حكم حد القذف2 العام ذكر تعالى حكم القذف الخاص وهو قذف الرجل زوجته فقال تعالى: {والذين يرمون3 أزواجهم} أي بالفاحشة {ولم يكن لهم شهداء4} أي من يشهد معهم إلا أنفسهم أي إلا القاذف وحده فالذي يقوم مقام الأربعة شهود هو أن يشهد أربع5 شهادات قائلاً: أشهد6 بالله لقد رأيتها تزني أو زنت أو هذا الولد أو الحمل ليس لي ويلتعن فيقول في الخامسة {لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} أي فيما رمى به زوجته. وهنا يعرض على الزوجة أن تقر بما رماها به زوجها ويقام عليها حد القذف وهو هنا الرجم، أو تشهد أربع شهادات بالله أنها ما زنت، والخامسة تدعو على نفسها بغضب الله
فتقول {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} فيما رماها به، وبذلك درأت عنها العذاب الذي هو الحد ويفرق بينهما فلا يجتمعان أبداً. وقوله تعالى: {ولولا فضل الله7 عليكم ورحمته} جواب لولا محذوف تقديره لعاجلكم بالعقوبة ولفضح أحد الكاذبين: ولكن الله تواب رحيم فستر عليكم ليتوب من يتوب منكم ورحمكم بهذا التشريع العادل الرحيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان حكم قذف الرجل امرأته ولم يكن له أربعة شهود يشهدون معه على ما رمى به زوجته وهو اللعان.
2- بيان كيفية اللعان، وأنه موجب لإقامة الحد، إن لم ترد الزوجة الدعوى بأربع شهادات والدعاء عليها في الخامسة وقولها {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} .
3- في مشروعية اللعان مظهر من مظاهر حسن التشريع الإسلامي وكماله وأن مثله لن يكون إلا بوحي إلهي وفيه إشارة إلى تقرير النبوة المحمدية.
__________

1 قرأ الجمهور بتشديد {أنّ لعنة الله عليه} {وأنّ غضب الله عليها} بلفظ المصدر في {أن غضب الله} وتقدر باء الجر قبل أن لأنها هي التي اقتضت فتح أنّ، وقرأ نافع بتخفيف نون أن في الموضعين وغضب بصيغة الماضي.
2 ويعرف باللعان: لأن كلا من الزوجين يلعن نفسه إن كان كذباً.
3 نزلت هذه الآيات في قضية عويمر العجلاني مع زوجته خولة بنت عاصم أو قيس. فقد جاء إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل؟ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك" فاذهب فأت بها فأتى بها وتلاعنا وكانت هذه الحادثة في شعبان سنة تسع عقب القفول من غزوة تبوك.
4 حذف متعلق شهداء لظهوره من السياق أي: شهداء على ما ادعوه مما رموا به أزواجهم.
5 قامت الأربع شهادات مقام أربعة شهود الذين لابد منهم في القذف بالفاحشة خاصة فشهادة القتل والسرقة وغيرها يكتفى بشاهدين وفي القذف لابد من أربعة شهود.
6 سميت الأيمان هنا شهادة لأنها أقيمت مقام الشهود وأصبحت بدلاً عنها.
7 هذا تذييل لما مرّ من الأحكام العظيمة الدالة على تفضل الله على عباده المؤمنين بأفضل تشريع وأحسن حل لأخطر مشكلة اجتماعية.

*************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-08-2022, 03:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)
شرح الكلمات:
بالإفك عصبة: الإفك الكذب المقلوب وهو أسوأ الكذب، والعصبة الجماعة.
شراً لكم بل هو خير: الشر ما غلب ضرره على نفعه، والخير ما غلب نفعه على ضرره،.
لكم: والشر المحض النار يوم القيامة والخير المحض الجنة دار الأبرار.
والذي تولى كبره: أي معظمه وهو ابن أبي كبير المنافقين.
لولا: أداة تحضيض وحث بمعنى هلاّ.
فيما أفضتم فيه: أي فيما تحدثتم بتوسع وعدم تحفظ.
إذ تلقونه: أي تتلقونه أي يتلقاه بعضكم من بعض.
وتحسبونه هيناً: أي من صغائر الذنوب وهو عند الله من كبائرها لأنه عرض مؤمنة هي زوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سبحانك: كلمة تقال عند التعجب والمراد بها تنزيه الله تعالى عما لا يليق به.
بهتان عظيم: البهتان الكذب الذي يحيّر من قيل فيه.
يعظكم الله: أي ينهاكم نهياً مقروناً بالوعيد حتى لا تعودوا لمثله أبداً.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى حكم القذف العام والخاص ذكر حادثة الإفك التي هلك فيها خلق لا يحصون عداً إذ طائفة الشيعة الروافض ما زالوا يهلكون فيها جيلاً بعد جيل إلى اليوم إذ وَرَّثَ فيهم رؤوساء الفتنة الذين اقتطعوا من الإسلام وأمته جزءاً كبيراً أسمو شيعة آل البيت تضليلاً وتغريراً فأخرجوهم من الإسلام باسم الإسلام وأوردهم النار باسم
الخوف من النار فكذبوا الله ورسوله وسبوا زوج رسول الله واتهموها بالفاحشة وأهانوا أباها ولوثوا شرف زوجها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنسبة زوجه إلى الفاحشة.
وخلاصة الحادثة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن فرض الحجاب على النساء المؤمنات خرج إلى غزوة تدعى غزوة بني المصطلق أو المريسيع، ولما كان عائداً منها وقارب المدينة النبوية نزل ليلاً وارتحل، ولما كان الرجال يرحلون النساء على الهوادج وجدوا هودج عائشة رضي الله عنها فظنوها فيه فوضعوه على البعير وساقوه ضمن الجيش ظانين أن عائشة فيه، وما هي فيه، لأنها ذكرت عقداً لها قد سقط منها في مكان تبرزت فيه فعادت تلتمس عقدها فوجدت الجيش قد رحل فجلست في مكانها لعلهم إذا افتقدوها رجعوا إليها ومازالت جالسة تنظر حتى جاء صفوان بن معطل السلمي رضي الله عنه وكان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد عينه في الساقة وهم جماعة يمشون وراء الجيش بعيداً عنه حتى إذا تأخر شخص أو ترك متاع أوضاع شيء يأخذونه ويصلون به إلى المعسكر فنظر فرآها من بعيد فأخذ يسترجع أي يقول إنا لله وإنا إليه راجعون آسفاً لتخلف عائشة عن الركب قالت رضي الله عنها فتجلببت بثيابي وغطيت وجهي وجاء فأناخ راحلته فركبتها وقادها بي حتى انتهينا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المعسكر، وما إن رآني ابن أبي لعنة الله عليه حتى قال والله ما نجت منه ولا نجا منها، وروج للفتنة فاستجاب له ثلاثة أنفار فرددوا ما قال وهم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، {والذي تولى كبره} هو ابن أبي المنافق وتورط آخرون ولكن هؤلاء الأربعة هم الذين أشاعوا وراجت الفتنة في المدينة واضطربت لها نفس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونفوس أصحابه وآل بيته فأنزل الله هذه الآيات في براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبراءة صفوان رضي الله عنه، ومن خلال شرح الآيات تتضح جوانب القصة.
قال تعالى: {إن الذين1 جاءوا بالإفك عصبة منكم2} أي إن الذين جاءوا بهذا الكذب المقلوب إذ المفروض أن يكون الطهر والعفاف لكل من أم المؤمنين وصفوان بدل الرمي بالفاحشة القبيحة فقلبوا القضية فلذا كان كذبهم إفكاً وقوله: {عصبة} أي جماعة لا يقل عادة عددهم على عشرة أنفار إلا أن الذين روجوا الفتنة وتورطوا فيها حقيقة وأقيم عليهم الحد أربعة ابن أبي وهو الذي تولى كبره منهم وتوعده الله بالعذاب العظيم لأنه منافق كافر
مات على كفره ونفاقه، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها وحسان بن ثابت رضي الله عنه، وقوله تعالى: {لا تحسبوه شراً لكم} لما نالكم من هم وغم وكرب من جرائه {بل هو خير لكم} لما كان له من العاقبة الحسنة وما نالكم من الأجر العظيم من أجل عظم المصاب وشدة الفتنة وقوله تعالى: {لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم} على قدر ما قال وروج وسيجزي به إن لم يتب الله تعالى عليه ويعفو عنه. وقوله: {والذي تولى كبره3 منهم له عذاب عظيم} وهو عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين عليه لعنة الله.
وقوله تعالى: {لولا إذ سمعتموه4 ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين} هذا شروع في عتاب القوم وتأديبهم وتعليم المسلمين وتربيتهم فقال عز وجل: {لولا} أي هلا وهي للحض والحث على فعل الشيء إذ سمعتم قول الإفك ظننتم بأنفسكم خيراً إذ المؤمنون والمؤمنات كنفس واحدة، وقلتم لن يكون هذا وإنما هو إفك مبين أي ظاهر لا يقبل ولا يقر عليه هكذا كان الواجب عليكم ولكنكم ما فعلتم.
وقوله تعالى: {لولا جاءوا5 عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} أي كان المفروض فيكم أيها المؤمنون أنكم تقولون هذا لمن جاء بالإفك فإنهم لا يأتون بشاهد فضلاً عن أربعة وبذلك تسجلون عليهم لعنة الكذب في حكم الله. وقوله تعالى: {ولولا فضل6 الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم7 فيه عذاب عظيم} هذه منة من الله تحمل أيضاً عتاباً واضحاً إذ بولوغكم في عرض أم المؤمنين، وما كان لكم أن تفعلوا ذلك قد استوجبتم العذاب لولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم العذاب العظيم. وقوله: {إذ تلقونه بألسنتكم} أي يتلقاه بعضكم من بعض، {وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم} وهذا عتاب وتأديب. وقوله: {وتحسبونه هينا} أي ليس بذنب كبير ولا تبعة فيه {وهو عند الله عظيم} ، وكيف وهو يمس عرض رسول الله وعائشة والصديق وآل البيت أجمعين.
وقوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه8 قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا} إذ هذه مما لا يصح لمؤمن أن يقول فيه لخطره وعظم شأنه. وقلتم متعجبين من مثله كيف يقع {سبحانك} أي يا رب {هذا} أي الإفك {بهتان عظيم} بهتوا به أم المؤمنين وصفوان.
وقولي: {يعظكم9 الله} أي ينهاكم الله مخوفاً لكم بذكر العقوبة الشديدة {أن تعودوا لمثله أبداً} أي طول الحياة فإياكم إياكم إن كنتم مؤمنين حقاً وصدقاً فلا تعودوا لمثله أبداً. وقوله: {ويبين الله لكم الآيات} التي تحمل الهدى والنور لترشدوا وتكملوا والله عليم بخلقه وأعمالهم وأحوالهم حكيم فيما يشرع لهم من أمر ونهي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- قضاء الله تعالى للمؤمن كله خير له.
2- بشاعة الإفك وعظيم جرمه.
3- العقوبة على قدر الجرم كبراً وصغراً قلة وكثرة.
4- واجب المؤمن أن لا يصدق من يرمي مؤمناً بفاحشة، وأن يقول له هل تستطيع أن تأتي بأربعة شهداء على قولك فإن قال لا قال له إذاً أنت عند الله من الكاذبين.
5- حرمة القول بدون علم والخوض في ذلك.

__________

1 هذا كلام مستأنف استئنافاً ابتدائياً، والإفك: الكذب الخال. الذي لا شبهة فيه يفاجأ به المرء فيبهته فيصير بهتاناً وهو مشتق من الأفك بفتح الهمزة وهو القلب ومن صوره أن يقال في الصادق كاذب والطاهر خبيث ونحو ذلك.
2 عصبة: خبر إنّ، والعصبة: الجماعة يتعصب بعضهم لبعض.
3 الكِير: بكسر الكاف قراءة الجمهور ومعناه: أشد الشيء ومعظمه، وقرىء كُبره بضم الكاف.
4 كلام مستأنف مسوق لتوبيخ العصبة وفيه تربية للمسلمين وإرشاد لهم لما ينبغي أن يكونوا عليه من الآداب.
5 لولا: هذه مثل سابقتها حرف تحريض.
6 لولا هذه حرف امتناع لوجود، امتنع مس العذاب لوجود فضل الله ورحمته.
7 الإفاضة في القول: التوسع فيه مشتقة من إفاضة الماء على العضو.
8 لولا هنا بمعنى: هلا وهي للتوبيخ.
9 قال مالك: من سبّ أبا بكر وعمر أدّب ومن سبّ عائشة كفر لأن عائشة برأها الله تعالى فمن سبهّا بغير الفاحشة أدّب ومن سبّها بالفاحشة كفر لأنه كذّب الله تعالى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 393.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 387.96 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.49%)]