تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 111 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4942 - عددالزوار : 2040073 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4516 - عددالزوار : 1310192 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1109 - عددالزوار : 129065 )           »          زلزال في اليمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 4815 )           »          ما نزل من القُرْآن في غزوة تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أوليَّات عثمان بن عفان رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          طريق العودة من تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-07-2022, 10:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الكهف - (2)
الحلقة (561)
تفسير سورة الكهف مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 241الى صــــ 245)
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } 13 { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } 14 { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } 15 { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً }16


شرح الكلمات:

نبأهم بالحق: أي خبرهم العجيب بالصدق واليقين.

وزنادهم هدى: أي إيماناً وبصيرة في دينهم ومعرفة ربهم حتى صبروا على الهجرة.

وربطنا على قلوبهم: أي شددنا عليها فقويت عزائمهم حتى قالوا كلمة الحق عند سلطان جائر.

لن ندعوا من دونه إلها: لن نعبد من دونه إلهاً آخر.

لولا يأتون عليهم بسلطان: أي هلا يأتون بحجة قوية تثبت صحة عبادتهم.

على الله كذباً: أي باتخاذ آلهة من دونه تعالى يدعوها ويعبدها.

فأووا إلى الكهف: أي انزلوا في الكهف تستترون به على أعين أعدائكم المشركين.

ينشر لكم ربكم من رحمته: أي يبسط من رحمته عليكم بنجاتكم مما فررتم منه.

ويهيء لكم من أمركم: وييسر لكم من أمركم الذي أنتم فيه من الغم والكرب.

مرفقا: أي ما ترتفقون به وتنتفعون من طعام وشراب وإواء.

معنى الآيات:

بعد أن ذكر تعالى موجز قصة أصحاب الكهف أخذ في تفصيلها { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ 1} أي نحن رب العزة والجلال نقص عليك أيها الرسول خبر أصحاب الكهف بالحق الثابت الذي لا شك فيه { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ2 } ، جمع فتى { آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ } أي صدقوا بوجوده ووجوب عبادته وتوحيده فيها وقوله { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } أي هداية إلى معرفة الحق من محاب الله تعالى ومكارهه.

وقوله تعالى: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي قوّينا عزائمهم بما شددنا على قلوبهم حتى قاموا وقالوا على رؤوس الملأ وأمام ملك كافر { رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي ليس لنا رب سواه، لن ندعو من دونه إلهاً مهما كان شأنه، إذ لو اعترفنا بعبادة غيره لكنا قد قلنا إذاً شططاً من القول وهو الكذب والغلو فيه وقوله تعالى: { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } يخبر تعالى عن قيل الفتية لما ربط الله على قلوبهم إذ قاموا في وجه المشركين الظلمة وقالوا: { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا 3ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } أي هلا يأتون عليهم بسلطان بيّن أي بحجة واضحة تثبت عبادة هؤلاء الأصنام من دون الله؟ ومن أين ذلك والحال أنه لا إله إلا الله؟!

وقوله تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ 4} ينفي الله عز وجل أن يكون هناك أظلم ممن افترى على الله كذباً باتخاذ آلهة يعبدها معه باسم التوسل بها وشعار التشفع والتقرب إلى الله زلفى بواسطتها!! وقوله تعالى عن قيل أصحاب الكهف لبعضهم5: { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } من الأصنام والأوثان { فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ } أي فصيروا إلى غار الكهف المسمى " بنجلوس " { يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ } أي يبسط لكم من رحمته بتيسيره لكم المخرج من الأمر الذي رميتم به من الكافر " دقينوس " { وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً } أي ما ترتفقون به من طعام وشراب وأمن في مأواكم الجديد الذي أويتم إليه فراراً بدينكم واستخفائكم من طالبكم المتعقب لكم ليفتنكم في دينكم أو يقتلكم.
هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير النبوة المحمدية بذكر قصة أصحاب الكهف.

2- تقرير زيادة الإِيمان ونقصانه.

3- فضيلة الجرأة في الحق والتصريح به ولو أدى إلى القتل أو الضرب أو السجن.

4- تقرير التوحيد وأنه لا إله إلا الله على لسان أصحاب الكهف.

5- بطلان عبادة غير الله لعدم وجود دليل عقلي أو نقلي عليها.

6- الشرك ظلم وكذب والمشرك ظالم مفتر كاذب.

7- تقرير فرض الهجرة في سبيل الله.

8- فضيلة الالتجاء إلى الله تعالى وطلب حمايته لعبده وكفاية الله من لجأ إليه في صدق.
______________________

1 الحق هنا بمعنى الصدق في الإخبار والباء في قوله {بالحق} للملابسة أي: القصص المصاحب للصدق والنبأ: الخبر ذو الشأن والأهمية.
2 الجملة بيانية أي: مبينة للقصص.
3 {من} ابتدائية، أي آلهة ناشئة من غير الله تعالى.
4 {من} اسم استفهام، ومعناه الإنكار والنفي، الإنكار على من اتخذ آلهة دون الله تعالى، والنفي لوجود آلهة حق مع الله تعالى.
5 أي: قالوا ما قالوه على سبيل النصح والمشورة الصائبة.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-07-2022, 10:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } 17 { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }18


شرح الكلمات:

تزاور: أي تميل.

تقرضهم: تتركهم وتتجاوز عنهم فلا تصيبهم.

في فجوة منه: متسع من الكهف ينالهم برد الريح ونسيمها.

من آيات الله: أي دلائل قدرته.

أيقاظاً: جمع يقظ أي منتبهين لأن أعينهم منفتحة.

بالوصيد: فناء الكهف.

رُعباً: منعهم الله بسببه من الدخول عليهم.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في عرض قصة أصحاب الكهف يقول تعالى في خطاب رسوله صلى الله عليه وسلم { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن 1كَهْفِهِمْ } أي تميل عنه ذات اليمين { وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ } أي تتركهم وتتجاوز عنهم فلا تصيبهم ذات الشمال. وقوله تعالى: { وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ2 مِّنْهُ } أي متسع من الكهف ينالهم برد الريح ونسيمها، وقوله { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } أي وذلك المذكور من ميلان الشمس عنهم إذا طلعت وقرضها لهم إذا غربت من دلائل قدرة الله تعالى ورحمته بأوليائه ولطفه بهم،3 وقوله تعالى: { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } يخبر تعالى أن الهداية بيده وكذلك الإِضلال فليطلب العبد من ربه الهداية إلى صراطه المستقيم، وليستعذ به من الضلال المبين، إذ من يضله الله لن يوجد له ولي يرشده بحال من الأحوال، وقوله تعالى: { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ 4رُقُودٌ } أي أنك إذا نظرت إليهم تظنهم أيقاظاً أي منتبهين لأن أعينهم متفتحة وهم رقود نائمون لا يحسّون بأحد ولا يشعرون، وقوله تعالى: { وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ } أي جهة اليمين { وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ } أي جهة الشمال حتى لا تَعْدو التربة على أجسادهم فتبليها. وقوله { وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ } أي: وكلبهم الذي خرج معهم، وهو كلب صيد { بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ5 بِٱلوَصِيدِ } أي: بفناء الكهف. وقوله تعالى: { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ } أي لو شاهدتهم وهم رقود وأعينهم مفتحة { لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً } لرجعت فاراً منهم { وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً } أي خوفاً وفزعاً، ذلك أن الله تعالى ألقى عليهم من الهيبة والوقار حتى لا يدنو منهم أحد ويمسهم بسوء إلى أن يوقظهم عند نهاية الأجل الذي ضرب لهم، ليكون أمرهم آية من آيات الله الدالة على قدرته وعظيم سلطانه وعجيب تدبيره في خلقه.

من هداية الآيات:

1- بيان لطف الله تعالى بأوليائه بإكرامهم في هجرتهم إليه.

2- تقرير أن الهداية بيد الله فالمهتدي من هداه الله والضال من أضله الله ولازم ذلك طلب الهداية من الله، والتعوذ به من الضلال لأنه مالك ذلك.

3- بيان عجيب تدبير الله تعالى وتصرفه في مخلوقاته فسبحانه من إله عظيم عليم حكيم.
________________________

1 {تزاور} : تتنحى أو تميل من الازورار والزور: الميل، والأزور من الناس: المائل النظر إلى ناحية وازورّ: مال ومنه قول عنترة:
فازورّ من وقع القّنا بلبانه
وشكا إليَّ بعبرة وتحمحم
الللّبان: الصدر، والتحمحم: صوت دون الصهيل.
2 الفجوة: والجمع فجوات وفجاء وهو المتسع.
3 والمقصود بيان حفظهم من تطرق البلاء، وتغير الأبدان والأبدان والتأذي بحرّ أو برد.
4 {رقود} : جمع راقد كراكع وركوع، وساجد وسجود، والتقليب: تغيير وضع الشيء من ظاهره إلى باطنه وفعل الله تعالى هذا لحكمة وهي: حتى لا تؤثر الأرض على أجسامهم فتبلى، ولم يعرف كم مرّة يقلبون فيها في الشهر أو العام أو في أقل أو أكثر.
5 فناء عند مدخل الكهف فشبّه بالباب الذي هو الوصيد لأنه يوصد ويغلق.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-07-2022, 10:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الكهف - (3)
الحلقة (562)
تفسير سورة الكهف مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 246الى صــــ 251)
{ وَكَذظ°لِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَظ±بْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـظ°ذِهِ إِلَىظ° ظ±لْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىظ° طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } 19{ إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوغ¤اْ إِذاً أَبَداً } 20 { وَكَذظ°لِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوغ¤اْ أَنَّ وَعْدَ ظ±للَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ظ±لسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ظ±بْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ظ±لَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىظ° أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً }21


شرح الكلمات:

كذلك بعثناهم: أي كما أنمناهم تلك النومة الطويلة الخارقة للعادة بعثناهم 1من رقادهم بعثاً خارقاً للعادة أيضاً فكان في منامهم آية وفي إفاقتهم آية.

كم لبثتم: أي في الكهف نائمين.

يوماً أو بعض يوم: لأنهم دخلوا الكهف صباحاً واستيقظوا عشية.

بورقكم: بدراهم الفضة التي عندكم.

إلى المدينة: أي المدينة التي كانت تسمى أفسوس وهي طرسوس اليوم.

أزكى طعاماً: أي أيُّ أطعمة المدينة أَحلُّ أي أكثر حِلِّيَّةً.

وليتلطف: أي يذهب يشتري الطعام ويعود في لطف وخفاء.

يرجموكم: أي يقتلوكم رمياً بالحجارة.

أعثرنا عليهم: أطلعنا عليهم أهل بلدهم.

ليعلموا: أي قومهم أن البعث حق للأجساد والأرواح معاً.

إذ يتنازعون: أي الكفار قالوا ابنوا عليهم أي حولهم بناء يسترهم.

فقالوا: أي المؤمنون والكافرون في شأن البناء عليهم.

وقال الذين غلبوا على أمرهم: وهم المؤمنون لنتخذن حولهم مسجداً يصلى فيه.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحديث عن أصحاب الكهف فقوله تعالى: { وَكَذظ°لِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } أي كما أنمناهم ثلاثمائة سنة وتسعا وحفظنا أجسادهم وثيابهم من البلى ومنعناهم من وصول أحد إليهم، وهذا من مظاهر قدرتنا وعظيم سلطاننا بعثناهم من نومهم الطويل ليتساءلوا بينهم فقال قائل منهم مستفهماً كم لبثتم يا إخواننا فأجاب بعضهم قائلاً { لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } لأنهم آووا إلى الكهف في الصباح وبعثوا من رقادهم في المساء وأجاب بعض آخر بقول مُرْضٍ للجميع وهو قوله: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } فسلموا الأمر إليه، وكانوا جياعاً فقالوا لبعضهم { فَظ±بْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ2 هَـظ°ذِهِ } يشيرون إلى عملة من فضة كانت معهم { إِلَىظ° ظ±لْمَدِينَةِ } وهي أفسوس التي خرجوا منها هاربين بدينهم، وقوله: { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىظ° طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ } أي فلينظر الذي تبعثونه لشراء الطعام أي أنواع الأطعمة أزكى أي أطهر من الحرام والاستقذار { فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ3 مِّنْهُ } لتأكلوه سداً لجوعكم وليتلطف4 في شرائه وذهابه وإيابه حتى لا يُشعر بكم أحداً وعلل لقوله هذا بقوله { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي يطلعوا { يَرْجُمُوكُمْ } أو يقتلوكم رجماً بالحجارة 5{ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } ملة الشرك بالقسر والقوة. { وَلَن تُفْلِحُوغ¤اْ إِذاً أَبَداً } أي ولن تفلحوا بالنجاة من النار ودخول الجنة إذا أنتم عدتم للكفر والشرك.. فكفرتم وأشركتم بربكم.

وقوله تعالى: { وَكَذظ°لِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ 6} أي وكما أنمناهم تلك المدة الطويلة وبعثناهم ليتساءلوا بينهم فيزدادوا إيماناً ومعرفة بولاية الله تعالى وحمايته لأوليائه { أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أهل مدينتهم الذين انقسموا إلى فريقين فريق يعتقد أن البعث حق وأنه بالأجسام والأرواح، وفريق يقول البعث الآخر للأرواح دون الأجسام كما هي عقيدة النصارى إلى اليوم، فأنام الله الفتية وبعثهم وأعثر عليهم هؤلاء القوم المختلفين فاتضح لهم أن الله قادر على بعث الناس أحياء أجساماً وأرواحاً كما بعث أصحاب الكهف وهو معنى قوله تعالى: { وَكَذظ°لِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوغ¤اْ } أي أولئك المختلفون في شأن البعث أن وعد الله حق وهو ما وعد به الناس من أنه سيبعثهم بعد موتهم يوم القيامة ليحاسبهم ويجزيهم بعملهم.
{ وَأَنَّ ظ±لسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا } وقوله تعالى: { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } أي أعثرناهم عليهم في وقت كان أهل البلد يتنازعون في شأن البعث والحياة الآخرة هل هي بالأجسام والأرواح أو بالأرواح دون الأجسام. فتبين لهم بهذه الحادثة أن البعث حق وأنه بالأجسام والأرواح معاً. وقوله تعالى: { فَقَالُواْ ظ±بْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً } واتركوهم في الكهف أي سدوا عليهم باب الكهف واتركوهم فيه لأنهم بعد أن عثروا عليهم ماتوا { رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } وبحالهم.

وقوله تعالى: { قَالَ ظ±لَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىظ° أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً7 } أي قال الذين غلبوا على أمر الفتية لكون الملك كان مسلماً معهم { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } أي للصلاة فيه وفعلاً بنوة على مقربة من فم الغار بالكهف.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته.

2- وحوب طلب الحلال في الطعام والشراب وغيرهما.

3- الموت على الشرك والكفر مانع من الفلاح يوم القيامة أبداً.

4- تقرير معتقد البعث والجزاء الذي ينكره أهل مكة.

5- مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لعن الله اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وقوله " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق يوم القيامة " (في الصحيحين).

6- مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع " إذ قد بنى 8المسلمون على قبور الأولياء والصالحين المساجد. بعد القرون المفضلة حتى أصبح يندر وجود مسجد عتيق خال من قبر أو قبور9.
____________________________
1 البعث: التحريك من سكون أي: كما ضربنا على آذانهم وزدناهم هدىً وقلبناهم بعثناهم أيضاً أي: أيقظناهم من رقادهم على ما كانوا عليه من ثيابهم وأحوالهم.
2قال ابن عباس كان معهم دراهم فضة عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم والورق: الفضة، وقرىء بكسر الراء وقرىء بسكونها.
3 في هذه الآية دليل على جواز الوكالة في كل مباح مأذون فيه وسواء كان الموكل عاجزاً أو قادراً ورأى بعضهم أنّ القادر لا يوكل، والصحيح جوازه، وقد وكل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صحيح حاضر، ووكّل عليّ رضي الله عنه ووكل كثير من الصحابة من ينوب عنهم في أمورهم.
4 الجمهور على أن نصف حروف القرآن التاء من قوله: {وليتلّطف} أي: نصف القرآن من الفاتحة إلى {وليتلّطف} والنصف الآخر والأخير منها إلى الناس.
5 القتل بالرجم بالحجارة أشفى لصدور أهل الدين لأنهم يشاركون في القتل بالرجم.
6 أطعلنا عليهم. يقال عثر على كذا: وقف عليه برجله ومنه العثار للرجل وأعثر عليه: جعل غيره يعثر عليه بمعنى يقف عليه مطلعاً عليه ظاهراً.
7 اتخاذ المساجد على القبور من عمل أهل الكتاب قبل هذه الأمّة، وقد بيّن ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحذّر منه وحرّمه على أمته لما يفضي به إلى الشرك وعبادة غير الله تعالى فقد روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: "لعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوّروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". وروى مسلم: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" وفي الصحيحين: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا".
8 روى الترمذي وصححه عن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تجصص القبور وأن يكتب عليها أو يبنى عليها وأن توطأ" وروى أبو داود والترمذي وغيرهما أن علياً قال لأحد رجاله أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألاّ تدع تمثالاً إلاّ طمسته ولا قبراً مشرفاً إلاّ سويته ولا صورة إلاّ طمستها" والمراد بالمشرف: العالي المرتفع أما تسنيم القبر شبراً وأي ليعرف فلا بأس به.
9 ذكر القرطبي هنا أنّ الدفن في التابوت جائز لاسيما في الأرض الرخوة وقال: روي أنّ دانيال عليه السلام كان في تابوت من حجر وأنّ يوسف عليه السلام أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج.

****************************** ****

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-07-2022, 10:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِظ±لْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً } 22 { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذظ°لِكَ غَداً } 23 { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ظ±للَّهُ وَظ±ذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىظ° أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـظ°ذَا رَشَداً } 24 { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَظ±زْدَادُواْ تِسْعاً } 25 { قُلِ ظ±للَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }26


شرح الكلمات:

رجماً بالغيب: أي قذفاً بالظن غير يقين علم.

ما يعلمهم إلا قليل: أي من الناس.

فلا تمار فيهم: لا تجادل في عدتهم.

ولا تستفت فيهم منهم أحداً: أي من أهل الكتاب، الاستفتاء: الاستفهام والسؤال.

إلا أن يشاء الله: أي إلا أن تقول إن شاء الله.

لأقرب من هذا رشداً: هداية وأظهر دلالة على نبوتي من قصة أصحاب الكهف.

له غيب السماوات والأرض: أي علم غيب السماوات والأرض وهو ما غاب فيهما.

أبصر به وأسمع: أي أبصر بالله وأسمع به صيغة تعجب! والأصل ما أبصره وما أسمعه.

ما لهم من دونه من ولي: أي ليس لأهل السماوات والأرض من دون الله أي من ناصر.

ولا يشرك في حكمه أحداً: لأنه غني عما سواه ولا شريك له.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن أصحاب الكهف يخبر تعالى بأن الخائضين في شأن أصحاب الكهف سيقول بعضهم بأنهم ثلاثة رابعهم كلبهم ويقول بعض آخر هم خمسة سادسهم كلبهم1 { رَجْماً بِظ±لْغَيْبِ } أي قذفاً بالغيب من غير علم يقيني، ويقول بعضهم هم سبعة وثامنهم كلبهم، ثم أمر الله تعالى رسوله أن يقول لأصحابه تلك الأقوال: { رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ } أي ما يعلم عددهم إلا قليل من الناس قال ابن عباس أنا من ذلك القليل فعدتهم سبعة وثامنهم كلبهم ولعله فهم ذلك من سياق الآية إذ ذكر تعالى أن الفريقين الأول والثاني قالوا ما قالوه من باب الرجم بالغيب لا من باب العلم والمعرفة، وسكت عن الفريق الثالث، فدل ذلك على أنهم سبعة وثامنهم كلبهم والله أعلم. وقوله تعالى { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً 2} أي ولا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالاً بيناً ليناً بذكرك ما قصصنا عليك دون تكذيب لهم، ولا موافقة لهم. وقوله تعالى { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ3 } أي في أصحاب الكهف { مِّنْهُمْ } أي من أهل الكتاب { أَحَداً } وذلك لأنهم يعلمون عدتهم وإنما يقولون بالخرص والتخمين لا بالعلم واليقين. وقوله تعالى: { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ 4إِنِّي فَاعِلٌ ذظ°لِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ ظ±للَّهُ } أي لا تقل يا محمد في شأن تريد فعله مستقبلاً أي سأفعل كذا إلا أن تقول إن شاء الله، 5وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما سأله وفد قريش بإيعاز من اليهود عن المسائل الثلاث: الروح، وأصحاب الكهف وذي القرنين، قال لسائليه: أجيبكم غداً انتظاراً للوحي ولم يقل إن شاء الله، فأدبه ربه تعالى بانقطاع الوحي عنه نصف شهر، وأنزل هذه السورة وفيها هذا التأديب له صلى الله عليه وقوله: { وَظ±ذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } أي إذا نسيت الاستثناء الذي علمناك فاذكره ولو بعد حين لتخرج من الحرج.
أما الكفارة فلازمة إلا أن يكون الاستثناء متصلاً بالكلام وقوله تعالى: { وَقُلْ عَسَىظ° أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـظ°ذَا رَشَداً } أي وقل بعد النسيان والاستثناء المطلوب منك { عَسَىظ° أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـظ°ذَا رَشَداً } أي لعل الله تعالى أن يهديني فيسددني لأَسَدَّ ما وعدتكم أن أخبركم به مما هو أظهر دلالة على نبوتي مما سألتموني عنه اختباراً لي. وقوله تعالى { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ6 وَظ±زْدَادُواْ تِسْعاً } يخبر تعالى أن الفتية لبثوا في كهفهم رقوداً من ساعة دخلوه إلى أن أعثر الله عليهم قومهم ثلاثمائة سنين بالحساب الشمسي وزيادة تسع سنين بالحساب القمري.

وقوله: { قُلِ ظ±للَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ } رد به على من قال من أهل الكتاب إن الثلاثمائة والتسع سنين هي من ساعة دخولهم الكهف إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطل الله هذا بتقرير الثلثمائة والتسع أولاً وبقوله { ظ±للَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ } ثانياً وبقوله: { لَهُ غَيْبُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ } أي ما غاب فيهما، ثالثاً، وبقوله: { أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ } أي ما أبصره بخلفه وما أسمعه لأقوالهم حيث لا يخفى عليه شيء من أمورهم وأحوالهم خامساً، وقوله { مَا لَهُم } أي لأهل السماوات والأرض من دونه تعالى { مِن وَلِيٍّ } أيْ ولا ناصر { وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } لغناه عما سواه ولعدم وجود شريك له بحال من الأحوال.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- بيان اختلاف أهل الكتاب وعدم ضبطهم للأحداث التاريخية.

2- بيان عدد فتية أصحاب الكهف وأنهم سبعة وثامنهم كلبهم.

3- من الأدب مع الله تعالى أن لا يقول العبد سأفعل كذا مستقبلاً إلا قال بعدها إن شاء الله.

4- من الأدب من نسي الاستثناء أن يستثني ولو بعد حين فإن حلف لا ينفعه الاستثناء إلا إذا كان متصلاً بكلامه.

5- تقرير المدة التي لبثها الفتية في كهفهم وهي ثلاث مائة وتسع سنين بالحساب القمري.
________________________

1 أصل الرجم هو الرجم بالحجارة ونحوها والمراد به هنا، رمي الكلام من غير روّية ولا تثبّت، والمراد أنّ ما قالوه في بيان عددهم هو من باب القول بالظن بدون علم.
2 المراد: بالظاهر هو الذي لا سبيل إلى إنكاره ولا يطول الخوض فيه.
3 الاستفتاء: طلب الفتيا وهي الخبر عن أمر لا يعلمه إلاّ ذوو العلم روي أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل بعض نصارى نجران فنهي عن ذلك.
4 لشيء أي: في شيء أو لأجل شيء.
5 أي: إلاّ أن تذكر مشيئة الله تعالى.
6 قرأ الجمهور {ثلثمائةٍ} بالتنوين و {سنين} منصوب على التمييز أو على البدلية، فهو مجرور، وقرأ خلافهم بإضافة ثلثمائة إلى سنين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-07-2022, 10:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الكهف - (4)
الحلقة (563)
تفسير سورة الكهف مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 252الى صــــ 257)


{
وَظ±تْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } 27 { وَظ±صْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ظ±لَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِظ±لْغَدَاةِ وَظ±لْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ظ±لْحَيَاةِ ظ±لدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَظ±تَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } 28 { وَقُلِ ظ±لْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَظ±لْمُهْلِ يَشْوِي ظ±لْوجُوهَ بِئْسَ ظ±لشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } 29 { إِنَّ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } 30 { أُوْلَـظ°ئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ظ±لأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ظ±لأَرَآئِكِ نِعْمَ ظ±لثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }31


شرح الكلمات:

واتل ما أوحي إليك من الكتاب: أي اقرأ القرآن تعبداً ودعوة وتعليماً.

لا مبدل لكلماته: أي لا مغير لكلمات الله في ألفاظها ولا معانيها وأحكامها.

ملتحداً: أي ملجأ تميل إليه إحتماءاً به.

واصبر نفسك: أي إحبسها.

يريدون وجهه: أي طاعته ورضاه، لا عرضاً من عرض الدنيا.

ولا تعد عيناك عنهم: أي لا تتجاوزهم بنظرك إلى غيرهم من أبناء الدنيا.

تريد زينة الحياة الدنيا: أي بمجالستك الأغنياء تريد الشرف والفخر.

من أغفلنا قلبه: أي جعلناه غافلاً عما يجب عليه من ذكرنا وعبادتنا.

وكان أمره فرطاً: أي ضياعاً وهلاكاً.

أحاط بهم سرادقها: حائط من نار أحيط بهؤلاء المعذبين في النار.

بماء كالمهل: أي كعكر الزيت أي الدردي وهو ما يبقى في أسفل الإِناء ثخناً رديئاً.

من سندس واستبرق: أي مَارَقَّ من الديباج، والاستبرق ما غلظ منه أي من الديباج.

معنى الآيات:

بعد نهاية الحديث عن أصحاب الكهف أمر تعالى رسوله بتلاوة كتابه فقال: { وَظ±تْلُ 1} أي وقرأ { مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ } تعبداً ودعوة للناس إلى ربهم به وتعليماً للمؤمنين بما جاء فيه من الهدى.

وقوله: { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } أي لا تتركن تلاوته والعمل به والدعوة إليه فتكون من الهالكين فإن ما وعد ربك به المعرضين عنه المكذبين به كائن حقاً وواقع صدقاً فإن ربك { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } المشتملة على وعده لأوليائه ووعيده لأعدائه ممن كفروا به وكذبوا بكتابه فلم يحلوا حلاله ولم يحرموا حرامه.

وقوله تعالى: { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } أي إنك إن لم تتل كتابه الذي أوحاه إليك وتعمل بما فيه فَنَالَكَ ما أوعد به الكافرين المعرضين عن ذكره. { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } أي موئلاً تميل إليه وملجأ تحتمي به وإذا كان مثل هذا الوعيد الشديد يوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم فغيره ممن تركوا تلاوة القرآن والعمل به فلا أقاموا حدوده ولا أحلوا حلاله ولا حرموا حرامه أولى بهذا الوعيد وهو حائق بهم لا محالة إن لم يتوبوا قبل موتهم وقوله تعالى: { وَظ±صْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ظ±لَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِظ±لْغَدَاةِ وَظ±لْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } نزل هذا التوجيه للرسول صلى الله عليه وسلم عندما عرض عليه المشركون إبعاد أصحابه الفقراء كبلال وصهيب وغيرهما ليجلسوا إليه ويسمعوا منه فنهاه ربه عن ذلك وأمره أن يحبس نفسه مع أولئك الفقراء المؤمنين { ظ±لَّذِينَ يَدْعُونَ } ربهم في صلاتهم في الصباح والمساء لا يريدون بصلاتهم وتسبيحهم ودعائهم عرضاً من أعراض الدنيا وإنما يريدون رضا الله ومحبته بطاعته في ليلهم ونهارهم.

وقوله تعالى: { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ 2} أي لا تتجاوز ببصرك هؤلاء المؤمنين الفقراء إلى أولئك الأغنياء تريد مجالستهم للشرف والفخر وقوله { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا3 } فجعلناه غافلاً عن ذكرنا وذكر وعدنا ووعيدنا ليكون من الهالكين لعناده وكبريائه وظلمه.
{ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً 4} أي ضياعاً وهلاكاً، وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا السياق { وَقُلِ ظ±لْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن5 وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } أي هذا الذي جئت به وأدعوا إليه من الايمان والتوحيد والطاعة لله بالعمل الصالح هو { ظ±لْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } أيها الناس. { فَمَن شَآءَ } الله هدايته فآمن وعمل صالحاً فقد نجاه ومن لم يشأ الله هدايته فَبَقِي على كفره فلم يؤمن فقد خاب وخسر.

وقوله: { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } أي جدرانها النارية، { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ } من شدة العطش { يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَظ±لْمُهْلِ } رديئاً ثخِناً { يَشْوِي ظ±لْوجُوهَ } إذا أدناه الشارب من وجهه ليشرب شوى جلده ووجهه ولذا قيل فيه ذم له. { بِئْسَ ظ±لشَّرَابُ وَسَآءَتْ } أي جهنم { مُرْتَفَقاً } في منزلها وطعامها وشرابها إذ كله سوء وعذاب هذا وعيد من اختار الكفر على الإيمان وأما وعد من آمن وعمل صالحاً وقد تضمنته الآيتان [31-32] إذ قال تعالى: { إِنَّ ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } هذا حكمنا الذي لا تبديل له وبين تعالى أجرهم على إيمانهم وإحسان أعمالهم فقال: { أُوْلَـظ°ئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي إقامة دائمة { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ظ±لأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ظ±لأَرَآئِكِ } وهي الأسرة بالحجلة. ثم أثنى الله تعالى على نعيمهم الذي أعده لهم بقوله: { نِعْمَ ظ±لثَّوَابُ } الذي أثيبوا 6به { وَحَسُنَتْ } الجنة في حليها وثيابها وفرشها وأسرتها وطعامها وشرابها وحورها ورضوان الله فيها { وَحَسُنَتْ 7مُرْتَفَقاً } يرتفقون فيه وبه، جعلنا الله من أهلها.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- بيان خيبة وخسران المعرضين عن كتاب الله فلم يتلوه ولم يعملوا بما جاء فيه من شرائع وأحكام.

2- الترغيب في مجالسة أبناء الآخرة وهم الفقراء الصابرون وترك أبناء الدنيا والإِعراض عما هم فيه.

3- على الداعي إلى الله تعالى أن يبين الحق، والناس بعد بحسب ما كتب لهم أو عليهم.

4- الترغيب والترهيب بذكر جزاء الفريقين المؤمنين والكافرين.

5- عذاب النار شر عذاب، ونعيم الجنة، نعم النعيم ولا يهلك على الله إلا هالك.
_______________________

1 تضمنت هذه الآية: {واتل} الخ الرد على المشركين إذ المعنى: لا تعبأ بهم إن كرهوا تلاوة بعض القرآن لأن فيها التعريض بآلهتهم والتنديد بها حتى طالبوك بأن تجعل بعض القرآن للثناء عليها أو عليهم.
2 لا تصرف بصرك عنهم إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة.
3 روي أنها نزلت في أمية بن خلف الجمحي لأنه دعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أمر كرهه وهو إبعاد الفقراء وتقريب صناديد قريش.
5 الفرط: الظلم والاعتداء وهو مشتق من الفروط وهو السبق لأنّ الظلم سبق في الشر والظلم يؤدي إلى الهلاك والضياع والخسران.
5 الأمر في قوله {فليؤمن} و {فليكفر} للتسوية بينهما وليس في هذا إذن لهما بالكفر وإنما الخطاب للتهديد والوعيد لمن اختار الكفر على الإيمان بدليل الجملة التعليلية: {إنا أعتدنا للظالمين ناراً} الخ، والمراد بالظالمين المشركون لقوله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} .
6 {الأرائك} : جمع أريكة وهي مجموع سرير وحجلة، والحجلة: قبة من ثياب تكون في البيت تجلس فيها المرأة أو تنام فيها ولذلك يقال للنساء ربات الحجال فإذا وضع فيها سرير فهي أريكة يجلس فيها وينام.
7(المرتفق) : محل الارتفاق، وإطلاق المرتفق على النار تهكّم، إذ النار لن تكون محل راحة وارتفاق أبداً بل هي دار شقاء وعذاب.

********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-07-2022, 10:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَظ±ضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } 32 { كِلْتَا ظ±لْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } 33 { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } 34 { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـظ°ذِهِ أَبَداً } 35 { وَمَآ أَظُنُّ ظ±لسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىظ° رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } 36 { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِظ±لَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } 37 { لَّظ°كِنَّاْ هُوَ ظ±للَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً }38

شرح الكلمات:

واضرب لهم مثلاً: أي اجعل لهم مثلاً هو رجلين... الخ.

جنتين: أي بستانين.

وحففناهما بنخل: أي أحطناهما بنخل.

آتت أكلها: أي أعطت ثمارها وهو ما يؤكل.

ولم تظلم منهم شيئاً: أي وَلَمْ تنقص منه شيئاً بل أتت به كاملاً ووافياً.

خلالهما نهراً: أي خلال الأشجار والنخيل نهراً جارياً.

وهو يحاوره: أي يحادثه ويتكلم معه.

وأعز نفراً: أي عشيرة ورهطاً.

تبيد: أي تفنى وتذهب.

خيراً منها منقلباً: أي مرجعاً في الآخرة.

أكفرت بالذي خلقك من تراب؟!: الاستفهام للتوبيخ والخلق من تراب باعتبار الأصل هو آدم.

من نطفة: أي مني.

ثم سواك: أي عدلك وصيرك رجلاً.

لكنا: أي لكن أنا، حذفت الألف وأدغمت النون في النون فصارت لكنا.

هو الله ربي: أي أنا أقول الله ربي.

معنى الآيات:

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم واضرب لأولئك المشركين المتكبرين الذين اقترحوا عليك أن تطرد الفقراء المؤمنين من حولك حتى يجلسوا إليك ويسمعوا منك { وَظ±ضْرِبْ1 لهُمْ } أي اجعل لهم مثلاً: { رَّجُلَيْنِ } مؤمناً وكافراً { جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا } وهو الكافر { جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } أي أحطناهما بنخل، { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا } أي بين الكروم والنخيل { زَرْعاً } { كِلْتَا ظ±لْجَنَّتَيْنِ2 آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً } أي لم تنقص منه شيئاً { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } ليسقيهما. { وَكَانَ 3لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } أي في الكلام يراجعه، ويُفاخره: { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً 4} أي عشيرة ورهطاً، قال هذا فخراً وتعاظماً. { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } والحال أنه { ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } بالكفر والكبر وقال: { مَآ أَظُنُّ أَن5 تَبِيدَ هَـظ°ذِهِ } يشير إلى جنته { أَبَداً } أي لا تفنى. { وَمَآ أَظُنُّ ظ±لسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىظ° رَبِّي } كما تقول أنت { لأَجِدَنَّ6 خَيْراً مِّنْهَا } أي من جنتي { مُنْقَلَباً } أي مرجعاً إن قامت الساعة وبعث الناس وبعثت معهم. هذا القول من هذا الرجل هو ما يسمى بالغرور النفسي الذي يصاب به أهل الشرك والكبر. وهنا قال له صاحبه المسلم { وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِظ±لَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ } وهو الله عز وجل حيث خلق أباك آدم من { تُرَابٍ ثُمَّ مِن7 نُّطْفَةٍ } أي ثم خلقك أنت من نطفة أي من مني { ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } وهذا توبيخ من المؤمن للكافر المغرور ثم قال له: { لَّظ°كِنَّاْ هُوَ ظ±للَّهُ رَبِّي } أي لكن أنا أقول هو الله ربي، { وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً } من خلقه في عبادته.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- استحسان ضرب الأمثال للوصول بالمعاني الخفية إلى الأذهان.

2- بيان صورة مثالية لغرس بساتين النخل والكروم.

3- تقرير عقيدة التوحيد والبعث والجزاء.

4- التنديد بالكبر والغرور حيث يفضيان بصاحبهما إلى الشرك والكفر.
___________________________

1 اختلف في تحديد الفريقين الذين ضرب لهما المثل، وفي الرجلين اللّذين ضرب بهما المثل، والظاهر أنّ الفريقين الذين ضرب لهما المثل هم المؤمنون والكافرون المستنكفون عن مجالسة المؤمنين، وأما الرجلان فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهما من بنى إسرائيل وهو الظاهر والله أعلم.
2 قال سيبويه: أصل كلا كِّلْوَ وأصل كلتا كلوا فحذفت لام الفعل من كلتا وعوضت التاء عن اللام المحذوفة لتدل التاء على التأنيث.
3 {وكان له ثمر..} الجملة في محل نصب على الحال، والثمر بضم الثاء والميم المال الكثير المختلف من النقدين والأنعام والجنات والمزارع مأخوذ من: ثمر ماله: إذا كثر، وقرأ الجمهور بضم الثاء والميم وقرأ حفص بفتحهما.
4 أعزّ أي أشد عزّة، والنفر: عشيرة الرجل الذين ينفرون معه للدفاع أو القتال والمراد بالنفر هنا أولاده.
5 الظنّ هنا بمعنى الاعتقاد ومعنى تبيد: تفنى وتهلك.
6 قرأ الجمهور (منهما) بالتثنية وقرأ عاصم (منها) بالإفراد.
7 النطفة: ماء الرجال مشتقة من النطف الذي هو السيلان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-07-2022, 10:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الكهف - (5)
الحلقة (564)
تفسير سورة الكهف مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 258الى صــــ 262)

{ وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } 39 { فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } 40 { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } 41 { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } 42 { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } 43 { هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً }44


شرح الكلمات:

ما شاء الله: أي يكون وما لم يشأ لم يكن.

حسباناً من السماء: أي عذاباً ترمى به فتؤول إلى أرض ملساء دحضاً لا يثبت عليها قدم.

أو يصبح ماؤها غوراً: أي غائراً في أعماق الأرض فلا يَقْدِرُ عَلَى استنباطِه وإخراجه.

وأحيط بثمره: أي هلكت ثماره، فلم يبق منها شيء.

يقلب كفيه: ندماً وحسرة على ما أنفق فيها من جهد كبير ومال طائل.

وهي خاوية على عروشها: أي ساقطة على أعمدتها التي كَان يُعرش بها للكرم، وعلى جدران مبانيها.

فئة: جماعة من الناس قوية كعشيرته من قومه.

هنالك: أي حين حل العذاب بصاحب الجنتين أي يوم القيامة.

الولاية: أي الملك والسلطان الحق لله تعالى.

خير ثواباً وخير عقباً: أي الله تعالى خير من يثيب وخير من يُعقب أي يجزي بخير.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في المثل المضروب للمؤمن الفقير والكافر الغني فقد قال المؤمن للكافر ما أخبر تعالى به في قوله: { وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ } أي هلا إذْ دخلت بستانك قلت عند تعجبك من حسنه وكماله { مَا شَآءَ ٱللَّهُ }1 أي كان { لاَ قُوَّةَ إِلاَّ 2بِٱللَّهِ } أي لا قوة لأحد على فعل شيء أو تركه إلا بإقدار الله تعالى له وإعانته عليه قلل هذا المؤمن نصحاً للكافر وتوبيخاً له. ثم قال له 3{ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } اليوم { فعسَىٰ4 رَبِّي } أي فرجائي في الله { أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا } أي على جنة الكافر { حُسْبَاناً 5مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } أي عذاباً ترمى به. { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً }: أي تراباً أملس لا ينبت زرعاً ولا يثبت عليه قدم. { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً } الذي تسقى به غائراً في أعماق الأرض فلن تقدر على إستخراجه مرة أخرى، وهو معنى { فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً }.

وقوله تعالى: في الآيات [40]، [41]، [42] يخبر تعالى أن رجاء المؤمن قد تحقق إذ قد أحيط فعلاً ببستان الكافر فهلك ما فيه من ثمر { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } ندماً وتحسراً { عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا } من جهد ومال في جنته { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي ساقطة على أعمدة الكرم التي كان يعرشها للكرم أي يحمله عليها كما سقطت جدران مبانيها على سقوفها وهو يتحسر ويتندم ويقول: { يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَلَمْ تَكُن لَّهُ } جماعة قوية تنصره { مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ } المنهزم { مُنْتَصِراً } لأن من خذله الله لا ناصر له. قال تعالى: في نهاية المثل هو أشبه بقصة { هُنَالِكَ } أي يوم القيامة { ٱلْوَلاَيَةُ } أي القوة والملك والسلطان { لِلَّهِ } أي المعبود { ٱلْحَقِّ } لا لغيره من الأصنام والأحجار { هُوَ } تعالى { خَيْرٌ ثَوَاباً } أي خير من يثيب على الإِيمان والعمل الصالح.
{ وَخَيْرٌ عُقْباً 6} أي خير يعقب أي يجزي بحسن العواقب.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان مآل المؤمنين كصهيب وسلمان وبلال، وهو الجنة ومآل الكافرين كأبي جهل وعقبة بن أبي معيط وهو النار.

2- استحباب قول من أعجبه شيء: { مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } فإنه لا يرى فيه مكروهاً إن شاء الله.

3- استجابة الله تعالى لعباده المؤمنين وتحقيق رجائهم فيه سبحانه وتعالى.

4- المخذول من خذله الله تعالى فإنه لا ينصر أبداً.

5- الولاية بمعنى7 الموالاة النافعة للعبد هي موالاة الله تعالى لا موالاة غيره.

6- الولاية بمعنى الملك والسلطان لله يوم القيامة ليست لغيره إذ الملك والأمر كلاهما لله تعالى.


___________________

1 هذا وجه في إعراب (ما شاء الله) ما: مبتدأ والخبر كان، وهناك وجه آخر حسّنه بعضهم وهو: هذه الجنة ما شاء الله. فما خبر عن مبتدأ محذوف ويجوز تقديره أيضاً: الأمر الذي شاء الله إعطاءه.
2 قال مالك.: ينبغي لكل من دخل داره أو بستانه أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلاّ بالله، وروي أنه كان مكتوباً على باب وهب بن منبّه ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله، وروى مسلم أن: لا حول ولا قوة إلاّ بالله كنز من كنوز الجنة وورد استحباب قول بسم الله آمنت بالله توكلت على الله لا قوة إلاّ بالله.
3 أنا: ضمير فصل وأقل مفعول ثانٍ لترن وحذفت ياء التكلم بعد نون الوقاية تخففاً.
4 (عسى) للرجاء وهو طلب الأمر القريب الحصول وأراد به هنا الدعاء لنفسه وعلى صاحبه الكافر المشرك.
5 الحسبان: مصدر كالغفران وهو هنا وصف لمحذوف تقديره: هلاكاً حسباناً أي: مقدراً من الله تعالى، وقيل هو اسم جمع حسبانة أي: صاعقة، وقيل: اسم للجراد وهو محتمل لكل ما ذكر.
6 العقب: بمعنى العاقبة وقرىء: بضمتين عُقُب وقرىء بضم العين وسكون القات بمعنى: عاقبة وهي آخرة الأمر وما يرجوه المرء من سعيه وعمله ولذا فسرت الآية بهو خير عاقبة لمن رجاه وآمن به، يقال: هذا عاقبة أمر فلان وعقباه وعقبه: أي آخره.
7 {الولاية} : بفتح الواو: الموالاة، وبكسرها: الملك والسلطان.

**************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-07-2022, 10:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } 45 { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }46


شرح الكلمات:

المثل: الصفة المعجبة.

هشيماً: يابساً متفتتاً.

تذروه الرياح: أي تنثره الرياح وتفرقه لخفته ويبوسته.

مقتدراً: أي كامل القدرة لا يعجزه شيء.

زينة الحياة الدنيا: أي يتجمل بما فيها.

والباقيات الصالحات: هي الأعمال الصالحة من سائر العبادات والقربات.

وخير أملاً: أي ما يأمله الإِنسان وينتظره من الخير.

معنى الآيات:

هذا مثل آخر مضروب أي مجعول للحياة الدنيا حيث اغتر بها الناس وخدعتهم فصرفتهم عن الله تعالى ربهم فلم يذكروه ولم يشكروه فاستوجبوا غضبه وعقابه.

قال تعالى: في خطاب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: { وَٱضْرِبْ لَهُم } أي لأولئك المغرورين بالمال والسلطان { مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي صفتها الحقيقية التي لا تختلف عنها بحال { كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ1 مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } فَزَهَا وازدهر واخضرّ وأنظر، فأعجب أصحابه، وأفرحهم وسرهم ما يأملون منه. وفجأة أتاه أمر الله برياح لاحِفَة، محرقة، { فَأَصْبَحَ 2هَشِيماً } أي يابساً متهشماً متكسراً { تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ } هنا وهناك { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } أي قادراً كامل القدرة، فأصبح أهل الدنيا مبلسين أيسين من كل خير.

وقوله تعالى: { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا 3 وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } إنه بعد أن ضرب المثل للحياة الدنيا التي غرت أبناءها فأوردتهم موارد الهلاك أخبر بحقيقة أخرى، يعلم فيها عباده لينتفعوا بها، وهي أن { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ } أو الأولاد { زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } لا غير أي يتجمل بهما ساعة ثم يبيدان ويذهبان، فلا يجوز الاغترار بهما، بحيث يصبحان همَّ الإِنسان في هذه الحياة فيصرفانه عن طلب سعادة الآخرة بالإِيمان وصالح الأعمال، هذا جزء الحقيقة في هذه الآية، والجزء الثاني هو أن { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ } والمراد بها أفعال البر وضروب العبادات4 ومنها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أي هذه { خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً } أي جزاءً وثماراً، يجنيه العبد من الكدح المتواصل في طلب الدنيا مع الإِعراض عن طلب الآخرة، { وَخَيْرٌ أَمَلاً } يأمله الإِنسان من الخير ويرجوه ويرغب في تحصيله.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيان حقارة الدنيا وسوء عاقبتها.

2- تقرير أن المال والبنين لا يعدوان كونهما زينة، والزينة سريعة الزوال وهما كذلك فلا يجوز الاغترار بهما، وعلى العبد أن يطلب ما يبقى على ما يفنى وهو الباقيات الصالحات من أنواع البر والعبادات من صلاة وذكر وتسبيح وجهاد. ورباط، وصيام وزكاة.
****************************

1 بعض الحكماء شبّه الحياة الدنيا بالماء للاتصالات الآتية:
1- الماء لا يستقر في موضع والحياة كذلك.
2- الماء يتغيّر والدنيا كذلك.
3- الماء لا يبقى والدنيا كذلك.
4- الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل والدنيا لا يدخلها أحد ويسلم من فتنها وآفاتها.
5- الماء إذا كان بقدر كان نافعاً منبتاً وإذا جاوز المقدار كان ضاراً مهلكاً وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر.
وفي الصحيح "قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنّعه الله بما آتاه" رواه مسلم.
2 يقال: هشمه يهشمه إذا كسره وفتّته وهشيم بمعنى: مهشوم فهو فعيل بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتول، وهشم الثريد إذا فتته وبه سمي هاشم بن مناف وكان اسمه عمرو وفيه يقول عبد الله بن الزبعري:
عمر العُلا هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
3 قيل: في المال والبنين زينة الحياة الدنيا: لأن في المال جمالاً ونفعاً وفي البنين قوة ودفعاً والمثال مضروب لحقارة الدنيا وسرعة زوالها ولذا قيل: لا تعقد قلبك مع المال لأنه فيء ذاهب ولا مع النساء لأنها اليوم معك وغداً مع غيرك ولا مع السلطان لأنه اليوم لك وغداً لغيرك.
4 روى مالك في الموطأ: أن الباقيات الصالحات هنّ: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-07-2022, 10:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )






تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الكهف - (6)
الحلقة (565)
تفسير سورة الكهف مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 262الى صــــ 267)

{ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } 47 { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } 48 { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً }49


شرح الكلمات:

نُسير الجبال: أي تقتلع من أصولها وتصير هباءً منبثاً.

بارزة: ظاهرة إذ فنى كل ما كان عليها من عمران.

فلم نغادر: لم نترك منهم أحداً.

موعداً: أي ميعاداً لبعثكم أحياء للحساب والجزاء.

ووضع الكتاب: كتاب الحسنات وكتاب السيئات فيؤتاه المؤمن بيمينه والكافر بشماله..

مشفقين: خائفين.

يا ويلتنا: أي يا هلكتنا احضري هذا أوَان حُضُورك.

لا يغادر صغيرة: أي لا يترك صغيرة من ذنوبنا ولا كبيرة إلا جمعها عَدَّاً.

ما عملوا حاضراً: مثبتاً في كتابهم، مسجلاً فيها.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى مآل الحياة الدنيا وأنه الْفَناء والزوال ورغَّب في الصالحات وثوابها المرجو يوم القيامة، ناسب ذكر نبذة عن يوم القيامة، وهو يوم الجزاء على الكسب في الحياة الدنيا قال تعالى: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ } أي اذكر { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ } أي تقتلع 1من أصولها وتصير هباءً منبثاً، { وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } ظاهرة ليس عليها شيء، فهي قاع صفصف { وَحَشَرْنَاهُمْ } أي جمعناهم من قبورهم للموقف { فَلَمْ نُغَادِرْ 2 مِنْهُمْ أَحَداً } أي لم نترك منهم أحداً كائناً من كان، { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ } أيها الرسول صفاً وقوفاً أذلاء، وقِيلَ لهم توبيخاً وتقريعاً: { لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ3 مَرَّةٍ } لا مال معكم ولا سلطان لكم بل حفاة عراة غُرلاً4، جمع أغرل، وهو الذي لم يختتن.

وقوله تعالى: { بَلْ زَعَمْتُمْ 5} أي ادعيتم كذباً أنا لا نجمعكم ليوم القيامة، ولن نجعل لكم موعداً فها أنتم مجموعون لدينا تنتظرون الحساب والجزاء، وفي هذا من التوبيخ والتقريع ما فيه، وقوله تعالى في الآية { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ 6} يخبر تعالى عن حال العرض عليه فقال: { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } أي كتاب الحسنات والسيئات وأعطى كل واحدٍ كتابه فالمؤمن يأخذه بيمينه والكافر بشماله، { فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ } في تلك الساعة { مُشْفِقِينَ } أي خائفين { مِمَّا فِيهِ } أي في الكتاب من السيآت { وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا }7 ندماً وتحسراً ينادون يا ويلتهم وهي هلاكهم قائلين: { مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً8 وَلاَ كَبِيرَةً } من ذنوبنا { إِلاَّ أَحْصَاهَا } أي أثبتها عَدّاً.

وقوله تعالى: في آخر العرض { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً } أي من خير وشر مثبتاً في كتابهم، وحوسبوا به، وجوزوا عليه { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } بزيادة سيئة على سيئاته أو بنقص حسنة من حسناته، ودخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرضها على مسامع المنكرين لها.

2- يبعث الإنسان كما خلقه الله ليس معه شيء، حافياً عارياً لم يقطع منه غلفة الذكر.

3- تقرير عقيدة كتب الأعمال في الدنيا وإعطائها أصحابها في الآخرة تحقيقاً للعدالة الإِلهية.

4- نفي الظلم عن الله تعالى وهو غير جائز عليه لغناه المطلق وعدم حاجته إلى شيء.
___________________________

1 هذا على قراءة تُسير بالتاء المضمومة للبناء للمفعول وقراءة الجمهور {نُسير الجبال} والفاعل هو الله تعالى، وقرىء أيضاً: تسير الجبال بفتح التاء مضارع سار يسير كقوله تعالى: {وتسير الجبال سيراً} .
2 المغادرة الترك ومنه الغدر لأنه ترك الوفاء، وسمي الغدير من الماء غديراً لأنه ترك بعد السيل، ومنه غدائر المرأة وهو شعرها تضفره وتتركه خلفها.
3 أخرج الحافظ أبو القاسم بن مندة في كتاب التوحيد له عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة بصوت رقيع غير فظيع: يا عبادي أنا الله لا إله إلاّ أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين يا عبادي لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون احضروا حجتكم ويسروا جوابكم فإنكم مسؤولون محاسبون يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفاً على أنامل أقدامهم للحساب" تضمن هذا الحديث تفسيراً كاملاً لهذه الآيات.
4 روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً" غير مختونين".
5 هذا الخطاب لمنكري البعث والجزاء من أهل الكفر والشرك.
6 {الكتاب} : اسم جنس يشمل كل الكتب التي يُعطاها العباد في المحشر.
7 الويلة: مؤنث الويل للمبالغة وهي سوء الحال والهلاك كما أنّت الدار على داره للدلالة على سعة المكان، ونداء الويلة معناه: الدعاء على أنفسهم بالهلاك لمشاهدتهم عظائم الأهوال وما ينتظرهم من صنوف العذاب نادوا ويلتهم طالبين حضورها.
8 أصغر الصغائر: النظر بغير قصد وأكبر الكبائر الشرك بالله تعالى ولا ضابط حق الكبيرة إلا أن هناك ضابطاً يستأنس به وهو: ما توعد عليه أو لعن عليه أو وضع حدّ له في الكتاب أو السنة فهو كبيرة.

************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-07-2022, 10:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } 50 { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } 51 { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً } 52 { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً }53


شرح الكلمات:

اسجدوا لآدم: أي حيّوه بالسجود كما أمرتكم طاعة لي.

إلا إبليس: أي الشيطان أبى السجود ورفضه وهو معنى { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } أي خرج عن طاعته، ولم يكن من الملائكة، بل كان من الجن، لذا أمكنه أن يعصي ربه!

أفتتخذونه وذريته أولياء؟: الاستفهام للاستنكار، ينكر تعالى على بني آدم اتخاذ الشيطان وأولاده أولياء يطاعون ويوالون بالمحبة والمناصرة، وهم لهم عدو، عجباً لحال بني آدم كيف يفعلون ذلك!؟.

بئس للظالمين بدلاً: قبح بدلاً طاعة إبليس وذريته عن طاعة الله ورسوله.

المضلين عضداً: أي ما كنت متخذ الشياطين من الإنس والجن أعواناً في الخلق والتدبير، فكيف تطيعونهم وتعصونني.

موبقاً: أي وادياً من أودية جهنم يهلكون فيه جميعاً هذا إذا دخلوا النار، أما ما قبلها فالموبق، حاجز بين المشركين، وما كانوا يعبدون بدليل قوله: { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا }.

مواقعوها: أي واقعوان فيها ولا يخرجون منها أبداً.

ولم يجدوا عنها مصرفاً: أي مكاناً غيرها ينصرفون إليه لينجوا من عذابها.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في إرشاد بني آدم وتوجيههم إلى ما ينجيهم من العذاب ويحقق لهم السعادة في الدارين، قال تعالى في خطاب رسوله واذكر لَهُمْ { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ } وهم عبادنا المكرمون { ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ } فامتثلوا أمرنا وسجدوا إلا إبليس. لكن إبليس الذي يطيعه الناس اليوم كان من الجن وليس من الملائكة لم يسجد، ففسق 1بذلك عن أمرنا وخرج عن طاعتنا. { أَفَتَتَّخِذُونَهُ 2} أي أيصح منكم يا بني آدم أن تتخذوا عدو أبيكم وعدو ربكم وعدوكم أيضاً ولياً توالونه 3وذريته بالطاعة لهم والاستجابة لما يطلبون منكم من أنواع الكفر والفسق { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ } أنفسهم { بَدَلاً } طاعة الشيطان وذريته 4وولايتهم عن طاعة الله ورسوله وولايتهما.

وقوله تعالى: { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ5 خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } يخبر تعالى بأنه المنفرد بالخلق والتدبير ليس له وزير معين فكيف يُعْبَدُ الشيطان وذريته، وأنا الذي خلقتهم وخلقت السماوات والأرض6 وخلقت هؤلاء الذين يعبدون الشيطان، ولم أكن { مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ } وهم الشياطين من الجن والإِنس الذين يضلون عبادنا عن طريقنا الموصل إلى رضانا وجنتنا، أي لم أكن لأجعل منهم معيناً لي يعضدني ويقوي أمري وخلاصة ما في الآية أن الله تعالى ينكر على الناس عبادة الشياطين وهي طاعتهم وهم مخلوقون وهو خالقهم وخالق كل شيء.

وقوله تعالى: { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ } أي أذكر يا رسولنا لهؤلاء المشركين المعرضين عن عبادة الله إلى عبادة عدوه الشيطان، أذكر لهم يوم يقال لهم في عرصات القيامة { نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ } أشركتموهم في عبادتي زاعمين أنهم يشفعون لكم في هذا اليوم فيخلصونكم من عذابنا.
قال تعالى {فدعوهم7} يا فلان!! يا فلان.. {فلم يستجيبوا لهم} إذ لا يجرؤ أحد ممن عبد من دون الله أن يقول رب هؤلاء كانوا يعبدونني. قال تعالى: {وجعلنا بينيهم موبقاً8} أي حاجزاً وفاصلاً من عداوتهم لبعضهم. وحتى لا يتصل بعضهم ببعض في عرصات القيامة. وقوله تعالى: {ورأى المجرمون النار} أي يؤتى بها تُجَرُّ بالسلاسل حتى تبرز لأهل الموقف فيشاهدونها وعندئذ يظن9 المجرمون أي يوقنوا {أنهم مواقعوها} أي داخلون فيها. {ولم يجدوا عنها مصرفاً10} أي مكاناً ينصرفون إليه لأنهم محاطون بالزبانية، والعياذ بالله من النار وعذابها.
هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير عداوة إبليس وذريته لبني آدم.

2- العجب من بني آدم كيف يطيعون عدوهم ويعصون ربهم!!

3- لا يستحق العبادة العبادة أحد سوى الله عز وجل لأنه الخالق لكل مبعود مما عُبِدَ من سائر المخلوفات.

4- بيان خزي المشركين يوم القيامة حيث يطلب إليهم أن يدعوا شركاءهم لاغاثتهم فيدعونهم فلا يستجيبون لهم.

5- جمع الله تعالى المشركين وما كانوا يعبدون من الشياطين في موبق واحد في جهنم وهو وادي من شر أودية جهنم وأسوأها.
__________________________________

1 الفسق: مشتق من: فسقت الرطبة: إذا خرجت من قشرتها، والفأرة من جحرها، وفسق العبد: خرج عن طاعة ربه متجاوزاً الطاعة إلى المعصية، فكل من ترك واجباً وفعل حراماً فقد فسق بذلك عن طاعة ربه أي خرج عنها.
2 الاستفهام للتوبيخ والإنكار، وذرية الشيطان بيّنت السنة كيفية وجودهم فقد صح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: "لا تكن أوّل من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فيها باض الشيطان وفرَّخ"، فهذا دال على أن للشيطان ذرية من صلبه.
3 في مسلم: "أن للصلاة شيطاناً يسمى خنزب مهمته الوسوسة فيها" وروى الترمذي أن للوضوء شيطاناً يسمى الولهان يوسوس فيه.
4 روى مسلم رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئاً قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال: فيدنيه وقال: فيلتزمه ويقول: نعم أنت!! ".
5 أي: ما أحضرتهم لأستعين بهم على خلق السموات والأرض ولا أحضرت بعضهم لأستعين به على خلق البعض الآخر.
6 في الآية رد على أهل الضلال كافة من شيطان وكاهن ومنجم وطبعيّ وملحد إذ الجميع مخلوق مربوب والله خالق كل شيء ومليكه وربّه ومدبّره.
7 أي: امتثلوا الأمر ودعوهم فلم يستجيبوا لهم.
8 فسّر الموبق ابن عباس رضي الله عنهما: بالحاجز، وفسره أنس بن مالك رضي الله عنه بواد في جهنم من قيح ودم، وفسر بالمهلك والتفسير بالمهلك يدخل فيه كل ما ذكر، ومن الجائز أن يتعدد الحاجز ويكون أنواعا منها: عداوة بعضهم لبعض فإنها حاجز والنار نفسها أعظم موبق ولعلها هي المراد بالموبق.
9 {ظنوا} أي: أيقنوا إذ يطلق الظن ويراد به اليقين وهو كثير في القرآن الكريم. قال الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجّج
سراتهم في الفارسيّ المسرد
10 {مصرفا} : أي: مهرباً لإحاطتها بهم من كل جانب ولا ملجأ ولا معدلا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 409.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 403.84 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.44%)]