كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك.... - الصفحة 10 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1445هجرية (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          عرفة والأضاحي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          بعض ما أكرم الله نبيه وأصحابه في غزوة الحديبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 131 - عددالزوار : 35995 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 82 - عددالزوار : 5314 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 199 - عددالزوار : 66257 )           »          حكم الاقتراض من البنوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تحريرات لغوية: استعمال “كفء وكفاءة وكفاءات” (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          رحيل صالح بن زين العابدين الشيبي سادن الكعبة المشرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #91  
قديم 28-03-2009, 01:13 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

الثبات على المبادئ
كلما كانت شخصية الشخص أقوى .. وثباته على مبادئه أشد .. كان أهم في الحياة ..
أحيناً يكون من مبادئك عدم أخذ الرشوة .. مهما ملَّحوا أسماءها .. بخشيش .. هدية .. عمولة ..
زوجة يكون من مبادئها .. عدم الكذب على زوجها .. مهما زينوه لها .. تمشية حال .. كذب أبيض ..
من المبادئ .. عدم تكوين علاقات محرمة مع الجنس الآخر .. عدم شرب الخمر ..
شخص لا يدخن .. جلس مع أصحابه .. ليثبت على مبادئه ..
الشخص الثابت على مبادئه وإن انتقدته أصحابه أحياناً .. واتهموه بعدم المرونة .. إلا أن مشاعرهم الداخلية تؤمن أنها أمام بطل ..
فتجد أن أكثرهم يلجأ إليه ويشعر بأهميته أكثر ن غيره ..
وليش هذا خاصاً بأحد الجنسين دون الآخر .. بل الرجال والنساء في ذلك سواء ..
فاثبت على مبادئك ولا تقدم تنازلات .. عندها سيرضخ الناس لها ..
لما ظهر الإسلام في الناس جعلت لقبائل تفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فجاء وفد قبيلة ثقيف وكانوا بضعة عشر رجلاً ..
فلما قدموا أنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ليسمعوا القرآن ..
فسألوه : عن الربا والزنا والخمر ؟
فحرم عليهم ذلك كله ..
وكان لهم صنم ورثوا عبادته وتعظيمه عن آبائهم .. اسمه " الربة " .. ويصفونه بـ " الطاغية " .. وينسجون حوله القصص والحكايات للدلالة على قوته ..
فسألوه عن " الربة " ما هو صانع بها ؟
قال : اهدموها ..
ففزعوا .. وقالوا : هيهات .. لو تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها .. قتلت أهلها !!
وكان عمر حاضراً .. فعجب من خوفهم من هدم صنم ..
فقال : ويحكم يا معشر ثقيف !! ما أجهلكم !! إنما الربة حجر ..
فغضبوا .. وقالوا : إنا لم نأتك يا ابن الخطاب ..
فسكت عمر ..
فقالوا : نشترط أن تدع لنا الطاغية ثلاث سنين .. ثم تهدمه بعدها إن شئت ..
فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يساومونه على أمر في العقيدة !! هو أصل من أصول الإسلام .. فما دام أنهم سيسلمون .. فما الداعي للتعلق بالصنم .. !!
فقال صلى الله عليه وسلم : لا ..
قالوا : فدعه سنتين .. ثم اهدمه ..
قال : لا ..
قالوا : فدعه سنة واحدة ..
قال : لا ..
قالوا : فدعه شهراً واحداً !!
قال : لا ..
فلما رأوا أنه لم يستجب لهم في ذلك .. فالمسألة شرك وإيمان .. لا مجال فيها للمفاوضة !!
قالوا : يا رسول الله .. فتولَّ أنت هدمها .. أما نحن فإنا لن نهدمها أبداً ..
فقال صلى الله عليه وسلم : سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها ..
فقالوا : والصلاة .. لا نريد أن نصلي .. فإننا نأنف أن تعلو إست الرجل رأسه !!
فقال صلى الله عليه وسلم : أما كسر أصنامكم بأيديكم فسنعفيكم من ذلك ..
وأما الصلاة .. فلا خير في دين لا صلاة فيه ..!!
فقالوا : سنؤتيكها .. وإن كانت دناءة ..
فكاتبوه على ذلك ..
وذهبوا إلى قومهم .. ودعوهم إلى الإسلام .. فأسلموا على مضض ..
ثم قدم عليهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدم الصنم ..
فيهم خالد بن الوليد .. والمغيرة بن شعبة الثقفي ..
فتوجه الصحابة إلى الصنم ..
ففزعت ثقيف .. وخرج الرجال والنساء والصبيان ..
وجعلوا يرقبون الصنم .. وقد وقع في قلوبهم أنه لن ينهدم .. وأن الصنم سيمنع نفسه ..
فقام المغيرة بن شعبة .. فأخذ الفأس .. والتفت إلى الصحابة الذين معه وقال :
والله لأضحكنكم من ثقيف !!
ثم اقبل إلى الصنم .. فضرب الصنم بالفأس .. ثم سقط وجعل يرفس برجله ..
فصاحت ثقيف .. وارتجوا .. وفرحوا .. وقالوا :
أبعد الله المغيرة .. قتلته الربة ..
ثم التفتوا إلى بقية الصحابة وقالوا :
من شاء منكم فليقترب ..
عندها قام المغيرة ضاحكاً .. وقال :
ويحكم يا معشر ثقيف .. إنما هي لكاع ( أي مزحة ) .. وهذا صنم .. حجارة ومدر .. فاقبلوا عافية الله واعبدوه ..
ثم أقبل يهدم الصنم .. والناس معه .. فما زالوا يهدمونها حجراً حجراً .. حتى سووها بالارض ..



وحْـيْ ..


"من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ، ومن طلب رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس "
__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #92  
قديم 28-03-2009, 01:20 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

إغراءات..
قرأت أن شاباً مسلماً في بريطانيا .. اطلع على قرأ إعلان لإحدى الشركات حول حاجتها إلى موظفين يعملون في الحراسات ..
أقبل إلى اللجنة المختصة بمقابلة المتقدمين .. فإذا جمع كبير من الشباب .. ما بين مسلمين وغير مسلمين ..
كلما خرج شخص من المقابلة سأله الواقفون .. عن ماذا سألوك ؟ وبماذا أجبت ؟
كان من أهم أسئلتهم : كم كأساً تشرب من الخمر يومياً ؟!
جاء دور صاحبنا .. فدخل .. وتتابعت عليه الأسئلة .. حتى سألوه : كم تشرب من الخمر ؟
فقال : أنا لا أشرب الخمر ..
قالوا : لماذا !! هل أنت مريض ؟!
قال : لا .. لكني مسلم .. والخمر حرام ..
قالوا : يعني لا تشربها حتى في عطلة آخر الأسبوع ؟!!
قال : لا ..
فنظر بعضهم إلى بعض متعجبين ..
فلما ظهرت النتائج .. فإذا اسمه في أوائل المقبولين ..
بدأ عمله معهم .. ومضى عليه أشهر ..
وفي يوم لقي أحد المسئولين في تلك المقابلة وسأله : لماذا كنتم تكررون سؤالي عن الخمر ؟!
فقال : لأن الوظيفة المطلوبة هي في الحراسات .. وكلما توظف فيها شاب .. فوجئنا به يشرب الخمر ويسكر .. فيضيع مكانه .. ويهجم على الشركة من يسرقها .. فلما وجدناك لا تشرب الخمر عرفنا أننا وقعنا على مبتغانا .. فوظفناك هنا !!
ما أجمل الثبات على المبادئ وإن كثرت الإغراءات ..
المشكلة أننا نعيش في مجتمعات قلَّ أن تجد فيها من يتمسك مبادئه .. يعيش من أجلها ويموت من أجلها .. ويثبت على الالتزام بها .. وإن كثرت الإغراءات ..
إذا مشيت على الصحيح .. والتزمت بالصراط المستقيم .. فأصحاب المبادئ الأخرى لن يتركوك ..
فعدم قبولك للرشوة يغضب زملاءك المرتشين ..
وامتنعاك عن الزنا .. يغضب الفاعلين !!
ذُكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعِسّ ليلة من الليالي ..
يراقب وينظر ..
فمر بأحد البيوت في ظلمة الليل .. فسمع فيه رجال سكارى .. فكره أن يطرق عليهم الباب ليلاً .. وخشي أن يكون ظنه خاطئاً .. وأراد أن يتثبت من الأمر ..
فتناول كسرة فحم من على الأرض .. ووضع بها علامة على الباب .. ومضى ..
سمع صاحب الدار صوتاً عن الباب .. فخرج .. فرأى العلامة .. ورأى ظهر عمر مولياً .. ففهم القصة ..
فكان الأصل أن يمسح العلامة وينتهي الأمر .. لكنن الرجل لم يفعل ذلك ..!!
وإنما أخذ كسرة الفحم وأقبل إلى بيوت جيرانه .. وجعل يرسم على أبوابها علامات !!
وكأنه يريد أن ينزل الناس إلى مستواه .. ويكونون مثله .. ولا يريد أن يرتفع إلى مستواهم ..!!
وفي المثل : ودت الزانية لو أن النساء كلهن زنين ..
من التجارب في حياتنا .. أن تجد زوجة كثيرة الكذب على زوجها .. تربت على ذلك .. وتعودت عليه .. فإذا رأت من تنكر عليها .. وتنصحها بالصدق .. حاولت أن تجرها إلى مستنقعها .. فكررت عليها : الرجال ما يصلح معهم إلا كذا .. ما تمشي أمورك معه إلا بالكذب ..
فلا تزال بها حتى تتنازل عن مبادئه وتتغير .. أو ربما تثبت .. ولعلها ..
وقل مثل ذلك في مسئول حسن الخلق مع موظفيه .. ويرى أن هذا مما يفيد العمل .. ويزرث الراحة في قلوبهم .. ويزيد الإنتاج ..
فيلقاه مسئول سيء الخلق .. مبغوض من قِبَل موظفيه .. فيحسده – ربما – أو يريد أن يقنعه بأسلوب آخر في التعامل .. فيقول له : لا تفعل كذا .. وافعل كذا .. ولا تبتسم .. ولا ..
أو صاحب بقالة لا يبيع السجائر .. فيحول أن يقنعه ..
فكن بطلاً واثبت على مبادئك .. وقل بأعلى صوتك : لاااااا .. مهما أغروك ..
وقديماً حاول الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنازل عن مبادئه .. فقال الله له : ( ودوا لو تُدْهن فيدهنون ) ..
يعني أنهم لا مبادئ عندهم أصلاً ليحافظوا عليها .. وبالتالي لا مانع عندهم من التنازل عن مبادئهم .. فانتبه أن يغروك بترك مبادئك ..

قال تعالى :
" فلا تطع المكذبين * ودوا لو تدهن فيدهنون "


__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #93  
قديم 28-03-2009, 01:30 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

العفو عن الآخرين ..
لا تخلو الحياة من عثرات تصيبنا من الناس ..
فهذه مزحة ثقيلة .. وتلك كلمة نابية .. وتعدٍّ على حاجات شخصية ..
خصومة بين اثنين في مجلس .. أو اختلاف في وجهات نظر .. أو آراء ..
وبعضنا يكبر الموضوع في نفسه .. وليس عنده استعداد للعفو أو النسيان ..
أو ربما لم يملك استعداداً لقبول أعذار الآخرين والعفو عنهم ..
بعض الناس يعذب نفسه بعدم عفوه .. يملأ صدره بأحقاد تشغله تعذبه ..
ولله در الحسد ما أعدله .. بدأ بصاحبه فقتله ..
فلا تعذب نفسك .. هناك أشياء لا يمكن أن تعاقب عليها ..
اِنسَ الماضي .. وعش حياتك ..
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً .. واطمأن الناس ..
خرج حتى جاء الكعبة فطاف بها سبعاً على راحلته ..
فلما قضى طوافه .. دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة .. ففتحت له فدخلها ..
فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم ..
ورأى إبراهيم عليه السلام مصوراً في يده الأزلام يستقسم بها ..
فقال صلى الله عليه وسلم : قاتلهم الله .. جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام !! ما شأن ابراهيم والأزلام ؟!
ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ..
ثم أمر صلى الله عليه وسلم بتلك الصور كلها فطمست ..
ثم وجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده .. ثم طرحها ..
ثم وقف على باب الكعبة ..
وقد اجتمع له الناس في المسجد مسلمين والكفار ينظرون إليه ..
ثم صلى ركعتين ثم انصرف إلى زمزم .. فاطلع فيها .. ودعا بماء فشرب منها وتوضأ ..
والناس يبتدرون وضوءه ..
والمشركون يتعجبون من ذلك .. ويقولون : ما رأينا ملكاً قط ولا سمعنا به مثل هذا ..
ثم أقبل إلى مقام إبراهيم فأخره عن الكعبة .. وكان ملصقا بها ..
ثم قام صلى الله عليه وسلم على باب الكعبة فقال :
لا إله إلا الله .. وحده لا شريك له .. صدق وعده .. ونصر عبده .. وهزم الاحزاب وحده ..
ألا كل مأثرة .. أو دم .. أو مال يُدَّعى .. فهو موضوع
تحت قدمي هاتين .. إلا سدانة البيت .. وسقاية الحاج .. ثم جعل يقرر بعض الأحكام الشرعية فقال :
أَلَا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا .. ففيه الدية مغلظة مائة من الابل .. أربعون منها في بطونها أولادها ..
ثم نظر إلى رؤوس قريش وساداتها .. فصاح بهم :
يا معشر قريش .. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية .. وتعظّمها بالآباء ..
الناس من آدم .. وآدم من تراب ..
ثم تلا " يَاأَيُّهَاالنَّاسُإِنَّاخَلَقْنَاكُممِّنذَكَرٍوَأُنثَىوَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًاوَقَبَائِلَلِتَعَارَفُواإِنَّأَكْرَمَكُمْعِندَاللَّهِأَتْقَاكُمْإِنَّاللَّهَ عَلِيمٌخَبِيرٌ "
ثم جعل يتأمل في وجوه الكفار ..
وهو في عزه وملكه عند الكعبة .. وهم في ذلهم وضعفهم ..
في مكان طالما كذبوه فيه .. وأهانوه .. وألقوا الأوساخ على رأسه وهو ساجد ..
وكفار قريش بين يديه .. مهزومين .. أذلاء .. صاغرين ..
ثم قال : يا معشر قريش .. ما ترون أني فاعل فيكم ؟
فانتنفضوا .. وقالوا : تفعل بنا خيراً .. أنت أخ كريم .. وابن أخ كريم ..
عجباً !! هل نسوا ما كانوا يفعلونه بهذا الأخ الكريم .. أين سبكم : مجنون .. ساحر .. كاهن ؟!
ما دام أخاً كريماً .. وأبوه أخ كريم !! فلماذا حاربتموه ؟!
أين تعذيبكم للمسلمين الضعفاء ..
هذا بلال واقف .. وآثار التعذيب لا تزال في ظهره ..
وتلك نخلة قريبة قتلت عندها أمية .. وزوجها ياسر .. وهذا ابنهما عمار مع المسلمين يشهد ..
أين حبسكم له مع المسلمين الضعفاء .. ثلاث سنين في شعب بني عامر .. حتى أكلوا ورق الشجر من شدة الجوع ..؟!! ما رحمتم بكاء الصغير .. ولا أنين الشيخ الكبير .. ولا حاملاً ولا مرضعاً !!
أين حربكم له في بدر .. وأحد .. وتحزبكم عليه في الخندق ؟
أين منعكم له من دخول مكة معتمراً .. لما جاءكم قبل سنين .. وتركتموه محبوساً في الحديبية .. ممنوعاًمن دخول مكة ؟
أين صدكم لعمه أبي طالب عن الإسلام وهو على فراش الموت ؟
أين ..؟ أين ..؟ شريط طويييييل من الذكريات المؤلمة يمر أمام ناظريه صلى الله عليه وسلم ..
ليس هو فقط .. بل أمام ناظري أبي بكر وعمر .. وعثمان وعلي .. وبلال وعمر .. فكل واحد من هؤلاء .. له مع قريش قصة حزينة ..
كان يستطيع أن ينزل بهم أقسى أنواع العقوبة .. فهم أعداء محاربون .. معتدون .. خونة ..
نعم خونة .. خانوا صلح الحديبية .. واعتدوا ..
كانوا مجرمين .. متحيرين .. لا يدرون ماذا سيُفعل بهم ..
فإذا به صلى الله عليه وسلم يدوس على الأحقاد .. ويحلق بهمته عاااالياً ..
ويقول كلمة يهتف بها التاريخ : اذهبوا .. فأنتم الطلقاء ..
فينطلقون .. مستبشرين .. تكاد أرجلهم تطير من الفرح
أحقاً عفا عنا ؟!!
ثم تلفت صلى الله عليه وسلم ينظر حول الكعبة .. فإذا ثلثمائة وستون صنماً .. تعبد من دون الله .. عند بيته المعظّم ..!!
فجعل صلى الله عليه وسلم يضربها بيده الكريمة .. فتهوي .. وهو يقول :
جاء الحق .. وزهق الباطل .. جاء الحق .. وما يبدئ الباطل وما يعيد ..
عدد من كفار قريش العتاة البغاة .. الذين لهم تاريخ أسود مع المسلمين .. فروا من مكة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليها ..
منهم صفوان بن أمية ..
فإنه فر منها هارباً .. وقد تحير أين يذهب ..
فمضى إلى جدة ليركب منها إلى اليمن ..
فلما رأى الناس عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ونسيانه للماضي الأليم ..
جاء عمير بن وهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه .. وقد خرج هارباً منك .. ليقذف نفسه في البحر .. فأّمِّنه .. صلى الله عليك ..
قال صلى الله عليه وسلم بكل بساطة : هو آمن ..
قال عمير : يا رسول الله .. فأعطني آية يعرف بها أمانك .. فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة .. حتى إذا رآها صفوان .. عرفها فوثق في صدق عمير ..
خرج بها عمير حتى أدركه .. وهو يريد أن يركب في البحر ..
فقال : يا صفوان .. فداك أبي وأمي .. الله .. الله في نفسك أن تهلكها .. فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد جئتك به ..
فقال صفوان : ويحك .. أغرب عني فلا تكلمني .. فإنك كذاب .. وكان خائفاً من مغبة ما كان فعله بالمسلمين ..
قال : أي صفوان .. فداك أبي وأمي .. رسول الله .. أفضل الناس .. وأبر الناس .. وأحلم الناس ..وخير الناس .. وهو ابن عمك .. عزُّه عزك .. وشرفُه شرفك .. وملكُه ملكك ..
قال : إني أخافه على نفسي ..
قال : هو أحلم من ذاك وأكرم ..
فرجع صفوان معه ..
حتى وصلا إلى مكة .. فمضى به عمير حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقال صفوان : إن هذا يزعم أنك قد أمنتني ..
قال صلى الله عليه وسلم : صدق ..
قال صفوان : أما دخولي في الإسلام .. فاجعلني بالخيار فيه شهرين ..
فقال صلى الله عليه وسلم : أنت بالخيار فيه أربعة أشهر ..
ثم أسلم صفوان بعد ذلك ..
ما أجمل العفو عن الناس .. ونسيان الماضي الأليم .. هذا خلق بلا شك لا يستطيعه إلا العظماء .. الذين يترفعون بأخلاقهم عن سفالة الانتقام .. والحقد .. وشفاء الغيظ .. فالحياة قصيرة - على كل حال - .. نعم هي أقصر من أن ندنسها بحقد وضغينة ..
حتى في الحاجات الخاصة .. كان صلى الله عليه وسلم هيناً ليناً ..
قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه : قدمت المدينة أنا وصاحبان لي ..
فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد ..
فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكرنا له .. فأضافنا في منزل وعنده أربع أعنز ..
فقال : احلبهن يا مقداد .. وجزئهن أربعة أجزاء .. وأعط كل إنسان جزءاً فكنت أفعل ذلك ..
فكان المقداد كل مساء .. يحلب فيشرب هو وصاحباه .. ويبقى جزء النبي عليه الصلاة والسلام .. فإن كان موجوداً شربه .. وإن كان غائباً حفظوه له حتى يرجع ..
وفي ليلة من الليالي .. تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في المجيء إليهم ..
واضطجع المقداد على فراشه .. فقال في نفسه :
إن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد أتى أهل بيت من الأنصار .. فأطعموه ..
فلو قمت فشربت هذه الشربة ..
فلم تزل به نفسه حتى قام فشربها .. ولم يبق للنبي صلى الله عليه وسلمشيئاً ..
قال المقداد : فلما دخل في بطني وتقار .. أخذني ما قدم وما حدث ..
فقلت : يجيء الآن النبي صلى الله عليه وسلم جائعاً ..ظمآناً .. فلا يرى في القدح شيئاً .. فيدعو علي ..
فسجيت ثوباً على وجهي .. يعني من الهم ..
فلما مضى بعض الليل ..
وجاء النبي صلى الله عليه وسلم .. فسلم تسليمة تسمع اليقظان .. ولا توقظ النائم ..
والمقداد على فراشه .. ينظر إليه .. فأقبل صلى الله عليه وسلم إلى إنائه ..
فكشف عنه فلم ير شيئاً .. فرفع بصره إلى السماء ..
ففزع المقداد .. وقال : الآن يدعو عليَّ ..
فتسمع ماذا يقول .. فإذا به صلى الله عليه وسلم .. يقول :
اللهم اسق من سقاني .. وأطعم من أطعمني ..
فلما سمع المقداد ذلك .. أَغتنم دعوة النبي عليه الصلاة والسلام ..
قام فأخذ الشفرة السكين .. فدنا إلى الأعنز .. ليذبح إحداها .. ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم ..
فجعل يجسهن ينظر أيتهن أسمن ليذبحها ..
فوقعت يده على ضرع إحداهن فإذا هي حافل .. مليئة باللبن ..
ونظر إلى الأخرى فإذا هي حافل ..
فنظرت فإذا هي كلهن حفل .. فحلب في إناء كبير .. فملأه حتى علت رغوته ..
ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم.. فقال : اشرب ..
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلمكثرة اللبن .. قال :
أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد ؟
فقال : اشرب يا رسول الله .. فقال : ما الخبر يا مقداد ؟
قال : اشرب ثم الخبر .. فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناول القدح للمقداد .. فقال المقداد : اشرب يا رسول الله ..فشرب ثم ناوله القدح .. قال : اشرب يا رسول الله ..
قال المقداد .. فلما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي .. وأصابتني دعوته ..
ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض ..
فقال رسول الله : إحدى سوآتك يا مقداد ! .
فقلت : يا رسول الله .. إنك قد أبطأت علينا الليلة .. وكنت جائعاً فقلت في نفسي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تعشى عند بعض الأنصار .. وقص عليه القصة كلها .. وكيف أن الأعنز حلبت في ليلة واحدة مرتين .. على غير العادة ..
كان من أمري كذا .. فصنعت كذا وكذا ..
فقال : ما كانت هذه إلا رحمة الله .. ألا كنت آذنتي توقظ صاحبيك هذين فيصيبان منها ..
فقلت : والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها .. وأصبتُها معك من أصابها من الناس ..


وجهة نظر ..


الحياة أخذ وعطاء .. فاجعل عطاءك أكثر من أخذك
__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #94  
قديم 30-03-2009, 03:39 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

الكرم...

قال لهم : من سيدكم ؟
قالوا : سيدنا فلان .. على أننا نبخِّله ..
فقال : وأي داء أدوأُ من البخل ؟!! بل سيدكم الأبيض الجعد فلان ..
هكذا جرى النقاش بين إحدى القبائل وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسلموا فسألهم عن سيدهم ليقره عليهم بعد إسلامهم أو يغيره ..
نعم وأي داء أدوأ من البخل ..
ما أقبح البخل وما أعرض الناس عنه .. وما أثقله عليهم ..
لا يكاد يقيم في بيته وليمة يتحبب بها إليهم .. ولا يكاد يهدي هدية .. ولا يكاد يعتني بجمال مظهره .. ولا يهتم بزكاء برائحته .. توفيراً للمال .. ورضاً بالدون ..
أما الكريم فهو مفضال على أصحابه .. قريب من أحبابه .. إن اشتاقوا للاجتماع والأنس ففي بيته .. وإن نقص على أحدهم شيء تفضل عليه به .. فيأسر نفوسهم بكرمه .. ويستعبد قلوبهم بإحسانه ..
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان


وينبغي عند إكرام غيرك أن تكون نيتك حسنة ..

للتآلف مع إخوانك المسلمين .. وكسب مودتهم .. والتقرب إلى الله بالإحسان إليهم .. لا لأجل شهرة أو رئاسة أو كسب مديحهم وثنائهم ..
قال صلى الله عليه وسلم : أول من تسعر بهم النار ثلاثة .. وذكر منهم رجلاً كان ينفق ليقال جواد أي كريم .. فلم يعمل ابتغاء وجه الخالق وإنما ابتغى وجه المخلوق .. رياءً وسمعة ..
وإليك الحديث كاملاً :
قال سفيان :
دخلت المدينة .. فإذا أنا برجل قد اجتمع الناس عليه ..
فقلت : من هذا ؟
قالوا : أبو هريرة ..
فدنوت منه حتى قعدت بين يديه .. وهو يحدث الناس ..
فلما سكت وخلا .. قلت : أنشدك الله .. بحق وحق .. لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وعلمته ..
فقال أبو هريرة : أفعل .. لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. عقلته وعلمته ..
ثم نشغ أبو هريرة نشغة ( شهق ) .. فمكث قليلاً .. ثم أفاق ..
فقال : لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأنا وهو في هذا البيت .. ليس فيه أحد غيري وغيره ..
ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى .. فمكث بذلك .. ثم أفاق .. ومسح وجهه .. فقال :
أفعل .. لأحدثنك بحديث حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأنا وهو في هذا البيت .. ليس فيه أحد غيري وغيره ..
ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى .. ثم مال خارّاً على وجهه .. وأسندته طويلاً .. ثم أفاق .. فقال :
حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله عز وجل إذا كان يوم القيامة .. نزل إلى العباد ليقضي بينهم .. وكل أمة جاثية ..
فأول من يدعو به : رجل جمع القرآن .. ورجل يقتل في سبيل الله .. ورجل كثير المال ..
فيقول الله للقارىء : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟
قال : بلى يا رب ..
قال : فماذا عملت فيما علمت ؟
قال : كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ..
فيقول الله له : كذبت ..
وتقول الملائكة له : كذبت ..
فيقول الله عز وجل : أردت أن يقال : فلان قارىء .. فقد قيل ..
ويؤتى بصاحب المال فيقول : ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟
قال : بلى ..
قال : فماذا عملت فيما آتيتك ؟
قال : كنت أصل الرحم .. وأتصدق ..
فيقول الله : كذبت ..
وتقول الملائكة : كذبت ..
ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جواد .. فقد قيل ذلك ..
ويؤتى بالرجل الذي قتل في سبيل الله .. فيقال له : فيم قتلت ؟
فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك .. فقاتلت حتى قتلت ..
فيقول الله : كذبت ..
وتقول الملائكة له : كذبت ..
ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جريء .. فقد قيل ذلك ..


ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال :

يا أبا هريرة .. أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ) ..
فإذا أحسنت النية في كرمك فأبشر بالخير ..
وأولى من تحسن إليهم ليحبوك ويكرموك .. أهل بيتك .. الأم .. الأب .. الزوجة .. الأولاد .. ثم الأقرب قالأقرب .. ابدأ بنفسك ثم بمن تعول .. وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول ..
ولا بد من التفريق بين الكرم والإسراف ..
دلف رجل في شارع قديم فمر ببيت متهالك .. فإذا فتاة صغيرة قد جلست على عتبة الباب بثياب رثة .. وهيئة فقيرة .. فسألها : من أنت ؟
قالت : أنا ابنة حاتم الطائي ..
فقال : عجباً !! ابنة حاتم الطائي الكريم الجواد .. على هذا الحال ؟!!
فقالت : كرم أبي صيرنا إلى ما ترى !!
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس .. ولم يكن جشعاً ينظر في مصلحة نفسه ولا يلتفت إلى غيره ..
كلا ..
قال ابو هريرة رضي الله عنه :
والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع .. وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ..
ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه .. فمر أبو بكر .. فسألته عن آية من كتاب الله .. ما سألته إلا ليستتبعني .. فلم يفعل ..
ثم مرَّ عمر .. فسألته عن آية من كتاب الله .. ما سألته إلا ليستتبعني .. فمر فلم يفعل ..


ثم مرَّ بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم .. فتبسم حين رآني .. وعرف ما

في وجهي وما في نفسي ..
ثم قال : أبا هر .. قلت : لبيك يا رسول الله .. قال : اِلْحَقْ ..
ومضى .. فاتبعته .. فدخل .. فاستأذن .. فأذن لي .. فدخلت ..
فوجد لبناً في قدح .. فقال : من أين هذا اللبن ؟
قالوا : أهداه لك فلان .. أو فلانة ..
قال : أبا هر .. قلت : لبيك يا رسول الله ..
قال : اِلْحَقْ أهل الصفة .. فادعهم لي ..
قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام .. لا يأوون إلى أهل ولا إلى مال .. إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً .. وإذا أتته هدية أرسل إليهم .. وأصاب منها وأشركهم فيها .. فساءني ذلك ..
وقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة !! كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها .. فإذا جاءوا .. أمرني .. فكنت أنا أعطيهم .. وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ..
ولم يكن من طاعة الله .. وطاعة رسوله بدٌ .. فأتيتهم .. فدعوتهم ..
فأقبلوا .. فأذن لهم .. وأخذوا مجالسهم من البيت .. فقال : يا أبا هر ..
قلت : لبيك يا رسول الله .. قال : خذ .. فأعطهم ..
فأخذت القدح .. فجعلت أعطيه الرجلَ فيشرب حتى يروى .. ثم يرد عليَّ القدح .. فأعطيه الآخر .. فيشرب حتى يروى .. ثم يرد علي القدح .. فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى .. ثم يرد علي القدح ..
حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. وقد روي القوم كلهم .. فأخذ القدح فوضعه على يده .. فنظر إليَّ فتبسم فقال : أبا هر .. قلت : لبيك يا رسول الله .. قال :
بقيت أنا وأنت ؟ قلت : صدقت يا رسول الله .. قال : اقعد فاشرب .. فقعدت فشربت .. فقال : اشرب .. فشربت ..
فما زال يقول : اشرب .. حتى قلت : لا .. والذي بعثك بالحق .. ما أجد له مسلكاً .. قال : فأرني .. فأعطيته القدح .. فحمد الله وسمَّى .. وشرب الفضلة ..
وللكرم أسرار ..
أحياناً لا تتكرم على الشخص مباشرة .. وإنما تتكرم على من يحبهم .. فيحبك ..
زارني أحد الأصدقاء يوماً .. وكان يحمل كيساً فيه عدد من الحلويات والألعاب .. أظنها لم تكلفه بضعة ريالات .. وضعها بجانب الباب لما دخل .. وقال : هذه للأولاد ..
فرح بها الصغار .. وفرحت بها أنا لأنه أشعرني أنه يحب إدخال السرور على أولادي ..
كان أحد السلف عالماً .. لكنه كان فقيراً ..
فكان طلابه يهدون إليه بين فترة وأخرى .. أنواعاً من الهدايا .. تمر .. دقيق ..
وكان الطالب إذا أهدى إليه .. لم يزل الشيخ مكرماً مقبلاً عليه .. ما دامت هديته باقية ..
فإذا انتهت .. رجع إلى طبعه الأول ..
ففكر أحد طلابه بهدية يحملها إلى الشيخ .. تكون معقولة الثمن .. وتطول مدة بقائها ..
فأهدى إليه كيس ملح ..
ولو استشرتني في هديتين ستهدي إحداهما إلى صديق ..
أولهما زجاجة عطر رائع .. ثمين ..
أو ساعة حائطية تكتب عليها إهداءً باسمه ..
لاخترت الساعة .. لأنها يطول بقاؤها .. ويراها دائماً ..
وأذكر أن أحد طلابي أهديته ساعة حائطية فيها إهداء باسمه ..
وتخرج من الكلية .. ومرت السنين ..
ثم زرت إحدى المدن فتفاجأت به يحضر المحاضرة ويدعوني إلى بيته ..
فلما دخلت مجلس الضيوف فإذا به يشير إلى الساعة معلقة على الحائط .. ويقول : هذه أغلى هدية عندي ..
وقد مر على تخرجه سبع سنين ..
بقي أن تعلم أن هذه الساعة لم تكلف إلا شيئاً يسيراً .. لكن قيمتها المعنوية أعلى وأكبر ..



وجهة نظر ..


كسب قلوب الناس فرص قد لا تتكرر










__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #95  
قديم 30-03-2009, 03:44 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

كف الأذى ..

كان الناس يبغضونه ..
ما يكاد أحد يسلم من أذاه ..
إن سلمت من يده فلن تسلم من لسانه .. وإن فاته أن يجلدك بسوط لسانه في حضرتك فلن يفوته أن يجلدك في غيبتك ..
فعلاً .. كان رجلاً مكروهاً .. أثقل على الناس من صم الجبال الراسيات ..
وإذا تأملت في أحوال الناس فسوف تصل إلى يقين بأنه لا يؤذي غالباً إلا من كان عنده نعمة تفوق من يقابله ..
فالقوي يتجرأ على إيذاء الضعيف .. يدفعه بيده .. أو يركله برجله .. يضرب ويحقّر .. فيصير أسداً عليه لكنه في الحروب نعامة !!
والغني يتعدى على الفقير .. فيهينه في المجالس .. يقاطعه في كلامه ..
أما صاحب المنصب والجاه .. فله حظ كبير من ذلك ..
وقل مثل ذلك فيمن جعل الله نسبه رفيعاً ..
وهؤلاء في الحقيقة .. إضافة إلى بغض الناس لهم .. وتمنيهم زوال عزهم .. وفرحهم بمصائبهم ..
هم أيضاً مفلسون ..
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وقد جلس مع أصحابه يوماً فقال لهم :
أتدرون ما المفلس ؟
قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ..
فقال : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة .. وصيام .. وزكاة .. ويأتي قد شتم هذا .. وقذف هذا .. وأكل مال هذا .. وسفك دم هذا .. وضرب هذا ..
فيعطى هذا من حسناته .. وهذا من حسناته .. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه .. أخذ من خطاياهم فطرحت عليه .. ثم طرح في النار ( ..
لذا كان يتجنب صلى الله عليه وسلم أذى الناس بشتى أشكاله ..
قالت عائشة رضي الله عنها : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده .. ولا امرأة .. ولا خادماً .. إلا أن يجاهد في سبيل الله .. وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه .. إلا أن ينتهك
شيء من محارم الله .. فينتقم لله عز وجل () ..
وعموماً .. من استعمل هذه النعم لأذى الناس أبغضوه .. وقد يبتليه الله في دنياه قبل أخراه .. فيشفي صدورهم ..
أذكر أن أحد الأصدقاء من طلبة العلم وحفظة القرآن .. كان رجلاً صالحاً .. يأتيه بعض الناس أحياناً يقرأ عليهم شيئاً من القرآن كرقية شرعية .. وقد شفى الله تعالى على يده من شاء ..
دخل عليه يوماً من الأيام رجل تبدو عليه علامات الثراء .. جلس بين يدي الشيخ وقال : يا شيخ .. أنا عندي آلام في يدي اليسرى تكاد تقتلني .. لا أنام في ليل .. ولا أرتاح في نهار ..
ذهبت إلى عدد كبير من الأطباء .. أجروا لي الفحوصات .. عملوا تمارين .. ما فيه فائدة أبداً ..
الألم يزيد ويشتد حتى انقلبت حياتي عذاباً ..
يا شيخ .. أنا تاجر وعندي عدد من المؤسسات والشركات .. فأخشى أن أكون أصبت بعين حاسدة .. أو وضع لي أحد الأشرار سحراً ..
قال الشيخ : قرأت عليه سورة الفاتحة .. وآية الكرسي .. وسورة الإخلاص والمعوذتين ..
لم يظهر عليه تأثر .. خرج من عندي شاكراً ..
رجع إليَّ بعد أيام يشكو الألم نفسه .. قرأت عليه .. ذهب ورجع .. وقرأت عليه .. لم يظهر عليه أي تحسن ..
قلت له لما اشتد عليه اللم : قد يكون ما أصابك هو عقوبة على شيء فعلته .. من ظلم أحد الضعفاء .. أو أكل حقوقهم .. أو ظلمت أحداً في
ماله فمنعته حقه .. أو غير ذلك .. فإن كان هناك شيء من ذلك فسارع إلى التوبة مما جنيت .. وأعد الحقوق إلى أهلها .. واستغفر الله مما مضى ..
التاجر لم يرق له كلامي .. وقال - بكبر - : أبداً .. ما ظلمت أحداً .. ولم أعتدِ على شيء من حقوق الناس .. وأشكرك على نصيحتك .. وخرج ..
مرت أيام وغاب الرجل عني .. خشيت أن يكون وجد علي في نفسه .. ولكن لا عليَّ فهي نصيحة أسديتها إليه .. تفاجأت به يوماً في مكان ما .. لقيني فأقبل إليَّ مسلماً مسروراً ..
سألته : هاه .. ما الأخبار ؟
قال : الحمد لله .. الآن يدي بخير .. بغير طب ولا علاج !!
قلت : كيف ؟
قال : لما خرجت من عندك .. جعلت أفكر في نصيحتك .. وأستعيد شريط ذكرياتي في ذهني .. وأفكر !! ترى هل ظلمت أحداً ؟! هل أكلت حق أحد ؟! فتذكرت أني قبل سنوات لما كنت أبني قصري .. كان بجانبه أرض رغبت في ضمها إليه ليكون أجمل .. كانت الأرض ملكاً لامرأة أرملة توفي زوجها وخلّف أيتاماً ..
أردتها أن تبيع الأرض فأبت .. وقالت : وماذا أفعل بقيمة الأرض .. بل تبقى لهؤلاء الأيتام حتى يكبروا .. أخشى أن أبيعها ويتشتت المال ..
أرسلت إليها مراراً لشرائها .. وهي تأبى علي ذلك ..
قلت : فماذا فعلت ؟
قال : انتزعت الأرض منها بطرقي الخاصة ..
قلت : طرقك الخاصة !!
قال : نعم .. علاقاتي الواسعة .. ومعارفي .. استخرجت ترخيصاً ببناء الأرض وضممتها إلى أرضي ..
قلت : وأم الأيتام ؟!!
قال : سمعت بما حصل لأرضها فكانت تأتي وتصرخ بالعمال الذين يعملون لتمنعهم من البناء .. وهم يضحكون منها يظنونها مجنونة .. وفي الواقع أنني أنا المجنون ليس هي ..
كانت تبكي وترفع يديها إلى السماء .. هذا ما رأيته بعيني .. ولعل دعاءها في ظلمة الليل كان أعظم ..
قلت : هاه .. أكمل ..
قال : رحت أسأل وأبحث عنها .. حتى عثرت عليها .. فبكيت واعتذرت .. ولا زلت بها حتى قبلت مني تعويضاً عن تلك الأرض .. ودعت لي وسامحتني ..
فوالله ما إن خفضت يديها .. حتى دبت العافية في بدني ..
ثم أطرق التاجر برأسه قليلاً .. ثم رفعه وقال : ونفعني دعاؤها – بإذن الله – نفعاً عجز عنه طب الأطباء ..


قالوا ..
نامت عيونك والمظلوم منتبه*يدعو عليك وعين الله لم تنم









__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #96  
قديم 30-03-2009, 03:47 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

لا للعداوات ..

تجد أن الناس عند التعامل معهم لهم طبائع ..
منهم الغضوب ومنهم البارد .. ومنهم الذكي ومنهم الغبي .. والمتعلم والجاهل ..
ومنهم حسن الظن وسيء الظن .. و :من عامل الناس لاقى منهم نصباً ..

فإن سَوْسَهم بـغيٌ وطغيانفالظالم يغفل عن ظلمه ويرى أنه أعدل الناس ..والغبي يرى أنه أذكى الناس ..والأخرق السفيه .. يرى أنه حكيم زمانه ..
أذكر لما كنت شاباً – وأظنني لا أزال كذلك – أعني لما كنت في أوائل الدراسة الثانوية .. أقبل علينا ضيف ثقيل .. لا أدري هل أكمل دراسته الابتدائية أم لا ؟ لكن الذي أجزم به أنه يقرأ ويكتب ..
وكنت مشغولاً وقت دخوله بمسألة شرعية لم أجد لها جواباً ..
وضعت له ما يوضع للضيف من قِرى .. ثم تناولت الهاتف وجعلت أكرر الاتصال بالشيخ ابن باز رحمه الله لسؤاله عنها ..
لم أجد الشيخ ..
رآني صاحبي منشغلاً إلى هذا الحد .. فسألني : بمن تتصل ..
قلت : بالشيخ ابن باز .. عندي استفتاء مهم ..
فبادرني قائلاً بكل ثقة : سبحان الله .. ابن باز .. وأنا موجود ؟!! ( لولا الحياء لجعلت بقية الكتاب علامات تعجب !! )
تجد من الناس كثيرين كذلك .. فتحمل ثقلهم .. وعاملهم بلطف ..واكسبهم ..
حاول بقدر استطاعتك أن لا تكسب عداوات ..
فلم تبعث عليهم وكيلاً .. أنقذ ما يمكن إنقاذه .. ولا تعذب نفسك ..

خاطرة ..


الحياة اقصر من أن تشغلها باكتساب عداوات



__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #97  
قديم 30-03-2009, 03:59 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

اللسان .. ملك !!

تأملت فيما يحدث التباغض والشقاق بين الناس .. ويجعل بعضهم أثقل من الجبل على الآخرين .. فلا يحبون رؤيته ولا مجالسته .. ولا السفر معه .. ولا حضور وليمة هو مدعو إليها ..
وجدت أن أكثر يوصل الشخص إلى هذا المستوى البغيض هو اللسان ..
فكم من خصومات وقعت بين إخوان .. وأزواج .. و .. بسبب مسبة أو غيبة أو شتم ..!!
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده .. فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
ذُكر أن ملكاً معظماً رأى في منامه أن أسنانه تساقطت ..
فاستدعى أحد المعبرين .. وقص عليه الرؤيا وسأله عن تعبيرها ؟!
فتغير المعبر لما سمعها .. وجعل يردد : أعوذ بالله .. أعوذ بالله .. تمضي عليك السنين .. ويموت أولادك وأهلك جميعاً .. وتبقى في ملكك وحدك ..
فصاح الملك .. وغضب .. وسب ولعن .. وأمر بالمعبر أن يسحب ويجلد ..
ثم دعا بمعبر آخر .. وقص عليه الرؤيا .. وسأله عن تعبيرها ..
فاستهل ذاك المعبر .. وتبسم .. وأظهر البشاشة .. وقال : أبشر .. خير .. خير .. أيها الملك ..
هذا معناه أنك سيطول عمرك جداً .. حتى تكون آخر أهلك موتاً .. وتبقى طول عمرك ملكاً ..
فاستبشر الملك وأمر له بالأعطيات .. وبقي راضياً عليه .. ساخطاً على الآخر !!مع أنك لو تأملت لوجدت أن التعبيرين متماثلان متطابقان .. لكن الأول عبر بأسلوب والآخر عبر بأسلوب آخر .. نأنعم .. اللسان سيد الأعضاء ..
وفي الحديث .. قال صلى الله عليه وسلم :إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان .. فتقول :اتق الله فينا .. فإنما نحن بك .. فإن استقمت استقمنا .. وإن اعوججت اعوججنا ..) ..
نعم .. والله إنه لسيد .. سيد في خطبة الجمعة .. وسيد في الإصلاح بين الناس .. وسيد في التسويق .. وسيد في المحاماة ..
ولا يعني هذا أنه إذا فقده الإنسان .. انتهت حياته .. كلا بل صاحب الهمة يبقى بطلاً ..
لم يكن أبو عبد الله يختلف كثيراًُ عن بقية أصدقائي .. لكنه – والله يشهد – من أحرصهم على الخير ..له عدة نشاطات دعوية من أبرزها ما يقوم به أثناء عمله .. فهو يعمل مترجما في معهد الصم البكم .
اتصل بي يوما وقال : ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبي معهد الصم لإلقاء كلمة على المصلين ..
تعجبت !! وقلت : صم يلقون كلمة على ناطقين ؟
قال : نعم .. وليكن مجيئنا يوم الأحد ..
انتظرت يوم الأحد بفارغ الصبر ..وجاء الموعد ..وقفت عند باب المسجد أنتظر ..فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته .. وقف قريباً من الباب .. نزل ومعه رجلان ..أحدهما كان يمشي بجانبه ..والثاني قد أمسكه أبو عبد الله يقوده بيده ..نظرت إلى الأول فإذا هو أصم أبكم .. لا يسمع ولا يتكلم .. لكنه يرى ..والثاني أصم .. أبكم .. أعمى .. لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى ..مددت يدي وصافحت أبا عبد الله .. كان الذي عن يمينه – وعلمت بعدها أن اسمه أحمد - ينظر إليّ مبتسماً .. فمددت يدي إليه مصافحاً ..فقال لي أبو عبد الله - وأشار إلى الأعمى - : سلم أيضاً على فايز .. قلت :السلام عليكم .. فايز ..فقال أبو عبد الله : أمسك يده .. هو لا يسمعك ولا يراك ..جعلت يدي في يده .. فشدني وهز يدي ..دخل الجميع المسجد .. وبعد الصلاة جلس أبو عبد الله على الكرسي وعن يكينه أحمد .. وعن يساره فايز .. كان الناس ينظرون مندهشين .. لم يتعودوا أن يجلس على كرسي المحاضرات أصم ..التفت أبو عبد الله إلى أحمد وأشار إليه ..فبدأ أحمد يشير بيديه .. والناس ينظرون .. لم يفهموا شيئاً ..فأشرت إلى أبي عبد الله .. فاقترب إلى مكبر الصوت وقال :أحمد يحكي لكم قصة هدايته .. ويقول لكم .. ولدت أصم .. ونشأت في جدة .. وكان أهلي يهملونني .. لا يلتفتون إليّ .. كنت أرى الناس يذهبون إلى المسجد .. ولا أدري لماذا ! أرى أبي أحياناً يفرش سجادته ويركع ويسجد .. ولا أدري ماذا يفعل ..وإذا سألت أهلي عن شيء .. احتقروني ولم يجيبوني ..ثم سكت أبو عبد الله والتفت إلى أحمد وأشار له ..فواصل أحمد حديثه .. وأخذ يشير بيديه .. ثم تغير وجهه .. وكأنه تأثر ..خفض أبو عبد الله رأسه ..ثم بكى أحمد .. وأجهش بالبكاء ..
تأثر كثير من الناس .. لا يدرون لماذا يبكي ..واصل حديثه وإشاراته بتأثر .. ثم توقف ..
فقال أبو عبد الله : أحمد يحكي لكم الآن فترة التحول في حياته .. وكيف أنه عرف الله والصلاة بسبب شخص في الشارع عطف عليه وعلمه .. وكيف أنه لما بدأ يصلي شعر بقدر قربه من الله .. وتخيل الأجر العظيم لبلائه .. وكيف أنه ذاق حلاوة الإيمان ..ومضى أبو عبد الله يحكي لنا بقية قصة أحمد ..كان أكثر الناس مشدوداً متأثراً ..
لكني كنت منشغلاً .. أنظر إلى أحمد تارة .. وإلى فايز تارة أخرى .. وأقول في نفسي .. هاهو أحمد يرى ويعرف لغة الإشارة .. وأبو عبد الله يتفاهم معه بالإشارة .. ترى كيف سيتفاهم مع فايز .. وهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ..!!
انتهى أحمد من كلمته .. ومضى يمسح بقايا دموعه ..
التفت أبو عبد الله إلى فايز ..
قلت في نفسي : هه ؟؟ ماذا سيفعل ؟!!
ضرب أبو عبد الله بأصابعه على ركبة فايز ..
فانطلق فايز كالسهم .. وألقى كلمة مؤثرة ..تدري كيف ألقاها ؟
بالكلام ؟ كلا .. فهو أبكم .. لا يتكلم ..

بالإشارة ؟ كلا .. فهو أعمى .. لم يتعلم لغة الإشارة ..
ألقى الكلمة بـ ( اللمس ) .. نعم باللمس .. يجعل أبو عبد الله ( المترجم ) يده بين يدي فايز .. فيلمسه فايز لمسات معينة .. يفهم منها المترجم مراده .. ثم يمضي يحكي لنا ما فهمه من فايز .. وقد يستغرق ذلك ربع ساعة ..
وفايز ساكن هادئ لا يدري هل انتهى المترجم أم لا .. لأنه لا يسمع ولا يرى ..
فإذا انتهى المترجم من كلامه .. ضرب ركبة فايز .. فيمد فايز يديه ..
فيضع المترجم يده بين يديه .. ثم يلمسه فايز للمسات أخر ..
ظل الناس يتنقلون بأعينهم بين فايز والمترجم .. بين عجب تارة .. وإعجاب أخرى ..
وجعل فايز يحث الناس على التوبة .. كان أحياناً يمسك أذنيه .. وأحياناً لسانه .. وأحياناً يضع كفيه على عينيه ..
فإذا هو يأمر الناس بحفظ الأسماع والأبصار عن الحرام ..
كنت أنظر إلى الناس .. فأرى بعضهم يتمتم : سبحان الله .. وبعضهم يهمس إلى الذي بجانبه .. وبعضهم يتابع بشغف .. وبعضهم يبكي ..
أما أنا فقد ذهبت بعيييييداً ..
أخذت أقارن بين قدراته وقدراتهم .. ثم أقارن بين خدمته للدين وخدمتهم ..
الهم الذي يحمله رجل أعمى أصم أبكم .. لعله يعدل الهم الذي يحمله هؤلاء جميعاً ..
والناس ألف منهم كواحد ** وواحد كالألف إن أمر عنا
رجل محدود القدرات .. لكنه يحترق في سبيل خدمة هذا الدين .. يشعر أنه جندي من جنود الإسلام .. مسئول عن كل عاص ومقصر ..
كان يحرك يديه بحرقة .. وكأنه يقول يا تارك الصلاة إلى متى ..؟ يا مطلق البصر في الحرام إلى متى ..؟ يا واقعاً في الفواحش ؟ يا آكلاً للحرام ؟ بل يا واقعاً في الشرك ؟
كلكم إلى متى .. أما يكفي حرب الأعداء لديننا .. فتحاربونه أنتم أيضاً !!
كان المسكين يتلون وجهه ويعتصر ليستطيع إخراج ما في صدره ..
تأثر الناس كثيراً .. لم ألتفت إليهم .. لكني سمعت بكاء وتسبيحات ..
انتهى فايز من كلمته .. وقام .. يمسك ابو عبد الله بيده .. تزاحم الناس عليه يسلمون ..
كنت أراه يسلم على الناس .. وأحس أنه يشعر أن الناس عنده سواسيه ..
يسلم على الجميع .. لا يفرق بين ملك ومملوك .. ورئيس ومرؤوس ..وأمير ومأمور ..
يسلم عليه الأغنياء والفقراء .. والشرفاء والوضعاء .. والجميع عنده سواء ..
كنت أقول في نفسي ليت بعض النفعيين مثلك يا فايز ..
أخذ أبو عبد الله بيد فايز .. ومضى به خارجاً من المسجد ..
أخذت أمشي بجانبهما .. وهما متوجهان للسيارة ..
والمترجم وفايز يتمازحان في سعادة غامرة ..
آآآه ما أحقر الدنيا ..
كم من أحد لم يصب بربع مصابك يا فايز ولم يستطع أن ينتصر على الضيق والحزن ..
أين أصحاب الأمراض المزمنة .. فشل كلوي .. شلل .. جلطات .. سكري .. إعاقات ..
لماذا لا يستمتعون بحياتهم..ويتكيفون مع واقعهم ..
ما أجمل أن يبتلي الله عبده ثم ينظر إلى قلبه فيراه شاكراً راضياً محتسباً ..
مرت الأيام .. ولا تزال صورة فايز مرسومة أمام ناظري ..

حقيقة ..


الإنسان لا لحمه يؤكل .. ولا جلده يلبس .. فماذا فيه غير حلاوة اللسان !!







__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #98  
قديم 31-03-2009, 03:18 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

اضبط لسانك ..
إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ..
هكذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم الناس من إطلاق الكلام على عواهنه .. دون النظر في العواقب ..
عدم ضبط اللسان قد يؤدي إلى المهالك ..
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنـه ثـعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الشجعان
كم من امرأة طلقها زوجها بسبب اللسان .. يختلف معها .. فتردد قائلة له : طلقني .. أتحداك تطلقني .. إن كنت رجلاً طلقني .. فيأمرها بالسكوت .. يصرخ بها .. ينهرها .. يشتد الأمر بينهما .. فينهدم البناء .. ويطلقها ..
لذا أمر صلى الله عليه وسلم الشخص إذا غضب أن يسكت .. نعم يسكت ..
لأنه إن لم يضبط لسانه .. أرداه في المهالك ..
يموت الفتى من زلة بلسانه
وليس يموت المرء من زلة الرجل
أذكر أني دخلت قبل فترة في مشكلة بين عائلتين للإصلاح بينهما ..
وقصة الخلاف : أن رجلاً عاقلاً كبيراً في السن أظنه قد تجاوز الستين من عمره .. خرج في نزهة صيد مع مجموعة من أصدقائه .. وسنهم جميعاً متقارب ..
دارت بينهم الأحاديث وذكريات الصبا .. ثم تكلموا عن أراض لأجدادهم بالقرية .. فثار خلاف بين اثنين منهم حول أحد الأراضي يملكها أحدهما وادعى الآخر أنها لجده ..
اشتد بينهما النقاش حتى قال مالك الأرض لصاحبه : والله لإن رأيتك قريباً من أرضي لأفرغن هذا في رأسك ..
ثم تناول بندقية الصيد التي بجانبه ووجهها أعلى من رأس صاحبه بمترين أو ثلاثة ثم أطلق منها رصاصة ..
ثار الرجلان وكادا أن يقتتلا .. لكن أصحابهما هدؤوهما وتفرقوا إلى بيوتهم ..
لم يستطع الرجل الذي أطلق عليه الرصاص أن ينام من شدة الغيظ .. فما كاد أن يصبح حتى كان قد أجمع أن يشفي غيظه من صاحبه .. فحمل سلاحاً من نوع " كلاشينكوف " ومضى يبحث عن صاحبه .. حتى رآه في سيارته عند مدرسة بنات ..
كان صاحبه متقاعداً من وظيفته ويعمل سائقا لسيارة خاصة لنقل المدرسات .. وقد أوقف سيارته عند باب المدرسة وجلس داخلها ينتظر خروجهن .. وبجانبه مجموعة من السيارات تشبه سيارته كلها مخصصة لنقل المدرسات أو الطالبات ..اختبأ الرجل خلق شجرة بعيدة لئلا ينتبه إليه .. وكان ضعيف البصر .. ووجه سلاحه إلى السائق .. وحاول جاهداً أن يسدد الطلقة إلى رأسه .. ثم ضغط على الزناد .. ودوى صوت الرصاص وانطلقت ثلاث رصاصات واستقرت في رأس السائق .. ثار الناس واضطربوا .. وفزعت الطالبات .. وارتفع الصراخ ..واجتمع الشرطة .. وأحاطوا بالمنطقة .. والرجل قد هشمت الطلقات جمجمته .. ومات ..
أما القاتل فقد توجه بكل هدووووء إلى مخفر الشرطة وأخبرهم بالقصة .. وقال : أنا قتلت فلاناً .. والآن قد شفيت صدري فاقتلوني أو أحرقوني أو اسجنوني .. افعلوا ماشئتم ..
أدخلوه إلى غرفة التوقيف .. وخرج الضابط لمعاينة مكان الحادث .. فلما اطلع على بطاقة المقتول فإذا المفاجأة الكبرى !! إذا بالقتيل ليس هو صاحبه الذي أراد أن يشفي صدره منه وإنما هو شخص آخر ليس له دخل بالقضية ..
فأقبل الضابط يمشي بسرعة ، والرجل المسن المقصود بالقتل يمشي بجانبه .. حتى أدخله مخفر الشرطة وأوقفه أمام الزنزانة .. وقال : يا فلان ! أتدعي أنك قتلت هذا ؟! الرصاص أصاب شخصاً آخر !!
فصرخ المسكين وأصابه حالة هستيرية .. ثم أغمي عليه ومكث في غيبوبة أياماً .. ثم شفي وأدخل السجن وحكم عليه القاضي الشرعي بإقامة حد القتل عليه ..
وصدق أبو بكر لما قال : ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان ..لا أنس خبر ذلك الخليفة الذي جلس يوماً مع
نديمه .. يضاحكه ويمازحه .. فلعب الشيطان برؤوسهما فشربا خمراً .. فلما غابت العقول .. وسيطرت أم الخبائث .. وصار الواحد منهما أضل من الحمار ..
التفت الخليفة إلى حاجبه وأشار له إلى النديم وقال : اقتلوه ..
وكان الخليفة إذا أمر أمراً لم يراجَع فيه ..
فانطلق الحاجب إلى النديم وتله برجليه .. وهو يصرخ .. ويستغيث بالخليفة .. والخليفة يضحك ويردد : اقتلوه .. اقتلوه ..
فقتلوه .. وألقوه في بئر مهجورة ..
فلما أصبح الخليفة .. اشتاق إلى من يؤانسه .. فقال : ادعوا لي نديمي فلان ..
قالوا : قتلناه !! قال : قتلتموه ؟!! من قتله ؟! ولماذا ؟ ومن أمركم ؟! وجعل يدافع عبراته ..
فقالوا : أنت أمرتنا البارحة .. وأخبروه بالقصة ..
فسكت .. وخفض رأسه متندماً ثم قال : رب كلمة قالت لصاحبها دعني ..
أعود وأقول : كم من شخص نفر الناس عن شخصه .. وبغضهم في نفسه .. وجر إلى نفسه الويلات بسبب عدم ضبطه للسانه ..
قال ابن الجوزي :
ومن العجب أن من الناس من يقوى على التحرز من أكل الحرام .. ومن الزنا .. والسرقة .. لكنه لا يقوى على أن يتحرز من حركة لسانه .. فيتكلم في أعراض الناس .. ولا يقدر على منع نفسه من ذلك ..

عجيبة ..
الحيوان لسانه طويل ولا ينطق .. والإنسان لسانه قصير ولا يصمت !!

__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #99  
قديم 31-03-2009, 03:27 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

المفتاح ..

المدح .. هو مفتاح القلوب ..
نعم .. من أجمل مهارات الكلام أن تكون مبدعاً في تعويد نفسك على اكتشاف صواب الآخرين .. ومدحهم والثناء عليهم به .. قبل الانتباه إلى خطئهم ..
ويتأكد ذلك عندما تريد أن تنبه شخصاً إلى خطأ ما ..
كثير من الناس يرد النصيحة لا لأجل تكبره عنها .. أو عدم اقتناعه بخطئه .. وإنما لأن الناصح لم يسلك الطريق الصحيح لتقديم النصيحة ..
هب أنك ذهبت إلى مستشفى حكومي لعلاج ..
فلما أقبلت إلى موظف الاستقبال فإذا وراء الزجاج شاب مراهق يقلب جريدة بين يديه .. وبيده سيجاره .. غير مبال بما حوله ..
وإذا شيخ كبير أعمى يقف متعباً في يده اليمنى طفل صغير .. وفي الأخرى ورقة مراجعة ينتظر أن يحوله الموظف إلى الطبيب ..
وإذا بجانبه عجوز كبيرة بيدها طفلة تبكي وقد تمكنت الحمى من جسدها .. وتنتظر أيضاً الموظف أن يفرغ من قراءة أخبار ناديه المفضل ليحولها لطبيب الأطفال ..

لما رأيت هذا المنظر ثارت أعصابك – ولا نلومك على ذلك – فصرخت بالموظف : هيه !! أنت جالس في مستشفى أو في ... ما تخاف الله ؟!! المرضى يئنون من الألم وأنت تقرأ جريدة !! لا وتدخن أيضاً !! والله عجب .. مثلك ما يربيه إلا شكوى لمدير المستشفى .. أو المفروض أن تفصل من عملك ..وبدأت تهيل هذه العبارات كالبرق عليه ..

هب أنه .. لم يرد عليك .. ولم يقابل صراخك بصراخ ..
هب فعلاً أنه ألقى جريدته .. وأنهى تحويل المرضى إلى الأطباء ..
هل تعتبر نفسك نجحت في حل المشكلة .. كلا .. أنت هنا عالجت الموقف لكنك لم تعالج المشكلة .. لأنه وإن استجاب إليك الآن إلا أنه سيعود إلى تصرفه المشين غداً وبعد غدٍ ..
إذن كيف أتصرف ؟!!
تعال إليه واكظم غيظك .. تعامل مع الموقف بعقل لا بعاطفة .. لا تدع المناظر المؤذية تؤثر في تصرفاتك .. ابتسم – وإن كنت مغضباً ، وإن كانت الابتسامة صفراء لا مشكلة ، ابتسم – وقل : السلام عليكم ..
سيقول وهو ينظر إلى لاعبه المفضل : عليكم السلام .. انتظر لحظة ..
قل أي كلمة تجعله يلتفت إليك .. كأن تقول : كيف الحال ؟ .. مساك الله بالخير ..
سيرفع رأسه - حتماً – إليك ويقول : الحمد لله بخير ..
في هذه المرحلة تكون قد قطعت نصف المشوار ..
تلطف إليه بأي عبارة تمدحه بها .. قل له مثلاً : تصدق ! المفروض مثلك ما يعمل في استقبال مستشفى ..
سيتغير ويقول : لماذا ؟
قل : لأن هذا الوجه المنير إذا رآه المريض زال مرضه فلا يحتاج إلى طبيب ..
سيبتسم متعجباً من جرأتك – يا بطل - .. وتنبلج أساريره ..
وقد صار الآن مهيئاً لقبول لنصيحة .. ويقول : ماذا عندك ؟
عندها قل : يا أخي الحبيب ترى هذا الشيخ الكبير .. وهذه العجوز المسكينة .. ليتك تنهي لهما إجراءات الدخول على الطبيب ..
سيتناول أوراقهما .. ويحولهما للطبيب .. ثم يتناول ورقتك .. فإذا انتهى منك وسلمك الورقة ..
فقل له : سبحان الله .. هذه أول مرة أراك ومع ذلك فقد دخلت إلى قلبي .. لا أدري كيف !! والله إنك أحب إليَّ من آلاف الناس .. ( وفعلاً أنت صادق فهو مسلم أحب إليك حتماً من ملايين غير المسلمين ) ..
سيفرح ويشكر لك لطفك ..
فقل : وعندي كلمات أود أن تسمعها لكني أخاف أن تغضبك ..
سيقول : لا .. لا .. تفضل ..
عندها قدم له النصيحة .. أنت قد منّ الله عليك بهذه الوظيفة .. وفي واجهة المستشفى .. وأنت قدوة لغيرك .. فليتك تتلطف قليلاً مع المراجعين .. وتهتم بهم .. لعل دعوة صالحة ترفع لك في ظلمة الليل من فم عجوز عابدة .. أو شيخ زاهد ..
أجزم أنه سيخفض رأسه وأنت تتكلم .. ويردد : أشكرك .. جزاك الله خيراً ..
وكذلك استعمل هذه الأساليب مع كل شخص تعالج سلوكه ..
مثل شخص يتهاون بالصلاة .. أو أب يهمل بناته فيتكشفن .. ويتساهلن بالحجاب ..
أو شاب عاق لوالديه ..

لأجل أن يقبلوا منك لا بد أن تمارس المهارات المناسبة .. نعم .. استخدم العبارات اللطيفة في إصلاح خطأ الآخر .. كن مؤدباً .. محترماً لرأيه ..

قل له : أنا ما أنصحك إلا لأني أعلم .. أنك تقبل النصح ..
وفي التنزيل العزيز يقول الله : ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) ..
وقد كان المربي الحكيم صلى الله عليه وسلم يستعمل طرقاً ومهارات تجعل من يعدل سلوكهم لا يملكون إلا أن يقبلوا منه ..
أراد يوماً أن يعلم معاذ بن جبل ذكراً يقوله بعد الصلاة ..
فأقبل إلى معاذ وقال : يا معاذ .. والله إني أحبك .. فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..
بالله عليك .. ما علاقة المقطع الأول من الكلام "والله إني أحبك " بالمقطع الثاني " لا تدعن أن تقول اللهم أعني على ذكرك "..
قد يكون الأنسب لقوله إني أحبك أن يقول بعدها وأريد أن أزوجك ابنتي – مثلاً – أو أعطيك مالاً .. أو أدعوك إلى طعام ..
ولكن أن يتبع خبر المحبة تعليمه ذكراً من أذكار الصلاة ..!! فهذا يحتاج إلى تأمل ..
أتدري ما موقع قوله : " والله إني أحبك " ؟ إنه التهيئة لقبول النصيحة .. فإذا ارتاحت نفس معاذ واستبشر ، أعطاه النصيحة ..
وفي موقف آخر .. قبض صلى الله عليه وسلم يد عبد الله بن مسعود بيده اليمنى ، ثم وضع يده اليسرى فوقها ، كنوع من العطف والتهيئة ، ثم قال : يا عبد الله .. إذا جلست في التشهد فقل : التحيات لله والصلولات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ..

ومضت السنين ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فكان عبد الله يفخر بذلك ويقول : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي

بين كفيه ..
وفي يوم آخر لاحظ صلى الله عليه وسلم أن عمر رضي الله عنه إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر الأسود .. زاحم الناس وقبله .. وكان صلباً قوي البدن .. وربما زاحم الضعفاء ..
فأراد صلى الله عليه وسلم أن يعدل سلوكه .. فقال – على سبيل التهيئة لقبول النصيحة - : يا عمر إنك رجل قوي ..
فرح عمر بهذا الثناء .. فقال صلى الله عليه وسلم : فلا تزاحمن عند الحجر ..
ومرة أراد أن ينصح ابن عمر بقيام الليل .. فقال :
نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل .. وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل ..
لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل .. فترك قيام الليل ..
نعم .. كان صلى الله عليه وسلم يستعمل هذا الأسلوب الرائع مع جميع الناس .. ومع الوجهاء خاصة ..
في بداية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. كان الناس ما بين مقبل ومدبر ..
وكان رجل في المدينة اسمه سويد بن الصامت وكان رجلاً شريفاً في قومه .. عاقلاً شاعراً .. يحفظ كلام الحكماء .. حتى قيل إنه كان يحفظ كل ما روي عن لقمان الحكيم ..
حتى بلغ من إعجاب الناس به أنهم كانوا يسمونه : الكامل .. لجلده وشعره .. وشرفه ونسبه .. وهو الذي يقول :
ألا رب من تدعو صديقاً ولو ترى
مقالته بالغيب ساءك ما يفري

مقالته كالشهد ما كان شاهداً
وبالغيب مأثور على ثغرة النحر
يسرك باديه وتحت أديمه
نميمة غش تبتري عقب الظهر
تبين لك العينان ما هو كاتم
من الغل والبغضاء بالنظر الشزر
قدم سويد بن الصامت يوماً إلى مكة حاجاً .. أو معتمراً ..
فتحدث الناس بدخوله مكة .. وأقبلوا لرؤيته .. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم به فأقبل عليه .. فدعاه إلى الله .. وإلى الإسلام .. وجعل يحدثه بالتوحيد والرسالة وأنه نبي يوحى إليه قرآن .. وأن هذا القرآن هو كلام الله تعالى .. فيه عبر وأحكام ..
فقال له سويد : فلعل الذي معك مثل الذي معي ؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الذي معك ؟
قال : معي مجلة لقمان - يعني حكمة لقمان - ..
فلم يعنفه صلى الله عليه وسلم أو يحقره .. - مع أنه يضاهي كلام الله بكلام البشر - .. وإنما تلطف معه .. وقال صلى الله عليه وسلم : اعرضها علي ..
فشرع سويد يقرأ ما يحفظ من كلام لقمان وحِكَمِه .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إليه بكل هدوووء ..
فلما انتهى سويد .. قال صلى الله عليه وسلم له : إن هذا لكلام حسن ..
ثم قال - مشوقاً لسويد - : والذي معي أفضل من هذا .. قرآن أنزله الله تعالى علي .. هو هدى ونور ..
ثم تلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن .. ودعاه إلى الإسلام .. وسويد يستمع منصتاً .. فلما فرغ صلى الله عليه وسلم من كلامه .. ظهر على سويد التأثر .. وقال : إن هذا لقول حسن ..
ثم انصرف سويد عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا يزال متأثراً بما سمع ..
فقدم المدينة على قومه .. فلم يلبث أن وقع قتال بين قبيلتي الأوس والخزرج .. وكان من قبيلة الأوس فقتلته الخزرج ..
وذلك قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .. ولا يدرى هل أسلم أم لا ؟ وإن كان رجل من قومه ليقولون : إنا لنراه قد قتل وهو مسلم ..


باختصار ..


أسرف في المديح .. واقتصد في النقد ..


__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
  #100  
قديم 03-04-2009, 04:25 AM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

الرصيد العاطفي

تصورات الناس عنا نحن الذين نصنعها ..
فلو لقيك شخص في السوق فعبس في وجهك ..
ثم لقيك في بقالة .. فعبس في وجهك أيضاً ..
ثم صادفته في عرس .. فلقيك عابساً .. لرسمت عنه صورة قاتمة في مخيلتك .. فإذا رأيت صورته أو سمعت اسمه في مكان تبادر إلى ذهنك ذاك الوجه العابس ..
ولو لقيك شخص بابتسامة في موقف .. ثم ابتسم في لقاء آخر .. وثالث .. لانطبع في ذهنك عنه صورة مشرقة ..
هذا فيمن لا يكون بينك وبينه علاقة دائمة وإنما هي لقاءات عابرة ..
أما الأشخاص الذي نلقاهم دائماً كزوجة وأولاد .. وزملاء في مكتب .. وجيران في حارة .. فإن تعاملنا معهم لن يكون بأسلوب واحد دائماً .. نعم هم سيروننا ضاحكين لطيفين .. لكنهم حتماً سيروننا تارة غاضبين .. وتارة عابسين .. أو مخاصمين .. أو شاتمين .. لأننا بشر ..
وبالتالي فإن محبتهم لنا تتحدد على حسب طغيان حسناتنا عندهم أو سيئاتنا .. أو قل بعبارة أخرى : تتحدد محبتهم لنا بحسب مقدار الرصيد العاطفي الذي في حسابنا عندهم ..
كيف ؟!
عندما يقع لك موقف جميل مع إنسان فإنك تضيف إلى سجل ذكرياته ذكرى جميلة عنك .. أو بعبارة أخرى تفتح لك في قلبه حساباً تودع فيه محبة لك واحتراماً .. ثم تتولى بعد ذلك زيادة رصيدك العاطفي أو السحب منه ..
فكل ابتسامة تقابله بها .. تزيد من رصيدك العاطفي عنده ..
وكل هدية .. تزيد رصيدك العاطفي ..
وكل مجاملة .. تزيد رصيدك العاطفي ..
وكل إهانة تقع منك له .. أو مسبة .. أو شتم .. فإنك تسحب من رصيدك العاطفي ..
وبالتالي إذا كان رصيدك العاطفي عنده كثيراً .. ووقعت يوماً ما في موقف أغاظه فسحبت من رصيدك العاطفي مقداراً معيناً .. فإن هذا لن يؤثر كثيراً لأن رصيدك العاطفي عنده كثير ..
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع
أما إن لم يكن عنده لك رصيد عاطفي وجعلت تسحب من الرصيد وليس فيه شيء أصلاً .. فإن حسابك عنده سيكون بالناقص !! وبالتالي قد يقع في قلبه لك كره .. أو استثقال .. لأنك تسحب من رصيدك العاطفي ولا تودع ..

ألم تسمع يوماً عن زوجة طلقها زوجها .. فإذا سئلت عن سبب الطلاق قالت : السبب تافه .. طلب مني الذهاب معه لزيارة أخته فرفضت .. فغضب وجعل يسبني ويشتمني ثم طلقني !!

ولو تأملت بذكاء في سبب الطلاق .. لما وجدت السبب هو هذا الموقف التافه .. وإنما هذا الموقف هو القشة التي قصمت ظهر البعير ..
فقد ذُكر أن رجلاً كان له جمل جلد قوي .. فأراد سفراً .. فجعل يحمل متاعه عليه .. ويربطه على ظهره .. والجمل متماسك .. حتى كوم على ظهره ما يحمله أربعة جمال .. فبدأ البعير يهتز من ثقل الحمل والناس يصيحون بالرجل : يكفي ما حملت عليه .. فأخذ حزمة من تبن وقال : هذه خفيفة وهي آخر المتاع .. فلما طرحها على ظهره سقط البعير على الأرض .. فقيل : قشة قصمت ظهر بعير !!
ولو تفكرت لرأيت أن القشة مظلومة فليست هي التي قصمت ظهر البعير وإنما انقصم ظهر البعير بسبب تراكمات كبار صبر البعير على أولها .. وصبر .. وصبر .. حتى لم يطق صبراً .. فانقصم ظهره بشيء صغير ..
وهكذا المرأة التي طلقها زوجها .. أجزم أن السبب ليس هو تركها زيارة أخته فحسب .. وإنما تراكمات قبله .. من عصيان لطلباته .. عدم تحقيق لرغباته .. عدم تحببها إليه .. تكبرها عليه .. عدم احترام رأيه .. فهي تسحب دوماً من رصيدها العاطفي عنده دون أن تودع فيه شيئاً .. وتجرح ولا تداوي ..
وهو يحتمل ويحتمل .. حتى جاء هذا الموقف فقصم ظهر البعير ..

ولو أنها اعتنت بكثرة الإيداع في رصيدها العاطفي .. من حسن لقاء له .. وتغنج ودلال .. وتحبب

إليه .. وممازحة وخفة ظل .. وعناية بطعامه ولباسه .. واحترام لرأيه .. لصار رصيدها العاطفي كبيراً .. وملكت مليارات في قلبه .. وبالتالي لن يضر لو وقع موقف سحبت به من رصيدها العاطفي ..
وقل مثل ذلك في الطالب المشاكس الذي يقع منه موقف صغير فيغضب المدرس غضباً شديداً .. وقد يضربه ويطرده من الفصل .. و .. ثم يقول الطالب أنا ما فعلت شيئاً هي مجرد نكتة أطلقتها من غير استئذان .. ولا ينتبه إلى أن هذه النكتة هي القشة التي قصمت ظهر البعير ..
قل مثله في زملاء تخاصموا .. أو جيران تنازعوا ..
إذن .. نحن نحتاج دائماً إلى نودع في قلب كل واحد نلقاه رصيداً عاطفياً ..
الزوج يتحين الفرص ليودع في قلب زوجته .. ويسجل نقاطاً أكثر وأكثر ..
والزوجة تحتاج أيضاً ..
والولد يحتاج أن يودع في قلب والده ..
والمدرس مع طلابه .. والأخ مع أخيه ..
بل حتى المدير مع من هم تحت إدارته .. يحتاج إلى ذلك ..


باختصار ..


وإذا الحبيب أتى بذنب واحد



جاءت محاسنه بألف شفيع
__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 234.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 228.82 كيلو بايت... تم توفير 5.90 كيلو بايت...بمعدل (2.51%)]