الخطاب الأخير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 449 - عددالزوار : 7747 )           »          فضائل المعوذتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          قِيمَةُ العَمَلِ في الإِسْلَامِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الاختلاف المثمر بين الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مقبرةُ القرارات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أن يكون القرآن حيّا في جوانبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أخلاقُك تُعرف مِن كلماتك لا مِن هيئتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خطوات الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          وقفة مع الخشوع في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مع فتية الكهف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2025, 12:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,336
الدولة : Egypt
افتراضي الخطاب الأخير

الخطاب الأخير

حكم بن عادل زمو النويري العقيلي



الحمد لله الذي جعل الجنةَ والنارَ لعباده جزاءً وعقابًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذَّرنا اتباع الشيطان حُجَّةً علينا وبلاغًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه ربه للعالمين نذيرًا وبشيرًا، صلى الله عليه وعلى آله، وصحبه المُتبعين للحقِّ جماعاتٍ وآحادًا؛ أما بعد:
فالناس في هذه الدنيا في العبادة والطاعة، والمعصية والجحود، على عدة طرائق؛ فمنهم المهتدي والعاصي، والمؤمن والجاحد، وبين ذلك كثير، ومرجع المؤمنين والمهتدين إلى يقينهم التامِّ بوعد الله ووعيده، وأما العصاة والجاحدون والمشركون، فإما لتزعزُع ذات اليقين أو لانعـدامه بالكـلية، وسبب ذلك ومرجعه الأصيل إلى وسواس الشيـطان الرجيم، وتعـهده بإغواء أبينا آدم عليه السلام، وذريته من بـعده؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62]، وقال تعالى: ﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 119]، ومع هذا التهديد الصريح والوعيد الشنيع، نجد أن كثيرًا من الناس يُنكر ويجحد وجودَ الخالق، وينكر كذلك باطله ولا يراه إلا حقًّا؛ ولذا هو كذلك منكر لوجود إبليس، وأثره ووسواسه عليه، وإضلاله إياه.

ولعلنا ننتقل بكم الآن من دار الدنيا إلى بعض مشاهد الدار الآخرة؛ لعلها تفتح القلوب وتُلينها؛ حيث تستوقفنا هنالك عدة مشاهد وأحداث.

نرى أهل الجنة، أهل الإيمان والطاعة والعبادة، يتنعمون في النعيم الدائم الأبدي، في قصور عالية مَشيدة، جدرانها من ذهب وفضة، مِلاطها[1] المِسك والعنبر، وحصباؤها[2] اللؤلؤ والياقوت، وها هي الأنهار تجري من تحتهم؛ أنهار من ماء، وأنهار من لبن، وأنهار من خمر لذيذ، وأنهار من عسل صافٍ نقي[3]، يُطاف عليهم بأنواع النعيم من طعام وشراب، يخدمهم ولدان مخلدون كأنهم اللؤلؤ المنثور[4]، على الأرائك متكئين، في ظل ظليل يتسامرون ويتضاحكون، ناضرةً وجوههم، مستبشرةً بكرم الله ورحمته وغفرانه.

وعلى النقيض من ذلك نرى أهلَ النار، أهل الكفر والجحود والمعصية، في العذاب المقيم، وجوهٌ مغبرَّة، ظلام دامس، أجساد نتنة وروائح منتنة، الصراخ والعويل يُسمع في كل مكان، الأصفاد والأغلال في أعناقهم وأيديهم وأرجلهم، طعامهم الزَّقُّوم[5]، يُسقون بماء حميم تغلي منه البطون، لا راحة ولا نوم ولا موت، خلود أبديٌّ سرمديٌّ في العذاب والشقاء، والعياذ بالله.

وفي خضم هذه الأحداث، وقد استقر بكلا الفريقين المقام، وإذا بداعٍ يدعو أهل النار لسماع خطاب بليغ، هل يا تُرى يكون لهم فيه خلاصهم من العذاب، أو تخفيف لهم من بعض معاناتهم؟ يا تُرى من الخطيب فيهم، أهو مالك خازن النار، أم هو أحد ملائكة العذاب، أم من يا ترى؟!

اجتمع أهل النار، وها هي الأعناق تشرئبُّ لرؤية الخطيب، يا للعجب! إنه إبليس اللعين! هذا الذي أنكره البعض في الدنيا، ولم يصدقوا بغوايته ووسواسه لهم، يقف الآن على منبرٍ من نار، يسمعونه جميعًا، يا تُرى ما الخطب؟! ماذا يريد منهم بعد إضلاله لهم وغوايته إياهم، ودخولهم النار بسببه؟ تساؤلات تجول في خواطرهم.

وها هو القرآن الكريم الذي بين أيدينا اليومَ يصوِّر لنا ذلك الحدث، كما لو أننا نشاهده مباشرة رأي العين، أعاذنا الله جميعًا من رؤيته على الحقيقة؛ حيث قال تعالى وهو أصدق القائلين: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22].

إنه خطاب بليغٌ، فيه اعتراف بالمذلَّة والمهانة للشيطان نفسه، ولكل من تبِعه، وفيه إظهار للحقِّ وإبطال للباطل، غاية في التقريع والتوبيخ، ليزيد أهل النار حزنًا على حزنهم، وغمًّا على غمهم، وحسرةً إلى حسراتهم، بدأه بإقرار حقيقة الحقائق، الحقيقة المرَّة التي عمِيت أبصارهم عن رؤيتها، وصمَّت آذانهم عن سماعها في الدنيا؛ ألَا وهي أن الله هو الحق، وعدكم وعد الحق، وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار، إن أنتم أطعتموه، وأقررتم له بالعبادة، والعذاب والعقاب في النار إن أنتم كفرتم به، وعصيتم أوامره، وها أنتم الآن ترَون وعده إياكم حقًّا، أما أنا فوعدتكم بالنصرة، وأن لا عقاب ولا عذاب في حال المعصية والجحود والنكران للخالق والإله المعبود، ولكني أخلفتكم ما وعدتكم، وما كان لي عليكم من سلطة أو أمر، ولكن مجرد أن دعوتكم للعصيان والغواية والضلال، أطعتموني واستجبتم لي؛ قال تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16]، فلا تلوموني على إجابتكم دعوتي، ولوموا أنفسكم بذلك؛ ﴿ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ﴾ [إبراهيم: 22]، ما أنا بمغيثكم من العذاب، ولا أنتم بمغيثيَّ منه، وإني جحدت أن أكون شريكًا لله فيما أشركتموني فيه من عبادتكم من قبلُ في الدنيا، وإن الكافرين بالله لهم عذابٌ مُوجع أليم من الله.


نعــوذ بـالله مــن وساوس الشيـطان وشـركه وحـبـائـله، وأســأل الله أن يعصـمنا مـــن غـوايته وإضـلالـه، وأن يـتـوفـانـا وهـو راضٍ عنا، وصلِّ اللهم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

آمــــــين.


[1] المِلاط هو مادة تستخدم لربط الطوب أو الطابوق أو الحجر، ولملء الفراغات بينها مثل الطين أو الإسمنت.

[2] الحصباء هي الحصى الصغيرة.

[3] قال تعالى: ﴿ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ﴾ [محمد: 15].

[4] قال تعالى: ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19].

[5] شجرة الزقوم تنبت في أصل جهنم (قيل قعر جهنم)، طعام أهل النار، مرة الطعم، كريهة الرائحة: ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ [الصافات: 64 - 66].







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.10 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]