نماذج من المنهج الاقتصادي في القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4593 - عددالزوار : 1301183 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4138 - عددالزوار : 828073 )           »          جرائم الرافضة.. في الحرمين على مر العصور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 101 )           »          المستشارة فاطمة عبد الرؤوف: العلاقات الأسرية خير معين للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348582 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 163 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 293 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 300 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 831 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2872 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-02-2024, 09:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي نماذج من المنهج الاقتصادي في القرآن

نماذج من المنهج الاقتصادي في القرآن

-أسلوب القصص القرآني ونموذج انضباط المكاييل والموازين والمقاييس



يقول الله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط، ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ} (هود:84-86) .
ومدين هم قوم شعيب كانوا مع كفرهم أهل بخس وتطفيف، وكانوا إذا جاءهم البائع بالطعام أخذوا بكيل زائد واستوفوا بغاية ما يقدرون عليه وظلموا، وإن جاءهم مشتر للطعام باعوه بكيل ناقص وشححوا له بغاية ما يقدرون؛ فأمروا بالإيمان إقلاعا عن الشرك وبالوفاء نهيا عن التطفيف، وأنهم كانوا في سعة من عيشهم ورخص من أسعارهم كثيرة أموالهم .
{بقية الله خير لكم}؛ أي ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس، ويشبه قوله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث} (المائدة: 100) .
{بقية الله} قال ابن عباس: أي ما أبقاه سبحانه من الحلال بعد الإيفاء {خير لكم} مما تجمعون بالبخس وإن زعمتم أنه خير: {إن كنتم مؤمنين}؛ أي بشرط أن تؤمنوا. وقيل: المعنى: إبقاء الله تعالى النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النقص بالتطفيف.
وقال الطبري: يعني إبقاء الله لكم بعد أن توفوا الناس حقوقهم بالمكيال والميزان بالقسط، فأصله خير لكم من الذي يبقى لكم ببخسكم الناس حقوقهم بالمكيال والميزان: {إن كنتم مؤمنين} أي مصدقين بوعد الله ووعيده وحلاله وحرامه.
قول تعالى: {ولا تنقصوا المكيال والميزان} المراد: لا تنقصوا حجم المكيال عن المعهود وكذا الصنجات، ثم قال سبحانه: {وياقوم أوفوا المكيال والميزان} فجعل النهي عن الشيء عين الأمر بالضد أو مستلزما له تضمنا أو التزاما، {وما أنا عليكم بحفيظ} أحفظكم من القبائح أو أحفظ عليكم أعمالكم وأجازيكم بها، أو ما أنا بحافظ عليكم نعمة الله تعالى لو لم تتركوا سوء صنيعكم.
والأمر بإيفاء المكيال والميزان حقهما بألا ينقص في الكيل والوزن، أي بالقسط، وهو العدل من غير زيادة ولا نقصان، وهو المطلوب من إتمام المكيال والميزان وإيفائهما حقهما.
{ولا تبخسوا الناس أشياءهم} يشمل الجودة والرداءة، وغير المكيل والموزون أيضا فهو تذييل وتتميم لما تقدم .
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين}؛ فإن العثي تنقيص الحقوق وغيره؛ لأنه عبارة عن مطلق الفساد، ويحتمل أن يكون نهيا عن بخس المكيل والموزون بعد النهي عن نقص المعيار والأمر بإيفائه، أي لا تنقصوا الناس بسبب نقص المكيال والميزان .

المبادلات والمكيال والميزان خصوصا وأدات القياس والتقدير عموما:
1- النشاط الاقتصادي يقوم على المبادلات بصورها المختلفة، والمبادلات في حركتها لابد أن تعتمد على أدوات مضبوطة في الكيل والوزن والقياس وغيرها كي تنضبط المبادلات ذاتها حتى يأخذ كل ذي حق حقه بغير بخس أو نقصان، ولن يتحقق ذلك إلا إذا أولى الشرع عنايته الفائقة بضبط المقادير؛ لما في ذلك من استقرار في النشاط الاقتصادي على وجه العموم بكل ما يترتب على ذلك من أمن وطمأنينة .
وفي هذا الصدد يقول ابن القيم: «وينهى (والي الحسبة) عن الخيانة وتطفيف المكيال والميزان والغش في الصناعات والبياعات، ويتفقد أحوال المكاييل والموازين وأحوال الصناع، ويمنع من إفساد الناس وتغييرها ويمنع من جعل النقود متجرا؛ فإنه بذلك يدخل على الناس من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، بل الواجب أن تكون النقود أموالا يتجر بها ولا يتجر فيها، إذا حرم السلطان سكة أو نقدا منع من الاختلاط بما أذن في المعاملة به».
وبذلك يعلم أن الفساد يكمن في أدوات التقدير في المبادلات وعلى رأسها المكاييل والموزاين التي ضرب الله بها القصص وكذلك النقود على نحو ما ذكر ابن القيم، فتلحق قطعا بأدوات التقدير والقياس، ومن ثم كانت - كغيرها من أدوات التقدير - وسيطا ومقياسا للقيمة، كذلك المكيال والميزان - يجب أن يكون مضبوطا في ذاته حجما على نحو ما ذكره المفسرون، ويجب كذلك أن يكون المتبادل بها مضبوطا بها بالقسط أي بالعدل من غير زيادة ولا نقصان .
وكذلك النقود يجب ألا يدخلها الفساد أداة قياس، ولن يدخلها الفساد إلا إذا أصبحت «متجرا» في ذاتها بمعنى أنه بدلا من أن يعاير بها السلع والخدمات في المبادلات تباع وتشترى في ذاتها فتصير سلعة كغيرها وتنهار وظيفتها كمقياس لقيم الأشياء المتبادلة إونه بذلك يدخل على الناس من الفساد ما لا يعلمه إلا الله كما يقول ابن القيم، وهو ما صرحت به الآية الكريمة في قوله تعالى: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}؛فإن ما تقدمها من إفساد أدوات التقدير في المبادلات هو الفساد والإفساد بعينه .
2- لهذا وغيره كانت قصة نبي الله شعيب عليه السلام مع قومه التي حكاها لنا القرآن الكريم، وكان الاهتمام فيها منصبا على عدم بخس أو تطفيف المكيال والميزان والنهي عن ذلك والأمر بإيفاء وإتمام المكيال والميزان بالقسط، فالنهي متعلق بكل ما يكال ويوزن، والأمر متعلق بأداة الوزن وهي الميزان، وأن يكونا منضبطين في أنفسهما أو بذاتها حجما؛ فيحصل بهذا وذاك تمام العدل في المبادلة والمعاملة، ويأخذ كل ذي حق حقه كاملا غير منقوص .
3- ما تعلق بالمكيال والميزان من حكم على نحو ما سلف يطبق على غيرهما من أدوات التقدير والقياس وإلا ما استقام الحكم، والدليل قول تعالى: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم}، ولن يتحقق عدم البخس في غير ذلك - المكيال والميزان - من الأشياء إلا إذا كانت أدوات التقدير والقياس فيها مضبوطة في ذاتها، ومضبوطة في أدائها، أو وظيفتها فلا يحصل بها بخس أو تطفيف .
وبذلك يعم العدل أو القسط المنصوص عليه في الآيه كافة المبادلات أو المعاملات؛ إذ لا يتصور تحقق العدل والقسط والمطالبة به في ناحية من نواحي المبادلات دون كافة الجوانب أو النواحي الأخرى فيتحقق الاستقرار المنشور في النشاط الاقتصادي، وهو بذاته مطلب اقتصادي ملح لإبقاء النظام الاقتصاد في استقرار وأمن واطمئنان، وهو ما تفتقده النظم الاقتصادية المعاصرة ويلح في طلبه العلماء المصلحون .
4- وقوله تعالى: {بقية الله خير لكم}، وكما قال المفسرون على نحو ما تقدم يتعلق بها الربح الحلال الذي يأخذه صاحبه وهو الصافي من المخالفات الشرعية من غير بخس أو فساد، كما يشير أيضا إلى الربح الصافي بعد خصم كافة التكاليف المشروعة وهو ما يجب خصمه دون غيرها من التكاليف غير المشروعة .
5- {وما أنا عليكم بحفيظ}، إشارة إلى أن خير أنواع الرقابة في المبادلات والمعاملات، وفي المكاييل، والموازيين، والمقاييس، وغيرها من أدوات التقدير، هي ما كانت «ذاتية» أي سلوكا مشربا في نفس الشخص، كي يصبح هو النموذج الاقتصادي الرشيد وهو عكس ما يعبر عنه في الاقتصاد بالإنسان الاقتصادي» وبالرجل الاقتصادي وهو إنسان وهمي أو خيالي لا وجود له مع الفارق الشديد بين كلا الرجلين، فالرجل الاقتصادي كما ذكر «الكلاسيك» من الاقتصاديين رجل لا يستجيب إلا للنزعات الاقتصادية ولا يتحرك إلا تبعا لما تمليه عليه مصلحته الشخصية المادية .
أما الإسلام حين ينظم الحياة المادية للبشر فهو يعلم ما هم عليه من رغائب وما توسوس به صدورهم ويطغى عليهم من شهوات، يعلم ذلك فيشرع له وينظمه في أحكامه وقوانينه؛ ولهذا يقول ابن مسعود: «القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة. ثم قال: الصلاة أمانة والوضوء أمانة والوزن أمانة، وأشياء عدّها، والكيل أمانة، وأشد ذلك الودائع» .
6- يوضح كل ذلك ويبينه حديث الرسول [ في تحذيره من المطففين في الكيل والميزان فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله [ فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس خصال إذا ابتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن - : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا نشأ فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة وجوا السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مٌنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا فأخذوا بعض ما في أيديهم، ولم تحكم أئمتهم بكتاب الله تعالى ويخيروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم».
والإمام الغزالي يدعو إلى الاحتياط في الكيل والميزان فيقول: «كل من خلط بالطعام ترابا أو غيره ثم كاله فهو من المطففين في الكيل، وكل قصاب وزن مع اللحم عظما لم تجر العادة بمثله فهو من المطففين في الوزن، وقس على هذا سائر التقديرات».


اعداد: د.عبدالحميد البعلي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.64 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]