|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تأخر الزواج وتشوش الفكر
تأخر الزواج وتشوش الفكر الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: تأخرتْ عن الزواج، ولا تستطيع التركيز في دراسة أو قراءة القرآن، وأفكارها باتت مشوشة ومخلَّطة، وتسأل: ما النصيحة؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لا تسعفني الكلمات للإبانة عما في نفسي، فتفكيري مشوَّش ومخلَّط، فأنا منذ وفاة أمي لا أستطيع إكمال دراستي، وإذا ما ذاكرت دروسي، فلا أستوعب ما أقرأ، حتى إنني أصبحت أشعر بصعوبة في قراءة القرآن وفهم أبسط كلماته، أرجو منكم النصيحة والإرشاد، وجزاكم الله خيرًا. الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فمشكلتكِ يُحيط بها بعض الغموض؛ حيث كتبتِها مقتضبة جدًّا، فتحتاج إلى توضيح وتفصيل، فمثلًا مشكلة تشويش الفكر، وعدم القدرة على التركيز، وصعوبة الفهم والحفظ، هل هذه الأشياء قديمة معكِ منذ الصغر، أو أنها بسبب تأخركِ عن الزواج، أو أنها طرأت على حياتكِ لأسباب أخرى؟ فمعرفة الإجابة ضرورية جدًّا، وتُسهل بإذن الله الوصول لرأي سديد، ولكن سأتعامل مع هذا الغموض بما يُناسبه، فأقول مستعينًا بالله سبحانه ومتوكلًا عليه: أولًا: إن كُنتِ تعرضتِ في صغركِ لشيءٍ من الإهمال، أو لشيء من الازدراء لكِ ولقدراتكِ، فكل ذلك أثَّر عليكِ تأثيرًا سيئًا فيما بعد؛ لأنكِ اقتنعتِ - أو أُقنعتِ - بأنكِ مسكينة وغبية، ولا تفهمين شيئًا، بينما أنتِ في الحقيقة عكس ذلك تمامًا؛ ألْمَعِيَّة وذكية، ولكن ينقصكِ قناعة عقلية بأن ما قيل لكِ سابقًا ما هو إلا هُراء. ثانيًا: المعاصي لها آثار سلبية واضحة تتمثل في تشتت الذهن، وضعف القدرة على الاستيعاب والحفظ. فحاسبي نفسكِ، وأكثري من التوبة والاستغفار؛ قال سبحانه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12]، وقال عز وجل: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282]. ثالثًا: الدعاء علاج مهم جدًّا، خاصة إذا صاحبه إخلاصٌ ويقينٌ بقدرة الله سبحانه؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، وقال عز وجل: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. رابعًا: كلما استصعب عليكِ شيء، أكثري من الاسترجاع؛ فله أثر عجيب في تفريج الكرب؛ قال سبحانه: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]. خامسًا: إن جلستِ فارغة من أي شُغلٍ، فستكونين فريسة للأفكار والخواطر الرديئة، ولتحطيم نفسيتكِ، وتذكر الماضي بما فيه من آلام وأحزان؛ ولذا حاولي قدر استطاعتكِ شغل فراغكِ بما ينفعكِ في دينكِ ودنياكِ. سادسًا: مما يستحسن شغل الفراغ به؛ وهو - فضلًا عما فيه من الأجر الجزيل - علاج عظيم للحالات النفسية، ويدخل الهدوء والسكينة على النفس، ويُكسبها قوة وصلابة، ويقوي الإيمان؛ قال عز وجل: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وجاهدي نفسكِ على تلاوته، وقد تجدين في البداية تعبًا ومشقة، ولكن في النهاية ستتلذذين بتلاوته، وتندمين على ما فرط من هجر له؛ وقال عز وجل: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]. فسماه الله روحًا؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله: "﴿ وَكَذَلِكَ ﴾ حين أوحينا إلى الرسل قبلكِ ﴿ أَوْحَيْنَا إِلَيْكِ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾، وهو هذا القرآن الكريم، سماه روحًا؛ لأن الروح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين؛ لِما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير". سابعًا: العلم النافع مؤثر قويٌّ جدًّا في تنشيط وتقوية الإيمان والإقبال على الأعمال الصالحة؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وقال عز وجل: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [محمد: 19]. ولاحظوا هنا أن الله سبحانه بدأ بالعلم قبل القول والعمل، فاطلبوا العلم عن طريق طالبات العلم في بلدكم، أو وسائل التواصل الموثوقة. ثامنًا: تحتاجين لتقوية إيمانكِ بالقدر والصبر على أقدار الله المؤلمة؛ لأنه يبدو أن من أسباب معاناتكِ مصائب سابقة، لم تحتمليها؛ فأثرت في نفسيتكِ كثيرًا، وجلستِ تندبين حظكِ العاثر؛ قال سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23]. تاسعًا: القرآن علاج من جميع الأمراض الحسية والمعنوية؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]. فارقي نفسكِ بنفسكِ بالرقية الشرعية؛ لأن تشتت الذهن وضعف التركيز والحفظ، كلها أمراض معنوية، والقرآن علاج عظيم لها بالإكثار من تلاوته وبالرقية به. عاشرًا: ذكرتِ أن عمركِ ٣٧ ولم تتزوجي؛ فربما أن لذلك أثرًا في تشتت ذهنكِ، وضعف تركيزكِ؛ لأن الزواج والذرية حاجة فطرية، لكن لا تيأسي، وأكثري من سؤال الله سبحانه تيسير الزوج الصالح، وابذلي ما تستطيعينه من أسباب لتحصيله، وفي النهاية ارضي بما يقسمه الله لكِ؛ قال سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]. حادي عشر: أن تيسر لكِ في بلدكِ التعرف على نساء صالحات؛ ففي مجالستهن أنسٌ وشغل للفراغ، وتقوية للإيمان، وطرد لوساوس الشيطان. ثاني عشر: انتبهي لا تستعجلي النتائج؛ لأنكِ إذا تقيدتِ بما ذكرته لكِ سابقًا، ربما تأخرت النتائج الإيجابية، وربما جاءت في البداية بطيئة وقليلة، فاستمري في الأخذ بالأسباب بشرط قوة الثقة في الله سبحانه، والتوكل عليه؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]. حفظكِ الله، وفرج كربتكِ، ورزقكِ زوجًا صالحًا تقر به عينكِ. وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |