صفة العظماء: كن يوسفيا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         صيام يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          أهل الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          القوي - المتين جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 691 )           »          شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 78 )           »          الرياء: أسبابه وعلاجه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          القريب جل جلاله وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 97 )           »          مورد الرد على الأشاعرة والماتريدية من كتب السنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 81 )           »          سلسلة الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          مفهوم أهل الأثر في اللغة والاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-08-2023, 11:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي صفة العظماء: كن يوسفيا

صفة العظماء: كن يوسفيا


عندما عرفوا أن هذا الذي أمامهم هو يوسف الذي رموا به في الجُبِّ علاهم الوجوم، واستبدَّ بهم القلق وطلبوا الإقالة مباشرة: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91] طلبٌ فيه الزمن تمدَّد حتى بلغَ أن سارَت ظعينة القلب من مصر إلى الجُبِّ لا تخشَى إلا حديثَ الذئب!

حيثُ المَسافة بينَ الجُبِّ والملك هي زمنُ التربية والتهذيب والوصول إلى أعلى الدرجات.

وقد ضربَ يوسف أروعَ مثالٍ في العفو، وذاك هو النَّهْجُ الذي سلكهُ الرسولُ عندما فتحَ مكة {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}.

ما أنقى قلبك يا يوسف! محا كل الملفات السوداء، وتعالى على وجع الجراح.

إن العفو هو بدايةُ السلام في الإنسانية وما سِوى ذلك هو انفراطُ عِقْد معارك الأحقاد والكراهية والظلم!

أن تعفوَ عمَّن ظلمك معنى ذلك أن تُوقِعه في الأسر الأبَديِّ.

كأني بهم يخاطبون مشاعرهم: كيفَ غَمرَتنا فَوضى الحسد ذلك اليوم وفَقدنا السيطرة على رغباتنا؟!

كانت أقدار الله تَنسج ليوسف ثوبًا من العِزِّ في حين هم يحيكون المؤامرة!

في أوج قوتك لا تتردد لحظة عن العفو، انتبه أن يطيش عقلك وأنت تُفكِّر في صناعة الانتقام.

العظماء يتناسون المصائب ويتجاوزون الخصومات، ويرتفعون على الأحقاد، وقديمًا قال الشاعر العربي:
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

وهذه هي الصفة الوحيدةُ المشتركة بين العظماء، كان يوسفُ في قمة انتصارهِ وكانوا في وحل انكسارهم عندما نطق بـ {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}.

الحلم لا يظهر إلا مع الانتصار، والعفو لا يظهر إلا مع الاقتدار، والمنتقم دائمًا ضعيف؛ لأن العفو من شِيَم الأقوياء، فكُنْ قويًّا.

إن كنتَ تريد خُلُقًا يسع الجميع فهو العفو، ومتى قابلنا الإساءة بالإساءة فلن تنتهي السلسلة، ولن نقضي على الإساءة.

ورد في أمثال بعض الأمم "أشرف الثأر العفو"، وإذا أردت أن تنتقم لنفسك فاحفر قبرَينِ أحدهما لنفسك، ولن يضايق أعداؤك أكثر من أن تسامحهم.

كثير من الناس يظن أن العفو ضعف؛ لكنهم لا يعرفون أن العفو يحتاج إلى قوة أكبر من الانتقام.

اليوم يوم برء الجراح، اليوم يوم لباسِ الثياب البيضاء على قلوبٍ غطَّاها الظلام ردحًا من الزمان، التخفُّف من ألم الماضي يشفي جراحًا عميقة.

ها هم بفقر المسكنة يَلوحون بأيديهم طالبين العفو، يفتحون أوراق الماضي على عجلٍ بسؤالِ العَفو والمَغفرة، فالموقف لا يحتمل أثقالَ الماضي المؤلم.

النجاح في تلك المعركة فقط لمن حمل قلبًا سليمًا من أثقال الماضي.

تحتشد الأيدي على باب يوسف فما أشهى برد العفو! ما أشهى الدمع وأحلاه يومئذ! "ومِن الشِّفاء تتدفق العبَرات"، فيا الله حينَ يمحو العفو فهارس العداوات!

إذا وقَفتْ لكَ روحٌ بين عَبق العفو وبين غَسَق الانتقام وأردت حقيقةَ الانتصار فكن مديرًا ناجحًا لأعصابك المحروقة ونفسك الثائرة، وتنسَّم عبق العفو وانثره على أعدائك، أظنُّ أنك بذلك ستسحقهم ولن تُمحى هذه الهزيمة من نفوسهم!

ويا وَجع مَن يَبْعَثون الأحقاد ويخوضون وحل الانتقام وفي أيديهم أشواكُ الماضي السحيق.

لا إخوةَ فعلوا بأخٍ لهم كما فعل إخوة يوسف بيوسف، وإن أشهر بيت قاله طرفة:
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً *** على المرءِ من وقعِ الحسامِ المهنَّدِ

ولك أن تتخيَّل أن يُختلس من أحضان أبيه صغيرًا، ثم يُرمى به في الجُبِّ، ثم تتلقَّفه يد العبودية فيُباع في سوق النخاسة، ثم يُتَّهم في عرضه، ثم يُلْقَى به في السجن، أحداث بدايتها الرمي في الجُبِّ، وهذه الأحداث رغم أنها تُورِث في أي إنسان أقصى غايات الحقد وإنزال أقصى العقوبات حين القدرة؛ لكن كان يوسف في أعلى درجات الصفاء، فيا الله ما أجملَ قلبه!

اختزانُ العداوةِ واستمرارُ التفاعلِ مع الانتقام مرضٌ له آثاره المدمِّرة على الحاقد؛ لأنه يشغل البال، ويمرض الروح، ويُتلف الأعصاب، ويُقلق البال، ويُمزق الروح، ويُحرق العمر، ويَقضُّ المضجع، وقد تُظلِم الدنيا في وجه الحاقد، وتَضيقُ به على سعتها.

والعربُ قالت قديمًا: "ما انتصفَ كريمٌ قَط"؛ يعني: ما أخذ عظيمٌ حقَّه، فإنه إن أراد أن يأخذَ حقَّه من كلِّ من أساء إليه فَتحَ له عدة جبهات، وفي كل يوم يَشُن غارة على عدوٍّ جديدٍ، ويضيع زمنه في المهاترات، ويقضي على حياته في العداوات، ويقصر عمره في البغضاء.

إنَّ أقصرَ الناس أعمارًا وأكثرهم أمراضًا أهل الأحقاد، فتخلَّص سريعًا من الحقد، ولتُعلِن السلام الداخلي في نفسك، فالدُّنْيا أقصر من أن تَقطعها في التفكير في أعدائك.

العفو عند المقدرةِ من أجلِّ مقامات القوة، ومن أجمل شِيَم الكرام، وكلما ارتفع الإنسان عن الانتقام ارتفع شأوهُ، وزادَ علوُّه، وعظُمت مكانته، وكان أهلًا لأن يكونَ في الناس وجيهًا.
__________________________________________________ __
الكاتب: عامر الخميسي








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-08-2023, 03:57 PM
سعيد رشيد سعيد رشيد غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 385
الدولة : Algeria
افتراضي رد: صفة العظماء: كن يوسفيا

جزاك الله خيرا ونفع بك
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.92 كيلو بايت... تم توفير 2.11 كيلو بايت...بمعدل (4.06%)]