جذور وثمار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فقه الْحَج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 10 )           »          ما يقول الحاج والمعتمر إذا استوى على راحلته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          من قام الليل هو وزوجته أصابته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الصحيحان: موازنة ومقاربة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وأذنيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الكفاءة والخيار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حديث: العرب بعضهم أكفاء بعض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          علة حديث: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          تخريج حديث: أنه توضأ للناس كما رأى النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-11-2020, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,446
الدولة : Egypt
افتراضي جذور وثمار

جذور وثمار


أم حسان الحلو


مقدمة

لعل من البداهة:
القول بأن الجذر السليم القوي المنعم بالغذاء والدواء، يغدو سببا لثمار ناضجة شهية نافعة، والعكس كذلك.. وفي عالم الإنسان قد لا يختلف الأمر كثيرًا، فكلما كان الغراس مبكرًا وسليما أنتج شخصية قوية متينة راسخة المبادئ، صلبة القواعد، وإن كان الغراس فوضويا عشوائيا هلاميا، أنتج شخصية هائمة في تيارات الحياة، وعليه فإن دور الأهل التربوي خطير وهام، ولعل هذا ما تثبته لنا دروس الأيام وعبرها.

ربما أستطيع الجزم بعد عشرين عاما أبرقت ورحلت، رحل خلالها أقوام وحط آخرون رحالهم، عابري الأيام بكل ما تطوي من أحلام، عبر كثيرة يمكن قطافها لمن وقف على أطلال الأيام بعد رحيلها، تحية تلو تحية لذرات غبار سافرت مع أمتعة بعضهم، ودموع، بل نحيب على من رحل قبل أن يعرف حقيقة الحياة الهاربة من بين أصابعه، عشرون عاما أعلنت لطالبي الدنيا أنها خرجت من قبضتهم، فمن تمتع بها متجاهلا أرحامه، سجلت الأيام عليه لا له، ومن سلك درب الصلة والخير تمتع بأيامه، وسعد بعاقبتها، في ثنايا الصفحات القادمة، سأتحدث عن فعل الأيام، مع أولئك الذين سجلت محاكمتهم قبل عشرين عاما، وأراني اليوم أنزعج من كلمة محاكمة - التي سجلتها من قبل- ربما كانت ثمرة معاناة قاسية، لما كان يدور حولي من قطيعة الأرحام تلك، ومع أن الحال ازداد، والأقارب غدوا في كثير من الأحيان أباعد، إلا أني أرى استبدال كلمة"محاكمة" بـ"معاتبة"، علها تضع أمام الهاربين من واقعهم حواجز كتب عليها:هنا توقف إجباري، قف، ثم حاسب نفسك.

هذه المقدمة الحالية لجذور وثمار، أما المقدمة السابقة فقد كانت بقلم الأستاذ محمد رشيد العويد، نشرت في سلسلة شقائق الرجال عام1412، يقول فيها:

من ضمن ما جرته علينا المدنية الحديثة تباعد الأقرباء وضعف صلاتهم وانشغال بعضهم عن بعض، حتى وصل الحال عند عدد منهم إلى حد القطيعة، القطيعة التي حذر منها النبي الكريم في الحديث الذي أخرجه البخاري:"الرحم شجنة من الرحمن، من يصلها يصله، ومن يقطعها يقطعه، لها لسان طلق وذلق يوم القيامة".

وفي أحاديث أخرى صحيحة أوردتها المؤلفة تؤكد وجوب صلة الرحم، وتعد من يصل رحمه بأن يصله الله تعالى، وتبشره بالجنة، وتجعل صلة الرحم شرطا من شروط قبول العمل، وسببا في نزول الرحمة على الناس، وقطعها سببا في تعجيل العقوبة في الدنيا، ويضيف الأستاذ محمد رشيد العويد:لقد نجحت الأخت المؤلفة السيدة أم حسان الحلو في رسائل هذا الكتاب التي حاكمت فيها الرجل الأب، والرجل الزوج، والرجل الابن، والرجل الأخ، والرجل العم، والرجل الخال في بيان تقصيرهم جميعا في صلة أرحامهم، وبخاصة أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، ولقد صاغت الأخت أم حسان رسائلها في أسلوب شائق مؤثر واستطاعت إقامة الحجة على الرجل في محاكمتها له، وفندت ما يمكن أن يتعلل به من أعذار، أو يقدمه من تبريرات على تقصيره تجاه أمه وزوجته وأخته وابنته....وغيرهن من قريباته، وإني لأحسبه أول كتاب من نوعه في أسلوبه الحديث وتشخيصه الدقيق، ومعالجته الموفقة لظاهرة قطيعة الرحم التي حذر الإسلام منها، ونهى عنها، لكنها بدأت تتسلل إلى مجتمعاتنا المسلمة، وتهدد هذه الآصرة الوثيقة (صلة الرحم) بالضعف والذوبان.

ولعل هذا الكتيب الصغير خير هدية تذكر به الأم ابنها، والأخت أخاها، والبنت أباها، والزوجة زوجها، والبنت عمها وخالها، فصفحاته قليلة، وكلماته مؤثرة، مذكرة، معبرة.

عسى الله أن ينفع به، ويجزي مؤلفته خير الجزاء، ويكون لها من العلم المنتفع به بعد انقضاء الأجل ويوم يقوم الأشهاد.

محمد رشيد العويد - 1412.

قبل عشرين عامًا نُشر (الولد يحاكم أباه):
عبر هذه السطور سنلتقي معك أخي الفاضل تحت وهج الشمس، وسنكتشف معا حقائق تتعلق بمسيرتنا نحو الخير والعمل الصالح، ثم نقيم معا أسلوب هذه المسيرة، سنلتقي معك أخا وأبا وزوجا، ولأنك رجل أعمال ودقائق حياتك ثمينة جدا، نعتذر عما ستسببه لك عباراتنا هذه إذ ربما تحملك إلى عالم آخر من التفكر والتدبر.

وهاهو ابنك يتحدث إليك قائلاً:
أبي الغالي:
سلام من الله عليك ورحمة منه سبحانه وبعد..
فقد عشنا يا أبي عمرا طويلا معا، وأظنك لا تعرف أنني الآن في مقتبل العمر، وأحتاج منك إلى الرعاية والعناية الفكرية والروحية، أظن أنني أمامك صغير جدا يا أبي، لأنني لا أحظى منك بأكثر من الرعاية المادية، وبالمناسبة فإنني أشكرك شكرا جزيلا لهديتك الأخيرة لي، لقد كانت سيارة فاخرة وجميلة حقا، غمرتني بالسعادة وأعادت لي ذكريات الطفولة عندما اشتريت لي يا أبي سيارة صغيرة مشابهة لها، وقد كنت صغيرا أيامها، ولكن يا أبي رغم ما حققت هديتك من سعادة لي، إلا أنها نبهتني إلى أمور هامة أخرى، وأبرزها أنك بعيد عنا جميعا وعني خصوصًا.

نعم أنت بعيد رغم أننا نراك كل يوم، فنحن لا نتحدث معا إلا كما تتحدث للغرباء أو الجيران، لا بل إن الجيران يعرفون عنا أكثر مما تعرف أنت.

أعلم يا أبي أنك تسعى لطلب الرزق، وأقدر هذا فيك وأدعو الله لك دوما بأن يرزقنا جميعا الخير، ولكن هل تعتقد يا أبي الغالي أن الخير يكمن في الدراهم فقط، لا يا أبتِ إن كلمة ناصحة راشدة منك تساعدني على أن أخطو خطى ثابتة في الحياة، أثمن عندي من أن تسجل باسمي عقارا؛ لأن العقار يفنى والعلم باق معي في دار البقاء، فبالعلم أرشد للعمل الصالح الذي يدخلني برحمة الله جنات النعيم.

لا تقل يا أبتِ: ما شاء الله، هذا ابني يعلم بعض الأمور، وأنا في الواقع لا أعلم إلا نظريات لا أعيشها، لكني أحاول كثيرا فأتخبط الخطى، أتدري لماذا؟؛ لأنني لا أجد من يساعدني وخصوصا أنتَ، أنت يا والدي!!

بحثت عن قدوتي الفكرية والروحية فوجدت فيك قدوة حسنة، ومثلا يحتذى في العمل والمثابرة والنشاط والتحصيل المادي، فأصبحت أعتقد- معذرة يا أبتِ - أن ليس لي دور في هذه الحياة سوى الاستهلاك، وإدراج قائمة بالمتطلبات اليومية يحضرها لي السائق أو الخادمة.

أرجوك لا توجه لي أي لوم، فقد وصلتُ إلى حال نفسية يرثى لها، وأعلم أن شخصيتي مضطربة ممزقة، متناقضة، ولا أعرف أين أذهب، أو ماذا أريد من هذه الحياة، وأنا بذلك ضائع ضائع، ولكن في سيارة، وأنت تعلم خطورة هذا الضياع!!

فهل لك أن تعيد حساباتك معنا يا والدي العزيز، وأن تبحث عني وعن بقية أفراد الأسرة، فكل منا ضائع باتجاه، أرجوك لا تقل: إني مشغول، فالمال - والحمد لله - موجود ويحتاج إلى رجال أتقياء يعرفون كيف يضعونه في موضع، وقد قال - عليه الصلاة والسلام: ((نعم المال الصالح للعبد الصالح)).

آه يا والدي، كم أهرب من الحقائق وممن يحملونها، فهاهم زملائي يتحدَّثون عن آبائهم، وصداقتهم لهم، وعن جلساتهم واجتماعاتهم في حلقات علم وخير، يتسابقون في العلم والمعرفة ومعايشة ذلك؛ بل كانوا يفخرون ويتباهون بالجوائز التي يحصلون عليها من آبائهم كمكافأة مقابل حفظهم لآية كريمة أو حديث شريف.

وما زال- كما يقول أحد زملائي- ما زال أبي يعيش معنا يعطينا من وقته وجهده وفكره وعرقه؛ بل وإنه ليتعلم معنا أمورا جديدة، فهو مثقف يتقدم ويتطور باستمرار، ويسير بخطى ثابتة نحو نهاية العمر ومسيرة الحياة، وبالأمس القريب قرأ على مسامعنا هذه العبارة:
"يا ابن آدم ما أنت إلا بضعة أيام فإن ذهب يومك ذهب بعضك"، وقال لنا: ها نحن جميعا نقترب كل يوم من الحق من الموت، وإن كانت لي رغبة فهي رجائي وأملي بكم أن تبروني وتحسنوا إلي بالعلم الصالح والعمل النافع والدعاء لي بعد موتي.

لا أستطيع أن أتحدث عن المزيد؛ لأن أحشائي تتمزق وروحي تتوق لأن أكون طيفا عابرا يسمع مثل هذه الأحاديث، ولكني أحببت أن أنقل إليك تجارب من يعيشون بين أظهرنا، ولو أن من يعيشون في بطون الكتب والمجلدات من الصالحين والمبشرين والرسل هم حقا أعظم تجربة وأهل للقدوة الصالحة، ولحظات نقضيها في ذكراهم لهي أجمل وأسعد من عمر كامل نقضيه في اللهث والجري وراء الشهوات.

أخيرا هل لي أن أتجاوز قليلا يا أبتِ وأطلب منك أن تسأل نفسك: أين أنت من أولئك سواء في الدنيا أو الآخرة؟!!

وكيف السبيل إلى أن تحذو حذوهم وأن تبتعد عن خط أوناسيس وجونسون؟!

ابنك المخلص


تلك كانت الجذور التربوية وهذه ثمارها:


ثمار1


الوقفة الأولى:
عن "الابن" الذي وصف نفسه بأنه "ضائع ولكن في سيارة"، تراه اليوم يتهاوى بين عصاتين يستعملها المعاقون عادة، ويجلس على شرفة منزله الذي رفضت أن تعيش به عروسه، وأن تكمل مراسيم زفافهما بعدما علمت عن حالته الصعبة، بعد ذلك الحادث الأليم، أما هو فتراه يكفكف دموعه عندما يذكر صديقه الذي مات في حادث سير تسبب هو به، فقد اجتمع له الشباب والمال، والفراغ يوما، عوامل مجتمعة جعلته يظن أنه يقود طائرة تمشي على الأرض، وتكتسح كل ما تلقاه، ولم يدر أنها قد تكسر قلبه، وتفجع محبيه، وتحفر أخاديد أحزان، يعجز الزمن عن ردمها؛ إذ تتفجر لتشعل براكين حزنٍ تليد.

نظرةٌ؛ بل لمحةٌ إلى قدمه المبتورة، كافية لتلهب جمر الأسى والحزن، ومضة من ذكرى ذاك الصديق، تحمله إلى عالم من الندم والآهات والأحزان، أما ذكرى الأم الحبيبة التي كانت تحتضن آلامها، وآلام وآمال أسرته يدمي قلبه، ويسلب لبه، ثم يضرب عصاه في الأرض، ويقوم من موقعه عندما يذكر والده، هاربا من رؤية حلقة "مسؤولية"، تحيط بعنق والده، وقد انفرط عقدها، ثائرا سؤالا جال في فكره: ترى ما هي العلاقة بين المشاكل الأسرية، والحوادث المرورية؟




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.51 كيلو بايت... تم توفير 1.52 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]