رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 33 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ليبقى كلٌّ منّا على ثغرِه! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          رحمة النبي ﷺ بأمته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          وقفات تربوية مع خلق الحلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من أراد النور فليبحث عنه في كتاب الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فصل بين اليقظة والغفلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          التخفيف في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مواطن صالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          يا قوم، معركة الغرب على أمتنا أكبر! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-04-2022, 01:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

صلاة الفجر في المسجد (من دروس رمضان وأحكام الصيام)


أحمد علوان



الثمرات العشر لصلاة الفجر

1- النور التام يوم القيامة:

عن بريدة الأسلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشِّر المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد، بالنور التام يوم القيامة» [1].


2- ركعتا الفجر خير من الدنيا:

عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها» [2]، يعني سنة الفجر، فإذا كانت ركعتا الفجر خيرًا من الدنيا وما فيها، فكيف بصلاة الفجر؟!


3- شهادة الملائكة:

قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، قال: فيجتمعون في صلاة الفجر، قال: فتصعد ملائكة الليل، وتثبُتُ ملائكة النهار، قال: ويجتمعون في صلاة العصر، قال: فيصعد ملائكة النهار، وتثبت ملائكة الليل، قال: فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ قال: فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون» [3].


4- دخول الجنة والنجاة من النار:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يلِجَ النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها» - يعني الفجر والعصر[4]، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم «مَن صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة» [5].


5- أجر قيام الليل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله» [6].

6- دعاء الملائكة:

عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن صلى الفجر ثم جلس في مصلاه، صلَّتْ عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفِرْ له، اللهم ارحَمْه» [7].


7- في ذمة الله وحِفظه:

عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيءٍ فيدركه فيكبه في نار جهنم» [8].


8- أجر حجة وعمرة:

عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلى الغداة - (الفجر) - في جماعةٍ، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامةٍ» [9].


9- البراءة من النفاق:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أثقل صلاةٍ على المنافقين صلاة العِشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجالٍ معهم حزمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» [10].


10- رؤية الله يوم القيامة:

عنجرير بن عبدالله، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلةً - يعني البدر - فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا» ، ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39][11]...


وإذا أردتَ أن تصبح طيب النفس نشيطًا، فعليك بصلاة الفجر؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يعقِدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عُقَدٍ إذا نام، بكل عقدةٍ يضرب عليك ليلًا طويلًا، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العُقَد، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» [12].

أخي الصائم، لا تنسَ صلاة الضحى بعد شروق الشمس بقدر رمح - أي ما يعدل (20) دقيقة - فهي سنَّة مؤكدة عن رسول الله..

وجاء في فضل صلاة الضحى: عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقةٌ؛ فكل تسبيحةٍ صدقةٌ، وكل تحميدةٍ صدقةٌ، وكل تهليلةٍ صدقةٌ، وكل تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكر صدقةٌ، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» [13].

وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة، حين قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعهن في سفرٍ ولا حضرٍ: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيامٍ من الشهر، وألا أنام إلا على وترٍ» [14].

وإن زدتَ في عدد الركعات، فهو خيرٌ لك: عن نعيم بن همارٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقول الله عز وجل: يا بن آدم، لا تعجزني من أربع ركعاتٍ في أول نهارك، أَكْفِكَ آخرَه» [15].

أقلها وأكثرها:
المتفق عليه أن أقل عدد لصلاة الضحى: ركعتان، أما أكثرها: فيرى المالكية والحنابلة أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، ويرى الحنفية والشافعية وأحمد - في رواية عنه - أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة، ويسلم من ركعتين[16]، ثم الراحة قليلًا قبل ذهابك إلى العمل؛ حتى تستطيع أن تواصل يومك.

وصية عملية:
ما أجملَ أن تمكث في المسجد بعد صلاة الفجر، فتملأ هذا الوقت بالأذكار والاستغفار، وتلاوة القرآن، حتى تطلع الشمس، فهذا يعدِل حجةً وعمرة.

[1] أبو داود 561، والترمذي 223، وقال الألباني: صحيح.
[2] مسلم 725.
[3] مسند أحمد 9151، وإسناده صحيح.
[4] مسلم 634.
[5] متفق عليه.
[6] مسلم 656.
[7] مسند أحمد 125، وإسناده حسن.
[8] مسلم 657.
[9] الترمذي 586، وحسنه الألباني.
[10] مسلم 651.
[11] البخاري 554 ومسلم 633.
[12] متفق عليه.
[13] مسلم 720.
[14] أبو داود 1432، وصححه الأرناؤوط.

[15] أبو داود 1289، وقال الأرناؤوط: صحيح.
[16] انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، ج27، ص225، 226 باختصار، الصادرة عن: "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية" بالكويت، دار الصفوة - مصر، ط1/ من 1404 - 1427ه.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-04-2022, 05:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان وصناعة التغيير (1)






كتبه/ عصمت السنهوري


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فرمضان محطة لصناعة التغيير؛ فقد جعل الله عز وجل رمضان مصنعًا للتغيير، فأحداث التغيير العظام التي مرت بها الأمة والتي كانت فيها حال الأمة بعدها ليس كحالها قبلها كانت في رمضان؛ فبدر الفرقان كانت نقطة تحول في حال أمة الإسلام في الجزيرة العرب.

والأمة بعد بدر ليست كالأمة قبلها، والصحابة بعد بدر ليسوا كالصحابة قبلها؛ بل صحابة بدر لهم شأن خاص، وكذلك مكة قبل الفتح ليست هي مكة بعد الفتح؛ مكة قبل الفتح كانت فيها الأصنام حول البيت تعبد، فلما جاء الفتح أزيلت عبادة الأصنام، والفتح كان في رمضان.

فرمضان محطة عظيمة لصناعة التغيير في الأمة عبر تاريخها، وإذا كان رمضان كذلك فحري بالإنسان أن يبنى من جديد، وأن يولد من جديد، وأن يكتشف نفسه من جديد في رمضان؛ فيصنع في نفسه تغييرًا، ويصنع لها مستقبلًا، وهذا التغيير صناعة جعل الله عز وجل مقوماتها موجودة في رمضان، فهذا موسم عظيم لصناعة التغيير.

التغيير يحتاج إلى محفزات، وهذه المحفزات تشحذ الهمم نحو المعالي وترتقي بالنفس نحو التغيير الى الأفضل، وهذه المحفزات مقومات تدفع الإنسان من داخله نحو التغيير دفعًا، وتُعلي همته وترقى بها إلى التغيير، وإلى أن يكون إنسانًا جديدًا؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي عليه وسلم: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّياطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ".

فأبواب الجنة تفتح على الحقيقة لا على المجاز، وداعي الله ينادي: يا باغي الخير أقبل، وأبواب النار تغلق حقيقة؛ فكيف بإنسان يظل مصرًّا على أن يقذف بنفسه في النار، ويلهث خلف المعاصي والذنوب، وما زال في غفلة يترك لنفسه العنان تلعب به هنا وهناك بعيدًا عن القرب، بعيدًا عن الطاعة وعن رضا الرب عز وجل؟!

وإذا ضاعت من العبد فرصة لا يستطيع أن يجعل نفسه في سجل المعتوقين، وضاعت عليه ليلة وأخرى وثالثة؛ فلو ضاعت منه فرصة من العتق فما زال أمامه فرص أخرى فرمضان على مدار ثلاثين ليلة فيه عتق من النار.

دعوة عظيمة لأن يصنع الإنسان تغييرًا من نفسه؛ لأن يتغير تغيرًا إيجابيًّا حقيقيًّا.

ومن الفرص: ثلاثية المغفرة الله عز وجل، فقد منح الله العباد في رمضان ثلاثية عظيمة للمغفرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال: "مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".

ومنها: أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر، ليلة القدر كفيلة وحدها لأن تكون مصنعًا عظيمًا للتغيير، ولصناعة إنسان التقوى.

ليلة القدر من حرم خيرها فقد حرم.

محروم مَن لم يتغير في ليلة القدر.

محروم من لم يصنع لنفسه مستقبلًا حقيقيًّا في ليلة القدر.

ومنها: أن الأجور تتضاعف في رمضان.

كيف لعبدٍ يرى الأجور تتضاعف والحسنات تتضاعف، وهو ما زال في غيه، وهو ما زال في إخلاده إلى الأرض وإلى الشهوات.

العمرة فيه كحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم عمرة يعدل ثوابها الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم.


ومنها: أن في الجنة بابًا يسمى باب الريان لا يدخله إلا الصائمون، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قِيلَ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَيَشْرَبُونَ مِنْهُ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا"، فهلا تاقت نفسك إلى ميلاد جديد؟!

وللحديث بقية إن شاء الله.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-04-2022, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




أجمل ما في صدقة الفطر!!


زهير سالم





لن أتحدث عن الخلاف: في مادة الصدقة، هل تكون عينية أو نقدية؛ فذلك خلاف أخذ حقه من الحوار منذ قرون.

سأتحدث عن معنى آخر في صدقة الفطر، قلما انتبه إليه، المتحدثون..

ونحن نعلم أن الزكاة إنما تجب على من ملك نصاباً، وحال عليه الحول عنده..

ولكن الصدقة بشكل عام، وبالندب العمومي لها، وصدقة الفطر بالإيجاب الشرعي لها، لا نصاب لها.

يعني الكل مطالب بصدقة الفطر، وكل يخرج مما تصل إليه يده.

ومن الصور البديعة التي رسمها الفقهاء المبدعون، وأنا أعشق الفقهاء المبدعين، قالوا تمثيلاً: لو وجد فقيران، كل واحد منهما لا يملك إلا قوت يومه في العيد، يخرجانها..

يدفع الأول للثاني ما عنده، ويرد عليه الثاني بدفع ما عنده، ويحتسبانها عند الله صدقة فطر..

صدقة الفطر يخرجها الغني والفقير، يتصدق الفقير على من كان أفقر منه، أو على مثله. فلا تلووا ولا تعرضوا..

يا أيها الناس صونوا أعراضكم

صلوا أرحامكم

أطعموا جائعكم

علموا أطفالكم

اللهم أعط منفقا خلفاً.. وألهم ممسكا حتى يعلم" وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه"

يقول: كيف يخلفه عليَّ وأنا صاحب دخل محدود لا يزيد ولا ينقص: ويقول العارفون: يقيك زلة في نفسك أو فيمن تحبك، كانت ستكلفك ما لا تتصور!!

تعتنق المعاني في الإسلام فيحضر(داووا مرضاكم بالصدقة) والصدقة تدفع البلاء..


ومقدار صدقة الفطر الواجبة مقدر لمن يظل يقيس، وأنت حين تصلي تحب أن تغترف من العفو والمغفرة اغترافاً كن كذلك عندما تتصدق، اجعل بعض الزيادة تتسرب من بين أصابعك..

ادفع وانت تدعو يا غفار الذنوب.

يا رب






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-04-2022, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان وصناعة التغيير (2)


كتبه/ عصمت السنهوري



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

التغيير يحتاج إلى إزالة العوائق والمثبطات:

وقد جعل الله عز وجل شهر رمضان محطة لحجب المعوقات التي تعوق الإنسان نحو التغيير، وإزالة العقبات التي تمنعه من السير إلى الله عز وجل.

ومن هذه العقبات: الشيطان"؛ فهو عدو الإنسان الأكبر الذي بيَّن عز وجل أن عداوته للإنسان واضحة، وحذَّر الإنسان من اتباع خطواته، فقال: "وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"، وقال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ".

وجاء رمضان كفرصة لحجب هذا العائق وإزالته من أمام الإنسان لكي يغير من نفسه ويقبل على ربه، ففي الحديث: "وتصفد فيه الشياطين، وتسلسل فيه مردة الجن"؛ فالشياطين مصفدة، ومردة الجانّ مسلسلة؛ فهذا العدو الأكبر قد يسر الله عز وجل حجبه عنك في رمضان.

ومنها: النفس التي بين جنبي الإنسان توسوس له وتمنيه، وتسعى في صدِّه عن الطريق إلى الله عز وجل، ويأتي رمضان ليمنع هذه النفس ويكبح جماحها، فيصوم الإنسان ويمتنع عن الطعام والشراب.

وإذا أراد أن يأكل أو يشرب لا يمنعه شيء إلا مراقبته لله عز وجل، فتحجب النفس وتبعد عن وساوسها وخواطرها التي تأخذ بالإنسان إلى المعاصي والذنوب.

ومنها أيضًا: الروتين الذي يعيش فيه الإنسان عائق من العوائق التي تمنعه من السير إلى الله عز وجل، وتمنعه من صناعة التغيير في نفسه، فيأتي رمضان يغير هذا الروتين، والإنسان يعيش في نفس الأعمال بنفس الطريقة، فيأتي رمضان وكأنه دورة في إدارة الوقت، وإدارة الذات؛ إذ تتغير الأعمال الروتينية في حياته، وكذلك العادات يأتي رمضان ليعدلها، ويغير الروتين الذي اعتاده الإنسان؛ فتتغير حياة الإنسان.

والتغيير يحتاج إلى النظر في محل التغيير وهو القلب، ففي الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، فالقلب هو محل التغيير حقيقة، وهذا القلب إن جمعت فيه خيرًا وعملًا صالحًا صح وصلح، وإن جمعت فيه شرًّا وعملًا فاسدًا خبث وفسد؛ فلينظر الإنسان: ماذا يصب في قلبه؟ وماذا يجمع فيه؟ ويأتي رمضان ليكون سبيلًا للنظر إلى هذا، وإلى المصبات التي تصب فيه، فالذي يصب في القلب العين والأذن، واللسان، واليد، والقدم، وكأن رمضان دورة إلى أن يعدل الإنسان من المصبات التي تصب في قلبه، فيحفظ هذه الجوارح، وبالتالي يحفظ قلبه.

والتغيير يحتاج أيضًا إلى شروط، وهذه الشروط إن وجدت تكون نقطة تحول وبداية انطلاقة نحو صناعة التغيير في الإنسان، فمنها:

?- الرغبة والإرادة الصادقة في التغيير: قال الله عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"، فإذا أراد الإنسان بنفسه أن يتغير يعينه الله عز وجل، ويلهمه التوفيق والسداد إلى التغيير، فصدق الإرادة وصدق الرغبة في التغيير، سبيل إلى النجاح وإلى التوفيق والسداد في صناعة التغيير.

?- معرفة طرق التغيير الصحيحة: فلا بد للإنسان أن يعرف الطرق التي تكون سبيلًا إلى التغيير، فربما أراد التغيير دون أن يعرف كيف يتغير، فلا قيمة في رغبته وإرادته إن لم يتعلم كيف يتغير، وأولى طرق التغيير أن يحدد موقعه الذي هو فيه، وأن يضع لنفسه خطة للتغيير، ويحدد ماذا يريد؟ وإلى أي موقع آخر يريد أن ينتقل؟ ومع هذه الخطة محاسبة للنفس ومتابعة لها، فينتج من ذلك التغيير المنشود.

?- التطبيق السليم لطرق التغيير: فلربما يكون الإنسان لديه رغبة وإرادة صادقة، ومعرفة بطرق التغيير، ولكنه لا يطبِّق ولا يأخذ بالإجراءات، ولا يسعى إلى تطبيق هذه الطرق، فماذا تنفع الرغبة؟ وبماذا يفيد معرفة الطرق إذا لم يكن هناك تطبيق يحقق التغيير الحقيقي؟!

فالتغيير يحتاج إلى الإعانة من الله سبحانه وتعالى، وأعظم أسباب الإعانة: الدعاء والانكسار، والتذلل والخضوع، وإعلان الفقر والمسكنة والحاجة إلى الله عز وجل، وقد جعل الله عز وجل رمضان فرصة عظيمة لإمداد المعونة والعون منه سبحانه وتعالى إلى عباده، ويتأكد الدعاء في وقت الصيام، وبين الأذان والإقامة، وفي وقت السحر -وقت النزول الإلهي-، وفي ليلة القدر.

وهناك عوامل كثيرة يستجلب بها الإنسان المعونة من الله عز وجل؛ فهذا موسى صلى الله عليه وسلم لما خرج من مصر هاربًا فارًّا بنفسه، توجَّه إلى مدين ولم يجد مأوى ولا طعامًا، ولم يجد عملًا، ولكنه خضع وأعلن الفقر لربه، وقال: "رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ"؛ أعلن المسكنة والفقر إلى الله سبحانه وتعالى، واستجلب منه المعونة والتوفيق، فأعطاه الله عز وجل السكن، وأعطاه العمل، والطعام والشراب، والزوجة.

فكذلك أمامنا جميعًا فرصة في رمضان فرصة لصناعة تغييره باستجلاب المعونة والتوفيق من الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله عز وجل قد ذكر وسط آيات الصيام قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، والدعاء هو سلاح المؤمن الذي لا تخطئ سهامه.

فاللهم أصلح شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، إنك ولي ذلك والقادر عليه.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30-04-2022, 11:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

سلامة الأبدان في كمال الصيام (2)



كتبه/ علاء بكر



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فللانتظام في الصيام طوال العام فوائده ومنافعه، وهو أمر محمود مطلوب من العبد، مرغوب فيه، على أن يكون على أكمل صوم وأتمه، كما وردت أحكامه وآدابه في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وهذا باب واسع نذكر بعضًا مما يتيسر منه:

عدم الإسراف في الأكل والشراب:

وهذا تصديقًا وامتثالًا لقول الله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"، وتنفيذًا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلًا؛ فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه".

ولا يَخْفَى ما في الإفراط في الطعام والشراب للصائم وغير الصائم مِن مَضَارٍّ، فكثرة الطعام والشراب يثقل عمل الجهاز الهضمي، وأثناء عملية هضم الطعام وامتصاصه يتوجَّه جزءٌ كبيرٌ من الدم في الجسم (نحو 25 % من الدم) إلى الجهاز الهضمي، ويقل الدم المتوجه للأطراف والمخ نسبيًّا؛ لذا يشعر الإنسان بعد الإكثار من الطعام والشراب بالوخم وثقل الحركة، وضعف الرغبة في العمل، والميل إلى الكسل، مع قلة التركيز.

وقد نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه"؛ ولذا قيل قديمًا: "إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة"، ومع المبالغة في الشبع وامتلاء البطن تكون الدعة والخمول، والرغبة في الازدياد من الشهوات والمتع الحسية، وتنامي الرغبة في الاستجابة لوساوس الشيطان لابن آدم، وفي الحديث المرفوع: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم"، وتقليل الطعام والشراب يضيق مجاريه وحركته؛ ولذا فمع الانتظام في الصيام لأسابيع، وتقليل مرات وكمية الطعام والشراب فيها تتحسن الحالة البدنية والذهنية، وتختفي متاعب الجهاز الهضمي؛ خاصة المعدة والقولون والكبد.

فإذا واظب العبد على الصيام بهذه الكيفية لأيامٍ عديدةٍ طوال شهور العام: كما في صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الست من شوال، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة لغير الحاج، ونحو ذلك، مع صيام شهر رمضان بأكمله؛ قلل ذلك كله من انطلاق ذرات الأكسجين الحرة في الجسم بأضرارها الجسيمة على جدران الخلايا والدهون والبروتينات، والتي تعجل بظهور مظاهر وأعراض وأمراض الشيخوخة على الإنسان.

ويزيد من أهمية ذلك: أننا في عصر نتناول من الطعام والشراب، أكثر بكثيرٍ مما نستهلك في الحركة والعمل في ظلِّ عصر التكنولوجيا، والتقدُّم العلمي والتقني؛ مما يورثنا السمنة والبدانة التي أصبحت أحد أكبر مشاكل العصر إلى جانب أمراض البول السكري، والقلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم؛ هذا في وقت تزايدت فيه السموم الضارة التي تدخل أجسامنا نتيجة تلوث البيئة؛ فالهواء ملوث بعوادم المصانع ووسائل النقل، والمياه ملوثة بتلوث الأنهار، والنباتات ملوثة من الإفراط والتمادي في استخدام المبيدات والأسمدة والكيماويات في الزراعة، حتى زادت بيننا نِسَب الإصابة بالسرطانات، والفشل الكلوي والكبدي بما لم يُعرَف من قَبْل، وصارت فرص النجاة الميسرة والسهلة، وغير المكلفة تتمثَّل في الصيام المنتظِم، وتقليل الطعام وتحسين البيئة، ومنع التلوث بأنواعه، وممارسة الرياضة البدنية.

الإفطار على الرطب والماء:

كان من هديه صلى الله عليه وسلم الإفطار بعد صيام يومه على رطبات أو تمر، أو يحسو حسوات من الماء، وهذا فيه من الفوائد الكثير، فعن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم تكن تمرًا حسا حسوات من ماء"، وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم؛ فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور"، وفي الحديث كمال شفقته صلى الله على أمته ونصحه لهم؛ إذ (عند نهاية مرحلة الصيام -في نهاية يوم الصوم- يهبط مستوى تركيز الجلوكوز والأنسولين من دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلل بدوره نفاذ الجلوكوز وأخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية: كخلايا العضلات، وخلايا الأعصاب، ويكون قد تحلل كل المخزون من الجليكوجين الكبدي أو كاد، وتعتمد الأنسجة حينئذٍ في الحصول على الطاقة من أكسدة الأحماض الدهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنَّع في الكبد من الأحماض الأمينية والجليسيرول) (راجع: مشتاق لرمضان، إيهاب الشريف، وانظر: الرطب والنخلة، د. عبد الله عبد الرازق السعيد).

وهذا يتسبب في تكوين الأجسام الكيتونية الضارة التي تؤثِّر على حموضية الدم؛ لذا فإمداد الجسم سريعًا بالجلوكوز في هذا الوقت له فوائد مهمة، وفي الرطب والتمر نسبة عالية من السكريات تؤدي هذا الدور ببراعة؛ إذ تتراوح السكريات فيها ما بين 75 و87 % يشكل سكر الجلوكوز 55 % منها، والفركتوز 45 %، ويتحول هذا الفركتوز إلى جلوكوز بسرعة فائقة، ويتم امتصاصه مباشرة من الجهاز الهضمي ليلبي حاجة الجسم من الطاقة؛ خاصة الأنسجة التي تعتمد عليه أساسًا كخلايا المخ والأعصاب، وخلايا الدم الحمراء؛ علاوة على احتواء الرطب والتمر على نسبة من البروتينات والدهون، وبعض الفيتامينات والمعادن المهمة، وعليه يرتفع تركيز الجلوكوز بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه، ويدخل إلى الكبد أولًا ثم خلايا المخ والدم، والجهاز العصبي والعضلي، وجميع الأنسجة الأخرى التي هيأها الله تعالى لتكون السكريات غذائها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة، وعليه يتوقف (تأكسد الأحماض الدهنية فيقطع الطريق على تكون الأجسام الكيتونية الضارة، وتزول أعراض الأعياء والضعف العام والاضطراب البسيط في الجهاز العصبي إن وجدت لتأكسد كميات كبيرة من الدهون، كما يوقف تناول الجلوكوز عملية تصنيع الجلوكوز في الكبد، فيتوقف هدم الأحماض الأمينية، وبالتالي حفظ بروتين الجسم) (المصدر السابق).

(وعلى العكس من ذلك لو بدأ الإنسان فطره بتناول المواد البروتينية أو الدهنية؛ فهي لا تُمتص إلا بعد فترة طويلة من الهضم والتحلل، ولا تؤدي الغرض في إسعاف حاجة الجسم السريعة للطاقة؛ فضلًا عن أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات -أو حتى الذي يحتوي على كميات قليلة منه- يؤدي إلى هبوط سكر الدم؛ ولهذا يمكن أن ندرك الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار على التمر، واستحبابه كذلك في السحور) (المصدر السابق)، ففي حديث أبي هريرة المرفوع: "نعم سحور المؤمن التمر".

وينبغي أيضًا: تجنب تناول الماء بغزارة في بداية الفطر الصيام، فيكفي أن يحسو العبد حسواتٍ من الماء، كما كان هديه صلى الله عليه وسلم، وهذا يذهب الظمأ ويطفئ حرارة الصوم، ويعد وينبِّه المعدة لاستقبال الطعام بعد طول توقف، ففي الحديث: "حسا حسوات من ماء"؛ يقال: حسا الرجل الحساء، أي: تناوله جرعة بعد جرعة، والحسوة: ملء الفم مما يحسى. والحسوة: الشيء القليل.

ومن أحكام الإسلام وآدابه التي فيها سلامة الأبدان وقوتها، وكمال استفادتها من الصوم دون الإضرار بالبدن:

تعجيل الإفطار ومنع الوصال:

فمِن السنة: تعجيل الصائم تناول إفطاره، وترك وصال الصيام عقب نهاية وقته بدخول الليل، ومعلوم أنه بعد ساعات الصيام الطويلة خاصة في فصل الصيف أو مع شدة الحر، أو عقب يوم من العمل الكثير المرهق يحتاج المرء إلى سرعة رفع معدل الجلوكوز المنخفض في الدم من جهة، وسرعة إيقاف آلية إنتاج الجسم للأجسام الكيتونية الضارة الناتجة من الحصول على الطاقة اللازمة للجسم من حرق الأحماض الدهنية والأمينية من جهة أخرى؛ لذا فمن الأهمية بمكان تعجيل الفطر، وأن يتناول الصائم بعض الأغذية الغنية بالسكريات البسيطة مع جرعات من الماء قبل أن يصلي صلاة المغرب.

ونظرًا لحاجة جسم الصائم للطعام فقد أثبتت التجارب العلمية أن درجة امتصاص جسم الصائم للطعام تكون عالية جدًّا في ذلك الوقت؛ لذا فهو يستفيد استفادة كاملة من كلِّ ما يتناوله عقب دخول وقت الإفطار، ولذا فهو لا يحتاج إلى كثيرٍ طعامٍ وقتها بقدر كون هذا الطعام غنيًّا بالسكريات؛ ولهذا ينصح الصائم بالاكتفاء بكميات قليلة من الطعام في إفطاره لكونها ستكون كافية مع سرعة وقوة الهضم والامتصاص لتحقيق التوازن المطلوب للجسم بسرعة، وتلاشي نتائج وآثار الصيام لساعات طويلة، بينما تسبب كثرة تناول الطعام في الإفطار حالة من الامتلاء والتخمة والخمول.

تناول طعام السحور متأخرًا:

من الأمور التي تخفف عن الجسم معاناة الصيام نهارًا تناول وجبة السحور ليلًا قبل أذان الفجر، وتأخير هذه الوجبة إلى قرب الأذان الصادق، ولا يخفى ما في ذلك من منافع؛ خاصة مع أخبر به النبي صلى الله من بركة السحور.

ويظهر أثر ذلك جليًّا في الفارق بين مَن صام ويصوم من غير سحور، وبين من صام ويصوم مع السحور، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها"، وقال: "إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"، وقال: "تسحروا ولو بجرعة من ماء"، وقال: "نعم سحور المؤمن التمر".

المداومة على استعمال السواك:

السواك عود من الأراك ونحوه تدلَّك به الأسنان ليذهب الصفرة ونحوها، ويستعمل في كل وقت، وهو أوكد في وقت الوضوء والصلاة، ففي الحديث: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، وأيضًا: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب".

وهو مِن سنن الفطرة، ويجوز في الصيام وغير الصيام، في أول اليوم أو آخره؛ لعموم الأدلة، قال ابن القيم: (وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويصح المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ويسهل مجاري الكلام، وينشط للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات) (زاد المعاد).

ويضيف ابن القيم: (ويستحب للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث، ولحاجة الصائم إليه؛ لأنه مرضاة للرب، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر؛ ولأنه مطهرة للفم، والطهور للصائم من أفضل أعماله، وأجمع الناس على أن للصائم أن يتمضمض وجوبًا واستحبابًا، والمضمضة أبلغ من السواك. والسواك لا يزيل الخلوف -أي: رائحة خلوف فم الصائم- فإن سببه -أي: الخلوف- قائم، وهو: خلو المعدة من الطعام، وإنما يزول أثره، وهو المنعقد على الأسنان واللثة أيضًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم أمته ما يستحب لهم في الصيام وما يكره لهم، ولم يجعل السواك من القسم المكروه، وهو يعلم أنهم يفعلونه، وقد حضهم عليه بأبلغ ألفاظ العموم والشمول، وهم يشاهدونه يستاك وهو صائم مرارًا كثيرة تفوت الإحصاء، ويعلم أنهم يقتدون به، ولم يقل لهم يومًا من الدهر لا تستاكوا بعد الزوال، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع) (المصدر السابق). قال الشوكاني: (والحق أنه يستحب السواك للصائم أول النهار وآخره، وهو مذهب جمهور العلماء) (نيل الأوطار).

ويعد استخدام السواك مفيدًا لنظافة الفم والأسنان، إلى جانب الفوائد والمنافع الأخرى على الفم والأسنان؛ فالصيام: يعطي الفرصة لراحة الأنسجة المخاطية للفم من تلقي الإفرازات الهاضمة التي تطلقها الغدة اللعابية الفمية، كما يُوجِد الصيام الفرصة لبعض الخمائر الموجودة ضمن المفرزات اللعابية داخل الفم للقضاء على الجراثيم التي إذا تركت تحدِث بعض أمراض اللثة، وقد تسبب تخلخل الأسنان، كما تعطى الفرصة خلال الصيام لأنسجة الفم الرخوة التي تكون قد جرحت بتأثير الأطعمة الخشنة لترمم نفسها جيدًا بعيدًا عن الحوامض التي ينتجها الطعام في الفم.

كما تعطى الفرصة لفوهات أقنية الغدد اللعابية داخل الفم، وهي بالملايين لتأخذ بعض الراحة من عملها الدؤوب المستمر، مع ارتياح الأنسجة اللينة في باطن الفم واللسان من التعرُّض وامتصاص قطران السجائر وترسبه على اللثة، وقاع الفم وما بين الأسنان، وبالتالي تقليل فرص الإصابة بالسرطان في الفم والحنجرة والرئتين (مشتاق لرمضان).

ولا يخفى أن شهر رمضان فرصة ذهبية لكلِّ المدخنين للإقلاع عن التدخين نهائيًّا، والتخلص من رائحة الدخان الكريهة المزعجة، وذلك بالصبر على ترك التدخين ليلًا -وهو أهون- كما تركه طوال ساعات النهار الطويلة -وهو أصعب- وكان فيها معظم أعماله ونشاطه.

تجنب الغضب والانفعال والصخب والمخاصمة:

فمِن آداب الصيام: ترك اللغو والصخب والرفث والجهل، واجتناب الغضب من باب أولى، والغضب منهي عنه في رمضان وغيره، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم"، وفي الحديث: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: "لا تغضب"، فردد مرارًا، فقال: "لا تغضب"، وفي الصحيحين من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه و سلم؟! قال: إني لستُ بمجنون. وفي الحديث: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب".

و ذلك أنه (إذا اعترى الصائم غضب، وانفعل وتوتر؛ ازداد إفراز الأدرنالين زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفًا عن معدله العادي أثناء الغضب الشديد أو العراك، فإن حَدَث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص يؤدي إلى اضطراب هضم الغذاء وامتصاصه -زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم-؛ ذلك لأن الأدرنالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، ويقلل من تقلصات المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية، وتوسيع الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني، ويزيد كمية الدم الواردة إلى القلب وعدد دقاته.

وإذا حدث الغضب والشجار في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص تحلل ما بقي من مخزون الجليكوجين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية؛ كل ذلك ليرتفع مستوى الجلوكوز في الدم فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في حال الشجار والعراك، وكذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد مع البول إن زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية المهمة في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها.

وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم، كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم بواسطة الإدرار البولي، كما يرتفع معدل الاستقلاب الأساسي عند الغضب والتوتر نتيجة لارتفاع الأدرينالين والشد العضلي، وارتفاع الأدرينالين قد يؤدي لنوبات قلبية أو موت الفجاءة عند بعض الأشخاص المهيئين لذلك؛ نتيجة لارتفاع ضغط الدم وارتفاع حاجة عضلة القلب للأكسجين من جراء ازدياد سرعته، وقد يتسبب الغضب أيضًا في النوبات الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، كما أن ارتفاع الأدرنالين نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب والتوتر يزيد من تكون الكوليسترول من الدهن البروتيني منخفض الكثافة، والذي قد يزداد أثناء الصوم، وثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين؛ ولهذا وغيره -مما عُرِف ومما لم يُعرَف- وصَّى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة وعدم الصخب والانفعال، أو الدخول في عراك مع الآخرين) (مشتاق لرمضان).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20-03-2023, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان دورة تدريبية رائدة في حسن تدبير العلاقات (1)
د. محمد ويلالي




انتشَر هذه الأيامَ ما يسمى بـ"الدورات التدريبية" التي يتوخَّى أصحابها التقوية والمهارة في مختلف المجالات والميادين: الاجتماعية والصحية، والتنشيطية والتقنية، والتدبيرية والتربوية، وفي ميدان سُبل السعادة، وقصص النجاح، وتحفيز العقل نحو الذكاء والعطاء، مما يُنفَق عليه أحيانًا آلاف من الدراهم للفرد الواحد الذي قد يَستسهل السفرَ إلى بلد آخرَ، من أجل أحد هذه التدريبات التي يُستدعى لها كبارُ الخبراء والمختصين.

ولعل بعضنا نسِي أن رمضان هو أحد أعظم المدرِّبين الذين شهِدتهم البشرية جمعاء، فلا يقتصر تدريبه على ميدان واحد، بل يشمل ميادينَ عديدة؛ منها: التعبديُّ، والتربوي، والاجتماعي، والصحي، والاقتصاديُّ، وغيرها، ولا يُحوجك إلى أن تُعِد العُدة للسفر إليه، بل هو يأتيك، فيَحُل ضيفًا عليك، ولا يطالبك بمقابل، بل يعرض عليك خدمتَه في دورة مجانية، ولا يفرض عليك نفسه باعتبار تخصُّص معيَّن، أو ميدان معين، أو بقصدِ جنس معين، أو بلد معين، بل يُفسِح خِدماته للمسلمين جميعًا - ذكورَهم وإناثهم، غنيَّهم وفقيرهم - وفي كل المجالات التي تُصلح دينَك ودنياك، قاصدًا أن تَغمُرك السعادةُ الحقيقية، وتَملأَ حياتَك النجاحاتُ التي تعتبر بمثابة شهادات عليها توقيعُ سيد المرسَلين صلى الله عليه وسلم عن ربِّ العالمين.

ونريد أن يكون عنوان دورة رمضان التدريبية لنا في هذه السَّنة إن شاء الله: "رمضان: دورة تدريبية رائدة في حسن تدبير العلاقات".

ولأن لكل دورة هدفًا، فإننا نريد أن يكون هدفنا المتوقَّع هذه السنة إن شاء الله: "غفران الذنوب مع نهاية شهر رمضان"، وهو هدف واضح، قابلٌ للقياس، وقابل للتنفيذ.

أما أهمية هذا المدرب الربانيِّ، فتتجلى في استبشار النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه، وتهنئة صحابته بإدراكه؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَتاكُم رمضانُ، شهرٌ مُبارك، فَرَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ عليكم صيامَه))؛ صحيح سنن النسائي.

ذلك أن رمضان شِحنة إيمانية قوية، تُمِدُّك بالجُرعات الكافية للاستمرار على طريق السعادة والنجاح إلى رمضانَ المقبل؛ كما بين الصلاة إلى الصلاة، وصلاة الجمعة إلى الجمعة الأخرى، والعمرة إلى العمرة.

وهذا الشعور هو الذي حمَل السلف على حب رمضان، فأكَنُّوا له ما يَستحقه من التوقير والتقدير، فأعَدُّوا له عُدته، واحترَزوا من كل عمل يَخدِش صفاءه، ويَحول دون أهدافه.

قال مُعَلَّى بن الفضل: "كانوا يدْعون الله ستة أشهر أن يُبلِّغهم رمضان، ثم يدْعونه ستة أشهر أن يَتقبَّله منهم".
وكان يحيى بن أبي كثير يقول: "اللهم سلِّمنا إلى رمضان، وسلِّم لنا رمضان، وتسلَّمه منا متقبَّلًا".
وقال ابن رجب: "بلوغُ شهر رمضان وصيامُه: نعمة عظيمة على مَن أقدَره الله عليه".

وأما هدف الدورة - وهو السعي إلى غفران الذنوب مع نهاية الشهر إن شاء الله - فإن الله تعالى مهَّد له أسبابه، ويسَّر طريقه، وهيَّأ العوامل التي تساعد على تحقيقه؛ بحيث إنه لا مناص للمؤمن من أن ينجح في هذه الدورة، ولا عذر له في الرسوب، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بَعُدَ مَن أدرَك رمضانَ فلم يُغفر له))؛ صحيح الترغيب.
وهي عواملُ يمكن تسميتها بالخارجية، كما طولِب المسلمُ بالاجتهاد في عوامل أخرى يمكن تسميتها بالداخلية.

أما العوامل الخارجية المساعِدة على تحقيق هدف مغفرة الذنوب التي تسمى في موضوع الدورات التدريبية بـ"معينات الاشتغال"، فتُحددها دورة رمضان في أربعة عوامل:
1- فتح أبواب الجنة:
قال صلى الله عليه وسلم في رمضان: ((تُفتح فيه أبوابُ السماء))، وفي لفظ: ((تُفَتَّحُ فيه أبوابُ الجنة))؛ صحيح سنن النسائي.

2- إغلاق أبواب جهنم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((تُغْلَقُ فيه أبوابُ الجحيم))، وفي لفظ: ((تُغَلَّقُ فيه أبوابُ النار))؛ صحيح سنن النسائي.

3- تصفيد الشياطين دفعًا لوسوستها وتشويشها على الصائمين:
قال صلى الله عليه وسلم: ((تُغَل فيه مَرَدَةُ الشياطين))، وفي لفظ: ((ويُصَفَّدُ فيه كُلُّ شيطان مَريد))، وفي لفظ آخر: ((وتُسَلْسَلُ فيه الشياطينُ))؛ صحيح سنن النسائي.

وفي صحيح سنن ابن ماجه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانت أولُ ليلة من رمضان، صُفِّدَت الشياطينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ))؛ قال الحَليمي: "يَحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يَخلُصون من إفساد المؤمنين إلى ما يَخلُصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن والذِّكر".

4- تخصيص غلاف غفرانيٍّ في كل ليلة من رمضان لعدد من المسلمين الفائزين:
قال صلى الله عليه وسلم: ((ولله عُتقاءُ من النار، وذلك في كُلِّ ليلةٍ))؛ صحيح سنن ابن ماجه.

وأما العوامل الداخلية في طريق تحقيق هدف المغفرة، فتُحددها دورة رمضان في أربعة عوامل أيضًا:
1- الصيام الحقيقيُّ لرمضان:
قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحْتِسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه))؛ متفق عليه، وهو سبيلٌ للتدريب على الصيام خارج رمضان.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن صام يومًا في سبيل الله، جعَل الله بينه وبين النار خَندقًا كما بين السماء والأرض))؛ صحيح سنن الترمذي.

بل إن صيام يوم واحد ابتغاء وجه الله، كفيلٌ بأن يكون سببًا لدخول الجنة:
يقول صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله؛ ابتغاء وجه الله - خُتِم له بها - دخل الجنة، ومن صام يومًا ابتغاء وجه الله - خُتِم له به - دخل الجنة، ومن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله - خُتم له بها - دخل الجنة))؛ صحيح الترغيب.

ويكفيك أن يأتي الصيام شفيعًا لك يوم القيامة، يدافع عنك يوم لا ينفعك أهلُك، ولا مالُك، ولا جاهُك، فيقول صيامك: ((أيْ رَبِّ، منَعتُه الطعام والشهوات بالنهار، فشفِّعْني فيه، فيَشفع))؛ صحيح الترغيب.

2- القيام الحقيقي لرمضان أن تؤدي صلاة التراويح بما تستحقه من الإخلاص والخشوع:
قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه.

3- وضمن قيام رمضان، وجَب التركيز على ليلة القدر التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((للهِ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِم خيرَها فقد حُرِم))؛ صحيح سنن النسائي.
فقُصِدت بحُسنِ القيام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه.

4- استغلال رمضان في أنواع الطاعات، ومختلف أعمال البر؛ تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن القيم رحمه الله: "وكان مِن هدْيه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات.. فكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يُكثر فيه من الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يَخُصُّ رمضان من العبادة بما لا يَخص غيره به من الشهور".
لا تَقُلْ: أين طريقي؟
شِرْعَةُ الله الهدايهْ

لا تَقُلْ: أين نعيمي؟
جَنَّةُ الله كفايهْ


أما العلاقات التي يريد رمضان أن يُدربنا على حسن تدبيرها، فثلاثة أنواع: العلاقة مع الله تعالى، والعلاقة مع النفس، والعلاقة مع الغير، ونقتصر اليوم إن شاء الله تعالى على النوع الأول، وهو حسن تدبير العلاقة مع الله تعالى.

إن رمضان يُدربنا على توثيق الصلة بالله، ويُذكرنا برباط التوحيد بالعبادة، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ [الأعراف: 172]، وهذا الجانب القلبيُّ الإيمانيُّ من المعادلة، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وهذا الجانب العمليُّ التعبُّدي، وهما جانبان متكاملان لا يَفترقان، غير أن أحدنا قد يصيبه من التقصير والتهاون ما يحتاج إلى ترميمٍ وإعادة نظرٍ، فيكون رمضان فرصة لإصلاح ما فسَد، وتدارُك ما نقص.

فالمسلم في رمضان لا يُحرِّك لسانه إلا بذكر الله، ولا يَنطِق إلا بما يرضي الله، ولا يترك الطعام والشراب إلا قصدًا لتقوى الله؛ فتتوثَّق الصلة بين العبد وربه، فيرتقي إلى درجة التخصيص التي بشَّر بها الله سبحانه في الحديث القدسي: ((يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أَجزي به، والحسنة بعشر أمثالها))؛ متفق عليه.

ولذلك وجب أن يكون رمضان عبادة خالصة، يخلو فيها المؤمن بربِّه، فلا يجعله شهرَ ولائمَ وتسوُّقٍ، ولقاءات وأسفار، وشواطئ وبرامجَ تلفزية، ونكات ولعب؛ فذلك يَخدِش حقيقةَ الصيام، وما يَستوجبه من إرساء علاقة المحبة بين الصائم وربه؛ كان يحيى بن معاذ رحمه الله يقول: "ليس بصادقٍ مَن ادَّعى حبَّه ولم يَحفظ حَدَّه"، وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلَق حانوته، وتفرَّغ لقراءة القرآن.


فهلَّا جعلنا رمضان شهرَ تصالُح مع الخالق الدَّيَّان، وسبيلًا لِمَلْءِ القلوب بالإيمان، وطريقًا لهجر الذنوب والعصيان!
فاللهم إنا نسألك أن تُهِلَّ علينا هلال رمضان باليُمْن والإيمان، والسلامة والإسلام، وأن تَجعله مناسبة لسعادة الدنيا والفوز بالجنة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23-03-2023, 03:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

أتيت وكم انتظرتك!


نجلاء جبروني



أتيتَ يا رمضان وكم انتظرتُك! أتيتَ ونفسِي مُجهَدَةٌ، قد أثقلَتْني الذُّنوب، وأعيتني العيوب، قد بلغتُ يا ربِّ من الِكبَر، ومَرَّت أيامُ العُمُر، ولو اقترفتُ في كلِّ يومٍ ذنبًا، فبكم ذنبٍ ألقاك يا علَّامَ الغُيوب!



وعزَّتِك وجلالك، ما عصيتُك استخفافًا بحقِّك، ولا جُحودًا لنعمتِك، ولكن حَضَرني جَهلي، وغَابَ عني عِلمي، واستفزَّني عدوِّي، وإني عليها يا إلهي لنادمٌ، فاقبَلْ توبتي، وأقِلْ عَثرتِي، واعفُ عن زلَّتي، واغفر لي في شهر الغفران.



أتيتَ يا رمضان وكم أحتاجُك! أقبلتَ فأقبلَتِ الخيراتُ؛ فُتِّحَت أبوابُ الجِنان، غُلِّقت أبوابُ النيران، صُفِّدَت مردةُ الجانِّ.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكُم رَمضانُ شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عز وجل عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ))[1].



أتيتَ يا رمضان: شهر الصيام:

"والصيام لا عِدْلَ له"؛ عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، مُرْني بعملٍ، قال: ((عليك بالصَّومِ؛ فإنَّه لا عِدْلَ له))، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، مرْني بعمل، قال: ((عليك بالصَّومِ؛ فإنَّه لا عدْلَ له))، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، مرْني بعملٍ، قال: ((عليك بالصَّومِ؛ فإنَّه لا مِثلَ له))[2].

والصيام من بين سائرِ الأعمال اختصَّه اللهُ تعالى لنفسه، يُضاعِفُ أجرَه لصاحبِه بغير حساب.

دعوة الصائم لا تُردُّ، وللصائم فرحتان: في الدُّنيا يفرحُ بفطره، وفي الآخرة يفرح بثواب صومِه.

يشفع للعبد يوم القيامة، وهو له جُنَّة ووقاية؛ يقيه في الدُّنيا من السيئات، ويحجُبُه في الآخرة عن النار.



قال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلا الصيامَ؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به، والصيامُ جُنَّةٌ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَهُ فليقلْ: إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ، والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ، لَخُلُوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المسكِ، للصائمِ فرحتانِ يفرحهما: إذا أَفطرَ فَرِحَ، وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ))[3].



أتيتَ يا رمضان: شهر القرآن:

والقرآنُ كلامُ الله، من قرأ منه حرفًا، فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشر أمثالها.

قال صلى الله عليه وسلم: ((الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ؛ يقولُ الصِّيامُ: أيْ ربِّ، منعتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفِّعْني فيه، ويقولُ القرآنُ: منعتُهُ النَّومَ بالليلِ، فشفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ))[4].



أتيتَ يا رمضان: شهر القيام:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام شهرَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ))[5].



أتيتَ يا رمضان: شهر الدعاء:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٌ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ))[6].

يجتمعُ للصائم انكسارُ القلب، وذلُّ النفس، والتلبُّس بالطاعة، وكلُّها من أسباب الإجابة.



أتيتَ يا رمضان: شهر الصدقة:

والصدقة دالَّة على شرفِ نفسِ صاحبِها وعلى صدقِ إيمانِه؛ تقي مصارعَ السوء، تُكفِّر السيئاتِ، تطفئُ غضبَ الرَّبِّ، تزيدُ في الرِّزق، يربيها اللهُ لصاحبها حتى تصيرَ التمرةُ كالجبل؛ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال ‏: ‏"كان رسولُ اللَّهِ أجودَ النَّاسِ، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضانَ حينَ يلقاهُ جبريلُ، وكان جبريلُ يلقاهُ في كلِّ ليلةٍ من شَهرِ رمضانَ فيدارسُهُ القرآنَ"، قال: "كان رسولُ اللَّهِ حينَ يلقاهُ جبريلُ عليه السَّلامُ أجودَ بالخيرِ منَ الرِّيحِ المرسلَةِ"[7].



أتيتَ يا رمضان: شهر الاعتكاف في المساجد؛ لزومًا للطاعة، وانقطاعًا للعبادة، وإصلاحًا للقلب، وتزكيةً للنفس؛ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه: "كان رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَعتكِفُ العشْرَ الأواخِرَ من رمضانَ"[8].



أتيتَ يا رمضان: شهر ليلة القدر:

((مَن قام ليلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبه))[9].

فاللهم بلِّغنا تلك النَّسَمَات، وارزقنا تلك الرَّحَمَات، واجعلنا ممن صامَ رمضان وقامَه فغفرتَ ذنبَه، وسترت عيبَه، وارزقنا فيه الفوزَ بالجنان والعتقَ من النيران.





[1] صحيح النَّسائي (2105)




[2] الترغيب والترهيب (2 /109)، [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].




[3] صحيح البخاري (1904).




[4] صحيح الترغيب (984)، وإسناده حسن صحيح.





[5] صحيح النسائي (2201).




[6] صحيح الجامع (3030).




[7] صحيح النسائي (2094).




[8] صحيح البخاري (2025).




[9] صحيح النسائي (2201).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23-03-2023, 03:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

أقبل رمضان شهر السمو الروحي





د. محمد خالد الفجر










أقبَل رمضانُ شهر الانطلاق والانعتاق من ذُلِّ المعاصي، إلى رحاب الطَّاعة والانطلاق في عالَم العبادة الرَّحب الذي يحيي نفوسًا مواتًا.
أقبَل رمضان شهر التَّآخي والوُدِّ، شهر كسرِ حواجزِ الانفصالِ بين النُّفوس البشريَّة، أقبل برحمةٍ من ربِّه خالقِ الكون الذي خلق البشر ليتعارفوا؛ فأقبل حاملًا أُسسَ التَّعارف التقيِّ النقيِّ.

أقبل شهرُ تذوقِ زيارة المساجد وعمارتها بالذِّكر، أقبل شهر خفقِ القلوب مع تردُّد نغمات القرآن الكريم تطرب الرُّوح المشتاقة إلى نداء ربِّها، فهي حنَّت إلى ذلك الصوتِ بعد طول غيابٍ، أقبل الشهرُ الذي يصلُها بموطنها الذي نزلت منه إلى تلك الدُّنيا الضيِّقة، فبصوت ربِّها يتجلَّى موطنُها الذي لا تساويه دنيا ضيقةٌ بكلِّ ما فيها.

أقبل الشهرُ الذي يزرعُ الأملَ والتَّفاؤل، ويربِّت على ذلك القلب الحزين أنِ اعلم أنَّ هذه الحياةَ متاعُ الغرور، وأن السِّباق إلى المغفرة والجنة التي عرضُها كعرض السَّماء والأرض، يخبرُك رمضانُ أن تكونَ ضمن هؤلاء الذين يمتنُّ عليهم اللهُ بفضل.
أقبل رمضان شهرُ العطاء والصَّدقات التي تمنح مؤدِّيَها لذَّةً لا تسطيع جُلُّ اللغات أن تحتويَها، أقبَل والنفس راضيةٌ ترقى بحُبِّ الآخر الفقيرِ والمسكين والمحتاج، تميلُ إلى فطرتها التي فطرها اللهُ عليها ألا تنعزل عن الناس، بل أن تكون من النافعين لعيال الله.

جاء شهرُ الدُّموع المطهِّرة المُنقية للرُّوح من غبار الغِيبةِ والنَّميمة، دموع تزرعُ فرحًا، وتزيل حزنًا، وتسمو بالأنفس، وترقى بالأرواح، وتطهِّر القلبَ فتجلو صورةَ الواقع، وأن كلَّ وسواسٍ يكسر القلبَ، ويزرع القنوطَ: يتحطم أمام تلك الدَّمعةِ الصادقة بين يدي ربٍّ كريم.

أقبل الشهرُ الذي يُري البشرَ كيف تُكبَّل الشياطين، وتَعجِز عن منع المصلِّي من التَّواصل مع ربِّه في بيوته، أقبل شهرٌ يَصغَر فيه الشيطانُ، ويجعله منكسرًا ذليلًا رغم كِبْرِه القديم.
أقبل شهر العزَّة؛ عزة أمةٍ تسجد سواسيةً، وتصومُ سواسيةً، وتُفطر سواسية، تُري العالَمَ أنَّ وحدتها ممكنةٌ، وقوتها واردة، وانبعاثها من الرماد لا يغادر مخيلة أبنائها.

أقبلَ عارِضًا للأمة أواصرَ صلتها، محييًا في أبنائها أنهم دعاةُ خيرٍ للإنسانية، همُّهم أن يكون البشرُ متساوين، يجمعون طعامَهم ويوزعونه على غيرهم، يسجدون - كبيرُهم وصغيرُهم، غنيُّهم وفقيرهم - لربٍّ واحد، لا فضل في تلك السجدةِ إلا بدرجات التَّقوى التي لا يعلمها إلا الخالقُ الذي يُسجَدُ له.

أقبل رمضانُ مذكِّرًا بأنَّ الزمنَ يمرُّ، وأنَّ كلَّ ما أنت فيه إلى زوالٍ صائرٌ، إلا تلك الحسنات التي تدوِّنها في صفحات الأيام... أتى رمضان مذكِّرا المحبَط أنَّ الفرصَ تُكرَّر، والعودةَ إلى السمو الرُّوحي لا تُغلَق في وجهها الأبواب.
أقبل رمضان ليذكِّر الغافل بأن الرحيم سبحانه لا يطرُد طارقًا لبابه، وأنه يناديه كلَّ يومٍ: استغفِرْني أغفرْ لك، سَلْ تعطَ، ادعُني أستجبْ لك.

أقبل رمضانُ مذكِّرًا بأنَّ السعادةَ في الرُّوح، وأنَّ طهارة الروح بالعبادة، وأن العبادةَ ترقى بها فوق المحسوس الطيني، وأعلى رقيٍّ يتحقق في هذا الشهر.
فيا باغيَ الخير أقبِل؛ فهذا شهرُ الخير والسموِّ الرُّوحي قد أقبَل.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23-03-2023, 03:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

الصيام ودورة المراقبة


السيد مراد سلامة







أولًا: تعريف المراقبة:
إخوة الإسلام، المراقبة معناها: دوامُ علمِك بأن الله لا يَخفى عليه شيءٌ من أمرك؛ قال ابن المبارك لرجل: راقِب الله تعالى، فسأله عن تفسيرها، فقال: كن أبدًا كأنك ترى الله عز وجل[1].

يصوِّر الله تعالى لنا المراقبة الكاشفة لجميع الأحوال والأعمال في آية من كتابه العزيز، فيقول جل شأنه: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].
وسُئِل الحارث المحاسبي عن المراقبة، فقال: عِلم القلب بقُرب الله تعالى[2].

ثانيًا: الصيام دورة للمراقبة:
الصيام هو دورة مكثَّفة لتحقيق منزلة المراقبة، فالصوم يُعلِّم الصائم كيف يكون مراقبًا لله تعالى في جميع أحواله وأفعاله، فهو يَغرِس المراقبة ويُنميها في نفس الصائم، وإذا أردنا أن نَنظُرَ إلى ذلك عن كَثَبٍ، فتأمَّلوا عباد الله:
الامتناع عن الطعام والشراب الذي به قِوام البدن: كيف جعل الصومُ الصائمَ يَمتنع عنه وهو يستطيع أن يتناوله، فلو دخل الصائم حجرته وأغلَق عليه بابه، ثم أكل وشرِب، ثم خرج للناس يَتزيَّا بزي الصُّوَّام، ما كذَّبه أحد، ولا شكَّ في صيامه أحد، بل إنه ربما يكون وحْده، فينسى فيشرب أو يأكل، فتجده يتألَّم من ذلك، ويأتي المشايخ والعلماءَ؛ ليسألهم عن صحة صيامه، وهل عليه قضاء ذلك اليوم أم لا؟! ما الذي جعله يتألَّم ويتحرَّج من ذلك؟ إنها مراقبة الله تعالى في السرِّ والعلانية.

الامتناع عن الشهوة: ربما يكون الصائم في فراشه بجوار زوجِه الحسناء في أبهى صور الجمال، وعلى الرغم مِن تزيين الأمر له، وإثارة شهوته، فإنه يَعتصم بالله ويَضبط شهوته! ما الذي جعله يَمتنع عن شهوته؟ إنها المراقبة!

حفظ اللسان وسائر الأعضاء عن الذنوب والمعاصي؛ أي: صيام الجوارح:
من كان يقع في الغيبة أمسَك لسانه، ومن كان يشاهد المحرَّمات غضَّ طَرْفَه، ومن كان يستمع إلى الغناء والمُكاء، صان سمعَه.
ما الذي جعل منه إنسانًا تقيًّا؟ إنها المراقبة!

انظر إلى الفتيات وإلى النساء عامة، من كانت متبرجة غطَّت مفاتنها وكفَّت نفسها، ولم تخرج إلا وهي على قدم الحياء، ما الذي جعلها تتحوَّل إلى ذلك؟ إنها المراقبة!
حقًّا إن رمضان دورة مكثفة لتحقيق المراقبة لله تعالى، حتى أصبح الصائم يعبد الله تعالى كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، وتلك قمة الإحسان التي خبَّر بها النبيُّ العدنان صلى الله عليه وسلم.

الموظف والعامل الذي كان يتعامل بالرِّشوة والمحسوبية، تراه في نهار رمضان قد خاف ربَّه ونزَّه يديه عن تلك المحرَّمات.
ما الذي جعله يكفُّ عن عادته؟ إنها المراقبة!
فالصوم هو دورة مكثفة؛ ليتخرج المسلم والمسلمة بعدها وقد حقَّق الإسلامَ والإيمان والإحسان.
فكم من تائبٍ قد كان ميلاده في رمضان! وكم من عاصٍ كانت بداية طاعته في رمضان!
وكم مِن مُفرِّط في الفرائض كانت بداية مواظبته عليها في رمضان!

ثالثًا: فضائل المراقبة:
واعلموا - عباد الله - أن للمراقبة ثمراتٍ وخيرات؛ فهي رافعة للدرجات، ماحية للسيئات، مُقرِّبة من ربِّ الأرض والسماوات، عاصمة من لُجَّة المعاصي والشهوات، وإليكم بيان ذلك:
1 - تُبعد العبد عن المعاصي، وتُقرِّبه من ظل عرش الله تعالى:
وهذه من أعظم الفضائل والثمرات؛ حيث إن المرقبة ما هي إلا جُنَّة تَحمي صاحبها من الوقوع في معصية الله، وهي حِصن يَلوذ به المسلم من عدوِّه، فتكون النتيجةُ العصمةَ الربانيَّة والمظلة الرحمانية؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((سبعة يُظلهم الله في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبُه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمَعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل دعتْه امرأة ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله))[3].

فالباعث لهؤلاء السبعة هو الخوف والخشية من الله تعالى.
قال حميدٌ الطويل لسليمان بن علي: عِظني، فقال: لئن كنت إذا عصيتَ خاليًا، ظننتَ أنَّه يراك، لقد اجترأتَ على أمر عظيمٍ، ولئن كنتَ تظنُّ أنه لا يراك، فلقد كفَرتَ[4].

وقال ابن القيم رحمه الله: "وأرباب الطريق مُجمِعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر، سببٌ لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقَب الله في سرِّه، حَفِظه الله في حركاته في سرِّه وعلانيته"[5].
وقيل لبعضهم: متى يَهُشُّ الراعي غنمَه بعصاه عن مَراتع الهَلَكة؟ فقال: إذا علِم أنَّ عليه رقيبًا[6].
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمةٍ
والنفسُ داعيةٌ إلى الطُّغيانِ

فاسْتَحْيِ مِن نظرِ الإلهِ وقلْ لها:
إن الذي خلَق الظلامَ يَراني


وقال آخر:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تَقُلْ
خلوتُ ولكن قلْ عليَّ رقيبُ

ولا تَحسبنَّ الله يَغفُل ساعةً
ولا أنَّ ما تُخفيه عنه يَغيبُ

ألم ترَ أنَّ اليوم أسرعُ ذاهبٍ
وأنَّ غدًا للناظرين قريبُ


إن شابًّا وقع أسيرًا لشهوته، رأى فتاة فراوَدها عن نفسها، وقال لها: لا يرانا أحد؛ ومَن يرانا في ظلام كهذا غيرُ الكواكب؟! فقالت: وأين مُكوكِبُها؟ فقام وترَكها.
قال رجل للجنيد: بِمَ أستعين على غضِّ البصر؟ فقال: بعِلمك أن نظر الناظر إليك أسبقُ من نظرك إلى المنظور إليه[7].
وقال رجل لوُهَيب بن الوَرْد رحمه الله: عِظني! قال: اتَّقِ أن يكون الله أهونَ الناظرين إليك[8].

أتى رجل إبراهيمَ بن أدهم رضي الله عنه، فقال: يا أبا إسحاق، إني مُسرف على نفسي، فاعرِض عليَّ ما يكون لها زاجرًا ومُستنقذًا، فقال إبراهيم: إن قبِلت خمس خِصالٍ، وقدَرْتَ عليها، لم تَضرَّك المعصية، قال: هاتِ يا أبا إسحاق، قال: أما الأولى: فإذا أردت أن تعصيَ الله تعالى فلا تأكل من رزقة! قال: فمِن أين آكل وكلُّ ما في الأرض رزقه؟ قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكُلَ رِزقه وتَعصيه؟! قال: لا، هاتِ الثانية، قال: وإذا أردتَ أن تَعصيه فلا تسكن شيئًا من بلاده! قال: هذه أعظم! فأين أسكن؟! قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتَعصيه؟! قال: لا، هاتِ الثالثة، قال: وإذا أردت أن تَعصيه وأنت تأكل رزقه وتسكن بلاده، فانظر موضعًا لا يراك فيه، فاعْصِه فيه! قال: يا إبراهيم، ما هذا وهو يَطَّلِع على ما في السرائر؟! قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكُلَ رزقه وتسكن بلاده وتَعصيه، وهو يراك ويعلم ما تُجاهر به وما تَكتمه؟! قال: لا، هاتِ الرابعة، قال: فإذا جاءك مَلكُ الموت ليَقبِض رُوحَك، فقل له: أخِّرني حتى أتوب توبة نصوحًا، وأعمَل لله صالحًا، قال: لا يَقبل مني! قال: يا هذا، فأنت إذا لم تَقدِر أن تَدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه إذا جاءك لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟! قال: هاتِ الخامسة، قال: إذا جاءك الزَّبانِيَة يوم القيامة ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم! قال: إنهم لا يدعونني ولا يَقبلون مني، قال: فكيف ترجو النجاةَ إذًا؟! قال: يا إبراهيم، حَسْبي، حَسْبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه!

عن الأصمعي قال: كنت أطوف بالبيت، فرأيتُ أعرابيًّا يطوف، فذكر قصة أعرابية، قال: قلت: فبينك وبين مَن تهوى شيء؟ قال: لا، إلا ليلة فإني رُمْتُ منها شيئًا، فقالت: أما تَستحيي؟!
قلت: وممن أستحيي فلا يَرانا إلا الكواكب؟!
قالت: فأين مُكوكبُها؟![9].

2- تحسين العبادة وأداؤها على أكمل وجه:
ومن فضائل المراقبة تحسين الطاعة لله تعالى؛ لعِلم العبد بعِظَم الربِّ، وأن العظيم سبحانه جميل لا يَقبل إلا الجمال، ومن العمل إلا ما له وَصْفُ الكمال والجمال، وهذا ما نراه في مدرسة رمضان، فقد زيَّنوا الصيام بحفظ الجوارح، وزينوا الصيام بقراءة القرآن؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن تَعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))؛ متفق عليه[10].

فالمرتبة الأولى عبادة شوق وطلب، فإن تعذَّر عبدتَ عبادة خوف وهربٍ، فالحديث صريح في أن مراقبة الله تدعو إلى تحسين العبادة؛ قال ابن منظور رحمه الله: "مَن راقَب الله أحسَن عمله"[11].
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يُحب إذا عمِل أحدكم عملًا أن يُتقنه))[12].

عن معاذ رضي الله عنه قال: يا رسول الله، أَوصني، قال: ((اعْبُد الله كأنَّك تراه، واعدُد نفسَك في الموتى، وإن شئتَ أنبأتُك بما هو أملكُ بكَ من هذا كلِّه))، قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: ((هذا))، وأشار بيده إلى لسانه؛ رواه ابن أبي الدنيا.

3 - سبيل إلى جنة عالية:
من أعظم ثمرات المراقبة الجنة وما فيها من نعيم مقيم، فالله تعالى وصف لنا سكناها، فقال جل جلاله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].
وقال الله تعالى في وصف حال أهل الجنة: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 25 - 28].
وأعدَّ لهم جنتينِ، فقال سبحانه: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 46، 47].

4 - إجابة الدعاء:
لأننا بحاجة إلى الله، وليس منا أحد يستغني عن الله لحظةً واحدة، فحاجتنا إلى الله دائمةٌ، ومِن ثَمَّ فنحن نحتاج إلى إجابة الدعاء، وقضاء الحاجة، ونحتاج إلى المدد من الله، وإجابة الدعوات لا تكون إلا لمن راقَب ربه مراقبةً صادقةً، ولا أدل على إجابة الدعاء من قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت أول المطر إلى الغار، دخلوا الغار وانحدَرت صخرة بأمر الله، فسدَّت عليهم الغار، فأصبحوا داخل صخرة مُصلتة، توسلوا إلى الله بمراقبتهم له.

الأول: راقَب الله في والديه، فانفرج ثُلُثها.
الثاني: راقَب الله في عِرض بنت عمِّه، فانفرَج ثُلُثها الثاني.
الثالث: راقب الله في الأمانة فحفِظها ونمَّاها، فانفرج ثُلُثها الثالث.
ففرَّج الله عنهم كربهم بمراقبتهم له، راقبوه حال الرخاء، فأجاب دعاءَهم حال الشدة.

رابعًا: عقوبات من لم يراقب رب الأرض والسماوات:
1 - الجُرأة وعدم المراقبة صفة من صفات المنافقين:
قال تعالى: ﴿ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 107، 108].

والمعنى: "يَستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله تعالى ولا يَستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعِلمه، مُطلع عليهم حين يُدبِّرون ليلًا ما لا يَرضى من القول، وكان الله تعالى محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يَخفى عليه منها شيء"[13].

2 - الإفلاس يوم القيامة:
عن ثَوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتُون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تِهامة بيضًا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا))، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفهم لنا، جَلِّهم لنا أنْ لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: ((أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خَلَوْا بمحارم الله انتهكوها))[14].

3 - الانتكاس عن الطاعة:
لَخَّص أحد علماء السلف رحمهم الله نتيجة ذنوب الخلوات في جملة وكأنها معادلة حسابية، فقال رحمه الله: (ذنوب الخلوات انتكاسات، وطاعات الخَلوات ثبات، فلو رأيت أحدًا ممن كان مشهورًا بالالتزام، معروفًا عند أهل الخير والإقدام، لو رأيته على حال أخرى، لو رأيته وقد تبدَّل حاله وانتكس، فاعلم أن الأمر لم يكن صدفة، ولم يأت بَغتةً، فإنه بارَز الله بالمعاصي في الخَلوات، حتى تكاثَرت على قلبه، فظهرت في العلَن).

وكان السلف رحمهم الله يعرفون صاحب معصية الخلوة، فإن لها شؤمًا يظهر في الوجه، ويظهر في ضَعف إقباله على الطاعات؛ قال أبو الدرداء لسالم بن أبي الجعد:
ليَحذر امرؤ أن تُبغضَه قلوبُ المؤمنين من حيث لا يشعر، قال: أتدري ما هذا؟! قلت: لا، قال: العبد يَخلو بمعاصي الله عز وجل، فيُلقي الله بُغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر![15].

خامسًا: الطريق إلى المراقبة:
أخي المسلم، فإن سألت عن الطريق الموصِّل إلى مراقبة الله تعالى، وكيف يكون العبد من أهلها؟ فإليك الطريق الذي سار عليه العارفون فوصلوا إلى قمة المراقبة والخوف من الله تعالى:
1- تعرَّف على الله تعالى بأسمائه وصفاته:
فالإيمان بأسماء الله تعالى: الرقيب، والحفيظ، والعليم، والسميع، والبصير، والتعبُّدُ لله تعالى بمقتضاها يورث مراقبة الله تعالى، فالرقيب الذي يَرصُد أعمال عباده، والحفيظ الذي يحفظ عباده المؤمنين، ويُحصي أعمال العباد، والعليم الذي لا تخفى عليه خافيةٌ من أمور عباده، والسميع المدرِك للأصوات، والبصير الذي يرى كل شيء؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقال: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57]، وقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، وقال: ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

والإيمانُ بأنَّ الله تعالى سميع - يَمنع من أن يَصدُر عن المسلم كلامٌ يُسخط الله؛ إنَّ عائشة رضي الله عنها لَمَّا جاءت المجادِلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفتها تشكو زوجها، غاب عن سمعها كثيرٌ من كلامها، فلما نزلت السورة قالت: "الحمد لله الذي وَسِعَ سمعُه الأصواتَ، لقد جاءت المجادِلةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم تُكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فَأَنْزَلَ الله عز وجل: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾ [المجادلة: 1]"[16].

قال ابن الجوزي رحمه الله: (الحقُّ عز وجل أقربُ إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عامَل العبد معاملة الغائب عنه البعيد منه، فأمر بقصد بيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجهَّال تستشعر البعد؛ ولذلك تقع منهم المعاصي؛ إذ لو تحقَّقت مراقبتهم للحاضر الناظر لَكَفُّوا الأكفَّ عن الخطايا، والمتيقِّظون علِموا قُربه، فحضرتهم المراقبة، وكفَّتْهم عن الانبساط)[17].

2 - شهادة الجوارح يوم الفضائح:
قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت: 20 - 24].
وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].
أنا من خوفِ الوعيدِ
في قيامٍ وقعودي

كيف لا أزداد خوفًا
وعلى النار وُرودي

كيف جَحدي ما تجرَّأْ
تُ وأعضائي شُهودي

كيف إنكاري ذنوبي
أم تُرى كيف جُحودي

وعليَّ القول يُحصى
برقيبٍ وعتيدِ


وقال آخر:
العمرُ يَنقُص والذنوبُ تَزيدُ
وتُقال عَثْراتُ الفتى فيَعودُ

هل يَستطيع جُحودَ ذنبٍ واحدٍ
رجلٌ جوارحُه عليهِ شُهودُ


3 - شهادة الأرض:
تذكَّر أخي - إذا دعتْك نفسُك إلى معصية الله تعالى - أن الأرض التي أنت عليها رقيبةٌ شهيدة عليك، ستشهد عليك يوم القيامة؛ إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ؛ يقول الله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1 - 5].

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: 4]، فقال: ((أتدرون ما أخبارُها؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أخبارَها أن تَشهَد على كل عبدٍ وأَمَةٍ بما عمِل على ظهرها، أن تقول: عمِلت كذا وكذا يوم كذا وكذا، قال: فهو أخبارُها))[18].

4 - تذكَّر أنك مراقَب مِن قِبَل ملائكة كِرام يكتُبون كل صغيرة وكبيرة:
يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 18].

يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "في الرقيب ثلاثة أوجه: أحدها: أنه المتتبِّع للأمور، الثاني: أنه الحافظ؛ قاله السُّدي، الثالث: أنه الشاهد؛ قاله الضَّحَّاك، وفي العتيد وجهان: أحدهما: أنه الحاضر الذي لا يَغيب، الثاني: أنه الحافظ المُعَد؛ إما للحفظ، وإما للشهادة"؛ انتهى[19].

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ﴾ [ق: 17]؛ يعني: الملَكينِ اللذينِ يكتبان عمل الإنسان، ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]؛ أي: مترصد، ﴿ مَا يَلْفِظُ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ابن آدم ﴿ مِنْ قَوْلٍ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ما يتكلَّم بكلمة، ﴿ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]؛ أي: إلا ولها مَن يُراقبها مُعتد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]"؛ انتهى[20].

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "﴿ رَقِيبٌ ﴾ [ق: 18]: مراقِب ليلًا ونهارًا، لا يَنفكُّ عن الإنسان، ﴿ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]: حاضر، لا يمكن أن يَغيب ويُوكِّل غيره، فهو قاعد مراقِب حاضر، لا يفوته شيء"؛ انتهى[21].

ويقول جل شانه: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18].

اللهم ارزقنا البصيرة في آياتك، وزِدنا بك علمًا، ولك حبًّا، ومنك خشيةً، فاللهَ نسأل أن يزيدنا إيمانًا مع إيماننا، وأن يجعلنا من المعتبرين بمواطن العِبر.
اللهم اجعل ما أنزلتَ علينا من الخير عطاءَ بركةٍ ونعمة، لا عطاء استدراجٍ ونِقمة.
اللهم اجعله عونًا لنا على طاعتك، واجعلنا ممن إذا أُعطِي شكر، وإذا أذنَب استغفر، وإذا ابتُلي صبَر.


[1] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 397).

[2] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 397).

[3] البخاري (620)، ومسلم (1031)، واللفظ له.

[4] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 398).

[5] مدارج السالكين (2/ 66).

[6] شُعب الإيمان (2/ 266).

[7] إحياء علوم الدين؛ للغزالي (4/ 397).

[8] حِلية الأولياء وطبقات الأصفياء (8/ 142).

[9] المورد العذب المعين من آثار أعلام التابعين (1/ 44)، وبلاغات النساء؛ لأبي الفضل (ص 141).

[10] أخرجه أحمد (1/ 51، رقم 367)، ومسلم (1/ 36، رقم 8).

[11] لسان العرب (13/ 115- 117).

[12] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (4/ 334، رقم 5312)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع.

[13] التفسير الميسر (1/ 96).


[14] أخرجه ابن ماجه (2/ 1418، رقم 4245).

[15] الزهد؛ لأبي داود (1/ 236).

[16] صحيح، أخرجه أحمد (6 / 46).

[17] صيد الخاطر (236).

[18] أخرجه أحمد (2/ 374، رقم 8854)، والترمذي (4/ 619، رقم 2429).

[19] الجامع لأحكام القرآن (17/ 11).

[20] تفسير القرآن العظيم (7/ 398).

[21] تفسير القرآن للعثيمين (8/ 17).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23-03-2023, 03:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,742
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

محدِّدات الوعي الرمضاني... !
حمزة آل فتحي


جعله الله - تعالى -شهر نهضة للنفوس وصحوة للقلوب، وزكاوة للعقول ونباهة. (وأن تصوموا خير لكم) سورة البقرة.
فاجعل منه مدرسة للوعي الإيماني والأخلاقي والفكري والاجتماعي.
وفي رمضانَ وعيٌ فوق وعيٍ// من الأفكار والنهج الجديدِ
الاستثمار الأمثل لرمضان يجعلك تفقه معناه الحقيقي، وأن حكمته ارتداء لباس التقوى وتاج الخشية (لعلكم تتقون) سورة البقرة.
في رمضان ترسخ وتبين أعلا درجات التجلي والخشوع، فكيف لعاقل تذويبها أو إهدارها.. ؟!
لا يصلُح الصيام عن الطعام والشراب وتسريح الجوارح في الفضائيات، ((العينان تزني وزناهما النظر)).
ينقص من صيامك بقدر ما تنقص من جوارحك، فإذا صام أحدكم فلتصم معه جوارحه وأركانه. ((من لم يدع قول الزُّور... )).
يخادعك من يملأ ليلك بالكوميديا الترفيهية والسوداء ليضحكك وينفس عليك.. ! ((ولا تركنوا إلى الذين ظلموا.. )) سورة هود.
تخيل كم من مناظر ترمي في القلب سهامها وأنت لا تبالي..، ! وسيأتي يوم شفرتها وشقوتها.. !
الوعي العبادي المزيف تشاهده في عناصر عمدت إلى أمركة الإسلام وعلمنة الشعائر(هم العدو فاحذرهم) سورة المنافقون.
من الوعي في رمضان إصلاح القلب وتزكية الروح وتقفّي عوامل ذلك. (قد أفلح من زَكَّاهَا) سورة الشمس.
لا تفسد قلبَك بالأحقاد، ولا لسانك بالكلام ولا صحتك بالإفراط الغذائي ((ما ملا ابن آدم وعاء شرا من بطنه.. )).
مجالسك وأصدقاؤك تخيّرهم من أطايب المسك فما شقيت أوقاتنا ولا أرواحنا إلا بسبب مجالسنا ومن نصادق، وفِي الحديث الصحيح: ((المرء على دين خليله فلينظر... )).
لتكن قراءتك للقرآن أشد من قراءتك الالكترونية.. فيساً وتويترا. وواتسا.. !
المكث الطويل في المساجد يضاعف طاعاتك ويحسّن من صفائك، ويحميك وأعضاءك.. !
كثيراً من وسائل الإعلام تلبس على الناس دينهم وتذهب حلاوة شهرهم، وتمنحهم ركاما من الشهوات والسهرات لتنسيهم هيبة الشهر وأن السوء فيه مضاعف.. ! ((فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه... )).
سنية التراويح لا يعني البقاء عند تعاسات التلفاز ومشاهدة بعض المحرمات السيئة،،، (ودوا لو تُدهنوا فيدهنون) سورة القلم.
ليس من الحكمة والوعي استهلاله بضغائن وشحناء، أو مضاعفة السابق والواجب تصفية النفوس، وإعلان التسامح ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) سورة آل عمران.
تعلّم من رمضان حب العبادة وفنون الصبر ورحمة المساكين وكسر حب المال، وتقوية الروابط الإيمانية.
ليكن صيامك تهذيبا لجوارحك وتراويحك رياضة على القيام، وقرآنك دربةً على ديمة الذكر.
لقيمات الإفطار تريك حقارة الدنيا، وهوانها عند الله والعقلاء، وتعزز المعنى الأخروي (وللآخرة خير لك من الأولى) سورة الضحى.
ساعة إيمانية خصيبة، ستدرك أنها خير من عشرات الموائد الزكية.
في رمضان لصوص لتشويه الشهر وسرقة بركته، وصرفك إلى كوكب التيه واللهو والسراب.. !
ليس حسنا إلقاء الأسرة إلى إشعاعات فضائية ملونة، ظاهرها المتعة وفِي غلوائها السم الزعاف وتبديل المفاهيم الشرعية.
عناصر ليبرالية وعلمانية تعلمن الدين وتسترخص رمضان وتعريه من روحانيته الحقيقية.. !
تستعرض في القرآن والتراويح معاني العزة والصبر والدرع الإيماني ومقارعة الكفار وجهاد النفس والشيطان، وتتعلم كثيرا من مكارم الأخلاق (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تُسألون) سورة الزخرف.
حلاوة رمضان تربطك لآخر الشهر وليس الأسبوع الأول لمن تفكر وتدبر ((فُتّحت أبواب الجنة)).
ربَّ صوام ليس لهم من صومهم إلا مجرد الإمساك الغذائي، وألسنتهم سليطة، وأعينهم خائنة، فأين هم من الصوم الحقيقي (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) سورة غافر.
وفِي رمضان تعي فقرك واحتياجك الدائم إلى الله تعالى (أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) سورة فاطر.
توحد أمة المليار بالصيام والقيام، ودوي القرآن ذريعة لمراجعة ذاتها، وتحقيق باقي الوحدة المتينة والمنتظرة (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحكم) سورة الأنفال
إذا كان رمضان شهر القرآن فأعد لهذا المعنى عدته تلاوة وتدبرا، وتفهما وتفكرا، وتفقها وتلذذا..!
وفق الله الجميع وتقبل منا صالح الأعمال،، آمين....




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 232.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 226.33 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]