إِشراقة الحج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          "المواقف المصيرية - والأمراض القلبية - وسوء الخاتمة!" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 294 )           »          منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 150 - عددالزوار : 66254 )           »          مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 31 )           »          اغتنام وقت السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الملل آفة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 32 )           »          الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          عظمة الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          في انتظار الفرج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-11-2019, 03:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,472
الدولة : Egypt
افتراضي إِشراقة الحج

إِشراقة الحج
عدنان علي رضا النحوي

الشهادتان والشعائر أركان الإسلام الخمسة، هي الأساس الذي تقوم عليه سائر التكاليف الربانية، لتؤلف هذه التكاليف الربانيّة والأساس الذي تقوم عليه بناء الإسلام كله، بناء متيناً وأساساً متيناً، فلا يُقبل من عبد عملٌ إلا إذا قام على الأركان الخمسة، على هذا الأساس.
ولقد فرض الله - سبحانه وتعالى- هذه الشعائر رحمة منه - سبحانه وتعالى- بعباده. فالله - سبحانه وتعالى- لم يخلق الإنسان عبثاً ولم يتركه سدى. فقد خلقه ليوفي بمهمة في الحياة الدنيا، وهي محور مسؤوليته، وأساس محاسبته يوم القيامة بين يدي الله. خلقه الله لمهمة يؤديها في الحياة الدنيا من خلال ابتلاء وتمحيص، فلا يخرج الإنسان من هذه الدنيا إلا وقد استكمل رزقه وأجله وتمحيصه في الدنيا:
(تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) [تبارك: 1، 2]

وكذلك قوله - سبحانه وتعالى-:
(هو الذي خلقكم من طين ثمَّ قضى أجلاً وأجلٌ مسمى عنده ثم أنتم تمترون) [الأنعام: 2]

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أيها الناس! اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها. فاتقوا الله و أجملوا في الطلب! خذوا ما حلّ ودعوا ما حرّم " [رواه ابن ماجه] 1

ووفّر الله للإنسان نِعَمَهُ التي لا تحصى، فضلاً منه - سبحانه وتعالى-، لتعين الإنسان على الوفاء بالمهمّة التي خُلِقَ لها. ومن أهم هذه النعم الشعائر التي فرضها الله - سبحانه وتعالى- رحمة منه بعباده، لتكون متماسكة فيما بينها ومتماسكة مع التكاليف الربانيّة الأخرى التي تقوم عليها. وبغير هذه الشعائر لا يستطيع الإنسان الوفاء بالمهمة التي خلق لها:
(وآتاكم مِن كُلِ ما سألتُمُوه وإِن تَعُدُّوا نِعمت الله لا تُحصُوهَا إِن الإنسان لظلوم كفارٌ) [إبراهيم: 34]

وكذلك قوله - تعالى -:
(ألم تروا أن الله سخّر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نِعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب مُنيرٍ) [لقمان: 20]

هذه الشعائر كلها مصدر طاقة تمدُّ الإنسان بالعزيمة والقوة ليوفي بعهده مع الله، وعبادته وأمانته، وخلافته في الأرض، وعمارتها بالإِيمان والتوحيد، وليوفي بسائر التكاليف الربانيّة التي تقوم على هذا الأساس المتين: الشهادتان والشعائر.
وكلّ شعيرة يؤديها المؤمن تمدّه بالطاقة والقوة، وتغسل عنه ذنوبه وأخطاءه، ويزيد هذا المدد بالطاقة حين تعمل الشعائر كلها في حياة المؤمن، مرتبطة بالشهادتين، مصدر الإيمان والتوحيد وصفاء النية وإخلاصها لله - سبحانه وتعالى-.
إِن أهمية النيّة وإخلاصها وارتباطها بالشعائر وبكل عمل يقوم به المؤمن تنجلي حين ندرك أن النيّة الواعية يقظة في القلب وجمال في النفس. وتستكمل النيّة هذه اليقظة والجمال، حين تُحَدِّد للمؤمن هدفه وغايته والدرب الذي يوصل إلى الغاية والهدف.
بهذا التصور يقبل المؤمن على الحج بالنيّة الواعية اليقظة، وهو يدرك أن الحج شعيرة ترتبط بسائر الشعائر وبالنية وإخلاصها، وأنها فرض فرضه الله - سبحانه وتعالى- نعمة منه ورحمة، لتعين الإنسان على الوفاء بالأمانة والعبادة والمهمة التي خلقه الله من أجلها:
(... ولله على الناس حج البيت من استطاع إِليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غنيّ عن العالمين) [آل عمران: 97]

وبذلك يصبح إنكار فريضة الحج كفراً. وإنه إنكار يذهب بالطاقة التي يحتاجها الإنسان ليوفي بمهمته وأمانته. فكل شعيرة مصدر طاقة ضرورية للإنسان، وفريضة الحج مصدر طاقة عظيمة للمؤمنين.
لقد كانت الشعائر كلها ماضية مع الأنبياء والمرسلين، فدينهم جميعاً دين واحد هو الإسلام. وكانوا يُقِبلون هم والمؤمنون على الحج ليستمدوا منه قوّة وعزماً، وليبتغوا منه فضلاً، وليشهدوا منافع لهم، وليذكروا الله، وليدعوا ويلحّوا بالدعاء، ليمدّهم ذلك كله بالقوة والطاقة في مسيرة الحياة، يوفون بعهد وأمانة وعبادة وخلافة، لا يستطيعون الوفاء بها إلا بهذه الطاقة والقوة.
ولنستمع إلى نداء الله - سبحانه وتعالى- إلى إبراهيم - عليه السلام -: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) [الحج: 27، 28]

هكذا يجمع الحج الناس في مختلف مستوياتهم، متساويين أمام الله، يعطف غنيهم على فقيرهم فيصبح الفقير في ذمة المسلمين جميعاً، يحفظون حقوقه، فيأكلون ويُطعِمون البائس الفقير، ليمتد هذا التواصل مع المسيرة كلها، لا ينقطع بعد انتهاء الحج. دروس ومواعظ في الحج لا تكاد تنتهي. وتعرض الآيات الكريمة في سورة الحج نعم الله على عباده المؤمنين وهم في ظلال المغفرة وأنداء الرحمة:
(ذلك ومن يُعظِم حُرُمات الله فهو خيرٌ له عند ربه وأُحِلَّت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرِجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور) [الحج: 30]

ثم تعرض السورة الكريمة خصائص المؤمنين الذين يقبلون بها على فريضة الحج:
(الذين إذا ذُكر الله وجِلَت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمى الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) [الحج: 35]

وفي سورة البقرة:
(الحج أشهرٌ معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خيرِ يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتَّقونِ يا أولى الألباب) [البقرة: 197]

خصائص لا بدّ أن تكون مغروسة في القلب ليجنوا ثمار الحج وبركته، وثمار الشعائر كلها. ولا بد للحجيج أن يتزودوا بكل ما يحتاجونه، وخير زاد لهم التقوى:
(... وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى واتقّون يا أولى الألباب) [البقرة: 197]

ومن آيات الحج في سورة البقرة وآل عمران والحج ندرك كيف ترتبط فريضة الحج بسائر الشعائر وبالشهادتين، لتكون كلها مصدر طاقة عظيمة للإنسان المؤمن لا غناء له عنها، نعمة عظيمة من الله تمده بالعزيمة والقوة لينهض للوفاء بالمهّمة التي خُلِقَ لها، بالتكاليف الربانيّة التي تقوم على هذه الأركان: الشهادتين والشعائر. وهكذا كان دور الحج في بناء النفوس والقلوب والعزائم أيام النبوة الخاتمة. واليوم نحتاج إلى أن تعود عمليّة البناء متكاملة لتبني الجيل المؤمن بخصائصه الربانيّة، عسى أن ينزل الله نصره علينا.
إِن واقعنا اليوم يفرض علينا أن نجعل من الحج وسائر الشعائر قوة إِيقاظ، حتى يعلم المسلم أنه لا يُقصد من أداء الشعائر الوقوف عندها، ثم الانطواء في البيت أو الجري اللاهث وراء الدنيا، غافلاً عن التكاليف الربانيّة التي تقوم على هذه الشعائر.
فكثيـر من الحجيج إذا أَدوا فريضته، مضوا فشغلتهم الدنيا بأهوائها وفتنتها، ناسين المهمة التي خُلِقوا للوفاء بها:
أين الحجيـج وكل قلـب ضـارع *** ومـشـارف الـدنيـا لـه آذان
نزعوا عن الساحات وانطلقت بهم *** سـبُـلٌ وفـرّق جمعهـم بُـلـدان
وطوتهم الدنيـا بكـل ضجيجهـا *** وهـوى يمـزّق شملهـم وهـوان
ومضـى الحجيج كأنهم ما ضمّهم *** عـرفـاتُ أو حـرمٌ له ومكـان
يقبل المؤمنون على الحج ليكونوا أمّة واحدة في الحج وبعد الحج. فمن فرض منهم الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال، رحمات تنزّل على العباد، ذكر ودعاء!
إننا ننظر في واقع المسلمين اليوم، لندرك أنه من واجبنا تحريك النيّة لتكون يقظة ووعياً وجمالاً، ولتكون وعياً لحقيقة الحج ولأهدافه المرجوة، ليكون مصدر طاقة وقوة، تُذَكِّر الإنسان بمسؤوليته التي سيحاسَب عليها يوم القيامة، ولتطهر الإنسان من آثامه وأخطائه:
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " من حجّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "
[صحيح الجامع الصغير وزيادته رقم: 6197]

الحج مصدر طاقة بناء وتربية وإعداد، وطاقة تطهير وتنقية للنفس، وطاقة دعوة وبلاغ وتذكير. الحج إِعداد للمسلم لينطلق فيوفي بمسؤولياته لا ليركن ويستريح وتطويه الدنيا بزخرفها.
ما بال بعض المسلمين اليوم، إذا أدّوا شعيرة عادوا إلى بيوتهم أو إلى دنياهم، نسوا التكاليف التي عليهم، وتركوا الميادين مفتحة لأعداء الله. ثم يأخذهم التلاوم عند حلول النكبات والفواجع، قدراً من عند الله بما كسبت أيدي الناس.
الحج فرصة عظيمة يسرّها الله للمؤمنين، تلتقي جموعهم لقاء خير، لينظروا في أنفسهم و واقعهم ومسؤولياتهم، لينظر العلماء والدعاة فهم أولى الناس بالنظر، فهم النموذج المرتجى، ليوفوا بالأمانة التي وضعها الله في أعناقهم، في هذه اللحظات القاسيّة التي تعاني الأمة فيها من قوارع الفرقة والمزلة والهوان. هم أولى الناس ليقولوا قولة الحق التي تجمع الأمة على الحق، ليرشدوا الناس إلى الصراط المستقيم الذي أمر الله باتباعه، إلى الأهداف الربانيّة والتكاليف الربانيّة التي تقود إليها، والتي نصّ عليها الكتاب والسنة.
ولينظر الأدباء في رسالتهم وكم أوفوا بالأمانة ليساهموا في حماية الأمة ونصرة دين الله، ولينظر رجال الفكر والسياسة والاقتصاد، ورجال الميادين المختلفة، فلينظروا جميعاً كم أوفوا بالأمانة وبعهدهم مع الله.
من بين الآلام والدماء والأشلاء في فلسطين وكثير من أرض الإسلام، تنطلق إشراقة الحج لتهب القلوب يقظتها، وتهب النفوس عزيمتها، وتهب الأمة لحمتها لحمة الأخوة في الله تجمع وتحنو، ولا تفرّق وتمزّق.
أيها المسلمون! أنتم أمة واحدة، تحملون رسالة واحدة وأمانة واحدة ستحاسَبون عليها بين يدي الله يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون.
ليت المسلم يقف اليوم وقفة محاسبة إيمانيّة قبل فوات الفرصة. فالحياة الدنيا هي الفرصة الأخيرة للإنسان ليصلح ويتوب. ليت المسلمين يقفون هذه الوقفة الإيمانية، مع أيام الحج المباركة، يراجعون أنفسهم، يدرسون واقعهم من خلال منهاج الله، فيعرفون أخطاءهم، فيعالجونها ويتوبون. فالحج موعظة وتذكير لمن يريد الله له الهداية.
(... وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) [النور: 31]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) سنن ابن ماجه ـ تحقيق د.الأعظميرقم: 216).صحيح الجامع الصغير وزيادته: (رقم: 2742).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.01 كيلو بايت... تم توفير 1.52 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]