شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 39 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5003 - عددالزوار : 2123093 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4583 - عددالزوار : 1401678 )           »          الإمام شامل الداغستاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السيد موسى الكاظم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الحج فوائد ومنافع دينية ودنيوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 892 )           »          القلوب الطيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 34 - عددالزوار : 3376 )           »          التربية بالإعراض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حرمة المال العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-01-2022, 11:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(246)

- (باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة) إلى (باب موضع اليدين عند السلام)
هناك أعمال تبطل الصلاة وأعمال تصح بها الصلاة، فأقل ما تصح به الصلاة الطمأنينة في الأركان مع الإتيان بما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم من أعمال كما جاء ذلك في حديث المسيء صلاته.
أقل ما يجزئ من عمل الصلاة
شرح حديث رفاعة في المسيء صلاته
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة.أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن عجلان عن علي وهو ابن يحيى عن أبيه عن عم له بدري أنه حدثه: (أن رجلاً دخل المسجد فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه ونحن لا نشعر، فلما فرغ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصلَّ فإنك لم تصل، فرجع فصلى، ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، مرتين أو ثلاثة، فقال له الرجل: والذي أكرمك يا رسول الله! لقد جهدت فعلمني. فقال: إذا قمت تريد الصلاة فتوضأ فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ، ثم اركع فاطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع، ثم افعل كذلك حتى تفرغ من صلاتك)].
أورد النسائي هذه الترجمة لهذا الباب وهي أقل ما يجزئ في الصلاة، المقصود من ذلك الشيء الذي لابد منه في الصلاة، والذي إذا أخل به يكون أخل بالصلاة، مثل الذي مر في الحديث الذي قبل هذا، الذي صلى صلاةً لا يتم ركوعها ولا سجودها، فقال له: (منذ كم تصلي؟ فقال: منذ أربعين سنة. قال: ما صليت منذ أربعين سنة), يعني صلاتك ما هي مجزئة، وأورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فجاء رجل وصلى والنبي صلى الله عليه وسلم يرمقه -أي: ينظر إليه- وهم لا يشعرون، لكنه ينظر إلى كيفية صلاته فقضى صلاته وجاء وسلم عليهم، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن رد عليه السلام: (ارجع فصل)، الصلاة وجدت لكن وجودها مثل عدمها؛ لأنه ما صلى صلاةً مجزئة؛ لأنه أخل بركوعها وسجودها وقيامها، ما عنده اطمئنان في الصلاة نقرها نقراً، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب منه ليعود فيصلي، ولعله كان يعلم كيفية الصلاة، ولكنه نقرها فأراد أنه إذا عاد مرة ثانية، يأتي بها على المطلوب، لكنه صلى صلاةً مثل التي صلاها، فجاء ثم أعاده، فصلى مثل الأولى فلما قال: (ارجع فصل)، قال: لقد جهدت -يعني: الشيء الذي أقدر عليه أتيت به- فعلمني، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قمت إلى الصلاة)، يعني: أردت القيام إلى الصلاة، (فتوضأ فأحسن الوضوء)؛ لأن هذا شرط لابد من تقدمه على المشروط، أي من شروط الصلاة الوضوء، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، وقوله: (لا يقبل الله صلاة أحد إلا بطهور)، يعني إذا أحدث إلا بعدما يتطهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو شرط من شروط الصلاة، يتقدم المشروط وهو الوضوء، وإذا صلى الإنسان بدون وضوء فصلاته لاغية، وجودها مثل عدمها.
(ثم استقبل القبلة)، أيضاً كذلك استقبل القبلة بأن يتجه إلى القبلة، وهي من شروط الصلاة، وهذا إنما هو في الفرائض، وأما في النافلة بالنسبة للمسافر فقد عرفنا في الأحاديث الماضية أنه يستقبل القبلة في أول الصلاة، ثم يصلي أينما توجهت به راحلته، وأما في الفرائض فإنه لابد وأن يصلي مستقبلاً القبلة، فلا يصلي راكباً على الدابة وإنما ينزل، أما إذا كان الإنسان مثلاً في طائرة، والوقت سيخرج قبل نزول الطائرة، فإن الإنسان لا يؤخر الصلاة عن وقتها إلا إذا كانت صلاة تجمع مع الثانية، فيمكن أن يؤخر إلى آخر وقت الثانية إذا كانت الطائرة تنزل في وقت الثانية، وإذا مشى مثلاً في الصباح والطائرة تنزل عقب العصر فيمكنه أن يؤخر الظهر حتى يصليها مع العصر بعدما تنزل الطائرة، فيصلي الظهر ثم العصر، لكن إذا كانت ستغرب الشمس ولا تصل الطائرة إلا بعد الغروب وقد خرج الوقت، فالإنسان يصلي على حسب حاله -يعني: إذا وجد مكاناً في الطائرة يتجه فيه إلى القبلة ويركع ويسجد فعل، وإذا كان ما يجد فإنه يصلي في مقعده على حسب هيئته يومئ إيماءً- ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، أما بالنسبة للسيارات وبالنسبة للرواحل فإنه إذا جاء الوقت ينزلون ويصلون ثم يواصلون السير. (ثم استقبل القبلة وكبر)، يعني: ادخل الصلاة بتكبيرة الإحرام.
(ثم اقرأ) وأطلق القراءة، وعينها في أحاديث أخرى (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ففاتحة الكتاب هي التي لابد منها ويضيف إليها غيرها،(ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تعتدل جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، هذه صفة الركعة التي لاحظ الرسول صلى الله عليه وسلم إخلاله في الركوع والسجود وعدم الاطمئنان، فأرشده وبين له أن الاطمئنان في الصلاة لابد منه، ولهذا قال: (فإنك لم تصل)، معناه: ما صليت الصلاة المجزئة، ومن المعلوم أنه ما يعيد الصلوات التي مضت مدة حياته، وإنما يتوب إلى الله عز وجل ويندم على ما فرط ويحسن في المستقبل، لكن هذه الصلاة التي علم بأنها لاغية يعيدها.
فهذا حديث عظيم بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أموراً لابد منها في الصلاة، ويسمى الحديث حديث المسيء في صلاته، والحديث سبق أن مر بنا، ولكن النسائي أعاده هنا للاستدلال به على هذه الترجمة التي عقدها.
تراجم رجال إسناد حديث رفاعة في المسيء صلاته
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
وهو ابن سعد المصري، المحدث، الفقيه، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي].
هو علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن العجلان الزرقي الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبيه].
عن أبيه يحيى بن خلاد بن رافع بن العجلان الأنصاري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عم له بدري].
يعني ممن شهد بدراً وهو رفاعة بن رافع أخو خلاد بن رافع، ورفاعة صحابي بدري أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة
شرح حديث رفاعة في المسيء صلاته من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة. أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن داود بن قيس حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري حدثني أبي عن عم له بدري قال: ( كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد فدخل رجل فصلى ركعتين، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرمقه في صلاته، فرد عليه السلام ثم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى كان عند الثالثة أو الرابعة، وقال: والذي أنزل عليك الكتاب لقد جهدت وحرصت فأرني وعلمني. قال: إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع، فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وما انتقصت من هذا فإنما تنتقصه من صلاتك)].
قوله في الترجمة: باب أقل ما يجزئ من العمل في الصلاة، وقد مر في الدرس الماضي حديث رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله عنه من إحدى الطريقين اللتين أوردهما النسائي، فقد مرت وهي تتعلق ببيان المسيء صلاته، وأنه دخل المسجد وصلى صلاةً لم يطمئن في ركوعه وسجوده، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال له: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، أي: إن صلاتك غير مجزئة؛ لأنه ما حصل الإتيان بالأمور التي هي أركان الصلاة، وهي: القيام، والركوع، والسجود، والرفع من الركوع، والجلوس بين السجدتين، والاطمئنان في هذه الأفعال كلها وأورد بعد ذلك الطريقة الثانية المشتملة على ما اشتملت عليه الطريقة الأولى من جهة أن الرجل لما كرر الصلاة على الهيئة الأولى لم يأت بالمطلوب فيها، قال للنبي عليه الصلاة والسلام: والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت فأرني وعلمني، يعني أرني كيف أصلي وعلمني كيف أصلي؛ لأن الشيء الذي أعلمه أتيت به، وكان هذا الذي عمله خطأ؛ لأنه لم يأت بهذه الأفعال على الوجه الذي يجب عليه أن يأتي بها عليه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، أي إن صلاته غير مجزئة، ولما كرر العمل ولم يكن عمله هو الذي يبرئ الذمة ويتأتى به الواجب، قال للرسول عليه الصلاة والسلام: والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت -أي: أتيت بجهدي وما أقدر عليه وما أعلمه- فأعلمني وعلمني، فعلمه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وقال: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر)، فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى أمور لابد منها تسبق الصلاة، وهي: إحسان الوضوء، ثم استقبال القبلة، ويدخل فيها ويكبر تكبيرة الإحرام، ويقرأ ما تيسر من القرآن، وقد جاءت النصوص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بتعين قراءة الفاتحة، ثم يركع حتى يطمئن راكعاً، ثم يرفع حتى يعتدل قائماً، ثم يسجد حتى يطمئن ساجداً، ثم يجلس حتى يطمئن جالساً، ثم يسجد حتى يطمئن ساجداً، ثم يرفع، فيأتي بركعات صلاته على هذه الهيئة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بركعة واحدة.
والحديث سبق أن مر في الدرس الماضي، وأيضاً في دروس مضت، ولكنه جاء به هنا للاستدلال على أقل ما يجزئ من العمل في الصلاة، والمراد من ذلك الأمور التي لابد منها، والتي إذا فقدت فإن الصلاة تكون مفقودة وتكون غير موجودة؛ لأنه لم يأت بالأمور الأساسية فيها التي هي الأركان، فلابد من هذه الأفعال، ولابد من الاطمئنان في هذه الأفعال التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث رفاعة في المسيء صلاته من طريق أخرى قوله: [سويد بن نصر].سويد بن نصر هو المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عبد الله بن المبارك].
هو المروزي أيضاً، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير، هكذا قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب وصفه بهذه الصفات، وختمها بقوله: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن داود بن قيس].
ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي بن يحيى بن خلاد].
هو علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان الزرقي الأنصاري. وهو ثقة، خرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك.
[يروي عن عمه رفاعة بن رافع الأنصاري].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو ممن شهد بدراً، وهنا لم يسمه، وإنما قال: عن عم له بدري، أي عم لـيحيى بن خلاد، وهو رفاعة بن رافع، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
شرح حديث عائشة: (كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام، قال: قلت: (يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي ثمان ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس فيذكر الله عز وجل ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا)].روى النسائي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وقد سألها سعد بن هشام عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة من معرفة أحكام الشريعة، وسؤال التابعين للصحابة عن أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وعن أفعاله في أمور معينة، وهنا سألها عن وتر رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأورد النسائي الحديث مختصراً؛ لأنه ليس فيه ذكر الوتر، وإنما فيه ذكر الركعات التي تسبق الوتر وهي الركعة الأخيرة، لكن الحديث جاء مطولاً عند النسائي فيما بعد، وفيه: (أنه بعدما صلى ثمان ركعات لم يجلس فيهن إلا بعد الثامنة، جلس يدعو، ثم قام ولم يسلم، ثم صلى ركعة، وجلس يدعو، ويذكر الله عز وجل، ثم سلم تسليماً يسمعهم إياه)، وهذه الطريقة التي معنا مختصرة، والطريقة التي ستأتي في قيام الليل هي مطولة ومفصلة لصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام في الوتر، وهذا يدل على أنه ليس بلازم في صلاة الليل أن يصلي ركعتين ثم يجلس يتشهد، ثم يصلي ركعتين وهكذا، ولكن لاشك أن هذا هو الأولى -يعني كونه يصلي، ويجلس عند كل ركعتين ويتشهد، ويصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يسلم ثم يقوم ويصلي ركعتين وهكذا- لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إليه ودل الأمة عليه وأمرها به وفعل ذلك أيضاً فالفصل ثبت من قوله وفعله، فالفصل من قوله ثبت بقوله: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى) هذا قوله.
وأما فعله فقد جاء: (أنه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين، ركعتين، ركعتين ثم ركعة واحدة)، أما الوصل فقد ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، فدل على أنه سائغ، ولكن الأولى والأفضل هو الفصل؛ لأنه هو الذي فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو الذي أرشد الأمة إليه، وأيضاً ما يحصل معه من الارتياح للتقوي على الصلاة فإنه إذا سلم من ركعتين ثم جلس أو شرب حصل شيء ينشطه للقيام، إذاً فالأولى هو ما أرشد إليه وفعله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو صلاة كل ركعتين على حدة، ثم يختم بركعة ينهي صلاة الليل بها.
وهذا الحديث الذي أورده النسائي في هذه الترجمة، لعل المقصود من إيراده في هذه الترجمة هو أن الحديث الأول بطريقيه اشتمل على أقل ما يجزئ من عمل الصلاة، بالنسبة للركعة والركعات، وكيف يأتي بها، وأنه يطمئن في قيامه، وفي ركوعه، واعتداله من الركوع، وفي سجوده، وجلوسه بين السجدتين وهكذا، لكن ما فيه تعرض للتشهد ولا للسلام، فأورد النسائي هذا الحديث الذي فيه ذكر التشهد والسلام، وهذا هو مقصود من إيراد الحديث في الترجمة.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فهو يعتبر شيخاً لهم سمعوا منه وأخذوا الحديث عنه.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، المحدث، الناقد، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
وهو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة بن أوفى].
هو أيضاً بصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكان من العباد، وقد ذكر في ترجمته أنه مات فجأةً في الصلاة وهو يصلي بالناس إماماً لهم، ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) [المدثر:8]، في سورة المدثر: أنه كان يصلي بالناس الصبح، فلما جاء عند هذه الآية شهق شهقةً ثم وقع ومات رحمة الله عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن هشام].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الأصول الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، زوجة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، التي روت الأحاديث الكثيرة عنه عليه الصلاة والسلام، وتعتبر هي المرأة الوحيدة التي روت الروايات الكثيرة التي لم يدانها في ذلك أحد، بل إن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وهؤلاء السبعة هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وعائشة، سبعة يقول السيوطي فيهم في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
فالبحر هو ابن عباس.
المراد بزوجة النبي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وهي التي أنزل الله تعالى براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، ولهذا فإن من قذفها وقد برأها الله عز وجل مما قذفت به فإنه مرتد كافر ليس من أهل الإسلام؛ لأنه مكذب بالقرآن، ومكذب بما نزل به القرآن من براءتها، فمن رماها بالإفك فإنه كافر مرتد عن دين الإسلام يجب قتله، ولا يورث ماله وإنما يكون فيئاً يوضع في بيت مال المسلمين.
السلام
شرح حديث: (أن رسول الله كان يسلم عن يمينه وعن يساره)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السلام.أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سليمان يعني ابن داود الهاشمي حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد قال حدثني عبد الله بن جعفر وهو ابن المسور المخرمي عن إسماعيل بن محمد حدثني عامر بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب السلام -أي السلام من الصلاة- وهو الخروج من الصلاة الذي به يحصل الانتهاء منها، وقد جاء في الحديث: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، بمعنى أن الإنسان إذا كبر تكبيرة الإحرام حرم عليه ما كان حلالاً قبلها، وإذا سلم حصل الرجوع إلى ما كان عليه قبل التكبير، بمعنى أنه يحل له ما كان حراماً عليه في الصلاة، (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، يعني يحصل التحلل منها بالتسليم، ولهذا يعرفون الصلاة فيقولون: هي أقوال وأفعال مخصوصة مبتدئة بالتكبير مختتمة بالتسليم. أقوال وأفعال مخصوصة: هي ركوع، وسجود، وقراءة وتسبيح، وتهليل، ودعاء، واستغفار، وتشهد وما إلى ذلك، مبتدئة هذه الأفعال والأقوال بالتكبير ومختتمة بالتسليم، هذا هو التعريف الشرعي الذي يطابق المعنى الشرعي، وأما من حيث اللغة فمعناها: الدعاء، ولا شك أن الصلاة مشتملة على المعنى اللغوي الذي هو الدعاء، ولكن الصلاة الشرعية هذا هو تعريفها: أقوال وأفعال مخصوصة مبتدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم، فختام الصلاة التسليم.
وقد أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسلم عن يمينه وعن شماله)، يعني: يحصل الخروج من الصلاة بتسليمه عن اليمين وتسليمه عن الشمال، ففيه حصول تسليمتين، وفيه الالتفات إلى جهة اليمين وإلى جهة الشمال عند التسليم، والتسليم هو نهايتها، وهو ركن من أركان الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يسلم عن يمينه وعن يساره)
قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي الكوفي المعروف أبوه بابن علية، ومحمد بن إسماعيل ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال: حدثنا سليمان يعني: ابن داود الهاشمي].
سيلمان بن داود الهاشمي من نسل عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة، جليل، قال عنه الإمام أحمد: إنه يصلح للخلافة، يعني إشارةً إلى فضله ونبله وعلو مكانته.
أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن الأربعة.
وقوله: (يعني ابن داود الهاشمي)، هذه كلمة يعني ابن داود الهاشمي، زادها النسائي أو من دون النسائي ؛ لأن تلميذه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي الكوفي المشهور أبوه بـابن علية، لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، بل ينسب شيخه كما يريد، لكن محمد بن إسماعيل لما ذكر شيخه في هذا الإسناد ما زاد على أن قال: سليمان، يعني ما نسبه، لكن من دون التلميذ الذي هو النسائي أو من دون النسائي هو الذي أتى بهذه الزيادة، وأتى بكلمة (يعني)، وكلمة (يعني) فعل مضارع له فاعل، وله قائل، ففاعله ضمير مستتر يرجع إلى محمد بن إبراهيم بن علية.
وهذه الطريقة يستعملونها حتى يميزوا بين كلام التلميذ وكلام من دون التلميذ مما زاده من باب الإيضاح والبيان، وهما عبارتان تستعملان؛ هو ابن فلان، أو يعني ابن فلان، كما سيأتي في نفس الإسناد؛ لأن الإسناد جمع فيه بين الأمرين، أو بين العبارتين: كلمة (هو) وكلمة (يعني).
[حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد].
حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد هنا أيضاً عبارة هو ابن سعد من جنس عبارة يعني؛ لأن سليمان بن داود ما قالها، أي ما نسب شيخه، وما زاد على كلمة: إبراهيم شيئاً، لكن محمد بن إبراهيم أو من دونه هم الذين زادوها، وأما سليمان بن داود فهو قال: إبراهيم فقط، فمن دونه وهو محمد بن إسماعيل أو النسائي أو من دون النسائي هؤلاء هم الذين أتوا بكلمة: هو ابن سعد، وهو إبراهيم بن سعد الزهري، ينتهي إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه.
وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم ثقة، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبد الله بن جعفر].
وهو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وهو يقال له: المخرمي نسبة إلى مخرمة الذي هو أبو المسور، فيقال له: ابن مسور المخرمي، وعبد الله بن جعفر هذا قال عنه الحافظ في التقريب: ليس به بأس، وكذلك قال النسائي: ليس به بأس، وكلمة: ليس به بأس تعادل صدوق، كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة التقريب، أن كلمة: صدوق وليس به بأس أو لا بأس به هي في درجة واحدة.
وحديث عبد الله بن جعفر أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
والنسائي رحمه الله لما ذكر هذا الإسناد ميز في آخره بين عبد الله بن جعفر الذي ليس به بأس، ووالد علي بن المديني الذي هو ضعيف وقال عنه: متروك، حتى يبين أن هذا الذي يعنيه في هذا الإسناد هو المخرمي وليس عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني، فإنه لم يخرج له النسائي، لكنه لما كانت الأسماء متفقة أتى بهذا الكلام الذي يبين أن من ذكره في الإسناد ليس به بأس وهو عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة، منسوب إلى جده مخرمة فيقال له: المخرمي.
وهذا يسمى في المصطلح: المتفق والمفترق، يعني كونه يحصل الاتفاق في الأسماء وأسماء الآباء وتختلف الأشخاص فليسوا شخصاً واحداً وإنما شخصان اتفقا في الاسم واسم الأب، فيقال له: المتفق والمفترق.
[عن إسماعيل بن محمد].
هو إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عامر بن سعد].
يعني يروي عن عمه عامر بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يروي عن أبيه].
سعد بن أبي وقاص صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهم أفضل الصحابة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، هؤلاء عشرة شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، سردهم وسماهم وقال: إنهم في الجنة، وقد شهد لغيرهم في أحاديث متفرقة، مثل: ثابت بن قيس بن شماس، وعكاشة بن محصن، والحسن، والحسين، وفاطمة، وبلال، وعدد كبير من الصحابة جاءت أحاديث خاصة بالشهادة لآحادهم بالجنة كل جاء في حديث، ولكن قيل لهم: العشرة، وليس الشهادة لعشرة فقط؛ لأنهم اشتهروا بلقب العشرة؛ لأنهم بشروا بالجنة في حديث واحد، وسعد بن أبي وقاص هو آخر العشرة موتاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-02-2022, 01:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(251)

- (باب كم مرة يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...؟) إلى (باب نوع آخر من الدعاء عند الانصراف من الصلاة)
سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أذكاراً بعد الفراغ من الصلاة المكتوبة؛ ليكملوا بذلك ما نقص من صلاتهم، ومن ذلك التهليل، ودعاء كفارة المجلس، وغير ذلك من الأدعية.
كم مرة يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...)
شرح حديث المغيرة بن شعبة في قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له...) ثلاث مرات عقب الصلاة قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كم مرة يقول ذلك.أخبرنا الحسن بن إسماعيل المجالدي أنبأنا هشيم أخبرنا المغيرة وذكر آخر، ح، وأخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم حدثنا غير واحد منهم المغيرة عن الشعبي عن وراد كاتب المغيرة: أن معاوية كتب إلى المغيرة أن اكتب إلي بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه المغيرة: إني سمعته يقول عند انصرافه من الصلاة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثلاث مرات)].
يقول النسائي رحمه الله: كم مرة يقول ذلك؟ أي: التهليل الذي يكون بعد السلام، وهو: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وقد مر في البابين السابقين، أو في الحديثين السابقين حديث وراد الذي يرويه عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، والذي فيه هذا الذكر ومعه: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، ولم يذكر فيه العدد.
والحديث رواه البخاري، ومسلم وغيرهما، وليس فيه ذكر العدد، وقد رواه النسائي من هذه الطريق وفيها ذكر العدد وأنه ثلاث مرات، أي: يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، بعد الصلوات أو بعد كل صلاة ثلاث مرات، والذي جاء بالطرق الكثيرة في الصحيحين وفي غيرهما ذكر هذا الذكر وليس فيه ذكر العدد، وإنما الذي جاء به ذكر العدد هذه الرواية عند النسائي، وقد ذكر الشيخ الألباني أن هذه الرواية شاذة؛ لأن الحديث إسناده ثقات، ولكن الرواة الآخرون الذين رووه من غير هذا الطريق لم يذكروا العدد، والشاذ تعريفه عند المحدثين هو: ما يرويه الثقة مخالفاً من هو أوثق منه، فالثقات رووه بدون ذكر الثلاث، وهم كثيرون في الصحيحين وفي غيرهما، وهنا فيه ذكر العدد، فتعتبر الرواية شاذة من جهة أن الثقة خالف من هو أوثق منه.
إذاً: فالثابت هو لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وقد جاء مرة واحدة خرجه أئمة كثيرون منهم البخاري، ومسلم، وليس فيه ذكر هذه الزيادة التي هي ثلاث مرات.
تراجم رجال إسناد حديث المغيرة بن شعبة في قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...) ثلاث مرات عقب الصلاة
قوله: [أخبرنا الحسن بن إسماعيل المجالدي].هو الحسن بن إسماعيل المجالدي المصيصي، ثقة، أخرج حديثه النسائي .
[أنبأنا هشيم].
هو ابن بشير الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، قال عنه الحافظ في التقريب: كثير التدليس والإرسال الخفي.
التدليس هو: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمع منه بلفظ موهم السماع كعن أو قال، هذا هو تدليس الإسناد، والإرسال الخفي هو: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه، بحيث يكون معاصراً له واللقي ممكن فيروي عنه ما لم يسمع منه، فهذا يقال له: إرسال خفي؛ لأن الإرسال هو إضافة الحديث إلى من لم يلقه، وقد يكون فيه انقطاع، أي: بأن يكون فيه مسافة طويلة، وقد يكون مدركاً له في زمنه، والذي مدركاً زمنه ومعاصراً له هو الذي يكون فيه خفاء؛ لأنه إذا نظر في تاريخ الولادة، وتاريخ الوفاة يقال: إنه قد أدركه، فالسماع ممكن، والرواية ممكنة، لكن إذا كان بين وفاة هذا وولادة هذا مدة عُرف أن فيه انقطاع، ويكون الانقطاع واضح، والإرسال واضح.
فالفرق بين التدليس والإرسال الخفي: أن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاءه إياه، أي: يدلس عن شيخ من شيوخه، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي، ولكن الإرسال المعروف عند المحدثين هو أن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، هذا هو المرسل عند المحدثين، ويطلق الإرسال عند الفقهاء على ما هو أعم، وهو: أن من روى عمن لم يدرك عصره أو عاصره ولم يسمع منه، يقال له: مرسل بهذا المعنى، لكونه يضيف الحديث إلى من لم يسمع منه، سواء عاصره أو لم يعاصره، فهو يقال له: مرسل بهذا المعنى، ويقال: إن هذا هو اصطلاح الفقهاء، وأما اصطلاح المحدثين والمشهور عندهم فإنهم يقولون: المرسل قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أي: يخصون ذلك بالتابعي، وأما المعنى العام الذي منه هذا الإرسال الخفي الذي عرف به هشيم بن بشير، وهو متأخر، فهذا من المرسل بالمعنى العام الذي هو اصطلاح الفقهاء.
وهشيم بن بشير الواسطي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بالتدليس، ولهذا العراقي عندما مثّل في ألفيته للمدلسين في الصحيح ذكر هشيم، قال:
وفي الصحيح عدة كالأعمش وكهشيم بعده وفتش
أي: تجد كثيراً من رواة الصحيحين وصفوا بالتدليس، ومنهم هشيم بن بشير هذا الواسطي.
[عن المغيرة].
وهو: المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي، ثقة، متقن، يدلس، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وذكر آخر].
قوله: وذكر آخر، يعني: أن هشيماً ذكر مع المغيرة بن مقسم شخص آخر، لكنه هنا أُبهم، هذا يسمى المبهم، أي: كون الرجل يذكر بأن يقال مثلاً: رجل أو قال شخص آخر، هذا يقال له المبهم، بخلاف المهمل، فالمهمل هو: أن يذكر اسمه أو اسمه واسم أبيه، ولكنه يلتبس بغيره ممن يوافقه في الاسم واسم الأب، فهذا يسمى المهمل، وأما إذا قيل: رجل أو امرأة، فهذا يسمى المبهم، قال: وذكر رجلاً آخر، أي: فلم يذكره في الإسناد هنا، وإنما أشار إليه إشارة، وأبهمه ولم يسمه، ومن المعلوم أن ذلك لا يؤثر؛ لأن العمدة على الشخص المذكور؛ لأن الإسناد لم يبن على شخص مبهم، بل ذكر شخص ثقة، وأضيف إليه شخص مبهم، فوجود المبهم مثل عدمه، لا يؤثر، وإنما يضر الإبهام لو كان الإسناد مبنياً عليه، بأن يكون هشيم روى عن شخص لم يسم، أو قال: عن رجل، فهذا يقال له: مبهم، ويؤثر، لكن هنا لا يؤثر.
تراجم رجال إسناد حديث المغيرة بن شعبة بعد تحويل السند
[ح].ح، ثم ذكر تحويلاً وهو (ح)، وهي حاء مهملة يؤتى بها للإشارة إلى التحول من إسناد إلى إسناد يعني: المحدث يمضي في الإسناد، ثم يريد أن يستأنف إسناداً آخر من جديد يتلاقى مع الإسناد الأول، فبدل ما يمشي في الإسناد من أوله إلى آخره ثم يذكر إسناداً آخر تتكرر الأسماء في الآخر، فيريد أن لا يكرر، فيذكر الإسناد ويمضي فيه إلى مكان يكون فيه التلاقي بين الإسناد المذكور والإسناد الذي سيذكره، فيأتي بكلمة (حاء) الدالة على التحويل، أي: التحول من إسناد إلى إسناد، فالذي بعد (حاء)، يعتبر شيخ من شيوخ النسائي ؛ لأنه بدأ بإسناد آخر يمشي مع هذا الإسناد الأول، ويلتقيان عند شخص، ثم يتحد الإسناد بعد ذلك، فيكون طريقان يلتقيان عند شخص، ثم يتحد الطريقان بعد ذلك.
فـ(حاء) هذه تدل على التحويل، والإمام مسلم رحمه الله يستعملها كثيراً جداً، والسبب في هذا، أنه يجمع الأحاديث في مكان واحد، لا يفرقها مثل البخاري، والنسائي يفرقها في أبواب ويعقد تراجم، ويأتي بحديث لعدة تراجم، فيذكر الحديث بإسناد في مكان، وبإسناد في مكان، فلا يحتاج إلى التحويل، لكن مسلم رحمه الله، يجمع الأحاديث في مكان واحد، فيحتاج إلى كثرة التحويل لجمعه الأحاديث في مكان واحد، والنسائي رحمه الله، ليس كثير التحويل، أي: بالنسبة لـمسلم، وإن كان يوجد عنده تحويل، لكنه ليس بالكثرة الكاثرة، وإنما هو قليل بالنسبة لمثل مسلم، والبخاري مثل النسائي، يحول، يعني: يستعمل التحويل، ولكنه ليس كثيراً كـمسلم، رحمة الله على الجميع.
[أخبرني يعقوب بن إبراهيم الدورقي].
وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ أصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وأصحاب الكتب الستة هم البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي ويعتبر يعقوب بن إبراهيم شيخاً لهم جميعاً، كلهم يروون عنه مباشرة وبدون واسطة، فهو من صغار شيوخ البخاري، وقد مات قبل البخاري بأربع سنوات، البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، فالفرق بينهما أربع سنوات.
ومثل يعقوب بن إبراهيم الدورقي في كونه توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكذلك بكونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة، شخصان آخران وهما: محمد بن المثنى الملقب الزمن العنزي، ومحمد بن بشار الملقب بندار، فهذان الشخصان كل منهما توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكل منهما شيخ لأصحاب الكتب الستة، فهؤلاء الثلاثة يعتبرون من صغار شيوخ البخاري، وماتوا قبل البخاري بأربع سنوات وكانت وفاتهما في سنة واحدة.
[حدثنا هشيم].
هو هشيم بن بشير الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[حدثني غير واحد].
قوله: حدثني غير واحد؛ لأن لفظ يعقوب بن إبراهيم الدورقي في روايته عن هشيم، أن هشيماً قال: حدثني غير واحد، أو أخبرني غير واحد منهم المغيرة أي: ابن مقسم، فذاك الإسناد الأول يقول: وذكر آخر، يعني: أن هشيماً ذكر آخر في روايته عن يعقوب عن المغيرة بن مقسم، وأما في طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي فإنه في الرواية عن هشيم قال: حدثني غير واحد منهم المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن وراد].
وراد هو مولى المغيرة بن شعبة، وقد مر ذكره في الإسنادين السابقين قبل هذا، وهو ثقة خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المغيرة بن شعبة الثقفي].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وذكرت في الدرس الماضي أن معاوية رضي الله عنه ليس من رواة الحديث أي: ليس من رجال الإسناد؛ لأن ذكر معاوية فيه ورد عرضاً؛ لأنه كتب إلى المغيرة يريد منه أن يحدثه بحديث عن رسول الله، فالذي يروي الحديث هو وراد عن المغيرة، لكن رسالة معاوية هي السبب في كون وراد سمع من المغيرة، أو كتب للمغيرة هذا الحديث الذي أرسل به إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
نوع آخر من الذكر بعد التسليم
شرح حديث عائشة في كفارة المجلس
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من الذكر بعد التسليم.أخبرني محمد بن إسحاق الصاغاني حدثنا أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة حدثنا خلاد بن سليمان قال أبو سلمة وكان من الخائفين، عن خالد بن أبي عمران عن عروة عن عائشة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلساً أو صلى تكلم بكلمات فسألته عائشة عن الكلمات فقال: إن تكلم بخير كان طابعاً عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة له: سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك)].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الذكر بعد التسليم، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتكلم بكلمات، فسألته عن تلك الكلمات فذكرها، ولكنه ذكر قبلها ما يدل على أهميتها، وهي: أنه كان إذا جلس مجلساً وقال خيراً، فإنها تكون طابعاً عليه، يعني: كالخاتم عليه، أي: حصَّل خيراً وختم بخير، وإن كان غير ذلك -يعني: شراً- كان كفارة، ولهذا فهذا الحديث يقال عنه: أنه حديث كفارة المجلس، فالإنسان إذا جلس مجلساً ثم قام منه وقال هذه الكلمات فإنها تكون كفارة لما حصل في ذلك المجلس، وإن كان خيراً كان طابعاً على ذلك الخير وختماً على ذلك الخير، وهذا يدل على أهمية هذا الذكر وعلى الترغيب فيه.

يتبع.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-01-2022, 11:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (أن رسول الله كان يسلم عن يمينه وعن يساره) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن عامر بن سعد عن سعد رضي الله عنه أنه قال: (كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده)، قال أبو عبد الرحمن: عبد الله بن جعفر هذا ليس به بأس، وعبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني متروك الحديث.أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله إلا أن فيه: (أنه يسلم عن شماله حتى يرى بياض خده)، معناه: أنه يلتفت كثيراً، والحديث دال على ما دل عليه الذي قبله من حصول التسليم، وأنه تسليمتان، وأنه يكون عن اليمين وعن الشمال.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يسلم عن يمينه وعن يساره) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهوية الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه، وحصل له هذا اللقب الذي هو من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وهو التلقيب بأمير المؤمنين في الحديث، وقد خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا أبو عامر العقدي].
هو عبد الملك بن عمرو القيسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن جعفر].
هذا ومن فوقه مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
موضع اليدين عند السلام
شرح حديث جابر بن سمرة في موضع اليدين عند السلام
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع اليدين عند السلام.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو نعيم عن مسعر عن عبيد الله بن القبطية قال سمعت جابر بن سمرة رضي الله عنهما يقول: (كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم، السلام عليكم، وأشار مسعر بيده عن يمينه وعن شماله، فقال: ما بال هؤلاء الذين يرمون بأيدهم كأنها أذناب الخيل الشُمس، أما يكفي أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله)].
أورد النسائي موضع اليدين عند السلام. وهي أنها تكون على الفخذين، يعني على الحالة التي هي عليها في التشهد تكون عليها عند السلام، لا تتغير عن هذه الحالة التي هي عليها عند التشهد، لا تتغير عند السلام، بل تبقى على حالها حتى يتم السلام، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: كنا نصلي مع رسول الله عليه الصلاة والسلام فنقول: السلام عليكم، السلام عليكم، وأشار مسعر بيده عن يمينه وعن شماله. يعني: عندما يسلم لليمين يشير بيده إلى اليمين، وعندما يسلم لليسار الثانية يشير إلى اليسار، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ما بال هؤلاء يرمون بأيدهم كأنها أذناب خيل شُمس)، والخيل الشُمس هي التي عندها حركة واضطراب، وعندها شدة، معناه يتحرك ذيلها وليس مستقراً ولا هادئاً، فهم عند السلام كانوا يشيرون باليد اليمنى إلى جهة اليمين، واليد اليسرى إلى جهة الشمال، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن تبقى أيديهم على ما هي عليه، (أما يكفي الواحد منهم أن يضع يده على فخذه)، يعني: على ما هي عليه قبل الوصول إلى السلام، أي: في التشهد؛ لأنه في التشهد اليدين لها هيئة، تبقى على هيئتها حتى يتم السلام، ما هو عند السلام يحصل فيها تحرك من جهة اليمين لليمنى، وتحرك من جهة اليسار بالنسبة لليد اليسرى، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن مشابهة الحيوانات، وعن هذا الفعل الذي فيه مشابهة الحيوانات، وقد جاء النهي عن مشابهة الحيوانات في أحاديث متعدد منها هذا، ومنها: (البروك كبروك البعير)، ومنها: (الإقعاء كإقعاء الكلب)، و(افتراش الذراعين كافتراش الكلب)، فهذه من الهيئات التي هي معروفة للحيوانات، وقد جاء النهي عن الإتيان بها في الصلاة، وهنا جاء النهي عن الإتيان بهذه الهيئة التي تشبه حركة أذيال الخيل الشُمس.
قال: (أما يكفي أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله).
معناه: يسلم على من يمينه، وعلى من شماله، ويخرج من الصلاة بذلك، أي: بذلك التسليم الذي هو تسليمةٌ عن اليمين، وتسليمةٌ عن الشمال.

تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة في موضع اليدين عند السلام قوله: [أخبرنا عمرو بن علي]. هو الفلاس، وهو ثقة، محدث، ناقد، متكلم في الرجال، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[يروي عن أبي نعيم].
أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، كان يوصف بالتشيع، لكن مع كونه موصوفاً بهذا الوصف كان يقول: ما كتبت علي الحفظة بأنني سببت معاوية، ومن المعلوم أن سب معاوية عند الشيعة هذا من أسهل الأشياء، مثل شرب الماء سهولته، يعني: من السهل عليهم أن يشتموا هذا الرجل الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه، فـأبو نعيم وصف بالتشيع يقول: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية، معناه هذا التشيع تشيع لا يؤثر، لعله من جنس تقديم علي على عثمان في الفضل، الذي لا يؤثر، ولا يضر، وصاحبه لا يبدع، يعني: القول به ليس بدعة، وإنما الذي هو بدعة تقديم علي على عثمان في الخلافة، وأنه أولى منه بالخلافة، هذا هو الذي يبدع؛ لأن هذا اعتراض على عمل الصحابة، وعلى اتفاق الصحابة، وخروج عما كان عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، حيث اتفقوا على بيعته، واختير من الستة الذي هم أهل الشورى الذين عهد إليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فآل الأمر إلى أن صار دائراً بين علي، وعثمان، وتم الأمر إلى تقديم عثمان على علي رضي الله تعالى عن الجميع، وأبو نعيم حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، والنسائي يروي عنه بواسطة؛ لأنه من كبار شيوخ البخاري، وأما البخاري يروي عنه مباشرة، وهناك ممن هو مشهور بـأبي نعيم الأصبهاني، وهو متأخر مصنف الحلية (حلية الأولياء) وغيرها من الكتب، وكتاب: (معرفة الصحابة)، وكانت وفاته سنة أربعمائة وثلاثين، يعني هذا وفاته فوق المائتين قليلاً، وأما ذاك فوفاته سنة أربعمائة وثلاثين، فإذا قيل: أخرجه أبو نعيم، المراد به الأصبهاني المتأخر، وأما هذا فهو متقدم من كبار شيوخ البخاري.
[عن مسعر].
هو مسعر بن كدام، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن القبطية].
ثقة، أخرج له البخاري في رفع اليدين، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن جابر بن سمرة].
هو جابر بن سمرة بن جنادة، صحابي ابن صحابي رضي الله تعالى عنهما، وحديث جابر بن سمرة عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة
الاكتفاء بتسليمة واحدة في الصلاة
السؤال: هل تجزئ تسليمة واحدة في الصلاة بهذه الصيغة: السلام عليكم؟الجواب: قال بهذا بعض العلماء، وقال بعضهم: أنه لا يجزئ؛ لأنه لابد من تسليمتين، ومن المعلوم أن القول بالتسليمتين هو الذي فيه الاحتياط، وفيه الخروج من الخلاف؛ لأن من سلم تسليمتين خرج من الاختلاف، معناه أنه على القولين أدى ما هو مطلوب منه، أما من سلم تسليمة واحدة، فعلى القول الثاني الذي يقول: بأنه لابد من الاثنتين يعتبر ما أدى ما هو مطلوب منه، وقد جاء في بعض الأحاديث، لكن تكلم فيها بعض العلماء، وممن تكلم فيها ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين، فإنه ذكر أن التسليم لابد فيه من تسليمتين، وأنه لا يجزئ تسليمة واحدة، وتكلم في الحديث الذي ورد بالتسليمة الواحدة.
حكم الالتفات في الصلاة
السؤال: ما حكم من يلتفت في سلامه التفاتة واحدة؟ وما الدليل على جوازه؟الجواب: ما أعلم، الدليل دل على أن الالتفات يكون يميناً وشمالاً، وأما كونه يلتفت التفاتة واحدة ما أعلم شيئاً يدل عليه، لكن في الحديث ورد أنه يسلم عن يمينه وعن شماله.
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند المحدثين
السؤال: هذا السائل يسأل عن إسناد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند المحدثين؟الجواب: حديث عمرو بن شعيب إذا ثبت الإسناد إلى عمرو بن شعيب فهو لا يقل عن درجة الحسن، وكثير من الأحكام الشرعية مبنية على هذا الإسناد الذي هو عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
صلاحية الاحتجاج بالأحاديث التي سكت عنها الحافظ في الفتح أو مقدمته
السؤال: يقول ما حكم الأحاديث التي سكت عنها ابن حجر في الفتح؟الجواب: الأحاديث التي سكت عنها الحافظ ابن حجر هي صالحة للاحتجاج، قد ذكر هذا إما في أول المقدمة أو في أول الفتح، يعني الأحاديث فيها ما يبين حكمه إثباتاً، وفيها ما يبين عدم ثبوت حكمه، وفيها ما يسكت عنه، لكن ما يسكت عنه هو ذكر طريقته إما في الفتح وإما في المقدمة، لا أذكر أيهما.
ثبوت حديث اختصام الملأ الأعلى والتفصيل في رؤية النبي لربه
السؤال: هذا السائل يسأل عن صحة هذا الحديث، يقول: إني قمت من الليل، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي، فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة، فقال: يا محمد، أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب، أعادها ثلاثاً، فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء)، إلى آخر الحديث؟الجواب: حديث اختصام الملأ الأعلى وكون الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام حديث ثابت، وقد شرحه ابن رجب في جزء اسمه: اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، هو شرحٌ لهذا الحديث الطويل، يعني رؤيا رسول عليه الصلاة والسلام ربه في المنام هو حديث ثابت عند العلماء.
مداخلة: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟
الشيخ: في اليقظة ما رآه، وفي المنام هذا الحديث الذي ذكر يدل على حصول ذلك، وفي ليلة المعراج لم يثبت أنه رأى ربه، بل ثبت ما يدل على عدم الرؤية، وذلك أنه لما سئل عليه الصلاة والسلام قيل: له هل رأيت ربك؟ لم يقل: نعم، بل قال: (نورٌ أنى أراه)، كيف أراه والنور لم أتمكن معه من رؤيته، وهذا النور الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو نور الحجاب الذي جاء في الصحيح حيث قال: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، والحديث في صحيح مسلم.
فضل طلب العلم وبيان كيفية تحصيله
السؤال: ما هو فضل طلب العلم، وما هي أحسن طرق طلبه؟الجواب: طلب العلم كما هو معلوم شأنه عظيم وفضله كبير؛ لأن به يعرف الطريق الذي يوصل إلى الله عز وجل، وبه يعرف الإنسان الحق حتى يعبد الله على بصيرة، وحتى يدعو غيره على بصيرة؛ لأن الجاهل يعمل على خلاف الحق لجهله، وإذا دعا يدعو إلى الباطل لجهله، لكن من علم فإنه يعمل على بينة، ويدعو على بينة، وثمرة العلم العمل، والدعوة إلى العلم وإلى ما جاء به الكتاب والسنة، والله عز وجل يقول: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )[يوسف:108]، فلابد من البصيرة، والبصيرة إنما تكون بالعلم، وتكون بمعرفة الحق والهدى.
فطالب العلم شأنه عظيم، ونفعه عميم، وذلك أنه يعرف الحق فيعمل به، ويدعو الناس إليه، ولو لم يحصل لأهل العلم من المناقب إلا أن يوصفوا بأنهم من ورثة رسول الله عليه الصلاة والسلام لكان ذلك كافياً في شرفهم وفضلهم ونبلهم، وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العمل، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)، فأهل العلم مما يدل على فضلهم -بل هو كافٍ في الدلالة على الفضل لو لم يأتِ أحاديث أخرى- كونهم وراث رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، الذين يرثون عنه الهدى الذي جاء به؛ لأن الأنبياء ما كانت مهمتهم جمع المال وتوريثه لورثتهم من بعدهم، فإنه لا يورث عنهم المال، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)، فهم ما جاءوا لجمع المال، ولكن جاءوا لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فمن وفقه الله عز وجل أخذ بنصيب وافر من هذا الميراث الذي هو ميراث النبوة، العلم النافع، علم الكتاب والسنة، العلم الذي يثمر العمل والدعوة على بصيرة وعلى هدى، (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم).
غير الأنبياء يجمعون المال، ويرثهم ورثتهم، وأما الأنبياء فقد جاءوا بالحق والهدى، ويرثهم كل من وفقه الله عز وجل لأن يتعلم العلم النافع الذي هو علم الكتاب والسنة، هذا الميراث مبذول لكل من أراده، فمن وفقه الله عز وجل سار في تحصيله، فحصل ما حصل منه، فعمل بذلك العلم، ودعا غيره إليه، فكان مأجوراً على عمله، ومأجوراً على دعوته وتوجيهه، ومأجوراً مثل أجور الذين استفادوا خيراً بسببه، واستفادوا علماً بسببه، واستفادوا هدىً وبصيرةً بسببه؛ ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)، والأحاديث في فضائل العلم وفي فضل العلماء كثيرة جداً، ولكن هذه إشارةٌ إلى أهمها، وإلى فضيلة من أعظم تلك الفضائل وهي كون طالب العلم يعتبر من وراث رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
حكم التنفل في السفر
السؤال: ما حكم التنفل بالنسبة للمسافر؟الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يحافظ في سفره إلا على ركعتي الفجر والوتر، لكن الإنسان إذا جاء إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إلى المسجد الحرام، وصلى فيهما متنفلاً، فإن تلك المضاعفة موجودة فيها، صلاة النافلة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بألف نافلة، وفي المسجد الحرام بمائة ألف صلاة.
بيان حكم الإفراد والتمتع والقران في الحج والأفضل منها
السؤال: ما حكم إفراد الحج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)، وأنكر صلى الله عليه وسلم وغضب على الصحابة لما لم يمتثلوا أمره؟الجواب: إفراد الحج والقران بين الحج والعمرة سائغان، لكن الأفضل منهما التمتع، وبعض العلماء يقول: أنه لا يجوز للإنسان أن يفرد ولا أن يقرن إلا إذا كان قد ساق الهدي، لكن الصحيح أن القران سائغ وإن لم يسق الهدي، والإفراد سائغ وإن لم يسق الهدي، والدليل على هذا كون الخلفاء الراشدين الثلاثة: أبو بكر، وعمر، وعثمان كانوا يفردون، وهذا يدل على أن الإفراد سائغ، ولكن الأولى منه التمتع؛ لأنه هو الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي تمناه بقوله: (لو استقبلت ما استدبرت لما سقت الهدي، ولولا أن معي الهدي لأحللت ولجعلتها عمرة).حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
السؤال: ما حكم من يتجاوز الميقات لبعض الأسباب؟الجواب: الميقات لا يتجاوزه من يريد الإحرام إلا محرماً، هذا هو الحكم، ولا يجوز له أن يتجاوز الميقات غير محرم، كل من يريد حجاً أو عمرة يمر بميقات، لا يجوز له أن يتجاوز الميقات إلا وقد أحرم.
بيان حقيقة المذاهب الأربعة
السؤال: ما حكم من قال: المذاهب الأربع سبلٌ متفرقة؟الجواب: المذاهب الأربعة هي مذاهب أربعة علماء من علماء الإسلام، هم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد رحمة الله على الجميع، وهناك فقهاء آخرون في زمانهم وقبل زمانهم هم مثلهم في الجلالة وفي العلم وفي الفقه في دين الله عز وجل، لكن ما حصل لهم أن انتشرت مذاهبهم وجمعت أقوالهم واعتني بها كما حصل لأصحاب المذاهب الأربعة، أصحاب عنوا بجمع مذاهبهم، وهذه المذاهب الأربعة هي مذاهب علماء أجلاء، ومن المعلوم أن كل إنسان ليس بمعصوم إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، والإنسان يحرص على أن يعرف الدليل عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأصحاب المذاهب الأربعة كل واحد منهم يوصي بأن يبحث عن الدليل، وأن يتبع الدليل، وكل واحد من الأئمة الأربعة اجتهد، والمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد، وخطؤه مغفور، فهم لا يعدمون أجراً أو أجرين رحمة الله عليهم، وهم أوصوا بأنه إذا وجد الدليل عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه يتبع الدليل وتترك أقوالهم، وهذا من نبلهم وفضلهم ومعرفتهم بأقدارهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
بيان حكم التمسح على أرضية الروضة بنية الترك
السؤال: هل يجوز التمسح على أرضية الروضة من أجل أن يتبرك بها؟الجواب: ليس للإنسان أن يتمسح بأرض، ولا بجدار، ولا ببقعة، ولا بمنبر، ولا بحجرة، ولا بأي شيء؛ لأن هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام هو خير الهدي، (أحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم)، فهل أرشد إلى أنه يتمسح بجدران أو يتمسح ببقعة، أو بعمود، أو بمنبر، أو بأي شيء؟ ما وجد شيء من هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، خير الأمة بعد نبيها أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ما وطئ على الأرض أفضل منهم، هم خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، اختارهم الله لصحبة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، هذه الحياة الدنيا ما أحد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيني رأسه إلا الصحابة، عيونهم رأت الرسول صلى الله عليه وسلم، وآذانهم سمعت كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وتلقوا هدي رسول الله منه فأدوه إلى الناس، عن طريقهم عرفنا الكتاب والسنة، ولم نعرف الحق والهدى إلا عن طريق الصحابة، ولا سبيل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ومعرفة الحق الذي جاء عنه إلا من طريق أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، هؤلاء الصحب الكرام الذين اختارهم الله لصحبة نبيه، ومتع أبصارهم في الحياة الدنيا بالنظر إلى طلعته، وشنف أسماعهم بسماع كلامه من فمه الشريف صلى الله عليه وسلم، ما فعلوا شيئاً من ذلك، وهم أحرص الناس على كل خير، وأسبق الناس إلى كل خير، ولو كان خيراً لسبقوا إليه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فالشيء الذي كانوا عليه هو الحق والهدى.
وقد قال مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمة الله عليه: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. ما يمكن لأهل آخر الزمان أن يصلحوا بطريقة ما صلح بها الصحابة أبداً، الذي صلح به الصحابة هو الذي يصلح به الناس إلى يوم القيامة، ولا سبيل إلى صلاح الأمة بعد أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم إلا بأن يكونوا على المنهج الذي كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أصلح الناس بعد الأنبياء والمرسلين، وخير الناس بعد الأنبياء والمرسلين.
وقال مالك أيضاً رحمة الله عليه: ما لم يكن ديناً في زمان محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه لا يكون ديناً إلى قيام الساعة. الذي ما هو دين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما هو دين إلى قيام الساعة، معناه: إذا أُحدث أمور بعد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فهذه ليست من الدين في شيء، بل هي من محدثات الأمور، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )[آل عمران:31]، محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ما تكون بتقبيل جدران حول قبره، ولا التمسح بالجدران حول قبره عليه الصلاة والسلام، وإنما تكون باتباعه والسير على منهجه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وتصديق أخباره، وأن لا يعبد الله إلا طبقاً لشريعته عليه الصلاة والسلام، هذه محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون في قلب كل مسلم أعظم من محبته لنفسه، ومحبته لأبيه وأمه، وابنه وبنته، وقريبه، وصديقه، ومن سائر الناس، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والد وولده والناس أجمعين).
ما هي علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ما هي العلامة التي يعرف بها محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل العلامة أن الإنسان يذهب إلى القبر ويتمسح بالجدران؟ أبداً، ما هي ذي بعلامة؛ لأن الصحابة ما كانوا يفعلون هذا وهم أحب الناس إلى رسول الله، ورسول الله أحب الناس إليهم، يحبونه أعظم مما يحبه من جاء بعدهم، لكن ما هي علامة محبتهم؟ علامة محبتهم أن الواحد منهم إذا سمع السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم عملها، إذا سمع أمراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتثله، إذا سمع نهياً عن رسول الله ابتعد عنه، إذا سمع خبراً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام صدق به، لا يعبد الله إلا طبقاً لشريعته، هذه طريقة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك آية في القرآن يسميها العلماء آية الامتحان والاختبار، وهو أنه من يدعي محبة الله ورسوله فعليه أن يقيم البينة على ذلك، ما هو بس مجرد دعوى، ومجرد تمسيح جدران وما إلى ذلك، لا، بل علامة الاتباع: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )[آل عمران:31]، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني، هذه هي علامة المحبة، المحب لمن يحب مطيع، والذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم يكون ممتثلاً لكل ما يأمر به، ومنتهياً عن كل ما ينهى عنه، ومصدقاً لكل ما يخبر به، ولا يعبد الله إلا طبقاً لشريعة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لا يعبده تبعاً للأهواء والشهوات، والبدع والمنكرات والمحدثات التي ما أنزل الله بها من سلطان، محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون في قلب كل مسلم أعظم من محبة أي من الخلق، (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والد وولده والناس أجمعين)، لماذا؟ لأن النعمة التي ساقها الله للمسلمين على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي نعمة الإسلام، ونعمة الهداية والصراط المستقيم، ونعمة الخروج من الظلمات إلى النور، لا يماثلها نعمة، ولا يساويها نعمة، ولهذا وجب أن تكون محبته أعظم من محبة أي مخلوق؛ لأن النعمة التي ساقها الله لنا على يديه أعظم نعمة أنعم الله تعالى بها علينا وهي نعمة الإسلام، ولهذا جاء عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه صاحب رسول عليه الصلاة والسلام وخادمه الذي خدمه عشر سنوات منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حتى توفاه الله، لما سمع بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب)، قال رضي الله عنه: فوالله ما فرحنا بشيء بعد الإسلام أشد منا فرحاً بهذا الحديث. لأن الفرح بنعمة الإسلام هي أعظم ما يفرح به من نعمة، قال: فوالله ما فرحنا بشيء بعد الإسلام أشد منا فرحاً بهذا الحديث. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرء مع من أحب)، ثم قال أنس رضي الله عنه: فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أبا بكر، وعمر، وأرجو من الله أن يلحقني بهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل مثل أعمالهم.
الحاصل أن التمسح بالجدران والشبابيك والأبواب والأعمدة والمنبر وغير ذلك ليس من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليس مما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم، وليس هذا أيضاً علامة على محبة الرسول عليه الصلاة والسلام، بل علامة محبته طاعته واتباعه، وامتثال ما جاء به عليه الصلاة والسلام.
والعمل المقبول عند الله لا بد فيه من توفر شرطين، كل عمل ينفع عند الله ما ينفع إلا إذا توفر فيه شرطان: الشرط الأول: أن يكون لله خالصاً، والشرط الثاني: أن يكون لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مطابقاً وموافقاً، فلا بد من تجريد الإخلاص لله وحده، ولابد من تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله إخلاص العبادة لله وحده، وأشهد أن محمداً رسول الله تجريد المتابعة للرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
حكم التعامل مع الشركات التي تنوب عن الحجاج في الذبائح وتعطيهم سندات مقابل ذلك
السؤال: السائل هنا يا شيخ معه سند من أحد البنوك للهدي، يقول: هل هذا السند كاف لكوني أديت الواجب الذي عليّ؟الجواب: إذا كان الإنسان أعطى النقود للجهة المخصصة لهذا العمل، وهو البنك الإسلامي الذي تتولى شركة الراجحي النيابة عنه بأخذ النقود مقابل الهدي الذي يذبح عن الحجاج في أيام العيد والأيام التي بعده، فإن هذا لا بأس به، وهذا عمل طيب؛ لأن فيه خدمة للحجاج، ويرى حالهم من العناء والمشقة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-01-2022, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(247)

- (باب كيف السلام على اليمين؟) إلى (باب السلام باليدين)
بين لنا الشرع الحكيم كيفية التسليم من الصلاة، وأنه يكون مقالاً وفعالاً، أما المقال فله صيغ متعددة أحسنها: السلام عليك ورحمة الله، وأما الفعال فهو الالتفات جهة اليمين حتى يرى بياض الخد ثم الالتفات إلى الشمال مثله.
كيف السلام على اليمين
شرح حديث ابن مسعود في كيفية السلام على اليمين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف السلام على اليمين. أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض، ورفع، وقيام، وقعود، ويسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده، ورأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يفعلان ذلك)].
يقول النسائي رحمه الله: كيف السلام على اليمين.
لما أورد النسائي في الأبواب السابقة السلام وإثباته، وأنه من الأمور التي لا بد منها في الصلاة، وأنه يخرج بالتسليم من الصلاة؛ لأنه يدخل فيها بالتكبير، ويخرج منها بالتسليم، أورد بعد هذا تراجم تتعلق بالسلام، وكيفية السلام، فأورد هذه الترجمة وهي كيف السلام على اليمين، وهو أنه يلتفت عن يمينه حتى يرى بياض خده، ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، فهذا هو المقصود من حيث الفعل، ومن حيث القول، فالكيفية فعلاً، وفعلاً الالتفات حتى يرى بياض الخد، وقولاً أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله.
وأورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي فيه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند كل خفض، ورفع، وقيام، وقعود)، وقد سبق أن مر بنا هذا، وعرفنا أنه يستثنى من ذلك القيام من الركوع، فإنه لا تكبير فيه، بل فيه التسميع -سمع الله لمن حمده- أما جميع أفعال الصلاة والانتقال من هيئة على هيئة، ومن عملٍ إلى عمل، فالذي يقال عند ذلك: هو التكبير، إلا في موضع واحد وهو القيام من الركوع، فإن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد.
(ويسلم عن يمينه وشماله حتى يرى بياض خده)، وهذه الهيئة، وهي: كونه يلتفت حتى يرى بياض الخد، من جهة اليمين ومن جهة الشمال، وقد جاءت الأحاديث مفسرةً ومبينةً أن هذه الهيئة تكون إلى جهة اليمين، وأنها تكون إلى جهة الشمال، واللفظ يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن اليمين، وعن الشمال كذلك السلام عليكم ورحمة الله، وهذا هو الغالب على فعله عليه الصلاة والسلام، بحيث يخرج من الصلاة بقوله: السلام عليكم ورحمة الله، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه يقول في التسليم على الشمال: السلام عليكم، وجاء في بعض الأحاديث أنه كان يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لكن الغالب على فعله هو السلام عليكم ورحمة الله، فتكون على هذا الصلاة بدئت بلفظ الجلالة، وختمت بلفظ الجلالة، عند الدخول يقول: الله أكبر، وعند الخروج يقول: السلام عليكم ورحمة الله.
ثم يقول: ورأيت أبا بكر، وعمر يفعلان ذلك، أي: أنهما يفعلان كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو فعل رسول الله، وفعل خلفائه الراشدين أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية السلام على اليمين
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].محمد بن المثنى، هو العنزي، الملقب بـالزمن، وكنيته أبو موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن معاذ بن معاذ].
معاذ بن معاذ العنبري، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زهير].
هو زهير بن معاوية الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وسمع من أبي إسحاق بآخره، لكن الحديث جاء من طرقٍ متعددة عن أبي إسحاق وعن غيره، فيكون كونه سمع منه بعد الاختلاط، أي: سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط أن ذلك لا يؤثر.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، الهمداني نسبة عامة، والسبيعي نسبة خاصة؛ لأن سبيع هم من همدان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن الأسود].
هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقةٌ، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود وعلقمة].
الأسود وعلقمة، الأسود يروي عن والده الأسود بن يزيد ين قيس النخعي، وهو ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وعلقمة هو علقمة بن قيس بن يزيد النخعي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عبد الله بن مسعود].
رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وممن هاجر الهجرتين: الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة، وهو من علماء الصحابة، وفقهائهم رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو ليس من العبادلة الأربعة المشهورين في الصحابة؛ لأن العبادلة الأربعة يراد بهم أربعةٌ من صغارهم، وهم: ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمرو، وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وأما عبد الله بن مسعود فإنه ممن تقدمت وفاته؛ لأنه توفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة.
شرح حديث ابن عمر في كيفية السلام على اليمين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج قال ابن جريج: أخبرنا عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان: (أنه سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: الله أكبر كلما وضع، الله أكبر كلما رفع، ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله عن يساره)].أورد حديث عبد الله بن عمر، وهو دالٌ على ما دل عليه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر يقول: (الله أكبر)، كما يحصل منه خفض، وفي كل رفعٍ، وقد عرفنا أن هذا يستثنى منه القيام من الركوع، فإنه لا يكبر عنده بل يقال: سمع الله لمن حمده بالنسبة للإمام، ويقول الإمام والمأموم: ربنا ولك الحمد، أي أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، فيكبر عند كل خفض، ورفع، (يقول: الله أكبر كلما رفع، ويقول: الله أكبر كلما خفض).
(يقول: الله أكبر كلما وضع).
يعني: عندما يخفض وعندما يرفع، عندما يخفض يعني عند الركوع وعند السجود، والرفع عند القيام من السجود، والقيام من التشهد، عند كل خفض، ورفع يقول: الله أكبر، إلا في الموضع المستثنى، (ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، والسلام عليكم ورحمة الله عن شماله). والمقصود منه ما جاء في آخره من حصول السلام على اليمين، ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، وعن الشمال، ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، فهو بمعنى ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في كيفية السلام على اليمين
قوله: [أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني].وهو صاحب الشافعي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حجاج].
حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عمرو بن يحيى].
عمرو بن يحيى المازني، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن يحيى بن حبان].
محمد بن يحيى بن حبان، وهو ثقةٌ أيضاً، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[يروي عن عمه واسع بن حبان بن منقذ].
قيل: إنه صحابي ابن صحابي، وقيل: ليس بصحابي بل هو ثقة، معناه: أنه من التابعين، وهو ثقة؛ لأنه إذا كان موصوفاً بالصحبة فلا يحتاج إلى أن يوصف بوصفٍ آخر؛ لأن الصحبة كافية؛ لأنها أعلى وأشرف من غيرها، وإذا كان غير صحابي يحتاج إلى توثيق، ولهذا قال الحافظ: صحابي ابن صحابي، وقيل: بل ثقة، يعني: أنه ليس بصحابي ولكنه من التابعين، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[يروي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما].
وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة الذين أشرت إليهم آنفاً، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع، فهؤلاء سبعة عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم من الصحابة الكرام، وهم ستة رجال وامرأة، المرأة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها.
كيف السلام على الشمال
شرح حديث واسع بن حبان في كيفية السلام على الشمال
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف السلام على الشمال.أخبرنا قتيبة حدثنا عبد العزيز يعني: الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان قلت لـابن عمر رضي الله عنهما: (أخبرني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت؟ قال: فذكر التكبير، قال: يعني وذكر السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، السلام عليكم عن يساره)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف السلام على الشمال، وأنه مثل السلام على اليمين، يلتفت على شماله كما يلتفت على يمينه، حتى يرى بياض خده من الشمال كما يرى بياض خده من اليمين، هذا من حيث الفعل، ومن حيث القول يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.
تراجم رجال إسناد حديث واسع بن حبان في كيفية السلام على الشمال
قوله: [أخبرنا قتيبة].هوابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد العزيز].
هو ابن محمد الدراوردي، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة (يعني): الدراوردي، هذه قالها من دون التلميذ الذي هو قتيبة، إما النسائي، أو من دون النسائي.
[عن عمرو بن يحيى].
إلى آخر الإسناد، مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
جاء في هذا الحديث جهة الشمال: (السلام عليكم) في هذه الرواية، والرواية السابقة يقول: السلام عليكم ورحمة الله، عن اليمين وكذلك عن الشمال، وهذه الرواية يقول فيها: السلام عليكم ورحمة الله من جهة اليمين، السلام عليكم من جهة الشمال، وهذا يدلنا على أن ذلك سائغا، ولكن الذي عرف وكثرت فيه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يجمع بين السلام والرحمة فيقول: (السلام عليكم ورحمة الله)، عن اليمين وعن الشمال، لكن هذا الحديث أو هذه الرواية بهذا الحديث فيها السلام عليكم ورحمة الله من جهة اليمين، السلام عليكم من جهة الشمال.
شرح حديث ابن مسعود في كيفية السلام على اليسار
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زيد بن أخزم عن ابن داود يعني: عبد الله بن داود الخريبي عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كأني أنظر إلى بياض خده عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الذي يقول فيه: (كأني أنظر إلى بياض خده عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله)، يعني: أنه يلتفت على يمينه حتى يرى بياض خده، ويلتفت على شماله حتى يرى بياض خده، ويقول في تلك الحالتين عن اليمين: السلام عليكم ورحمة الله، وعن الشمال: السلام عليكم ورحمة الله.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية السلام على اليسار قوله: [أخبرنا زيد بن أخزم].وهو ثقةٌ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن داود].
هو عبد الله بن داود الخريبي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أيضاً البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي بن صالح].
هو علي بن صالح بن حي الكوفي، وهو ثقةٌ، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص].
أبو إسحاق، وهو السبيعي وقد مر ذكره قريباً، وأبو الأحوص، وهو عوف بن مالك الكوفي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله].
عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره.
شرح حديث: (كان رسول الله يسلم عن يمينه حتى يبدو بياض خده وعن يساره حتى يبدو بياض خده)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن آدم عن عمر بن عبيد عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يبدو بياض خده، وعن يساره حتى يبدو بياض خده)].وهذا عن ابن مسعود أيضاً، وفيه هيئة الفعل عند السلام، وأنه يسلم على يمينه حتى يرى بياض خده، وعن شماله حتى يرى بياض خده، لكن ليس فيه ذكر كيفية السلام باللفظ، وإنما فيه الكيفية بالفعل، وهي الالتفات يميناً حتى يرى بياض الخد، والالتفات شمالاً حتى يرى بياض الخد، والأحاديث الأخرى عنه هي التي بينت الهيئة الفعلية، والصفة القولية منه صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يسلم عن يمينه حتى يبدو بياض خده وعن يساره حتى يبدو بياض خده)
قوله: [أخبرني محمد بن آدم].وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن عمر بن عبيد].
عمر بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، وهو صدوقٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله].
وقد مر ذكرهم.
شرح حديث: (أن النبي كان يسلم عن يمينه وعن يساره ... حتى يرى بياض خده من هاهنا وبياض خده من هاهنا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده من ها هنا، وبياض خده من ها هنا)].وهذا أيضاً عن عبد الله بن مسعود رواية أخرى مبينة للهيئة الفعلية، والصيغة القولية التي تقال عند التسليم، وهي السلام عليكم ورحمة الله من جهة اليمين، والسلام عليكم ورحمة الله من جهة الشمال، وأنه يلتفت حتى يرى بياض خده من جهة اليمين، ويلتفت حتى يرى بياض خده من جهة الشمال.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29-01-2022, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يسلم عن يمينه وعن يساره... حتى يرى بياض خده من هاهنا وبياض خده من هاهنا)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، وهو المحدث، الناقد، الثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، ثقة، إمام، ناقد، متكلم في الرجال، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، الكوفي، وهو ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وهو محدث، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله].
وقد مر ذكرهم.
حديث: (كان رسول الله يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده وعن يساره حتى يرى بياض خده) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أنبأنا الحسين بن واقد حدثنا أبو إسحاق عن علقمة والأسود وأبي الأحوص قالوا: حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر)].أورد حديث ابن مسعود من طريقٍ أخرى، وهي مشتملة على ما اشتملت عليه الطرق السابقة من السلام عن اليمين وعن الشمال حتى يرى بياض الخد من الجهتين، ويقول: السلام عليكم ورحمة الله من جهة اليمين ومن جهة الشمال.
قوله: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب].
هو الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا علي بن الحسن بن شقيق].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا الحسين بن واقد].
ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبو إسحاق].
أبو إسحاق ومن بعده علقمة، والأسود، وأبو الأحوص، وعبد الله بن مسعود، مر ذكرهم.
السلام باليدين
شرح حديث: (... إذا سلم أحدكم فلا يلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السلام باليدين. أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن فرات القزاز عن عبيد الله وهو ابن القبطية عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما أنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكنا إذا سلمنا قلنا بأيدينا: السلام عليكم، السلام عليكم، قال: فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب السلام باليدين، يعني: في النهي عن ذلك، المراد من ذلك من هذه الترجمة النهي عنه، وأنه لا يسلم باليدين، وإنما يسلم بالكلام فيقول المصلي: السلام عليكم ورحمة الله، ولا يشير بيده اليمنى من جهة اليمين، ولا بيده اليسرى من جهة الشمال، وإنما كما سبق أن مر في الحديث الذي مر من طريق أخرى أن يديه عند السلام تكون على فخذيه، يعني: لا تتحرك يمينا ولا تتحرك شمالا، فمر هذا الحديث بترجمة تحت عنوان: موضع اليدين عند السلام، وهذه الترجمة أوردها: السلام باليدين، تلك لبيان الموضع، وأنها تكون على الفخذين، وهذه لبيان النهي عن هذا الفعل، وأنها لا تحرك الأيدي عند السلام، لا يمين، ولا شمال، وإنما تكون على الفخذين.
وأورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المشتمل على هذا، وهو أنهم كانوا إذا سلموا يشيرون بأيديهم إلى جهة اليمين وإلى جهة الشمال، اليمنى إلى جهة اليمين، واليسرى إلى جهة الشمال، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس)، يعني: التي تتحرك وتضطرب، (إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده).
تراجم رجال إسناد حديث: (... إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده)
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله بن موسى].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسرائيل].
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن فرات القزاز].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله وهو ابن القبطية].
ثقةٌ، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن جابر بن سمرة].

هو جابر بن سمرة بن جنادة، صحابي ابن صحابي وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة

صفة الحج تمتعاً
السؤال: أريد أن أحج متمتعاً، فما هي الأفعال التي أفعلها، علماً بأنني سوف أصل إلى مكة إن شاء الله يوم الثامن من ذي الحجة؟ الجواب: الإنسان إذا ذهب إلى مكة الأفضل في حقه أن يكون متمتعاً، وسواءً كان ذهب في اليوم الثامن أو قبله، كل ذلك يمكنه أن يتمتع، يحرم بالعمرة من الميقات، ويلبي بها، فيقول: لبيك عمرة إذا شاء أن ينطق، ويستمر في التلبية حتى يدخل مكة، فيطوف طواف العمرة سبعة أشواط بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختتم بالمروة، ثم يقصر شعر رأسه كله، ويتحلل ويبقى في مكة حلالاً، وإذا كان في اليوم الثامن، وهو يريد أن يذهب إلى منى، يمكنه أيضاً أنه إذا طاف وسعى، قصر شعر رأسه وتحلل بذلك وإن لم يخلع ثيابه، ثم ينوي الإحرام بالحج ويذهب إلى منى، ثم يستمر في أعمال الحج، ويكون عليه طوافاً وسعياً بعد الحج.
الحاصل: أن التمتع عمرة مستقلة عن الحج بطوافها، وسعيها، وتحللها، والحج مستقلٌ عن العمرة بإحرامه، وطوافه وسعيه، وأعماله وتحلله، وعلى المتمتع هدي وهي شاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة إن كان مستطيعاً، وإلا صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ومثله القارن في وجوب الهدي، إن استطاع وإلا صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
الإحرام من جدة لمن يريد دخول مكة
السؤال: إنني مسافر من المدينة إلى جدة ثم إلى مكة، فهل يجوز لي أن أحرم من جدة؟ الجواب: إذا كان الإنسان في المدينة ونيته أن يحرم، يعني: نيته أن يحج أو يعتمر، فلا يجوز له أن يتجاوز ميقات المدينة إلا وقد أحرم، ولو ذهب إلى جدة، يذهب إلى جدة وعليه إحرامه، أو يذهب إلى مكة يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ويذهب إلى جدة، ما في بأس أن يذهب إلى جدة بعدما يطوف، ويسعى، ويتحلل.
ما يقوله المأموم بعد قول إمامه سمع الله لمن حمده
السؤال: هل للمأموم أن يقول بعد قول الإمام: سمع الله لمن حمده أن يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد؟الجواب: بعض العلماء قال: بأنه يقول: سمع الله لمن حمده كما يقول الإمام، ويستدلون على ذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهو يقول: سمع الله لمن حمده، ويقول: ربنا ولك الحمد، فالقول بهذا يعني أن المأموم يقول: سمع الله لمن حمده ويقول: ربنا ولك الحمد، لكن الصحيح الذي يدل عليه الدليل أنه لا يجمع بينهما؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، لو كان يقولها لقال: وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وإنما قال: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، فهذا يدل على أنه لا يقولها، والمسألة خلافية، وهذا دليل القائلين بقولها، والقائلين بعدم قولها، والقول: بأنها لا تقال هو الأرجح؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، ما زاد فقولوا: سمع الله لمن حمده، قال: (فقولوا: ربنا ولك الحمد).
الإنكار في مسائل الخلاف
السؤال: هل يجوز للإنسان أن ينكر على الناس في المسائل التي اختلف فيها أهل العلم؟ الجواب: المسائل المبنية على اجتهاد والأدلة فيها خفية، ليس للإنسان أنه ينكر، لكن المسائل التي الدليل فيها واضح، والقول الآخر لا دليل عليه إلا مجرد رأي، أو مجرد قياس، فإنه لا قياس مع النص، ولا اجتهاد مع النص، فالنص إذا كان موجوداً يرشد إليه، أما إذا كانت المسألة فيها خفاء والاشتباه قائم، فلا ينكر فيها. حكم اقتناء ألعاب الأطفال للعب أو البيع
السؤال: ما حكم اقتناء ألعاب الأطفال؟ وكذلك هل يجوز له أن يجلبها لبيعها؟الجواب: ليس للإنسان أن يجتلب اللعب التي هي صور، أما اللعب التي هي ليست صوراً، وليس فيها شيء من المحاذير لا بأس بها، أما التي هي صور مجسمة أو غير مجسمة، فهذا لا يجوز اجتلابها، ولا استيرادها، ولا بيعها، ولا شراؤها.
صلاة المسافر خلف مقيم
السؤال: شخص مسافر ودخل المسجد عند صلاة الظهر، فوجد الإمام في الركعة الأخيرة، هل بعد تسليم الإمام يقوم ويأتي بركعة واحدة ويسلم أم يتم؟الجواب: المسافر إذا دخل وراء إمام يجب عليه أن يتم ولو دخل معه قبل السلام، ولو ما أدرك معه حتى ركعة، ولو دخل معه قبل أن يسلم فإنه إذا قام يقضي يصلي أربعاً، مثل المسافر الذي يأتي للمسجد النبوي، ويدرك الإمام لم يسلم، فيدخل معه فإنه إذا قام يصلي فليتم أربعاً ولا يصلي اثنتين؛ لأن المسافر عندما يصلي وراء إمام مقيم، يصلي صلاة مقيم، ولو فاته بعض الصلاة أو كل الصلاة، وأدرك الإمام لم يسلم، فإنه يصلي صلاة المقيم، هذا هو الذي يدل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قيل له: (ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا صلى خلف إمامٍ يتم أتم؟ قال: تلك السنة).
كفارة من تسبب بموت بحادث سيارة
السؤال: تسببت في حادث سيارة ومات فيه شخصان، فهل أصوم عنهما بالجمع ؟الجواب: ما فيه خلاف، عنهم يجوز، الاثنان يجوز جمعهما، ( وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ )[الأنبياء:78]، وهما اثنان، يعني فإطلاق الجمع على المثنى لا بأس به.
هل يصوم عن الاثنين؟
الجواب: يصوم عنهم أربعة أشهر، عن كل واحد شهرين، وقبل ذلك لا يصوم إلا إذا عجز عن العتق؛ لأن الواجب عليه هو العتق أولاً، فإذا عجز عنه، يصوم عن كل واحد شهرين؛ لأن عليه عتق رقبتين، وإذا عجز عن العتق يصوم أربعة أشهر: شهرين متوالين، ثم شهرين متواليين، لا تكون الأربعة متوالية، اثنان متوالية، واثنان متوالية.
الأماكن التي يزورها المسلم في مدينة رسول الله
السؤال: ما هي الأماكن التي تزار في هذه المدينة؟الجواب: هذه المدينة المباركة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم الأماكن التي تزار فيها خمسة فقط هي مسجدان وثلاث مقابر، مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، ومسجد قباء، هذا هو الذي يزار من المساجد في المدينة، لا يزار في المدينة مساجد أخرى سوى هذين المسجدين: مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، ومسجد قباء، هذان هما: المسجدان اللذان جاءت الأحاديث التي تحث على زيارتهما والإتيان إليهما، والصلاة فيهما، أما غير ذلك ما جاء في شيء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس هناك فضل يقصد في مسجد من المساجد سوى هذين المسجدين، مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجد قباء.
أما المقابر الثلاث فهي قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه، والبقيع، وشهداء أُحد، هذه هي الأماكن الخمسة التي يزورها الإنسان الذي يصل إلى المدينة، أما ما عدا ذلك من الذهاب إلى أماكن أخرى، فهذا قتل للوقت، وإضاعة للوقت في غير طائل، وكون الإنسان يحرص على زيارة ما هو مشروع، ولا يتشاغل بشيءٍ ليس بمشروع، هذا هو الذي ينبغي له.
كفارة من أفطر في رمضان لكبر سنه
السؤال: أبي كبير في السن ويفطر في رمضان، يقول: كيف نكفر عنه تلك الأيام التي لم يصمها؟الجواب: عن كل يوم مسكيناً، إذا كان بلغ به من الكبر والهرم بحيث لا يستطيع الصيام، فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، السنوات التي أدركه رمضان وهو هرم لا يستطيع الصيام، كلها تحسب أيامها، ويطعم عن كل يوم مسكينا، إن كان الشهر كاملاً فيكون ثلاثين يوما، ثلاثين مسكينا، وإن كان الشهر ناقصاً يكون تسعاً وعشرين مسكينا؛ لأن الذي يجب عليه هو ما يجب على الناس، والناس إذا كانوا صاموا تسعا وعشرين عليه إطعام تسعا وعشرين عن كل يوم مسكينا، وإذا كانوا صاموا ثلاثين، يطعم عن كل يوم مسكينا، يعني ثلاثين مسكينا، هذا هو الواجب أنه يطعم عن كل يوم مسكينا.
مقدار ما يطعم به المسكين من الكفارة
السؤال: هل يعطي ثلاثة كيلو رز أو كيلو ونصف؟الجواب: يمكن إعطاء كيلو ونصف مثلاً من الأرز ومعه شيء من الإدام ويكفي.
حكم سماع الأغاني
السؤال: ما حكم سماع الغناء لا سيما ونحن حجاج في المدينة؟الجواب: سماع الغناء من الأمور المحرمة، والله عز وجل أنعم على الإنسان بالسمع والبصر، وأُمر بأن يستعمل البصر فيما شرع له استعماله فيه، ونهي أن يستعمله في أمور لا يجوز استعماله فيه، وكذلك السميع يستعمله فيما أبيح له سماعه من قراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، ومن الكلام الحسن، والمناجاة بين الناس التي يحتاجون إليها، هذه نعمة عظيمة أنعم الله تعالى بها على الإنسان، ولا يجوز أن يستعملها في سماع الأغاني، ولا كذلك في سماع الغيبة والنميمة، ولا سماع الفحش وما إلى ذلك، وإنما يستعمل هذه النعم فيما شرع له استعمالها فيه، ويحذر من استعمالها فيما منع من استعمالها فيه، والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، هذه الصحة التي هي عافية، وسلامة من الأمراض، وسلامة في العينين، وفي البصر، وفي السمع، وفي الأرجل، وفي الأيدي، الإنسان يتحرك، وينتقل، ويأخذ، ويعطي بيديه، بعض الناس ليس له رجلان، حرم من هذه النعمة لا يستطيع أن يمشي، وإنما يحمل، ويجعل في عربة، وبعض الناس ليس له يدين، يعني حصل له مثلاً حادث، أو حصل له شيء بقي بدون يدين ما يستطيع يتوضأ، ما يستطيع أن يستعمل مثل ما كان يستعمل غيره ممن أعطي اليدين، وأحد عنده البصر فيستعمله في طاعة الله، وأحد منع منه فلا يتمكن من استعماله، وأحد عنده السمع يستعمله فيما أبيح له استعماله، ومن الناس من ليس عنده السمع فلا يتفاهم معه إلا بأصوات مرتفعة، أو بالإشارة، والإنسان الذي أعطاه الله هذه النعمة يحمد الله تعالى عليها، ويشكره عليها، ويستعمل هذه النعم في طاعة الله، ولا يستعملها في معاصي الله عز وجل، ومن استعمالها في معصية الله استعمالها في الأغاني، كون الإنسان يستعمل السمع في الأغاني يكون استعمالها في معصية الله.
دفع ثمن الهدي إلى شركة تقوم بواجب النسك
السؤال: ما حكم شراء الهدي من شركة الراجحي؟ الجواب: ما في بأس، كون الإنسان يعطي الشركة التي تتقبل قيم الهدي، وتنوب عنه في ذبح الهدي يوم العيد، وأيام التشريق، هذا عمل جليل، وخدمة كبيرة، وإراحة للناس من أن يذهبوا إلى مكان المجزرة، ويعانوا ما يعانوا من المشقة في الوصول إليها، وفي اختيار الذبيحة السمينة المجزئة، وكذلك البحث عمن يأكلها، وعمن يستفيد منها، كل هذه أمورٌ شاقة، لكن وجود هذه الجهة التي تقوم بهذا العمل، وتتبناه وتتحمله، وتنوب عن الحجاج فيه، هذا في الحقيقة عمل جيد وعمل عظيم، والإنسان يؤدي، أو يدفع القيمة إلى الشركة، ويكون بذلك وكل هذه الشركة لتنوب عنه في ذبح الهدي، وتوزيعه وإيصاله إلى من استحقه.
حكم تكرار الجماعة في المسجد
السؤال: ما حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد؟الجواب: تكرار الجماعة في المسجد الواحد إذا كانت مقصودة، بأن جماعة ينتظرون الجماعة تخلص حتى يصلوا مكانها، هذا لا يجوز، الجماعة واحدة في المسجد، ما في جماعة تنتظر جماعة تخلص ثم تجيء جماعة ثانية وراءها، فهم ينتظرون حتى هؤلاء يصلون، أو يتأخرون ينتظرونهم أن يفرغوا من الصلاة، هذا لا يجوز، لكن الجماعة واحدة في المسجد، الجماعة الأصلية واحدة، لكن من جاء متأخراً وفاتته الصلاة، وجاء اثنان أو ثلاثة، فإن لهم أن يصلوا جماعة؛ لأنهم ما جاءوا إلى الصلاة وقد فاتتهم الصلاة، فإذاً: يصلوا جماعة، لا بأس بذلك، أما كون الجماعة الأولى يعني: جماعة أخرى تنتظرها تخلص، ثم تأتي وتصلي مكانها، فهذا لا يجوز، بل المسجد فيه جماعة واحدة، فإذا فاتت الإنسان، يصلي جماعة ثانية لأنه ما أمكنه أن يصلي مع الجماعة الأولى، والدليل على هذا: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث: (صلاة الرجل مع الواحد خيرٌ من صلاته وحده، وصلاة الثلاثة خيرٌ من اثنين..)، وهكذا، ولما جاء رجلٌ وقد فاتته الصلاة، قال لبعض الذين صلوا معه: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟)، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى إقامة الجماعة ولو عن طريق الصدقة، فإذاً إذا كان المصلي محتاج لصدقة تقام معه الجماعة، هذا الحديث يدل على أنه إذا جاء واحد فاتته الصلاة، يبحث عن واحد يتصدق عليه، لكن لو جاء اثنان فاتتهم الصلاة ماذا يعملون؟ يصلون جماعة، لأنهم ليسوا بحاجة إلى الصدقة، هم أنفسهم جماعة، الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن توجد الجماعة ولو عن طريق الصدقة، فإذا كانت الجماعة موجودة، وليست بحاجة إلى صدقة، يدل هذا على أن الإنسان الذي أحرم بالعمرة ولم يتمكن من الاستمرار بها، فإنه يدخل الحج على العمرة ويصير قارنا، مثل ما فعلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فإنها أحرمت من الميقات بعمرة وحاضت في الطريق، وجاء الحج وهي على حيضها، ما يمكن تؤدي عمرتها وتفرغ منها؛ لأن الحيض عليها، والمرأة لا تدخل المسجد وتطوف فيه حتى تطهر، والحج وصل، الناس يذهبون إلى عرفة، تنوي الحج فتدخله على العمرة فتصير قارنة، هذا هو إدخال الحج على العمرة، أما من كان مفرداً أو قارناً، وليس معه هدي، فهذا يفسخ إحرامه إلى عمرة، يعني: يتحول من كونه مفرد إلى معتمر، محرم بالحج مفرداً إلى كونه معتمراً تمتعاً، ومن كونه قارناً إلى كونه محرماً بالعمرة، فيطوف ويسعى، ويقصر من شعر رأسه ويتحلل، ويوم الثامن يحرم بالحج.
الإحرام لمن هو بالمدينة من غير ميقاتها
السؤال: أنا طالب في المدينة ثم ذهبت إلى جدة وعند إرادتي إلى الرجوع أردت العمرة، يقول: هل علي أن أرجع إلى المدينة وأحرم من هنا أو أحرم من جدة؟الجواب: إذا كان عند ذهابه من المدينة ليس عنده نية عمرة، وإنما كان سيذهب إلى جدة ويرجع، هذا هو الذي كان عنده في المدينة، هذا إذا طرأ له في جدة أن يعتمر فإنه يحرم من جدة؛ لأنه ما كان عنده نية في المدينة أنه يعتمر، وإنما كان سيذهب إلى جدة ويرجع، لكن طرأ له يعني طارئ في جدة أنه يعتمر، وما كانت النية موجودة في المدينة، فهذا مثل أهل جدة يحرمون من جدة، لكن من كانت النية موجودة عنده وهو في المدينة، فلا يجوز له أن يتجاوز ميقات المدينة إلا وقد أحرم، وإن أحرم من جدة أو من داخل المواقيت، فإنه يكون ارتكب محظوراً، وفعل أمراً غير سائغ، ويجب عليه فدية وهي شاة يذبحها في مكة ويوزعها على فقراء الحرم إن استطاع، وإلا صام عشرة أيام مكانها.
المدة التي يقصر فيها المسافر الصلاة
السؤال: متى يشرع للمسافر قصر الصلاة؟ وهل يجوز له التنفل؟الجواب: السؤال هذا يحتمل حالتين:
إحداهما: المسافة التي يقصر فيها ويعتبر مسافراً، هذا إذا كان بحدود ثمانين كيلو وهي المسافة التي يقصر فيها فإنه يقصر من حين يتجاوز البلد الذي خرج منه، أما إذا كان في البلد، ونازلاً في البلد، ومقيماً في البلد، فإن كان ينوي إقامة أربعة أيام فأقل عند دخوله البلد، فإنه يقصر، وأما إن كان عند دخوله البلد يريد أن يبقى فيه أكثر من أربعة أيام، فإن هذا يتم ولا يقصر مدة إقامته في البلد الذي سافر إليه.
رمي الجمار بغير الحصى كالنعال
السؤال: هل يجوز رمي الجمار بغير الحصى كالنعال ونحوه؟الجواب: لا، ما يجوز، الجمار لا ترمى إلا بالحصى، وبالحصى المعين المحدد، وهو المقدار الذي فوق الحمص ودون البندق، يعني: ما هو كل حصى يرمى به، لا كبير ولا صغير جداً، وإنما فوق الحمصة ودون البندقة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-01-2022, 11:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(248)

- (باب تسليم المأموم حين يسلم الإمام) إلى (باب الانحراف بعد التسليم)
المأموم مطالب بمتابعة الإمام في جميع أفعاله، ومنها السلام، وإذا طرأ سهو في الصلاة فيجوز سجود السهو بعد السلام بل والكلام إذا لم يعلم أو يذكر سهو إلا متأخراً، ثم يسلم ثانية، ويستحب الجلوس قليلاً بعد الصلاة، وينحرف الإمام إلى جهة المأمومين.
تسليم المأموم حين يسلم الإمام
شرح حديث عتبان بن مالك في تسليم المأموم حين يسلم الإمام
قال المصنف رحمه الله تعالى: [تسليم المأموم حين يسلم الإمام.أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري أنه أخبره قال: أخبرني محمود بن الربيع رضي الله عنه قال: سمعت عتبان بن مالك رضي الله عنه يقول: (كنت أصلي بقومي بني سالم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: إني قد أنكرت بصري، وأن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكاناً أتخذه مسجداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: سأفعل إن شاء الله، فغدا عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه معه بعد ما اشتد النهار، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففنا خلفه، ثم سلم وسلمنا حين سلم)].
يقول النسائي رحمه الله: تسليم المأموم حين يسلم الإمام. المراد من الترجمة هو: أن المأموم يتابع الإمام في جميع أفعاله، فيكبر إذا كبر، ويركع إذا ركع، ويرفع إذا رفع، ويسجد إذا سجد، ويسلم إذا سلم، معناه، أن المأموم يتابع إمامه فلا يسبقه، ولا يوافقه، وإنما يتابعه، بحيث إذا انتهى الإمام يأتي المأموم بما فعله الإمام، فيكون الإمام كبر في الدخول في الصلاة، ثم كبر وراءه المأموم، وعند نهاية الصلاة يسلم الإمام ويخرج من الصلاة، ثم يخرج المأموم بعده بأن يسلم بعد فراغه من التسليم، وهذا إنما هو في جميع الأفعال، المأموم لا يسابق الإمام ولا يوافقه، بل يأتي بالأفعال عقبه مباشرةً وبدون تأخير، هذا هو الذي يفعل من قبل المأموم تبعاً للإمام.
وقد أورد النسائي حديث عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه، أنه جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إنه إمام قومه، وأنه قد أنكر بصره، يعني أنه قد ضعف بصره، أو أنه قد عمي، وأن السيول تأتي في وقت الأمطار، فلا يتمكن من الوصول إلى المسجد، فيضطر إلى أن يصلي في بيته، فطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي إليه في منزله ويصلي في مكان من منزله يتخذه مصلى، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (سأفعل إن شاء الله)، ثم جاء إليه هو وأبو بكر في يوم من الأيام بعدما اشتد النهار، ولم يجلس حتى صلى في المكان الذي يريد منه أن يصلي به، فطلب منه حين دخل أن يخبره بالمكان الذي يرغب أن يصلي فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأشار إليه قال: فصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففنا وراءه، ثم قال: (سلم وسلمنا حين سلم). ثم سلم، أي: خرج من تلك الصلاة، وسلمنا حين سلم، وهذا هو المقصود من الترجمة، والمقصود من ذلك: أن المأموم يسلم عقب سلام الإمام، لا يسلم معه، ولا يوافقه، ولا يسبقه.
قال: (كنت أصلي بقومي بني سالم)، وهم في الطريق إلى قباء، هم ليسوا من أهلها، ولكنهم في المنطقة التي بين مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وبين قباء.
قال: (فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: إني قد أنكرت بصري، وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي).
هذه المسوغات للطلب الذي يريده من رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أراد من النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي ويصلي في مكان من منزله يتخذه عتبان مكاناً يصلي فيه، ومهد لذلك بأنه قد أنكر بصره، يعني أنه عمي أو قارب العمى، وأن السيول تأتي وتفصل بينه وبين الوصول إلى المسجد، فيضطر إلى أن يصلي في البيت، فطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي إليه ويصلي في مكان يتخذه مصلى، فقال عليه الصلاة والسلام: (سأفعل إن شاء الله)، وفي هذا دليل على أن الإنسان عندما يتحدث عن أمرٍ مستقبل يعلق ذلك بمشيئة الله، فيقول: سأفعل إن شاء الله، أو آتي إن شاء الله؛ لأن الله عز وجل يقول: ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ )[الكهف:23-24]، فهو عندما يتحدث عن أمرٍ مستقبل، أو يعد في أمرٍ مستقبل، فإنه يعقب ذلك بقوله: إن شاء الله، كما قال عليه الصلاة والسلام هنا: (سأفعل إن شاء الله)، يعني: آتي إليك في يوم من الأيام القادمة، وأحقق رغبتك.

ثم أيضاً كونه يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي، ويصلي في مكان يتخذه مصلى، يعني: يريد من ذلك التبرك بالمكان الذي يصلي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من منزله، فيتخذه مكاناً يصلي فيه، ومعلومٌ أن التبرك بالرسول عليه الصلاة والسلام وبما مسه جسده، حين حياته عليه الصلاة والسلام، هذا من خصائصه، وكان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يفعلون ذلك معه، فكانوا يتبركون ببصاقه، وبعرقه، وبشعره، وفضل وضوئه كما ثبتت بذلك الأحاديث عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا من خصائصه، ولم يكن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم، يفعلون شيئاً من ذلك مع أصحابه الكرام، أو مع خيار أصحابه، كـأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ما كانوا يأتون إلى أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ويتبركون بعرقهم، وببصاقهم، وما إلى ذلك من الأشياء التي تخرج من أجسادهم، وإنما كانوا يخصون ذلك برسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد حكى الشاطبي الإجماع على ذلك، وأن أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام لما لم يفعلوا ذلك مع أحد من أصحابه، عرف أن هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، يعني التبرك بما يسقط من جسده أو بما مسه جسده صلى الله عليه وآله وسلم، هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فلا يفعل مع أحدٍ من غيره من البشر، ما دام أنه لم يفعل مع خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، فغيرهم من باب أولى؛ لأن هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام.
(فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكاناً أتخذه مسجداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: سأفعل إن شاء الله، فغدا عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه معه بعد ما اشتد النهار، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له).
يعني: استأذن في الدخول، وهذا فيه مشروعية الاستئذان، والرسول عليه الصلاة والسلام كان مدعواً ليحضر، ولكن الوقت غير محدد، ولما جاء استأذن للدخول فأذن له فدخل، ولم يجلس في المنزل قبل أن يؤدي المهمة التي جاء من أجلها، وهي الصلاة في المكان الذي يريده عتبان، فطلب منه أن يعين المكان الذي يرغب أن يصلي فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأشار إليه، فذهب إليه، قال: فصلى..
(ثم سلم وسلمنا حين سلم)، أي: أنهم بعدما حصل منه السلام، حصل منهم التسليم، يعني عقبه مباشرةً وبدون فاصل.
تراجم رجال إسناد حديث عتبان بن مالك في تسليم المأموم حين يسلم الإمام
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].سويد بن نصر المروزي، ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله بن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب، ويلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، وهو إمام، محدث، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمود بن الربيع].
الأنصاري، وهو صحابي صغير، أكثر روايته عن الصحابة؛ لأنه من صغارهم، فهو يروي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بواسطة، أي: أكثر رواياته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه].
وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه. ولم خرج له الترمذي، ولا خرج له أبو داود في السنن، أي: أنه ليس له شيء من الحديث في السنن، وكذلك الترمذي ليس عنده شيء من الحديث لـعتبان بن مالك رضي الله تعالى عنه. السجود بعد الفراغ من الصلاة
شرح حديث عائشة في سجود النبي سجدة طويلة في صلاة الوتر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السجود بعد الفراغ من الصلاة. أخبرنا سليمان بن داود بن حماد بن سعد عن ابن وهب أخبرني ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد: أن ابن شهاب أخبرهم عن عروة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، ويوتر بواحدة، ويسجد سجدةً قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه)، وبعضهم يزيد على بعض في الحديث مختصر].
أورد النسائي الترجمة: باب السجود بعد الفراغ من الصلاة، النسائي رحمه الله، عقد هذه الترجمة مستنبطاً إياها من الحديث الذي أورده، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، ويسجد سجدة قدر خمسين آية، ففهم النسائي من هذا الحديث أن هذه السجدة يأتي بها بعد الفراغ من قيام الليل ومن الوتر، فيأتي بسجدة مفردة يعني هذا مقدارها، لكن الذي يظهر أنها ليس المراد من الحديث هو ما فهمه النسائي رحمة الله عليه؛ لأنه لم يعهد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يتطوع بسجدة واحدة، بل ولا يتطوع بركعة واحدة؛ لأن أقل ما يتطوع به ركعتان، لا يتطوع بركعة واحدة، ولم يعرف عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يأتي بسجدة واحدة إلا فيما جاء بالنسبة لسجود التلاوة، ولسجود الشكر، وأما تنفل وإتيان بسجدة واحدة ليست ضمن صلاة فليس هذا معروفاً، وهذا الحديث أو هذه السجدة التي جاءت في الحديث، الأظهر أنه ليس المقصود منها ما فهمه النسائي، بل الأظهر منها أن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وكان يطيل القراءة، ويطيل السجود، وأن السجدة الواحدة في صلاته في الليل تصل إلى هذا الحد، وإلى هذا المقدار، هذا هو المقصود من ذلك، ولهذا الحديث نفسه يقول: (كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة)، قال: ويوتر بركعة، يوتر بركعة هي واحدة من التي مضت، هي واحدة من قوله: يصلي إحدى عشرة ركعة ويوتر بركعة؛ لأن ما في ركعة بعد الحادية عشرة، بل هي واحدة من إحدى عشرة.
إذاً هذه السجدة هي ضمن الإحدى عشرة، وضمن الصلاة، فليس المقصود منها سجود مستقل كما فهمه النسائي رحمة الله عليه، وبوب في سجود الإمام إذا فرغ من الصلاة، بل المراد من هذه السجدة هي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يطيل السجود، ويطيل القيام في قيام الليل، فتكون السجدة في صلاته مقدار قراءة خمسين آية؛ لأنه كان يطيل القيام، ويطيل الركوع، والسجود، والسجدة تصل إلى خمسين آية، أو إلى مقدار خمسين آية، بل قد تصل إلى ما هو أكثر من ذلك كما قد جاء في بعض الأحاديث التي سبق أن مرت، وعلى هذا فإن السجدة التي جاء ذكرها في الحديث هي ضمن صلاته عليه الصلاة والسلام، وذلك أن سجوده كان طويلاً، وأنه يبلغ إلى هذا المقدار الذي هو مقدار خمسين آية، والحديث رواه النسائي من طريق ثلاثة من الرواة يروي عنهم، أو بعض الثلاثة الذين هم: ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد الأيلي، هؤلاء الثلاثة الذين رووا الحديث من طريقهم يزيد بعضهم على بعض، يعني ليس هذا لفظ، وإنما هو لفظ مختصر، هذا اللفظ مختصر، وبعضهم يزيد على بعض.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في سجود النبي سجدة طويلة في صلاة الوتر
قوله: [أخبرنا سليمان بن داود بن حماد].سليمان بن داود بن حماد بن سعد، وهو أبو الربيع المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب، المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني ابن أبي ذئب].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة المدني، المشهور بـابن أبي ذئب، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[و عمرو بن الحارث].
مصري ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[و يونس بن يزيد الأيلي].
وهو مصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن ابن شهاب].
ابن شهاب، وقد مر ذكره قريباً.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وهم: عروة بن الزبير بن العوام، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، السادس، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، هؤلاء ستة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: إن السابع أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، هؤلاء سبعة اشتهروا بلقب الفقهاء السبعة، فإذا جاء مسألة من مسائل الفقه يقال فيها: قال بها الفقهاء السبعة ولا يسمون، فالمراد بهم هؤلاء الذين هم: سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وواحد من الثلاثة الذين هم: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[قالت عائشة].
أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي روت الحديث الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من السبعة الأشخاص الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام، وهم: أبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فهؤلاء هم أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، أكثر الصحابة حديثاً عنه صلى الله عليه وسلم.
سجدتي السهو بعد السلام والكلام
شرح حديث: (أن النبي سلم ثم تكلم ثم سجد سجدتي السهو)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب سجدتي السهو بعد السلام والكلام.أخبرني محمد بن آدم عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم ثم تكلم، ثم سجد سجدتي السهو)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب سجدتي السهو بعد السلام والكلام، يعني: بعدما يسلم ويتكلم ويتحدث معه، ويقال: إن الصلاة يعني فيها زيادة وفيها نقصان، ثم يعني يسجد للسهو ويسلم، وهذا حصل في بعض الصلوات التي زاد فيها ركعة، وبعدما سلم قالوا: أنه حصل زيادة، فثنى رجله واتجه إلى القبلة، وسجد سجدتي السهو، ثم سلم، وكذلك أيضاً في حديث ذي اليدين؛ لأنه سلم ناسٍ والصلاة لم تتم، وحصل الكلام، وأتى بما نقص من صلاته، ثم سجد بعد السلام، لكن الذي فيه سجدتان بعد السلام والكلام فقط، هي التي تكون عن زيادة في الصلاة، يعني يكون زاد ركعة، ولما فرغ من الصلاة تحدثوا معه وقالوا: أن الصلاة فيها زيادة، أنك زدت ركعة، فكانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم زمن التشريع يعني: إذا صلى ركعة خامسة يقومون معه يظنون أن الصلاة زيد بها بدل ما تكون أربع صارت خمسا، لكن بعدما سلم يتحدثون معه ويقولون: إنك صليت خمساً، فعند ذلك اتجه إلى القبلة وسجد سجدتي السهو، فالحديث دال على ما ترجم له المصنف.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-01-2022, 11:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي سلم ثم تكلم ثم سجد سجدتي السهو)
قوله: [أخبرني محمد بن آدم].هو محمد بن آدم الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن حفص].
هو حفص بن غياث، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقبه، واسمه: سليمان بن مهران، وألقاب المحدثين لها أهمية، وفائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين، إذا ذكر باسمه وذكر بلقبه، من لا يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان بن مهران، إذا رأى الأعمش جاء بإسناد، وإذا رأى سليمان بن مهران جاء بإسناد، يظن أن الأعمش شخص، وأن سليمان بن مهران شخص، لكن من عرف أن الأعمش لقب لـسليمان بن مهران لا يلتبس عليه الأمر.
[عن إبراهيم].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة].
هو علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي، وهو ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السابقين إلى الإسلام، وممن هاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وهو من علماء الصحابة وفقهائهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
في أول الكلام قال: أخبرني هذه يؤتى بها إذا كان الراوي أخذ عنه وحده، لم يأخذ ومعه غيره، وإذا كان أخذ عنه ومعه غيره، فإنه يعبر بأخبرنا، فهذا هو الفرق بين أخبرني وأخبرنا، أخبرني إذا كان أخذ عنه وحده ليس معه أحد، وأخبرنا إذا أخذ هو ومعه غيره.
السلام بعد سجدتي السهو
شرح حديث: (أن رسول الله سلم ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس ثم سلم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [السلام بعد سجدتي السهو. أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثنا ضمضم بن جوس عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس ثم سلم)، قال: ذكره في حديث ذي اليدين].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: السلام بعد سجدتي السهو، أو بعد سجدة السهو. المقصود من ذلك: أن سجود السهو إذا كان بعد السلام، فيسلم بعده أيضاً، ولكن بدون تشهد، يعني ما يتشهد للسلام الثاني الذي بعد سجدة السهو، هذا إذا كان بعد السلام، أما إذا كان قبل السلام، طبعاً كان قبل الخروج من الصلاة، لكن إذا كان سجود السهو بعد السلام، فإنه يسلم بعده، عندما يسجد الإمام للسهو بعد سلامه، يسلم بعد سجود السهو، وقد أورد فيه طرفاً من حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين أو في حديث ذي اليدين، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لما قيل له: أنه صلى ركعتين قام وأتى بالركعتين، ثم سلم ثم سجد ثم سلم، معناه: أنه حصل السلام مرتين: مرة قبل سجود السهو، ومرة بعد سجود السهو، يسلم عن يمينه وعن شماله، ثم يسلم عن يمينه وعن شماله بعد سجود السهو.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله سلم ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس ثم سلم)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك].وقد مر ذكرهما.
[عن عكرمة بن عمار].
صدوقٌ يغلط، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا ضمضم بن جوس].
ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي هريرة رضي الله عنه].
وقد مر ذكره.
شرح حديث: (إن النبي صلى ثلاثاً ثم سلم... ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد حدثنا خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاثاً ثم سلم، فقال الخرباق: إنك صليت ثلاثاً، فصلى بهم الركعة الباقية، ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم)].أورد النسائي حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه، وهو دال على ما ترجم له المصنف، وذلك في قصة أيضاً ذي اليدين الذي هو الخرباق، وفيه أنه أتى بما بقي عليه من صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم. فهو دال على ما ترجم له المصنف.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى ثلاثاً ثم سلم... ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم)
قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي]. وهو: بصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن زيد بن درهم، وهو بصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد].
هو خالد بن مهران الحذاء، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحذاء لقب له، وقيل في سبب تلقيبه: أنه كان يجالس الحذائين فقيل له: الحذاء، وهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن؛ لأن المتبادر إلى الذهن إذا قيل: حذاء، أنه يعني إما يبيع الأحذية أو يصنعها، لكن كونه بس يجلس عند الحذائين فيقال له: الحذاء، هذا ليس متبادراً إلى الذهن.
[عن أبي قلابة].
هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، البصري، وهو ثقة، كثير الإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي قلابة، وهو عبد الله بن زيد الجرمي.
[عن أبي المهلب].
هذا عم أبي قلابة هو الجرمي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمران].
هو عمران بن حصين صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكنيته أبو نجيد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
جلسة الإمام بين التسليم والانصراف
شرح حديث البراء بن عازب في جلسة الإمام بين التسليم والانصراف
قال المصنف رحمه الله تعالى: [جلسة الإمام بين التسليم والانصراف. أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عمرو بن عون حدثنا أبو عوانة عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: (رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، فوجدت قيامه وركعته واعتداله بعد الركعة، فسجدته فجلسته بين السجدتين، فسجدته فجلسته بين التسليم والانصراف قريباً من السواء)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب: جلسة الإمام بعد التسليم والانصراف، والمقصود من ذلك مقدارها، وأورد حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: (رمقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته)، أي: ركوعه؛ لأن المقصود بالركعة هنا الركوع، (فركوعه فقيامه أو فاعتداله من الركوع، فسجدته فجلسته بين السجدتين، فجلسته بين التسليم والانصراف قريبٌ من السواء)، معناه: أنه يعني يحصل الإطالة فيها، والمقصود من ذلك إنها متقاربة، وليس مع ذلك أنها متساوية؛ لأن قوله: (قريباً من السواء)، يعني: بينها تفاوت، ليست متساوية، ولكنها قريبة من التساوي، يعني بعضها يزيد على بعض، مثل القيام، فإنه يزيد على الركوع، ومثل التشهد، فإنه يزيد على الجلوس بين السجدتين، وقد جاء في بعض الأحاديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما خلا القيام والقعود، أنها قريبة من السواء، ما خلا القيام والقعود، يعني: في حال القيام للقراءة، وفي حال القعود للتشهد، فإنه يكون أطول من حال الركوع، ومما يكون بعد الركوع، ومما يكون في السجود، ومما يكون بين السجدتين.
تراجم رجال إسناد حديث البراء بن عازب في جلسة الإمام بين التسليم والانصراف
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان]. هوالرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عمرو بن عون].
هو البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهورٌ بكنيته أبي عوانة، وهو: الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وممن اشتهر بكنية أبي عوانة شخص آخر هو صاحب المستخرج على صحيح مسلم الذي يقال لكتابه: المستخرج، ويقال له: المسند، ويقال له: الصحيح، يقال: صحيح أبي عوانة، ومستخرج أبي عوانة، ومسند أبي عوانة، وكل منها اسم صحيح؛ لأنه مسند حدثنا فلان قال: حدثنا فلان، هو مسند، وهو صحيح؛ لأنه مستخرج على صحيح مسلم ، وهو مستخرج؛ لأنه مستخرج على صحيح مسلم، وهو متأخر، هذا متقدم وذاك متأخر، ذاك بعد مسلم، وهذا من طبقة شيوخ شيوخ البخاري.
[عن هلال].
هو هلال بن أبي حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عبد الرحمن بن أبي ليلى].
هو الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء].
هو البراء بن عازب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (أن النساء في عهد رسول الله كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله ومن صلى من الرجال ما شاء الله...)
قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن يونس قال: ابن شهاب: أخبرتني هند بنت الحارث الفراسية: أن أم سلمة رضي الله عنها أخبرتها: (أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من الصلاة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال)].أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها، في باب جلسة الإمام بين التسليم والانصراف، والمقصود من الانصراف هو: الانصراف من الجلوس للصلاة؛ لأن الإمام له حالتان: حالة متجه إلى القبلة، وحالة منصرف إلى جهة المأمومين، والمقصود من هذا انصرافه من جلوسه في مصلاه في الحالتين، يعني كونه أولاً إلى جهة القبلة، ثم إلى جهة المأمومين، وإلى جهة القبلة يعني جلوسه قليلا، مقدار ما يقول: استغفر الله، استغفر الله ثلاث مرات، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف، والطول إنما يكون في حال اتجاهه إلى المأمومين، هذا الذي يكون قريبا من الركوع، وقريبا من السجود، وقريبا مما يكون بعد الركوع، قريب من القيام، أي: جلوسه في مصلاه حتى ينصرف إلى بيته، الانصراف إلى البيت، ليس الانصراف عن جهة القبلة؛ لأن الانصراف عن جهة القبلة وقته يسير جداً.
أورد حديث أم سلمة رضي الله عنها، وهو دال على مراد النسائي مما ترجم له، والمقصود: إن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا صلى معه النساء يبقى رسول الله عليه الصلاة والسلام والناس معه، وتنصرف النساء بعد الصلاة، فإذا انصرفن ولم يكن هناك مجال للاختلاط بهن، بحيث يخرج الناس، ويكون هناك اختلاط، بل ينصرفن، ويذهبن فعند ذلك يخرج الرجال، هكذا كان رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأصحابه يفعلون، بمعنى أنهم يجلسون في مصلاهم في المسجد حتى ينصرف النساء، حتى لا يحصل الاختلاط بين النساء والرجال.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النساء في عهد رسول الله كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله ومن صلى من الرجال ما شاء الله...)
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو المرادي المصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب، وقد مر ذكره.
[عن يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وقد مر ذكره.
[قال ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[أخبرتني هند بنت الحارث الفراسية].
ثقة، أخرج حديثها البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن أم سلمة].
هي هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
الانحراف بعد التسليم
شرح حديث يزيد بن الأسود: (أنه صلى مع رسول الله صلاة الصبح فلما صلى انحرف)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الانحراف بعد التسليم. أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى عن سفيان حدثني يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه رضي الله عنه: (أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلى انحرف)].
ثم أورد هذه الترجمة وهي: الانحراف بعد التسليم، المقصود من ذلك الانحراف من جهة القبلة، انحراف الإمام من جهة القبلة إلى جهة المأمومين؛ لأن الترجمة السابقة الجلسة التي قبل قيامه من مكانه إلى منزله، أو مغادرته المكان الذي صلى فيه، وأما هذه الترجمة تتعلق بالانحراف من جهة القبلة إلى جهة المأمومين.
أورد النسائي حديث يزيد بن الأسود: (صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلى انحرف).
(فلما صلى انحرف)، يعني: لما صلى بالناس وفرغ من الصلاة انحرف، يعني وليس الانحراف أنه بعد السلام مباشرةً، وإنما كما جاء أنه يقول: استغفر الله، استغفر الله ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يكون الانحراف إلى جهة المأمومين.
تراجم رجال إسناد حديث يزيد بن الأسود: (أنه صلى مع رسول الله صلاة الصبح فلما صلى انحرف)
قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، وكانت وفاته قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، المحدث، الناقد، الثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هوسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يعلى بن عطاء].
ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن يزيد].
صدوق، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبيه].
هو يزيد بن الأسود صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي، يعني مثل الذين خرجوا لابنه.
الأسئلة

مدى ثبوت تبرك الصحابة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال: هل ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يتبركون ببدن النبي صلى الله عليه وسلم؟الجواب: نعم يتبركون بعرقه، ويتبركون بفضل وضوئه، يعني الذي مس جسده.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29-01-2022, 11:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(249)


- (باب التكبير بعد تسليم الإمام) إلى (باب الاستغفار بعد التسليم)
سُن للمصلي بعد انتهاء صلاته أن يرفع صوته بالذكر مبتدأ بالتكبير والاستغفار كما قال ابن عباس رضي الله عنه: كنا نعرف انقضاء صلاته صلى الله عليه وسلم بالتكبير والاستغفار، ويسن أيضاً قراءة المعوذات بعد انقضاء الصلاة وهي من عموم الذكر الوارد في نهاية كل صلاة.
التكبير بعد تسليم الإمام
شرح حديث ابن عباس: (إنما كنت أعلم انقضاء صلاة رسول الله بالتكبير)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [التكبير بعد تسليم الإمام.أخبرنا بشر بن خالد العسكري حدثنا يحيى بن آدم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس، قال: (إنما كنت أعلم انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير)].
يقول النسائي رحمه الله: التكبير بعد سلام الإمام، والنسائي رحمه الله تعالى أورد هذه الترجمة بالتكبير بعد سلام الإمام وفيها التنصيص على لفظ التكبير، وقد جاء عنه في روايةٍ أخرى، أي: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذا يدلنا على أن رفع الصوت بالذكر بعد السلام وردت به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها ما جاء بلفظ التكبير كما هنا، وفيها ما جاء بلفظ الذكر مطلقاً، ومن المعلوم أن التكبير هو من الذكر، والحديث يدل على أن رفع الصوت بالذكر تكبيراً كان أو غيره بعد سلام الإمام من الصلاة، والمأمومين، كان على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو سنة، ورفع الأصوات بالذكر بعد السلام لا يكون بطريقةٍ جماعية، بأن يكون واحد يقول، والباقون يتبعونه، وإنما كلٌ يذكر الله بنفسه، ويرفع صوته، وقد تلتقي أصوات بعضهم وقد تفترق، فهذا هو الذي كان معروفاً على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الذي جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما ما يفعل في بعض البلاد من كون الإمام يأتي بالذكر يرفع صوته به ثم المأمومون يتابعونه به ويأتون بصوت واحد بعد صوت الإمام فهذا محدث، وليس من السنة، وإنما السنة أن كل واحد يذكر الله بالذكر الوارد، والذكر المشروع، ويرفع صوته به، أي: رفعاً ليس بشديد، ولكن بحيث يسمع، ودون أن يكون هناك ترتيب التقاء أصوات بحيث لا يتقدم أحد ولا يتأخر أحد عن غيره، وإنما كلٌ يذكر الله في نفسه، فهذا يكبر، وهذا يسبح، وهذا يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، دون أن يكونوا كلهم على نسق واحد وعلى وتيرة واحدة، هذا هو الذي جاءت به السنة.
وذكر في الحديث الذكر بعد السلام فيه تكبير، وغير تكبير، ولفظ الذكر يشمل التكبير وغير التكبير، فهذا يدلنا على مشروعية رفع الصوت بالذكر بعد سلام الإمام سواء من الإمام أو من المأمومين، وأن هذا هو السنة التي جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والحديثان كما ذكرت جاءا بلفظين: أحدهما: عام، والثاني: خاص، والعام يشمل الخاص، والخاص هو جزء من العام، أي: أن لفظ الذكر لفظ عام يشمل التكبير، والتسبيح، والتهليل، وغير ذلك من الثناء الذي ورد على الله عز وجل، والتكبير هو جزء منه، ورفع الصوت إنما هو في الجميع كما جاء في حديث ابن عباس: (إن رفع الصوت بالذكر)، أي: عموماً، وليس خاصاً بالتكبير، والتكبير هو جزء من الذكر، فيكون رفع الصوت به كرفعه بغيره في الحديث الآخر الذي ورد أو اللفظ الآخر الذي ورد وهو لفظ الذكر.
ثم قيل: إن ابن عباس رضي الله عنه كان يحتمل أن يكون في ذلك الوقت صغيراً، يعني: من الصغار الذين قد يكون سمع هذا وهو خارج المسجد، ويحتمل أن يكون أيضاً حضر المسجد وصلى، ولكن صلى وراء الصفوف، أي: أن الصبيان يصفون في مؤخرة الصفوف، وفي الصفوف المؤخرة، فيكون سماعهم أو علمهم بالانصراف إنما هو بالذكر الذي يسمعونه من الرسول عليه الصلاة والسلام ومن الذين حوله، فيحتمل هذا، ويحتمل هذا، ولكن الحديث دال على مشروعية رفع الصوت بالذكر بعد السلام.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (إنما كنت أعلم انقضاء صلاة رسول الله بالتكبير)
قوله: [أخبرنا بشر بن خالد].هو بشر بن خالد العسكري، بصري، ثقة، يغرب، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، ثقة، ثبت، فاضل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو: مصنف من الأئمة المصنفين، وله كتاب الخراج المشهور.
[سفيان بن عيينة].
هو سفيان بن عيينة الهلالي المكي، ثقة، ثبت، حجة، إمام، من الأئمة الكبار المعروفين بالحديث وبالفقه، وهو ممن أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو يدلس، لكنه لا يدلس إلا عن الثقات، مشهور تدليسه أنه عن الثقات، لا يدلس عن غيرهم شيئاً، وهو من أتباع التابعين، وسفيان بن عيينة روى عن الزهري، والزهري من صغار التابعين، أي: أنه أدرك صغار التابعين، وعاش بعد الزهري مدةً طويلة؛ لأن الزهري توفي مائة وأربع وعشرين، وابن عيينة توفي مائة وسبع وتسعين، فهو في أواخر القرن الثاني، ولكنه أدرك صغار التابعين الذين لقوا صغار الصحابة، وحديثه كما ذكرت أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عمرو بن دينار].
هو عمرو بن دينار المكي، ثقة، ثبت، وسفيان بن عيينة مكي، وعمرو بن دينار مكي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي معبد].
اسمه نافذ، وهو مولى ابن عباس، وهو يروي عن ابن عباس، واسمه نافذ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
يروي عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد صغار الصحابة؛ لأنه في حجة الوداع كان ناهز الاحتلام كما جاء ذلك في الحديث عنه: أنه قال: (كنت ناهزت الاحتلام)، يعني في حجة الوداع، وعبد الله بن عباس رضي الله عنه يقال له: الحبر، ويقال: البحر؛ وذلك لسعة علمه بكتاب الله عز وجل، وهو من أوعية السنة، فإنه من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين تحملوا عنه الحديث الكثير، والذين اشتهروا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام سبعة من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم: أبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فهؤلاء السبعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام قد عرفوا بكثرة الحديث، واشتهروا بكثرة الحديث، وهو من أوعية العلم، وأوعية السنة، وأوعية الفقه في دين الله عز وجل، فقد جمع السيوطي هؤلاء السبعة في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كـالخدري وجابر وزوجة النبي
المراد بزوجة النبي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فهؤلاء هم السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكما أن ابن عباس من السبعة المعروفين بكثرة الحديث، فهو أحد العبادلة الأربعة المشهورين من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن الذين يسمون بعبد الله من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرون، منهم الأربعة الذي هم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وهنالك غيرهم مثل: عبد الله بن قيس الأشعري أبو موسى الأشعري، وكذلك عبد الله أبو بكر الذي هو عبد الله بن عثمان، وكذلك عبد الله ابنه، عبد الله بن أبي بكر، وعبد الله بن زيد، صحابة كثيرون يسمون بعبد الله، لكن الذين أطلق عليهم لقب العبادلة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم الذين ذكروا أولاً، وقد عاشوا، وأدركهم من لم يدرك كبار الصحابة الذين ماتوا قبل ذلك، ولهذا قال بعض العلماء: إن عبد الله بن مسعود هو أحد العبادلة الأربعة، لكن المشهور أن عبد الله بن مسعود ليس منهم؛ لأنه متقدم الوفاة، وأما العبادلة الأربعة فهم من صغار الصحابة الذين عاشوا، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، فـابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين، وأما ابن عباس توفي سنة اثنان وستين في الطائف، أي: بعد وفاة ابن مسعود بأكثر من ثلاثين سنة، فالذين اشتهروا باللقب ليس منهم عبد الله بن مسعود، وإنما العبادلة الأربعة هم من صغار الصحابة الذين عاشوا وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود ولا غيره من المتقدمين، وأخذ عنهم العلم والحديث رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وابن عباس هو أحد العبادلة الأربعة، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الأمر بقراءة المعوذات بعد التسليم من الصلاة
شرح حديث عقبة بن عامر: (أمرني رسول الله أن اقرأ المعوذات دبر كل صلاة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن الليث عن حنين بن أبي حكيم عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذات دبر كل صلاة)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي قراءة المعوذات بعد التسليم، أي: أن من الأمور المشروعة بعد الصلاة وفي أدبار الصلوات: أن الإنسان يقرأ المعوذات وهي: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )[الفلق:1]، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )[الناس:1]، وكذلك (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، هذه الثلاث السور جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مشروعيتها بعد الصلاة، لكنها تكون بعد الذكر المشروع: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع إلا الجد منك الجد)، فتأتي بعد هذه الأذكار قراءة هذه السور، وكذلك أيضاً جاء قراءة آية الكرسي مع هذه السور، أي: تقرأ في أدبار الصلوات الخمس، آية الكرسي، وهذه السور الثلاث: سورة الإخلاص، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )[الفلق:1]، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )[الناس:1]، جاءت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بقراءتها في أدبار الصلوات، ومن المعلوم ما اشتملت عليه هذه السور العظيمة من الثناء على الله عز وجل ودعائه، والاستعانة به، والتعويذ على الله عز وجل، واللجوء إليه، وأنه هو الذي ينفع ويضر.
الله تعالى هو النافع الضار، (لو أن الأمة اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك)، فالأمر كله بيد الله عز وجل، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ومن أراد الله ضره فلا يستطيع أحد أن يرده، ومن أراد الله نفعه لا يستطيع أحدٌ أن يرده، (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ )[فاطر:2]، فالأمر كله بيده سبحانه وتعالى، فقراءة هذه السور فيه الاستعاذة بالله عز وجل، والاعتصام به، واللجوء إليه، والتعويل عليه، والتوكل عليه سبحانه وتعالى؛ حتى يحصل العبد على ما ينفعه، وحتى يسلم من الوقوع فيما يضره.
وكلمة (دبر الصلاة)، المقصود بالدبر هنا بعد الصلاة، وليس في داخلها، والدبر يطلق على ما كان في آخر الصلاة، وعلى ما كان بعد الصلاة، فالدبر يطلق على آخر الشيء، وعلى ما يلي آخر الشيء، كل ذلك يقال له: دبر، فما قبل السلام من الصلاة يقال له: دبر الصلاة، وما بعد السلام من الصلاة يقال له: دبر الصلاة، وقد جاءت الأحاديث في هذا، وفي هذا، لكن هنا المراد بذلك ما بعد الصلاة، وليس أنه قبل السلام؛ لأنه قبل السلام ليس فيه قراءة قرآن، وإنما فيه كون الإنسان يتخير من الدعاء ما شاء، وأما قراءة القرآن فتكون في القيام في الصلاة، فلا تكون في الركوع والسجود، ولا في الجلوس، وإنما تكون في القيام، وأما بعد السلام فالحديث الذي معنا دل على مشروعية قراءة هذه السور بعد الصلوات، وفي أدبار الصلوات، وبعد الذكر المشروع الذي جاء بيانه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي سيأتي عند النسائي في أحاديث قادمة في هذه الأبواب.
وقول عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه: (أمرني رسول الله عليه الصلاة والسلام)، أمر النبي عليه الصلاة والسلام لواحد هو أمرٌ للجميع، لا يختص الحكم به، بل هو له ولغيره، ولهذا لما نزلت: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وكان ذلك بسبب ما حصل لرجلٍ من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فلما جاء تلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال: (ألي هذا خاصة يا رسول الله؟ قال: بل لأمتي كلهم)، فخطاب النبي عليه الصلاة والسلام لواحد خطابٌ للجميع، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام لواحد أمرٌ للجميع، إلا إذا جاء شيءٌ يدل على اقتصار الحكم على الرجل بدليلٍ خاص يدل على أن هذا له وليس لغيره، فعند ذلك يقتصر الحكم عليه، أما إذا لم يأت دليلٌ خاص يدل على أن الحكم لهذا الشخص لا يتعداه إلى غيره، فإن الحكم هنا يكون عاماً للجميع، فقول عقبة: أمرني رسول الله عليه الصلاة والسلام، هو أمرٌ للأمة كلها، وأمرٌ للناس جميعاً ولا يخصه، وإنما الحكم له ولغيره.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29-01-2022, 11:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر: (أمرني رسول الله أن اقرأ المعوذتين دبر كل صلاة)
قوله: [محمد بن سلمة].هو المرادي المصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ولم يخرج له البخاري، ولا الترمذي، وهناك شخص آخر يقال له: محمد بن سلمة أعلى منه طبقة يروي عنه النسائي بواسطة، فإذا جاء في الإسناد محمد بن سلمة من شيوخ النسائي، فالمراد به المصري، وإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي بواسطة، وهو من شيوخ شيوخه، فالمراد به الحراني، والذي معنا هو المصري.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
يروي عن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن حنين بن أبي حكيم].
لا أستطيع أن أجزم هل هو ثقة أو صدوق؟ ولكن أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن علي بن رباح].
يقال له: عُلي بالتصغير، ومشهور بـعلي، واسمه علي، ومشهور بالتصغير علي، قالوا: وكان يغضب من أن يقال له: عُلي بالتصغير، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عقبة بن عامر].
هو عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الاستغفار بعد التسليم
شرح حديث: (كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاستغفار بعد التسليم.أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد عن أبي عمرو الأوزاعي حدثني شداد أبو عمار: أن أبا أسماء الرحبي حدثه: أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الاستغفار بعد التسليم، يعني: كون الإنسان يستغفر الله بعد أن يسلم، وقد جاءت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بمشروعية الاستغفار بعد التسليم.
فالإنسان عندما يسلم يستغفر الله أول شيء ثلاثاً: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، ويقول مع ذلك: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقولها الإمام وهو متجهٌ إلى القبلة، ثم ينحرف إلى جهة المأمومين بعد أن يأتي بهذا الذكر، ويكمل الذكر الباقي وهو إلى جهة المأمومين.
وقوله: (إذا انصرف)، المراد هنا الانصراف التسليم، فمعنى إذا انصرف من صلاته، أي: سلم من صلاته، ثم يقول هذا الذكر الذي هو الاستغفار، والثناء على الله عز وجل بما بعده، (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، فيأتي به الإنسان أول شيء، والإمام يأتي به وهو متجه إلى القبلة، وإذا أتى به انصرف إلى جهة المأمومين، فالانصراف يكون من الصلاة، ويكون إلى المأمومين، والمراد هنا انصراف الإمام من الصلاة، أي: تسليمه منها، أي: كونه سلم منها، أي: أنه خرج منها؛ لأنه كما جاء في الحديث (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)؛ لأن التسليم هو نهاية الصلاة، فالإنسان إذا سلم حل له ما كان حراماً عليه قبل أن يدخل في الصلاة، ولهذا جاء في الحديث: (تحريمها التكبير، وتحليليها التسليم)، إذا قال الإنسان: الله أكبر تكبيرة الإحرام حرم عليه ما كان حلالاً قبله، لا يأكل، ولا يشرب، ولا يلتفت، ولا يتصرف التصرفات التي كان يباح له أن يتصرف فيها، ويستمر الأمر حتى يسلم، وإذا سلم حصل التحليل، معناه رجع الأمر إلى ما كان عليه قبل التكبير، المعنى أنه يحل له أن يتكلم، ويحل له أن يلتفت، ويحل له أن يفعل الأشياء التي له أن يفعلها قبل أن يدخل في الصلاة، فالمراد بالانصراف هنا التسليم، (كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً).
ثم ذكر الاستغفار بعد الصلاة، هذا فيه كون الإنسان يعترف بالتقصير، وأنه محل الخطأ، وأنه يستغفر الله عز وجل عما حصل من تقصير في صلاته التي صلاها؛ لأنه عرضة للخطأ، وعرضة للتقصير، ثم أيضاً فيه هذا كون الإنسان يعتبر نفسه مهما عمل أنه مقصر، فيحتاج إلى أن يدعو بهذا الدعاء الذي هو استغفار الله عز وجل، وأن يغفر الله له، وقد جاء الاستغفار بعد أداء الأعمال، مثل: الصلاة، ومثل: الحج؛ لأن الحج أيضاً جاء في القرآن الأمر بالاستغفار بعده، وذلك يدل على كون الإنسان مهما عمل من عمل فهو عرضةٌ للخطأ، وهو بحاجة إلى مغفرة الله عز وجل، فيلح على الله عز وجل ويستغفره، وإن حصل منه ما حصل من الأعمال فهو عرضةٌ للتقصير، ومحل للتقصير، فهو يلجأ إلى ربه ويستغفره، ويسأله أن يغفر له ما حصل من تقصير، هذه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، الأعمال تختتم بالاستغفار، فالصلاة جاء فيها الأحاديث وغيرها من الأحاديث، الإنسان يستغفر بعد الصلاة، وكذلك الحج، الإنسان يستغفر، كما جاء في القرآن من سورة البقرة، يستغفر الله عز وجل؛ لأنه محل التطهير، فهو يلجأ إلى ربه ويستغفره، ويطلب منه أن يغفر له ما حصل من خلل، ففائدة الاستغفار الاعتراف بالخطأ، والتقصير، وكونه يعني يكون فيها تكميل وجبر لما حصل من خلل، وذلك بأن يستغفر الله عز وجل، وأن يتجاوز عنه ذلك الخلل الذي حصل منه، فيكون يعمل ما عمل وهو خائفٌ وجل، كما قال الله عز وجل عن عباده وأوليائه: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )[المؤمنون:60]، فهذا هو شأن المؤمن يجمع بين الإيمان، والخوف، وبين العمل، والمخافة بألا يقبل عمله، بخلاف المنافق، فإنه يجمع بين كونه لا يعمل، ومع ذلك يأمن أو يرجو أن يأمن، بخلاف أوليائه سبحانه وتعالى فإنهم يعملون ويخافون، (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )[المؤمنون:60]، يعني: هم خائفون ألا يتقبل منهم، يعملون الأعمال الصالحة ومع ذلك يخشون ألا تكون مقبولةً عند الله، فهم خائفون وجلون.
(استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، والله تعالى من أسمائه السلام، ومنه السلامة، ومن سلمه الله تعالى فهو المسلم، ومن ضره فهو الذي أصابه الضرر؛ لأن النفع بيد الله، والضر بيد الله عز وجل، فهو المعطي المانع، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع سبحانه وتعالى، ففي ذلك ثناءٌ على الله عز وجل، (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام). تراجم رجال إسناد حديث: (كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً ...)
قوله: [محمود بن خالد].هو محمود بن خالد الدمشقي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن الوليد]
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، ثقة، يدلس، ويرسل، يعني عنده تدليس التسوية، وتدليس الإسناد، فهو معروفٌ بالتدليس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[الأوزاعي].
هو أبو عمرو الأوزاعي اسمه عبد الرحمن بن عمرو، كنيته توافق اسم أبيه، فأبوه عمرو، وكنيته أبو عمرو، فهو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي الدمشقي، وهو ثقة، ثبت، فقيه الشام، ومحدثها، وهو: إمام مشهور، وعالم كبير، وهو: مشهور بهذه النسبة الأوزاعي، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة ذلك ألا يظن التصحيف؛ لأنه من يعرفه بأنه عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، لو جاء في إسناد عبد الرحمن أبو عمرو الأوزاعي، قد يظن أنه تصحيف، أن ابن صحفت إلى أبو، وكله صواب، فهو عبد الرحمن أبو عمرو، وهو عبد الرحمن بن عمرو، إن قيل فيه: أبو عمرو فهو صحيح؛ لأن أبو عمرو كنيته، وإن قيل فيه: ابن عمرو فهو صحيح لأن أبوه عمرو، ففائدة معرفة هذا النوع الأمن من التصحيف، أو ألا يظن التصحيف بأن ابن تحولت إلى أبو، فليس تصحيفاً بل هو صواب؛ لأنه عبد الرحمن بن عمرو، وهو عبد الرحمن أبو عمرو، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن شداد أبو عمار].
هو شداد بن عبد الله أبو عمار الدمشقي، صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن أبا أسماء الرحبي].
هو عمرو بن مرثد الدمشقي، مشهور بكنيته أبي أسماء، واسمه عمرو بن مرثد الدمشقي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، مثل تلميذه شداد الذي قبله، شداد بن عبد الله أبو عمار، كلٌ منهما خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[يروي عن ثوبان].
مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد لازم النبي عليه الصلاة والسلام وأخذ عنه، وبعد وفاته انتقل إلى الشام، ومات بحمص، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، مثل الذين قبله؛ لأنهم ثلاثة على التوالي كلهم خرج حديثهم البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
وهذا الإسناد من أوله إلى آخره شاميون، مسلسل بالشاميين، الذي هو محمود بن خالد، وبعده الوليد بن مسلم، وبعده الأوزاعي، وبعده شداد أبو عمار، وبعده أبو أسماء الرحبي، وبعده ثوبان مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، كلهم شاميون، فهو مسلسلٌ بالشاميين، والمسلسل هو الذي يتفق الرواة فيه بوصفٍ من الأوصاف، بأن يكونوا شاميين، أو يكونوا أسماؤهم واحدة، أو يكونوا صيغتهم في الأداء واحدة وما إلى ذلك، فهذا هو المسلسل، وهو نوعٌ من أنواع علوم الحديث، والذي معنا في الإسناد مثالٌ لهذا النوع من أنواع علوم الحديث، وهو المسلسل بالشاميين؛ لأن الرواة فيه كلهم شاميون.
الأسئلة

رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة للتعليم
السؤال: ما رأيك فيمن يقول: إن رفع النبي صلى الله عليه وسلم صوته بالذكر بعد الصلاة كان للتعليم، ويؤيد هذا المعنى عموم الشريعة التي جاءت بالإكثار بالدعاء والذكر، (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً )[الأعراف:55]؟الجواب: نعم، قال بهذا بعض أهل العلم، ومن المعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعلم برفع الصوت، وكان يعلم بأن يقول: قولوا كذا وكذا، وما دام أنه لم يأت شيءٍ يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم ثم ترك، أو أنه كان يفعل بعض الأحيان ثم يترك، وكان يداوم على ذلك عليه الصلاة والسلام، دلنا هذا على أن رفع الصوت بالذكر لتعليم، ولكن ليس الرفع المزعج، أو الصوت الشديد الذي فيه تشويش، لا، وإنما يسمع الإنسان من حوله، فترتفع الأصوات، يعني: بالذكر من غير شدةٍ في الرفع بحيث يكون فيه إزعاج ويكون فيه مشقة على الإنسان، الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه يرفعون أصواتهم بالذكر، ولو كان ذلك للتعليم لكفى أن يرفع صوته لهم مرة واحدة أو مرتين، وكان يكفيهم المرة الواحدة أن يقولوا هذا بأن يعلمهم بمرةٍ واحدة، لكن ابن عباس يخبر أن هذا كان معروفاً أنهم يعلمون انقضاء الصلاة بسماع الذكر بعد التسليم.
حكم أكل شيء من شجر أُحد
السؤال: شيخ جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (حرم ما بين لابتيها، لا يصاد صيدها، ولا يقطع شجرها)، وجاء أيضاً أنه من يذهب إلى أُحد فعليه أن يأكل ولو من شجره؟الجواب: لم يثبت أن على الإنسان أن يأكل من شجر أُحد، لم يثبت في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام شيء، وأما كونه حرم ما بين لابتيها ثابت، وكونه حرم ما بين عير وثور ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأُحد داخل في الحرم؛ لأن ثور هو الجبل الذي هو حد الحرم وراء أُحد، لكن كون الإنسان يأكل من شجر أُحد لم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، والشيء الذي ينبته الله ولا ينبته الناس ليس للإنسان أن يأخذ منه، وأن يختلي الخلاء، وأن يقطع الشجر الذي ينبته الله، ولكن الذي ينبته الناس يأخذونه، فإذا زرعوا يحصدون زروعهم ويستعملونها، وإنما الذي ينبته الله عز وجل من شجر ونبات لا يأخذ الإنسان منه في داخل الحرم، لا في مكة ولا في المدينة.
حكم رفع الصوت بالذكر
السؤال: هل رفع الصوت بالذكر عامٌ في الصلوات الخمس أو هو خاص بالمغرب والفجر؟الجواب: لا، عام، رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة في جميع الصلوات الخمس، ليس خاصاً بالمغرب والعشاء، الذي هو خاصٌ بالمغرب والعشاء قول: لا إله إلا الله وحده لا شرك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير، عشر مرات.
مداخلة: المغرب والفجر؟
الشيخ: الفجر والمغرب، الذي في آخر الليل وأول الليل، هاتان الصلاتان جاء فيهما قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات بعد الذكر المشروع، وأما الذكر العام الذي ذكرته آنفاً فهذا عام في جميع الصلوات.
حكم الجهر بآية الكرسي والمعوذتين بعد الانتهاء من الصلاة
السؤال: هل يجهر بقراءة المعوذات وآية الكرسي أيضاً؟الجواب: لا، لا يدخل؛ لأنه كما هو معلوم أن القرآن ذكر، ولكن لا يشرع للإنسان أنه يقرأ ويرفع الصوت، والناس يرفعون أصواتهم بقراءة المعوذات وآية الكرسي.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29-01-2022, 11:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(250)

- (باب الذكر بعد الاستغفار) إلى (باب نوع آخر من القول عند انقضاء الصلاة)
يستحب الذكر عقب الصلاة، وقد ورد في السنة عدة صيغ منها: الاستغفار، والتهليل، والتكبير، وغيرها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبتدئ بـ: (اللهم أنت السلام ومنك السلام ...).
الذكر بعد الاستغفار
شرح حديث: (أن رسول الله كان إذا سلم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الذكر بعد الاستغفار. أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ومحمد بن إبراهيم بن صدران عن خالد حدثنا شعبة عن عاصم عن عبد الله بن الحارث عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)].
يقول النسائي رحمه الله: الذكر بعد الاستغفار. وقد أورد النسائي قبل هذا: الاستغفار بعد السلام، وهو أن يستغفر ويقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله ثلاث مرات، ثم يأتي بهذا الذكر الذي هو: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
وقد مر الحديث مشتملاً على ذكر الاستغفار، وعلى هذا الذكر الذي هو: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام!)، وأورد النسائي هذه الترجمة ليستدل بها، أو ليورد تحتها الحديث الدال على هذا؛ لأن مقصوده هنا: الذكر عموماً، وقبل ذلك التنصيص على الاستغفار، والحديث الذي مر فيه الجمع بين الاستغفار وبين هذا الذكر، وهذا الحديث فيه ذكر الذكر فقط الذي هو: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام!)، والسنة جاءت بالاثنين، أي: يجمع بينهما، فيقول بعد ما يسلم مباشرة: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
وقوله: (اللهم أنت السلام)، (السلام) اسم من أسماء الله عز وجل، وأسماء الله عز وجل توقيفية، يوقف فيها عند النصوص من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فلا يسمى الله إلا بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي تثبت به الأسماء، وتثبت به الصفات؛ لأن الأسماء والصفات توقيفية، لا يقال عن شيء منها إثباتاً أو نفياً إلا بدليل يدل على ذلك، مع اعتقاد أن الله متصف بكل كمال، وأنه منزه عن كل نقص.
يقول: (اللهم أنت السلام)، أي: السلام اسم من أسمائك، (ومنك السلام)، أي: أنت الذي تمنح السلامة، وتتفضل بالسلامة، فيكون الإنسان أثنى على الله عز وجل من جهة ذكر اسم من أسمائه، ومن جهة ذكر أنه هو الذي يتفضل بالسلام، وهو الذي يجود بالسلامة ويتفضل بالسلامة.
(تباركت يا ذا الجلال والإكرام!)، ثناء على الله عز وجل، وأنه المتصف بأنه ذو الجلال والإكرام، كما قال الله عز وجل في آخر سورة الرحمن: ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ )[الرحمن:78]، فهو سبحانه وتعالى ذو الجلال والإكرام، وهذا الذكر بعد السلام فيه ثناء على الله عز وجل، وتعظيم له وتمجيد، وبيان أنه هو الذي يجود بالسلامة، وهو المتصف بأنه ذو الجلال والإكرام سبحانه وتعالى.
وقوله: (كان رسول الله عليه الصلاة والسلام)، (كان) في الغالب أنها للتكرار والاستمرار والدوام، كان يفعل كذا، أي: أنه يداوم على ذلك، بعدما يسلم يأتي بهذا الذكر، فكلمة (كان) الغالب أنها تدل على الدوام والاستمرار، لكن ليس ذلك بلازم، فإنها تأتي أحياناً لا تدل على الاستمرار والتكرار، وإنما تدل على المرة الواحدة، كما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، ومن المعلوم أنه في الحج عندما يرمي الجمرة، ويحلق رأسه، يتحلل ويتطيب، ثم يذهب إلى البيت، ويطوف به طواف الإفاضة، ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام حج حجة واحدة، هي حجة الوداع، فقول عائشة: (كنت أطيب رسول الله عليه الصلاة والسلام)، هذا دليل على أن (كان) تأتي أحياناً لا تفيد الاستمرار؛ لأن ذلك حصل مرة واحدة.
فإذاً: الغالب على (كان) أو الإتيان بـ(كان)، أنه يفيد الاستمرار، ويفيد الدوام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يداوم على ذلك، ولكن ذلك ليس بمطرد دائماً وأبداً، فقد تأتي (كان) لا تفيد الدوام والاستمرار، ودليله: هذا الحديث الذي يتعلق بصفة حجة النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء ذلك عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان إذا سلم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم في الصحيح، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ومحمد بن إبراهيم بن صدران].
هو محمد بن إبراهيم بن صدران، وهذا شيخ آخر للنسائي، أي أن النسائي روى عن الاثنين، ومحمد بن إبراهيم بن صدران صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، والترمذي.
[عن خالد بن الحارث].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، فهو من جملة أمراء المؤمنين في الحديث، وهم عدد قليل من المحدثين وصفوا بهذا الوصف، وهو وصف عال، ولقب رفيع، لم يظفر به إلا القليل من المحدثين، منهم: شعبة، ومنهم: سفيان الثوري، ومنهم: البخاري، ومنهم: الدارقطني، ومنهم: إسحاق بن راهويه، عدد قليل من المحدثين منهم هؤلاء، ومن أرفع صيغ التعديل أن يوصف الشخص بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديث شعبة بن الحجاج أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم].
هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الحارث].
هو أبو الوليد البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين، عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي من أوعية السنة، اشتهرت بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم ترو امرأة من النساء الصحابيات مثل ما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فهي مكثرة من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد ذكروا أن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
وهؤلاء السبعة هم: أبو هريرة رضي الله عنه، وعبد الله بن عمر رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس رضي الله عنه، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، فهؤلاء سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
والمرد بزوجة النبي: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
التهليل بعد التسليم
شرح حديث: (كان رسول الله إذا سلم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التهليل بعد التسليم.أخبرنا محمد بن شجاع المروذي حدثنا إسماعيل بن علية عن الحجاج بن أبي عثمان حدثني أبو الزبير سمعت عبد الله بن الزبير يحدث على هذا المنبر، وهو يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: التهليل بعد التسليم، وأتى بهذا الذكر، وهو يكون بعد الذكر الماضي الذي ورد في الأحاديث الماضية، وهو الاستغفار ثلاثاً، وقوله: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام!)، فهي أول ما يبدأ به، والإمام يقولها وهو متجه إلى القبلة، ثم ينحرف إلى جهة المأمومين ويأتي ببقية الذكر.
وهنا أورد النسائي الترجمة وهي: التهليل بعد التسليم، والتهليل: قول: لا إله إلا الله، وما يتصل به وما يرتبط به، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أن النبي عليه الصلاة السلام، كان إذا انصرف من صلاته قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن)، وقد جاء في بعض الروايات بغير هذا اللفظ، (له الحمد وله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن)، وهنا قال: (أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، هذا الذكر يؤتى به بعد الذكر الماضي الذي هو الاستغفار. وقوله: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام!)، فيه التهليل، لأن فيه أولاً: لا إله إلا الله، وهذا هو التهليل، وجاءت كلمة: وحده لا شريك له، وهي بمعنى: لا إله إلا الله؛ لأن (وحده) تأكيد لـ(إلا الله)، و(لا شريك له) تأكيد لـ(لا إله)، فهي بمعنى: لا إله إلا الله، كأن لا إله إلا الله جاءت مرتين: مرة على سبيل الابتداء، ومرة على سبيل التأكيد، ولكن بلفظ آخر غير اللفظ الأول؛ لأن كلمة (وحده) هذه مؤكدة لـ(إلا الله)، ولا شريك له مؤكدة لـ(لا إله)، فهي بمعنى: لا إله إلا الله.
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، فقد جاء فيه ذكر: لا إله إلا الله عدة مرات، مع إضافة ثناء على الله عز وجل بعد ذكر التهليل.
فإذاً: الحديث دال على التهليل بعد الصلوات.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 477.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 471.60 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]