شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 32 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14651 - عددالزوار : 1018228 )           »          ميزة جديدة من أبل لإنقاذ مستخدميها على الطريق.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          واتساب يطرح ميزة جديدة تمكنك من إضافة إشارة لأصحابك في "الاستوري" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          مايكروسوفت تطلق ميزة الردود النصية السريعة على رسائلك باستخدام الذكاء الاصطناعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          بدون شبكة Wi-Fi.. ميزة تنقذ مستخدمى أيفون من أعطال السيارات المفاجئة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          تحديث جديد لثريدز يسمح للمستخدمين رؤية تفاصيل متابعيهم وتفاعلاتهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          واتساب يعلن عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو.. كيف تعمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أجهزة الإنترنت اللاسلكية معرضة لخطر الهجمات الإلكترونية.. كيفية التحقق من الراوتر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          مايكروسوفت تستخدم الذكاء الاصطناعي لإصلاح الأخطاء: إليك ما تفعله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          لو مفيش شبكة أو Wi-Fi .. ميزة جديدة بهواتف أبل لإرسال الـSMS فى الطوارئ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-11-2021, 08:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(211)


- (تابع باب نوع آخر من الدعاء في السجود) إلى (باب الرخصة في ترك الذكر في السجود)
لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الدعاء في السجود، وفيها ما هو ثناء، وفيها ما هو دعاء، والغالب على السجود أن يكون فيه الدعاء، والغالب على الركوع أن يكون فيه التعظيم والثناء.
تابع نوع آخر من الدعاء في السجود

‏ شرح حديث عوف بن مالك في قول النبي في سجوده: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في السجود، نوع آخر.أخبرني هارون بن عبد الله حدثنا الحسن بن سوار حدثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس الكندي: أنه سمع عاصم بن حميد يقول: سمعت عوف بن مالك رضي الله عنه يقول: (قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ فاستاك وتوضأ، ثم قام فصلى، فبدأ فاستفتح من البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف يتعوذ، ثم ركع فمكث راكعاً بقدر قيامه، يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم سجد بقدر ركوعه يقول في سجوده: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم قرأ آل عمران، ثم سورةً ثم سورةً فعل مثل ذلك)].
الترجمة المتقدمة قريباً، وكذلك في بعض التراجم اللاحقة تتعلق بالدعاء في السجود، وقد ذكر النسائي أنواعاً من الدعاء، وفيها ما هو ثناء، وفيها ما هو دعاء، وقد عرفنا فيما مضى: أن الغالب على السجود أن يكون فيه الدعاء، والغالب على الركوع أن يكون فيه التعظيم، وأنه أيضاً يكون في السجود التعظيم، ويكون في الركوع الدعاء، وعرفنا أن حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول في ركوع وسجوده: (سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي)، يدل على الاثنين؛ لأن (سبحانك اللهم وبحمدك)، ثناء، و(اللهم اغفر لي)، دعاء، فهي تأتي في الركوع، وهي مشتملة على دعاء، وتأتي في السجود، وهي مشتملة على ثناء، إذاً الغالب على السجود أن يكون فيه دعاء، وأيضاً يثنى على الله عز وجل فيه، والغالب على الركوع أن يكون فيه ذكر وثناء، وأنه يجوز أن يدعى الله عز وجل فيه.
وقد أورد النسائي في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه: أنه كان مع النبي عليه الصلاة والسلام، فقام واستاك وتوضأ، ثم صلى فقرأ البقرة، فكان لا يمر بآية فيها رحمة إلا وقف يسأل، ولا يمر بآية فيها وعيد إلا وقف يتعوذ، ثم ركع فأطال الركوع، ويقول في ركوعه: [(سبحان ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة)]، وكذلك في سجوده كان يقول ذلك، ومحل الشاهد منه كان يقول في سجوده: [(سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)]، فهو ثناء على الله عز وجل، وهو ذكر لله سبحانه وتعالى، وهو مما يدل على أن السجود يذكر الله عز وجل فيه، وإن كان الغالب فيه الدعاء، ثم قرأ آل عمران، ثم سورة، يعني أنه يقرأ في كل ركعة سورة، وهذا في صلاة الليل؛ لأنه كان يطيل القراءة، ويطيل الركوع، ويطيل السجود، ويطيل ما بعد الركوع، ويطيل ما بين السجدتين، فكان يطيل صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل، ويقرأ بالسور الطوال.
تراجم رجال إسناد حديث عوف بن مالك في قول النبي في سجوده: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة...)
قوله: [أخبرني هارون بن عبد الله].وكلمة أخبرني وأخبرنا، يأتي أحياناً ذكر أخبرني، وأحياناً ذكر أخبرنا، والغالب أن أخبرني تأتي إذا أخذ عن الشيخ وحده وليس معه أحد، وأما أخبرنا فإنه إذا أخذ ومعه غيره، وقد يأتي ذكر أخبرنا إذا كان أخذ وحده؛ لأن المفرد يحصل منه أن يأتي بصيغة الجمع وإن كان شخصاً واحداً مثل نحن ، لكن الغالب أنهم يفرقون بين ما إذا كان أخذ وحده، وإذا كان أخذ ومعه غيره، إذا كان أخذ وحده يقول: أخبرني، وإذا كان أخذ ومعه غيره يقول: أخبرنا.
وهارون بن عبد الله، هو الحمال البغدادي، لقبه الحمال، وهو بغدادي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الحسن بن سوار].
صدوق، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن الليث بن سعد].
هو الليث بن سعد المصري، المحدث، الفقيه، ثقة، ثبت، إمام، مشهور، هو فقيه مصر ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحافظ ابن حجر له ترجمة خاصة بـالليث في مؤلف اسمه: الرحمة الغيثية في الترجمة الليثية، وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، وذكر فيها جملة من أخباره، وكذلك اصطلاحاته، يعني أنه كان إذا روى عن مدلس لا يروي إلا ما أمن تدليسه فيه، وقال: إنه لا يعلم مسألة خالف فيها، وكان يعني خلافه في تلك المسألة وهي أكل الجراد الميت، قال: الجراد إذا كان ميتاً فإنه لا يؤكل، ومن المعلوم أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أحلت لنا ميتتان ودمان، الكبد والطحال، والجراد والحوت)، الميتتان: الجراد والحوت، الميتة الجراد، ككونه حياً، لا فرق بين كونه حياً وكونه ميتاً في الحل، كله حلال، ما كان ميتاً وما كان حياً، إذا أدركه وهو ميت فهو حلال، قال: إن هذه مسألة خالف فيها الليث بن سعد، وهي التي في الخلاف فيها نظر، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن معاوية بن صالح].
هو معاوية بن صالح بن حدير الحمصي، وهو صدوق، له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن قيس الكندي].
ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن عاصم بن حميد].
صدوق، أخرج له أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه .
[سمعت عوف بن مالك الأشجعي].
صحابي معروف، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من الدعاء في السجود


شرح حديث حذيفة بن اليمان في قول النبي في سجوده: (سبحان ربي الأعلى...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فاستفتح بسورة البقرة، فقرأ بمائة آية لم يركع فمضى، قلت: يختمها في الركعتين فمضى، قلت: يختمها ثم يركع فمضى، حتى قرأ سورة النساء، ثم قرأ سورة آل عمران، ثم ركع نحواً من قيامه يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، وأطال القيام، ثم سجد فأطال السجود، يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، لا يمر بآية تخويف أو تعظيم لله عز وجل إلا ذكره)].
أورد النسائي نوعاً آخر من الذكر في السجود، وقد أورد فيه حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه وعن أبيه، فهو صحابي ابن صحابي، وذكر فيه حذيفة: أنه صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقال: يقف عند المائة، ثم تجاوز المائة، ثم قال: إنه يختمها في ركعتين، معناه أنه يقسم السورة إلى ركعتين، ثم تجاوز ، ثم قال: يختمها في ركعة، فلما فرغ منها بدأ بسورة النساء، ثم بدأ بسورة آل عمران، يعني أنه قرأ ثلاث سور في ركعة واحدة، بدأ بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران، وهذا يدل على إطالته الصلاة في قيام الليل، وأنه يقرأ هذا المقدار الكبير في ركعة واحدة، الذي هو مقدار خمسة أجزاء وزيادة، يعني سدس القرآن وزيادة؛ لأنه يبقى بعد الزيادة على الخمسة الأجزاء يعني ربع جزء، وهذا يدل على إطالته القراءة في صلاة الليل، ثم أيضاً يدل على قراءة سورة قبل سورة، وذلك أن آل عمران مقدمة -كما هو موجود في المصحف- على النساء، ومع ذلك قرأ النساء قبل آل عمران، وبعض العلماء يقول: إن ترتيب السور بالاجتهاد، وبعضهم يقول: إنه بالنص، بعض العلماء يقول: إنه بالنص، معناه كون كل سورة بعد التي قبلها، هذا بالنص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجمهور العلماء يقولون: على أنه بالاجتهاد لا بالنص، قالوا: ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابة السور، فتجد هذه السورة قبل هذه السورة، وأما ترتيب الآيات، فبالاتفاق أنه بالنص، لا خلاف فيه، وأما ترتيب السور فهو بالاجتهاد في قول جمهور العلماء، وفي قول بعضهم: أنه بالنص، وهذا الحديث يدل على قراءة سورة قبل سورة، ويدل عليه الحديث الذي سبق أن مر بنا، وهو حديث الرجل الذي يختم بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، يؤم أصحابه، ثم يختم قراءته بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، فإنه إذا كان يختم قراءته بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، ومن المعلوم أنه ليس بعد (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، في المصحف إلا سورتان، وهما سورة الفلق والناس، وباقي سور القرآن كلها قبل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]؛ لأن سور القرآن مائة وأربعة عشر سورة، ليس بعد (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )[الإخلاص:1]، من سور القرآن إلا سورتان، وهذا لا يتأتى إلا إذا قرأ يعني سورة متقدمة بعد سورة متأخرة.
وكان لا يمر بآية فيها تخويف أو تعظيم إلا ذكره، يعني يعظم الله عز وجل، إذا كان شيئاً فيه تعظيم، وإذا كان فيه تخويف يتعوذ، ثم ركع فأطال الركوع، وكان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم)، ثلاث مرات، ثم رفع وأطال القيام، بعد الركوع، ثم سجد وأطال السجود، وكان يقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى)، ثلاث مرات، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث في السجود، والذكر في السجود، أو الدعاء في السجود؛ لأنه كان يقول: (سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى)، ثلاث مرات.
تراجم رجال إسناد حديث حذيفة بن اليمان في قول النبي في سجوده: (سبحان ربي الأعلى...) قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، مجتهد، محدث فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا جرير].
وهو ابن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه الأعمش، ويأتي ذكره باللقب وذكره بالاسم، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث التي معرفتها لها أهمية، وذلك لكي لا يظن الشخص الواحد شخصين، لكي لا يظن التعدد فيما إذا جاء ذكره باسمه وذكره بلقبه، فإن من لا يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان بن مهران، يظن أن الأعمش شخص، وأن سليمان بن مهران شخص آخر، لكن من يعلم أن سليمان بن مهران لقبه الأعمش لا يلتبس عليه الأمر، ويندفع عنه توهم هذا الخطأ.
وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن عبيدة].
هو سعد بن عبيدة الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المستورد].
هو المستورد بن الأحنف، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن صلة بن زفر العبسي].
ثقة، جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حذيفة بن اليمان].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وابن صاحبه، فهو صحابي ابن صحابي، ووالده استشهد يوم أحد، وحديثه -حديث حذيفة - عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من الدعاء في السجود


شرح حديث: (كان رسول الله يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا بندار محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد القطان وابن أبي عدي قالا: عن شعبة عن قتادة عن مطرف عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح)].
أورد النسائي نوعاً آخر من الذكر والدعاء في السجود، وأتى بحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، وهذا قد مر فيما يتعلق بالركوع، وأن هذا من الذكر الذي يؤتى به في الركوع، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعله في الركوع والسجود، ولهذا أورده هنا في أبواب السجود، وقد أورده من قبل في أبواب الركوع، [(سبوح قدوس رب الملائكة والروح)]، وكل هذا ثناء على الله عز وجل وتعظيم، وهو يدل على ما ذكرت من قبل أن السجود الغالب أنه يكون فيه الدعاء، وأنه يثنى فيه على الله عز وجل، وهذا من الثناء على الله عز وجل، والدليل على أن الركوع يعظم فيه الرب والسجود يكثر فيه من الدعاء، الحديث الذي سبق أن مر، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)، وهذا مما فيه الذكر في السجود، [(سبوح قدوس، رب الملائكة والروح)]، والحديث سبق أن مر.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح)
قوله: [أخبرنا بندار محمد بن بشار]. ذكره بلقبه واسمه، وذكر اللقب أولاً، قال: حدثنا بندار وهو لقب محمد بن بشار البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى بن سعيد القطان].
المحدث، الناقد، المعروف بالكلام في الجرح والتعديل، البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وابن أبي عدي].
ابن أبي عدي، يروي أيضاً معه، أي: مع يحيى بن سعيد القطان ابن أبي عدي، وهو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قالا: عن شعبة].
يعني: الاثنان يرويان عن شعبة، وهما: يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، يرويان عن شعبة، وهو: ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها.
وذكر في نسخة بين قوسين [قالا: عن سعيد]، وسعيد هو: ابن أبي عروبة، ممن روى الحديث عن قتادة، لكن الذي ورد عند النسائي هو عن شعبة، وليس عن سعيد، وكذلك هو موجود في تحفة الأشراف، وتحفة الأشراف ذكر رواية يحيى بن سعيد القطان وابن أبي عدي وقال: كلاهما عن شعبة، وشعبة وسعيد بن أبي عروبة يرويان عن قتادة، وقد روى هذا الحديث عن قتادة لكن عند غير النسائي، يعني ليس في هذا الإسناد ذكر سعيد، ولكن فيه ذكر شعبة، وهذا هو الذي موجود في تحفة الأشراف، وعلى هذا فيكون قوله: قالا، هذا زائد يعني ليس من الإسناد، الإسناد هو بدون قالا: حدثنا سعيد؛ لأنهم روايتهم أي: يحيى بن سعيد القطان وابن أبي عدي إنما هي عن شعبة، وشعبة يروي عن قتادة، وعلى هذا فالإسناد يكون بدون ما بين القوسين، وهذا هو الموجود في تحفة الأشراف، وأما سعيد بن أبي عروبة فهو قد روى هذا الحديث عن قتادة، لكن ليس عند النسائي في هذا الإسناد.
[عن قتادة].
وهو ابن دعامة السدوسي البصري. وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير البصري، وهو ثقة، عابد، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي عائشة أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، هي المرأة الوحيدة من النساء الصحابيات التي حفظت الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي عائشة، وهؤلاء السبعة المكثرون من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام هم: أبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، والسابع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وفيهم يقول السيوطي في ألفيته:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
وزوجة النبي المراد بها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وقد أنزل الله تعالى براءتها فيما رميت فيه من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، وهذا من فضلها ومن مناقبها كونه نزل فيها قرآن، ومع هذا الفضل وهذه المنقبة العظيمة، كانت تهضم نفسها، وتتواضع لله عز وجل، وكانت تقول كما جاء في الصحيح: وكنت أتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا يبرئني الله تعالى بها، ورؤيا الأنبياء وحي، فهي تريد أن يأتيه وحي لكن يكون في المنام، لكن كونه ينزل فيها قرآن يتلى، كانت تستكثر هذا على نفسها وهذا من تواضعها، ولهذا قالت: ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله في آيات تتلى، ولشأني في نفسي أهون، يعني: أنا ما أستحق أن ينزل في قرآن، وهذا هو كلام المتواضعين لله عز وجل، أهل الكمال، ومع ذلك يتواضعون لله عز وجل كما قال الله عنهم: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60]، فرضي الله عنها وأرضاها، هذا كلامها عن نفسها، وهذا من تواضعها لله عز وجل، وكما قلت: هي من أوعية السنة، وحفظت الشيء الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا سيما الأمور التي تتعلق في البيوت، والتي هي تحصل بين الرجل وأهله، فإنها حفظت الشيء الكثير في ذلك رضي الله عنها وأرضاها.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-11-2021, 08:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(216)


- (باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين) إلى (باب التكبير للنهوض)
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يقوم إلى الركعة الثانية أو الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية حتى يستوي جالساً، وهي ما تسمى بجلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة بمقدار ما يستقر الإنسان جالساً، ثم ينهض ويقوم.
الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين

شرح حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين. أخبرنا زياد بن أيوب، حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب، عن أبي قلابة: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى مسجدنا، فقال: (أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة)]. يقول النسائي رحمه الله: باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين. المراد بهذه الترجمة هو: الجلوس المسمى جلسة الاستراحة، وهي التي تكون بعد الركعة الأولى بالنسبة للصلوات الثنائية، وكذلك الثلاثية، التي هي الفجر والمغرب، وكذلك السنن التي هي من ركعتين، وكذلك عند القيام من الركعة الثالثة في الصلوات الرباعية: الظهر، والعصر، والعشاء. وعلى هذا: فإن الجلوس للاستراحة في الصلوات المفروضة، يكون بعد الركعة الأولى، وقبل أن ينهض إلى الثانية في الثنائية والثلاثية، ويكون -أيضاً- بالصلوات الرباعية بعد الركعة الثالثة، وتسمى جلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة، يعني بمقدار ما يستقر الإنسان جالساً، ينهض ويقوم، فيكون قيامه إلى الركعة الثانية أو الرابعة عن جلوس لا عن سجود، يعني: يقوم من جلوس لا من سجود. وقد أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث، وهذه سنة سنها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد رواها مالك بن الحويرث بهذا الحديث من طرق متعددة، وهو موجود في الصحيحين وفي غيرهما، ويدل على مشروعية هذا الجلوس الذي هو الجلوس الخفيف، وأورد فيه النسائي هذا الحديث. قوله: (عن أبي قلابة قال: (جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا، فقال: أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة) ). يقول أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري (جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا، وقال: إنه يريد أن يريهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي)، وجاء في بعض الأحاديث، أن هذا لم يكن في وقت صلاة، ولكنه صلى صلاةً نافلة ليبين لهم الهيئة والطريقة التي كان يفعلها، والتي يرويها عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يبين لنا ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم من بيان السنن، والحرص على تبليغ الحق والهدى للناس، وأنهم يعرضون على الناس أن يبينوا لهم ما كان يفعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يقف الأمر عندهم إلى أنهم يجيبوا عند السؤال إن سئلوا، بل هم يعرضون أنفسهم على الناس بأن يبينوا لهم ما كان يفعله رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو دال على فضلهم ونبلهم، وحرصهم على تبليغ السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن لهم مثل أجور كل من عمل بسنة جاءت عن طريق صحابي منهم، ذلك الصحابي الذي روى تلك السنة، وحفظ تلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دل الناس إليها، فإن له مثل أجور من عمل بها؛ لأنه هو الدال على الخير، [(ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله)]، كما قال ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ولما قام من السجدة الثانية، في الركعة الأولى جلس، أي: جلس جلسة الاستراحة، وهي سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخذ بها هو الذي يقتضيه الحديث، وبعض العلماء يقول: إنه لا يؤخذ بها، ويعللون ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك في آخر أمره لما كبر، فكان يجلس هذه الجلسة للاستراحة، لكونه كبر وثقل، وإنما فعل ذلك من أجل العارض، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(صلوا كما رأيتموني أصلي)]، ومالك بن الحويرث تعلم هذه الصلاة، وعرف هذه الكيفية، ورواها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. فإذاً الأخذ بها سنة، والقول بأن ذلك إنما كان في حال الكبر، فلا يفعل، هذا خلاف الصحيح الذي يقتضيه فعل مالك بن الحويرث، والذي في بعض رواياته: أنه أرشدهم إلى أن يصلوا كما كان يصلي رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة
قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب]. وهو زياد بن أيوب البغدادي، لقبه دلويه، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وهو حافظ، وكان أحمد بن حنبل يلقبه شعبة الصغير؛ لأن شعبة معروف بالحفظ ومشهور بالحفظ، فهو يلقبه بهذا اللقب الذي هو شعبة الصغير؛ لحفظه، واللقب الذي لقب به دلويه.
[حدثنا إسماعيل].
وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب].
وهو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة ثبت حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
وهو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، وهو ثقة، كثير الإرسال، ومشهور بكنيته أبي قلابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن الحويرث].
هو مالك بن الحويرث الليثي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالساً)].أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى، وهو دال على شمول ما بعد الأولى وما بعد الثالثة، ولعله في الرواية الأولى ما ذكر إلا الركعة الأولى؛ لأنه صلى صلاة تطوع، يعني: من ركعتين، وجلس بعد الأولى؛ لأنه يريهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وفعل ذلك بعد الركعة الأولى، أما هنا فقد حكى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان في وتر..، ومن المعلوم أن الوتر بالنسبة للنافلة التي هي ركعتين بعد الأولى هي الوتر؛ لأن الثانية تكون شفع، وبالنسبة للفريضة، فالثنائية والثلاثية ما فيه إلا بعد الأولى، الثنائية الفجر والثلاثية المغرب، ما فيه إلا بعد الأولى، وأما الرباعية فإنه يكون فيها وتر آخر، وهي الثالثة بالإضافة إلى الأولى، يعني بعد الثالثة يجلس للاستراحة، معناه: أن نهوضه يكون عن جلوس وليس من سجود، ما يقوم من سجوده رأساً ينهض، وإنما يجلس ثم ينهض من جلوس، فالحديث دال على أن جلسة الاستراحة تكون بعد الركعة التي هي وتر، سواءً كانت هي الأولى أو الثالثة.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا علي بن حجر]. هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا هشيم].
وهو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة كثير التدليس والإرسال الخفي، والتدليس هو: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع كـ(عن) أو (قال)، ويكون هناك واسطة بينه وبين شيخه الذي روى عنه بلفظ موهم للسماع، هذا هو التدليس، وأما الإرسال الخفي فهو أن يروي عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه، هذا يسمى إرسالاً خفياً؛ لأن الإرسال إرسال خفي، وإرسال جلي، الإرسال الجلي بأن يروي عمن لم يدرك عصره، هذا يعرف أنه فيه ساقط، وهو إرسال جلي؛ لأنه ما دام أنه لم يدرك عصره، فإن كونه يقول: (عن فلان) أو (قال فلان)، معناه أنه أرسل عنه، لكن إذا كان مدركاً لعصره، ولكنه لم يعرف بلقائه، فهذا هو الإرسال الخفي، وهشيم بن بشير الواسطي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد].
وهو ابن مهران البصري، الملقب بـالحذاء، ولقبه الحذاء المتبادر إلى الذهن أنه يبيع الأحذية أو يصنعها، هذا هو المتبادر للذهن، لكن ليس الأمر كذلك، وإنما كان يجلس عند الحذائين، فنسب هذه النسبة، وهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، وقيل: إنه كان يقول للحذاء: احذ على كذا، يعني على هذا المنوال، وعلى هذا المقياس، يشق الجلد على قدر النعل، فقيل له: الحذاء لهذا، وهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
الاعتماد على الأرض عند النهوض

شرح حديث مالك بن الحويرث في الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاعتماد على الأرض عند النهوض.أخبرنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا خالد، عن أبي قلابة، قال: كان مالك بن الحويرث رضي الله عنه يأتينا فيقول: (ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيصلي في غير وقت الصلاة، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعداً، ثم قام فاعتمد على الأرض)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: الاعتماد على الأرض عند النهوض، وأورد فيه حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه، وهو أنه لما جاء إلى المسجد الذي فيه أبو قلابة، وقال: (ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيصلي في غير وقت الصلاة)، أي: يصلي أمامهم في غير وقت الصلاة، مقصوده من ذلك أن يريهم الكيفية، أي لم يكن يصلي بهم إماماً؛ لأنه ما كان في وقت صلاة، وإنما هو في غير وقت الصلاة، فيصلي نافلة، وهم يشاهدونه وينظرون إلى حركاته وإلى هيئته، فكان يقعد بعد السجود الأخير من الركعة الأولى، وهذه كما هو معلوم وكما عرفنا في الحديث الأول أنها نافلة، وجلسة الاستراحة تكون بعد الركعة الأولى؛ لأن الركعة الثانية تكون شفعاً، فيجلس ثم ينهض معتمداً على الأرض، ما فيه ذكر اليدين.
وقد اختلف في كيفية النهوض، يعني: هل ينهض الإنسان معتمداً على ركبتيه، أو ينهض معتمداً على يديه؟ من العلماء من قال: بأنه ينهض معتمداً على ركبتيه، وهم الذين قالوا: إنه يقدم ركبتيه عند النزول، والذين قالوا: إنه يقدم ركبتيه عند النزول، يقولون: إنه يكون آخر ما ينهض من الأرض منه ركبتاه؛ لأنه يرفع يديه قبل ذلك، والذين قالوا: بأنه يقدم يديه عند النزول، قالوا: إنه يعتمد على يديه عند القيام، وحديث مالك بن الحويرث، ليس فيه التنصيص على ما يعتمد عليه، هل هو على الركبتين أو على اليدين؟ وبكل من الحالتين قال جماعة من أهل العلم، والخلاف هنا كالخلاف في تقديم اليدين أو تقديم الركبتين، فالذين قالوا: بتقديم الركبتين قالوا: الركبتان هما آخر ما ينهض من الأرض، أو يرتفع من الأرض، والذين قالوا: بتقديم اليدين قالوا: إن اليدين هي آخر ما يرفع من الأرض.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار]. وهو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة.
[حدثنا عبد الوهاب].
وهو ابن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد، عن أبي قلابة قال: كان مالك].
خالد هو الحذاء عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي عن مالك بن الحويرث، وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-12-2021, 04:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(221)

- (باب التكبير إذا قام من الركعتين) إلى (باب رفع اليدين وحمد الله والثناء عليه في الصلاة)
يسن للمصلي رفع اليدين والتكبير في كل خفض ورفع من صلاته باستثناء القيام من الركوع فإنه يقول فيه: سمع الله لمن حمده.
التكبير إذا قام من الركعتين

شرح حديث أنس في التكبير إذا قام من ركعتين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب السهو - التكبير إذا قام من الركعتين.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن عبد الرحمن بن الأصم قال: سئل أنس بن مالك رضي الله عنه عن التكبير في الصلاة؟ فقال: يكبر إذا ركع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، وإذا قام من الركعتين، فقال حطيم: عمن تحفظ هذا؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثم سكت، فقال له حطيم: وعثمان ؟ قال: وعثمان].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب السهو. الإمام النسائي رحمه الله ذكر هذا الكتاب والذي تحته، ليس خاصاً بالسهو، وإنما فيه ما يتعلق بالسهو وما يتعلق بغيره، وهذان الكتابان اللذان قبل هذا الكتاب، وهما كتاب التطبيق وكتاب الافتتاح، هذين الكتابين أيضاً ليس ما تحتهما من الأبواب مقصوراً على ما يتعلق بموضوع الكتاب، وإنما يكون مشتملاً عليه وعلى غيره، فكذلك هنا السهو مشتمل على السهو وعلى غير السهو، ويأتي عند بعض المؤلفين أن يذكر الشيء ومعه غيره تبعاً، وأحياناً يستعمل المحدثون كلمة: وغيره، باب كذا وغيره، أو كتاب كذا وغيره، والنسائي رحمه الله ما ذكر شيئاً مضافاً إليه مثل كلمة: وغيره، والأمر كما ذكرت أن يكون الكتاب مشتملاً في الجملة على موضوع الكتاب، ولكنه ليس مقصوراً عليه، بل يشتمل عليه وعلى غيره، فكتاب السهو مشتمل على السهو وعلى غير السهو، والأبواب الأولى التي ذكرت تحت هذا الكتاب لا علاقة لها بالسهو.
فأولها: باب التكبير إذا قام من الركعتين، يعني في الصلاة الرباعية أو الصلاة الثلاثية، الرباعية التي هي الظهر والعصر والعشاء، والثلاثية التي هي المغرب، فإنه إذا قام من التشهد الأول بعد الإتيان بالركعتين، فإنه يقوم مكبراً ويقول: الله أكبر.
وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أنه كان يكبر إذا ركع وإذا رفع رأسه من السجود، وإذا قام من الركعتين، وقد مر في جملة أبواب ذكر التكبير في مواضع متعددة، وأنه يكون عند كل خفض ورفع، إلا في موضع واحد وهو القيام من الركوع، فإنه لا يكبر عنده، وإنما يقول الإمام والمنفرد: سمع الله لمن حمده، ويقول الجميع الإمام والمنفرد والمأموم: ربنا ولك الحمد، والإمام والمنفرد ينفرد بقوله: سمع الله لمن حمده هو القول الصحيح في المسألة، وإلا فإن هناك قولاً آخر يجعل التسميع والتحميد لكل مصل، سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً كما سبق أن عرفنا هذا.
فالتكبير يكون في جميع أحوال الصلاة، عند الانتقال من هيئة إلى هيئة، فإنه يكبر عند ذلك، ولا يستثنى من ذلك إلا موضع واحد، وهو: عند القيام من الركوع، فإن الإمام والمنفرد يقولون: سمع الله لمن حمده، وكل يقول: ربنا ولك الحمد، وعلى هذا، فجميع أحوال الصلاة، والانتقال من هيئة إلى هيئة، إنما هو بالتكبير، إلا في موضع واحد في أثناء الصلاة، وهو عند القيام من الركوع، وعند الانتهاء من الصلاة، يؤتى بالسلام، وما عدا ذلك ليس هناك إلا التكبير.
وقد سئل أنس بن مالك عن التكبير في الصلاة فقال: يكبر إذا ركع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، وإذا قام من الركعتين، وكما ذكرت التكبير في جميع أحوال الصلاة إلا عند القيام من الركوع فيقال: سمع الله لمن حمده، وعند الانتهاء من الصلاة يقال: السلام عليكم، وما عدا ذلك فإنما هو التكبير فقط.
وسأل حطيم أنس بن مالك عمن تحفظ هذا؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، ثم سكت فقال له: وعثمان ؟ فقال: وعثمان، ومعنى هذا أن هذا هو عمل رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعمل خلفائه الراشدين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
تراجم رجال إسناد حديث أنس في التكبير إذا قام من الركعتين
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو عوانة].
وأبو عوانة كنية اشتهر بها الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة وهو مشهور بكنيته أبو عوانة، وقد سبق أن ذكرت في دروس مضت، أن أبا عوانة يطلق على هذا الرجل الذي هو من طبقة شيوخ النسائي، ويطلق أيضاً على رجل متأخر، هو صاحب المستخرج على صحيح مسلم، الذي يطلق على كتابه: المستخرج، ويقال له: المسند، ويقال له: الصحيح، ذاك متأخر عن هذا؛ لأن هذا من طبقة شيوخ البخاري، ومسلم، والنسائي، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن الأصم].
وهو عبد الرحمن بن الأصم المدائني، مؤذن الحجاج، وهو صدوق، خرج حديثه مسلم، والنسائي، وله عند مسلم حديث واحد، وعند النسائي حديث واحد هو هذا، ليس له في الكتب الستة إلا حديثان، أحدهما عند مسلم، والثاني عند النسائي، وهذا الحديث الذي عند النسائي، هو هذا المتعلق بالتكبير عند الركوع والسجود.
وكلمة (الأصم) هذه تطلق على أشخاص، ومنهم من هو من المبتدعة، وهو: أبو بكر بن كيسان الأصم من المعتزلة، قد شذ في مسائل عديدة، انفرد بها عن غيره، وقد سبق أن أشرت إلى بعضها، ويطلق أيضاً هذا اللقب، الذي هو الأصم على: أبي العباس الأصم، وهو ثقة، وهو شيخ للحاكم، روى عنه الحاكم في المستدرك كثيراً.
وعبد الرحمن الأصم صدوق، أخرج له مسلم، والنسائي .
[عن أنس بن مالك].
رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات، منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، حتى توفاه وهو يخدمه، وقد دعا له النبي عليه الصلاة والسلام بطول العمر وكثرة الولد، فكان كما دعا له النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه عمر وكثر ولده رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهم الذين جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس كالبحر والخدري وجابر وزوجة النبي
فزوجة النبي المراد بها عائشة، فـأنس رضي الله تعالى عنه هو أحد هؤلاء المكثرين، وقد عمر وأدركه من لم يدرك الكثير من الصحابة، أدركه صغار التابعين وأخذوا عنه، وهم لم يدركوا من كان قبله من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
وأما حطيم فهذا ليس من رجال الإسناد، وإنما الراوي يذكر أنه سأله هذه الأسئلة، أو هذين السؤالين، أي: سأل أنس بن مالك : عمن تحفظ هذا؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، ثم سأله وقال: وعثمان ؟ فقال: وعثمان.
شرح حديث عمران بن حصين في التكبير في كل خفض ورفع
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا حماد بن زيد حدثنا غيلان بن جرير عن مطرف بن عبد الله صلى علي بن أبي طالب فكان يكبر في كل خفض ورفع يتم التكبير، فقال عمران بن حصين رضي الله عنه: لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم].أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ذكر أنه صلى مع علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فكان يكبر عند كل خفض ورفع، يتم التكبير، فقال عمران بن حصين : لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن مر الحديث وفيه أن مطرف قال: صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي رضي الله عنه، فكان يكبر عند كل خفض ورفع، فلما انتهوا من الصلاة قال: فأخذ عمران بن حصين بيدي وقال: لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالحديث: من مسند عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، فإنه هو الذي أضاف ذلك إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، يعني: هذا الفعل الذي فعله علي رضي الله تعالى عنه، قال: إنه ذكرني صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والحديث دال على ما دل عليه الذي قبله، وهو التكبير عند كل خفض ورفع، إلا أن ذاك فيه ذكر التكبير في مواضع، وهنا بلفظ أعم حيث قال: عند كل خفض ورفع كان يكبر، ومن المعلوم أنه يستثنى من ذلك القيام من الركوع، فإنه لا يكبر عنده، وإنما يؤتى فيه بسمع الله لمن حمده، ومن المعلوم أن المراد بذلك الغالب، وليس المقصود منه في جميع الأحوال مطلقاً، فإن ذلك مستثنى، أي: الذي هو القيام من الركوع، فإنه رفع، ولكنه لا يكبر عنده، وهذا مثل حديث: ( إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن )، فإنه يقول مثله مطلقاً، إلا عند حي على الصلاة حي على الفلاح، فإنه يقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فكذلك هنا قوله: يكبر عند كل خفض ورفع، أي: إلا عند القيام من الركوع، فيقال: سمع الله لمن حمده، ولا يقال: الله أكبر.
تراجم رجال إسناد حديث عمران بن حصين في التكبير في كل خفض ورفع
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].وهو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، محدث، ناقد، متكلم في الرجال، وكثيراً ما يأتي في التراجم: وثقه الفلاس، أو ضعفه الفلاس، والمراد به عمرو بن علي الفلاس هذا.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
وهو القطان، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من النقاد المتكلمين في الرجال بجرحهم وتعديلهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن زيد].
وهو حماد بن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن غيلان بن جرير].
وهو: غيلان بن جرير البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف بن عبد الله].
وهو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن حصين].
صاحب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن أبي طالب].
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه في الإسناد ليس من الرواة، ولكنه فعل هذا الفعل، وهذه الهيئة التي قال عنها عمران بن حصين : لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا القول الذي قاله عمران بن حصين، مشيراً إلى هذه الكيفية التي كان صلاها بهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
رفع اليدين في القيام إلى الركعتين الأخريين

شرح حديث: (كان النبي إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين في القيام إلى الركعتين الأخريين.أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن بشار واللفظ له، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، قال: سمعته يحدث، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: رفع اليدين عند التكبير عند القيام من الركعتين، يعني: عندما يكبر لقيامه من الركعتين فإنه يرفع يديه، وأورد النسائي في هذه الترجمة، حديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حذو منكبيه قال: [ إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما..] إذا قام من السجدتين، المراد بالسجدتين الركعتين، معناه: في الصلاة الرباعية أو الصلاة الثلاثية، بعدما يركع الركعتين، ويجلس للتشهد الأول، ثم يقوم، فإنه عند قيامه يرفع يديه، وهذه من المواطن التي جاءت بها السنة في رفع اليدين عند التكبير، وقد جاء هذا الحديث في صحيح البخاري.
وقد جاء في حديث ابن عمر في الصحيحين، التكبير في ثلاث مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وجاء في حديث أبي حميد في صحيح البخاري، وفي غيره، الذي هو معنا عند النسائي: أنه كان يكبر عند القيام من الركعتين، وهنا قال: السجدتين، والركعة يطلق عليها أنها سجدة، وقد جاء ذلك في أحاديث، وهذا منها، أي: من الركعتين اللتين هما أول الصلاة، وذلك في الصلاة الرباعية أو الصلاة الثلاثية، فإنه يكبر إذا قام ويرفع يديه، وقد جاء في أحاديث أخرى، سبق أن مرت أنه عندما يسجد، وعندما يقوم، كما صنع حين افتتح الصلاة، يعني: عند تكبيرة الإحرام، فإنه يرفع يديه حذو منكبيه عندما يكبر، فكذلك هنا يرفع يديه حذو منكبيه، أي: أن هذه الحالة أو هذا الرفع إلى المنكبين مثل الهيئة التي كان يفعلها عند الدخول في الصلاة عند الإتيان بتكبيرة الإحرام.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-12-2021, 04:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(226)

- (باب التنحنح في الصلاة) إلى (باب لعن إبليس والتعوذ بالله منه في الصلاة)
يجوز للمصلي أن يرفع صوته بشيء من أذكار الصلاة بقصد التنبيه أو الإذن بالدخول، أو الخروج أو نحو ذلك.
التنحنح في الصلاة
شرح حديث علي في التنحنح في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: التنحنح في الصلاة.أخبرنا محمد بن قدامة، حدثنا جرير، عن المغيرة، عن الحارث العكلي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، حدثنا عبد الله بن نجي، عن علي رضي الله عنه أنه قال: (كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنت إن وجدته يصلي فتنحنح دخلت، وإن وجدته فارغاً أذن لي)].
يقول النسائي رحمه الله: التنحنح في الصلاة.
التنحنح في الصلاة كما هو معلوم صوت ليس له حروف يكون من الإنسان، والمقصود منه هنا ما كان في الصلاة، وأورد النسائي فيه حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: كان له ساعة مع النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه بها، فإذا جاء وهو يصلي تنحنح فدخل، وإلا انصرف، والمقصود من ذلك ما جاء في الحديث من أنه تنحنح إيذاناً بالدخول، وفي بعض الروايات أنه إيذاناً بالانصراف، فإنه عندما يسمعه يتنحنح فإنه ينصرف، فيكون هذا علامة على انشغاله بالصلاة، أو أنه إشعار بأنه يصلي فيدخل، ويكون ما جاء من الروايات بالإذن والانصراف محمول على بعض الأحوال، يعني: أحوال يكون هناك دخول، وفي بعضها يكون انصراف فتكون هذه علامة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن الحديث فيه ضعف وذلك بأن عبد الله بن نجي في هذه الرواية يروي عن علي، وهو لم يسمع علياً رضي الله تعالى عنه، وفي إحدى الروايات الآتية أنه يروي عن أبيه عن علي، فتكون روايته عنه بواسطة، وأبوه مقبول كما قال عنه الحافظ في التقريب، أي: فيكون الاحتجاج به عند الاعتضاد، وعلى هذا فيكون الحديث ضعيفاً سواء كانت رواية عبد الله بن نجي عن علي لأنها منقطعة، أو رواية نجي الذي هو أبوه عن علي وهي متصلة، لكنه لا يحتج بما ينفرد به، بل لا بد من اعتضاده بغيره حتى يرتقي حديثه إلى أن يكون حسناً لغيره.
تراجم رجال إسناد حديث علي في التنحنج في الصلاة
قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].هو محمد بن قدامة المصيصي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا جرير].
وهو ابن عبد الحميد الضبي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المغيرة].
وهو ابن مقسم الضبي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن الحارث العكلي].
وهو الحارث بن يزيد العكلي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي زرعة].
هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وهو حفيد جرير بن عبد الله البجلي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحابي المشهور، وأبو زرعة مشهور بكنيته، وقد اختلف في اسمه على أقوال، لكنه مشهور بالكنية أبي زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وهو كما هو معلوم متقدم، وهو يروي عن أبي هريرة ويروي عن الصحابة ويروي عن غيرهم، يروي عن الصحابة بواسطة، ويروي عن بعض الصحابة مباشرة بدون واسطة، وممن اشتهر بهذه الكنية عدد آخر غيره من المحدثين ومن العلماء، منهم أبو زرعة الرازي وهو شيخ الإمام مسلم، وهو في القرن الثالث الهجري وهو من المتكلمين في الرجال، وكثيراً ما ينقل ابن أبي حاتم عن أبيه أبي حاتم وعن أبي زرعة الرازيين الكلام في الرجال، وكذلك أبو زرعة الدمشقي هو أيضاً مشهور بهذه الكنية، وأيضاً في المتأخرين أبو زرعة العراقي ابن صاحب الألفية عبد الرحيم بن حسين الأثري ابنه ولي الدين أبو زرعة المتوفى سنة ست وعشرين وثمانمائة، وهو أيضاً مشهور بهذه الكنية التي هي أبو زرعة، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير هذا الذي معنا ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن نجي].
عبد الله بن نجي الحضرمي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
يروي عن علي رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين أبي الحسن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين، ومناقبه جمة، وفضائله كثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
والحديث كما ذكرت من رواية عبد الله بن نجي عن علي وفيها انقطاع، وسيأتي أن الحديث يرويه عن أبيه، وأبوه لقي علياً وسمع منه، لكن كما ذكرت أن الحافظ ابن حجر ذكر أنه مقبول، أي: أن حديثه يعتبر إذا اعتضد.
حديث علي في التنحنح في الصلاة من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن عبيد، حدثنا ابن عياش، عن مغيرة، عن الحارث العكلي، عن ابن نجي قال: قال علي رضي الله عنه: (كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان: مدخل بالليل ومدخل بالنهار، فكنت إذا دخلت بالليل تنحنح لي)].أورد النسائي حديث علي من طريق أخرى، وهي ترجع إلى عبد الله بن نجي الذي يروي عن علي، وكما ذكرت أيضاً فيها انقطاع مثل التي قبلها، من جهة أن عبد الله بن نجي لم يسمع من علي رضي الله تعالى عنه، وعلى هذا فهو منقطع، وهو يدل على ما دل عليه الذي قبله من حيث التنحنح، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتنحنح له وهو في الصلاة.
قوله: [أخبرني محمد بن عبيد].
وهو المحاربي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
وقول النسائي: (أخبرني) مع أنه يقول في أكثر الروايات: (أخبرنا)، والفرق بين (أخبرني)، و(أخبرنا) أو (حدثني)، و(حدثنا) أنهم يستعملون هاتين الصيغتين، فيستعملون (أخبرني) فيما إذا سمع وحده، أو إذا كانت الرواية أو التحمل منه كان وحده ليس معه أحد، أما إذا كان عند التحمل معه غيره، فإنه يأتي بصيغة الجمع التي هي (أخبرنا) و(حدثنا)، وإن كانت صيغة (أخبرنا) و(حدثنا) يمكن أن يقولها الإنسان عن نفسه فيأتي بكلمة (نا) وإن كان وحده، إلا أن المشهور في الاصطلاح أنهم يغايرون بين (أخبرني) و(أخبرنا)، فيعبر الإنسان عما رواه وحده وليس معه غيره عند التحمل بـ(أخبرني) بالإفراد، وإذا كان عند التحمل معه غيره، فإنه يقول: (أخبرنا) يعني: أنا وغيري، فيكون المقصود من ذلك الجمع، يعني: يشير إليه وإلى غيره.
[حدثنا ابن عياش].
وهو أبو بكر بن عياش، وهو ثقة، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم في مقدمة الصحيح، وأخرجه أصحاب السنن الأربعة.
[عن مغيرة عن الحارث العكلي عن ابن نجي].
وهؤلاء تقدموا في الإسناد الذي قبل هذا.
حديث علي في التنحنح في الصلاة من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار، حدثنا أبو أسامة، حدثني شرحبيل يعني: ابن مدرك، حدثني عبد الله بن نجي، عن أبيه قال: قال لي علي رضي الله عنه: (كانت لي منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد من الخلائق، فكنت آتيه كل سحر، فأقول: السلام عليك يا نبي الله، فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي، وإلا دخلت عليه)].وهذه الرواية مثل الرواية التي قبلها إلا أن فيها أنه تنحنح للانصراف، والرواية السابقة أنه تنحنح للدخول، وكما قلت: يحمل على أن هذا في بعض الأحوال، كونه إذن أو غير إذن أن هذا باعتبار بعض الأحوال، وهذه الرواية أيضاً فيها كلام من حيث أن نجي والد عبد الله قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، أي أنه يعتمد عند الاعتضاد، أي: عندما يوجد ما يعضده فإنه يعتمد، وإذا لم يوجد ما يعضده فإنه لا يعول على ما يأتي عنه، ولهذا ضعف الشيخ الألباني كل هذه الطرق الثلاث، وقال: إنها ضعيفة الإسناد، فقال هذه الطرق الثلاثة الموجودة في هذا الباب من الطريق الأولى والطريق الثانية كما هو معلوم فيها انقطاع، والطريق الثالثة فيها الرواية عن نجي، وأنه يروي عن أبيه، وأبوه مقبول يحتاج إلى اعتضاد.
قوله: [أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار].
ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وما خرج له البخاري، ولا أبو داود.
[حدثنا أبو أسامة].
وهو أبو أسامة حماد بن أسامة مشهور بكنيته أبي أسامة، وهو ثقة، متقن ربما دلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وقد عرفنا فيما مضى أن فائدة معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف فيما لو أتي بـ(أبي) بدل (ابن)، فإن من لا يعرف أن الاسم مطابق للكنية وهو يعرفه، وهو مشهور بالكنية لو جاء بالنسب بدل الكنية فإنه يظنه تصحيف، أو العكس بأن قيل: حماد أبو أسامة بدل حماد بن أسامة يظن أن (أبو) مصحفة عن ابن، لكن إذا عرف أن الكنية مطابقة لاسم الأب فسواء قيل: حماد بن أسامة أو قيل: حماد أبو أسامة فكلها صحيح، وكلها صواب، فـأبو أسامة هو ابن أسامة.
[حدثني شرحبيل يعني ابن مدرك].
ثقة، أخرج له النسائي وحده، وقوله: (يعني: ابن مدرك) هذه الذي قالها هي من دون أبي أسامة؛ من دون التلميذ؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول عن شيخه هو ابن فلان، بل يقول: فلان ابن فلان ابن فلان، وينسبه كما يريد، لكن من دون التلميذ هو الذي إذا أراد أن يضيف شيئاً يوضح ذلك الشخص المهمل، فيأتي بكلمة (هو) أو يأتي بكلمة (يعني)، وكلمة يعني فعل مضارع فاعلها ضمير مستتر يرجع إلى أبي أسامة، وقائلها من دون أبي أسامة الذي هو القاسم بن زكريا أو النسائي أو من دونهما، يعني: من دون التلميذ الذي هو أبو أسامة.
[حدثني عبد الله بن نجي عن أبيه].
وقد مر ذكرهما، وكل منهما روى عنه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-11-2021, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

بيان مناقب الصحابة وفضلهم في إيصال هذا الدين
وسبق أن ذكرت: أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام معلوم باتفاق العلماء أنهم خير الناس، وأنهم أفضل الناس، وخير الأمم أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وخير هذه الأمة هم أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهذا الفضل الذي حصلوه أولاً كونهم تشرفوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فرأوه بأبصارهم، وسمعوا كلامه بأسماعهم، فهذا شرف حصل لهم ما حصل لأحد سواهم، ما أكرم برؤية النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الحياة إلا أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هم الذي رأوه، وهم الذين شاهدوه وعاينوه، وجاهدوا معه ونصروه، ثم أيضاً تلقوا الكتاب والسنة عنه، فصاروا الواسطة بينه وبين الناس، ولا صلة للناس بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الصحابة، وإذا لم يوصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام عن طريق الصحابة، فإنه لا صلة بالرسول صلى الله عليه وسلم إطلاقاً، لا صلة لأحد بالرسول إلا عن طريق الصحابة؛ لأن الكتاب والسنة جاء عن طريق الصحابة، فإذا لم يؤخذ الحق والهدى منهم، فليس بأيدي من نفض أيديه منهم، ليس بيده حق، وإنما بيده الضياع، وبيده الخسارة، وبيده الخذلان، وليس له نصيب من الحق والهدى. ثم من فضلهم ومناقبهم: أن هذه السنن التي تلقوها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحفظوها وأدوها إلى من بعدهم، كل من عمل بها من زمانهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الذين تلقوا هذه السنن وحفظوها وأدوها، مثل أجور كل من عمل بها؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)، وعلى العكس من ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)، فأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين تلقوا هذه السنن وأحيوها، وحفظوها، وأدوها إلى الناس، لهم مثل أجور الناس إلى يوم القيامة، وهذا فضل وشرف لهم رضي الله عنهم، وعلى العكس من ذلك، الذين ابتدعوا بدع، وأحدثوا مذاهب منحرفة عن دين الحق والهدى، لأولئك الذين أحدثوها آثام إحداثهم، مثل أعمال الذين ضلوا وتبعوهم في الضلال، ولهذا جاء في الحديث: (ما قتلت نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سن القتل)، فأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام هم سلف أهل الهداية، وهم سلف أهل السنة والجماعة، وهم سلف الذين هم على الحق والهدى، وأما من انحرف عن طريق الصحابة، وحاد عن طريق الصحابة، فهذا ليس بيده إلا الخذلان، وليس بيده إلا الوقوع في حبائل الشيطان والعياذ بالله.



عدد التسبيح في السجود

شرح حديث أنس في عدد التسبيح في السجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [عدد التسبيح في السجود.
أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان حدثني أبي عن وهب بن مانوس سمعت سعيد بن جبير سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (ما رأيت أحداً أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى -يعني عمر بن عبد العزيز - فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات)].
أورد النسائي عدد تسبيح في الركوع والسجود، وأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (ما رأيت أحداً أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى)، يريد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وعمر بن عبد العزيز هو خليفة راشد، وهو من خيار خلفاء بني أمية بعد معاوية بن أبي سفيان؛ لأن معاوية بن أبي سفيان أفضل من عمر بن عبد العزيز ومن غيره؛ لأنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكاتب الوحي للرسول عليه الصلاة والسلام، فـمعاوية خير ملوك المسلمين، وهو أفضل ملوك المسلمين، هو أول ملوكهم وخير ملوكهم؛ لأنه صحابي، لأنه من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام الذين حصل لهم شرف الصحبة، وعمر بن عبد العزيز خليفة راشد، لكنه لا يكون أفضل من معاوية؛ لأن معاوية صحابي وهو تابعي، والصحابة خير من التابعين، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، فهناك عبارة مشهورة عند كثير من الناس يقولون عن عمر: خامس الخلفاء الراشدين، وهذا ليس بمستقيم؛ لأن معاوية أفضل منه، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا شك أنه خليفة راشد، وأنه ممن قام بالخلافة خير قيام، وسيرته مرضية، وأخباره حميدة، وثناء الناس عليه معروف ومشهور، وهو من أكثر الخلفاء ثناء وذكراً، إذا ذكر لا يذكر إلا بالخير رحمة الله عليه، وقد توفي وعمره أربعون سنة، رحمة الله عليه، وكان قبل أميراً على المدينة، ثم تولى الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك سنتين، سنة تسع وتسعين، ومات في سنة مائة وواحد، ومدة خلافته سنتان رحمة الله عليه.
وقال أنس يعني يشير إلى عمر بن عبد العزيز: ما رأيت أحداً أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى، قال الراوي: فحزرنا يعني ركوعه وسجوده عشر تسبيحات، في الركوع وفي السجود، حزرنا، يعني: قدرنا، كونه يقول: سبحان ربي الأعلى عشر مرات، أو سبحان ربي العظيم عشر مرات، والحديث الذي مر حديث حذيفة: (أنه كان يقول في الركوع: سبحان رب العظيم ثلاث مرات، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات)، وهنا يقول: إننا حزرنا صلاته، ولهذا يقول بعض الفقهاء: أن سبحان ربي الأعلى وسبحان ربي العظيم الحد الأدنى من حيث الذكر مرة واحدة، هذا هو الذي يحصل به الوجوب على القول: بأنه واجب، أو القول بالسنة على أنه سنة، وأدنى الكمال ثلاث، قالوا: وأعلاه في حق الإمام عشر، ولا يطيل أكثر من ذلك؛ لأنه يشق على المأمومين إذا طول في سجوده وفي ركوعه.
تراجم رجال إسناد حديث أنس في عدد التسبيح في السجود
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].هو القشيري النيسابوري، هو مثل مسلم قبيلة وبلدا؛ لأن مسلماً قشيري وهذا قشيري، ومسلم نيسابوري وهذا نيسابوري، وهو من شيوخ مسلم الذين أكثر عنهم الرواية، لأنه روى عن عدة مشايخ أكثر عنهم، وممن أكثر عنهم محمد بن رافع هذا، وهو من بلده ومن قبيلته، ولهذا إذا ذكروا البخاري ومسلم يقولون: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري الجعفي مولاهم، ويقولون عن مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري من أنفسهم، حتى يميز عن المولى، من أنفسهم يعني أنه ينتسب إليهم أصلاً ونسباً، ولا ينتسب إليهم ولاءً، فـالبخاري ينتسب إلى الجعفيين ولاءً، ومسلم ينتسب إلى القشيرين نسباً، ولهذا يقولون عند مسلم: القشيري من أنفسهم، ويقولون عن البخاري: الجعفي مولاهم.
ومحمد بن رافع، ثقة، عابد، خرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه ، هذا مثل إسحاق بن راهويه، خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
و محمد بن رافع هذا هو الذي روى عنه مسلم صحيفة همام بن منبه الطويلة، يعني الأحاديث التي انتقاها من صحيفة همام بن منبه هي من طريق، محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة، فالأحاديث التي ينتقيها من صحيفة همام بن منبه هي من طريق شيخه محمد بن رافع هذا.
[حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبي].
وهو إبراهيم بن عمر بن كيسان، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي أيضاً.
[عن وهب بن مانوس].
وقال عنه الحافظ في التقريب: إنه مشهور، وروى عنه أبو داود، والنسائي أيضاً.
[سمعت سعيد بن جبير].
ثقة، فقيه، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وخادمه خدمه عشر سنوات منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة إلى أن توفاه الله، وأنس بن مالك يخدمه رضي الله عنه وأرضاه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين أشرت إليهم قريباً، وهذا الحديث الشيخ الألباني ذكر أنه ضعيف، ولعل السبب في ذلك هو وهب بن مانوس، وفي بعض كتاباته قال عنه: إنه حسن إن شاء الله.
الرخصة في ترك الذكر في السجود

شرح حديث رفاعة بن رافع في الرخصة في ترك الذكر في السجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ترك الذكر في السجود.أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ أبو يحيى بمكة وهو بصري حدثنا أبي حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: أن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك حدثه عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله، إذ دخل رجل فأتى القبلة فصلى، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك، اذهب فصل فإنك لم تصل، فذهب فصلى، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمق صلاته ولا يدري ما يعيب منها، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك، اذهب فصل فإنك لم تصل، فأعادها مرتين أو ثلاثاً، فقال الرجل: يا رسول الله ما عبت من صلاتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنها لم تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله عز وجل ويحمده ويمجده. قال همام: وسمعته يقول: ويحمد الله ويمجده ويكبره، قال: فكلاهما قد سمعته يقول، قال: ويقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله وأذن له فيه، ثم يكبر ويركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يستوي قائماً حتى يقيم صلبه، ثم يكبر ويسجد حتى يمكن وجهه، وقد سمعته يقول: جبهته حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ويكبر فيرفع حتى يستوي قاعداً على مقعدته ويقيم صلبه، ثم يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه ويسترخي، فإذا لم يفعل هكذا لم تتم صلاته)].
أورد النسائي: باب الرخصة في ترك الذكر في السجود، لما ذكر الأبواب المتعلقة بالسجود والذكر فيه، وأنها متنوعة وكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بين أن ذلك ليس بلازم، وأنه إنما يكون سنة، وفي ذلك خلاف بين العلماء، منهم من قال: إن سبحان ربي الأعلى واجبة، يعني مرة واحدة، ومنهم من قال: إن كل الذكر في السجود هو سنة وليس بواجب، وقد أورد النسائي حديث رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله عنه، وذلك في قصة الرجل المسيء في صلاته، حيث جاء ودخل وأتى القبلة يعني لعله يريد بذلك مقدم المسجد، وأنه صلى والرسول صلى الله عليه وسلم يرمقه، فلما جاء وسلم عليه وعلى الحاضرين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رد عليه السلام، وقال: [(ارجع فصل فإنك لم تصل)]، فكرر ذلك مرتين أو ثلاثاً، ثم إنه جاء وقال: [(ما الذي عبته علي في صلاتي؟)]، فبين له النبي عليه الصلاة والسلام الكيفية التي يفعلها في الصلاة، وهي غالبها تتعلق بالأفعال، وفيها ذكر شيء من الأقوال، وهو الدخول في الصلاة، وذكر بقراءة ما تيسر من القرآن، والحديث سبق أن مر بنا، ولكنه أورده هنا من أجل أنه قال: أنه يسجد حتى تسترخي مفاصله، وما قال: إنه يقول في سجوده كذا وكذا، يعني سكت عنه، قالوا: فدل هذا على أنه ليس بواجب، وأنه ليس بلازم، وأن الإنسان إذا تركه لا يكون عليه شيء، وكما قلت: بعض العلماء قال: بوجوب سبحان ربي الأعلى في السجود، وسبحان ربي العظيم في الركوع، وبعضهم قال: إن ذلك مستحب، وأنه لو لم يحصل منه شيء من ذلك أصلاً، فإنه لا يلزمه شيء، وصلاته تامة وصحيحة.
والمقصود من إيراد هذا الحديث الطويل في قصة المسيء صلاته: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يسجد حتى يطمئن في سجوده، وتسترخي مفاصله، ولم يذكر أنه يقول في سجوده كذا، فهذا هو وجه الاستدلال بالحديث على الترجمة التي هي الرخصة في ترك الذكر في السجود، وقد سبق أيضاً أن مر أنه استدل بحديث المسيء في صلاته على ترك الذكر أو الرخصة في ترك الذكر في الركوع، والحديث واحد وليس فيه التعرض لذكر الدعاء، قالوا: فهو دال على أنه ليس بواجب، وأنه يرخص للإنسان أن يتركه.
تراجم رجال إسناد حديث رفاعة بن رافع في الرخصة في ترك الذكر في السجود
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ]. أبو يحيى بمكة وهو بصري، يعني أخبر المكان الذي أخذ منه هذا الحديث، وأخبر أنه بصري؛ لأنه لو قال: بمكة قد يفهم أنه بمكة وإن كان قالوا عنه: أنه من مكة، ووصفوه بأنه مكي، لكن أصله بصري، قال: وهو بصري، وهو ثقة، أخرج له النسائي، وابن ماجه ، يروي عن أبيه عبد الله بن يزيد.
[عبد الله بن يزيد].
هو عبد الله بن يزيد المقرئ، وهو ثقة، فاضل، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكان أقرأ القرآن مدة طويلة تزيد على سبعين سنة.
[حدثنا همام].
وهو همام بن يحيى، وهو ثقة، ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة].
ثقة، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو حفيد أبي طلحة، وعبد الله بن أبي طلحة هذا أخو أنس بن مالك لأمه، عبد الله بن أبي طلحة، وأبو طلحة هو زوج أم أنس بن مالك، وهذا يعني الذي هو يحيى عمه لأمه أنس بن مالك؛ لأنه أخو عبد الله بن أبي طلحة.
[أن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع].
الزرقي الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن أبيه].
هو يحيى بن خلاد بن رافع، وهو ثقة، وقد قيل: له رؤية، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمه رفاعة بن رافع].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، كابن أخيه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-11-2021, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(212)

- باب أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل - باب فضل السجود
إن أشرف المواطن في الصلاة هي السجود؛ لأن العبد في حال سجوده يكون خاضعاً لله عز وجل مخبتاً إليه، قد وضع أشرف شيء فيه -وهو وجهه- على التراب وعلى الأرض خضوعاً لله عز وجل، واستكانة إليه سبحانه وتعالى؛ لذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإكثار فيه من الدعاء.
أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل

شرح حديث: (أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل.أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن عمرو يعني ابن الحارث عن عمارة بن غزية عن سمي: أنه سمع أبا صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)].
يقول النسائي: أقرب ما يكون العبد من ربه؛ أي: الحالة التي يكون عليها الإنسان أقرب ما يكون إلى ربه سبحانه وتعالى، والمراد من ذلك حالة السجود؛ لأنه في حال سجوده يكون خاضعاً لله عز وجل مخبتاً إليه، قد وضع أشرف شيء فيه -وهو وجهه- على التراب وعلى الأرض خضوعاً لله عز وجل، واستكانة إليه سبحانه وتعالى، وفي هذه الحالة شرع الإكثار من الدعاء، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (فإنه قمن أن يستجاب لكم)، فهو من مواطن الدعاء، ومن مواضع قبول الدعاء، والمواضع التي حري أن يجاب بها الدعاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: [فأكثروا الدعاء]، يعني: فأكثروا الدعاء في هذا السجود؛ لأن هذه الحالة هي هيئة خضوع وذل لله سبحانه وتعالى، أي: في حال السجود يكثر الإنسان فيها من الدعاء، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في هذا الحديث، وأمر به في حديث آخر، وبين أن هذا من أسباب قبول الدعاء، حيث قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)، فقوله: (فقمن أن يستجاب لكم)، يعني: أنه حري أن يستجاب لكم، فهي من الأحوال التي يكون فيها قبول الدعاء، ولهذا شرع للإنسان أن يكثر من الدعاء في هذه الحال التي هي حالة خضوع وذل لله سبحانه وتعالى.
ومن المعلوم أن الإنسان تتفاوت أحواله في القرب من الله عز وجل، واتجاهه إليه سبحانه وتعالى، فإن الإنسان يكون في بعض الأحوال في حال غفلة وسهو ولهو، فلا يكون له ذلك الذي يربطه بالله عز وجل، ويجعله متعلقاً به سبحانه وتعالى، وفي بعض الحالات -مثل حالة السجود- يكون الإنسان مقبلاً على ربه، خاضعاً له في سجوده، يكثر من دعائه، ويبتهل إليه، ويعفر أشرف شيء فيه -وهو وجهه- بالأرض والتراب خضوعاً لله عز وجل واستكانة إليه، ولهذا شرع الإكثار من الدعاء.
ثم إن هذا القرب هو بالنسبة للعبد، ومن المعلوم أن هذا يختلف عن إضافة قرب الله عز وجل؛ لأن قرب الله صفة من صفاته، وصفاته مثل ذاته لا يعرف كنهها، وأما بالنسبة للإنسان فهو معلوم، يعني هيئته وصفته، وإذاً: فالمراد منها هو كون هذه الحالة -التي هي حالة سجوده- حالة إقبال على الله عز وجل وخضوع، وذل، واستكانة، وهي من مواطن قبول الدعاء، والإنسان يكثر من الدعاء فيها.
وبعض المتكلمين تكلم عند شرح هذا الحديث: بأن هذا فيه ذكر الجهة، وأن الجهة لا تضاف إلى الله عز وجل، وليس الكلام في الجهة عند هذا الحديث له وجه، ثم أيضاً الكلام في الجهة ليست من الألفاظ التي وردت في الكتاب والسنة، وهي تحتمل حقاً وتحتمل باطلاً، فالحق أن الجهة هل تضاف إلى الله عز وجل أو لا تضاف إلى الله عز وجل؟ فيها تفصيل، إذا أريد بالجهة الجهة الوجودية؛ أن يراد بها داخل المخلوقات، فالله عز وجل ليس في جهة بهذا الاعتبار؛ لأن الله تعالى أعظم وأجل من أن يحويه شيء مخلوق، وأن يكون حواه شيء مخلوق، فالسموات والأرض وما فيهما هي كالخردلة في كف أحد منا كما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: (السموات والأرضين وما فيهن كالخردلة بيد أحدنا هي في كف الرحمن كالخردلة في يد واحد منا)؛ معناه: أنها حقيرة أمام عظمة الله عز وجل، وأمام جلاله سبحانه وتعالى، فإذا أريد بالجهة أمر وجودي وهو داخل السموات، فالله تعالى لا يحويه شيء مخلوق، وإن أريد بالجهة ما وراء العالم وما وراء العرش، وما فوق العرش، فإن ذلك عدم، وليس شيئاً موجوداً، والله عز وجل موجود فوق العرش، وهو بجهة في هذا الاعتبار، لكن إطلاق الجهة لكونه يحتمل حقاً وباطلاً لا ينبغي إضافته إلى الله عز وجل، ولكن إذا فسر فإنه يثبت المعنى، وهو أن الله عز وجل فوق العرش، وأنه فوق عباده، وأنه فوق المخلوقات سبحانه وتعالى، وهو مستو على عرشه سبحانه وتعالى، فإطلاق الجهة عليه بهذا الاعتبار حق، وإطلاق الجهة باعتبار أن الجهة يراد بها الموجودات، وما هو داخل الموجودات، فإن هذا لا يجوز إطلاقه على الله عز وجل؛ لأن الله أكبر وأعظم من أن يحويه شيء مخلوق حقير أمام عظمة الباري سبحانه وتعالى.
إذاً: فالحديث فيه إضافة القرب إلى العبد، وأنه يكون قريباً من الله عز وجل، ومن المعلوم أن الإنسان معروف ذاته وصفاته، وأما الله عز وجل لا تعلم ذاته ولا صفاته، فالقرب الذي يضاف إليه يليق به، والقرب المضاف للمخلوقين -كما هو معلوم- معروف هيئاتهم وصفاتهم، وإذاً: فمعنى هذا أن هذا فيه قرب العبد من ربه في خضوعه، واستكانته، والاتجاه إليه والالتجاء إليه، وهو من مواطن قبول الدعاء، ولهذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: [(فأكثروا الدعاء)]، وأما القرب المضاف إلى الله عز وجل، فالله تعالى هو فوق عرشه، وهو قريب من عباده، والقرب يكون عاماً، ويكون خاصاً، فهو قريب من المخلوقات كلها؛ بمعنى أنه سبحانه وتعالى كما جاء في القرآن الكريم: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ )[المجادلة:7]، فهو عال في دنوه، وقريب في علوه، هو عال في دنوه إذا دنى ونزل النزول الذي يليق به، الذي لا يعرف كنهه، فهو عالٍ، ما يقال: إنه لا يكون عالياً في حالة دنوه، ولا يقال: إنه لا يكون قريباً في حالة علوه، فهو في حالة علوه قريب، وفي حالة دنوه عالٍ، ولهذا من العبارات المشهورة عن السلف: أنه عال في دنوه قريب في علوه، لا يقال: إنه إذا نزل إلى السماء الدنيا كما يليق به، تحويه المخلوقات، وأنه لا يكون عالياً، بل هو عال، والعلو وصف من أوصافه سبحانه وتعالى، وهو عال مطلقاً، لا يكون له خلاف ذلك الوصف، ولكنه كما جاء عن بعض السلف: عال في دنوه قريب في علوه، هذا هو القرب العام؛ الذي يعني (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ )[المجادلة:7]، وقرب خاص، وهو ما يكون لأوليائه سبحانه وتعالى، (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )[الأعراف:56]، فهناك قرب عام وقرب خاص، والقرب كما يليق بالله عز وجل، وأما قرب المخلوق كما هو معلوم، فإنه يكون بخضوعه والتجائه إليه سبحانه وتعالى في تلك الحال التي يكون فيها مخبتاً مستكيناً إلى الله عز وجل، يعفر أشرف شيء فيه على الأرض؛ خضوعاً لله عز وجل واستكانةً له. هذا هو معنى الحديث، ولهذا جاء: [(فأكثروا الدعاء)]، والمراد من إكثار الدعاء أنه موطن من مواطن الإجابة كما جاء في الحديث الآخر: (وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)، يعني: حري أن يستجاب لكم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد...)
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وقد سبق أن ذكرت: أن ممن خرج لهم النسائي غير محمد بن سلمة هذا شخص آخر، ولكنه أعلى منه بطبقة، فهو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وهو محمد بن سلمة الباهلي، وأما محمد بن سلمة المرادي المصري فهذا من طبقة شيوخه، فإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي مباشرة فهو المرادي، وإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي بواسطة فهو الباهلي، والذي معنا هو محمد بن سلمة المرادي .
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو يعني: ابن الحارث].
هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقوله: (يعني ابن الحارث)، المراد أن عبد الله بن وهب الذي هو الراوي عن عمرو بن الحارث ما زاد في ذكر شيخه على قوله: عمرو، قال: عن عمرو، والمراد به عمرو بن الحارث المصري، فمن دون عبد الله بن وهب وهو محمد بن سلمة أو النسائي أو من دون النسائي، أضافوا كلمة: ابن الحارث للتعريف والتمييز، وبيان أن هذا هو المقصود، وأتى بكلمة (يعني) -وأحياناً يؤتى بكلمة (هو)- التي تبين بأن هذا اللفظ ليس من التلميذ، بل هو ممن دون التلميذ، وكلمة (يعني) لها قائل ولها فاعل، فقائلها من دون عبد الله بن وهب، وفاعلها عبد الله بن وهب؛ لأن (يعني) فعل مضارع فاعلها ضمير مستتر يرجع إلى عبد الله بن وهب، (يعني) قال من دون عبد الله بن وهب، لما ذكر عمرو بدون نسبة قال: (يعني)، أي: يعني ابن وهب ، فلها قائل ولها فاعل، قائلها من دون عبد الله بن وهب، وفاعلها ضمير مستتر يرجع إلى عبد الله بن وهب.
[عن عمارة بن غزية].
لا بأس به، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سمي].
هو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمع أبا صالح].
هو ذكوان السمان، مشهور بكنيته أبي صالح، واسمه ذكوان، ولقبه السمان أو الزيات، وهو مدني، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر على أشهر الأقوال في اسمه واسم أبيه، الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق عنه صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لكثرة ملازمته للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكونه بقي في المدينة والناس يفدون فيها حتى توفي، وكان الناس عندما يفدون إلى المدينة ويصدرون عنها يلقونه ويحدثونه بما عندهم ويحدثهم بما عنده، وأيضاً دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له بالحفظ، وكانت هذه من الأسباب التي صار بها أبو هريرة أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، وإن كان إسلامه إنما حصل في السنة السابعة من الهجرة، ولكن ملازمته للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم له، وكذلك أيضاً سكناه في المدينة وبقاؤه بها، وهي المكان الذي يرد إليه الناس ويصدرون، فيلتقون به ويحدثونه بما عندهم ويحدثهم بما عنده، فكثر حديثه رضي الله عنه عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-11-2021, 08:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

فضل السجود

شرح حديث ربيعة بن كعب الأسلمي: (... فأعني على نفسك بكثرة السجود)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل السجود.
أخبرنا هشام بن عمار عن هقل بن زياد الدمشقي حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: (كنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه وبحاجته، فقال: سلني، قلت: مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي فضل السجود. والمقصود من ذلك: أنه يؤدي إلى الجنة، وأن ثوابه الجنة، والحديث الذي مر أيضاً يدل على فضل السجود؛ وهو قوله: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، أيضاً هو دال على فضل السجود؛ لأنه موطن من مواطن الإجابة، وهو دال على فضله، وفضل هذه الهيئة التي يكون عليها الإنسان في إخباته إلى الله سبحانه وتعالى، والنسائي عقد الترجمة لهذا الحديث الذي أورده عن ربيعة بن كعب رضي الله تعالى عنه أنه قال: [كنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه وحاجته].
قوله: [فقال: سلني، قال: أسألك مرافقتك في الجنة]، يعني أن يكون معه في الجنة، [قال: أو غير ذلك؟]؛ أو تريد شيئاً آخر غير هذا، [قال: هو ذاك]؛ يعني: هذا الذي أريد، يعني أن يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم، [قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود]، يعني أرشده عليه الصلاة والسلام إلى سبب من الأسباب العظيمة التي توصل الإنسان إلى الجنة.
والمراد من ذلك كثرة الصلاة؛ لأن السجود وحده لا يفعل وحده، ولا يتقرب إلى الله عز وجل بالسجدة الواحدة، وإنما السجود المراد به الصلاة، ويطلق على مواضع الصلاة أنها مساجد؛ لأن الأرض يلامسها في حالات المصلي هذه الأعضاء السبعة: وهي الوجه، والأنف، والجبهة، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين، فأطلق على مواضع الصلاة مساجد، مع أن أحوال المصلي جلوس وقيام وركوع، ما قيل: لها مجالس، ولا مراكع، ولا مواقف، وإنما قيل لها: مساجد، أخذاً من السجود، ومن مواضع السجود، وذلك أن حالة السجود يكون فيها هذه الهيئة التي هي تعفير الوجه الذي هو أشرف شيء في الإنسان على الأرض خضوعاً لله سبحانه وتعالى، ووضعه على الأرض خضوعاً لله سبحانه وتعالى، فالمراد بالسجود هنا الصلاة، وليس المقصود من ذلك أن الإنسان يسجد فقط ولا يصلي، وإنما يكون ساجداً يصلي، هذا هو المقصود بالسجود؛ كثرة السجود من كثرة الصلاة، الصلاة فيها قيام، وركوع، وسجود، وجلوس، لكن أطلق على السجود؛ لأنها هي الهيئة التي فيها الخضوع لله عز وجل، وفيها قرب العبد من ربه، وهي من مواطن الإجابة، هذا هو المقصود بقوله: [أعني على نفسك بكثرة السجود].
ومعنى هذا: أن الإنسان ما يكون مهمته أن يكون سائلاً لغيره دون أن يعمل، بل الرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى العمل الذي يؤدي إلى هذه الغاية، والذي يكون معه في الجنة، ويكون رفيقاً له في الجنة؛ أن يكثر من الصلاة، يأتي بالصلاة المفروضة على أكمل هيئة، ويأتي بالنوافل التي يتقرب إلى الله عز وجل بها، وذلك في الصلاة التي هي فيها تعفير الوجه الله عز وجل بالتراب، فتكون الصلاة والإقبال على الله عز وجل في الصلاة من أسباب دخول الجنة، وقد جاء في الحديث القدسي: (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، فإذا كان التقرب إلى الله تعالى بالصلاة التي هي شأنها عظيم، وصلة العبد بربه وثيقة بها دائماً وأبداً في الصلوات الخمس، وفي النوافل يكون على صلة بالله سبحانه وتعالى، هذا يدل على عظم شأن الصلاة، وأنها من أسباب الوصول إلى الجنة؛ لأن كثرة النوافل، والمحافظة عليها، والمداومة عليها من أسباب دخول الجنة، فالنبي عليه الصلاة والسلام أرشده إلى فعل يحصل منه ما يكون مهمته أن يكون سائلاً دون أن يكون فاعلاً، بل أرشده إلى العمل وإلى الفعل الذي يؤدي به إلى تلك الغاية، ويوصله إلى ذلك الثواب؛ الذي هو كونه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
قوله: (آتي بوضوئه)، المراد بالوضوء -بفتح الواو- هو الماء الذي يتوضأ به؛ لأنه بالفتح اسم للماء المستعمل، وأما الوضوء بالضم فهو اسم للفعل؛ فالهيئة التي بها فعل الوضوء يقال لها: وضوء، وأما الماء الذي يتوضأ به فيقال له: وضوء، يعني فهذا اللفظ واحد، ولكنه بفتح الواو يكون للشيء المستعمل، وبضمها للفعل، ولهذا ألفاظ كثيرة تشابه هذا اللفظ، مثل: سحور وسحور، السحور -بالفتح- الذي يؤكل في السحر لمن يريد أن يصوم، والسحور -بالضم- هي عملية الأكل؛ كون الإنسان يأكل، هذا يقال له: سحور، وأما السحور فهو الطعام، وكذلك السعوط -بفتح السين- الشيء الذي يستطعم، والسعوط بالضم هو الجذب، يعني كون الإنسان يجذب بأنفه ذلك الشيء الذي يستطعم، وكذلك الوجور والوجور، الوجور هو ما يوضع في الفم، والوجور هو وضع الشيء في الحلق، ومثله الطهور والطهور؛ لأن كلمة (الوضوء) هذا هو معناها، والمراد بها الماء، وسبق أن مر بنا حديث عثمان بن عفان أنه دعا بوضوء ثم قال: (من توضأ نحو وضوئي هذا)، يعني الأولى وضوء والثانية وضوء، (نحو وضوئه)، يعني: العمل الذي فعله، فهو بالفتح اسم للماء، وبالضم اسم للفعل الذي هو التوضؤ والتطهر.
قال ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه: [(كنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه وبحاجته، فقال: سلني، قلت: مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود)].
ربيعة بن كعب رضي الله تعالى عنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المسألة، وهذا يدل على حرص الصحابة على الخير، وتسابقهم إلى الخيرات، فهنا حرص ربيعة بن كعب، كما أنه ملازم للرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا يخدمه، ويقرب له وضوءه، وحاجته، أراد أن يكون ملازماً له بالجنة، مثل ما كان ملازماً له في الدنيا، يريد أن يكون معه في الجنة؛ لأنه كان معه في الدنيا ملازماً له يقرب له حاجاته ووضوءه، وأراد أن تمتد هذه المرافقة، وأن تكون في الآخرة كما كانت في الدنيا؛ بأن يكون معه يخدمه ويقرب له وضوءه وحاجته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يدلنا على حرص الصحابة على الخير، وعلى تعلقهم بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وملازمته وخدمته، وفدائه بالنفس والنفيس، وأحب ما يكون عندهم أن يكونوا معه في الجنة كما كانوا معه في الدنيا.
والله عز وجل وعد أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الحسنى، فقال تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى )[الحديد:10]، يعني: الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا والذين أنفقوا من قبله وقاتلوا، الكل وعدهم الله الحسنى، فهم خير الناس، وهم أفضل الناس، وكانوا أحرص الناس على الخير، وأسبق الناس إلى كل خير، وهم القدوة في الخيرات بعد رسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم هم المقتدون به، والمؤتسون به، فالذي يسير على منوالهم ويسير على نهجهم سائر على درب الخير وعلى طريق الخير رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
ثم أيضاً يدلنا -كما ذكرت- على أن الإنسان لا يكون مهمته أن يعتمد على غيره، وأن يعول على غيره، وعلى دعاء غيره، وإنما مهمته أن يعمل، ومن المعلوم أن الشفاعة تكون بأمرين: الشافع والمشفوع، أو تكون عند توفر أمرين: الرضا عن المشفوع، والإذن للشافع أن يشفع، وإذاً فالإنسان عليه أن يعول على المبادرة إلى الخيرات وفعلها، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه: ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214]، دعا أقرباءه وقال: (يا فلان، يا فلان، لا أغني عنكم من الله شيء)، معناه: اعملوا، ما تقولون: نحن أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم يكفينا أننا أقرباءه، ولا نعمل، لا، اعملوا؛ لأنه جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو في صحيح مسلم: (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)، أي: من أخره عمله عن دخول الجنة ليس نسبه هو الذي يقربه إليها، وإنما الإنسان يحرص على الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
قال: [(فأعني على نفسك بكثرة السجود)]، يعني: بكثرة الصلاة، ولهذا يقال للصلاة: سجود، ويقال: لها ركوع، ويقال: لها قيام، يطلق عليها هذا وهذا، إطلاق الجزء من الشيء على كله، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ )[ق:40]، (وأدبار السجود)، يعني: أدبار الصلوات، فالسجود يطلق على الصلاة أنها سجود، [(أعني على نفسك بكثرة السجود)]، بكثرة الصلاة، وليس معنى ذلك أن الإنسان يروح يسجد وهو ما يركع ولا يقوم ولا يقرأ القرآن، المقصود أن يصلي، وإذا صلى الإنسان فهذا هو السجود، وإنما نص على السجود؛ لأنه الهيئة التي يكون الإنسان فيها في الصلاة، وهو أقرب ما يكون إلى الله عز وجل، وهو من مواطن الإجابة.
تراجم رجال إسناد حديث ربيعة بن كعب الأسلمي: (... فأعني على نفسك بكثرة السجود)
قوله: [أخبرنا هشام بن عمار].هشام بن عمار صدوق، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن هقل بن زياد].
هو هقل بن زياد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي الدمشقي، وهو فقيه، محدث، فقيه مشهور، ومحدث الشام وفقيهها، هو في الشام مثل الليث بن سعد في مصر، مشهور بالفقه والحديث، وهذا مشهور بالفقه والحديث، وكنيته توافق اسم أبيه؛ لأن أبوه عمرو وكنيته أبو عمرو، وقد عرفنا فيما مضى أن معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه من أنواع علوم الحديث؛ وفائدتها ألا يظن التصحيف لما لو ذكر بالكنية ولم يذكر بالنسب، فإن من لا يعرف أن الكنية مطابقة لاسم الأب يظن أن فيه تصحيف، وأن (ابن) صحفت وجاء مكانها (أبو). لكن من يعرف الأمر لا يلتبس عليه الأمر فيكون الكل صواب، إن جاء أبو عمرو وإن جاء ابن عمرو، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم، وهو مدني، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثني ربيعة بن كعب].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وعند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-11-2021, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(213)
- (باب ثواب من سجد لله عز وجل سجدة) إلى (باب التكبير عند الرفع من السجود)
ورد في السنة ما يدل على فضل السجود، وأنه ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، كما ورد بيان كيفية صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، وبيان أن التكبير يكون في القيام والركوع والسجود إلا في الرفع من الركوع.
ثواب من سجد لله عز وجل سجدة
شرح حديث: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ثواب من سجد لله عز وجل سجدة.أخبرنا أبو عمار الحسين بن حريث أخبرنا الوليد بن مسلم حدثني الأوزاعي حدثنا الوليد بن هشام المعيطي حدثني معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال: (لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: دلني على عمل ينفعني أو يدخلني الجنة، فسكت عني ملياً، ثم التفت إلي فقال: عليك بالسجود، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله عز وجل بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء رضي الله عنه فسألته عما سألت عنه ثوبان، فقال لي: عليك بالسجود، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسجد لله سجدةً إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة)].
أورد النسائي حديث ثوبان، وحديث أبي الدرداء الذي هو دال على فضل السجود، وأنه ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنها بها خطيئة، وهو دال على ما كان عليه التابعون من الحرص على معرفة طرق الخير، وأنهم يسألون الصحابة عن طرق الخير وتفاضلها؛ حتى يعملوا تلك الأعمال التي تقربهم إلى الله عز وجل، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يحرصون على معرفة ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والتابعون يحرصون على معرفة ذلك عن طريق الصحابة، ولهذا جاء معدان بن أبي طلحة إلى ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: [دلني على عمل ينفعني أو يدخلني الجنة؟] فسكت ملياً، ولعله كان يفكر، ويتذكر الشيء الذي يجيبه به عن هذا السؤال؛ لأن وجوه الخير كثيرة، وطرق الخير كثيرة، فهو لعله سكت ملياً، أي: زمناً يسيراً، يفكر ما يدله عليه، ثم إنه قال: [عليك بالسجود]، أي: الصلاة، [فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة)]، ثم ذهب إلى أبي الدرداء وقال له مثل ما قال لـثوبان، وأجابه بما أجابه به ثوبان، وعلى هذا فالحديث جاء عن طريق صحابيين يرويه عنهما معدان بن أبي طلحة التابعي، وهما، أي: الحديثان، عن أبي الدرداء وثوبان يدلان على فضل الصلاة، وعلى فضل التقرب إلى الله عز وجل بالصلاة، وعلى فضل السجود الذي هو من أجزاء الصلاة.
أورد النسائي حديث ثوبان وحديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة)]، والمقصود من ذلك كما عرفنا الصلاة، وليس المقصود مجرد السجدة، وسبق أن مر بنا في أبواب النسائي أن الركعة يطلق عليها سجدة، ليس المقصود أن وضع الجبهة والأنف على الأرض هو المراد، بل المراد الركعة، والركعة يطلق عليها سجدة، والتقرب إلى الله عز وجل لا يكون بالركعة الواحدة، إلا في حال الوتر، الوتر يكون ركعة، لكن الإنسان لا يصلي بأقل من ركعة أو ركعتين، (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، ما يصلي ركعة واحدة، يعني أقل ما يصلى ركعتين إلا في حال الوتر، وفي حالة صلاة الخوف، جاء صلاة الخوف ركعة، أما أن يتقرب إلى الله عز وجل بركعات تقل عن اثنتين، فهذا ما جاء في السنة إلا في حال الوتر فإنه يؤتى بركعة بعد الركعات التي يصليها الإنسان، وكذلك في الخوف جاء في بعض الأحاديث أن (صلاة الخوف ركعة)، وأيضاً فالمراد بالسجدة هنا الصلاة، وليس المراد بها كون الإنسان جالس يسجد، وإنما المقصود بذلك يصلي، وكما ذكرت لكم أنه يطلق على الصلاة أنها سجود، ويطلق على أنها ركوع، (ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ )[آل عمران:43]، (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ )[الحجر:98]، يعني: المصلين.
تراجم رجال إسناد حديث: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة)
قوله: [أخبرنا أبو عمار الحسين بن حريث].أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه ، وهو مثل إسحاق بن راهويه الذي يمر ذكره علينا كثيراً، وكذلك مثل محمد بن رافع أيضاً؛ لأن هؤلاء الثلاثة من شيوخ النسائي، يروي عنهم النسائي ويأتي ذكرهم، وكلهم أخرج لهم أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .
[أخبرنا الوليد بن مسلم].
الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس، والتسوية، والتدليس عرفنا فيما مضى أنه: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع، وأما التسوية فهو أسوأ أنواع التدليس، وذلك أنه: يأتي الإسناد فيكون فيه ضعيف بين ثقتين فيحذف الضعيف، ويكون الحديث متصل ثقة عن ثقة، وهذا هو أعظم أنواع التدليس؛ لأنه ليس الأمر يتعلق به، بل أساء إلى غيره ممن هو فوقه، حيث حذف شيخه، وجعل الإسناد مسوىً بثقات، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، الذي هو الوليد بن مسلم الدمشقي.
[حدثني الأوزاعي].
أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا الوليد بن هشام المعيطي حدثني معدان بن أبي طلحة].
ثقة أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ثوبان].
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، الصحابيان ثوبان، وربيعة بن كعب، كل منهما حديثه عند البخاري في الأدب المفرد، وعند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[وأبو الدرداء].
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
موضع السجود


شرح حديث: (إن النار تأكل كل شيء من ابن آدم إلا موضع السجود)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع السجود.
أخبرنا محمد بن سليمان لوين بالمصيصة عن حماد بن زيد عن معمر والنعمان بن راشد عن الزهري عن عطاء بن يزيد قال: كنت جالساً إلى أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما، فحدث أحدهما حديث الشفاعة والآخر منصت، قال: فتأتي الملائكة فتشفع وتشفع الرسل، وذكر الصراط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأكون أول من يجيز، فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين خلقه، وأخرج من النار من يريد أن يخرج، أمر الله الملائكة والرسل أن تشفع، فيعرفون بعلاماتهم، إن النار تأكل كل شيء من ابن آدم إلا موضع السجود، فيصب عليهم من ماء الجنة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل)].
أورد النسائي: موضع السجود من الإنسان؛ لأن الحديث الذي أورده يتعلق بموضع السجود في جسم الإنسان ومن الإنسان، وأن النار لا تأكل مواضع السجود، وهو دال على فضل أو على عظم شأن الصلاة، وعلى المواضع التي لامست الأرض سجوداً لله عز وجل، وخضوعاً لله سبحانه وتعالى، هذا هو المقصود من الترجمة، وهي مواضع السجود، أي من جسم الإنسان، وليست مواضع السجود في الأرض، وإنما مواضعها من جسم الإنسان، وأنها لا تأكلها النار، والمراد من ذلك العصاة الذين يدخلون النار، ويؤاخذون، ويحاسبون، أو يعاقبون على ما اقترفوه من معاصي، فإن النار لا تأكل مواضع السجود، ومن عفا الله عنه وتجاوز وأدخله الجنة من أول وهلة، هذا لا يصل النار، ومن دخل النار وهو من الموحدين، لا بد أن يخرج منها ويدخل الجنة، ولا يبقى في النار إلا الكفار الذين هم أهل النار، والذين لا يخرجون منها أبد الآباد، والحديث دال على عظم شأن هذه الأعضاء التي تباشر الأرض في السجود لله سبحانه وتعالى.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن النار تأكل كل شيء من ابن آدم إلا موضع السجود)
قوله: [أخبرنا محمد بن سليمان].
هو: محمد بن سليمان لوين، ولوين لقب بالمصيصة، المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن حماد بن زيد].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر والنعمان بن راشد].
هو معمر بن راشد الأسدي البصري نزيل، اليمن، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، والنعمان بن راشد وهو صدوق، سيئ الحفظ، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ومن المعلوم أن الرواية، رواية حماد بن زيد يروي عن اثنين، يروي عن معمر بن راشد الذي خرج له أصحاب الكتب الستة، ويروي عن النعمان بن راشد هذا الذي هو صدوق سيئ الحفظ، ما وصف به من سوء الحفظ لا يؤثر؛ لأنه ليس مستقلاً بالرواية، بل معه من هو أرفع منه الذي هو معمر بن راشد شيخ عبد الرزاق بن همام الذي يروي عبد الرزاق من طريقه صحيفة همام بن منبه، وهي في الصحيحين، وفي غيرهما من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب، وهو محدث، فقيه، وإمام، مشهور، وتابعي من صغار التابعين، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يزيد].
هو عطاء بن يزيد الليثي، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة وأبي سعيد].
أبو هريرة مر ذكره، وأبو سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي: أن الصحابيين اللذين في هذا الإسناد هما من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-11-2021, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

مشروعية أن تكون سجدة أطول من سجدة
شرح حديث شداد بن الهاد: (... فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدةأخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا يزيد بن هارون حدثنا جرير بن حازم حدثنا محمد بن أبي يعقوب البصري حامل عن عبد الله بن شداد عن أبيه رضي الله عنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)].
أورد النسائي: هل تكون سجدة أطول من سجدة؟ ومن المعلوم أن السجود أو أن السجدات ليس هناك ما يدل على أن هذه السجدة تطول، أو أن هذه تقصر، مثل ما يفعل بعض الناس، تكون آخر سجدة من الصلاة يطولها، وليس هناك أساس يعتمد عليه بتطويل بعض السجدات، وهذه السجدة التي سجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك لأمر عارض، ولم تميز تلك السجدة بتطويلها، يعني: لأن سجدة من سجدات الصلاة تميز على غيرها، وإنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم سجد وأحد أولاده الحسن، أو الحسين أولاد ابنته فاطمة (ارتحله)، أي: ركب على ظهره، فالرسول صلى الله عليه وسلم استمر يعني: حتى ينزل، بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضهم، أو الصحابة كلهم لاحظوا هذا الشيء، وفيهم هذا الرجل الذي هو راوي الحديث وهو شداد بن الهاد رفع رأسه، ينظر ماذا حصل؟ وإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم ساجد وعلى ظهره الغلام، فرجع إلى مكان سجوده، أي: رجع على حالته، والصحابة سألوه بعد ذلك قالوا: إن سجدة من السجدات طولت فيها، قوله: [(ولكن ابني ارتحلني فأردت ألا أعجله)]، وهذا دال على شفقته عليه الصلاة والسلام ورحمته بالصغار، وعلى أن هذا التطويل هو من جنس ما جاء في بعض الأحاديث التي سبقت أن مرت والرسول صلى الله عليه وسلم يدخل في الصلاة يريد التطويل فيسمع بكاء الصبي، فيقصر في صلاته شفقة على أمه، أي: تقصير عارض، وهذا تطويل عارض، هذا تطويل للسجدة عارض، وذاك تقصير عارض، فلا يعني أن سجدة تطول على غيرها، وتميز على غيرها، أو بعض السجدات تطول على غيرها، وإنما السجدات تكون متقاربة، ومعلوم أن الركعات الأولى تكون أطول من الركعات الأخيرة.
تراجم رجال إسناد حديث شداد بن الهاد: (... فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها ...)
قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام]. أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون].
ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا جرير بن حازم].
ثقة له أوهام فيما حدث به من حفظه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن أبي يعقوب البصري].
هو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حامل عن عبد الله بن شداد].
هو عبد الله بن شداد بن الهاد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه شداد بن الهاد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند النسائي وحده.
على كل، هو إن وجد في كتب الألقاب أنه يلقب (بحامل) فجعل هذا لقب له فالأمر واضح، وإلا فإنه ما يبعد أن تكون تصحيف أي فيه نظر؛ لأنه وهو حامل وراءها، في السطر الذي وراءها، وهو حامل يعني: في قصة الغلام جاء وهو حامل، يعني قد يكون يعني مثلاً عند الطباعة يعني: حصل فيها تصحيف أن تقال: نظر كما يقولون، انتقال ذهن وانتقال نظر، لكن إن وجد بأن هذا الشخص يلقب بحامل، الأمر واضح، وإلا فإن المسألة كما قلت فيها: انتقال نظر؛ لأنه قد يكون عند الطباعة وإلا كذا تأتي كلمة من الكلام الذي وراءها، وفي الحديث نفسه: [(وهو حامل حسناً أو حسيناً)]، وهو حامل يعني بالسطر الذي بعدها مباشرة.
أنا ما رأيت لا في تحفة الأشراف ولا في غيرها ذكر كلمة حامل، ولا في ترجمته أنه يقال له: حامل، أو أنه يلقب بحامل، إن لم يوجد شيء من هذا، أي: أنه يطلق لقب عليه، فما يبعد أن يكون انتقال نظر.
التكبير عند الرفع من السجود


شرح حديث ابن مسعود: (رأيت رسول الله يكبر في كل خفض ورفع ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [التكبير عند الرفع من السجود. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الفضل بن دكين ويحيى بن آدم، قالا: حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن عبد الله قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود، ويسلم عن يمينه، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده، قال: ورأيت أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما يفعلان ذلك)].
باب: التكبير عند الرفع من السجود، أي: أنه عند الرفع من السجود يكبر المصلي، وقد سبق أن مر أن التكبير عند الركوع يكبر، وعند السجود يكبر، والانتقالات كلها يكبر عندها إلا عند القيام من الركوع فإنه يقال: سمع الله لمن حمده، ولا يقال: الله أكبر، وعند الخروج من الصلاة يقال: السلام عليكم ورحمة الله، ما يقال: الله أكبر، وإلا فجميع أحوال الصلاة عند الانتقال قياماً أو قعوداً رفعاً أو خفضاً، كل ذلك يقال: الله أكبر، وإذاً فقوله: [(يكبر عند كل خفض ورفع)]، ما عدا الرفع من الركوع، فإنه مستثنى ويقال فيه: سمع الله لمن حمده، ولا يقال فيه: الله أكبر، وإنما هذا إشارة إلى غالب أفعال الصلاة؛ لأنها كلها كذلك عند الخفض والرفع.
ولهذا استدل بعض العلماء على أن السجود تلاوة في الصلاة إذا كان الإنسان في صلاة ثم سجد، فإنه يكبر عند السجود وعند الرفع من السجود؛ لأنه داخل تحت كل خفض ورفع، يكبر تكبيراً عند كل خفض ورفع، هذا خفض ورفع في الصلاة، فيكبر عنده، وقد أورد النسائي في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر عند كل خفض ورفع.
وقيامٍ وقعودٍ، ويسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك).
قوله: [(حتى يرى بياض خده)].
معناه: أنه يلتفت يعني حتى يرى بياض خده، وكان أبو بكر، وعمر يفعلان ذلك، يعني يفعلان مثل هذا الذي رواه ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (رأيت رسول الله يكبر في كل خفض ورفع ...)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[أخبرنا الفضل بن دكين].
وهو أبو نعيم الفضل بن دكين، وهو حد شيوخ البخاري، من كبار شيوخ البخاري، النسائي ما أدركه يروي عنه بواسطة، وأما البخاري فإنه يروي عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من كبار شيوخه الذين لقيهم في أواخر حياتهم، وهو في أول حياته، وكانت وفاته سنة مائتين وثمانية عشر، والنسائي قيل: إنه ولد مائتين وخمسة عشر، معناه عمر النسائي لما مات الفضل بن دكين ثلاث سنوات، وهو يروي عنه بواسطة، وأما البخاري فإنه يروي عنه مباشرة، وهو من كبار شيوخه، الذي هو البخاري؛ لأنه أدرك ما لم يدركه النسائي.
وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي سبق أن ذكرت أنه يقال عنه: إن فيه تشيعاً، ولكن كان يقول كلمة وهي: رحم الله عثمان، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان وهذا يدل على أن التشيع الذي فيه لا يؤثر.
[و يحيى بن آدم].
يحيى بن آدم، وهو ثقة، حافظ، فاضل أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو صاحب كتاب الخراج المطبوع لـيحيى بن آدم هذا.
[حدثنا زهير].
هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وهنا يروي عن أبي إسحاق، وقيل: إنه روايته عن أبي إسحاق بآخره، معناه أنه بعد التغير، وعلى هذا يكون في روايته عنه شيء، لكن كما هو معلوم الذي جاء في حديث ابن مسعود من كونه يكبر عند كل خفض ورفع، ويسلم عن يمينه وعن شماله، هذا جاء في الأحاديث الكثيرة، وهذه هيئة الصلاة المعروفة عنها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن عبد الرحمن بن الأسود].
هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو الأسود بن يزيد بن قيس، وهو تابعي، مخضرم، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وعلقمة].
هو ابن قيس النخعي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة وعلمائهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة

اعتكاف النساء في المسجد وتعلق ذلك بالفتنة أو المضرة
السؤال: هل المرأة تعتكف في المساجد؟ الجواب: نعم لها أن تعتكف في المساجد إذا أمنت الفتنة، ولم يترتب على ذلك مضرة، ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم كن يعتكفن في المسجد كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
علاقة طلب الدعاء من الغير بالسؤال المذموم من الناس
السؤال: بعض الناس اعتاد أن يقول: لا تنساني بصالح الدعاء ونحو ذلك، هل ثبت شيء؟ الجواب: جاء في حديث عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه لما أراد أن يعتمر قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، لكن الحديث فيه كلام، ولكن كما ذكرت الإنسان يحرص على أن يكون سائلاً، وأن يكون متوجهاً إلى الله عز وجل ملتجئاً إليه، ويسأل الله عز وجل مباشرة، ولا يعول على أن يسأل الناس الدعاء، بل هو يدعو الله عز وجل، والله تعالى قريب ممن دعاه، ويتجه إليه سبحانه وتعالى، وما نقول: إن ذلك غير سائغ، يمكن الإنسان يسأل من غيره الدعاء، لكن لا ينبغي للإنسان أن يعول على أن يكون سائلاً، وأن يكون غافلاً عن أن يكون داعياً، بل يكون داعياً.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-11-2021, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(214)
- (باب رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى) إلى (باب كيف الجلوس بين السجدتين)
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى، كما ثبت عنه ترك ذلك ، مما يدل على جواز الأمرين.
رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى
شرح حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك كله)].
يقول النسائي رحمه الله: باب رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى. ومقصوده من هذه الترجمة أنه عند الرفع من السجدة الأولى من السجدتين يرفع يديه عندما يكبر، وقد أورد فيه حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه: [أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حين يدخل في الصلاة، وحين يركع، وحين يرفع، وعند الرفع من السجود، في ذلك كله رفع اليدين]، فمحل الشاهد منه قوله: [عند الرفع من السجود]، أي: أنه يرفع يديه، وهذا إنما يحصل في بعض الأحيان؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ترك ذلك كما سيأتي.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو العنزي، كنيته أبو موسى، ولقبه الزمن، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري؛ إذ توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، قبل البخاري بأربع سنوات، وهو من صغار شيوخ البخاري الذين أدركهم من بعد البخاري، وأما كبار شيوخ البخاري فهؤلاء لم يدركهم بعض أصحاب الكتب الستة، ومنهم من مر بنا بالأمس الفضل بن دكين أبو نعيم، فإنه من كبار شيوخ البخاري الذين روى عنهم، ولم يرو عنهم مثل النسائي؛ لأن النسائي لم يدرك من حياة أبي نعيم إلا ثلاث سنوات؛ لأن أبا نعيم توفي وعمر النسائي ثلاث سنوات، وأما البخاري فقد أدركه في حال صغره وعمره قريب من العشرين، وروى عنه، وأما محمد بن المثنى فهو من صغار شيوخه الذين عاشوا في حياة البخاري زمناً طويلاً، ولم يكن بينه وبين البخاري في الوفاة إلا أربع سنوات، وسبق أن ذكرت أن محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار الملقب بندار، وكذلك يعقوب بن إبراهيم الدورقي ماتوا في سنة واحدة؛ وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وهم جميعاً شيوخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معاذ بن هشام].
هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق، ربما وهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن نصر بن عاصم].
هو نصر بن عاصم الليثي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في رفع اليدين، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن مالك بن الحويرث].
هو مالك بن الحويرث الليثي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ترك ذلك بين السجدتين
شرح حديث عبد الله بن عمر: (كان النبي إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه ... ولا يرفع بين السجدتين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك ذلك بين السجدتين.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم عن سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وبعد الركوع، ولا يرفع بين السجدتين)].
هنا أورد النسائي: ترك ذلك بين السجدتين؛ أي: رفع اليدين، والذي ورد في الحديث الذي قبله، وهو أنه كان يرفع، ورد في هذا الحديث أنه ما كان يرفع، ومعنى هذا أنه كان يرفع في بعض الأحيان ويترك، يفعل ويترك، ولم يكن مداوماً عليه، وإنما كان يحصل منه الفعل، ويحصل منه الترك، يحصل منه الفعل كما في حديث مالك بن الحويرث، ويحصل منه الترك كما حصل في حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر الذي فيه أنه كان لا يفعل ذلك بين السجدتين، وهو الرفع، وهذا هو محل الشاهد من الحديث للترجمة، وهي ترك رفع اليدين بين السجدتين.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمر: (كان النبي إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه ... ولا يرفع بين السجدتين)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. هو ابن مخلد بن راهويه المروزي الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، محدث، فقيه، ممن وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو لقب رفيع لم يظفر به إلا القليل من المحدثين مثل: البخاري، ومثل: سفيان الثوري، ومثل: شعبة، وغيرهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو غير منسوب، وإذا جاء سفيان يروي عن الزهري فإنه يحمل على ابن عيينة، ولا يحمل على الثوري؛ لأن سفيان بن عيينة معروف بالرواية عن الزهري، وإن كان الزهري أقدم منه، وهو متقدم عليه، وكان الثوري توفي قبل وفاة الزهري بأكثر من ثلاثين سنة، إلا أن سفيان بن عيينة هو الذي كان يروي عن الزهري، وهو معروف بالرواية عنه، وأما الثوري فإنه لا يعرف بالرواية عنه مباشرة، بل ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح: أنه إنما يروي عنه بواسطة، وعلى هذا فإذا جاء سفيان غير منسوب، وهو يروي عن الزهري، فإنه يحمل على سفيان بن عيينة، ولا يحمل على سفيان الثوري.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب، وهو محدث، فقيه، وإمام مشهور، وهو من صغار التابعين، ومكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كلفه عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه في زمن خلافته بأن يجمع السنة ويدونها، وكانت قبل ذلك يجمعها العلماء من الصحابة ومن بعدهم يكتبون لأنفسهم، لكن كونها تكتب بتبني من الدولة، وبتكليف من الخليفة، هذا حصل في زمن عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وكان الزهري هو الذي أسند إليه ذلك، ولهذا يقول السيوطي في الألفية:
أول جامع للحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر
أي: أنه قام بجمعه بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو محدث، فقيه، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين في المدينة في زمن التابعين على أحد الأقوال في الثالث؛ لأن الفقهاء السبعة ستة اتفق على عدهم في الفقهاء السبعة؛ وهم: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، هؤلاء ستة اتفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
[عن أبيه].
أبوه هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي ابن الصحابي، صحابي جليل، وهو من صغار الصحابة، وقد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون مجاهداً مع المجاهدين في سبيل الله عز وجل وذلك يوم أحد فاستصغر، ولم يأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم، وأذن له بعد ذلك، أي: أنه من صغار الصحابة، وهو أحد العبادلة الأربعة في -الصحابة إذا قيل: العبادلة الأربعة- وهم: عبد الله بن عمر هذا، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام؛ وهم أبو هريرة، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فهؤلاء قد عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم: عبد الله بن عمر، وهم الذين يقول فيهم السيوطي في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 488.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 482.56 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.20%)]