شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 14 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         طرق تساعدك على العيش بأقل الإمكانيات مع الحفاظ على الراتب.. خليكى ذكية ووفرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من قشرة الشعر الدهنية.. أخلصى منها بخطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          خليك قدوة ليهم.. إزاى تكون مصدر أمان وثقة لأولادك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          اتجاهات ديكور مستوحاة من البحر لإضافة لمسة جمالية منعشة.. موضة صيف 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل السجق البلدى بمكونات سهلة ومتوفرة فى البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          4 وصفات طبيعية تعالج جفاف البشرة وشحوبها وتزيد ترطيبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          6 أسرار لزيادة الكولاجين وتعزيز مرونة البشرة.. خليكى شباب على طول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          7 خطوات تشجع طفلك على نزول الحضانة لأول مرة من غير بكاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مشروبات مثلجة من الفواكه الطبيعية تمنحك الانتعاش وتحافظ على البشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أفضل 5 أنواع خبز غنية بالبروتين.. لو عايز دايت بدون حرمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-08-2019, 11:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم حدثنا منصور عن قتادة حدثنا أبو العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر، وكان من أحبهم إلي: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس الذي يرويه عن جماعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من أحبهم إليه، فهذا الحديث يعتبر من مسند عمر ويرويه عنه ابن عباس، كما يرويه عن غيره من الصحابة، وهذا فيه رواية الصحابة عن الصحابة، والحديث بمعنى الحديث المتقدم في النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس...)
قوله: [أخبرنا أحمد بن منيع].وهو ثقة، حافظ، خرج له أصحاب الكتب الستة.[حدثنا هشيم].وهو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، كثير التدليس والإرسال الخفي، والتدليس: هو رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ يوهم السماع، كعن وقال، أما المرسل الخفي: فهو رواية الراوي عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه؛ فيظن أنه قد سمعه للمعاصرة، أما إذا كان لم يعاصره فالإرسال واضح؛ لأنه ما أدرك زمانه، فالإرسال هذا جلي وواضح، أما الإرسال الخفي فليس بواضح؛ لأنه مدرك لزمانه وعصرهما واحد، إلا أنه ما لقيه، فـهشيم بن بشير كثير التدليس والإرسال الخفي، يعني: أنه يروي عن شيوخه ما لم يسمعه منهم، ويروي عمن عاصروه، وهذا هو كما ذكرت الإرسال الخفي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا منصور].وهو ابن المعتمر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن قتادة].وهو قتادة بن دعامة السدوسي، وهو ثقة، حديثه أيضاً عند أصحاب الكتب الستة، وهو مدلس معروف بالتدليس.[حدثنا أبي العالية].وهو رفيع بن مهران الرياحي، وهو ثقة كثير الإرسال، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس].وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، وهو من صغار الصحابة، وهو يروي عن الصحابة، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، ولكن كثيراً من روايته عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم أن رواية الصحابي عن الصحابي عمدة وحجة ومعتبرة؛ لأن رواية ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم منها ما هو رواية عنه مباشرة، ومنها ما هو رواية عنه بواسطة ولم تذكر الواسطة، ولكن مرسل الصحابي معتبر وحجة؛ لأنهم لا يأخذون غالباً إلا عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهو هنا يروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة جماعة من الصحابة، منهم عمر وقال: وكان من أحبهم إلي.منهم عمر وكان أحبهم إلي.وهو: الخليفة أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه الراشد الفاروق، ذو المناقب الكثيرة، والفضائل المشهورة، وهو أحد الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين سردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث واحد، وقد أخبره بأنه رأى قصراً في الجنة، وسأل عنه لمن؟ فقيل: هذا لـعمر بن الخطاب، ومناقبه جمة وفضائله كثيرة، ومن مناقبه رضي الله تعالى عنه وأرضاه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، لا يجتمع عمر، والشيطان في طريق واحد، فإذا كان عمر في الطريق هرب الشيطان من ذلك الطريق الذي فيه عمر، (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، وتولى الخلافة بعد أبي بكر بعهد من أبي بكر، وبإجماع من الصحابة على تنفيذ عهد أبي بكر، ويعتبر عهد أبي بكر إليه من أعظم حسنات أبي بكر، ومن أعظم ما أسداه إلى المسلمين من الخير، وقد حصل في خلافته النفع العظيم وانتشار الفتوح، ومكث عشر سنوات وأشهراً، حصل فيها اتساع البلاد الإسلامية، ودخول الناس في دين الله عز وجل، بل قضي على الدولتين الكبيرتين في ذلك الزمان، وهي دولة فارس والروم، وتحقق ما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إنفاق كنوزهما في سبيل الله عز وجل، فإن تلك الكنوز جاءت وأحضرت إلى عمر في المدينة، وتولى قسمتها رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس

شرح حديث: (لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس.أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها)].أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب: النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس. وهذا داخل فيما تقدم في ذكر الساعات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ولكنه أورده بترجمة مستقلة، وأتى بما يتعلق بذلك الوقت، وبوقت الغروب، وأن يتحرى الصلاة في هذه الأوقات، فلا يجوز للإنسان أن يصلي عند طلوع الشمس حتى ترتفع، وعندما تضيف للغروب حتى تغرب.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك].وقد مر ذكرهما.[عن نافع].نافع هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عمر].وهو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث. وهذا الإسناد رباعي من رباعيات النسائي، فهو من أعلى الأسانيد عند النسائي: قتيبة، مالك، نافع، ابن عمر، ثم أيضاً هو مشتمل على السلسلة الذهبية التي تعتبر أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، وهي: مالك عن نافع عن ابن عمر.
شرح حديث: (أن رسول الله نهى أن يصلى مع طلوع الشمس أو غروبها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى مع طلوع الشمس أو غروبها)].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى عند طلوع الشمس وعند غروبها)، فهو دال على ما ترجم له المصنف من النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وكذلك أيضاً دال على النهي عنها، أي: الصلاة عند غروب الشمس.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى أن يصلى مع طلوع الشمس أو غروبها)
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].وهو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي.[حدثنا خالد].وهو ابن الحارث، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا عبيد الله].وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو الذي يقال له: المصغر، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن نافع، عن ابن عمر].وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
النهي عن الصلاة نصف النهار

شرح حديث عقبة بن عامر في النهي عن الصلاة نصف النهار

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن الصلاة نصف النهار.أخبرنا حميد بن مسعدة حدثنا سفيان وهو ابن حبيب عن موسى بن علي عن أبيه سمعت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف للغروب حتى تغرب)].أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الصلاة نصف النهار، وأورد فيه حديث عقبة بن عامر الجهني المتقدم، لدلالته على ما ترجم له، كما أنه دال على النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولهذا تقدم ذكره فيما مضى بدلالته أيضاً على غير ما ترجم له المصنف هنا.
تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر في النهي عن الصلاة نصف النهار
قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].وهو صدوق، خرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا سفيان وهو ابن حبيب].وهو ابن حبيب، ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، والأربعة، وكلمة ( وهو ابن حبيب )، هذه ما قالها حميد بن مسعدة الذي هو تلميذه، وإنما قالها من دونه؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يعبر بهذه العبارة، يقول: سفيان بن حبيب رأساً، دون أن يقول: هو، لكن من دونه عندما يريد أن يوضح ذلك الذي ذكره التلميذ مهملاً، فإنه يأتي بكلمة: هو، حتى يتبين أنها ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ ليوضح هذا الذي أهمله التلميذ، ويأتون بمثل هذه العبارة: هو، أو يقولون: الفلاني، أو يعني ابن فلان.[عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر].وقد تقدم ذكرهم في الرواية المتقدمة.
الأسئلة

حكم لبس الخاتم في غير الخنصر
السؤال: هل يعتبر لبس الخاتم في غير الخنصر لا بأس به؟ علماً بأنك قلت سابقاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما لبسه حين قيل له: إن الرسائل لا تقبلها الملوك إلا بالختم، فاتخذه عليه الصلاة والسلام لأجل ذلك؟الجواب: اللبس في غير الخنصر ما أعرف عنه شيئاً، للحافظ ابن رجب رحمه الله كتاب واسع في أحكام الخواتيم أو الخواتم، وضح فيه كل ما يتعلق بذلك، فيمكن أن يرجع إليه، أما أنا فلا أعرف شيئاً فيما يتعلق بلبسها في غير الخنصر.
حكم صلاة الضحى وأفضل أوقاتها
السؤال: هل هناك فرق بين شروق الشمس والضحى؟الجواب: لعل السائل يقصد صلاة الإشراق، التي يقال لها: صلاة الإشراق. يعني: كما هو معلوم إذا ارتفعت الشمس قيد رمح بدأ وقت صلاة الضحى إلى زوال الشمس، كل هذا وقت لصلاة الضحى، فإذا صلاها الإنسان بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، فإنه يكون صلى صلاة الضحى، وإذا كان أخذ بالحديث الذي جاء: (من صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين فهو بحجة وعمرة تامة تامة)، والحديث صححه بعض أهل العلم، فإذا كان من عادته أن يصلي الضحى، وصلى هذا الوقت، فإنه يجزئ عن صلاة الضحى؛ لأنه وقت لصلاة الضحى.وجاء في الحديث في صحيح مسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والمراد من ذلك صلاة الضحى في وقت شدة حرارة الشمس، والفصال: أولاد الإبل أو البقر التي تصيبها الرمضاء وتشتد عليها، فمعناه في وقت شدة الحرارة، فهذا الحديث يدل على أن هذا هو الأولى، لأنه قال: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والمراد من ذلك صلاة الضحى.
حكم تأخير العصر إلى قبل الاصفرار والفجر حتى الإسفار
السؤال: في بعض البلاد الإسلامية لا يصلون العصر إلا قبل اصفرار الشمس، ولا يصلون الفجر حتى يسفر الصبح، فهل لهذا العمل من أصل؟الجواب: العصر وقتها إلى اصفرار الشمس، أو إلى أن يكون ظل الشيء مثليه، وهذا هو الوقت الاختياري، لكن كما هو معلوم الأفضل الابتعاد عن المحذور، وعن أن يقع الإنسان في خروج الوقت، أو يكون هناك ضيق عليه، فالابتعاد عما فيه محذور هو الذي ينبغي، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ثم قال: ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه)، فالإنسان إذا أخر إلى وقت الاضطرار أو قريباً منه يمكن أن يقع في الأمر المحذور من غير ضرورة وكذلك أيضاً فيما يتعلق بصلاة الصبح، يعني: الإسفار، جاء ما يدل على ذلك، وقد مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (حتى ينفسح البصر)، ووقتها يمتد إلى طلوع الشمس، لكن المبادرة بها في أول أوقاتها هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو المطلوب الذي فيه المسارعة إلى أداء الواجب، وفيه المسابقة إلى الخيرات، والصلاة إذا صليت في الوقت فهو أداء لها، لكن كون الإنسان يؤديها في أول وقتها، ويتخلص من أن يتعرض لتأخيرها حتى يخرج وقتها، هذا هو الذي على الإنسان أن يحرص عليه.
الصلوات ذوات الأسباب وعلاقة تحية المسجد بها
السؤال: ما هي الصلوات ذوات الأسباب؟ وهل ركعتي تحية المسجد منها؟الجواب: ذوات الأسباب مثل: صلاة الجنازة، ومثل: صلاة الكسوف، عندما تأتي في وقت النهي فإنها تصلى؛ لأنها أنيطت بسبب، لكن تحية المسجد من العلماء من قال: إنها من ذوات الأسباب، وأن الإنسان إذا دخل فإنه يصليها وتكون مستثناة من النهي، ومنهم من قال: إنها ليست من ذوات الأسباب؛ لأنها تتعلق بفعل الإنسان، والإنسان يمكنه أن يدخل، وأن يتعمد دخول المسجد في وقت النهي فيصلي؛ لأن هذا بفعله وبسببه، بخلاف الكسوف فإنه لا قبل للإنسان به، وكذلك صلاة الجنازة عندما تحضر تصلى، لكن تحية المسجد هي محل خلاف، والذي يظهر في هذا أن الأمر واسع، من دخل وصلى لا حرج، ومن دخل وجلس لا حرج؛ لأنه إن صلى فمعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، وإن جلس فمعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس).
مدى قرب الأشاعرة من أهل السنة والجماعة وبعدهم
السؤال: هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟الجواب : الأشاعرة هم من أقرب الفرق إلى أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يوافقون أهل السنة والجماعة في أمور ويخالفونهم في أمور، لكنهم لا يقال: إنهم من أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم مخالفون لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في كثير من الأمور، ولكنهم هم من أقرب الفرق التي حصل منها الخروج عما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن لا يقال: إنهم من أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم كانوا على عقيدة ولدت بعدما مضى عصر الصحابة، كانت ميتة في زمن الصحابة، وولدت بعد ذلك الوقت بمدة طويلة، فهي عقيدة محدثة، وليست على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل هي نبتت وولدت بعد ذلك بزمن طويل، فلا يقال: إنهم من أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكنهم موافقون لأهل السنة في بعض الأمور، ومخالفون لهم فيها، وهم من أقرب الفرق إلى أهل السنة والجماعة.مداخلة: هل تأويل الأسماء والصفات عندهم يخرجهم من أهل السنة والجماعة أم لا؟ الشيخ: هذا يخرجهم، لكن لا يقال: إنهم ليسوا على سنة أبداً، بل عندهم شيء من السنة، وعندهم موافقة في بعض الأمور، لكن إذا قيل: أهل السنة والجماعة من كان على ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنه يقال: إنهم ليسوا من هؤلاء، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، ثم قال: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)، فالاختلاف كثير، لكن الذي هو منهج السلامة والنجاة، والذي هو طريقة أهل السنة والجماعة، هو الأخذ بما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ).
الضابط في الحكم على الإنسان بالبدعة
السؤال: متى يحكم على المرء أنه مبتدع؟الجواب: كما هو معلوم أن من المبتدعة من يكون صاحب بدعة ويدعو إليها وينشرها مثل الجهم بن صفوان فهذا يقال له: مبتدع، وأيضاً مثل: الجعد بن درهم يقال له: مبتدع، ومثل أناس كثيرون من المبتدعة يوصفون بأنهم مبتدعة، ومن العلماء من يحصل منه بدعة، ويحصل منه مخالفة، لكن لا يقال: إنه من المبتدعة الذين يعاملون معاملة المبتدعة، بل يستفاد من علمه ويترحم عليه يدعى، وما حصل منه من خطأ في بعض الأمور، فيرجى أن يكون مغموراً في جانب حسناته وفضله، وأن يحصل له عفو الله ورحمته، وأن يدخل في سعة عفو الله ورحمته بما حصل منه من الخير الكثير. مداخلة: لكن هل يلزم من فعل البدعة أن يكون مبتدعاً؟الشيخ: من يفعل البدع ويدعو إليها، ويكون مرجعاً فيها، ومن الناس من يكون حصل منه خطأ، ويكون حصل منه خير كثير، فيرجى له العفو والتجاوز من الله عز وجل.
مدى تأثير الابتداع في المنهج على الابتداع في العقيدة
السؤال: هل الابتداع في منهج الدعوة كالابتداع في العقيدة؟الجواب: الابتداع في العقيدة كما هو معلوم مخالفة ما جاء في الكتاب والسنة مما يجب اتباعه والأخذ به، وهو السير على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأما المناهج في الدعوة فإنها متفاوتة، فإذا كانت على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهي الحق الذي لا شك فيه، وإذا كان فيها انحراف، فلا شك أن ذلك بحسبه من الذنب، وهو يتفاوت قرباً وبعداً إلى منهج أهل السنة والجماعة، ولا شك أن هذا فيه مخالفة وهذا مخالفة، لكن المخالفة في العقيدة لا شك أن أمرها خطير وأمرها عظيم، وكذلك المخالفة في المنهج أيضاً؛ لأنها تنبني أيضاً على الاهتمام بالعقيدة، أو عدم الاهتمام بالعقيدة.
ضابط الدراسة على المبتدع عند الحاجة
السؤال: ما رأيكم في الدراسة على المبتدعة؟الجواب : لا يدرس عليهم إذا وجد غيرهم ممن يغني عنهم، وإذا احتيج إلى الدراسة عليهم ولم تكن الدراسة فيما يتعلق بالبدعة، فإن الإنسان يستفيد منهم حيث لا يجد غيرهم ممن فيه السلامة، ولكن يحذر بدعتهم، وإذا كان سيترتب على دراسته أن يقع في البدعة فليفر منهم فراراً مثلما قال: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، يعني: يفر منهم كما يفر الإنسان من الأسد حتى لا يقضي عليه.
كيفية طلوع الشمس بين قرني الشيطان
السؤال: كيف تطلع الشمس بين قرني شيطان؟الجواب: هذا السؤال كتب العلماء الجواب عنه، فقالوا: قوله: (تطلع بين قرني شيطان) أي: يكون معترضاً عند طلوعها حتى تكون عبادة الذين يعبدونها له؛ الذين يعبدون الشمس ويسجدون لها تكون عبادتهم له، أما الكيفية والوصف، فما أحد يستطيع أن يعرف كيفية الشيطان ووصف الشيطان.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-08-2019, 11:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب المواقيت
(107)

- باب النهي عن الصلاة بعد العصر

الصلاة صلة بين العبد وربه فتصلى في أي وقت عدا أوقات جاء النهي عن الصلاة فيها، منها: بعد العصر حتى تغرب الشمس وكذلك عند الزوال.
النهي عن الصلاة بعد العصر

شرح حديث: (نهى رسول الله عن الصلاة بعد الصبح حتى الطلوع وعن الصلاة بعد العصر حتى الغروب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن الصلاة بعد العصر.أخبرنا مجاهد بن موسى حدثنا ابن عيينة عن ضمرة بن سعيد أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الصبح حتى الطلوع، وعن الصلاة بعد العصر حتى الغروب)].يقول النسائي رحمه الله: (باب النهي عن الصلاة بعد العصر). سبق في التراجم السابقة النهي عن الصلاة بعد الفجر، والنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند قيامها في وسط النهار، وهذه الترجمة من جملة هذه التراجم المتعلقة ببيان أوقات النهي عن الصلاة فيها، وهي ثلاثة أوقات قصيرة، ووقتان طويلان يضافان إلى هذه الثلاثة الأوقات، وهما متصلان بوقتين من هذه الأوقات الثلاثة، وهو النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وأما الترجمة فيها النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. وقد أورد النسائي في هذا الباب أحاديث، أولها: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى الطلوع-أي: طلوع الشمس-وبعد صلاة العصر حتى الغروب)، أي: غروب الشمس، والحديث مطابق للترجمة، وهو مشتمل على النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، فيكون هذا الوقت الطويل متصلاً بالوقت القصير الذي هو عند غروبها، وقد جاء فيه، وفي الوقتين الآخرين أحاديث تخصها، مثل حديث عقبة بن عامر المتقدم: (ثلاثة أوقات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، ومنها هذا الوقت الذي هو غروب الشمس).فإذاً: فوقتان طويلان متصلان بوقتين من هذه الأوقات الثلاثة، فيكون التحريم أو النهي مستمراً من حين صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله عن الصلاة بعد الصبح حتى الطلوع وعن الصلاة بعد العصر حتى الغروب)
قوله: [أخبرنا مجاهد بن موسى].وهو مجاهد بن موسى الخوارزمي، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا ابن عيينة].وهو سفيان بن عيينة المحدث، الفقيه، المشهور، الثقة، الذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ضمرة بن سعيد].هو ضمرة بن سعيد وهو أيضاً ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[أنه سمع أبا سعيد].هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه سعد بن مالك بن سنان، وهو مشهور بكنيته أبو سعيد، ونسبته الخدري، أو لا يكاد يذكر إلا هكذا: أبو سعيد الخدري، وهو أحد السبعة الذين رووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، والذين قال فيهم السيوطي في ألفيته:والمكثرو� � في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريِوجابر وزوجة النبيِوالإسناد من رباعيات النسائي التي هي أعلى الأسانيد عنده؛ وليس عنده ثلاثيات، وإنما أعلى ما عنده الرباعيات، وذلك بأن يكون بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص.وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً في صحيحه، والترمذي عنده حديث واحد، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث بإسناد واحد.وأما مسلم، والنسائي، وأبو داود فليس عندهم ثلاثيات، وأعلى ما عندهم الرباعيات، وهذا الإسناد الذي معنا من أعلى الأسانيد عند الإمام النسائي رحمه الله.وكلمة (الطلوع) و(الغروب) المراد بها طلوع الشمس وغروبها، و(أل) فيها عوضٌ عن المضاف إليه، يعني: طلوع الشمس، وغروب الشمس، فيحذف أحياناً المضاف إليه ويؤتى بأل في أول المضاف فتكون مغنية عنه، وهذا يكون على سبيل الاختصار، وهذا يوجد كثيراً في الكلمات، ويستعمل في أسماء الكتب كثيراً من أجل الاختصار، مثلما يقال: الفتح، والبلوغ، والعمدة، والروضة، وما إلى ذلك من أسماء الكتب، فيذكرون المضاف مسبوقاً بأل، ويحذفون المضاف إليه، يعني: تأتي أسماء كتب مختصرة يحذف المضاف إليه، ويؤتى بأل في أول المضاف، فتكون مغنية، وعوضاً عن المضاف إليه.

شرح حديث: (لا صلاة بعد الفجر حتى تبزغ الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد: أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة بعد الفجر حتى تبزغ الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)].وهنا أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري من طريق أخرى، ويقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد الفجر حتى تبزغ الشمس)، يعني: حتى تطلع، (ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، فالحديث مطابق أو شاهد أو دال على ما ترجم له النسائي، وهو النهي عن الصلاة بعد العصر، أي: حتى تغرب الشمس.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا صلاة بعد الفجر حتى تبزغ الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)

قوله: [حدثنا عبد الحميد].هو أبو عمر عبد الحميد بن محمد الحراني، وهو ثقة، خرج له النسائي وحده، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.[حدثنا مخلد].هو مخلد بن يزيد، وهو صدوق له أوهام، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً.[عن ابن جريج].وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، كثير التدليس، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن شهاب].وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو إمام، محدث، فقيه، مكثر من الرواية، هو من صغار التابعين، وهو الذي كلفه، أو أسند إليه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه أن يقوم بتدوين السنة، وهو الذي قال فيه السيوطي:أول جامع الحديث والأثرابن شهاب آمر له عمروحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عطاء بن يزيد].هو عطاء بن يزيد الليثي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[أنه سمع أبا سعيد الخدري].وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
طريق أخرى لحديث: (نهى رسول الله عن الصلاة بعد الفجر حتى تبزغ الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمود بن غيلان حدثنا: الوليد أخبرني عبد الرحمن بن نمر عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه].وهنا أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري من طريق أخرى، ولم يسق المتن، بل قال: بنحوه، أي: بنحو المتن الذي قبل هذا، فالضمير في نحوه يرجع إلى المتن الذي قبل هذا، وهو قول أبي سعيد: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الفجر حتى تبزغ الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، هذا هو المتن الذي ذكر قبل هذا، والذي يرجع إليه الضمير في قوله نحوه، والمقصود بنحوه، أنه مثله في المعنى وليس باللفظ؛ لأنه إذا كان المتن المحال إليه يماثله المتن المحال يقال: بمثله أو مثله، أما إذا كان ليس مطابقاً في اللفظ، وإنما هو موافقٌ في المعنى مع اختلاف في الألفاظ، فالتعبير عنه يقال: بنحوه، هذا هو الفرق بين: بمثله، ونحوه.قوله: [أخبرني محمود بن غيلان].هو محمود بن غيلان المروزي، وقد جاء في بعض النسخ: محمود بن خالد السلمي، وكل منهما روى عن الوليد بن مسلم، فيحتمل هذا، ويحتمل هذا، وكل منهما ثقة، أعني: محمود بن غيلان المروزي، ومحمود بن خالد السلمي، ولكن اختلفوا في الذين خرجوا لهم، فـمحمود بن غيلان خرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.وأما محمود بن خالد السلمي فقد خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، وفي ترجمة الوليد بن مسلم أنه روى عنه هذا وهذا، فسواء كان هذا، أو هذا فالمؤدى واحد، والنتيجة واحدة، وهما ثقتان، وهما جميعاً من شيوخ النسائي.[حدثنا الوليد بن مسلم].هو الوليد بن مسلم، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، والتدليس: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع كعن أو قال، وإذا جاء عنه سمعت، وحدثني، وأخبرني وأنبأني فلا مجال للتدليس؛ لأنه إذا صرح بالسماع في موضع آخر انتهى، فلا إشكال، وإنما الإشكال فيما إذا لم يوجد عنه التصريح بالسماع، فيحتمل الاتصال، ويحتمل الانقطاع.وأما التسوية فهو نوع آخر من التدليس، وهو أسوأ أنواع التدليس، وهو أن يأتي إلى إسناد فيه ثقات وضعفاء، فيحذف الضعفاء الذين في أثناء الإسناد، ويذكر الثقات فيروي بعضهم عن بعض، ولكن ليس بلفظ سمعت، ولا حدثني، وأخبرني، وإنما يأتي به بعنعنة أو قال، فيسوي الإسناد، حتى يصير كأنه ثقات، مع أن فيه ضعفاء قد حذفوا، وهذا أسوأ أنواع التدليس، وليس الأمر مقصوراً على الشخص المدلس، بل يضاف الحذف إلى غيره، فيحذف شيخ شيخه، أو من فوقه، ثم يأتي بثقتين متصل بعضهما ببعض، وقد حذف بينهما ضعيفاً، فهذا يسمونه تدليس التسوية، وهو أسوأ أنواع التدليس؛ لأن التدليس ليس خاصاً بالمدلس، بل أضيف الحذف إلى من فوق المدلس، أي: شيوخ شيوخه، ومن فوقهم.والوليد بن مسلم أخرج له أصحاب السنن الأربعة.قوله: [أخبرني عبد الرحمن بن نمر].هو عبد الرحمن بن نمر، وهو ثقة، قيل: إنه لم يرو عنه إلا الوليد بن مسلم، وقد أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.قوله: [عن ابن شهاب عن عطاء عن أبي سعيد].وقد مر ذكر الثلاثة في الإسناد الذي قبل هذا.
حديث: (أن النبي نهى عن الصلاة بعد العصر) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر)].وهنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر)، يعني: إلى أن تغرب الشمس، فهو دالٌ على ما ترجم له المصنف من النهي عن الصلاة بعد العصر. قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].هو أحمد بن حرب النسائي، وهو من بلد النسائي، فنسبته كنسبة النسائي، وقد خرج حديثه النسائي وحده.[حدثنا سفيان].وهو سفيان بن عيينة وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.[عن هشام بن حجير].هو هشام بن حجير، صدوق له أوهام، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.[عن طاوس].هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، فاضل، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس].هو ابن عباس رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وابن عمه، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، والعبادلة الأربعة هم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، فهؤلاء يقال لهم: العبادلة من الصحابة، وهم من صغار الصحابة، وكانوا في سن متقارب، وفي عصر واحد، فلهذا يطلق عليهم العبادلة، وأما عبد الله بن مسعود فإنه ليس منهم؛ لأنه متقدم عليهم بكثير، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.وعبد الله بن عباس أيضاً هو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين ذكرهم السيوطي في ألفيته، والذين أشرت إليهم عند ذكر أبي سعيد الخدري في الحديث المتقدم.

شرح حديث: (لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي حدثنا الفضل بن عنبسة حدثنا وهيب عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: قالت عائشة رضي الله عنها: (أوهم عمر رضي الله عنه، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان)].وهنا أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، قالت: (أوهم عمر، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها)، فالحديث بهذا اللفظ لا يطابق هذه الترجمة التي هي: النهي عن الصلاة بعد العصر؛ لأنه يتعلق بطلوع الشمس وغروبها، ولكن حديث عمر الذي أُشير إليه، والتي قالت فيه عائشة: (أوهم عمر)، هو مشتمل على ما ترجم له، وقد تقدم في الأحاديث السابقة من رواية ابن عباس عن عمر رضي الله عنه: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس)، حيث قال: سمعت رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عمر -وهو من أحبهم إلي- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس).وقول عائشة: (أوهم عمر)، قيل: إن المراد بها أنه ذهب وهمه، وقالت: (إنما قال رسول الله: لا تتحروا)، نعم الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه هذا، وجاء عنه ذاك، فهذا الإطلاق الذي جاء عن عمر أيضاً وافقه غيره عليه من الصحابة، فكثيرون الذين رووا الحديث مطلقاً عن النهي بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وليس الأمر مقصوراً على النهي عن الصلاة عند الغروب، بل جاء فيه أحاديث النهي عن الصلاة عند الغروب، وجاء أحاديث تدل على المنع من صلاة العصر حتى الغروب، فيكون الوقتان متصلين بعضهما ببعض؛ الوقت الطويل مع الوقت القصير؛ والوقت القصير الذي هو عند غروب الشمس، والوقت الطويل الذي هو بعد العصر حتى تغرب.وأما فيما يتعلق بقرني الشيطان، فإن هذا إنما هو خاص بالغروب كما جاء فيه هذا الحديث، وفي غيره من الأحاديث؛ أنهم لا يتحروا، ويقصدوا الصلاة في ذلك الوقت؛ لأنها تغرب بين قرني شيطان، والشيطان يعترض حتى يكون الساجدون للشمس، والعابدون لها ساجدين له وعابدين له.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني الشيطان)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، روى له البخاري، وأبو داود، والنسائي.[حدثنا الفضل بن عنبسة].هو الفضل بن عنبسة، وهو ثقة، خرج له البخاري، والنسائي مثل الذي قبله، إلا أن الذي قبله عنده زيادة أبي داود.[حدثنا وهيب].وهو وهيب بن خالد، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.[عن ابن طاوس].وهو عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، فاضل، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[قالت عائشة].وهي الصديقة بنت الصديق، وهي من السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ستة من الرجال، وواحدة من النساء، هذه الواحدة من النساء هي أم المؤمنين عائشة، وهي التي قال فيها السيوطي:والمكثر� �ن في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريِوجابر وزوجة النبيِوزوجة النبي يعني بذلك عائشة رضي الله عنها، فهي الصحابية الوحيدة التي كثر حديثها، ولم يقاربها أحد من الصحابيات، وقد زاد حديثها على ألف حديث.
شرح حديث: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تطلع وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغرب)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام بن عروة أخبرني أبي أخبرني ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تشرق، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغرب)].وهنا أورد النسائي حديث ابن عمر: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تطلع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغرب)، حاجب الشمس هو إذا طلع طرفها فإنها تؤخر الصلاة حتى يتم الطلوع وترتفع، وإذا غاب حاجبها -أي: ذهب جزء منها، يعني: الذي هو مقدمها، أولها أو طرفها- فإنها تؤخر حتى تغرب كلها، والمقصود من ذلك الإشارة للوقتين القصيرين.ومن المعلوم أن الوقتين الطويلين متصلان بهذين الوقتين القصيرين (لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس)، ولكن هذا إشارة إلى الوقت القصير الذي يعترض فيه الشيطان عند طلوع الشمس، وعند الغروب حتى تكون العبادة له من الكفار الذين يعبدون الشمس، فيكون سجودهم له؛ لأنهم يسجدون للشمس حال كونه معترضاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تطلع وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغرب)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، المحدث، الناقد، الثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى بن سعيد].هو يحيى بن سعيد القطان، وهو المحدث، الثقة، الثبت، الناقد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا هشام بن عروة].هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[أخبرني أبي].هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين المعروفين في عصر التابعين، فعندما تأتي بعض المسائل التي اتفقوا عليها يقال: قال بها الفقهاء السبعة، أو اتفق عليها الفقهاء السبعة.[أخبرني ابن عمر].وهو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وهو الذي قال: (عرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق فأجازني)، يعني: يريد أن يكون من المجاهدين، ولكن الرسول لم يجزه لصغره، ولما كان في غزوة الخندق أجازه، وهذا يدل على حرص الصحابة، وصغارهم على الجهاد في سبيل الله، وأن الواحد منهم يأتي يعرض نفسه وهو صغير يريد أن يكون من المجاهدين، ولكن لصغره لم يظفر بالإذن له، وفي السنة التي بعدها وفي غزوة الخندق أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث عمرو بن عبسة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عمرو بن منصور أنبأنا آدم بن أبي إياس حدثنا الليث بن سعد حدثنا معاوية بن صالح أخبرني أبو يحيى سليم بن عامر، وضمرة بن حبيب، وأبو طلحة نعيم بن زياد، قالوا: سمعنا أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول: سمعت عمرو بن عبسة يقول: (قلت: يا رسول الله! هل من ساعة أقرب من الأخرى؟ أو هل من ساعة يُبتغى ذكرها؟ قال: نعم، إن أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكن، فإن الصلاة محضورة مشهودة إلى طلوع الشمس، فإنها تطلع بين قرني الشيطان، وهي ساعة صلاة الكفار، فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رمح ويذهب شعاعها، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تعتدل الشمس اعتدال الرمح بنصف النهار، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر، فدع الصلاة حتى يفيء الفيء، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تغيب الشمس، فإنها تغيب بين قرني شيطان، وهي صلاة الكفار)].وهنا أورد النسائي حديث عمرو بن عبسة رضي الله تعالى عنه الذي يرويه عنه أبو أمامة الباهلي صدي بن عجلان، وهو من رواية صحابي عن صحابي؛ لأن الاثنين من رواية الصحابة رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، والحديث يتعلق بالأوقات المنهي عنها، لكنه ليس واضحاً فيما ترجم له، وهو النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، فيقول: (قلت: يا رسول الله! هل من ساعة أقرب من الأخرى؟ أو هل من ساعة يبتغى ذكرها؟ قال: نعم، إن أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد جوف الليل الآخر).هذا من الأحاديث الدالة على نزول الرب سبحانه وتعالى كما جاء في الأحاديث الأخرى: (أنه في الثلث الآخر ينزل إلى السماء الدنيا ويقول: هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟).. الحديث.قوله: (فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكن).أي: في الثلث الآخر من الليل.قوله: (فإن الصلاة محضورة مشهودة إلى طلوع الشمس).يعني: تحضرها الملائكة وتشهدها إلى طلوع الشمس، والمقصود من ذلك أن الصلاة في آخر الليل -أي: في الثلث الآخر من الليل- من الأوقات التي لها مزية ولها فضيلة؛ لأنه الثلث الذي ينزل فيه الرب، ثم بعد ذلك صلاة الفجر وهي مشهودة، ووقتها إلى طلوع الشمس، ولكنه إذا صلي الصبح فقد جاءت الأحاديث بالنهي عن الصلاة بعد الفجر حتى طلوع الشمس.قوله: (فإنها تطلع بين قرني الشيطان، وهي ساعة صلاة الكفار).فإنها تطلع، يعني: أي الشمس بين قرني الشيطان؛ لأن الشيطان يعترض ليكون العابدون للشمس عابدين له، والحديث واضح الدلالة على النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس؛ لأنها تغرب بين قرني شيطان، ولكن ما ترجم له النسائي فليس واضحاً في الدلالة على ما ترجم له، وهو النهي عن الصلاة بعد العصر، وبعد الفجر.قوله: (فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رمح ويذهب شعاعها).يعني: إذا ذهب وقت النهي بعد ذلك يبدأ وقت صلاة الضحى، ويستمر إلى أن تكون الشمس فوق الرءوس، أي: قبل الزوال، حيث يقوم قائم الظهيرة، وعند ذلك يمتنع من الصلاة في ذلك الوقت.قوله: (ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تعتدل الشمس اعتدال الرمح بنصف النهار).يعني: فتكون الشمس على الرأس، وليس هناك ظل لا من جهة المغرب، ولا من جهة المشرق، ففي هذه الحالة نهي عن الصلاة، فإذا انكسر الفيء ووجد الظل، وبدأ إلى جهة المشرق حيث ذهبت الشمس إلى جهة المغرب عند ذلك يبدأ وقت صلاة الظهر.قوله: (فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر، فدع الصلاة حتى يفيء الفيء).يفيء الفيء، يعني: ينكسر الظل ويوجد الظل إلى جهة الشرق، حيث انحرفت الشمس إلى جهة الغرب فوجد الظل من جهة المشرق.قوله: (ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تغيب الشمس).(ثم الصلاة محضورة مشهودة)، يعني: من ذلك الوقت إلى غروب الشمس، ولكن ليس المقصود من ذلك أن الإنسان يصلي كيفما يشاء، ولكن صلاة العصر تستمر في وقت الاضطرار إلى غروب الشمس، ولكن إذا صليت العصر فقد جاءت الأحاديث النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وهذا هو الذي ترجم له المصنف؛ النهي عن الصلاة، ولكن الحديث الذي معنا لا دلالة فيه على نفس الترجمة، ولكن فيه الدلالة على النهي عن الصلاة عند الغروب، وعند الزوال وعند طلوع الشمس.
تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن عبسة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].هو عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، خرج له النسائي وحده.[أنبأنا آدم بن أبي إياس].هو آدم بن أبي إياس، وهو ثقة، وهو من شيوخ البخاري، والنسائي يروي عنه بواسطة، وهو ثقة، خرج له البخاري، وأبو داود في الناسخ.[حدثنا الليث بن سعد].هو الليث بن سعد المصري، المحدث، الفقيه، الثقة، الثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا معاوية بن صالح].هو معاوية بن صالح بن حدير، وهو صدوق له أوهام، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[أخبرني أبو يحيى سليم بن عامر].هو أبو يحيى سليم بن عامر، ثقة خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[و ضمرة بن حبيب].هو ضمرة بن حبيب، ثقة، خرج له أصحاب السنن الأربعة.[و أبو طلحة].هو أبو طلحة نعيم بن زياد، وهو ثقة، يرسل، خرج له النسائي، وأبو داود في التفرد.[قالوا: سمعنا أبا أمامة الباهلي].وهو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي مشهور، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[سمعت عمرو بن عبسة].وهو أيضاً صحابي مشهور، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17-08-2019, 11:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب المواقيت
(108)
- (باب الرخصة في الصلاة قبل المغرب) إلى (باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة)

استثنى الشرع من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها صلاة ركعتي الطواف في أي ساعة من ليل أو نهار، ويستحب الصلاة في غير أوقات النهي، كما يستحب صلاة ركعتين بعد غروب الشمس وقبل صلاة المغرب، وتجوز الصلاة من بعد المغرب إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر.
الرخصة في الصلاة قبل المغرب

شرح حديث عقبة بن عامر في الصلاة قبل المغرب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في الصلاة قبل المغرب.أخبرنا علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن نفيل أخبرنا سعيد بن عيسى حدثنا عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب: أن أبا الخير حدثه: (أن أبا تميم الجيشاني قام ليركع ركعتين قبل المغرب، فقلت لـعقبة بن عامر رضي الله عنه: انظر إلى هذا أي صلاة يصلي؟ فالتفت إليه فرآه فقال: هذه صلاة كنا نصليها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)].يقول النسائي رحمه الله: باب الرخصة في الصلاة قبل المغرب. المقصود من هذا هو الصلاة أو التنفل قبل صلاة المغرب، وبعد الأذان، أي: بعد غروب الشمس وقبل صلاة المغرب، فهذا هو المقصود من الترجمة، وقد جاء في الدلالة على هذا المعنى هذا الحديث وغيره من الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي دالة على أنه يصلى قبل المغرب بعد الأذان، أو بعد غروب الشمس وقبل صلاة المغرب، وأن ذلك سائغ، وصاحبه مأجور عليه، وليس هذا من السنن الرواتب التي جاء في الحث عليها حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، اثنتا عشرة ركعة، كما جاء في حديث عائشة، وعشر ركعات كما جاء في حديث ابن عمر فجعل ما قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ركعتين.هذه الصلاة التي جاءت في هذا الحديث، وهو حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، يدل على أن هذه الصلاة تصلى في هذا الوقت، وأن الإنسان إذا كان في المسجد، وأذن المؤذن، فإنه يستحب له أن يقوم ويصلي قبل صلاة المغرب، وقد جاء في الحديث: (بين كل أذانين صلاة)، فبين الأذان والإقامة يصلي الإنسان.في هذا الحديث يقول مرثد بن عبد الله اليزني أبو الخير أنه رأى أبا تميم الجيشاني يصلي قبل المغرب، وكان عقبة بن عامر صاحب رسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنه، فقال له: انظر إلى هذا كيف يصلي؟ أي: إلى أبي تميم الجيشاني، فالتفت إليه فرآه يصلي، يعني: قبل المغرب، فقال: هذه صلاة كنا نصليها على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني: عمله صحيح، وكأن أبا الخير استغرب هذا، أو أنه ليس عنده شيء في هذا، فلفت نظر ذلك الصحابي الجليل وهو عقبة بن عامر، فالتفت إليه فرآه يصلي، فقال: (هذه صلاة كنا نصليها على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام)، يعني: فإنها سائغة وأنها سنة، وأنه لا مانع منها ولا محذور فيها ولا إشكال فيها؛ لأنها ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذلك بإقراره لأصحابه وهم يصلون، وجاء التنصيص عليها في أحاديث أخرى، مثل قوله عليه الصلاة والسلام الذي أشرت إليه: (بين كل أذانين صلاة)، وقوله: (صلوا قبل المغرب، ثم قال: لمن شاء)، فهذا يدلنا على استحبابها، ولكنها ليست من السنن الرواتب المؤكدة التي حث عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي اثنتا عشرة ركعة التي أشرت إليها.
تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر في الصلاة قبل المغرب
قوله: [ أخبرنا علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن نفيل].هو علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن نفيل، والنسائي نسب شيخه وأطال في نسبته، وكما ذكرت سابقاً أن الراوي يمكن أن يذكر شيخه بما يريد؛ لأن هذا كلامه، بخلاف ما إذا كان التلميذ قد ذكر شيخه بلفظ مختصر، فليس لمن دونه أن يزيد في نسبه دون أن يبين بأن يقول: هو فلان ابن فلان، أو يقول: يعني: ابن فلان، أو هو الفلاني؛ لأنه ليس لمن دون التلميذ أن يزيد على ما قال التلميذ إلا إذا أتى بلفظ يبين أن الزيادة ليست من التلميذ، بأن يقول: هو ابن فلان، أو يعني: ابن فلان، أما التلميذ فإنه ينسبه كما شاء، مثلما فعل النسائي هنا، فذكر نسب شيخه الطويل، فقال: علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن نفيل، ستة أشخاص، يعني: ذكر خمسة من أسماء آبائه، فالتلميذ ينسب شيخه بما يريد، ويمكن أن يضيف إلى ذلك، بأن يقول: في المكان الفلاني، وفي البلد الفلاني، كما يريد، وأما التلميذ فله أن يقول مثلاً: حدثنا سفيان هو ابن عيينة مثلاً، أو هو الثوري، أو يعني ابن عيينة، أو يعني الثوري.. وما إلى ذلك.وهو لا بأس به، وخرج حديثه النسائي وحده.[ أخبرنا سعيد بن عيسى].هو سعيد بن عيسى، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري، والنسائي.[ حدثنا عبد الرحمن بن القاسم].هو عبد الرحمن بن القاسم المصري، وهو صاحب الإمام مالك، وهو ثقة فقيه خرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، ولم يخرج له مسلم، ولا أبو داود في السنن، ولا الترمذي، ولا ابن ماجه .[ حدثنا بكر بن مضر].هو بكر بن مضر المصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.[ عن عمرو بن الحارث].هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن يزيد بن أبي حبيب].هو يزيد بن أبي حبيب المصري أيضاً، وهو أيضاً ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[أن أبا الخير حدثه].و أبو الخير كنية وصاحبها مرثد بن عبد الله اليزني المصري، وهو أيضاً ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عقبة بن عامر الجهني].هو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.أما أبو تميم الجيشاني فهذا ليس من الرواة في هذا الإسناد، ولكنه سبق أن مر في بعض الأسانيد الماضية، وأما هنا فجاء ذكره لأنه كان يصلي قبل المغرب، فرآه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني المصري، وكان لا يعرف الحكم في هذه الصلاة، وكأنه استغربها.
الصلاة بعد طلوع الفجر

شرح حديث: (كان رسول الله إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة بعد طلوع الفجر.أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن زيد بن محمد أنه قال: سمعت نافعاً يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن حفصة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين)].قوله: (باب الصلاة بعد طلوع الفجر)، أي: التنفل بركعتين وهما ركعتا الفجر، وهي مع الوتر آكد الرواتب المتعلقة بالصلوات، وكان عليه الصلاة والسلام يحافظ عليهما، ويداوم عليهما في الحضر والسفر، فحديث حفصة رضي الله تعالى عنها قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر كان لا يصلي إلا ركعتين)، يعني: أنه يقتصر على صلاة ركعتين، وهما ركعتا الفجر، وذلك إما في البيت وإما في المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في البيت، ثم يخرج، وتقام الصلاة ويصلي بالناس، وإذا صلى الإنسان في بيته هاتين الركعتين، ثم جاء إلى المسجد والصلاة لم تقم فإنه يصلي تحية المسجد، ولا يجلس حتى يصلي تحية المسجد، أما إذا جاء والصلاة مقامة فإنه قد أدى هذه الراتبة في بيته، وكان هديه عليه الصلاة والسلام أنه لا يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين خفيفتين، وهما السنة الراتبة التي كان يحافظ عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحضر والسفر.وعلى هذا فإن حديث حفصة يدل على أنه لا يصلى بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، فليس للإنسان أن يتنفل ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، وإنما يصلي ركعتين فقط ويجلس، فإن صلاها في البيت، ثم جاء إلى المسجد والصلاة لم تقم فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين)

قوله: [ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم].هو أحمد بن عبد الله بن الحكم، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.[ حدثنا محمد بن جعفر].وهو محمد بن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[ حدثنا شعبة].وهو شعبة بن الحجاج، الثقة الثبت، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[ عن زيد بن محمد].هو زيد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، والنسائي.[ سمعت نافعاً].وهو نافع مولى ابن عمر، الثقة الثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[يحدث عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما].وهو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وهو من صغار الصحابة رضي الله تعالى عنه، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير. وعبد الله بن عمر هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، والذين قال فيهم السيوطي في الألفية:والمكثر� �ن في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريِوجابر وزوجة النبيِ[ عن حفصة رضي الله عنها].وهي أم المؤمنين، حفصة بنت عمر، وهنا عبد الله بن عمر يروي عن أخته حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها خرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17-08-2019, 11:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح

شرح حديث عمرو بن عبسة في إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح.أخبرني الحسن بن إسماعيل بن سليمان، وأيوب بن محمد، قالا: حدثنا حجاج بن محمد قال أيوب: حدثنا، وقال حسن: أخبرني شعبة عن يعلى بن عطاء عن يزيد بن طلق عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! من أسلم معك؟ قال: حر وعبد، قلت: هل من ساعة أقرب إلى الله عز وجل من أخرى؟ قال: نعم، جوف الليل الآخر، فصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح، ثم انته حتى تطلع الشمس، وما دامت، وقال أيوب: فما دامت كأنها حجفة حتى تنتشر، ثم صل ما بدا لك حتى يقوم العمود على ظله، ثم انته حتى تزول الشمس، فإن جهنم تسجر نصف النهار، ثم صل ما بدا لك حتى تصلي العصر، ثم انته حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وتطلع بين قرني شيطان)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: (باب إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح)، هذه الترجمة المراد بها أن النهي الذي يكون بعد الصبح إنما يكون بالفراغ من الصلاة، وبالانتهاء من الصلاة، فإنه لا صلاة بعد الفجر حتى طلوع الشمس، معناه: إلى أن تصلى الفجر فإن الصلاة مباحة، لكن هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه ما كان يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين خفيفتين هما ركعتا الفجر، وقد أورد النسائي حديث عمرو بن عبسة رضي الله تعالى عنه، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في أول الإسلام وفي أول البعثة، فقال له: (من أسلم معك؟ قال: حر وعبد) الحر هو: أبو بكر والعبد هو: بلال، ثم إنه قال: (هل من ساعة هي أرجى)، يعني: يرجى فيها قبول الدعاء، قال: (نعم، جوف الليل الآخر).قوله: (وصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح)، معناه: أن الإنسان يصلي ما بدا له في جوف الليل إلى أن يصلي الصبح، والامتناع من الصلاة إنما يكون بعد صلاة الصبح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس)، أي: بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، ومن ذلك الوقت الذي هو آخر الليل إلى أن تصلى هو وقت إباحة، لكن بعد الأذان، أي: أذان الفجر، وبعد طلوع الفجر، فهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يصلى إلا ركعتان، وهما ركعتا الفجر اللتان هما آكد السنن، وآكد الرواتب التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا المقطع من الحديث هو محل الشاهد للترجمة، إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح.قوله: (ثم انته حتى تطلع الشمس، وما دامت).أي: بعدما تصلي الصبح انته من الصلاة، وتوقف عن الصلاة إلى أن تطلع الشمس.قوله: (وقال أيوب: وما دامت كأنها حجفة حتى تنتشر).يعني: كأنها ترس، أي: أنها مستديرة يمكن رؤيتها، ليست قبل أن ينتشر شعاعها، وذلك في أول طلوعها، معناه: أنها إذا طلعت، ثم مضى وقت يسير بعد طلوعها وهي على هذه الهيئة التي يمكن رؤيتها، وهي مستديرة لم ينتشر شعاعها، ولم يظهر شعاعها بقوة، وهذا هو معنى أنه بعد طلوع الشمس ينتظر قليلاً حتى ترتفع قيد رمح، يعني: حتى ترتفع قليلاً، وينتهي هذا الوضع الذي هي عليه، بحيث أنها كالترس، تُرى أطرافها؛ لأنه لا شعاع لها في ذلك، بحيث يصعب معه رؤيتها، أي: أنها بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع وترتفع قليلاً.قوله: (ثم صل ما بدا لك حتى).أي: بعد ارتفاعها إلى الزوال الذي هو وقت صلاة الظهر، يصلي الإنسان ما بدا له في ذلك الوقت، لا مانع في هذا الوقت الذي هو الضحى من ارتفاع الشمس إلى الزوال، ثم إذا زالت الشمس وقام قائم الظهيرة، وصارت على الرءوس، يعني: في وسط النهار قبل أن ينكسر الفيء إلى جهة الشرق، عند ذلك يتوقف الإنسان عن الصلاة؛ لأنه وقت تسجر فيه جهنم.قوله: (حتى يقوم العمود على ظله، ثم انته حتى تزول الشمس).أي: ثم انته عن الصلاة حيث يكون العمود الواقف ليس له ظلال من جهة الشرق، فإذا وجد الظلال من جهة الشرق فعند ذلك ينتهي ذلك الوقت القصير الذي نهي عن الصلاة فيه، وقد جاء النهي في أحاديث أخرى، حديث عقبة بن عامر: (ثلاث ساعات نهانا رسول الله عليه الصلاة والسلام أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: عند طلوع الشمس، وعند قيامها، وعند غروبها).قوله: (ثم صل ما بدا لك حتى تصلي العصر).أي: ثم يصلي الإنسان ما بدا له بعد الزوال إلى أن يصلي العصر، وإذا صلى العصر جاء وقت النهي: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، فإذا صلاها انتهى عن الصلاة، وتوقف عن الصلاة إلى أن تغرب الشمس.قوله: (ثم انته حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وتطلع بين قرني شيطان).وذلك أنه يعترض الشيطان عند طلوعها وتظهر بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان، يريد من ذلك أن يسجد له الساجدون لها، وأن يعبده العابدون لها؛ لأن من يسجد للشمس وهي تطلع بين قرني شيطان، معناه أنه يعبد الشيطان، ويصلي للشيطان.
تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن عبسة في إباحة الصلاة حتى يصلي الصبح
قوله: [ أخبرني الحسن بن إسماعيل بن سليمان].هو الحسن بن إسماعيل بن سليمان، وهو ثقة، خرج له النسائي وحده.[و أيوب بن محمد].وهو ثقة، خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[ قالا: حدثنا حجاج بن محمد].هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ثم إن كلاً من الحسن بن إسماعيل، وأيوب بن محمد اختلف لفظ حجاج بن محمد الذي روى فيه عن شعبة، فقال أيوب بن محمد: حدثنا شعبة، والحسن يقول: أخبرنا، وأخبرنا وحدثنا عند بعض العلماء لا فرق بينهما، لكن المشهور التفريق بينهما بأن (حدثنا) فيما إذا سمع من لفظ الشيخ، و(أخبرنا) فيما إذا قرئ على الشيخ، فيعبرون بـ(أخبرنا) فيما إذا قرئ على الشيخ الذي يسمى العرض، و(حدثنا) فيما إذا كان الشيخ يقرأ وهم يسمعون، ومن العلماء من لا يفرق بين حدثنا وأخبرنا، ويجعل معناهما واحد.ثم أيضاً الحسن يقول في روايته عن شعبة: أخبرني، وكلمة (أخبرني) تعني أن شعبة حدثه وحده ليس معه أحد عندما قال: أخبرني، أما رواية أيوب بن محمد فيقول: حدثنا، أي: أنه هو ومعه غيره، هذا هو الفرق بين حدثني وحدثنا، وأخبرني وأخبرنا؛ أن أخبرني أنه سمع من شيخه وحده ليس معه مشارك عند السماع من الشيخ، وأما إذا قال: (حدثنا) و(أخبرنا) فإنه ليس وحده، بل معه غيره. [أخبرني شعبة].هو ابن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة وقد مر ذكره قريباً.[ عن يعلى بن عطاء].يعلى بن عطاء ثقة، خرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، يعني: البخاري ما خرج له في الصحيح، وإنما خرج له في جزء القراءة خلف الإمام، فهو من رجاله في جزء القراءة، وليس من رجاله في الصحيح.[ عن يزيد بن طلق].يزيد بن طلق قال عنه الحافظ في التقريب: أنه مجهول، وقال عنه الدارقطني: يعتبر به، وأورده ابن حبان في الثقات.[ عن عبد الرحمن بن البيلماني].وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه ضعيف.[عن عمرو بن عبسة].وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وله ثمانية وأربعون حديثاً، عند مسلم منها حديث واحد، وأما البخاري فليس في صحيحه رواية عن عمرو بن عبسة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورضي الله تعالى عنه وأرضاه.وهذه الجهالة التي ذكرت في يزيد بن طلق، والضعف الذي ذكر في حق عبد الرحمن بن البيلماني لا يؤثر؛ لأنه لم يحصل التفرد، بل جاءت طرق أخرى تدل على ما دل عليه الحديث، ومن ذلك نفس حديث عمرو بن عبسة، سبق أن مر في رقم: (571) من طريق أخرى ورجاله ثقات، فتكون هذه الطريق التي في رواتها ضعف لم يكن معولاً عليها، ولم يأتِ الحديث من هذه الطريق فقط، بل قد جاء من طرق أخرى، فيدل على أن الحديث صحيح؛ لأنه ثابت من غير هذه الطريق، فتكون هذه الطريق هي مثل تلك الطرق التي ثبت فيها الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان الحديث ما جاء إلا من هذا الطريق، وحصل التفرد به من هذا الطريق ما ثبت، لكنه لما كان ثابتاً عن عمرو بن عبسة من طريق أخرى، فإن هذه الرواية يكون حكمها حكم الرواية السابقة.
إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة

شرح حديث: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة.أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان سمعت من أبي الزبير أنه قال: سمعت عبد الله بن باباه يحدث عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)].أورد النسائي: باب: إباحة الصلاة في الساعات كلها في مكة.مكة كما هو معلوم حكمها حكم البلاد الأخرى، وما جاء من النهي عن الصلاة بعد العصر فإنه يشملها، وعن الصلاة بعد الفجر فإنه يشملها أيضاً، في كون الإنسان يقوم ويتنفل، لكن من دخل وطاف فإنه يصلي ركعتي الطواف في أي وقت طاف، ولو كان ذلك في الأوقات المنهي عنها، أما كون الإنسان يكون في المسجد الحرام، ثم يقوم ويتنفل بعد الفجر، فإن الأحاديث الأخرى تدل على المنع منه، ولكن هنا قال: طاف بالبيت وصلى، يعني: أنه يطوف ويصلي الصلاة التي هي سنة الطواف، أما كون الإنسان يتنفل ويصلي في وقت النهي، فإن الحكم يشمل مكة ويشمل غير مكة، وهذه الترجمة التي قيدها المصنف بالساعات كلها في مكة، والحديث: (لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)، يعني: أنه لا يمنع من دخول المسجد في أي وقت من الليل أو النهار الذي هو المسجد الحرام، ويكون المسجد مفتوحاً، ويدخله الناس في كل وقت وفي كل حين، ولا يمنع أحد من دخوله في أي وقت من الأوقات، وإذا دخل فإنه يصلي ركعتي الطواف، أو يصلي تحية المسجد على الخلاف في هل هي من ذوات الأسباب التي تستثنى من النهي أو لا تستثنى؟ لكن يستثنى من ذلك الذي هو الطواف والصلاة في حال الخطبة، وفي حال الصلاة، فإنه لا يطاف بالبيت في وقت الصلاة، ولا يصلى ويطاف في وقت الخطبة، وإنما من دخل فإنه يصلي ركعتين، ثم يجلس يستمع الخطبة، فهذا مستثنى من هذا العموم.
تراجم رجال إسناد حديث: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)
قوله: [ أخبرنا محمد بن منصور].هو محمد بن منصور الجواز، وللنسائي شيخان، كلٌ منهما يقال له: محمد بن منصور، أحدهما مكي، والثاني كوفي، وقد سبق أن مر بنا في بعض الأسانيد في الرواية عن سفيان: محمد بن منصور المكي، نسبه النسائي فقال: المكي، فعين أن الذي يروي عن سفيان هو المكي؛ لأن سفيان بن عيينة مكي.ومحمد بن منصور الذي هو الجواز مكي، ومحمد بن منصور الجواز المكي ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.و سفيان هو ابن عيينة، وهو ثقة خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[ سمعت من أبي الزبير].هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي أيضاً، وهو صدوق يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[ سمعت عبد الله بن باباه].وعبد الله بن باباه ثقة، روى له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[ عن جبير بن مطعم].هو جبير بن مطعم بن نوفل بن عبد مناف، وروى هذا الحديث: يا بني عبد مناف! وهو من بني عبد مناف، وأولاد عبد مناف أربعة، هم: هاشم، والمطلب، وعبد شمس، ونوفل.وجبير بن مطعم هذا النوفلي هو الذي جاء هو وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله! إنك أعطيت بني المطلب، ونحن وإياهم أولاد عبد مناف، فقال: إنا وبنو المطلب شيء واحد)، يعني: أن بني المطلب بن عبد مناف هم الذين ساندوا بني هاشم، وهم الذين صاروا معهم عندما قاطعتهم قريش، فصاروا يُعطون من الخمس، ولا يعطون من الزكاة، فـعثمان بن عفان وهو من بني عبد شمس، وجبير بن مطعم وهو من بني نوفل، وعبد شمس ونوفل هما أخوان للمطلب ولـهاشم في نسب الرسول عليه الصلاة والسلام: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.وأبوه مطعم هو الذي أجار رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة، ودخل في جواره، ومنعه من أن يصل إليه إيذاء كفار قريش؛ لأنه أجاره فصار في جواره.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21-09-2019, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب المواقيت
(110)


- باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء

من رحمة الله بهذه الأمة أن شرع لها الجمع بين الصلاتين في السفر، وقصر الرباعية منها، وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس وجدّ به السير أخر الظهر إلى العصر.
الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء

شرح حديث ابن عمر في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن شيخ من قريش قال: (صحبت ابن عمر رضي الله عنهما إلى الحمى، فلما غربت الشمس هبت أن أقول له: الصلاة، فسار حتى ذهب بياض الأفق وفحمة العشاء ثم نزل فصلى المغرب ثلاث ركعات ثم صلى ركعتين على إثرها، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل)].يقول النسائي رحمه الله: باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء. أورد النسائي رحمه الله في هذا الباب أحاديث عديدة، أولها حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان معه إسماعيل بن عبد الرحمن، فذهب معه ولما آن وقت المغرب أراد أن يقول له: (الصلاة، فسار حتى ذهب بياض الأفق وفحمة العشاء)، يعني الظلام، فعند ذلك نزل فصلى المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، جمع بين المغرب والعشاء، ومعنى ذلك أنه جمع في آخر وقت المغرب، فجمع بين الصلاتين، ومن المعلوم أن وقت كل من الصلاتين هو وقت للأخرى سواء كان جمع تقديم أو جمع تأخير.وقوله: (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل) في هذا بيان ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الاقتداء به ومتابعته في أفعاله، وكذلك أنهم إذا عملوا الأعمال وكانوا متبعين فيها للرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم يبينون ذلك، فيقولون كما قال ابن عمر هنا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يفعل، فهم يفعلون ويذكرون الدليل على فعلهم؛ ليبينوا للناس أنهم متبعون فيما يفعلون سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يدل على فضلهم، ونبلهم، وسبقهم إلى الخير، وحرصهم على متابعة النبي الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.ومن المعلوم أن العمل المقبول عند الله لا بد فيه من أمرين: أن يكون خالصاً لله، وأن يكون عامله موافقاً فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلابد من تجريد الإخلاص لله وحده، ولابد من تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله؛ لأن شهادة أن لا إله إلا الله تقتضي أن يخلص له، وأن يفرده بالعبادة وأن لا يجعل له شريكاً فيها، وشهادة أن محمداً رسول الله تقتضي بأن يفرد ويوحد بالمتابعة، كما قال بعض العلماء: توحيدان لا نجاة للعبد إلا بهما توحيد الرسول وتوحيد المرسل، فتوحيد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمتابعة، وتوحيد المرسل -وهو الله عز وجل- يكون بإخلاص العمل لله عز وجل، وهذا هو معنى الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد المعروف بـابن راهويه، وهو ثقة، ثبت، فقيه، محدث، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من الأوصاف الرفيعة العالية التي لم يظفر بها إلا النادر من المحدثين، ومنهم إسحاق بن إبراهيم بن راهويه هذا، ومثل هذا اللفظ المركب المختوم بـ(ويه)، فإن أهل اللغة يجعلون الواو مفتوحة والياء ساكنة، وأما المحدثون فإنهم يجعلون الواو ساكنة وما قبلها مضموم والياء مفتوحة. وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه هذا خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.[حدثنا سفيان].هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مكي.[عن ابن أبي نجيح]هو عبد الله بن يسار المكي، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه خرجه أصحاب الكتب الستة، واسمه عبد الله، واسم أبيه يسار، فهو عبد الله بن يسار، مشهور أبوه بكنيته الذي هو أبو نجيح.[عن إسماعيل بن عبد الرحمن].وهو شيخ من قريش، هو ابن ذؤيب، وهو ثقة، خرج له النسائي وحده.[قال: صحبت ابن عمر]عبد الله بن عمر، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، الصحابي الجليل ابن الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة الذين اشتهروا بهذا الوصف، فإذا قيل: العبادلة الأربعة في الصحابة، هم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم، وغيرهم ممن يسمى عبد الله كثير، ومنهم عبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري اسمه عبد الله بن قيس، لكن هذا الوصف أُطلق على هؤلاء الأربعة الذين هم من صغار الصحابة وهم متقاربون في السن، لهذا يقال لهم: العبادلة الأربعة.وعبد الله بن عمر هو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، وقد جمعهم السيوطي في ألفيته حيث قال:والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريِوجابر وزوجة النبيِفهؤلاء سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث عبد الله بن عمر عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث ابن عمر: (رأيت رسول الله إذا عجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عمرو بن عثمان حدثنا بقية عن ابن أبي حمزة ح وقال أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة حدثنا عثمان واللفظ له عن شعيب عن الزهري أنه قال: أخبرني سالم عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء)].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجله السير في السفر)، يعني إذا كان جاداً في السير فإنه يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، يعني في وقت العشاء، وهذا من الأحاديث الدالة على الجمع بين الصلاتين صلاة المغرب وصلاة العشاء.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (رأيت رسول الله إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء)
قوله: [أخبرني عمرو بن عثمان].هو ابن سعيد بن كثير بن دينار، وهو صدوق خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، أي خرج له أصحاب السنن الأربعة إلا الترمذي، ولم يخرج له الشيخان البخاري، ومسلم.[حدثنا بقية].هو بقية بن الوليد، صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن ابن أبي حمزة].هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.ثم ذكر النسائي إسناداً آخر رجع فيه إلى ذكر شيخ آخر له.[أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة].وهو صدوق، خرج له النسائي وحده.[حدثنا عثمان].هو ابن سعيد بن كثير بن دينار أبو عمرو، وهو أبو شيخ النسائي في الإسناد الأول؛ لأن الإسناد الأول عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وهذا عثمان أبوه وهو شيخ أحمد بن محمد بن المغيرة، الذي هو شيخ النسائي وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، ثقة، عابد، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، مثل الذين خرجوا لابنه، لم يخرج له ولا لابنه الشيخان، ولا الترمذي، والابن صدوق، والأب ثقة عابد.[عن شعيب]هو ابن أبي حمزة الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا؛ لأن هناك ما ذكر اسمه ولكن ذكر نسبه، وهنا ذكر اسمه، ولم يذكر نسبه، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.قال: واللفظ له، يعني أن اللفظ لـعثمان بن سعيد وليس لـبقية بن الوليد.[عن الزهري]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وقصي بن كلاب هو الذي في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلتقي نسب الزهري مع نسب الرسول في جد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاب، أي قصي بن كلاب وزهرة بن كلاب أخوان. ويقال له: الزهري نسبة إلى جده زهرة بن كلاب، ويقال له: ابن شهاب نسبة إلى جده شهاب، وهو محدث، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة، وقد مر بنا في بعض الأحاديث أنه يروي عن أنس بن مالك.وأنس بن مالك هو من صغار الصحابة الذين عمروا وأدركهم صغار التابعين، وابن شهاب الزهري المتوفى سنة: (124هـ أو 125هـ) هو من صغار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وابن شهاب هذا هو الذي كلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز بأن يجمع السنة ويدونها، وهو الذي قال فيه السيوطي:أول جامع الحديث والأثرابن شهاب آمراً له عمروعرفنا أن الجمع الذي حصل إنما هو جمع بتكليف من الخليفة، وأما الجمع بجهود فردية وبأعمال خاصة فهذا موجود قبل هذا العمل الذي عمله ابن شهاب الزهري، كما كان معروفاً من عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يكتب كما جاء في حديث أبي هريرة لم يكن هناك أحد أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.[أخبرني سالم عن أبيه].هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو من المحدثين الفقهاء، وهو من التابعين، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة على أحد الأقوال في السابع من السبعة؛ لأن الفقهاء السبعة في المدينة المعروفين في عصر التابعين، هم سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة. وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال منهم من قال: إن السابع سالم بن عبد الله بن عمر هذا الذي معنا، ومنهم من قال: إن السابع أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ومنهم من قال: إن السابع: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في أول كتابه (إعلام الموقعين) الذين عرفوا بالفتوى واشتهروا بالفقه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في مختلف الأمصار ومختلف البلاد، ولما جاء عند ذكر المدينة، وذكر الذين هم معروفون بالفقه والفتوى من الصحابة ومن التابعين ومن بعدهم، ذكر هؤلاء الفقهاء السبعة، وذكر السابع منهم: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وذكر بيتين يشتمل الثاني منهما على أسماء هؤلاء السبعة حيث قال:إذا قيل من في العلم سبعة أبحرٍروايتهم ليست عن العلم خارجةفقل هم عبيد الله وعروة قاسمسعيد أبو بكر سليمان خارجةفهذا البيت الثاني يشتمل على أسماء الفقهاء السبعة في المدينة.وسالم بن عبد الله بن عمر حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن أبيه عبد الله بن عمر، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

شرح حديث: (غابت الشمس ورسول الله بمكة فجمع بين الصلاتين بسرف)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا المؤمل بن إهاب حدثني يحيى بن محمد الجاري حدثنا عبد العزيز بن محمد عن مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (غابت الشمس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فجمع بين الصلاتين بسرف)].هنا ذكر النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: (غابت الشمس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وجمع بين الصلاتين بسرف)، في سرف وهو مكان قريب من مكة، والمقصود من ذلك أنه أخر المغرب عن أول وقتها وجمع بينها وبين العشاء.

تراجم رجال إسناد حديث: (غابت الشمس ورسول الله بمكة فجمع بين الصلاتين بسرف)

قوله: [أخبرنا المؤمل بن إهاب].وهو صدوق له أوهام، وخرج حديثه أبو داود، والنسائي.[حدثني يحيى بن محمد الجاري].وهو صدوق يخطئ، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، يعني مثل الذين رووا لـمؤمل بن إهاب بزيادة الترمذي، أي خرج له أصحاب السنن الأربعة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، والشيخان البخاري ومسلم لم يخرجا له شيئاً.[حدثنا عبد العزيز بن محمد].هو الدراوردي، وهو صدوق، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، قيل عنه: إنه يحدث من كتب غيره فيخطئ، وقيل عنه: إن أحاديثه عن عبيد الله بن عمر منكرة.[عن مالك بن أنس].مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد الفقهاء، وأحد الأئمة الأربعة الذين اشتهرت مذاهبهم والذين حصل لهم أتباع عنوا بجمع فقههم وبجمع أقوالهم وتدوينها، حتى حصل لها ما لم يحصل لغيرها من الشيوع والذيوع، ومن المعلوم أن في زمانهم وقبل زمانهم وبعد زمانهم أئمة أجلة فقهاء، ولكن ما حصل لهم مثل ما حصل لهؤلاء من وجود أتباع يعنون بجمع فقههم وجمع اجتهاداتهم ويدونونها ويرتبونها وينظمونها، وهم من الفقهاء الأجلة، مثل إسحاق بن راهويه، والأوزاعي، والليث بن سعد، وغيرهم ممن عرفوا بالفقه واشتهروا به، لكن ما حصل لهم مثلما حصل للأئمة الأربعة.[عن أبي الزبير].هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق له أوهام، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن جابر].هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
شرح حديث أنس في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو أخبرنا ابن وهب حدثنا جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا عجل به السير يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حتى يغيب الشفق)].هنا أورد النسائي رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه كان إذا جدَّ به السير يؤخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، يعني يؤخرها حتى يغيب الشفق ويجمع بينها وبين العشاء في وقت صلاة العشاء، أي يصليهما في وقت صلاة العشاء، فهو من الأحاديث الدالة على الجمع بين المغرب والعشاء.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء

قوله: [أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو].وهو ثقة، لم يخرج له البخاري، ولا الترمذي، بل خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة إلا الترمذي.[أخبرنا ابن وهب].هو عبد الله بن وهب المصري، الثقة، الفقيه، المحدث، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا جابر بن إسماعيل].وهو مقبول، خرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، يعني ما خرج له البخاري في الصحيح، ولا خرج له الترمذي.[عن عقيل].عقيل بالتصغير، هو عقيل بن خالد بن عقيل الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن شهاب عن أنس].ابن شهاب، وهو الذي تقدم قريباً الزهري، وأنس بن مالك، وهذا فيه رواية الزهري عن أنس، وهو من صغار التابعين، يروي عن أنس وهو من صغار الصحابة رضي الله تعالى عنه.وأنس بن مالك هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل، وكان عمره لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة عشر سنوات، وقد عمر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وروى الحديث الكثير عن النبي عليه الصلاة والسلام، وتلقى عنه الأحاديث الكثير من التابعين، وهو أحد السبعة الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث.

شرح حديث ابن عمر في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد حدثنا ابن جابر حدثني نافع قال: (خرجت مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في سفر يريد أرضاً له، فأتاه آت فقال: إن صفية بنت أبي عبيد لما بها، فانظر أن تدركها، فخرج مسرعاً ومعه رجل من قريش يسايره، وغابت الشمس فلم يصل الصلاة، وكان عهدي به وهو يحافظ على الصلاة، فلما أبطأ قلت: الصلاة يرحمك الله، فالتفت إليَّ ومضى، حتى إذا كان في آخر الشفق نزل فصلى المغرب، ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق فصلى بنا، ثم أقبل علينا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير صنع هكذا)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وقد مر ذكر بعض رواياته، وهو أنه كان في سفر ومعه رجل من قريش، ولما دخل وقت المغرب، وكان يعلم محافظته على الصلاة يعني في أول وقتها، فقال له: الصلاة يا أبا عبد الرحمن، فالتفت إليه ومضى يعني معناه أنه قد علم ما قال أو فهم ما قال، ولما جاء في آخر وقت صلاة المغرب وعند مغيب الشفق نزل وصلى المغرب ثلاثاً ثم صلى العشاء بعدها ركعتين، وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، يعني أنه يؤخر صلاة المغرب إذا أدركه السير، فإنه يستمر في سيره ويجمع المغرب مع العشاء.و إسماعيل بن عبد الرحمن قال: صحبت ابن عمر، إسماعيل بن عبد الرحمن شيخ من قريش، فهذا هو الذي كان يعنيه نافع، قال: ومعه شيخ من قريش يسايره، يعني يسير معه ويرافقه في الطريق.(فأتاه آتٍ فقال: إن صفية بنت أبي عبيد لما بها).صفية بنت أبي عبيد يعني زوجة عبد الله بن عمر، أنه لما بها أو لما بها، يعني أنها تستعجله أو تطلب منه الحضور أو تخبره بما فيها من شدة المرض، ولهذا جاء في بعض الروايات أنها كتبت إليه وقالت: إنها في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة فأسرع السير ليصل إليها ويدركها.(فانظر أن تدركها، فخرج مسرعاً ومعه رجل من قريش يسايره، وغابت الشمس فلم يصل الصلاة، وكان عهدي به وهو يحافظ على الصلاة).قوله: (وغابت الشمس فلم يصل الصلاة)، يعني في أول الوقت، وكان عهدي به أنه يحافظ على الصلاة، يعني في أول وقتها، فهو لما لم يصل في أول الوقت خشي أن يكون نسي فذكّره وقال: الصلاة، فالتفت إليه ثم مضى، معناه أنه قد فهم ما ذكره به، وهو يريد أن يؤخر الصلاة ليجمع بينها وبين صلاة العشاء.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].هو السلمي، وهو ثقة، خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه . [حدثنا الوليد].هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، خرج له الجماعة، كثير تدليس التسوية، وهو نوع من أنواع التدليس وهو أشد الأنواع، ويعرف بأنه أن يعمد إلى إسناد فيه ثقات وضعفاء، فيحذف الضعفاء ويجعل الإسناد له ثقات فيسويه على أساس أن الذي يرى الإسناد يراه ليس فيه إلا الثقات، مع أنه حذف الضعفاء منه، أما بقية بن الوليد فكان كثير التدليس عن الضعفاء.[حدثنا ابن جابر].هو عبد الله بن عبد الله بن جابر، ويقال له أيضاً: ابن جبر، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثني نافع].هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عمر].وقد مر ذكره.
حديث ابن عمر في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا العطاف عن نافع أنه قال: (أقبلنا مع ابن عمر رضي الله عنهما من مكة فلما كان تلك الليلة سار بنا حتى أمسينا، فظننا أنه نسي الصلاة، فقلنا له: الصلاة، فسكت وسار حتى كاد الشفق أن يغيب ثم نزل فصلى وغاب الشفق فصلى العشاء، ثم أقبل علينا فقال: هكذا كنا نصنع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير)].هنا أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وقد مر ذكره بهذا المعنى قريباً.قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ النسائي الذين أكثر الرواية عنهم، بل هو أول شيخ خرج له في سننه.[حدثنا العطاف].هو العطاف بن خالد بن عبد الله بن العاص المخزومي، صدوق يهم، روى له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، ولم يخرج له مسلم، ولا ابن ماجه .[عن نافع عن ابن عمر].وقد مر ذكرهما في الذي قبل هذا.
حديث ابن عمر في الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم حدثنا ابن شميل حدثنا كثير بن قاروندا أنه قال: (سألنا سالم بن عبد الله عن الصلاة في السفر، فقلنا: أكان عبد الله يجمع بين شيء من الصلوات في السفر؟ فقال: لا إلا بجمع، ثم أتيته فقال: كانت عنده صفية فأرسلت إليه: إني في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، فركب وأنا معه فأسرع السير حتى حانت الصلاة، فقال له المؤذن: الصلاة يا أبا عبد الرحمن فسار حتى إذا كان بين الصلاتين نزل، فقال للمؤذن: أقم فإذا سلمت من الظهر فأقم مكانك، فأقام فصلى الظهر ركعتين ثم سلم ثم أقام مكانه فصلى العصر ركعتين، ثم ركب فأسرع السير حتى غابت الشمس، فقال له المؤذن: الصلاة يا أبا عبد الرحمن فقال كفعلك الأول، فسار حتى إذا اشتبكت النجوم نزل فقال: أقم فإذا سلمت فأقم فصلي المغرب ثلاثاً ثم أقام مكانه فصلى العشاء الآخرة، ثم سلم واحدة تلقاء وجهه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضر أحدكم أمراً يخشى فواته فليصل هذه الصلاة)].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وقد مر هذا الحديث فيما مضى، وأورده هنا للاستدلال به على الجمع بين صلاة المغرب والعشاء، وهناك أورده في الجمع للاستدلال به بين الظهر والعصر، وقد مر ذكره فيما مضى.قوله: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم].وهو صدوق، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي والبخاري في الأدب المفرد وليس في الصحيح، والكتب الستة التي هي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وابن ماجه ، وأبي داود. وسنن النسائي.[حدثنا ابن شميل].النضر بن شميل، هو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا كثير بن قاروندا].وقد مر ذكره في الإسناد السابق، وهو مقبول، خرج حديثه النسائي وحده.أما عبد الله بن عمر فقد مر ذكره في الأسانيد الماضية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21-09-2019, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب المواقيت
(111)


- باب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين - باب الجمع بين الصلاتين في الحضر

إن الشريعة الإسلامية شريعة يسر، لم تقصد التعنت والمشقة في تشريعاتها، بل فيها الرخص، ومن ذلك الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا سفر، وإنما لوجود ما يستدعي ذلك من مرض ونحوه.
الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين

شرح حديث: (أن النبي كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين.أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)].يقول النسائي رحمه الله: (باب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين)، الحال: أي الهيئة التي يكون بها الجمع بين الصلاتين؛ وذلك مثل كون السير جد بالإنسان فإنه يجمع بين الصلاتين من أجل مواصلة السير؛ لأن نزوله عند كل صلاة قد يحصل معه شيء من التأخير، والله تعالى يسر وخفف فشرع الجمع بين الصلاتين وجعل ذلك سائغاً، وذلك في حال كون السير جد بالإنسان، وحتى يواصل سيره، وينزل نزولاً واحداً يصلي فيه الصلاتين معاً كالمغرب والعشاء والظهر والعصر. وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)، يعني أنه ينزل نزولاً واحداً فيصلي فيه الصلاتين المغرب والعشاء، إذا كان سائراً قبل غروب الشمس. وغربت الشمس وهو سائر فإنه يؤخر المغرب ثم ينزل ويصليها ويصلي معها العشاء، فيكون بذلك جامعاً بين الصلاتين.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن مالك]. هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، صاحب المذهب المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن نافع]. هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت أيضاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما].هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وهذا الإسناد رباعي، ومن أعلى أسانيد النسائي؛ لأن النسائي ليس عنده إسناد من الثلاثيات، بل أعلى شيء عنده الإسناد الرباعي، وهذا السند من هذه الأسانيد العالية: قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر، بين النسائي -وكانت وفاته سنة: (303هـ)- وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص قتيبة، ومالك، ونافع، وعبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما. وقد ذكرت فيما مضى: أن أصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم أعلى ما عندهم الثلاثيات، وثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، فالثلاثة الذين أعلى ما عندهم الثلاثيات هم: البخاري، فإن عنده اثنين وعشرين حديثاً ثلاثياً في صحيحه، والترمذي عنده ثلاثي واحد، وابن ماجه عنده خمسة ثلاثيات، وكلها بإسناد واحد. وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي فهؤلاء الثلاثة ليس عندهم ثلاثيات بل أعلى ما عندهم الرباعيات، وهذا الإسناد الذي معنا هو من الرباعيات. ثم هذا الإسناد فيه مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذه هي السلسلة التي تعتبر أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، والأربعة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (كان النبي إذا جد به السير أو حزبه أمر جمع بين المغرب والعشاء) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير أو حزبه أمر جمع بين المغرب والعشاء)].وهنا أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وفيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير أو حزبه أمر جمع بين المغرب والعشاء)، فهو مثل الذي قبله إلا أن فيه الزيادة: (أو حزبه أمر)، وهذه الزيادة ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أنها شاذة؛ لأن جميع أصحاب نافع الذين رووا هذا الحديث وغيرهم ما ذكروا هذه الزيادة (أو حزبه أمر)، ثم قال: ويحتمل أن تكون مصحفة؛ لأن هذا الحديث بهذا الإسناد موجود في مصنف عبد الرزاق، وفيه بدل: (أو حزبه أمر) (أو جد به السير، أو أجد به المسير)، فتكون الكلمة قريبة من الجملة السابقة فيكون فيها تصحيف. كما قال: إن كلمة (أو حزبه أمر) هذه لم يروها أحد من أصحاب نافع، وإنما جاءت في هذا الإسناد. والحديث هنا كالذي قبله (إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)، وفيه هذه الزيادة التي هي شاذة أو مصحفة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي إذا جد به السير أو حزبه أمر جمع بين المغرب والعشاء) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد، المشهور بـابن راهويه، وهو محدث، فقيه، مصنف، وله كتاب المسند، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه، وهو ممن وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث وهو وصف عال ولقب رفيع لم يظفر به إلا النادر من المحدثين.[حدثنا عبد الرزاق].هو ابن همام بن نافع الحميري، مولاهم الصنعاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهو شيخ الإمام أحمد، وقد أكثر من الرواية عنه، وهو الذي رويت عنه صحيفة همام بن منبه؛ لأن إسنادها: عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة. وعبد الرزاق مكثر من الرواية، وهو مصنف، وله كتاب (المصنف)، وهو كتاب واسع عظيم، فيه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه الآثار عن الصحابة ومن بعدهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وذكروا في ترجمته أنه كان يتشيع، ولكن التشيع أحياناً يراد به ما لا يضر وما لا يؤثر؛ وذلك أنه يقول، وقاله أيضاً غيره: إن علياً أفضل من عثمان، فبعض العلماء يعتبر هذا تشيعاً، ويصف من يقول بهذا القول بأنه تشيع، ولكن هذا لا يؤثر؛ لأن تفضيل علي على عثمان قال به بعض السلف وقال به بعض الأئمة الكبار من المحدثين، وهذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (العقيدة الواسطية) في آخرها: إن الخلفاء الراشدين مرتبون في الخلافة على حسب ما وقع وحصل أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وخلافتهم حق، وهم مرتبون هذا الترتيب، ولا يقدح في خلافتهم والقدح فيها ابتداع، ويبدع من يتكلم في تقديم بعضهم على بعض في الخلافة على خلاف الذي تم وحصل، وعثمان مقدم على علي بالخلافة كما وقع وكما حصل، وكما اختاره أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام واتفقوا على بيعته، وكان الأمر دائراً بينه وبين علي، واختاروا تقديم عثمان على علي، أما كون عثمان أفضل من علي، فهذا هو المعروف عن أهل السنة وهو المشهور عن أهل السنة، وقد جاء به حديث عبد الله بن عمر: (كنا نخير ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فنقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينكره) وبعض العلماء يقول: إن علياً أفضل من عثمان، فلا يبدع بها، وإنما يبدع بمن يقول: بتقديمه عليه بالخلافة؛ لأن هذا اعتراض على فعل الصحابة، وفيه اعتراض على اتفاق الصحابة على تقديم عثمان على علي، وأما تقديمه بالفضل فقال به بعض أهل السنة، وذلك لا يؤثر ولا يعاب من قاله ولا يقدح في عدالته، فكونه يفضل علياً على عثمان، هذه مسألة لا يبدع من قال بها، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر الواسطية، وإنما التي يبدع بها هي القول بأنه أولى بالخلافة منه.وعبد الرزاق هذا ممن يقول بتقديم علي على عثمان في الفضل، ومنهم: عبد الرحمن بن أبي حاتم، والأعمش، وابن جرير .[حدثنا معمر].وهو معمر بن راشد الأزدي البصري نزيل اليمن، وهو شيخ عبد الرزاق والذي أكثر عبد الرزاق من الرواية عنه، وصحيفة همام بن منبه هي من رواية عبد الرزاق عن معمر، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن موسى بن عقبة].هو ثقة، فقيه، إمام في المغازي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن نافع عن ابن عمر].قد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

شرح حديث ابن عمر: (رأيت النبي إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان سمعت الزهري أخبرني سالم عن أبيه رضي الله عنه أنه قالرأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)].هنا أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو بمعنى ما تقدم، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء، فهذه هي الحال التي يجمع فيها المسافر وهي كون السير يجد به، بمعنى أنه مواصل السير، ونزوله لكل صلاة قد يكون فيه مشقة، فرخص الجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء والظهر والعصر.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (رأيت النبي إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء) من طريق ثالثة
قوله : [أخبرنا محمد بن منصور]. قد عرفنا فيما مضى أن محمد بن منصور الذي يروي عن سفيان هو الجواز المكي، وقد مر في إسناد عند النسائي أن نسبه، وقال: محمد بن منصور المكي، والنسائي له شيخان: أحدهما: محمد بن منصور الجواز المكي. والثاني: محمد بن منصور الطوسي، ولكن حيث جاء يروي عن سفيان فإن المراد به: محمد بن منصور الجواز المكي، وسفيان بن عيينة مكي، ومحمد بن منصور الجواز مكي، والغالب أن الشخص إذا كان شيخه من بلده أنه يكثر الرواية عنه، بخلاف الذي يكون في بلد آخر غير بلده فإنه لا يروي عنه إلا إذا التقى به في سفر؛ في رحلة، أو في عمرة، أو حج، هذا هو الذي يحصل به الالتقاء بين الراويين. إذاً محمد بن منصور هو المكي الجواز، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.[عن سفيان].سفيان بن عيينة وهو مكي، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [سمعت الزهري] .هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، محدث، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[أخبرني سالم].هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو محدث، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، فـسالم هو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع؛ لأن ستة منهم معدودون في الفقهاء السبعة بلا إشكال، والسابع فيه خلاف، فمن العلماء من قال: السابع سالم بن عبد الله بن عمر هذا، ومنهم من قال: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومنهم قال: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.[عن أبيه]، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
الجمع بين الصلاتين في الحضر

شرح حديث: (صلى رسول الله الظهر والعصر جميعاً ... من غير خوف ولا سفر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر.أخبرنا قتيبة عن مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهـما أنه قـال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولا سفر)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب الجمع بين الصلاتين في الحضر؛ لأنه ذكر الجمع في السفر بين المغرب والعشاء وبين الظهر والعصر، وهنا ذكر هذه الترجمة التي هي الجمع بين الصلاتين في الحضر، يعني وهو حاضر مقيم غير مسافر، وقد أورد النسائي فيها حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ثمانياً الظهر والعصر، وسبعاً المغرب والعشاء)، ثمانياً جميعاً، يعني أربع للظهر وأربع للعصر وسبعاً جميعاً ثلاث للمغرب وأربع للعشاء يعني جمعاً بدون قصر، ففي الحضر جمع ولم يقصر. وقد جاء في بعض الروايات أنه لما سئل الصحابي عن ذلك قال: (أراد أن لا يحرج أمته)، أن لا يجعل عليها حرجاً، وذلك بكونه إذا حصل أمر اقتضى ذلك في يوم من الأيام لضرورة دعت إليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في المدينة من غير خوف ولا سفر، وفي بعض الروايات: (من غير خوف ولا مطر).
تراجم رجال إسناد حديث: (صلى رسول الله الظهر والعصر جميعاً ... من غير خوف ولا سفر)
قوله: [أخبرنا قتيبة] .هو ابن سعيد، وقد مر ذكره.[عن مالك] .وقد مر ذكره أيضاً.[عن أبي الزبير] .هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق يدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن سعيد بن جبير] .وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس رضي الله عنهما].وهو ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد صغار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهو أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن ابن عباس وعن الصحابة أجمعين.
شرح حديث: (إن النبي كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين من غير خوف ولا مطر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة واسمه غزوان حدثنا الفضل بن موسى عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين؛ بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر، قيل له: لم؟ قال: لئلا يكون على أمته حرج)].وهنا أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهر والعصر جميعاً في المدينة، والمغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر)، وهذا يدل على أن الخوف والمطر من أسباب الجمع، أو من الأشياء التي يجمع من أجلها، ولما سئل ابن عباس: (لم يفعل هذا وهو في الحضر؟ قال: أراد أن لا يكون على أمته حرج) بمعنى أنها عندما تضطر إلى ذلك فإنه مرخص لها أن تفعل مثل هذا الفعل.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن النبي كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين من غير خوف ولا مطر)
[أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة واسمه غزوان].يعني أن أبا رزمة -الذي هو جده- هذه كنيته، ولكن اسمه غزوان، وهو مروزي، ثقة، خرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، يعني لم يخرج له مسلم.[حدثنا الفضل بن موسى].الفضل بن موسى، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].هو سليمان بن مهران الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه هذا، واسمه سليمان بن مهران، ويأتي ذكره أحياناً باسمه وأحياناً بلقبه، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة، وهو نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، فإن من لا يعرف أن هذا لقب لهذا يظن أن هذا شخص وهذا شخص آخر والواقع أنهما شخص واحد.[عن حبيب بن أبي ثابت] .وهو أيضاً ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد بن جبير] .وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس].وقد مر ذكره.
شرح حديث ابن عباس: (صليت وراء رسول الله ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً)].وهنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، قال: (صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً)، يعني الظهر والعصر ثمانياً؛ لأنه جمع ولم يقصر وسبعاً جميعاً المغرب والعشاء جمع ولم يقصر، والمتن الذي قبل هذا (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر).التعبير بـ(كان) المتبادر منه أنه يدل على تكرر الفعل، كان يفعل كذا، يعني -يتكرر منه الفعل، ولكن أحياناً يأتي لفظ (كان) ولا يدل على التكرار ولا يقتضي التكرار ولعل هذا من هذا القبيل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عرف عنه تكرار هذا الجمع وإنما فعله في المدينة مرة وقال الراوي: (أراد أن لا يحرج أمته)، أي أن لا يقع عليها حرج، وقد ذكر هذا ابن حجر في (فتح الباري) وقال: إن (كان) تأتي أحياناً لغير التكرار ومثل لذلك بمثال واضح أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، والرسول ما حج إلا مرة واحدة، فهذا يدل على أن (كان) لا تقتضي التكرار، وهذا من هذا القبيل (أنه جمع في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر أو من غير خوف ولا مطر) فهذا ما تكرر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه فعله ليبين أن ذلك سائغ عندما يوجد أمر يقتضي ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (صليت وراء رسول الله ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].هو الصنعاني، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. [حدثنا خالد].هو ابن الحارث، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا ابن جريج] .هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن عمرو بن دينار].هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن أبي الشعثاء].هو جابر بن زيد مشهور بكنيته أبي الشعثاء، وكذلك يأتي ذكره كثيراً باسمه جابر بن زيد، وهو ثقة، فقيه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس].قد مر ذكره فيما مضى.
الأسئلة

المقصود بالقلة والذلة
السؤال: جاء في الحديث: (اللهم إني أعوذ بك من الفقر وأعوذ بك من القلة والذلة).. الحديث، ما معنى القلة؟ وجزاكم الله خيراً.الجواب: أولاً: نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه. وأما الحديث الذي هو القلة والذلة، ما أعرف عنه شيئاً، وأما الاستعاذة من الفقر فهي ثابتة في أحاديث، وأما القلة والذلة ما أعرف عنهما، ولكن إذا ثبت وصح فالقلة معروفة، يعني هي بمعنى الفقر، وكذلك أيضاً قد تكون أيضاً مع الفقر قلة الأعوان وقلة الأقارب والمعينون والمساعدون، هذا إذا ثبتت هذه اللفظة، وأما الفقر فقد ثبت.
مدى اشتراط الجد في السير للجمع في السفر
السؤال: هل الجمع في السفر لابد أن يكون بعد الجد في السير أم لا يشترط الجد في السير؟الجواب: لا يشترط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل، كان نازلاً في منزله في مخيم، أو في المكان الذي هو ساكن فيه في تبوك، وخرج وجمع بين الظهر والعصر ثم خرج وجمع بين المغرب والعشاء، فدل هذا على أن الجمع جائز في حال الإقامة وبغير جد السير، ولكن المعروف من عادته أنه كان إذا جد به السير يجمع، وفعله في تبوك يدل على جواز الجمع من غير جد في السير.
حكم الإتيان بالاستعاذة بعد قول: قال الله تعالى
السؤال: هنالك بعض الأشخاص عندما يقرأ من كتاب الله تعالى يقول: يقول الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ثم يقرأ الآية، فهل هذا القول سائغ؟الجواب: الذي يبدو أن الإنسان عندما يقول: يقول الله عز وجل ما يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإنما يأتي بالآية رأساً؛ لأنه ما يقرأ قرآناً حتى يستعيذ، وإنما هو يأتي بآية يستدل بها على شيء، فالاستعاذة تكون عند قراءة القرآن فيقدم الاستعاذة: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل:98]، ولكن كونه يريد أن يستشهد بآية في أثناء الكلام ثم يقول: يقول الله عز وجل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كذا. فهذا خلاف المعروف والمشهور في الكتب والتي امتلأت به الكتب من المتقدمين والمتأخرين المعروف أنهم يقولون: يقول الله تعالى: كذا، ويأتون رأساً بالآية.
مدى تلازم القول بأفضلية علي على عثمان بأولويته بالخلافة
السؤال: أليس القول بتفضيل علي على عثمان ملازماً لتقديمه عليه في الخلافة فكيف يقدم الصحابة عثمان في الخلافة وعلي أفضل منه؟الجواب: الصحابة ما قالوا: إن علياً أفضل من عثمان، الصحابة كما قال عبد الله بن عمر: كنا نخير يعني نقول: فلان خير من فلان، نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فهذا هو المعروف عن الصحابة، وهذا هو المشهور عمن بعد الصحابة، ولكن جاء عن بعض السلف وهم قليلون أن علياً أفضل من عثمان، وعلى هذا القول لا تلازم بين التفضيل وبين الخلافة؛ لأن الذين قالوا بالتفضيل يقولون: بأن عثمان أولى بالخلافة؛ لأن الصحابة قدموه وليس هناك تلازم بين التفضيل وبين أنه لا يقدم في الخلافة إلا الأفضل، فإنه قد يقدم المفضول مع وجود الفاضل، وقد يؤمر من هو دون غيره ممن أمر عليه، مثلما حصل في غزوة ذات السلاسل، فقد أمر عمرو بن العاص وفيها أبو بكر وعمر، ولهذا لما رأى أنه أمر سأل الرسول عليه الصلاة والسلام: (من أحب الناس إليك يا رسول الله؟ قال: أبو بكر)، فقضية الخلافة لا تقتضي أن لا يقدم إلا الأفضل، فقد يقدم المفضول مع وجود الفاضل، ولكن جمهور الصحابة وجمهور أهل السنة على أن عثمان أفضل من علي، كما أنه هو الذي قدم في الخلافة. فإذاً التقديم بالخلافة ما فيه إشكال ولا يقول به أحد، ومن قال به فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار ويبدع من قال: إن علياً أولى من عثمان بالخلافة؛ لأن الصحابة قدموه فهم ما أجمعوا على ضلاله وإنما أجمعوا على حق. وأما كونه أفضل فأكثر أهل السنة على أن عثمان أفضل وقلة قليلة ممن جاء بعد الصحابة على أن علياً أفضل، ولكن هؤلاء القائلين بأنه أفضل لا يقولون بأنه أولى منه في الخلافة، وكما قلت: ليس هناك تلازم بين الفضل وبين الخلافة، بل قد يكون المفضول يؤمر ويولى مع وجود من هو أفضل منه؛ وذلك يمكن أن يكون لهذا الذي ولي، فقد يكون له ميزة على غيره ممن هو أفضل منه، يعني في هذا الشيء الذي أُسند إليه، فكون بعض السلف قال: إن علياً أفضل من عثمان فليس بلازم أن يكون ولى منه بالخلافة.
انتقاض وضوء الأم بتغسيلها النجاسة من ولدها الصغير
السؤال: هل ينتقض وضوء الأم عندما تغسل لولدها الصغير النجاسة؟الجواب: إذا مست ذكره فإنها تتوضأ، وأما مجرد مجيء النجاسة على يدها، فإنه لا ينقض وضوءها مجيء النجاسة على يدها بل تغسلها وهي على طهارتها وعلى وضوئها.
حكم نظر المرأة إلى الرجال الأجانب والاستدلال على جوازه بنظر عائشة إلى الأحباش
السؤال: استدل بعض علمائنا الأفاضل على جواز نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي؛ بحديث عائشة رضي الله عنها لما كانت تنظر إلى الأحباش وهم يلعبون بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا صحيح؟ وما حكم نظر المرأة إلى الرجال؟الجواب: الله تعالى يقول: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، هذا هو قول الله عز وجل، وهو الفيصل في هذا، وأما ما حصل من عائشة رضي الله عنها فهي ترى أشخاصاً من بعد، يعني تنظر لأشخاص من بعد يقفزون ويتحركون ويمشون، فالرؤية من بعد ليست كالرؤية من قرب ومشاهدة الوجوه والنظر إليها، يعني مثل الإنسان ينظر أشخاصاً من بعيد يتحركون، فلا يقال: إن هذا فيه نظر إليهم، وأنه فيه رؤية هيئاتهم ووجوههم وما إلى ذلك؛ لأنه نظر من مسافة، وكذلك الحديث لا يقال: فيه جواز نظر المرأة إلى الرجل، والله عز وجل يقول: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، فغض البصر مطلوب ومأمور به. وما جاء عن عائشة في الحديث فهو محمول على ما ذكرت.
حكم الخلوة بجمع من النساء
السؤال: هل وجود الرجل وحده مع امرأتين أو أكثر يعتبر خلوة أم لا؟الجواب: لا يجوز للإنسان أن يخلو مع النساء ولو كن أكثر من واحدة إذا كن أجنبيات منه، وأما إذا كان فيهن من هي من أقاربه، وكان حضورهن لأمر يقتضي ذلك أو اجتماعهن به لأمر يقتضي ذلك، ومعهن أحد من محارمه فإنه لا بأس بذلك.
الخروج إلى الأسواق والأماكن العامة بشكل جماعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
السؤال: إذا قام بعض من طلاب العلم جماعات أو فرادى بالتجول في الأسواق والأماكن العامة والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طواعية من أنفسهم فما رأيكم حفظكم الله؟الجواب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب من الجميع، وكما هو معلوم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، ولكن ما يلزم أن يكون هناك تجمع فيمكن للإنسان إذا رأى أمراً منكراً أن يأتي إلى من يراه يعمل ذلك فيقول له: يا فلان! اتق الله، وإذا كان عنده فتوى من بعض المشايخ المعتبرين، مثل الشيخ ابن باز، أو الشيخ ابن عثيمين، يعني: مكتوبة فيعطيها إياه ويقول: هذا كلام أهل العلم وهذا بيان الحكم الشرعي، فهذا أمر مطلوب، وهذا شيء طيب. وأما حصول تجمعات وما إلى ذلك، أو كون الإنسان يمد يده ثم يترتب على ذلك مضرة فلا، وأما كون الإنسان يأمر وينهى ويدل على الخير فالناس لا يزالون بخير ما تناصحوا، والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً وخير ما يهدى إلى الإنسان أو يعان به الإنسان أن يؤمر بمعروف أو يُنهى عن منكر أو يدل على خير؛ لأن هذا فيه إعانته على التخلص من العذاب وعلى السلامة من العذاب.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21-09-2019, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب المواقيت
(112)


- (باب الجمع بين الظهر والعصر بعرفة) إلى (باب كيف الجمع)

لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين في مواطن متعددة، ومنها: أنه جمع بين الظهر والعصر بنمرة من غير أن يصلي بينهما شيئاً، وجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة وكان بينهما فاصل خفيف.
الجمع بين الظهر والعصر بعرفة

شرح حديث جابر في الجمع بين الظهر والعصر بعرفة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الجمع بين الظهر والعصر بعرفة.أخبرني إبراهيم بن هارون حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، حتى إذا انتهى إلى بطن الوادي خطب الناس، ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئاً)].يقول النسائي رحمه الله: (باب الجمع بين الظهر والعصر بعرفة). هذه الترجمة تتعلق بهذا الجمع المخصوص الذي حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم يوم عرفة وهو جمع تقديم، حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين ثم العصر ركعتين وهو جمع تقديم، وذلك ليكون الحاج بعد صلاته مشتغلاً بالذكر والدعاء، والإقبال والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى حتى تغرب الشمس، من حين ما يصلي الظهر والعصر في أول وقت الظهر ويستمر حتى غروب الشمس وهو في الدعاء والذكر والاستغفار وسؤال الله عز وجل من خير الدنيا والآخرة. وقد أورد النسائي رحمه الله في هذا حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما والذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سار حتى أتى عرفة ووجد القبة قد نصبت له في نمرة فنزل بها، ثم إنه سار حتى جاء الوادي فخطب الناس فيه، ثم أمر بلالاً فأذن وأقام للظهر فصلى ركعتين ثم أقام للعصر فصلى ركعتين ولم يصل بينهما)، يعني لم يتنفل بين الصلاتين.فهذا الحديث دال على ما ترجم له المصنف من حصول الجمع بين الظهر والعصر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرفة، وكان ذلك اليوم يوم جمعة، وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، يعني صلاها صلاة المسافر، ولم يحصل منه التجميع، ولهذا صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، ولو كانت جمعة فالجمعة يجهر فيها بالقراءة ثم الجمعة لها خطبتان، وإنما خطب خطبة واحدة بين للناس فيها أحكام الحج، وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين جامعاً بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر.
تراجم رجال إسناد حديث جابر في الجمع بين الظهر والعصر بعرفة
قوله: [إبراهيم بن هارون].هو البلخي، وهو صدوق، خرج له الترمذي في الشمائل، والنسائي .[ حاتم بن إسماعيل] .وهو صدوق يهم، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[جعفر بن محمد].هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو المشهور بالصادق، وهو أحد الأئمة عند أهل السنة. وهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يغلون فيهم وينزلونهم منازل ليسوا أهلاً لتلك المنازل، بل يتجاوزون فيهم بأن يجعلوهم أفضل من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، وهذا القول ليس قول أشخاص عاديين من الرافضة. بل قول بعض كبرائهم وزعمائهم الذين لهم شأن عندهم ولهم منزلة رفيعة عندهم، حيث يقول إمامهم وزعيمهم الذي هلك قبل ثلاث سنوات: وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. فهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الرافضة، وهو أحد الأئمة عند أهل السنة، وأهل السنة يعرفون لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حقهم وفضلهم وينزلونهم المنزلة التي يستحقونها، ومن كان من أهل البيت من المؤمنين المتقين فإنهم يحبونه لتقواه ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يغلون، ولا يجفون، ولا ينقصون عما يستحقه الإنسان، ولا يتجاوزون الحد الذي يستحقه الإنسان، بل اعتدال وتوسط لا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا جفاء فهذه طريقة أهل السنة وهذا هو منهج أهل السنة، ولهذا فإنهم يتولون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبون من كان منهم مؤمناً لإيمانه ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعفر بن محمد الملقب: بـالصادق، صدوق، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن أبيه].محمد بن علي بن الحسين، وهو الملقب الباقر، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[أن جابر بن عبد الله].هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أحد الصحابة المشهورين، وهو من السبعة الذين رووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، رضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة

شرح حديث أبي أيوب: (أنه صلى مع رسول الله في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة.وقال: أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه أخبره: (أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)].وهنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة. وهذا من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام في حجته حجة الوداع أنه كما جمع بين الظهر والعصر بعرفة أو بالوادي الذي هو قريب من عرفة فإنه جمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة، وقد جاءت الأحاديث في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ومنها حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه هذا الذي أخبر بأنه لما حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً، أي جمع بينهما. فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة.
تراجم رجال إسناد حديث أبي أيوب: (أنه صلى مع رسول الله في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن مالك بن أنس].هو إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، وصاحب المذهب المشهور، أحد الأئمة الأربعة الذين لهم مذاهب اشتهروا بها ولهم أتباع عنوا بجمع فقههم وتدوينه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن يحيى بن سعيد] .هو الأنصاري المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين.[عن عدي بن ثابت].هو أيضاً ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن يزيد] .هو عبد الله بن يزيد الخطمي، وهو صحابي صغير، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[أن أبا أيوب الأنصاري أخبره].هو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، وهو أحد الصحابة المشهورين، وهو الذي نزل النبي عليه الصلاة والسلام في داره أول ما قدم المدينة، وأبو أيوب الأنصاري، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ابن عمر في الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة: (فلما أتى جمعاً جمع بين المغرب والعشاء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير أنه قال: (كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما حيث أفاض من عرفات فلما أتى جمعاً جمع بين المغرب والعشاء، فلما فرغ قال: فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان مثل هذا)].هنا أورد النسائي حديث: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سعيد بن جبير: (إنه كان معه في الحج وأنه لما جاء المزدلفة جمع فيها بين المغرب والعشاء، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا) يعني في هذا المكان، فالحديث دال على ما ترجم له المصنف من الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة: (فلما أتى جمعاً جمع بين المغرب والعشاء)

قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].هو الدورقي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه جميعاً مباشرة وبدون واسطة.[حدثنا هشيم].هو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، والتدليس: هو أن يروي الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع، كعن، أو قال وأما الإرسال الخفي: فهو أن يروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه؛ لأنه معاصر له ولم يسمع منه، فإذا روى بلفظ عن، أو قال فهو مرسل؛ لأنه ليس من شيوخه؛ لأن التدليس هو تدليس في الرواية عن الشيوخ، وأما الإرسال فليس في الرواية عن الشيوخ وإنما عن غير الشيوخ وقد يكون معاصراً لذلك الذي أرسل عنه وقد يكون غير معاصر له، فإذا كان غير معاصر فهذا إرسال جلي وإرسال واضح، وأما إذا كان معاصراً له فإنه يقال له: الإرسال الخفي. وحديث هشيم بن بشير خرجه أصحاب الكتب الستة.[عن إسماعيل بن أبي خالد].وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه لما ذكر الثقات الأثبات الذين هم في القمة، ذكر من بينهم: إسماعيل بن أبي خالد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا أبو إسحاق].هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، المشهور بـالسبيعي، وأبو إسحاق السبيعي مشهور بكنيته وكذلك مشهور بنسبته السبيعي، وسبيع بطن من همدان، نسبة خاصة وهمدان نسبة عامة، وهو ثقة، مدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن سعيد بن جبير].وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عمر] هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأحد الصحابة المشهورين وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة في الصحابة رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وهذا الإسناد: يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن هشيم بن بشير عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر فهؤلاء الستة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة.
حديث ابن عمر في الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة من طريق أخرى وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا عبد الرحمن حدثنا مالك عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة)].وهنا أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة)، يعني جامعاً بين المغرب والعشاء بالمزدلفة. قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، أظهر السنة في بلاده، وقد خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي .[حدثنا عبد الرحمن].هو عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا مالك] .هو ابن أنس إمام دار الهجرة، وقد مر ذكره قريباً.[عن الزهري].هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، محدث فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن سالم عن ابن عمر] .هو ابن عبد الله بن عمر، ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة والسابع فيه خلاف، وأحد الأقوال الثلاثة في السابع أنه سالم بن عبد الله بن عمر، والثاني: أنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والثالث أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. [عن أبيه].عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث ابن مسعود: (ما رأيت النبي جمع بين صلاتين إلا بجمع ...)
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاتين إلا بجمع، وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها)].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاتين إلا بمزدلفة، وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها)، والحديث دال على ما ترجم له المصنف من حصول الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة، وما جاء في هذا الحديث من قول ابن مسعود: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاتين إلا بين المغرب والعشاء..)، يفيد بأنه اطلع على هذا الجمع الذي هو بين المغرب والعشاء ولا يعني أن غيره مما لم يطلع عليه لم يحصل، فقد جاء في الأحاديث الكثيرة المتواترة حصول الجمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أماكن متعددة، ولكن هذا هو الذي أخبر به ابن مسعود بأنه شاهده وعاينه. أما قوله: (صلى الصلاة قبل وقتها الفجر)، فليس المقصود أنه صلاها قبل دخول الوقت، وإنما صلاها قبل الوقت المعتاد الذي كان يصليها به، وهو أنه بعدما يدخل الوقت، وينتظر اجتماع الناس يصلي، لكنه في يوم ليلة مزدلفة صلى الصلاة حين تبين الفجر، يعني في أول وقتها، فالمقصود بقوله: (قبل وقتها) ليس قبل دخول الوقت، وإنما قبل الوقت المعتاد الذي كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، يعني: بعدما يمضي شيء قليل من دخول الوقت في انتظار الناس يصلي، هذا الوقت المعتاد، ولكن هذه الصلاة بكر بها، من حين ما طلع الفجر صلاها دون تأخير، وهذا هو معنى كلام ابن مسعود.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (ما رأيت النبي جمع بين صلاتين إلا بجمع ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة]قد مر ذكره.[عن سفيان].هو ابن عيينة؛ لأن قتيبة روى عن سفيان بن عيينة، ولم يرو عن سفيان الثوري، فإذا جاء قتيبة يروي عن سفيان، وسفيان غير منسوب، فالمراد به: ابن عيينة، فيكون هذا الإهمال محمولاً على من عرف أنه روى عنه، وهو ابن عيينة، وسفيان بن عيينة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، مدلس، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، واشتهر بلقبه الأعمش، واسمه سليمان بن مهران، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث؛ وفائدتها حتى لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر باسمه أحياناً وبلقبه أحياناً أخرى، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش شخص وأن سليمان بن مهران شخص آخر، ولكن من يعرف يلتبس كونه يذكر بلقبه أو يذكر باسمه.[عن عمارة].هو ابن عمير التيمي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الرحمن بن يزيد].هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن مسعود]. وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد الصحابة المشهورين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
كيف الجمع

شرح حديث: (... فلما أتى مزدلفة صلى المغرب ثم نزعوا رحالهم ثم صلى العشاء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الجمع.أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا سفيان عن إبراهيم بن عقبة ومحمد بن أبي حرملة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفة، فلما أتى الشعب نزل فبال ولم يقل: أهراق الماء، قال: فصببت عليه من إداوة فتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقلت له: الصلاة فقال: الصلاة أمامك، فلما أتى المزدلفة صلى المغرب ثم نزعوا رحالهم ثم صلى العشاء)].وهنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي باب كيف الجمع. أي كيفية الجمع، وقد جاء الجمع كما في الحديث الذي أورده النسائي هنا على وجود فاصل بين المغرب والعشاء، وهو نزع الرحال، وجاء في غير هذا الحديث أنه ما كان هناك فاصل بين الصلاتين المجموعتين، كما تبين في حديث جابر الذي مر (أن الرسول خطب الناس، ثم أمر بلالاً فأذن وأقام للظهر، ثم أقام للعصر) يعني أنه جاء الفصل بين الصلاتين بشيء يسير أو بعمل يسير، وجاء عدم الفصل بينهما، فهذا الحديث الذي معنا وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فيه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام لما جمع بالمزدلفة فإنهم صلوا المغرب أولاً ثم نزعوا رحالهم ثم صلوا العشاء بعد ذلك)، فيفيد أن الفصل اليسير بين الصلاتين المجموع بينهما لا يؤثر على الجمع شيئاً.قوله: [عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفة فلما أتى الشعب نزل فبال ولم يقل: أهراق الماء)].فالرسول صلى الله عليه وسلم لما انصرف من عرفة أردف معه أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما؛ أردفه معه من عرفة إلى مزدلفة، وقد جاء في حديثه هذا أنه لما كان في الشعب يعني في الطريق نزل فبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً، وقد جاء أن هذا الماء الذي توضأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من ماء زمزم، وجاء في الحديث أنه قال: فبال ولم يقل: أهراق، يعني أن أسامة الذي يحكي ما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عبر بأن قال: بال، ولم يقل: أهراق الماء، وكان من عادتهم أن يعبروا عن البول بإراقة الماء، يقصدون من ذلك البول، ولكنه هنا بين أن اللفظ هذا هو الذي قاله أسامة، ولهذا قال: ولم يقل: أهراق الماء. قوله: [(قال: فصببت عليه من إداوة فتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقلت له: الصلاة)]. (فصببت عليه من إداوة)، يعني وعاء معه فيه ماء، وكان يصب عليه وهو يتوضأ، وهذا يدل -كما عرفنا من قبل- أن كون الإنسان يساعد على الوضوء بأن يفرغ عليه ويتوضأ أن هذا سائغ وجائز ولا بأس به، وقد فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما جاء في هذا الحديث كان يصب عليه وهو يتوضأ. قوله: [(فقال: الصلاة أمامك)].يعني: كأنه لما رآه يتوضأ، ظن أنه يريد أن يصلي فقال: الصلاة، يعني: أتريد الصلاة، فقال: الصلاة أمامك: ثم ساروا حتى أتوا المزدلفة. قوله: [(فلما أتى المزدلفة صلى المغرب، ثم نزعوا رحالهم، ثم صلى العشاء)].صلى المغرب، ثم نزعوا رحالهم، يعني من على دوابهم، والرحل هو: ما يوضع على الدابة مما يركب عليه الراكب، فهذا يقال له: الرحل، ولهذا يقولون في سترة المصلي أنها مثل مؤخرة الرحل، يعني العود الذي يكون في آخر الرحل يستند عليه الراكب.
تراجم رجال إسناد حديث: (... فلما أتى مزدلفة صلى المغرب ثم نزعوا رحالهم ثم صلى العشاء)
قوله: [أخبرنا الحسين بن حريث].هو الحسين بن حريث المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.[حدثنا سفيان] .هو ابن عيينة، وسفيان هنا غير منسوب، ولكن في تهذيب التهذيب ذكر: أن الحسين بن حريث روى عن سفيان بن عيينة.[عن إبراهيم بن عقبة].هو إبراهيم بن عقبة المدني، وهو أخو موسى بن عقبة، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[ومحمد بن أبي حرملة].هو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو مثل الحسين بن حريث، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.[عن كريب].هو كريب بن أبي مسلم، وهو مولى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس].ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وابن عمه، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث.
الأسئلة

الصلاة في مسجد فيه قبر
السؤال: ما حكم الصلاة في مسجد فيه قبر أو بجواره قبر؟الجواب: المسجد الذي فيه قبر لا يجوز للإنسان أن يصلي فيه، وأما إذا كان القبر خارج المسجد وليس في المسجد فإنه لا مانع من الصلاة فيه، وأما إذا كان القبر بالمسجد فإنه لا يجوز، والحكم كما قال ابن القيم: أن المسجد إذا وضع فيه القبر والمسجد هو الأول فإنه ينبش القبر، وإذا كان المسجد بني على قبر فإنه يهدم المسجد، ثم هناك أمر ينبه عليه وهو أن مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام فيه قبره، نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم قد بنى المسجد، وقد قبر في خارج المسجد، وقد جاء لهذا المسجد فضائل منها أن الصلاة فيه بألف صلاة، فهذا الحكم ثابت له أدخل القبر في المسجد أو لم يدخل، وإدخال القبر في المسجد لم يكن في زمن الخلفاء الراشدين وإنما كان في زمن بني أمية، فلا يقال: إن الذي يقال في غيره من المساجد التي فيها قبور يمكن أن يقال في هذا المسجد؛ لأن هذا المسجد فضيلته ثابتة أدخل القبر فيه أو لم يدخل، وكان القبر خارج المسجد.
ضوابط وأحكام التكليف
السؤال: ما ضوابط الجائز، أو الإباحات؟ وما ضوابط المستحب والمندوبات؟الجواب: الأحكام المعروفة عند الفقهاء هي خمسة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والحرام. والواجب: هو الذي جاء الأمر فيه أمراً محتماً، ولم يكن هناك صارف يصرفه عن الوجوب.وأما المندوب: فهو الأمر الذي جاء ما يصرفه عن الوجوب إلى الاستحباب. وأما الجائز فهو الذي يتساوى فيه الطرفان، الفعل وعدمه. وأما المحرم فهو الذي جاء النهي عنه دون أن يأتي شيء يصرفه إلى الكراهة. والمكروه هو النهي الذي جاء صارف يصرفه عن التحريم إلى الكراهة، فهذه هي الأحكام الخمسة، وهذا هو الفرق بينها.
المقصود بالسنة عند الأصوليين والمحدثين والفقهاء
السؤال: ما معنى (السنة) عند أهل الأصول، والحديث، والفقه نرجو التوضيح؟الجواب: السنة عند الفقهاء بمعنى المندوب، يقال: يسن كذا، أي: يندب كذا، ويستحب كذا، ويستحب ويندب ويسن بمعنى واحد، ولكن السنة تأتي بمعنى عام يشمل الأحكام الشرعية كلها، فالواجب يدخل تحت السنة، والمندوب كذلك، والمحرم كذلك، والمستحب كذلك، والمباح كذلك، فكلها داخلة تحت السنة بالمعنى العام؛ لأن السنة تطلق إطلاقاً عاماً، وتطلق عند الفقهاء إطلاقاً خاصاً، ومن إطلاق السنة بالمعنى العام قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني)، فإن السنة هنا تشمل الواجب والمندوب والمحرم والمكروه وهكذا، وتطلق عند الفقهاء على المندوب الذي جاء الأمر فيه أمراً غير جازم بحيث جاء ما يصرفه عن اللزوم أو التحتم إلى الاستحباب والندب.
بناء القباب في المساجد
السؤال: سمعنا في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن الصحابة ضربوا للرسول عليه الصلاة والسلام قبة، فالسؤال: هل يجوز بناء القباب في المساجد؟الجواب: القبة ليست بناء، وإنما القبة خيمة هذا هو المقصود، وأما القباب بمعنى أن المساجد يصير فيها قباب ما في بأس، يعني كونه يصير فيها قباب أو البناء يكون مقبب، أقول: لا بأس بذلك، وإنما المحرم هو أن يكون فيها قبور، وترك القباب أولى؛ لأنه لا يستفاد من السطوح مع وجود القباب عليها، بخلاف ما إذا كانت السطوح مستوية، فإنه يستفاد منها عند الحاجة إليها، وأما إذا كانت مقببة فلا يستفاد منها، فعدم وجودها أولى من وجودها، فالقبة المقصود بها الخيمة؛ وإنما فعلوها ليستظل بها الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول كان يستظل في الخيام وفي البيوت، وكذلك عند جمرة العقبة ظلل عليه بثوب حين رمى جمرة العقبة، وهذا فيه دليل واضح ببطلان ما يقوله بعض الغلاة، الذين يغلون برسول الله عليه الصلاة والسلام ويقولون: إنه لا ظل له؛ لأن ضوءه يقابل ضوء الشمس، ولا يكون له ظل، وهذا من الغلو ومن القول بغير علم؛ لأن هذا خلاف الواقع، والرسول صلى الله عليه وسلم ضربت له قبة ليستظل بها عن الشمس.
حكم من يقول بعد الترحم على النووي وابن حجر وأبي حنيفة بحجة أنهم مبتدعة
السؤال: ما رأيكم في فئة غير قليلة من طلبة العلم يقولون: إن أبا حنيفة، والحافظ ابن حجر، والنووي وغيرهم مبتدعة، ولا يجوز الترحم عليهم، ويقولون بترك كتبهم؟ وما هو ضابط الترحم على الأموات؟الجواب: هؤلاء جهال، وما سبقهم إلى ذلك أحد، فـأبو حنيفة، والنووي، وابن حجر لم يزل العلماء من بعدهم يترحمون عليهم، ويدعون لهم، ويستفيدون من علمهم، وإذا حصل من أحدهم أخطاء فيؤخذ صوابه ويترك خطؤه. وأما كونه لا يترحم عليهم فهذا لا يقوله إلا جاهل، ولا يقوله إلا إنسان ضار نفسه ومسيء إلى نفسه ومؤذ لنفسه، بل الذي ينبغي هو الترحم عليهم، والدعاء لهم، والاستفادة من علمهم. وأما كون كتبهم تجتنب فهذا كلام باطل.
ضابط الترحم على الأموات
السؤال: ما هو ضابط الترحم على الأموات؟الجواب: يترحم على كل مسلم، أقول: المسلمون يترحم عليهم، وهذا هو الأصل، ولكن إذا كان أحد معروفاً مثلاً بالبدع، مثل الجعد بن درهم، ومثل الجهم بن صفوان فهؤلاء لا يترحم عليهم عند الذكر؛ لأن الترحم عليهم عند ذكرهم يعني فيه لفت الأنظار إليهم وهم من أئمة أهل البدع.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21-09-2019, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب المواقيت
(113)


- (باب فضل الصلاة لمواقيتها) إلى (فيمن نام عن الصلاة)

بين الشارع فضل الصلاة لوقتها، لكن ليس الوقت كله على حد سواء، وإنما المبادرة إلى الصلوات في أول وقتها هو الذي له فضل عظيم على غيره، ومن نام عن صلاة أو نسيها دون تفريط منه فليصلها إذا ذكرها أو عند يقظته إن كان نائماً، لا كفارة له إلا ذلك.
فضل الصلاة لمواقيتها

شرح حديث ابن مسعود: (سألت رسول الله: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل الصلاة لمواقيتها.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة حدثنا الوليد بن العيزار قال: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: حدثنا صاحب هذه الدار، وأشار إلى دار عبد الله رضي الله عنه، أنه قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله عز وجل )].يقول النسائي رحمه الله: باب فضل الصلاة لمواقيتها. يعني فضل الإتيان بها في مواقيتها المندوبة، المقصود من ذلك هو أن الوقت كله وقت أداء للصلاة، لكن ليس الوقت كله على حد سواء، وإنما المبادرة إلى الصلوات في أوائل أوقاتها هذا الذي له فضل عظيم على غيره؛ لأن فيه المسارعة إلى الخيرات، والصلاة في أوقاتها كلها أداء في الوقت، ولكنه إذا بودر بها فإن ذلك يكون أفضل؛ لأن فيه مبادرة إلى أداء الواجب وإلى تخليص الذمة من الدين الذي يكون عليها عندما يدخل الوقت.وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: (أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن أحب الأعمال إلى الله؟ فقال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله عز وجل)، وهذا السؤال الذي وجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من الحرص على معرفة الأعمال الفاضلة وتفاضلها؛ وذلك لحرصهم على فعل الخير، وعلى التقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، ويعرفون الفاضل من المفضول؛ حتى يحرصوا على أداء الفاضل، وحتى يبدءوا بالأهم فالأهم، وفيه أن السؤال، حين قال: أي الأعمال أحب إلى الله؟ في هذا دليل على أن الأعمال الصالحة محبوبة إلى الله عز وجل، لكن بعضها أحب من بعض، وهي متفاوتة، ليست على حد سواء.وفيه: اختصاص الله عز وجل بالمحبة وأنه سبحانه وتعالى يحب المتقين ويحب الأعمال الصالحة، ولهذا قال: (أي الأعمال أحب إلى الله)، هذه الأعمال الصالحة أيها أحب إلى الله عز وجل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: الصلاة في وقتها، والصلاة هي عمود الإسلام وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والمحافظة عليها في أوقاتها، والحرص على أن يكون ذلك في أوائل أوقاتها، إلا ما جاء دليل على استحباب تأخيره كالعشاء حيث لا يكون هناك مضرة على الناس المصلين، والظهر في حال شدة الحر فإنه يبرد بها وتؤخر عن أول وقتها، وما عدا ذلك فإن الصلوات في أوائل وقتها مطلوبة ومرغب فيها ومحثوث عليها وفعلها في أول الوقت أفضل من فعلها في غيره، أي في غير أول الوقت.ثم قال: (وبر الوالدين)، لما ذكر حق الله عز وجل الذي هو الصلاة، وهو أهم وأعظم الأعمال التي يتقرب بها إلى الله عز وجل وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ذكر حق الوالدين، وهو برهما والإحسان إليهما وإيصال النفع إليهما ودفع الضرر عنهما، وكثيراً ما يجمع الله عز وجل في القرآن بين حقه وحق الوالدين، جاء ذلك في آيات كثيرة، قال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لقمان:14]، وقال: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا [الإسراء:22]، ثم قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، فذكر حق الله عز وجل الذي هو عبادته، وحق الوالدين الذي هو الإحسان إليهما.ثم ذكر الجهاد في سبيل الله عز وجل الذي هو إيصال النفع إلى الكفار بدعوتهم إلى الإسلام، وجهادهم حتى يدخلوا في دين الله وحتى يخرجوا من الظلمات إلى النور، وكذلك جهاد غيرهم باستصلاحهم إذا كان عندهم انحراف ونقص، حيث يؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويدعون إلى الخير.فهذه الحقوق الثلاثة أعظم حقوق الله عز وجل بعد التوحيد، وهي الصلاة، ثم ذكر حق الوالدين، ثم ذكر حق سائر الناس الذين هم الكفار وغيرهم، حيث يسعى إلى هدايتهم وإيصال النفع العظيم إليهم الذي فيه سعادتهم ونجاتهم وسلامتهم من عذاب الله عز وجل.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (سألت رسول الله: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، المحدث، الناقد، الثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى].هو ابن سعيد القطان، المحدث، الناقد أيضاً، الثقة، الثبت، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة أيضاً. [حدثنا شعبة].هو ابن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، هو أحد الأشخاص القلائل الذين حضوا بهذا اللقب، وبهذا الوصف، وهو لقب أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن الوليد بن العيزار].هو الوليد بن العيزار الكوفي ثقة، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي.[سمعت أبا عمرو الشيباني].هو سعد بن إياس، وهو ثقة، مخضرم، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.يقول: حدثنا صاحب هذه الدار، وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود، يعني: الوليد بن العيزار يقول: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: حدثني صاحب هذه الدار، وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود، وهذا من العلامات التي يستدل بها على ضبط الراوي، وذلك أن الوليد بن العيزار حكى الصورة والكيفية التي قد حصلت، وهي إشارته إلى دار عبد الله بن مسعود، ما قال: حدثني عبد الله بن مسعود وإنما قال: حدثني صاحب هذه الدار.[عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه].فهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة، وهو من المهاجرين، وقد توفي سنة: (32هـ)، وليس هو أحد العبادلة الأربعة؛ لأنه متقدم الوفاة، وهو من الكبار، وأما أولئك الأربعة فهم من صغار الصحابة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما توفي فيهم من قارب البلوغ وفيهم من كان دون ذلك، ولهذا أُطلق عليهم العبادلة الأربعة، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.وحديث عبد الله بن مسعود عند أصحاب الكتب الستة، وعلى هذا فرجال الإسناد كلهم خرج حديثهم أصحاب الكتب الستة إلا الوليد بن العيزار فإنه لم يخرج له أبو داود، ولا ابن ماجه .
شرح حديث ابن مسعود: (سألت رسول الله: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: إقام الصلاة لوقتها ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان حدثنا أبو معاوية النخعي سمعه من أبي عمرو عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: إقام الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله عز وجل )].هنا أورد النسائي حديث: عبد الله بن مسعود من طريق أخرى، وهو بمعنى ما تقدم؛ سئل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً وهو أي العمل أحب إلى الله؟ فقال: (إقام الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله)، فهو نفس الحديث المتقدم إلا أنه من طريق أخرى، وهو بنفس الثلاث التي جاءت في الرواية السابقة، أداء الصلاة في وقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله عز وجل.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (سألت رسول الله: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: إقام الصلاة لوقتها ...) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن].هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري الكوفي، وهو صدوق، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا سفيان].هو ابن عيينة المحدث، الفقيه، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا أبو معاوية النخعي] .هو عمرو بن عبد الله الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، وابن ماجه.[أنه سمعه من أبي عمرو عن عبد الله بن مسعود].وقد مر ذكر أبي عمرو وعبد الله بن مسعود في الإسناد الذي قبل هذا، وأبو عمرو الشيباني هو سعد بن إياس، وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
شرح حديث: (أن النبي نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حكيم وعمرو بن يزيد قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه (أنه كان في مسجد عمرو بن شرحبيل فأقيمت الصلاة، فجعلوا ينتظرونه، فقال: إني كنت أوتر، قال: وسُئل عبد الله: هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم وبعد الإقامة، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس، ثم صلى ) واللفظ لـيحيى].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى طلعت الشمس ثم قام وصلى)، ثم ذكر رواية محمد بن المنتشر أنه كان في مسجد عمرو بن شرحبيل، فأقيمت الصلاة فجعلوا ينتظرونه، فقال: إني كنت أوتر، قال: وسئل عبد الله بن مسعود هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم وبعد الإقامة، ثم حدث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بذكر الصلاة أو النوم عن الصلاة، (أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس، ثم صلى)، واللفظ لـيحيى، أي شيخه الأول في الإسناد المذكور.وهذا الإسناد فيه أن محمد بن المنتشر كان في مسجد عمرو بن شرحبيل وأنه لما أقيمت الصلاة جعلوا ينتظرونه، فأخبرهم بأنه تأخر؛ لأنه يوتر، يعني وذلك بعد الأذان، وقال:- أي محمد بن المنتشر -: سئل ابن مسعود هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم وبعد الإقامة، وهذا ليس بمرفوع، وإنما هو مسند إلى عبد الله بن مسعود.ثم محمد بن المنتشر هل سمع من عبد الله بن مسعود؟ ذكر الشيخ الألباني بأن الإسناد صحيح إن كان محمد بن المنتشر سمع من عبد الله بن مسعود.لكن فيما يتعلق بصلاة الوتر بعد الأذان لم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، وإنما الذي ثبت أنه إذا فات الوتر فإنه يصلي من الضحى اثنتي عشرة ركعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل ورده من الليل أو لم يصلِ صلاته من الليل لأمر منعه من ذلك، فإنه يصلي من النهار، أي في الضحى اثنتي عشرة ركعة؛ لأن من عادته أن يصلي إحدى عشرة فيضيف واحدة حتى يكون العدد شفعاً بأن يأتي بإحدى عشرة وزيادة، ولا يؤتى بالوتر على ما هو عليه كما كان في الليل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة يوتر ما مضى)، وهذا يدل على أن الوتر نهايته طلوع الفجر، وإذا طلع الفجر معناه انتهى وقت الوتر فلا يوتر بعد طلوع الفجر، ولكن من طلع عليه الفجر وهو لم يصل وتره، فإنه يصلي من النهار مقدار ما كان يصليه وزيادة ركعة، فإذا كان من عادته أن يصلي خمس ركعات يصلي ست ركعات في الضحى، وإذا كان من عادته يصلي ثلاث ركعات يصلي أربع ركعات، وإذا كان من عادته يصلي سبع ركعات يصلي ثمان ركعات، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وأما كونه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى، فهذا ثابت من طرق أخرى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حصل له ذلك، وأما الذي جاء عن ابن مسعود، فهذا هو الذي لا نعلم شيئاً يدل على ثبوته، ثم أيضاً ثبوته عن ابن مسعود فيه شك من جهة أن محمد بن المنتشر، هل سمع من عبد الله بن مسعود أم لا؟ كذلك مناسبة الحديث للترجمة ما هو واضح من جهة أداء الصلاة في وقتها، إلا أن يكون المقصود من ذلك أن الإنسان يصليها في وقتها إلا إذا حصل أمر يمنع من ذلك، يعني من غير أن يكون في إرادة وفي وسع الإنسان وهو حصول النوم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (أن النبي نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى)
قوله: [أخبرنا يحيى بن حكيم].وهو ثقة، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.[عمرو بن يزيد الجرمي].وهو صدوق، خرج له النسائي وحده، وهذان هما شيخا النسائي في هذا الإسناد، واللفظ المذكور هو لفظ يحيى شيخه الأول، ولهذا بعدما فرغ من الحديث قال: (واللفظ لـيحيى)، يعني أن الإسناد فيه شيخان للنسائي، واللفظ الذي ذكره هو لفظ أحدهما وهو شيخه الأول يحيى بن حكيم.[قالا: حدثنا ابن أبي عدي].هو محمد بن إبراهيم، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن شعبة].وقد مر ذكره.[عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر].وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].هو محمد بن المنتشر، وهو كذلك ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.أما عمرو بن شرحبيل الذي جاء ذكره في الإسناد فليس من الرواة، وإنما جاء ذكره في كلام محمد بن المنتشر وأنه كان في مسجد عمرو بن شرحبيل، فأقيمت الصلاة وجعلوا ينتظرونه، فقال: إني أوتر، ثم قال محمد بن المنتشر: وسئل عبد الله بن مسعود هل هناك وتر بعد الأذان؟ قال: نعم وبعد الإقامة.[عبد الله بن مسعود]مر ذكره رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
فيمن نسي صلاة

شرح حديث: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن نسي صلاة.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)].هنا أورد النسائي باب فيمن نسي صلاة، يعني ماذا يفعل؟ وقد جاء بيان ذلك في هذا الحديث الذي أورده النسائي، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)، يعني أنه بمجرد ذكره لها فإنه يبادر إلى أدائها، من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ولا يؤخرها عن الوقت الذي يذكرها به؛ لأنه معذور في حال النسيان، وبعد أن تنبه وعلم فعليه أن يبادر ولا يؤخر الصلاة عن الوقت الذي ذكرها فيه إذا كان قد نسيها.
تراجم رجال إسناد حديث: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)
قوله: [أخبرنا قتيبة]هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا أبو عوانة].هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة، وأبو عوانة يطلق على عدد، منهم: أبو عوانة الإسفراييني صاحب المستخرج على صحيح مسلم فكنيته أبو عوانة، وهو مشهور بهذا، وأما أبو عوانة هذا فهو من طبقة شيوخ البخاري، وكذلك النسائي.[عن قتادة].هو ابن دعامة السدوسي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أنس بن مالك رضي الله عنه]صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن النسائي أعلى ما عنده الأسانيد الرباعية التي يكون فيها بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وليس عند النسائي ثلاثيات، ومثل النسائي من أصحاب الكتب الستة: مسلم وأبو داود، فهؤلاء الثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، أما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، كلها بإسناد واحد.
فيمن نام عن صلاة

شرح حديث: (سئل رسول الله عن الرجل يرقد عن الصلاة ... قال: كفارتها أن يصليها إذا ذكرها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن نام عن صلاة.أخبرنا حميد بن مسعدة عن يزيد قال: حدثنا حجاج الأحول عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يرقد عن الصلاة أو يغفل عنها؟ قال: كفارتها أن يصليها إذا ذكرها)].هنا أورد النسائي باب: فيمن نام عن صلاة، يعني كيف يفعل، وقد بين ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي أورده المصنف، وهو أنه من رقد عن صلاة أو غفل عنها، فإنه يصليها إذا ذكرها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، فقوله: (يرقد أو يغفل)؛ لأن يغفل هو النسيان وأما يرقد الذي هو النوم، وقد جاءت الرواية المتقدمة من حديث أنس : (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)، وهنا: (من رقد أو غفل فليصلها إذا ذكرها)، وفي بعض الطرق: ( من نسي صلاة، أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )، والحديث يدل على أن النائم عن الصلاة عليه أن يبادر إلى أدائها بمجرد استيقاظه وتنبهه من نومه ومعرفته أنه قد فاته صلاة، أو أنه مضى عليه وهو نائم وقت صلاة وخرج ذلك الوقت فعليه أن يبادر إلى فعلها، ولكن ذلك يكون قضاء ما دام الوقت قد خرج ولا يكون أداء.
تراجم رجال إسناد حديث: (سئل رسول الله عن الرجل يرقد عن الصلاة... قال: كفارتها أن يصليها إذا ذكرها)
قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].حميد بن مسعدة صدوق، خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن يزيد].هو ابن زريع، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا حجاج الأحول].هو حجاج بن حجاج الأحول، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً.[عن قتادة، عن أنس].وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (... ليس في النوم تفريط ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة أنه قال: (ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة؟ فقال: إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها )].هنا أورد النسائي حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه أنه قال: (ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم النوم عن الصلاة؟ فقال: ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحد صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها)، فقوله عليه الصلاة والسلام (ليس في النوم تفريط) يعني أن الإنسان عندما تفوته الصلاة وهو نائم فهذا لا يعتبر تفريطاً، إنما التفريط في اليقظة للذي يكون مكلفاً ويحصل منه تأخير الصلاة، أما النائم فإنه قد رفع عنه القلم، (رفع القلم عن ثلاثة: ومنهم النائم حتى يستيقظ).لكن من المعلوم أن المراد في الحديث ما إذا لم يكن حصل تفريط أصلاً بأن يعمل السبب الذي يفوته الصلاة، وذلك بأن ينام أو أن يتعمد النوم في وقت يسبق الصلاة ثم تفوته الصلاة، مثل أن ينام قبل صلاة العشاء، ولهذا جاء: (وكان يكره النوم قبلها)؛ لأن ذلك يؤدي إلى النوم عن صلاة العشاء فهذا فيه تفريط، وكذلك الإنسان الذي ينام ولا يتخذ الاحتياطات لنفسه التي يتمكن بها من القيام من النوم، ما يجعل عنده المنبه ولا يوصي أحداً أن يوقظه حيث يكون هناك من يوقظ فإن ذلك تفريط، إذا كان الإنسان يأتي وينام ثم يستمر في النوم حتى يخرج الوقت ويكون هذا عادة له لا شك أنه تفريط وصاحبه يأثم، وعلى الإنسان أن يحتاط، لكن إذا كان الإنسان حصل له أن نام في يوم من الأيام واستمر معه النوم حتى دخل وقت الصلاة واستمر في النوم ولم يكن هناك أحد يعلم به حتى ينبهه فهذا هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة)، يعني كونه يؤخر الصلاة وهو مستيقظ غير نائم، والنائم قد رفع عنه القلم حتى يستيقظ، كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث: (... ليس في النوم تفريط ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره.[حدثنا حماد بن زيد].هو حماد بن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ثابت] .هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن رباح] .وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن أبي قتادة رضي الله عنه].أبو قتادة الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. واسمه قد اختلف فيه، قيل: الحارث، وقيل: النعمان، وقيل: عمرو بن ربعي، ولكنه مشهور بكنيته أبي قتادة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
شرح حديث: (... ليس في النوم تفريط ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله وهو ابن المبارك عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط إنما التفريط فيمن لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى حين ينتبه لها)].هنا أورد النسائي حديث أبي قتادة من طريق أخرى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط إنما التفريط فيمن لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، حين ينتبه لها ). وهذا الحديث كما ذكرت من قبل يدل على أن وقت كل صلاة يمتد إلى وقت التي بعدها إما اختياراً، وإما اضطراراً ما عدا صلاة الفجر فإن وقتها لا يتصل بالتي بعدها؛ لأن وقتها ينتهي بطلوع الشمس والظهر التي بعدها يدخل وقتها بالزوال، فهناك فجوة، ومدة، وزمن بين وقتي الصلاتين، وأما الصلوات الأخرى فهذا الحديث يدل على أن كل صلاة يمتد وقتها إلى وقت التي بعدها إما اضطراراً وإما اختياراً، والذي يمتد اختياراً هو وقت صلاة الظهر والمغرب، فإن وقت صلاة الظهر يمتد إلى وقت صلاة العصر وليس فيه وقت اضطراري، وكذلك أيضاً وقت صلاة المغرب يمتد إلى وقت العشاء وليس فيه اضطراري، وأما العصر فيمتد وقته الاختياري إلى اصفرار الشمس ثم بعد ذلك يكون اضطرارياً إلى غروبها، وأما العشاء فإنه اختياري إلى نصف الليل وبعد نصف الليل إلى طلوع الفجر يكون وقتاً اضطراراً، وهذا الحديث هو الذي يدل على امتداد وقت الصلاة إلى وقت التي بعدها، حيث قال: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من يؤخر الصلاة حتى يجيء وقت التي بعدها حين ينتبه لها)، يعني حيث يكون متنبهاً هذا هو الذي يكون مفرطاً، إذا جاء وقت التي بعدها، أما إذا كان غافلاً، أو ناسياً فإنه معذور، ويجب عليه أن يبادر حينما يتذكر وقد خرج الوقت.
تراجم رجال إسناد حديث: (... ليس في النوم تفريط ...) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].وهو: سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي .[عن عبد الله]هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، جواد، مجاهد، ذكر ابن حجر جملة من صفاته، وقال: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وسويد بن نصر هو راوية عبد الله بن المبارك .[عن سليمان بن المغيرة].وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة].وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة في الإسناد الذي قبل هذا.
الأسئلة

الفرق بين الموالاة والتولي

السؤال: هل هنالك فرق بين الموالاة والتولي، وما هو حكمهما؟ وجزاكم الله خيراً.الجواب: الموالاة والتولي، ما أدري هل هناك بينهما فرق؟! لكن كل منهما فيه الولاء وفيه القرب ممن يوالى وممن يتولى أما هل بينهما فرق؟ لا أدري.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21-10-2019, 02:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأذان
(115)


- (باب بدء الأذان) إلى (باب خفض الصوت في الترجيع في الأذان)

الأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، وقد شرع فيه التثنية والترجيع، وشرع الإيتار في الإقامة كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم.
بدء الأذان

شرح حديث ابن عمر في بدء الأذان
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الأذان. باب بدء الأذان.أخبرنا محمد بن إسماعيل وإبراهيم بن الحسن قالا حدثنا حجاج قال ابن جريج أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: (كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل قرناً مثل قرن اليهود، فقال عمر رضي الله عنه: أو لا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فناد بالصلاة)].هنا أورد النسائي رحمه الله: كتاب: الأذان.الأذان في اللغة هو: الإعلام.ومن إطلاقات اللغة في الأذان، وأنه بمعنى الإعلام ما جاء في الكتاب والسنة: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ [التوبة:3]، أي: إعلام، (من عادى لي ولي ولياً فقد آذنته بالحرب)، أي: أعلمته بأنني محارب له.وأما في الشرع: فهو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، وهي: الله أكبر الله أكبر... إلى آخر الأذان.والمعاني الشرعية يكون بينها وبين المعاني اللغوية في الغالب تناسب، باعتبار أن المعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي، هذا هو الغالب في الألفاظ الشرعية؛ لأن الأذان في اللغة: الإعلام مطلقاً.وأما في الشرع: فهو إعلام مخصوص، ليس إعلاماً عاماً، وإنما هو إعلام خاص، وهو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، هذا هو الأذان الشرعي، وهكذا -كما ذكرت-: الألفاظ الشرعية تعتبر معانيها جزء من جزئيات المعاني اللغوية، وهذا مضطرد في كثير من الألفاظ، فإذا جئنا إلى لفظ (الصوم) نجد أن الصوم في اللغة: الإمساك، وكل إمساك فهو صوم.وأما في الشرع: فإمساك مخصوص، وهو: الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فهو إمساك مخصوص، كذلك الحج، فالحج لغة: القصد، وأي قصد يقال له: حج، وفي الشرع: قصد البيت الحرام لأداء أعمال مخصوصة، هي: أركان الحج، وواجباته، ومستحباته، كذلك العمرة، العمرة لغة: الزيارة، وفي الشرع: زيارة البيت لأداء أعمال مخصوصة.فالمعاني الشرعية جزء من جزئيات المعاني اللغوية، والأذان هو من هذا القبيل.الباب: بدء الأذان، أي: كيف بدأ الأذان؟ وما هي بداية الأذان؟ كيف كانت؟الأذان شرع في المدينة بعدما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كما جاء في هذا الحديث عن ابن عمر: (أنهم كانوا يتحينون وقت الصلاة)؛ أي: يتحرونه ويقدرون الوقت، وينظرون في الشمس والغروب، وظل الشيء مثله ومثليه، وما إلى ذلك، ففكروا وجعلوا يتذاكرون، فقالوا: لو أنهم فعلوا مثلما فعلت النصارى بأن اتخذوا ناقوساً، ومنهم من قال: بل نتخذ قرناً، وهو بوق ينفخ به، وكانت تفعل اليهود ذلك، فقال عمر رضي الله عنه: (لو بعث رجل ينادي للصلاة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً فنادى بالصلاة)، وهذا النداء يحتمل أن يكون الأذان؛ وذلك كما جاء في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه (أنه أري الأذان، فأخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فأمره بأن يلقيه على بلال)، أي: أن يخبر بلالاً به، فأذن بلال، وكان عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: لو اتخذ منادياً ينادي في الأذان، فيحتمل أن يكون ذلك بعدما حصلت الرؤيا، وكان عمر أيضاً وقع في نفسه هذا الشيء فقاله، ويحتمل أن يكون هذا قبل رؤيا عبد الله بن زيد، ويكون المراد بالنداء هو غير الأذان المعروف بالتكبيرات، وذلك بأن يقال: الصلاة، أو الصلاة جامعة، أو ما إلى ذلك من العبارات التي فيها نداء وإخبار بالصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في بدء الأذان
قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل وإبراهيم بن الحسن].هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، والمشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، وخرج حديثه النسائي وحده، ومحمد هذا من أهل السنة على طريقة أبيه، كما أن أباه من أهل السنة، ولأبيه ولد منحرف عن منهج أهل السنة وهو إبراهيم بن إسماعيل، وهو الذي يأتي ذكره في مسائل الفقه الشاذة، فعندما يأتي شذوذ في بعض مسائل الفقه، فيقال: قال به ابن علية، يراد به: ابنه المنحرف عن منهج أهل السنة والجماعة، والذي ترجم له الذهبي في الميزان وقال: جهمي، هالك، و-كما قلت- يأتي في المسائل الشاذة في الفقه عزو بعض تلك المسائل إليه، ومن ذلك مسألة الإجارة، فالعلماء على مشروعيتها، والضرورة داعية إليها، ولا يستغني الناس عن الإجارة هذا هو المعروف عن العلماء أنهم يقولون: بمشروعية الإجارة، وابن علية هذا الجهمي الهالك، الذي هو إبراهيم بن إسماعيل، وأبو بكر بن الأصم المعتزلي يقولان: بأن الإجارة لا تجوز، وهي غير مشروعة، وهذا بلا شك شذوذ؛ لأن الإجارة لا يستغني الناس عنها.أما إبراهيم بن الحسن الذي يروي عنه النسائي، فهو المصيصي، وهو ثقة، وخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه في التفسير.[ قالا: حدثنا حجاج].هو ابن محمد المصيصي، وهو ثقة، ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[ قال ابن جريج].هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[ أخبرني نافع].هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن عمر].هو أحد الصحابة المشهورين، وأحد العبادلة الأربعة المعروفين في الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
تثنية الأذان

شرح حديث: (إن رسول الله أمر بلالاً أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تثنية الأذان.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة)].أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي باب تثنية الأذان.أي: شفع الأذان، وقد أورد النسائي تحته حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة)، وعندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة؛ يعني: يجعله شفعاً، والإقامة يجعلها وتراً؛ أي: كلمة واحدة، وهذا إنما هو في الغالب، فالأذان مشفوع غالباً، وفيه كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، وهي مرة واحدة ليست مشفوعة، فالأذان مكرر الألفاظ منه ما يكون أربع، وهو: الله أكبر في أوله، ومنه ما يكون اثنتين، وهو: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، والله أكبر في آخره مرتين، ولا إله إلا الله مرة واحدة.فإذاً: الشفع إنما للغالب؛ لأن كلمة التوحيد وكلمة الإخلاص التي هي ختام الأذان تكون مرة واحدة، فيكون الشفع محمولاً على الغالب، وليس على جميع الألفاظ.وأما الإقامة فإنها تكون وتراً، وهذه أيضاً في الغالب؛ لأن منه ما هو مشفوع، مثل: الله أكبر في أول الإقامة وفي آخرها: الله أكبر الله أكبر، وقد قامت الصلاة مشفوعة أيضاً، والباقي يكون وتراً، مثل حي على الصلاة حي على الفلاح، وأشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله مرة واحدة، أي: تكون وتراً، ولكن إيتار الإقامة إنما هو في الغالب، مثل الأذان شفعه في الغالب.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله أمر بلالاً أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ النسائي الذين أكثر من الرواية عنه، وهو أول شيخ روى عنهم في سننه، وأول حديث في سنن النسائي شيخه فيه قتيبة بن سعيد، وقتيبة اسمه من الألفاظ المفردة التي لم تتكرر، ولم يشابهه أحد في ذلك؛ لأنه هو الشخص الوحيد في رجال الكتب الستة الذي يقال له قتيبة .[حدثنا عبد الوهاب].هو ابن عبد المجيد الثقفي البصري، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أيوب].هو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، ثبت، حجة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي قلابة].هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، وهو ثقة، كثير الإرسال، وهو مشهور بكنيته أبي قلابة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أنس].هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي تشرف بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات، وذلك منذ أن قدم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة كان عمر أنس عشر سنوات، فكانت مدة خدمته إياه مدة كونه في المدينة، وهي عشر سنوات، وحديث أنس بن مالك عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (كان الأذان على عهد رسول الله مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة حدثني أبو جعفر عن أبي المثنى عن ابن عمر أنه قال: (كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة، إلا أنك تقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن الأذان كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة، إلا أنك تقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة)، وهذا مثل حديث أنس: (أمر بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة)، وهذا إنما هو على الغالب، والتثنية إنما هي على الغالب؛ لأن من ألفاظ الأذان ما هو أكثر من مرتين، وهو الله أكبر في أول الأذان، فإنها أربع مرات، إلا أن يكون المراد بالتثنية ما ينطق به؛ لأن الله أكبر الله أكبر ينطق بها مرة واحدة، فيكون معناه: النطق حصل مرتين، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، كما جاء ذلك مبيناً في حديث عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقولوا: الله أكبر الله أكبر، وإذا قال: الله أكبر الله أكبر، فقولوا: الله أكبر الله أكبر)، وهو من هذه الحيثية مثنى، لكن هي من حيث الجمل، ومن حيث الألفاظ هي أربع، فتكون التثنية إنما هي في الغالب؛ فلهذا عندما يأتي في الأحاديث القادمة أن الأذان تسعة عشر كلمة، وهذا معدود على اعتبار أن كل واحدة جملة مستقلة، الله أكبر أربع مرات، فهي من جملة التسعة عشر، ومع الترجيع في الشهادتين، فتكون تسعة عشر، والإقامة مرة إلا قد قامت الصلاة، فإنها تكون مرتين، ومن المعلوم: أن الله أكبر تكون في أوله مرتين، والله أكبر قبل آخره تكون مرتين.فإذاً: عدم الإفراد ليس خاصاً بـ(قد قامت الصلاة)، وإنما أيضاً مثلها الله أكبر في الأول، والله أكبر قبل الآخر.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان الأذان على عهد رسول الله مثنى مثنى، والإقامة موترة ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، المحدث، الناقد، الثقة، المعروف كلامه بالجرح والتعديل، وهو من النقاد، وكثيراً ما يأتي في تراجم الرجال: وقال الفلاس كذا، فالمراد به: عمرو بن علي الفلاس، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى].هو ابن سعيد القطان المحدث، الناقد، والمعروف كلامه في الجرح والتعديل، وهو الذي وصفه الذهبي - هو وعبد الرحمن بن مهدي - في كتابه: ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل، قال: إذا اجتمع يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي على جرح شخص، فهو لا يكاد يندمل جرحه، بمعنى: أنهما يصيبان الهدف، ويصيبان في قولهما عندما يتفقان على جرح شخص، وحديث يحيى بن سعيد القطان عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا شعبة].هو ابن الحجاج، وهو الثقة، الثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهذا -كما ذكرت مراراً- من الأوصاف العالية التي هي من أعلى صيغ التعديل، والتي لم يظفر بها إلا عدد يسير من المحدثين، منهم: شعبة بن الحجاج، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثني أبو جعفر].هو محمد بن إبراهيم بن مسلم الكوفي المؤذن، وهو صدوق ويخطئ، وخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.[عن أبي المثنى].هو محمد بن المثنى، وهو ثقة، وخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو المثنى محمد بن المثنى كنيته توافق اسم أبيه.[عن ابن عمر].وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
خفض الصوت في الترجيع في الأذان

شرح حديث أبي محذورة في خفض الصوت في الترجيع في الأذان
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب خفض الصوت في الترجيح في الأذان.أخبرنا بشر بن معاذ حدثني إبراهيم وهو ابن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة حدثني أبي عبد العزيز وجدي عبد الملك عن أبي محذورة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقعده فألقى عليه الأذان حرفاً حرفاً، قال إبراهيم: هو مثل أذاننا هذا، قلت له: أعد علي، قال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، ثم قال: بصوت دون ذلك الصوت يسمع من حوله: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)].أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب خفض الصوت بالترجيع في الأذان.الترجيع في الأذان: هو إعادة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين بعدما يفرغ من الشهادتين، ويعود إليهما ذاكراً لهما بصوت منخفض، هذا هو الترجيع في الأذان، وعلى هذا تكون الألفاظ تسعة عشر، لكن هذا اللفظ الذي موجود معنا ليس فيه التكبير في أول الأذان إلا مرتين، وقد قال الشيخ ناصر الدين الألباني: إن هذه الرواية منكرة؛ لأنها تخالف الرواية الأخرى الثابتة عن أبي محذورة عند النسائي وغيره، وفيها: (الله أكبر في أول الأذان أربع مرات)؛ يعني: كما عند غير أبي محذورة، وهو أن الله أكبر تكون أربع مرات في أول الأذان، وفي هذه الرواية: (الله أكبر في أول الأذان مرتين)، وبقية الألفاظ موافقة لما جاء في حديث أبي محذورة من أن الشهادتين يؤتى بهما، ثم يؤتى بالترجيع، ثم حي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، ثم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، فتكون على هذا سبعة عشر جملة، وليس تسعة عشر جملة، والذي جاء عن أبي محذورة تسعة عشر جملة؛ يعني: بذكر الله أكبر أربع مرات في أول الأذان، ويكون على هذا عدد ألفاظ الأذان مع الترجيع في حديث أبي محذورة تسعة عشر جملة، وهذه الرواية مخالفة للرواية الأخرى التي جاءت عن أبي محذورة، والتي فيها أن التكبيرات في أول الأذن تكون أربعاً.
تراجم رجال إسناد حديث أبي محذورة في خفض الصوت في الترجيع في الأذان
قوله: [أخبرنا بشر بن معاذ].هو البصري، وهو صدوق، خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[حدثني إبراهيم].هو ابن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، وهو صدوق يخطئ، وخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، والترمذي، والنسائي .[حدثني أبي عبد العزيز].هو عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، وهو مقبول، وقد خرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.[وجدي عبد الملك] وجده أيضاً مقبول، وخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ولم يخرج له ابن ماجه شيئاً.[عن أبي محذورة].أبو محذورة قيل اسمه: أوس، وقيل غير ذلك، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.وهذا الإسناد يعتبر من رباعيات النسائي؛ لأن عبد العزيز وعبد الملك في طبقة واحدة، ليس في طبقتين؛ لأن إبراهيم يروي عن أبيه وعن جده، وليس أبوه يروي عن جده فيكون الإسناد خماسي، وإنما هو يروي عن أبيه وعن جده، فيكون رباعي، يعني: بشر بن معاذ، وإبراهيم بن عبد العزيز، وعبد العزيز، وعبد الملك، وهما في طبقة واحدة؛ يعني: من حيث الرواية، وجده أبو محذورة.
الأسئلة

حكم القراءة على خلاف ترتيب المصحف
السؤال: هل يجب علي أن أقرأ في الركعة الأولى من صلاتي سورة متقدمة عن السورة التي أقرؤها في الركعة الثانية حسب ترتيب المصحف؟الجواب: القراءة في الصلاة الأولى أن تكون السور على حسب ترتيبها في المصحف، بحيث يقرأ الإنسان سورة ثم يقرأ بعدها سورة تليها، فهو ليس بلازم أن تكون بعدها مباشرة، لكنها مما يكون بعدها، وليس مما يكون قبلها، هذا هو الأولى، ولو قرئ بسورة قبل سورة متقدمة عليها، فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه قد جاء في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران)، وجاء أيضاً في قصة الرجل الذي كان يؤم قومه، ويقرأ في كل ركعة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، ثم يقرأ سورة أخرى، ومن المعلوم: أن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ليس بعدها إلا سورتان في المصحف، ومعنى هذا: أنه يقرأ سورة قبلها، والنبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك، لكن الأولى أن يكون الترتيب كترتيب المصحف، وإن فعل خلاف الترتيب، فإنه جائز، وهذا هو الدليل الذي يدل على جوازه.
حكم براز الحمام
السؤال: هل براز الحمام طاهر غير نجس؟ وما الدليل على ذلك؟ جزاكم الله خيراً.الجواب: براز الحمام طاهر؛ لأن بول وروث كل ما يؤكل لحمه طاهر، فأرواث الإبل وأبوالها، والغنم وأبوالها، وكل ما يؤكل لحمه يكون طاهراً.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 21-10-2019, 02:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأذان
(116)


- (باب كم الأذان من كلمة) إلى (باب الأذان في السفر)

شرع في الأذان التثنية والترجيع كما في حديث أبي محذورة، وعدد الجمل في الأذان تسع عشرة جملة إن كان هنالك ترجيع، وأما الإقامة فسبع عشرة.
كم الأذان من كلمة

شرح حديث: (الأذان تسع عشرة كلمة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كم الأذان من كلمة.أخبرنا سويد بن نصر أنبأنا عبد الله عن همام بن يحيى عن عامر بن عبد الواحد حدثنا مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، ثم عدها أبو محذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة)].يقول النسائي رحمه الله: كم الأذان من كلمة. يعني: كم عدد كلمات الأذان، والمراد بالكلمات الجمل، وليس المراد بها الكلمة الواحدة المفردة، وإنما المقصود بها الجملة، مثل: لا إله إلا الله، الله أكبر، وأشهد أن لا إله إلا الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، فكل واحدة منها كلمة، هذا هو المراد بها؛ لأن الكلمة تطلق على اللفظة الواحدة، والتي هي اسم، أو فعل، أو حرف، وتطلق على الجملة، وقد تطلق على الكلام الكثير، كأن يقال: ألقى فلان كلمة، وتكون من عدة صفحات، وقد جاء ذلك في أحاديث عديدة فيها إطلاق الكلمة ويراد بها الكلام، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم -وهو آخر حديث في صحيح البخاري-: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فالمراد بالكلمتين: سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم، وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ)، فإن هذا هو المقصود بالكلمة، أي: الجملة من الكلام، وإليه أشار ابن مالك في الألفية بقوله:واحده -أي الكلام- كلمة والقول عموكلمة بها كلام قد يؤمأي: أن الكلمة قد يقصد بها الكلام، وهنا قول النسائي: كم الأذان من كلمة، المقصود من ذلك الجملة.وأورد النسائي حديث أبي محذورة؛ وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة تسع عشرة كلمة)، ثم عدها تسع عشرة، وسبع عشرة، وهذه التسع عشرة كلمة هي: التكبير أربع؛ الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، والشهادة بالوحدانية أربع؛ لأنه بالترجيع؛ أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ثم أشهد أن محمداً رسول الله أربع بالترجيع؛ أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ثم حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، المجموع تسعة عشر، التكبير أربع في الأول، والشهادتان مع الترجيع ثمان؛ لأنها أربع بدون ترجيع، وأربع مع الترجيع، فتصير اثني عشرة، ثم بعد ذلك يكون حي على الصلاة مرتين، فتصبح أربع عشرة، وحي على الفلاح مرتين، فتصبح ست عشرة، والله أكبر الله أكبر مرتين، فتكون ثماني عشرة، ولا إله إلا الله تكملة التسع عشرة كلمة، وقد جاءت مبينة في حديث أبي محذورة من طرق أخرى.وأما الإقامة فهي سبع عشرة، وهي بتثنية أكثر الألفاظ، وبتربيع التكبير في الأول، وبإفراد كلمة التوحيد في الآخر: الله أكبر أربع مرات في الأول، ثم أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، وأشهد أن محمداً مرتين، لا يوجد ترجيع مثل الأذان، ثم حي على الصلاة حي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح حي على الفلاح كذلك، ثم قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، ثم الله أكبر الله أكبر، ثم لا إله إلا الله، فتكون سبع عشرة؛ الله أكبر أربع مرات، والشهادتان أربع مرات فتصير ثمان، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، وقد قامت الصلاة مرتين، ولا إله إلا الله مرة واحدة، فيكون المجموع سبع عشرة كلمة، أي: جملة، فهذه ألفاظ الإقامة وألفاظ الأذان كما جاءت في حديث أبي محذورة، وقد جاء في الأحاديث الأخرى أنها بألفاظ أقل، الذي هو خمس عشرة جملة بدون ترجيع كما هو موجود، وكما هو مستعمل كثيراً، مثل ما جاء في حديث أبي محذورة ولكن بدون ترجيع، أربع تكبيرات في الأول، وأشهد أن لا إله إلا الله مرتين، وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، ثم الله أكبر مرتين، ولا إله إلا الله مرة واحدة، فيكون مجموعها خمس عشرة كلمة، يسقط منها الأربع التي هي الترجيع، فيكون المجموع خمس عشرة كلمة.وألفاظ الأذان جاءت بصيغ متعددة، وبألفاظ مختلفة، وكل ما ثبت من ذلك فهو حق، والخلاف هو خلاف تنوع، وكون بعض العلماء يقول: الأولى أن يكون كذا، وبعضهم يقول: بل الألفاظ كذا هذا من اختلاف التنوع، وليس من اختلاف التضاد؛ لأن ألفاظ الأذان، وألفاظ الاستفتاح، وألفاظ التشهد، وكل ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام الأخذ بأي واحد منه هو حق.
تراجم رجال إسناد حديث (الأذان تسع عشرة كلمة ...)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.[أنبأنا عبد الله].وهو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب بعد أن ذكر جملة من صفاته: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وسويد بن نصر هو روايته، يعني: الذي يروي عنه كثيراً، وإذا جاء مهملاً، أي: عبد الله ويروي عنه سويد بن نصر، فالمراد به عبد الله بن المبارك .[عن همام بن يحيى].وهو ابن دينار العوذي البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عامر بن عبد الواحد].وهو الأحول، وهو صدوق يخطئ، خرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا مكحول].وهو الشامي أبو عبد الله، وهو ثقة،كثير الإرسال، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن عبد الله بن محيريز].وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي محذورة].واسمه أوس، وقيل فيه غير ذلك، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
كيف الأذان

شرح حديث أبي محذورة في صفة الأذان
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف الأذان.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن عامر الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة أنه قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)].وهنا أورد النسائي حديث أبي محذورة وفيه بيان كيفية الأذان كما علمه إياه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو تسع عشرة جملة، وهذا يوضح الإجمال الذي في الرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة يقول: الأذان تسع عشرة كلمة، وهنا فصل هذه الكلمات وبينها وأوضحها، وأنها التكبير أربع مرات، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين فيكون أربع، ثم يعود فيأتي بها بصوت عال الذي هو الترجيع، فتكون الشهادتان ثمان، ثم حي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، الله أكبر مرتين، ولا إله إلا الله مرة واحدة، فيكون المجموع تسع عشرة كلمة، هذه هي عدد ألفاظ الأذان كما جاء في حديث أبي محذورة . وقد مر بنا طريق من الطرق عن أبي محذورة وفيه أن التكبير الأول مرتان، وعرفنا أن تلك الرواية مخالفة للروايات المختلفة المتعددة عن أبي محذورة التي فيها تربيع الأذان في الأول، وأنه أربع كلمات وليس كلمتين، وهذه هي الصحيحة الثابتة، وتلك منكرة؛ لأنها تخالف الروايات المتعددة التي جاءت عن أبي محذورة، وأن التكبير في الأول أربع مرات.
تراجم رجال إسناد حديث أبي محذورة في صفة الأذان
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].وهو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه، وهو ثقة، فقيه، محدث، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهذه من أعلى الأوصاف، وأرفع صيغ التعديل، وهي أن يقال عن الشخص: أمير المؤمنين في الحديث، وإسحاق بن راهويه ممن وصف بهذا الوصف، ولقب بهذا اللقب الرفيع، وحديث إسحاق بن راهويه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.[أخبرنا معاذ بن هشام].وهو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، ومعاذ بن هشام صدوق، وربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[حدثني أبي].هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عامر الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة].هؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث أبي محذورة في صفة الأذان من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن الحسن ويوسف بن سعيد واللفظ له، قالا: حدثنا حجاج عن ابن جريج حدثني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة: (أن عبد الله بن محيريز أخبره، وكان يتيماً في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام، قال: قلت لـأبي محذورة: إني خارج إلى الشام، وأخشى أن أسأل عن تأذينك، فأخبرني أن أبا محذورة قال له: خرجت في نفر، فكنا ببعض طريق حنين، مقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا صوت المؤذن ونحن عنه متنكبون، فظللنا نحكيه ونهزأ به، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلينا حتى وقفنا بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم إلي، وصدقوا، فأرسلهم كلهم وحبسني، فقال: قم فأذن بالصلاة، فقمت فألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه، قال: قل: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: ارجع فامدد صوتك، ثم قال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، فقلت: يا رسول الله! مرني بالتأذين بمكة، فقال: قد أمرتك به، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم)].هنا أورد النسائي حديث أبي محذورة من طريق أخرى، وفيه بيان كيفية الأذان، وأنه تسع عشرة كلمة، وذلك باعتبار الترجيع في أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، بحيث تكون ثمان كلمات أو ثمان جمل، وهو بمعنى اللفظ المتقدم، أو بمعنى الرواية المتقدمة قبل هذه، وفي هذا بيان كيف كان بدء أبي محذورة بالأذان، وأيضاً فيه بيان كيف تحمل عبد الله بن محيريز الأذان عن أبي محذورة؛ لأن عبد الله بن محيريز أراد أن يذهب إلى الشام، وعبد الله بن محيريز له صلة بـأبي محذورة ؛ لأنه كان يتيماً في حجره، ولما أراد أن يذهب إلى الشام، وكانت العلاقة بينه وبين أبي محذورة وثيقة، وأنه في حجره، فخشي أن يسأل عن تأذين أبي محذورة ؛ وذلك لصلته به وعلاقته به، فقال: أخشى أن أسأل عن تأذنيك، فأخبرني، فأخبره، وأنهم لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم قافلاً من حنين، وكان معه أشخاص خرجوا من مكة، وسمعوا مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يحكون أذانه، والنبي عليه الصلاة والسلام سمع حكايتهم للأذان، أي: كونهم يأتون بالأذان على وفق ما يأتي به المؤذن، وكان فيهم شخص ندي الصوت، حسن الصوت، هو أبو محذورة، فدعا بهم وجاءوا فسألهم عن الرجل الذي كان رفيع الصوت؟ فأشاروا إليه، قال: وصدقوا، أي: عندما أشاروا إليه، وأنه هو الذي أذن وكان صوته حسناً، فأرسلهم وحبسه عنده، ولما جاء الأذان أمره بأن يؤذن، وعلمه كيفية الأذان، فعلمه إياه تسع عشرة جملة على نحو ما تقدم: التكبير أربع مرات، والشهادتان مع الترجيع ثمان مرات، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، والله أكبر مرتين، ولا إله إلا الله مرة، فالمجموع تسع عشرة جملة.ثم إنه قال له: ائذن لي أن أؤذن في المسجد الحرام، فأذن له، فذهب إلى أمير مكة، عامل الرسول صلى الله عليه وسلم على مكة، وهو عتاب بن أسيد رضي الله تعالى عنه، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما فتح مكة أمره عليها، وكان صغيراً من صغار الصحابة، قيل: إن عمره في حدود العشرين حين أمره على مكة، وذهب أبو محذورة وجعل يؤذن في المسجد الحرام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث أبي محذورة في صفة الأذان من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا إبراهيم بن الحسن].وهو المصيصي، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه في التفسير.[ويوسف بن سعيد].وهو المصيصي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه النسائي وحده.قوله: (واللفظ له) أي: لـيوسف بن سعيد ؛ لأن النسائي ذكر شيخين في هذا الحديث، هما إبراهيم بن الحسن المصيصي ويوسف بن سعيد المصيصي . وقال: (واللفظ له)، أي: لـيوسف بن سعيد، وليس هذا لفظ إبراهيم بن الحسن، وهذه طريقة النسائي عندما يذكر الحديث عن شيخين يعين من له اللفظ، وغالباً ما يكون الأخير، وأحياناً يجعل ذلك في الآخر؛ بعد ما ينتهي الحديث يقول: واللفظ لفلان، وفي بعضها كما هنا بعد ذكر الشيخ الثاني يقول: واللفظ له، والضمير يرجع إلى أقرب مذكور، وهو يوسف بن سعيد المصيصي . [حدثنا حجاج].وهو ابن محمد المصيصي أيضاً، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن جريج].وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[حدثني عبد العزيز بن عبد الملك].وهو عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة وهو مقبول، خرج حديثه أبو داود، والنسائي.[أن عبد الله بن محيريز].وقد عرفنا في الحديث السابق أنه ثقة، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
الأذان في السفر

شرح حديث أبي محذورة في الأذان في السفر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الأذان في السفر.أخبرنا إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج عن ابن جريج عن عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة أنه قال: (لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم، فسمعناهم يؤذنون بالصلاة، فقمنا نؤذن نستهزئ بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت، فأرسل إلينا فأذنا رجل رجل، وكنت آخرهم، فقال حين أذنت: تعال، فأجلسني بين يديه، فمسح على ناصيتي، وبرّك علي ثلاث مرات، ثم قال: اذهب، فأذن عند البيت الحرام، قلت: كيف يا رسول الله، فعلمني، قال كما تؤذنون الآن بها: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح، قال: وعلمني الإقامة مرتين: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال ابن جريج: أخبرني عثمان هذا الخبر كله عن أبيه، وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا ذلك من أبي محذورة)].وهنا أورد النسائي رحمه الله هذا الباب، وهو باب الأذان في السفر، وهو مثل الحضر، لا فرق بين السفر والحضر في الأذان، ولكنه أورده؛ لأن الأذان الذي سمعوه كان في السفر، وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي محذورة كان في السفر، لهذا ترجم النسائي هذه التراجم وهي: باب الأذان في السفر.وقد أورد النسائي حديث أبي محذورة من طريق أخرى، وفيه بيان كيفية الأذان والإقامة، وأن الأذان تسع عشرة جملة مع ترجيع الشهادتين فتكون ثمان، والإقامة سبع عشرة جملة كما جاء في الحديث المتقدم؛ التكبير أربع مرات، وأشهد أن لا إله إلا الله مرتين، وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتينو، حي على الفلاح مرتين، والله أكبر مرتين، ولا إله إلا الله مرة واحدة، والإقامة، التكبير أربع مرات، والشهادتان أربع، فهذه ثمان، وحي على الصلاة حي على الصلاة مرتين، وهذه عشر، وحي على الفلاح حي على الفلاح مرتين، وقد قامت الصلاة مرتين، والله أكبر مرتين، ولا إله إلا الله مرة، فيكون المجموع سبع عشرة، وهذا تفصيل الإجمال الذي في الطريق الأولى، وهي قول أبي محذورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، فهذا هو التفصيل في الإقامة لذلك الإجمال الذي تقدم في الرواية السابقة، الأذان تسع عشرة جملة، ويضاف إليها في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتان، فيكون العدد واحد وعشرين، بإضافة الصلاة خير من النوم في أذان الصبح، وأما الإقامة فهي سبع عشرة جملة؛ وذلك بإضافة: قد قامت الصلاة مرتين.
تراجم رجال إسناد حديث أبي محذورة في الأذان في السفر
قوله: [أخبرنا إبراهيم بن الحسن].وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.[حدثنا حجاج].وهو ابن محمد المصيصي، وقد مر ذكره أيضاً.[عن ابن جريج].وقد مر ذكره كذلك.[عن عثمان بن السائب].وهو الجمحي المكي، وهو مقبول، خرج حديثه أبو داود، والنسائي . [عن أبي].وهو السائب الجمحي المكي، وهو مقبول، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، أي: كالذين خرجوا لابنه عثمان .[وأم عبد الملك بن أبي محذورة].وهي زوجة أبي محذورة، وهي مقبولة، وقد رمز في التقريب بـأبي داود، والترمذي، ومن المعلوم أن النسائي خرج لها، والحديث الذي معنا في النسائي، فلا أدري هل التاء بدل السين، أو أن السين سقطت فيكون أبو داود، والترمذي، والنسائي خرجوا لها.قوله: [عن أبي محذورة].وقد مر ذكره.
الأسئلة

مدى صحة رؤيا عمر لنفس الرؤيا التي رآها عبد الله بن زيد في الأذان
السؤال: يا فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل عمر رضي الله عنه رأى نفس الرؤيا التي رآها عبد الله بن زيد في بدء الأذان، وقد أخبرت أن خبر رؤيا عمر رضي الله عنه في صحيح البخاري؟الجواب: لا، أنا ما ذكرت رؤيا عمر .فأنا لا أعرف شيئاً عن الرؤيا، الرؤيا لـعبد الله بن زيد، وعبد الله بن عمر قال: نادِ في الصلاة، ولا أدري هل له رؤيا أو ليس له رؤيا؟ وقد يكون في الأحاديث التي ستأتي شيء يوضح شيئاً من ذلك، ولكن كون عمر رأى رؤيا لا أدري.
حكم لبس المرأة للذهب المحلق
السؤال: يا شيخ! حفظك الله، ما حكم لبس الذهب المحلق للمرأة، فهناك بعض طلبة العلم قال لزوجته: لا تلبسي الذهب المحلق؛ لأن هذا فيه خلاف بين العلماء، والأفضل أن تتركيه خروجاً من الخلاف، ومن باب ترك الشبهات، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، والأحوط لك أن تتورعي في هذا الأمر، فهل هذا صحيح؟ وهل تركه يعتبر تورعاً؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.الجواب: الذهب مطلقاً مباح للنساء، محلق أو غير محلق، وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ذهباً وحريراً وقال: (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)، وقد جاء في الأحاديث حل الذهب مطلقاً للنساء، وجاء في بعض الأحاديث ما يدل على حل الذهب المحلق؛ وذلك في قصة مجيء الرسول عليه الصلاة والسلام إلى النساء يوم العيد ووعظه إياهن، ومعه بلال، وعبد الله بن عباس، وقال: (تصدقن يا معشر النساء! فإنكن أكثر حطب جهنم، فجعلن يلقين من خواتيمهن وأقراطهن)، ومن المعلوم أن الخواتيم محلقة، فالخواتيم التي يخرجنها من أصابعهن كانت محلقة. ثم صاحبة المسكتين اللتين قال فيهما: (أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا)، الحديث، وهي محلقة.فإذاً جاء في النصوص ما يدل على حل الذهب مطلقاً محلقة وغير محلقة، وجاء في بعض النصوص ما يدل على حل المحلقة، فتكون هذه النصوص العامة والخاصة دالة على إباحته، وتلك الأحاديث التي جاءت فيها النهي عن الذهب المحلق تكون مرجوحة، ويكون ذلك الذي جاء فيه العموم، وجاء فيه النصوص الخاصة بالذهب المحلق دالة على إباحته مطلقاً، وأن النساء لا حرج عليهن إذا لبسن أي شيء من الذهب، سواء كان محلقاً أو غير محلق.
حكاية الإجماع على ترك لبس الذهب المحلق
السؤال: هل لبس الذهب المحلق يكون مخالفاً للإجماع؟الجواب: لا، ما يكون مخالفاً للإجماع، فالمسألة خلافية، والجمهور على أنه مباح، ولكن لا يقال: إنه مخالف للإجماع، مع أنه ما فيه إجماع، وإن كان بعض العلماء حكى الإجماع.
مضاعفة أجر النوافل في مكة والمدينة
السؤال: هل النوافل في مكة والمدينة تضاعف؟ وما الدليل؟الجواب: أما في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الصلوات النوافل تضاعف كالفرائض؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة في مسجدي)، هذا لفظ يشمل الفرض والنفل، وبالنسبة للمسجد النبوي الصلاة فيه بألف صلاة، الفريضة بألف فريضة، والنافلة بألف نافلة، وأما في مكة فهي بمائة ألف صلاة، والخلاف بين العلماء، هل التضعيف يكون للصلاة في المسجد المحيط بالكعبة، أو أن الصلاة في مكة كلها تضاعف؛ لأن مكة يطلق عليها مسجد حرام كلها، والقول بأن مكة يقال لها: مسجد حرام، هو قول قوي؛ لأنه جاء ما يدل عليه، مثل قول الله عز وجل: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28]، والمراد بالمسجد الحرام مكة كلها، وليس المقصود المسجد الذي فيه الكعبة، فالكفار يمنعون من دخول مكة كلها، وليس المسجد الذي فيه الكعبة فقط.ثم أيضاً قول الله عز وجل: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [الإسراء:1]، والنبي صلى الله عليه وسلم أسري به من بيت من بيوت مكة، وقد أُطلق على الإسراء به أنه من المسجد الحرام، والإسراء به كان من بيت من بيوت مكة.الحاصل: أن المسجد الحرام يطلق على مكة كلها، ولكن كما هو معلوم، وإن كان هذا القول له وجاهة وقول قوي، وقال به بعض أهل العلم، وألف فيه من العلماء القريبين من عصرنا المعاصرين، وقد توفي يقال له: التباني، ألف رسالة صغيرة فيما يتعلق بالمسجد الحرام، وإطلاق على مكة أنها كلها مسجد حرام، إلا أنه كما هو معلوم ليس سواء من يصلي عند الكعبة، ومن يصلي في أماكن مختلفة من مكة، كما أن الذين يصلون في المسجد يتفاوتون؛ فالصف الأول أفضل من الذي يليه وهكذا، فالذي يصلي عند الكعبة ليس كالذي يصلي في أماكن مختلفة من مكة.
الأفضل في أداء صلاة النافلة البيت أم المسجد الحرام
السؤال: هل صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة؟الجواب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل في بيته أفضل من المكتوبة)، تشمل الحرمين وغيرهما.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 478.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 472.98 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]