الحديث الثلاثون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216217 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7838 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 63 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859799 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394130 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-05-2013, 02:15 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي الحديث الثلاثون

الحديث الثلاثون

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لااله الا الله وحده لاشريك له وان محمدا عبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد : فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد e وإن شر ألامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكلبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عَنْ أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ نَاشِرٍ رضي الله عنه عَن رَسُولِ اللهِ r قَالَ: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا)(1) حديث حسن رواه الدارقطني وغيره
هذا الحديث يعتبره علماء الحديث من أجمع الأحاديث لأحكام الشريعة، لأن الرسول r قسم أحكام الشريعة كلها إلى: فرائض، وحدود، ونواهٍ، ومباحات. ولا يوجد حكم في الشرع إلا وهو داخل تحت قسم من هذه الأقسام. يقف المرء في دين الله تعالى أمام هذه الأمور الأربعة: أولها الفرائض فيأتي بها كما أمر الله تعالى، وثانيها الحدود فلا يتجاوزها ولا يتعداها، وثالثها المحرمات فيجتنبها ولا ينتهكها، ورابعها المسكوت عنها، فلا يتكلف البحث والسؤال عنها، فإن الله تعالى ما سكت عنها نسياناً، بل رحمة بعباده.
(إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا) الفرض في اللغة: القطع،فَرَضَ" أي أوجب قطعاً
والواجب لغة الثابت، فكل ما فرضه الله فهو ثابت، فبينهما ارتباط، ولذا قالوا: هما مترادفان،وقال في الآية الكريمة عن البُدن: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا [الحج:36]؛ لأن الإبل والبدن تنحر قائمة، فإذا نحرت سقطت على جنبها، وثبتت في مكانها فلا تبرحه. هل الفرض والواجب بمعنى واحد، أو الفرض غير الواجب؟ اختلف العلماء- رحمهم الله- في هذا ، فقال بعضهم: الفرض ما كان دليله قطعياً، والواجب ما كان دليله ظنياً وقال آخرون: الفرض ما ثبت بالقرآن، والواجب ما ثبت بالسنة. والراجح أن الفرض والواجب بمعنى واحد، ولكن إذا تأكد صار فريضة، وإذا كان دون ذلك فهو واجب، والله تعالى أعلى وأعلم. يقول الفقهاء فيما اصطلحوا عليه في أصول الفقه: الفرض والواجب مترادفان في جميع العبادات إلا في الحج، لأن الفرض والواجب سواء، فهما ركنان في العبادة ولا تصح إلا بهما.والركن: جزء الماهية، وليس شرطاً في صحتها، ولكن جزء منها.وفرق بين الركن والشرط، والصلاة فيها ركوع وسجود وقراءة، وهذه الصلاة لا تصح إلا بطهارة وباستقبال القبلة، ولكن الطهارة عمل خارج عن عملية الصلاة، وكذلك استقبال القبلة؛ فاستقبال الجهة خارج عن ماهية الصلاة، ثم تكبير وقراءة وركوع وسجود وسلام.فالركن جزء الماهية، فيقولون: الركن والفرض والواجب كله سواء إلا في الحج، فالركن في الحج: ما لا يتم الحج إلا به، وإذا فات فلا حج، والواجب في الحج يُجبر بدم.ومثلوا لهذا بالوقوف بعرفة فهو ركن في الحج، وكذا الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة واجب، ورمي الجمار واجب لو تركه يُجبر بدم، والحج صحيح، وطواف الوداع يُجبر بدم والحج صحيح، لأنه واجب، خلافاً لـمالك .إذاً: الحج فيه أعمال يفوت إن تركت، سواء كانت خطأً أو نسياناً أو عمداً، من فاته الوقوف بعرفات فلا حج له؛ لحديث: (الحج عرفة) ، ويبقى بإحرامه، ويأتي الكعبة ويطوف ويتحلل بعمرة، وعليه الحج من عامٍ قابل، وإذا أخر طواف الإفاضة لم يتم حجه إلى أن يطوف بالبيت، لذا قالوا: الفرض والواجب في جميع العبادات سواء ما عدا الحج. عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله اصطلاح في الفرض والواجب، فالفرض: ما ثبت بدليل قطعي من كتاب الله، والواجب: ما ثبت بطريق الآحاد من سنة رسول الله r فمثلاً: عنده زكاة المال: فرض، بينما زكاة الفطر واجب، لأن زكاة المال جاءت بكتاب الله: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [المائدة:55] ، والمقصود هنا زكاة المال، سواءً كانت من الحبوب والثمار أو من الذهب والفضة أو عروض التجارة أو بهيمة الأنعام، لكن صدقة الفطر إنما جاءت بالسنة عن رسول الله r ،وكذلك الصلوات الخمس فروض، أما الوتر فهو عنده واجب، لأنه ثبت بسنة الآحاد، والجمهور يقولون: الوتر سنة، لكن لما كثرت فيه الأحاديث ارتقى عند أبي حنيفة إلى الوجوب، لكن ليس كالفرض، وهو يعادل السنة المؤكدة عند الجمهور. والفرائض تقسم إلى قسمين: فرض كفاية، وفرض عين. فأما فرض الكفاية: فإنه ماقصد فعله بقطع النظر عن فاعله، وحكمه إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين مثل الآذان والإقامة وصلاة الجنازة وغيرها. وفرضالعين هو: ما قصد به الفعل والفاعل ووجب على كل أحد بعينه مثل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج. الجمهور على أن هذه الفروض هي: أركان الإسلام، وما أوجب الله العمل به، فلا شك أن الصلاة واجبة، والطهارة لها واجبة، إذ هي فرض لا تصح الصلاة إلا بها، والزكاة واجبة في جميع أصناف الأموال الزكوية، والصوم واجب، والحج والجهاد واجب بشروط، وهكذا كل ما أمر الله أن يُفعل، ورتب على تركه عقوبة، فهو فرض أو واجب، وكلاهما بمعنى واحد عند الجمهور. والفرائض هي التي فرضها الله عز وجل وأوجبها، فوجوبها واضح حتم لازم، يتعين على كل مسلم أن يأتي بها وأن يحذر من تضييعها، أي: التهاون بها وعدم الإتيان بها على التمام والكمال، بل عليه أن يحرص على أن يأتي بها على وجه يكون به مؤدياً للفرض والواجب. (إن العبد إذا صلى الصلاة بخشوع وخضوع وتلاوة صعدت إلى السماء، ولها رائحة زكية، كلما مرت بسماء قالت ملائكتها: ما هذا؟ قالوا: صلاة فلان، فأخذت تصلي عليه وتدعو له إلى أن تصل إلى عرش الرحمن، وإذا صلى الصلاة وضيعها، تأتي فتطرق السماء فلا تُفتح لها أبواب السماء، وتُلف كما يُلف الثوب الخَلِق، ويرمى بها إلى وجهه، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني)، والتضييع: التفويت، كما قال عمر رضي الله تعالى عنه حينما حمل رجلاً على فرس له في سبيل الله، ونعلم أن عمر لن يقتني فرساً إلا فرساً يتجاوب مع شجاعة عمر ومع قتاله، فلما حمل على هذا الفرس الجيد الأصيل الرحل الذي حمله عليه، وأخذه هبةً من عمر لم يستطع أن يؤدي واجب هذا الفرس، لأن الفرس قد يكلف أكثر من الولد: في طعامه ونظافته وترويضه وأداء واجبه..إلى آخره، قال عمر : ( فرأيت الذي أخذه قد ضيعه )، بأي شيء؟ بعدم أداء واجبه، وإهمال حقه.إذاً: الإهمال تضييع، والصلاة تضيَّع إما بتركها حتى يخرج وقتها، أو بأدائها في آخر الوقت كما جاء في بعض الروايات: (ينظر إلى الشمس حتى إذا ما اصفرَّت قام ونقرها نقر الغراب) (2)، وإما أن يصليها فرادى في أول وقتها، ويترك الجماعة وهو يستطيع أن يحضرها، أو يصلي جماعة وقلبه مشغول، ولذا قال في الآية الكريمة: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، يقول بعض السلف: الحمد لله الذي قال: عَنْ صَلاتِهِمْ ولم يقل: في صلاتهم، لأنه قلَّ أن يسلم مسلم من أن يسهو في صلاته بنوع ما؛ ولذا شرع الله سجود السهو تداركاً لما عسى أن يقع من نقص، والإنسان لا يسلم وليس معصوماً من السهو، ولكن فرق بين أن يدخل في الصلاة ويكبر، ثم يذهب يحسب حساب البيع والشراء، ومكسب وربح، ورواح ومجيء، إلى آخره! (خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة، فمن حفظها وحافظ عليها ...)، (حفظها): أي: بواجباتها، و(حافظ عليها) أي: أداها في وقتها.وجاء في الحديث: (أي العمل أفضل يا رسول الله؟! قال: إيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: الصلاة في أول وقتها. (وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا) الحد في اللغة المنع، ومنه الحد بين الأراضي لمنعه من دخول أحد الجارين على الآخر، تقول: هذا حد البيت، أو: هذا حد الملك، وكل عين من العقارات لها حدود أربعة: شرق وغرب وشمال وجنوب، وفائدة هذا الحد: أن تمنع المحدود أن يخرج عن حده، وتمنع غير المحدود أن يدخل داخل تلك الحدود، فهو مانع. وفي الاصطلاح هو ما شرعه الله عقوبةً على المعاصيكعقوبة الزنا، وعقوبة السرقة وما أشبه ذلك ، وقيل المراد بالحدود الواجبات والمحرمات.فالواجبات حدود لا تُتعدى، والمحرمات حدود لا تقرب.وقالوا: سميت العقوبات لبعض الجرائم حدوداً لأنها تمنع الناس من الوقوع فيها، وسماها r حداً في قضية المرأة المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده، ثم سرقت ورُفع أمرها إلى الرسول r وصدر الأمر بقطع يدها، فأرسلوا إليه حب رسول الله rوابن حبه أسامة يشفع فيها، فقال r: (أتشفع في حد من حدود الله؟!)( 3) قالوا: قطع اليد حد في السرقة، والجلد حد في الشرب أو القذف أو الزنا للبكر، والرجم حد في زنا الثيب.وهذه الحدود موانع وزواجر عن وقوع الإنسان في هذه المعاصي التي جُعلت لها هذه الحدود.ويقال عن المتوفَّى عنها زوجُها: هي في حداد لأنها مُنعت من الزينة. أي: أن الله جعل للناس أموراً مشروعة منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو مباح، فعلى الناس أن يتقيدوا بها وأن يأخذوا بها، وأن لا يتجاوزها إلى الحرام، بل يكتفوا بما أحل الله عما حرم الله، (فلا تعتدوها) يعني: لا تتجاوزوها ولا تتعدوها، بل اقتصروا عليها وقفوا عندها ولا تتجاوزوها إلى غيرها، ، بل يكون العمل مبنياً على الإتيان بما شرعه الله عز وجل، سواء أكان واجباً أم مستحباً أم مباحاً . الحدود المحرمة يكون النهي عن قربانها لحرمتها، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [البقرة:187وأما إذا كانت مباحة ومشروعة فإنها لا تتجاوز، بل يوقف عندها ويستغنى بالحلال عن الحرام، ويكتفى بما أباح الله عما حرم الله . و المراد بالحدود في الحديث محارم الله عزّ وجل الواجبات والمحرمات، نقول:لا تعتده أي لاتتجاوزه، والمحرم نقول: لا تقربه، هكذا في القرآن الكريم لما ذكر الله تعالى تحريم الأكل والشرب على الصائم قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا )(البقرة: الآية229) ولما ذكر العدة وما يجب فيها قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبُوهَا )[البقرة:187]. (وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا) أي: جاء الدليل من الكتاب والسنة على تحريمها، كالخمر والميسر والزنا والربا وغير ذلك، كل هذه المحرمات لا ينتهكها الإنسان، أي: لا يقع فيها ولا يتجه إليها، بل يكون في منأىً بعيداً عنها، كما قال رسول الله r : (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)(4) فكل ما نهى الله عز وجل وحرمه فإنه لا يجوز فعله ولا الإقدام عليه، بل يجب الحذر منه والابتعاد عنه وعدم قربانه.فقوله: (وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا) يقابل قوله: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا) أي: أوجب واجبات يتعين على الإنسان الإتيان بها، وهنا حرم محرمات فلا يجوز الإقدام عليها ولا يجوز الوقوع فيها.المحرمات نوعان كبائروصغائر: فالكبائر: لا تغفر إلا بالتوبة، والصغائر: تكفرها الصلاة والحج والذكر وما أشبهذلك. (وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا) . قال: سكت بمعنى لم يقل فيها شيئاً ، أي: أنه سكت عنها فلم يحرمها ولم يحللها، وإنما هي عفو، فالشيء الذي لم يأت ما يدل على تحريمه فالإنسان يأتي به ويفعله ولا يبحث عنه . وقوله: "غَيْرَ نسيَان" أي أنه عزّ وجل لم يتركها ناسياً (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)(مريم: الآية64) ولكن رحمة بالخلق حتى لا يضيق عليهم. "فَلا تَبحَثوا عَنهَا" أي لا تسألوا، مأخوذ من بحث الطائر في الأرض، أي لا تُنَقِّبُوا عنها،بل دعوها. وهذا البحث والسؤال قد يكونان في زمن النبوة، وهذا الذي تترتب عليه مضرة، بأن يوجب شيء لا يستطاع، أو يحرم شيءٌ بسببه، كما جاء في قصة الرجل الذي سمع النبي r يقول: (إن الله كتب عليكم الحج فحجوا.قال: يا رسول الله ! أفي كل عام؟ فسكت الرسول r فأعاد السؤال، فقال: لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم)(5) فالله عز وجل أوجب الحج، ووجوبه في كل عام لا شك أنه في غاية المشقة، فدلالة اللفظ بمجرده تدل على أنه مرة واحدة، لأنه لا يستطيع أن يحج الناس جميعاً في كل سنة، ولهذا قال النبي r : (لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، ذروني ما تركتكم) أي: لا تسألوني مثل هذه الأسئلة التي فيها مشقة وتعسير وتشديد على الناس.وكذلك كونه يسأل عن شيء فيحرم من أجل مسألته، وقد جاء في الحديث: (إن أعظم الناس جرماً من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته)(6) .أما السؤال بعد زمنه r فكالأسئلة التي فيها تنطع وتكلف والناس في غنى عنها وليسوا بحاجة إليها، فلا ينبغي أن يسألوا مثل هذه الأسئلة ولا يبحثوا عنها، وإنما عليهم الانكفاف والإعراض وعدم الاشتغال بها، وعليهم الاشتغال بما يعود عليهم بالخير.فعلى الإنسان أن يقف عند الحرام ويجتنبه، وأما الحلال عله أن يأتي به ويقدم عليه، وما سُكِتَ عنه فإنه لا يشغل نفسه به، وما كان من أشياء ليس فيها تحريم ولا تحليل فيرجع في ذلك إلى الأصل، فما كان الأصل فيه الحل فإنه يبقى على ذلك الأصل، وما كان الأصل فيه التحريم فإنه يبقى على ذلك الأصل، ولا يُشتغل بالتكلف والتعمق في المسائل التي لا يفيد التعمق فيها، وقد جاء ما يدل على المنع من ذلك، كما في حديث: (هلك المتنطعون) (7).
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-05-2013, 02:16 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: الحديث الثلاثون

الفوائد من هذا الحديث

1- إثبات أن الأمر لله عزّ وجل وحده، فهو الذي يفرض،وهو الذي يوجب،وهو الذي يحرم، فالأمر بيده، لا أحد يستطيع أن يوجب مالم يوجبه الله، أو يحرم مالم يحرمه الله،لقوله: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائض" ...وقَالَ: "وَحَرمَ أَشيَاء"
2- دل الحديث على كمال الشريعة الإسلامية من جميع النواحي ولذلك تناسب جميع الأجيال على مر السنين، ومختلف العصور
3- أن الدين الإسلامي ينقسم إلى فرائض ومحرمات.
4- وجوب المحافظة على فرائض الله عزّ وجل، مأخوذ من النهي عن إضاعتها، فإن مفهومه وجوب المحافظة عليها.
5- أن الله عزّ وجل حد حدوداً وحرم تعديها لقوله: "فَلاَ تَعتَدوهَا"، بمعنى أنه جعل الواجب بيناً والحرام بيناً: وقد سبق في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.
6- أنه لا يجوز تجاوز الحد في العقوبات،فالزاني مثلاً إذا زنا وكان بكراً فإنه يجلد مائة جلدة ويغرّب عاماً، ولا يجوز أن نزيد على مائة جلدة، ونقول يجلد مائة وخمسين مثلاً، فإن هذا محرم.
7- وصف الله عزّ وجل بالسكوت، هذا من تمام كماله عزّ وجل، أنه إذا شاء تكلم وإذا شاء لم يتكلم ولا ينبغي البحث عما سكت الله تعالى عنه ورسوله ."فلا تَبحَثُوا عَنهَا.
8- أنه يحرم على الإنسان أن ينتهك محارم الله عزّ وجل، لقوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلا تَنتَهِكُوهَا". وطرق التحريم كثيرة، منها: النهي، ومنها: التصريح بالتحريم،ومنها: ذكر العقوبة على الفعل.
9- أن ما سكت الله عنه فلم يفرضه، ولم يحده، ولم ينه عنه فهو الحلال، لكن هذا في غير العبادات،فالعبادات قد حرم الله عزّ وجل أن يشرع أحد الناس عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجل، فتدخل في قوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلاَ تَنتَهِكُوهَا". ولهذا نقول:إن من ابتدع في دين الله ما ليس منه من عقيدة أو قول أو عمل فقد انتهك حرمات الله، ولا يقال هذا مما سكت الله عزّ وجل عنه، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل عليها،وغير ذلك الأصل فيه الإباحة، فما سُكِتَ عنه فهو مباح. نذكر مسألة يكثر السؤال عنها،ربما نعرف حكمها من هذا الحديث: يسأل بعض الناس ولاسيما النساء:هل يجوز للإنسان أن يزيل شعر الساق، أو شعر الذراع أو لا يجوز؟ فالجواب: الشعور ثلاثة أقسام: الأول : ما نهي عن إزالته. الثاني : ما أمر بإزالته. الثالث: ما سكت عنه. فأما ما أمر بإزالته فمعروف:كالعانة والإبط للرجال والنساء والشارب بالنسبة للرجال ، فهذا مأمور بإزالته، لكن الشارب لا يؤمر بإزالته نهائياً كالحلق مثلاً، حتى إن الإمام مالك- رحمه الله - قال: ينبغي أن يؤدب من حلق شاربه،لأن الحديث أحفوا الشوَارب(8)
والثاني: ما نهي عن إزالته كشعر اللحية بالنسبة للرجال، فإن النبي r أمر بإعفائها وقال: خَالِفُوا المَجوسَ)(9)خَالِفُوا المُشرِكينَ(10) فلا يحل لأحد أن يحلق لحيته، بل ولا أن ينقص منها على القول الراجح حتى لو زادت على القبض، وأما إجازة الفقهاء- رحمهم الله - قص ما زاد على القبضة واستدلالهم بفعل ابن عمر رضي الله عنهما(11) ، فهذا رأي لكنه مخالف لظاهر الحديث.وابن عمر رضي الله عنهما ليس يقص ما زاد على القبضة في كل السنة، إنما يفعل ذلك إذا حج أو اعتمر فقط، وهذا فرق بين ما شغف به بعض الناس وقالوا: إن ابن عمر رضي الله عنهما يرى جواز أخذ ما زاد على القبضة.وكأنه - والله أعلم - رأى أن هذا من كمال التقصير أو الحلق.ومع ذلك فرأيه رضي الله عنه غير صواب، فالصواب فيما قاله النبي rوالعجب أن ابن عمر رضي الله عنهما ممن روى حديث الأمر بإعفاء اللحية وهو يفعله، لكن نعلم أن ابن عمر رضي الله عنهما عنده من العبادة ما فات كثيراً من الناس إلا أنه تأول ، والمتأول مجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر. القسم الثالث:بقية الشعور التي ليس فيها أمر ولا نهي، فقال بعض الناس:إن أخذها حرام،لقول الله تعالى عن إبليس: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)(النساء: الآية119) هذا يستثنى منه ما أمر بإزالته كالختان وما أشبه ذلك. قالوا: وهذا مغير لخلق الله، بينما كان ساقه فيه الشعر أو ذراعه فيه الشعر أصبح الآن ليس فيه شعر. لكن النبي r قسم الأشياء إلى ثلاثة أقسام قلنا: هذا مما سكت عنه، لأنه لو كان ينهى عنه لألحق بما نهي عنه، وهذه قرينة تمنع أن يكون هذا من باب تغيير خلق الله عزّ وجل أو يقال: هو من التغيير المباح.والذي نرى في هذه المسالة : أن الشعر يبقى ولا يحلق ولا يقص، اللهم إلا إذا كثر بالنسبة للنساء حتى شوه الخلقة،فالمرأة محتاجة إلى الجمال والتجمل، فلا بأسوأما الرجال فيقال: كلما كثر الشعر دلّ ذلك على قوة الرجل. 10 - إثبات رحمة الله عزّ وجل في شرعه، لقوله: "رَحمَةً بِكُم" وكل الشرع رحمة،لأن جزاءه أكثر بكثير من العمل،فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومع ذلك فالله عزّ وجل خفف عن العباد ، وسكت عن أشياء كثيرة لم يمنعهم منها ولم يلزمهم بها.
11- تنزيه الله سبحانه عن النسيان لقوله "غَيرَ نسيَان" وقد جاء ذلك في القرآن الكريم،فقال الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)[مريم: 64] وقال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون لما سأله ما بال القرون الأولى: (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) (طـه: 52) ،أما قوله تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)(التوبة: الآية67) لايدل على أن الله أثبت لنفسه النسيان لكن المراد بالنسيان هنا نسيان الترك، يعني تركوا الله فتركهم. فهؤلاء تعمدوا الشرك وترك الواجب، ولم يفعلوا ذلك نسياناً. إذاً: (نَسُوا اللَّهَ) [التوبة:67] أي تركوا دين الله (فَنَسِيَهُمْ) أي فتركهمأما النسيان الذي هو الذهول عن شيء معلوم فهذا لا يمكن أن يوصف الله عزّ وجل به، بل يوصف به الإنسان،لأن الإنسان ينسى، ومع ذلك لا يؤاخذ بالنسيان لأنه وقع بغير اختيار.
__________________________________________________ _______(1)أخرجه الدارقطني – ج4/ص185، (42).
(2) الراوي:العلاء بن عبدالرحمن المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 413
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(3)الراوي:عائشة أم المؤمنين المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1688
(4)الراوي:أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1337
خلاصة حكم المحدث: صحيح

(5)الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3430
خلاصة حكم المحدث: صحيح

(6)الراوي:سعد بن أبي وقاص المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2358 خلاصة حكم المحدث: صحيح
(7)الراوي:عبدالله بن مسعود المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2670 خلاصة حكم المحدث: صحيح (8)أخرجه البخاري – كتاب: اللباس، باب: تقليم الأظفار،(5892). ومسلم – كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة، (259)، (52) (9) أخرجه مسلم - كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة، (260)،(55)
(10)اخرجه البخاري – كتاب: اللباس، باب: تقليم الأظفار،(5892). ومسلم – كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة، (259)،(54) (11)أخرجه عبدالرزاق في مصنفه – ج5/ص255، (25484) (12) اخرجه أبو داود – كتاب: المناسك، باب: فرض الحج، (1721)، الإمام أحمد بن حنبل – ج1/ص255، مسند آل العباس عن عبدالله بن عباس، (2304). وابن ماجه – كتاب: المناسك، باب: فرض الحج، (2886). وأخرج مسلم "في معناه" – كتاب: الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر، (1337)، (412)
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-05-2013, 02:22 PM
الصورة الرمزية زارع المحبة
زارع المحبة زارع المحبة غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 11,227
الدولة : Algeria
افتراضي رد: الحديث الثلاثون

بارك الله فيك ...
__________________



رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-06-2013, 02:58 PM
الصورة الرمزية فـراشـه مصـريـه
فـراشـه مصـريـه فـراشـه مصـريـه غير متصل
ooالـــــ ليالـى ــــوردoo
 
تاريخ التسجيل: Mar 2012
مكان الإقامة: فوق التراب وغدا تحته ادعولي~~
الجنس :
المشاركات: 9,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحديث الثلاثون

جزاكِ الله خيرا
__________________
.ربـعاوؤيّےـة
أأرهـأأبيـيےــة
وأفـتُـخٌےـر
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-06-2013, 06:04 PM
الصورة الرمزية *لمسة أمل*
*لمسة أمل* *لمسة أمل* غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
مكان الإقامة: فلسطين
الجنس :
المشاركات: 3,120
الدولة : Palestine
افتراضي رد: الحديث الثلاثون

جزيتم خيراااااااااااااااااا
__________________


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-06-2013, 07:41 PM
الصورة الرمزية زارع المحبة
زارع المحبة زارع المحبة غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 11,227
الدولة : Algeria
افتراضي رد: الحديث الثلاثون

شكرا .



__________________



رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 102.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 98.06 كيلو بايت... تم توفير 4.03 كيلو بايت...بمعدل (3.95%)]