اعلم أن كل ما يجري في العالم من حركة وسكون وخير وشر ونفع وضر وايمان وكفر وطاعة ومعصية, فكل بقضاء الله وقدره, وكذلك فلا طائر يطير بجناحيه ولا حيوان يدب على بطنه ورجليه, ولا تطن بعوضة ولا تسقط ورقة الا بقضائه وقدره وارادته ومشيئته, كما لا يجري شئ من ذلك الا وقد سبق علمه به. واعلم أن كل ما قضاه الله تعالى وقدره, فهو كائن قريب, وما قدر الله وصوله اليك بعد الطلب فهو لا يصل اليك الا بالطلب, والطلب أيضاً من القدر فان تعسر شيء فبتقديره, وان اتفق شيء فبتيسره, فمن رام أمراً من الأمور ليس الطريق في تحصيله أنه يغلق بابه عليه ويفوض أمره لربه, وينتظر حصول ذلك الأمر, بل الطريق أن يشرع في طلبه على الوجه الذي شرعه له فيه.
من كتاب لا تحزن