القلب الناطق

[ابوالوليد المسلم]

القلب الناطق


في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ أنه قال: «..مَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ...»
و مما ينسب للجاحظ: ثلاثة إذا تكلموا أمامك أنصت لهم ولا تقاطعهم ولا تعقب بسوء:الوالدان، والطفل، والمهموم، لأن قلبهم هو الناطق.
ألوان الإحسان للخلق كثيرة، ومن أنبلها الإنصات لسماع هموم الآخرين والاهتمام بقضاياهم، وهذا النوع من تفريج الهموم المعنوية لربما كان أشد وطأة من العوائق المادية، فإذا جعلك الله كهف أمان يُلجئ إليك فانشر لهم رحمة ربك وهيئ لهم من أمرهم مرفقاً، ومن أساليب التعامل الحسنة هنا، فكرة التاءات الثلاث:
التمييز لشعوري ومن ثمّ شعور من أمامي.
التسمية لهذا الشعور وتحديد معالمه.
التنفيس له بالتعبير عنه ثم احتوائه.
وأخبرك بصوت منخفض عن حوائج المهموم حين يفضي إليك بهمّه.
•الإنصات: أن تتوجه له بكُلك لا ببعضك.
•المشاركة الوجدانية: الحضور بمشاعرك من دون أحكام سابقة.
•الصوت الرحيم: حديثك يكون بين مقامي الصبا و البيات.
•الهمهمة: تعبيرك الصوتي الذي يُنطق ولا يكتب.
•إعادة الكلام: أن تعيد ما فهمته مع إقرار المشاعر.
•التركيز على الموقف: لا على الشخص قدر المستطاع.
•وإياك إياك من هذه السلوكيات التي غالباً تمزق رقعة الهدوء وتهدم جدار الود.
• مطرقة الشماتة؛ والعبارة المتوارثة ( تستحق كل ما أصابك لأنك لم تسمع نصحني ). اه يا لقمان الحكيم.
• أرنبية الحلول؛ العجلة و المبادرة في إعطاء الحلول قبل تمام عرض المشكلة وفهمها.
• سلطة الإهانة؛ بالحكم عليه بالغباء أو سوء التقدير أو ضمه لقطيع من يمشي على أربع.
• ذباب المقاطعة؛ كثرة بتر الحديث و قطعه لأدنى سبب، وغالباً الشيء بالشيء لا يذكر .
• مزادات التهوين؛ التقليل من المشكلة وبخص قيمتها في سوق ذاته و النظر لها بعين المشتري لا بعرق وجهد البائع.
• معركة الجدال؛ يأتي إليك محموم الهموم، فيُحمل من عندك على نعش الوداع.
و قد يكون أكبر ما نال منك من همِّ في يومك هو استماعك لمهموم بصوته الذي سرح في وجدانك، حتى أنك كرهت أن يعود إليك بالشكوى التي أثقلته مرة ثانية، فما بالك بالمهموم نفسه الذي ينام ويصحو على ما سمعت؟!
اللهم رحمتك بأهل الهموم الطويلة.
اللهم رحمتك بالذين إذا ما اتكأوا على جدران البوح قليلًا كادت الجدران أن تطردهم.
اللهم اربط على قلوبهم، وفرٍّج عنهم همومهم، واجزهم جزاء الصابرين.
وهيئ لهم من يُحسن الإنصات إذا احُتيج إليه.
منقول