تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52014 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45815 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64221 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155231 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2025, 10:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء

تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء (1)



كتبه/ طلعت مرزوق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن قضية الإيمان والكفر من أهمِّ قضايا الاعتقاد، وهي أوَّلُ مسألةٍ وقع فيها الابتداعُ في الدين، ظهرت بسببها فِرقةُ الخوارج؛ الذين يُكفِّرون المسلمين؛ كما أنَّ البدعةَ المقابلةَ لها، وهي: الإرجاء، يُؤدِّي الغلوُّ فيها إلى الإباحيَّة والكُفر؛ إذ مبناها على إخراج العمل من الإيمان، فلا يضرُّ معه معصيةٌ -بزعمهم!-، وغُلاةُ المرجئةِ يستحلُّون تركَ الواجبات، وفعلَ المحرَّمات؛ نعوذُ باللهِ مِن كلِّ البدعِ والضلالات.
أمَّا قولُ البعض: (تركُ جنسِ العمل كُفر): فهو مِن الألفاظِ الموهمةِ غيرِ المحددة، والتي لم تردْ في كتابِ اللهِ -تعالى-، ولا في سُنَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتكلمْ بها السلفُ وأهلُ العلمِ مِن قبل!
وهذا القولُ يتضمَّن عدةَ صُوَر، منها ما يُحكمُ بكفرِ صاحبِه إجماعًا، وهي:
- تركُ كلِّ العملِ الظاهر بما يشملُ قولَ اللسانِ بشهادةِ التوحيد مع القُدرة.
- تركُ كلِّ العملِ الظاهر والباطن، بما يشملُ أعمالَ القلوب؛ لأنَّ أصلَ عملِ القلب جزءٌ مِن أصلِ الإيمان.
تركُ كلِّ العمل، بما يشملُ الفعلَ والتَّركَ، لشموله تركَ نواقضِ الإسلام، وتركُ التَّركِ فعلٌ، كما قال -تعالى-: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة: 63)، (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة: 79).
وهذه الصورُ الثلاثة خالف فيها المرجئةُ أهلَ السُّنَّة.
ومنها ما هو محلُّ خلافٍ سائغ، وصورتُه:
- تركُ العملِ الظاهر، باعتبارِ دخولِ المباني الأربعة (الصلاة - الزكاة - الصوم - الحج) في أعمالِ الجوارح.
- ومنها ما هو بدعةٌ مُحدَثة، وهي: تكفير تاركِ جنسِ العمل -كلِّ الأعمالِ الواجبة-، بما لا يشملُ قولَ اللسانِ بشهادةِ التوحيد، ولا أصلَ أعمالِ القلوب، ولا تركَ النواقض، ولا باعتبارِ دخولِ المباني الأربعة.
- تاركِ جنسِ الشعائر -كلِّ شعائرِ الإسلام-؛ لعدمِ تلازمِ الباطنِ والظاهر، وقد غفلوا عن أنَّ شهادةَ التوحيدِ أكبرُ شعائرِ الإسلام.
- تاركِ جنسِ كلِّ عملٍ واجب (عيني)، وهذا القولُ شبيهٌ بقولِ الخوارج؛ قالوا: لعدمِ تصورِ وجودِ التصديقِ والانقيادِ مع عدمِ العملِ به أبدًا. والصحيحُ: إمكانُ وجودِ أصلِ التصديقِ والانقياد، ولكن لضعفِهما لا يُثمرانِ عملَ الجوارح.
أما قولُ العلماء: "لا إيمانَ بلا إسلام"؛ فالمقصودُ بما فيه مِن نُطقِ شهادةِ التوحيد مع القُدرة، وفي الحديثِ المتفقِ عليه: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، شُعْبَةً؛ فَأَفْضَلُهَا: قَوْلُ: لَا إِلَ?هَ إِلَّا اللَّهُ...)، وجُعلَ هذا الإيمانُ (قَوْلُ: لَا إِلَ?هَ إِلَّا اللَّهُ) عملًا عندما سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: (إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) (متفق عليه).
ولا إسلامَ على الحقيقة -لا في الظاهر- بلا إيمان، أي: بلا وجودِ أصلِ أعمالِ القلوب.
والتلازمُ بين الإيمانِ الواجب، وبين العملِ الواجب، لا نزاعَ فيه: أما ادعاءُ التلازمِ بين أصلِ الإيمان والعملِ الواجب؛ فهذا قولُ الخوارجِ في الجملة؛ فالإيمانُ الواجبُ قد يزولُ ويبقى أصلُه، مع عدمِ العملِ الواجب أو فعلِ المحرَّمات من غيرِ النواقض، فالعملُ الظاهرُ ركنٌ في الإيمانِ الواجب؛ أما عدمُ تصورِ أصلِ الإيمانِ بلا عملٍ (والعملُ يشملُ الواجبَ، والمستحبَّ، والتَّركَ)، فهذا هو قولُ الخوارج الذين يقولون: لا نتصورُ من يُصدِّق أنَّ الزنا حرامٌ ثم يزني... وهكذا في كلِّ الأعمالِ الواجبة وتركِ المحرَّمات.
والعلماءُ المتقدِّمونَ تكلَّموا عن "العمل"، ولم يقولوا "جنْسه"، والمستحدثُ في المسألةِ هو: ادعاءُ اشتراطِ أو ركنيَّةِ شيءٍ من الأعمالِ الظاهرة -غيرِ الشهادة- في أصلِ الإيمان.
ونكمل في المقال القادم -بإذن الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-07-2025, 10:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء

تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء (2)



كتبه/ طلعت مرزوق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أقوالُ العلماء في إطلاق أن تاركَ العمل الظاهر بغير جُحُود ولا إباءٍ لا يكفر:
- قال الإمام أحمد في رسالته إلى مُسدد: "فإن تركها (أي: الفريضة) تهاونًا بها وكسلًا كان في مشيئةِ الله، إن شاء عذَّبه، وإن شاء عفا عنه" (مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي).
- قال الإمام سفيان الثوري: "ومَن تركها (أي: ترك خُلَّةٍ من خِلالِ الإيمان) كسلًا أو تهاونًا أدبناه، وكان بها عندنا ناقصًا، هكذا السُّنَّة، أبلغها عني مَن سألك مِن الناس" (الشريعة للآجري).
- قال الإمام محمد بن جرير الطبري: "إذا كان اللذان أتى بهما: المعرفةُ بالقلب، والإقرارُ باللسان، وهو مُفرطٌ في العمل، فمسلمٌ" (التبصير في معالم الدين).
- قال الإمام ابن حزم: "ومن ضيَّع الأعمالَ كلها فهو مؤمنٌ عاصٍ، ناقصُ الإيمانِ، لا يكفر" (المُحلى).
- قال القاضي أبو يعلى: "وأنه بوجودها (أي: الأعمال) يكملُ إيمانه، وبعدمها ينقص" (مسائل الإيمان).
- قال الإمام البيهقي: "وقسمٌ يُفسقُ بتركه أو يعصي، ولا يكفرُ به إذا لم يجحده، وهو مفروضُ الطاعات: كالصلاة والزكاة والصيام والحج واجتناب المحارم. وقسمٌ يكون بتركه مخطئًا للأفضل غيرَ فاسقٍ ولا كافر، وهو ما يكون من العبادات تطوعًا." (الاعتقاد).
- قال أبو محمد اليمني من علماءِ القرن السادس: "فمن ترك العقيدةَ بالقلب وأظهرَ الشهادةَ، فهو منافقٌ. ومن اعتقدها بقلبه وعبَّر عنها لسانُه، وترك العملَ بالفرائض عصيانًا منه، فهو فاسقٌ غيرُ خارجٍ بذلك عن إيمانه، لكنه يكون ناقصًا، وتجرى عليه أحكامُ المسلمين، اللهم إلا إن تركها وهو جاحدٌ بوجوبها، فهو كافر" (عقائد الثلاث والسبعين فرقة).
- قال الإمام القرطبي: "ثم هو سبحانه يَقبضُ قَبضةً فيُخرجُ قومًا لم يعملوا خيرًا قط، يريد: إلا التوحيدَ المجرَّد عن الأعمال" (التذكرة).
- قال الإمام النووي: "ثم نقصُ الدين قد يكونُ على وجهٍ يأثمُ به، كمن ترك الصلاةَ أو الصومَ أو غيرَهما من العباداتِ الواجبة عليه بلا عذر" (شرح مسلم).
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المأمورُ به إذا تركه العبدُ، فإما أن يكون مؤمنًا بوجوبه، أو لا يكون. فإن كان مؤمنًا بوجوبه، تاركًا لأدائه، فلم يترك الواجبَ كلَّه، بل أدَّى بعضه، وهو الإيمان، وترك بعضه، وهو العمل به.
وكذلك المحرمُ إذا فعله، فإما أن يكون مؤمنًا بتحريمه، أو لا يكون. فإن كان مؤمنًا بتحريمه، فاعلًا له، فقد جمع بين أداءِ واجبٍ وفعلِ محرمٍ، فصار له حسنةٌ وسيئة" (مجموع الفتاوى).
وللحديثة بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم يوم أمس, 12:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء

تارك العمل الظاهر بغير جحود ولا إباء (3)



كتبه/ طلعت مرزوق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وقد اتفق المسلمون على أنه مَن لم يأتِ بالشهادتين فهو كافر. وأما الأعمال الأربعة (الصلاة - الزكاة - الصوم - الحج)، فاختلفوا في تكفير تاركها. ونحن إذا قلنا: أهل السُّنَّة متفقون على أنه لا يُكفَّر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي: كالزنا والشرب، وأما هذه المباني، ففي تكفير تاركها نزاعٌ مشهور. وعن أحمد في ذلك نزاع، وإحدى الروايات عنه: أنه يكفر مَن ترك واحدةً منها، وهو اختيار أبي بكر (الخلال)، وطائفةٌ من أصحاب مالك كابن حبيب.
وعنه روايةٌ ثانية: لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط. وروايةٌ ثالثة: لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها. ورابعة: لا يكفر إلا بترك الصلاة. وخامسة: لا يكفر بترك شيءٍ منهن.
وهذه أقوالٌ معروفةٌ للسلف" (مجموع الفتاوى).
- قال الإمام علي بن أبي العزّ الدمشقيّ الحنفي: "وقد أجمعوا على أنه لو صدَّق بقلبه، وأقرَّ بلسانه، وامتنع عن العمل بجوارحه، أنه عاصٍ لله ورسوله، مستحقٌّ الوعيد" (شرح الطحاوية).
- قال الحافظ ابن حجر: "فالسلف قالوا: هو اعتقادٌ بالقلب، ونُطقٌ باللسان، وعملٌ بالأركان. وأرادوا بذلك أن الأعمالَ شرطٌ في كماله (قلتُ: ليس هذا إخراجًا للأعمال من الإيمان، ولكنه استعمل كلمة الشرط هنا بمعناها اللغوي والشرعي، لا الاصطلاحي)، ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة والنقص. والمرجئة قالوا: هو اعتقادٌ ونطقٌ فقط. والكرامية قالوا: هو نُطقٌ فقط. والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارقُ بينهم وبين السلف: أنهم جعلوا الأعمالَ شرطًا في صحته، والسلف جعلوها شرطًا في كماله" (فتح الباري).
ونحن لا نُنازع في تسميةِ تاركِ الصلاةِ كافرًا، كما ورد في السُّنَّة، وهذا هو الإجماعُ المنقول؛ أما حقيقةُ هذا الكفر: هل هو أكبر أم أصغر؟ فهذا محلُّ الخلاف السائغ، وأهلُ العلم المكفِّرون بترك الصلاة، لا يُكفِّرون بترك جنسها، بل بترك آحادها، وهم على ثلاثة أقوال في ذلك؛ ذكرها ابن القيم: منهم مَن يُكفِّره بترك صلاةٍ واحدة، أو بترك صلاتين مجموعتين كـالظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، ومنهم مَن يُكفِّره بترك ثلاث صلوات.
وأما مَن لا يُكفِّره بترك الصلاة، فلا يُكفِّره ولو تركها سنين.
وقد ذهب جمهورُ العلماء إلى تأويل الحديث: (فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، فقالوا: كفرٌ دون كفر. والآثارُ الواردة عن الصحابة تحتملُ هذا التأويل، كما في حديث: (أُرِيتُ النَّارَ، فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ). قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: (يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ) (متفق عليه)، وحديث: (فَمَن رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَقَدْ كَفَرَ) (متفق عليه)، وحديث: (اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ) (رواه مسلم).
وتاركُ الصلاة تكاسلًا -الذي اختلف العلماءُ في نوع كفره- على خطرٍ عظيم، وأخطرُ ما نَخافه عليه: أن يُنزع منه التوحيدُ عند الموت؛ فإذا كنا نخاف سوءَ الخاتمةِ على مَن يعمل العملَ الصالح، فكيفَ بتارك الصلاة؟!
وقد نقل غيرُ واحدٍ من السَّلف والخَلَف الخلافَ بين العلماءِ في تكفير تاركِ المباني الأربعة تكاسلًا، وخاصةً الصلاة.
ومِمَّن ذكر الخلافَ في تكفير تاركِ الصلاة تكاسلًا: (محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة -
الطحاوي في مشكل الآثار - الخطابي في معالم السنن - ابن حزم في المحلى - ابن عبد البر في التمهيد - ابن رشد في بداية المجتهد - ابن قدامة في المغني - القرطبي في التفسير - النووي في شرح مسلم - ابن تيمية في مجموع الفتاوى - ابن القيم في الصلاة وحكم تاركها - ابن رجب في جامع العلوم والحكم - ابن حجر في فتح الباري - ابن عابدين في رد المحتار - الشوكاني في نيل الأوطار - ابن باز، والعثيمين، والألباني، وغيرهم)، وهذا غيضٌ من فيض.
وقد جاء في حديث الشفاعة: (فَيَقُولُ أَهْلُ الجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ، أَدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ...) (متفق عليه)، وفي حديث الرجل الذي أمر أهلَه أن يُحرِقوه قال: (فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ - أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ - عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا) (متفق عليه)؛ أي: لم يَدَّخِرْ عملًا صالحًا يُدخله اللهُ به الجنة. وفي رواية مسلم: (قَالَ: رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ).
وفي حديث قاتل المائة نفس: (فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ) (متفق عليه).
وفي حديث حذيفة: "فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: يَا صِلَةُ، تُنَجِّيهِمْ مِنَ النَّارِ. ثَلَاثًا" (أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني).
فهؤلاء لم تبلُغْهم هذه الأعمال، ولم يُعذَّبوا على تركها، كمن يخرج من النار بالشفاعة؛ لأنهم في حكم غيرِ المُكلَّفِ بها، ولكنهم نَجَوا بلا عملٍ ظاهرٍ سوى شهادةِ التوحيد، كما نجا من الخلودِ في النار مَن خرج منها بالشفاعة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.80 كيلو بايت... تم توفير 2.55 كيلو بايت...بمعدل (3.79%)]