النهوض الحضاري للأمة بين الرؤية المقاصدية وضيق التفاصيل الفقهية: رؤية الهلال نموذجا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         في آخر الزمان تصبح السنة بدعة والبدعة سنة (اخر مشاركة : عبد العليم عثماني - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4961 - عددالزوار : 2066709 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 606 - عددالزوار : 339488 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4537 - عددالزوار : 1335612 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 379 - عددالزوار : 156399 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 394 - عددالزوار : 92430 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 14116 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 53323 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 84 - عددالزوار : 46967 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 15446 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-03-2025, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي النهوض الحضاري للأمة بين الرؤية المقاصدية وضيق التفاصيل الفقهية: رؤية الهلال نموذجا

النهوض الحضاري للأمة بين الرؤية المقاصدية وضيق التفاصيل الفقهية: رؤية الهلال نموذجا
عبدالله حسين النعمة


الجدل التاريخي: بين الشرع والعلم
انتكاسة حضارية: غياب تقويم موحد
الرؤية الاستراتيجية والمقاصد الكبرى
خاتمة: دعوة للنهوض الحضاري

تلسكوب معدني يتطلع نحو منظر طبيعي جبلي تحت سماء غائمة، مع تلال خضراء في الأفق.

يظلُّ الجدل حول رؤية هلال رمضان والأعياد في العالم الإسلامي ملفًا موسميًا يتجدد مع كل مناسبة دينية، حاملًا معه انقسامات فكرية وشرعية وعلمية تكشف عن أزمة أعمق من مجرد اختلاف في التوقيت. لقد استُهلك هذا الموضوع في مؤتمرات علمية ومنتديات شرعية وأبحاث أكاديمية فلكية، ومع ذلك، ما زال الحلُّ بعيد المنال، ليبقى هذا الخلاف شاهدًا على انتكاسة حضارية تعيق الأمة الإسلامية في عصر يتطلب الدقة والوحدة أكثر من أي وقت مضى. فما الذي يمنعنا من جسر الهوة بين الرؤية الشرعية والحقائق الفلكية؟ وكيف يمكن أن ننظر إلى هذه القضية من زاوية استراتيجية تتماشى مع المقاصد الكبرى للدين؟
الجدل التاريخي: بين الشرع والعلم

منذ قرون، حاول الفقهاء والعلماء التوفيق بين النصوص الشرعية التي تحث على رؤية الهلال بالعين المجردة، كما في قول النبي ﷺ: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” (رواه مسلم ‏(2379))، وبين التطورات العلمية التي أثبتت دقتها في تحديد مواعيد الأهلة. وقد طرحت حلول عديدة، منها الجمع بين الرؤية البصرية والحساب الفلكي، أو اعتماد الحساب كليًا في حال تعذر الرؤية، كما ذهب إلى ذلك جماعة من الفقهاء القدامى والمعاصرين. فالإمام الجويني -إمام الحرمين– في كتابه “غياث الأمم“، دعا إلى مراعاة المصلحة العامة في مثل هذه المسائل، مؤكدًا أن المقصد الشرعي ليس في تعقيد الأمور، بل في تيسيرها على الأمة. وكذلك ابن تيمية، الذي أشار في “مجموع الفتاوى” إلى أن الحساب الفلكي قد يكون أداة مساعدة إذا تحقق اليقين به، مع التأكيد على أن الشريعة لا تعارض العقل والعلم الصحيح.

أما الإمام الشاطبي، فقد وضع في “الموافقات” أسسًا لفهم مقاصد الشريعة، مشددًا على أن الحفاظ على وحدة الأمة ونظامها من أعلى المقاصد التي يجب أن تُرجَّح على الخلافات الجزئية. وابن حزم الأندلسي، بصرامته الظاهرية، دعا إلى التمسك بالنص، لكنه لم ينكر دور العقل في فهم الواقع إذا لم يتعارض مع الشرع. وفي العصر الحديث، أكد الشيخ يوسف القرضاوي في كتاباته على أهمية الجمع بين الشرع والعلم لخدمة الأمة، بينما دعا الدكتور أحمد الريسوني إلى تجاوز الخلافات الفقهية التقليدية نحو رؤية مقاصدية تُعلى مصلحة الجماعة.
انتكاسة حضارية: غياب تقويم موحد

إن بقاء هذه القضية دون حل يمثل تخلفًا حضاريًا لا يمكن إنكاره. ففي عصر باتت فيه الدقيقة الواحدة تحدد مصير صفقات تجارية ومواعيد دولية، يصبح عدم الاتفاق على تقويم موحد أمرًا يضعف هوية الأمة ويُفقدها مكانتها بين الأمم. كان التقويم الهجري في عصور الحضارة الإسلامية الزاهرة رمزًا للقوة والنظام، لأنه كان مدعومًا بقوة الدولة والعلم معًا. أما اليوم، فإن ضعف الحضارة الإسلامية جعل هذا التقويم عرضة للتشكيك والانقسام، مما يدفع أفراد الأمة -شعوريًا أو لا شعوريًا- إلى التحول نحو تقاويم أخرى تتميز بالدقة والثبات، كالتقويم الميلادي، الذي أصبح معيارًا عالميًا لا غنى عنه.

إن التمسك برؤية الهلال بالعين المجردة، في ظل توفر علوم فلكية دقيقة لا تقبل الشك، يشبه أن نجعل “الآلة الأضعف” تهيمن على “الآلة الأقوى”، وهو ما يتنافى مع روح الشريعة التي تحث على الأخذ بأقوى الأدلة وأوضح الوسائل. هذا التمسك قد يؤدي إلى نفور استراتيجي، يضعف الأمة ويُفقدها قدرتها على التنافس الحضاري، سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك. (ولا يُفهم من ذلك أن التوحيد التام للأعياد ممكن فلكيًا في كل الأحوال، فالشهر قد يكتمل في بلاد وينقص في أخرى بسبب طبيعة الكون، لكن على قاعدة علمية واضحة لا خلط فيها باختلاف المطالع المُشوَّش اليوم، فلا بأس باختلاف محدود ومنضبط.)
الرؤية الاستراتيجية والمقاصد الكبرى

من زاوية المقاصد الكبرى للدين، فإن وحدة الأمة وتقدمها الحضاري هما أولويتان لا يمكن التفريط بهما تحت ذريعة التمسك بتفاصيل فقهية طال الجدل فيها دون حسم. فالشريعة جاءت لتحقيق المصالح ودرء المفاسد، ولا شك أن الخلاف المستمر حول رؤية الهلال يُنتج مفسدة الانقسام ويُعيق مصلحة الوحدة. وقد ذهب فقهاء كثيرون إلى جواز الاعتماد على الحساب الفلكي، كما أشار الشاطبي إلى أن الوسائل تتغير بتغير الزمان والمكان، ما دام الهدف الشرعي محفوظًا.

إننا بحاجة إلى تجاوز مستوى الاستنباط الفقهي الغارق في التفصيلات، والذي يفتقر أحيانًا إلى رؤية المقاصد الكلية. فكما قال الإمام الجويني: “إذا تعارضت المصالح الجزئية مع المصلحة العامة، فإن العامة تُقدَّم”. وهنا ندعو المستوى السياسي في الأمة إلى أن يتحمل مسؤوليته في حسم هذه القضية، بالتعاون مع العلماء والفقهاء، لإيجاد تقويم موحد يجمع الأمة، ويتميز بالدقة العلمية والثبات الشرعي.
خاتمة: دعوة للنهوض الحضاري

في الختام، إن قضية رؤية الهلال ليست مجرد مسألة فقهية، بل هي اختبار لقدرة الأمة على الجمع بين الدين والعلم، وبين التراث والمعاصرة. إن استمرار الجدل دون حل يُضعف هويتنا، ويُعيق مسيرتنا نحو استعادة مكانتنا الحضارية. فلنجعل من هذا الملف فرصة لإثبات أن الإسلام دين عقل وتقدم، كما كان دائمًا، ولنعمل على تقويم يوحدنا، يعكس قوتنا، ويخدم مقاصد ديننا الكبرى. ففي ذلك عزُّ الأمة ونهضتها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.98 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]