السعي بعد طواف الإفاضة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1164 - عددالزوار : 130730 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-06-2024, 06:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,847
الدولة : Egypt
افتراضي السعي بعد طواف الإفاضة

السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-: [ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ].




عَاشِرًا: السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ).


وَالْكَلَامُ هُنَا فِي فَرْعَيْنِ:
الْفَرْعُ الْأَوَلُ: السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا).


لِأَنَّ سَعْيَهُ أَوَّلًا كَانَ لِلْعُمْرَةِ؛ فَيَجِبُ أَنْ يَسْعَى لِلْحَجِّ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ[1]؛ وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ:
مِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الحَجِّ، فَقَالَ: أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اجْعَلُوا إِهْلاَلَكُمْ بِالحَجِّ عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ» فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ المَنَاسِكِ، جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الهَدْيُ... » الْحَدِيثُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلِّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ[2]. وَالْحَدِيثُ: صَرِيحٌ فِي أَنَّ الَّذِينَ تَمَتَّعُوا وَأَحَلُّوا مِنْ عُمْرَتِهِمْ: طَافُوا وَسَعَوْا لِعُمْرَتِهِمْ، وَطَافُوا وَسَعَوْا لِحَجِّهِمْ؛ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي سَعْيِ الْمُتَمَتِّعِ مَرَّتَيْنِ.


وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا: بِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ...؛ فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا»[3].


قَالَ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: "وَقَوْلُهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ: «ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ»، تَعْنِي: بِهِ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَرَادَتْ بِذَلِكَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَقَدْ فَعَلُوهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ: مَا يَخُصُّ الْمُتَمَتِّعَ، وَهُوَ الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى؛ لِتَكْمِيلِ حَجِّهِ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ بِحَمْدِ اللهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ... -ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ: حَدِيثُ ابْنُ عَبِّاسٍ الْمَذْكُورُ آنِفًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ:- وَهُوَ صَرِيحٌ فِي السَّعْيِ مَرَّتَيْنِ"[4].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا سَعْيٌ وَاحِدٌ فَيَكْتَفِي بِسَعْيِ عُمْرَتِهِ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ[5]؛ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا»[6].

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهِلِّينَ بالحَجِّ، معنَا النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَقالَ لَنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَن لَمْ يَكُنْ معهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ قالَ قُلْنَا: أَيُّ الحِلِّ؟ قالَ: الحِلُّ كُلُّهُ قالَ: فأتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَمَسَسْنَا الطِّيبَ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بالحَجِّ، وَكَفَانَا الطَّوَافُ الأوَّلُ بيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فأمَرَنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَشْتَرِكَ في الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا في بَدَنَةٍ»[7].

قَالَ فِي (مُفِيدِ الْأَنَامِ) مَا نَصُّهُ: "فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ لِعُمْرَتِهِ وَحَجِّهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَقَدْ أَوَّلَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَصَرَفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ، حَيْثُ قَالَ فِي (شَرْحِ مُسْلِمٍ) عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: (قَوْلُهُ: «وَكَفَانَا الطَّوَافُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»، يَعْنِي: الْقَارِنَ مِنَّا، أَمَّا الْمُتَمَتِّعُ: فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ عَرَفَاتٍ وَبَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-. قُلْتُ: هَذَا صَرْفٌ لِلْحَدِيثِ عَنْ ظَاهِرِهِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ: «فَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ وَمَسِسْنَا الطِّيبَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ: أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، وَكَفَانَا الطَّوَافُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»: صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّهُمْ حَلُّوا مِنْ إِحْرَامِ الْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمْ أَهَلُّوا أَوَّلًا بِالْحَجِّ مُفْرِدِينَ لَهُ، ثُمَّ بَعْدَ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: أَمَرَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ مِنْهُمْ: بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَة؛ِ فَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا، وَفَسَخُوا حَجَّهُمْ: فَصَارَ حُكْمُهُمْ بَعْدَ الْفَسْخِ: حُكْمَ الْمُتَمَتِّعِ ابْتِدَاءً؛ وَلَوْ كَانُوا قَارِنِينَ ــــ كَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ ــــ مَا أَتَوِا النِّسَاءَ وَلَا لَبِسُوا الثِّيَابَ وَلَا مَسُّوا الطِّيبَ؛ لِأَنَّ الْقَارِنِينَ يَثْبُتُونَ عَلَى إِحْرَامِهِمْ كَالْمُفْرِدِينَ، وَلَا يَحِلُّونَ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ. إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ: فَإِنَّ الْحَديِث َصَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَكْفِيهِ السَّعْيُ لِعُمْرَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِلَى سَعْيٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَجِّهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا: الْحَدِيثُ الْآخَرُ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ[8]. فَإِنْ قِيلَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ قَارِنًا، وَالْقَارِنُ يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ، قُلْنَا: هَذَا مُسَلَّمٌ، وَلَكِنْ مُعْظَمُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- كَانُوا مُتَمَتِّعِينَ؛ لِأَنَّهُمْ فَسَخُوا حَجَّهُمْ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَحَلُّوا مِنْ إِحْرَامِهِمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا: صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا قَبْلَ التَّعْرِيفِ؛ فَهُوَ عَامٌّ يَشْمَلُ الْقَارِنَ وَالْمُتَمَتِّعَ، وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ الَّذِينَ لَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا: هُمُ الْقَارِنُونَ لَا الْمُتَمَتِّعُونَ، قُلْنَا: هَذَا تَقْيِيدٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْحَدِيثُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، مَعَ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمَ: لَا يَحْتَمِلُ مَجَالًا لِقَائِلٍ، -ثُمَّ ذَكَرَ -رَحِمَهُ اللهُ- مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَا يَكْفِيهِ لِعُمْرَتِهِ وَحَجِّهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَعْيَيْنِ، وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَخَتَمَ كَلَامَهُ عَلَى هَذَهِ الْمَسْأَلَةِ، بِقَوْلِهِ:- قُلْتُ: وَمِمَّا تَقَدَّمَ يَتَّضِحُ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-، وَرِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَإِنْ سَعَى بَيْنَهُمَا مَرَّتَيْنِ وَاحِدَةً لِعُمْرَتِهِ وَأُخْرَى لِحَجِّهِ؛ عَمَلًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَهُوَ أَحْوَطُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَاللهُ أَعْلَمُ"[9].


الْفَرْعُ الثَّانِي: السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ لَمْ يَسْعَ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ).


أَيْ: إِنْ كَانَ غَيْرُ الْمُتَمَتِّعِ -وَهُمَا: الْمُفْرِدُ وَالْقَارِنُ- لَمْ يَسْعَيَا مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ: سَعَيَا بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ طَوَافٍ.

وَإِنْ كَانَا قَدْ سَعَيَا مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ: لَمْ يُعِيدَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ التَّطَوُّعُ بِالسَّعْيِ؛ كَسَائِرِ الْأَنْسَاكِ سِوَى الطَّوَافِ، قَالَ فِي (الشَّرْحِ): "وَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا، فَأَمَّا الطَّوَافُ ‌فَيُسْتَحَبُّ ‌التَّطوُّعُ ‌بِهِ؛ ‌لِأَنَّهُ ‌صَلَاةٌ"[10]‍.
------------------------------------------------------------------------

[1] ينظر: بدائع الصنائع (2/ 149)، والتمهيد، لابن عبد البر (8/ 351)، ونهاية المحتاج، للرملي (3/ 324)، ومجموع الفتاوى، لابن تيمية (26/ 36).

[2] أخرجه البخاري (1572).

[3] أخرجه البخاري (1556)، ومسلم (1211).

[4] مجموع فتاوى ورسائل ابن باز (16/ 79-80).

[5] مجموع الفتاوى (26/ 36).

[6] أخرجه مسلم (1215).

[7] أخرجه مسلم (1213).

[8] تقدم تخريجه.

[9] ينظر: مفيد الأنام (2/ 87-90).

[10] الشرح الكبير على متن المقنع (9/ 229).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 09-06-2024 الساعة 04:55 AM.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.33 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]