إنما الغنى غنى القلب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          يوتيوب يقدم الآن رموز qr لمشاركة القنوات.. كيف تحصل عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تعملها إزاى؟.. كيفية إضافة صفحات متعددة إلى مركز التحكم بأيفون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف تضاعف المسافة فى صفحة Word فى 4 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          اختصار جديد بواتساب يضع علامة على الكل كـ"مقروء" لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          Google تعمل على ميزة تساعدك فى العثور بسرعة على المحادثات الجماعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2022, 02:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,547
الدولة : Egypt
افتراضي إنما الغنى غنى القلب

إنما الغنى غنى القلب



أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء: 131].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، البَيعُ وَالشِّرَاءُ مِمَّا لا تَقُومُ حَيَاةُ النَّاس إِلاَّ بِهِ، فَهَذَا يَحتَاجُ سِلعَةً وَذَاكَ يُضطَرُّ لأُخرَى، وَمَا لا تَقُومُ لَهُ هِمَّةُ امرِئٍ وَلا يَرفَعُ بِهِ رَأسًا، فَهُوَ لَدَى آخَرَ أَعَزُّ مَفقُودٍ وَأَثمَنُ مَوجُودٍ، وَقَد أَحَلَّ اللهُ لِعِبَادِهِ البَيعَ نَاجِزًا وَإِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، وَسَوَّغَ لَهُمُ الاتِّجَارَ وَالتَّكَسُّبَ وَالمُرَابَحَةَ، وَأَبَاحَ لَهُم مِنَ المُعَامَلاتِ مَا يَعُودُ عَلَيهِم بِالنَّفعِ وَتَقُومُ بِهِ مَصَالِحُهُم، وَحَرَّمَ عَلَيهِم مَا فِيهِ إِضرَارٌ بِأَيٍّ مِنهُم بَائِعًا كَانَ أَو مُشتَرِيًا، قَالَ سُبحَانَهُ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَقَالَ تَعَالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] وَقَالَ سُبحَانَهُ: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 9، 10].

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيرًا مِن أَن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبيَّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ». وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لأَن يَأخُذَ أَحَدُكُم أَحبُلَهُ فَيَأتيَ بِحُزمَةٍ مِن حَطَبٍ عَلَى ظَهرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللهُ بها وَجهَهُ، خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَسأَلَ النَّاسَ أَعطَوهُ أَم مَنَعُوا» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).
وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «أَطيَبُ الكَسبِ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيعٍ مَبرُورٍ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَد شَرَعَ اللهُ البَيعَ تَوسِعَةً مِنهُ عَلَى عِبَادِهِ وَرَحمَةً بهم، فَإِنَّ لِكُلٍّ حَيٍّ ضَرُورَاتٍ لا غِنى لَهُ عَنهَا، مِن غِذَاءٍ وَكِسَاءٍ وَدَوَاءٍ وَغَيرِهَا، وَلَهُ حَاجَاتٌ مَرغُوبَةٌ وَمُكَمِّلاتٌ مَحبُوبَةٌ، وَهُوَ لا يَستَطِيعُ وَحدَهُ أَن يُوَفِّرَهَا كُلَّهَا، وَلَيسَ ثَمَّةَ طَرِيقَةٌ أَكمَلَ مِنَ المُبَادَلَةِ، فَيُعطِي مَا عِندَهُ مِمَّا يُمكِنُهُ الاستِغنَاءُ عَنهُ، ويَأخُذُ مِن غَيرِهِ مَا هُوَ في حَاجَةٍ إِلَيهِ. فَالحَمدُ للهِ عَلَى مَا شَرَعَهُ، وَالشُّكرُ لَهُ عَلَى مَا أَذِنَ بِهِ وَأَبَاحَهُ. غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ قَضِيَّةً نَدَبَ إِلَيهَا الشَّارِعُ الحَكِيمُ وَرَغَّبَ فِيهَا، وَكَانَت سِمَةً مِن سِمَاتِ تُجَّارِ المُسلِمِينَ عَلَى مَرِّ عُصُورِهِم وَتَوَالي دُهُورِهِم، عُرِفُوا بها بَينَ القَاصِي وَالدَّاني، وَظَهَرَت في مُعَامَلاتِهِم بِجَلاءٍ، حَتَّى كَانَت سَبَبًا في دُخُولِ كَثِيرٍ مِمَّن عَامَلُوهُم في الإِسلامِ وَتَمَسُّكِهِم بِهِ، تِلكُم هِيَ السَّمَاحَةُ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ، مَعَ القَنَاعَةِ بِالقَلِيلِ مِنَ الرِّبحِ، وَهِيَ الصِّفَةُ الَّتي عَزَّت في زَمَانِنَا هَذَا وَقَلَّ المُتَّصِفُونَ بها، وَظَهَرَت في المُجتَمَعِ أَضدَادُهَا مِنَ الجَشَعِ وَالطَّمَعِ وَالحِرصِ وَالنَّهَمِ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشتَرَى وَإِذَا اقتَضَى» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ). وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَن سَرَّهُ أَن يُنجِيَهُ اللهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَن مُعسِرٍ أَو يَضَعْ عَنهُ» (رَوَاهُ مُسلِمٌ).
وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، وَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيتَ مُعسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنهُ لَعَلَّ اللهَ أَن يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنهُ» (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ). وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّن كَانَ قَبلَكُم فَلَم يُوجَدْ لَهُ مِنَ الخَيرِ شَيءٌ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَكَانَ مُوَسِرًا، وَكَانَ يَأمُرُ غِلمَانَهُ أَن يَتَجَاوَزُوا عَنِ المُعسِرِ».
«قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: نَحنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنهُ، تَجَاوَزُوا عَنهُ» (رَوَاهُ مُسلِمٌ). وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَن أَنظَرَ مُعسِرًا أَو وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ تَحتَ ظِلِّ عَرشِهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ» (رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ). إِنَّهَا فَضَائِلُ عَظِيمَةٌ لأَهلِ السَّمَاحَةِ، رَحمَةٌ مِنَ اللهِ لهم، وَتَجَاوُزٌ مِنَ المَولى عَن ذُنُوبِهِم وَخَطَايَاهُم، وَنَجَاةٌ لهم مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَتَمَتُّعٌ بِظِلِّ العَرشِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ. فَهَنِيئًا لأَهلِ السَّمَاحَةِ هَذِهِ الأُجُورُ وَتِلكَ الفَضَائِلُ، وَسُحقًا لأَهلِ الطَّمَعِ وَبُعدًا لأَصحَابِ الجَشَعِ، الَّذِينَ لا يَنشَطُونَ إِلاَّ في الشَّدَائِدِ وَالأَزمَاتِ، وَلا يَجِدُونَ بُغيَتَهُم إِلاَّ في الضَّوائِقِ وَالمُلِمَّاتِ، يَتَرَبَّصُونَ بِالمُسلِمِينَ شُحَّ السِّلَعِ وَنَقصَ البَضَائِعِ، فَيَزِيدُونَ عَلَيهِم في الأَسعَارِ مَا فِيهِ غَبنٌ فَاحِشٌ وَخِدَاعٌ ظَاهِرٌ، غَيرَ مُقتَنِعِينَ بِرِبحٍ قَلِيلٍ، وَلا مُكتَفِينَ بِكَسبٍ يَسِيرٍ. وَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الرِّبحُ في الشَّرِيعَةِ غَيرَ مُحَدَّدٍ بِنِسبَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَإِنَّمَا المُعَوَّلُ عَلَيهِ في البَيعِ التَّرَاضِي وَالاتِّفَاقُ بَينَ الطَّرَفَينِ، إِلاَّ أَنَّ مَن تَتَبَّعَ مَا عَلَيهِ بَعضُ البَاعَةِ اليَومَ، وَجَدَ مِنهُمُ الكَذِبَ عَلَى المُشتَرِينَ وَغِشَّهُم وَالتَّغرِيرَ بهم، وَمُخَالَفَةَ مَا عَلَيهِ سِعرُ السَّوقِ مُخَالَفَةً ظَاهِرَةً، وَعَدَمَ التَّقَيُّدِ بما أَمَرَ بِهِ وَليُّ الأَمرِ في تَحدِيدِ أَثمَانِ بَعضِ السِّلَعِ، بَل وَصَلَ بهمُ النَّهَمُ وَالحِرصُ وَحُبُّ المَكَاسِبِ الدَّنِيئَةِ، إِلى أَن يَحتَكِرُوا مَا تَشتَدُّ حَاجَةُ النَّاسِ إِلَيهِ وَلا يَستَغنُونَ عَنهُ لأَنفُسِهِم أَو لِدَوَابِّهِم، أَو يَذهَبُوا بِهِ بَعِيدًا عَن أَعيُنِ المُرَاقِبِينَ الَّذِينَ استَأمَنَهُم وَليُّ الأَمرِِ عَلَى ضَبطِ الأَسعَارِ، يَفعَلُونَ ذَلِكَ لِرَفعِ قِيمَةِ تِلكَ السِّلَعِ فَوقَ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ وَمَسمُوحٌ بِهِ، وَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «لا يَحتَكِرُ إِلاَّ خَاطِئٌ» أَي: لا يَحتَكِرُ إِلاَّ مُذنِبٌ آثِمٌ، مُعَرِّضٌ نَفسَهُ لِعُقُوبَةِ رَبِّهِ.
وَإِنَّ التَّمَادِيَ في سُبُلِ الطَّمَعِ وَالانسِيَاقَ لَدَوَاعِي الجَشَعِ، لا يَصدُرُ غَالِبًا إِلاَّ عَن قَلبٍ قَاسٍ وَنَفسٍ شَحِيحَةٍ، وَلُؤمِ طَبعٍ وَشَرَاسَةٍ في الأَخلاقِ، وَاللهُ يَعلَمُ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ في مَجَالِسِهِم لا يَتَوَانَونَ عَن سَبِّ أُولَئِكَ التُّجَّارِ وَالتَّسَخُّطِ مِنهُم وَالدُّعَاءِ عَلَيهِم، مِمَّا يُوحِي بِعَدَمِ رِضَاهُم بما يَحصُلُ مِنهُم، وَأَنَّهُم إِنَّمَا اضطُرُّوا إِلى الشِّرَاءِ مِنهُمُ اضطِرَارًا. أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ أُولَئِكَ البَاعَةُ، وَلْيَلزَمُوا الكِفَايَةَ وَالقَنَاعَةِ ؛ فَـ قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بما آتَاهُ لِيَتَّقُوا اللهَ في إِخوَانِهِمُ المُسلِمِينَ، وَلْيُحِبُّوا لهم مَا يُحِبُّونَهُ لأَنفُسِهِم مِنَ الخَيرِ، وَلْيَتَخَلَّقُوا بِالسَّمَاحَةِ وَلْيَتَّصِفُوا بِالنَّزَاهَةِ، وَلْيَعِفُّوا عَنِ المَطَامِعِ الدَّنِيئَةِ، وَلْيَتَكَرَّمُوا عَنِ المَكَاسِبِ الشَّائِنَةِ ؛ فَإِنَّ في ذَلِكَ بَرَكَةً في أَموَالِهِم وَنَمَاءً، وَزِيَادَةً لِمَكَاسِبِهِم وَزَكَاءً، وَعُمُومَ رَحمَةٍ لهم ولِلمُسلِمِينَ جمِيعًا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ «لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

وَقَالَ تَعَالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ} [القصص: 77] وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «اِرحَمُوا مَن في الأَرضِ يَرحَمْكُم مَن في السَّمَاءِ» أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 29، 30].


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُسلِمُ يَعلَمُ أَنَّهُ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] وَمِن ثَمَّ فَهُوَ لا يَتَّكِلُ في كَسبِ المَالِ عَلَى خِدَاعٍ وَقُوَّةٍ، وَلا يَعتَمِدُ في تَنمِيَةِ ثَروَتِهِ عَلَى ذَكَاءٍ وَفِطنَةٍ، وَإِنَّمَا تَرَاهُ مُتَحَرِّيًّا لِلحَلالِ وَإِنْ قَلَّ، زَاهِدًا في الحَرَامِ وَإِنْ كَثُرَ، مُتَّقِيًا لِلشُّبُهَاتِ وَإِن تَزَيَّنَت، قَانِعًا بما يَكتُبُهُ اللهُ لَهُ، يَسأَلُهُ تَعَالى البَرَكَةَ، لِعِلمِهِ أَنَّهُ لَيسَ كُلُّ غِنًى يَكُونُ خَيرًا لِصَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا مِنهُ مَا هُوَ شَرٌّ وَوَبَالٌ، وَذَلِكَ إِذَا لم يَكُنِ الاكتِسَابُ حَلالاً وَالصَّرفُ مَشرُوعًا، هَذَا عَدَا كَونِ الغِنى سَبَبًا في تَدقِيقِ حِسَابِ صَاحِبِهِ يَومَ القِيَامَةِ، وَقَدَ قَالََ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسأَلَ عَن عُمُرِهِ فِيمَ أَفنَاهُ؟ وَعَن عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَن مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟ وَعَن جِسمِهِ فِيمَ أَبلاهُ» ؟ «رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ»، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «يَا مَعشَرَ الفُقَرَاءِ، أَلا أُبَشِّرُكُم؟ إِنَّ فُقَرَاءَ المُؤمِنِينَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ قَبلَ أَغنِيَائِهِم بِنِصفِ يَومٍ: خَمسِ مِئَةِ عَامٍ» (رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).

ثم إِنَّ الغِنى الحَقِيقِيَّ إِنَّمَا هُوَ غِنى القَلبِ وَالنَّفسِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لَيسَ الغِنى عَن كَثرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنى غِنى النَّفسِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ). وَعَن أَبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتَرَى كَثرَةَ المَالِ هُوَ الغِنى» ؟ قُلتُ: نَعَم يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَتَرَى قِلَّةَ المَالِ هُوَ الفَقرَ» ؟ قُلتُ: نَعَم يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «إِنَّمَا الغِنى غِنى القَلبِ، وَالفَقرُ فَقرُ القَلبِ» (رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبانيُّ).
______________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله بن محمد البصري










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.15 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]