بحر صامت أبدا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         البيان بين مقامين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كرة الثلج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          سُنّة: التبشير والتيسير لا التنفير والتعسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حث الطلاب على الاعتناء بتفسير القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كل فضائل أعظم آية في القرآن: آية الكرسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فضل العلم ورسالة المعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          إسرائيل.. كنموذج للحداثة الوحشية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          قصة دعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          لا تتعلق! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          دروس من محنة وكيع بن الجراح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-09-2022, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,042
الدولة : Egypt
افتراضي بحر صامت أبدا

بحر صامت أبدا
نورا عبدالغني عيتاني




لا أدري لِمَ كلما امتلأ باطني بالكلام، وفاض اللَّغو في جوفي، تَنْزَلق العبارات من بين جوانبي قبل أن تصل إلى حلقي، فيلفظها لتتحرَّر!
لا أدري لمَ دائمًا يأبى الكلام أن يتبعَني، يهرُب مني كي يراني، أو بالعكس.

أتساءل أحيانًا: ما الكلام؟!
أصحراءُ بلا أفق، أم خواطر لا معنى لها؟! حتى ولو كانت ذات معنى، لمَ تفقد إذًا كل معانيها ما إن أزفرها، فتختلط بالهواء لتستحيل غبارًا؟!
لمَ يأبى الهواء أن يُنقِذَ عباراتي من تيهِ معانيها، ويحيلها غبارًا فتستزيد وهنًا؟!

الغريب أن بداخلي معانيَ لا حصرَ لها، وخطوطًا لا تكادُ تُحصى! الغريب أيضًا أن ذاتي نفسَها تطفو على بحرٍ من كلمات، مع ذلك لا تستطيع ذاتي أن تغرف ولو قليلًا من بعض أحرُف هذا البحر، فتبقى بلا عنوان!
تطفو على البحر، وأطفو معها، ويستمر خوفي من الغرق.
مرة فكَّرت بالتمازج مع الأحرف، الكلمات، العبارات، ونجحت!

يُخيَّل إليَّ أحيانًا أني كتابٌ مليء بالأسرار والعناوين المجرَّدة من كلماتها، تمازجت أسراري بكلماتي، حتى اختفى صوتي، وانمحى لون الغِلاف!
يخيَّل إليَّ أني صفحة ملأى بالخربشات إلى حدِّ الهذيان، فما عدتُ قادرةً على التعبير عن نفسي إلا عن طريق الخربشة، لكن ممَّ أخاف؟! لم كلما انطَلَق صوتي بكل قوته حاملًا ما بوُسْعه من حروف وصِيَغ، عاد أدراجه خاويًا منهكَ القوى، خاليًا من كل شيء سوى المعنى؟!

فكَّرت يومًا بفكرة جَهنَّمية! لمَ لا أدعو الناس إلى عالَمي الجوفِيِّ الخاص، فيطفوا معي فوق بحرٍ من كلمات؟! لكن سرعان ما حدَّثتني نفسي: جنون، هذا قطعًا جنون!
الناس لا تطفو على الكلمات، فالكلمات تطوي الناسَ وتجرفهم كتيَّارٍ لا يمكن إيقافه، والناس لا يُواجِهون التيار، بل يتسابقون على الانجراف معه بكل محبة ورحابة صدر! ربما لأنهم اعتادُوا على الغرق إلى أن فقدوا خوفَهم منه!

أعودُ إلى وَعْيِي وأنزعُ جنوني في نهاية الأمر، أرمي في بحرِ الكلمات كلَّ فكرة جنونية بإمكانها أن تدنوَ من مخيِّلتي الحالمة الواهمة، عليَّ أن ألمح ولو حتى عبارة وهمية تغرق في البحر، فيلفظها لاحقًا على أي شاطئ أو هواء.

لكن حتى جنوني يرفضُ أن يعبِّر عن نفسه بعبارات بحريَّة! حتى خيالي يأبَى أن يسافر أبعد مِن حدود عوالِمي الكتابية المغلقة، الطافية على الحروف اللامتناهية!

ماذا أفعل؟ ألجأ للحلم وأحلم بأكوام الكلمات تخرج من جوفي لتندمجَ مع العالم الخارجي، فتختلط بحبَّات الرمل الزاهية بذرات الهواء المتدانية، بالنسيم، بالأشجار، بالأنهار، بكل شيء في الحياة، إلا البشر! حتى في الحلم يأبى كلامي أن يكونَ سفير الناس، ويُؤْثِر السفر بمفردِه، عبر سكنات الطبيعة ومفرداتها المجرَّدة من المعاني غير الخالية من المعنى.

أُدرِك في نهاية الأمر أن راحتي في سكوني، وسكوني في كلماتي، وكلماتي بحرٌ لا نهاية له، لكنه بحر صامت أبدًا!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 45.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.01 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.58%)]