العقل والإرادة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 453 - عددالزوار : 124428 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14556 - عددالزوار : 766986 )           »          جمع الصلوات بسبب المرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الزكـاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          نصيحة للمتأخرين عن صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 35941 )           »          ديننا.. يتجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          دروس من قصص القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 6546 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 3523 )           »          يُسر الإسلام وسماحته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-08-2022, 04:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي العقل والإرادة

العقل والإرادة


د. فهمي قطب الدين النجار





نسعى هنا إلى إعطاءِ لمحةٍ موجزة عن صلة العقل بالإرادة الإنسانية، وأثرِ العقل في العمل الذي يصدُرُ عن الحركة الإرادية في تصوُّر الإمام ابن تيمية - رحمه الله.

أما الدراسة المفصَّلة للإرادة، فسيأتي - بإذن الله - في الكتاب الثاني الخاص بالنفس الإنسانية، والذي سيصدر - بإذن الله - بعد دراسة العقل هذه.

يقسِّم ابن تيمية الحركة في الإنسان إلى ثلاثة أنواع:
1- الحركة القسرية: وهي التي مبدؤها من غي المتحرك، كأن يُكرِه شخصٌ شخصًا آخر على عمل معيَّن.


2- الحركة الطبيعية: وهي التي مبدؤها من المتحرك، ولكن دون شعور منه.

3- الحركة الإرادية: وهي التي مبدؤها من المتحرك وبشعور منه.

ويتضح هذا التقسيم في قوله: "الحركة إما أن يكون مبدؤها من المتحرك، وإما من غيره، فما كان مبدؤها من غير المتحرك فهي القسرية الكرهية، وما كان مبدؤها من المتحرك، فإن كان على شعور منه، فهي الإرادة، وإلا فهي الطبيعية"[1].

ولا يُتصوَّر كائنٌ حي عاقل دون إرادة؛ لأنه لا يُتصوَّر إنسان دون حركة وإحساس، ومن ثَمَّ عمله يكون ثمرة هذه الإرادة، يقول ابن تيمية: "فإن الحي لا بد له من إرادة، فلا يمكن أن يكون حيًّا لا تكون له إرادة"[2]، ويقول: "كل إنسان همام حارث حساس متحرك بالإرادة، بل كل حي فهو كذلك، له علم وعمل بإرادته"[3].

ولكن ما هي الإرادة التي يقصدُها ابن تيمية؟ وهل هي فطرية أم مكتسبة؟
عن هذه الأسئلة يجيب ابن تيمية، فيقول: "الإرادة هي المشيئة والاختيار، ولا بد في العمل الإرادي الاختياري من مرادٍ وهو المطلوب، ولا يحصل المرادُ إلا بأسباب ووسائل تحصلُه، فإن حصل بفعل العبد فلا بد له من قدرة وقوَّة، وإن كان من خارج فلا بد من فاعلٍ غيره، وإن كان منه ومن الخارج فلا بد له من الأسباب، كالآلات ونحو ذلك، فلا بد لكل حي من إرادة، ولا بد لكل مريدٍ من عون يحصل به مراده، فصار العبد مجبولاً على أن يقصد شيئًا ويريده، ويستعين بشيء ويعتمد عليه في تحصيل مراده، هذا حتمٌ لازم ضروري في صحة كل إنسان يجده في نفسه"[4].

ونخلص إلى أن ابن تيمية يقصد بالإرادة ما يلي:
1- أن الإرادة هي المشيئة والاختيار، وإذا انعدم الاختيار انعدمتِ الإرادةُ.


2- أن العمل الإرادي لا بد له من مرادٍ أو مطلوب أو غاية، وهذا يدل على أن السلوك غائي، وهو ما أثبته علماء النفس المُحدَثون.


3- وأن العمل الإرادي حتى يصل إلى غايتِه لا بد له من أسباب ووسائل تحصله، ومن هذه الأسباب والوسائل: القدرة والطاقة عند الإنسان إن حصل المراد بفعله.


4- أن الإرادة فطرية في الإنسان، وأن الله - عز وجل - خلقه، وخلق فيه الإرادة، والقدرة على تحقيق إرادته بمفرده، أو بالاستعانة بغيره.

وتتَّضِح صلة العقل بالإرادة الإنسانية عند الإمام ابن تيمية حينما يؤكِّد أن أصلهما واحد، أي إن منبعَيْها ووسائلهما واحدة؛ حيث يؤكِّد أن أصلهما هو القلب، ويأتي القلب بمعنى العقل عنده إن أُرِيد به الإدراك والفقه، وبصفة أن التصور يسبق كلاًّ من الفكر الذي هو ثمرة العقل والإرادة، حيث لا يتحقق المراد إلا بتصوره أولاً، ثم يتحول بالإرادة إلى العمل والسلوك، والتصور أصلُه الدماغ، فهو مبدأ التصور، فالدماغ منه المبتدأ، وآثار التصور تنتهي في الدماغ.

يقول ابن تيمية مبينًا هذه النقاط العميقة في تسلسل منطقي متَّزِن:
"والعقل يُرَاد به العلم، ويراد به العمل، فالعلم والعمل الاختياري أصل الإرادة، وأصل الإرادة القلب، والمريد لا يكون مريدًا إلا بعد تصوُّر المراد، فلا بد أن يكونَ القلبُ متصورًا، فيكون منه هذا وهذا، ويبتدئ ذلك من الدماغ، وآثاره صاعدة إلى الدماغ، فمنه المبتدأ وإليه الانتهاء"[5].

والإمام ابن تيمية حين يتحدَّث عن أهمية الدماغ بقوله: "فمنه المبتدأ وإليه الانتهاء" كما مر آنفًا، في كل أمر إرادي أو عقلي، قد سبق عصره بمئات السنين؛ حيث لم يتوصل إلى هذه الأهمية إلا في العصر الحاضر، وبعد جهود مضنية للعلماء المعاصرين، توصلوا بعدها إلى أهمية الدماغ البشري للإحساس والإدراك والتصور والإرادة والخيال، وكل الأمور العصبية والنفسية.


ومن أهم ثمار العقل: الوعي، الذي يعدُّ الجزءَ التنفيذي في حياة الإنسان، فهو الذي يتخذ القرارات، وينفِّذها بعد اكتمال تصورها بالإرادة المفطورة فيه[6].

ولا نريد أن ندخل في جدال حول الوعي:
هل يمثل صفة مادية أم غير مادية؟
وهل العقل والدماغ شيء واحد؟ أم هما شيئان مختلفان؟
حيث بُحِثت هذه النقطة في فقرة صلة العقل بالدماغ آنفًا.

والذي يهم القارئ هو أن ابن تيمية يركِّز على العمل ونتائجه أكثر من البحث في أصول الأشياء وعلاقاتها بعضها ببعض؛ حيث يؤكِّد أن العمل حتى يكون مثمرًا ومفيدًا، لا بد أن يسبقه عند الإنسان العاقل تصوُّر دقيق لما يريده، ثم يتحرَّك لتنفيذ الصورة المطلوبة، وهذا التصور لا يكون إلا بالوعي أو بالعقل، وأداته هو الدماغ، مركز التخيل والتصور.


يقول - رحمه الله -:
"العاقل الفاعل فعلاً باختيارِه يتصوَّر ما يريد أن يفعله في نفسه، ثم يُوجِده في الخارج، فتلك الصورة الموجودة بفعله ليست هي الصورةَ المعقولة بذهنه، كمَن أراد أن يصنع شكلاً مثلثًا أو مربعًا، أو يصف خطة، أو يبني دارًا، أو يغرس شجرة، أو يسافر إلى مدينة، فإنه يتصوَّر ما يريده ابتداءً، فتكون له صورة عقلية في نفسه قبل صورته التي يُوجِدها في الخارج"[7].

وهكذا نجد أن مراحل العمل الإرادي أو الحركة الإرادية عند ابن تيمية - يرحمه الله - وَفْق هذا التسلسل:
1- العقل أو الوحي.
2- الإرادة.
3- التصور.
4- الهِمَّة.
5- العمل.


وهذه المراحل الخمس لا بد من وجودها كلها حتى يتحقق العمل أو الحركة الإرادية:
1- فلا بد للعمل من وعي لدى الفرد أو لدى المجتمع.


2- وكذلك توافر الإرادة الحرة لديهما.


3- وتبدأ الحركة الإرادية بتصور العمل المراد تنفيذه ذهنيًّا.


4- وحتى ينتقل العمل إلى الخارج أو إلى التنفيذ لا بد من وجود الهمة، أو الحماسة نحو العمل، وإذا فقدت الهمة لدى الأفراد أو المجتمعات، تقاعست عن تنفيذ أهدافها وآمالها، من هنا كان للعقل أهمية كبيرة في الإرادة، ومن هنا جاء قول ابن تيمية - رحمه الله -: "فمنه المبتدأ وإليه الانتهاء" كما ذكرنا آنفًا.


[1] درء تعارض العقل والنقل 9/374، 373.

[2] فتاوى الرياض 10/495.

[3] المرجع السابق 1/34.

[4] المرجع السابق.

[5] فتاوى الرياض 9/304.

[6] انظر: أبجديات العقل البشري، د. محمد منير المعراوي، دار إيلاف، بريطانيا، 1416هـ/1996م.

[7] درء تناقض العقل والنقل 10/51.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.14 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]