|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() باب في الحيل ( قصص قصيرة ) محمد صادق عبدالعال اختلاس دون قصد أو عمد، تسللت إلى جيوبه الأنفية روائحُ فاكهة الصيف، على شتى ألوانها وأشكالها؛ فاسترق اللحظة، واستنشق طويلاً، ثم أخرج زفيره مجبرًا. استمر الأمر، هَمَّ به ثانية، لولا أعين "الفكهاني" التي كانت تراقبه؛ إذ قال له في الثانية: تَنَحَّ قليلاً. سقوط غَشيها من الخوف والذعر ما غَشيها! ذلك لما رأت جاراتها وصويحباتها؛ القاصية منهن والدانية، تطولهن يدُ الجاني عبر آلته الحادة الغاشمة، علاوة على الريح التي تؤازره؛ استعجالاً لمواسم عزها، فيتساقطن فرادى وجماعات، ليصير المكتل الكبير مستقرَّهن. تضلعت بالأوراق وبالغصون، وتوارت وتمنَّت من الريح لو تستكين، أو أن تَحْدُثَ المعجزة، أو أن يُزال عنها اللون الأخير، الذي أزاغ أعين الجاني، وحرَّكَ فيه المطامع. فجأة سقط الجاني مرتطمًا بالأرض، يتأوه من هول السقوط، فرِحَتِ العالية القاصية بما جرى للجاني، وراحت تتمنى لو تتاح له الفرصة كي يراها، أو أن تكون ذات لسان. لم تجد ما تعبر به عن فرحتها سوى أن تتراقص بشدة، داعية الريح التي خاصمتها مِن قبل أن تشاركها البهجة. هوت القاصية العالية لتستقر أمام الجاني ومكتله الكبير، غير أنها لم تكن بصحبة أترابها حين أقلَّهنَّ المكتلُ الكبير. الأولى والأخيرة لم يجد زميلي صاحب الحيل بُدًّا من أن يلجأ إلى تلك الحيلة الأخيرة مُعلِّلاً: إن أعماله ومصالحه الشخصية قد باءت بالبوار، بسبب رئيس العمل الجديد، الذي فرض علينا طوقًا من حديد، غير مبالٍ بظروف العاملين، ولا بالنواحي الإنسانية، هذا ليس تبريري، بل تبرير زميلي. حذَّرتُه كثيرًا من أن يلجأ إلى تلك الأخيرة، مُذكِّرًا إياه بعواقبها الوخيمة، وكونها مَعَرَّةً له فيما بعد، وقلت له: اصبر، ربما جرت الريح بما تشتهي السفن، لم أجد له عزمًا إلا على تلك الأخيرة من الحيل، وقال: سأفعلها؛ أفلحت أو أخفقت، فعَلَها، ومن يومها وهو المدلل لدى رئيس المصلحة جبرا، ويوم الراتب ترانا سواءً بسواء، لولا تفاوت الأساس من الرواتب؛ راودتني نفسي أن آتي تلك الأخيرة التي أضحى بها زميلي في حِلٍّ من الالتزام، لكن للأسف ستكون الأولى بالنسبة لي. صدى الملاعق إن الملاعق التي كانت تطيش في أواني الخزف والصيني عبر أيادي الأبناء، قد أوحت للوالد بأعراض تمرد وعصيان أسري، تغاضى الوالد عنه مرات ومرات، إلى أن تكرر متعمدًا، مثيرًا للغضب، فأرسل الوالد للأم التي تناظره بشظية من قنبلة غضب موقوتة، همَّت الأم بإرسال إشارة منها لعيون البنين والبنات، فلزم الصمتَ الجميعُ. ألقى الوالد ملعقته التي لم تُصدر صوتًا حال الرضا والغضب، وقال في هدوء: سأقيل ساعةً، ثم تنظرون لأي البلاد سيكون المصيف هذا العام، فتبارت الملاعق تباري السيوف؛ فرحًا بالقرار السعيد. الحَمَل والذئاب وقع الحَمَل يومًا في شَرَك الذئاب، وظن أنه - لا محالة - هالك، فلما همُّوا بافتراسه قال لهم: لن أستطيع الإفلات منكم، ولكنكم سوف تُعَيَّرون فيما بعدُ بأنكم جميعكم قد خارت قواكم، وذهبت عزائمكم، في أن تلاحقوا حملًا وابن شاة، ويومئذٍ ستكونون في مُقَل الشياه والأليف أحقرَ، فقال كبيرهم: صدق هذا الحمل، لِنُطلقْه، ثم ننظر أينا سيظفر به، ثم نأكله، فلا نُعَيَّر بهَين افتراسه، وسهل اقتفائه. عارضته القلة، ووافقه الكثير، وانتهوا إلى إطلاق سراحه، مشترطين عليه ألا يسرع في العَدْو، وإلَّا افترسوه بقوة وعنف، وافق الحمل، وأخرجوه من الشرك، فما أن تنفس عبير الحياة، وأحس بطوق نجاة امتد له من السماء، حتى حلَّق بغير جناح؛ ليظفر به، فتلاقاه الطوق إلى الفوق، فأسلمه لغصن شجرة، فجلس عليه يحمد الله على النجاة، بينما تناحرت المعارضة على إطلاقه، مع الموافقة على إخراجه، ودخلوا الشَّرَك، فزَمَّ عليهم بزِمامٍ من حبل اعتصام، وقال: لتكونوا للذئاب آية. تمت بحمد الله.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |