|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() [ كِتَابُ اللهِ وَمَكَانَتُهُ العَظِيمَة ] لِسَمَاحَة المُفْتِيّ العَلاَّمَةِ عَبْدِ العَزِيزِ آل الشَّيْخ مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء - حفظه الله ورعاه - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ، ماكثين فيه أبدا ، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ، والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث بالهدى والرحمة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين . أما بعد : فإن الله سبحانه قد من على خلقه وخاصة المؤمن منهم بأن بعث فيهم رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- وأنزل معه أفضل كتبه وخاتمها والمهيمن عليها يقول الله -عز وجل-: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سورة آل عمران الآية 164 ] . وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي -رضي الله عنه- ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم في خطبته : (( ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا ، كل مال نحلته عبدا حلال ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ، إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان . . . )) الحديث . هذا الكتاب هو المهيمن على الكتب السابقة كلها ، يقول الله : ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [سورة المائدة الآية 48 ] ، والمعنى أنه عال ومرتفع على ما تقدمه من الكتب ، هو أمين عليها وحاكم وشاهد وقيم عليها ، يقول ابن جرير رحمه الله : ( القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله فما وافقه منها فهو حق وما خالفه منها فهو باطل ). ا هـ . وكتاب الله له المكانة العظيمة في قلب كل مسلم ، وهو أيضا عظيم في نفسه كريم مجيد عزيز ، ونحن في فاتحة هذا العدد المبارك من مجلة البحوث الإسلامية ، نحب أن نعرض لهذا الموضوع بإشارات وتنبيهات لعل الله أن ينفعنا بها وينفع بها إخواننا من قراء المجلة أو من بلغه هذا الكلام إنه سميع مجيب . فأقول مستعينا بالله : القرآن مصدر قرأ قرآنا ومنه قوله تعالى : ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [سورة القيامة : 17-19 ] ، والكلام المقروء نفسه يسمى قرآنا كـما في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [سورة النحل الآية 98 ] ، والقرآن كلام الله حقيقة ، لفظه ومعناه من الله ، أنزله على عبده محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- وحيا ، فهو منزل غير مخلوق ، يقول الله : ﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [سورة الزمر الآية 1] ، ويقول سبحانه : ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ﴾[سورة النحل الآية 102] ، ويقول: ﴿ حم *تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [سورة غافر : 1 -2] ، ويقول : ﴿ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾[سورة فصلت الآية 2 ] ، ويقول : ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [سورة الإسراء الآية 106 ] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة وعلى هذا أجمع سلف الأمة رحمهم الله جميعا . وقد سمى الله هذا الكتاب بأسماء كثيرة في كتابه ، ووصفه كذلك بصفات كثيرة ، وإنما يدل هذا على شرف هذا الكتاب وعظمته ، فهو القرآن والفرقان والكتاب والهدى والنور والشفاء والبيان والموعظة والرحمة والبصائر والبلاغ وهو العربي والمبين والكريم والعظيم والمجيد والمبارك والتنزيل والصراط المستقيم والذكر الحكيم وهو حبل الله وهو الذكرى والتذكرة والبشرى وهو المصدق لما بين يديه من الكتاب وهو المهيمن عليها وهو المثاني وفيه تفصيل كل شيء وتبيان كل شيء وهو الذي لا ريب فيه ولا عوج فيه ، يقول الله : ﴿ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [ سورة الزمر الآية 28] ، ويقول سبحانه : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [سورة الفرقان الآية 1 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ الم *ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة البقرة : 1-2 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ سورة البقرة الآية 97 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴾ [ سورة آل عمران الآية 58 ] ، ويقول -عز وجل- : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [ سورة النساء الآية 174 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ سورة يونس الآية 57 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [سورة الإسراء الآية 9 ] ، ويقول جل وعلا : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ [سورة الكهف الآية 1 -2 ] ، ويقول عز من قائل سبحانه : ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [سورة البروج : 21 -22] ، ويقول وجل : ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الواقعة : 77-80 ] ، وغير ذلك من ، الآيات كثير ، فيها أسماء هذا الكتاب العظيم وصفاته ، مما ينبيك على عظيم قدره ، وجليل شرفه ، كيف والمتكلم به هو رب الأرباب - سبحانه- عالم الغيب والشهادة القائل : ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [ سورة لقمان الآية 27 ] . ومما ينبغي أن يعلم أن كل اسم أو صفة لهذا الكتاب العزيز فهو دال على معنى اختص به ، ولولا خشية الإطالة لنبهنا على جملة تكون معينة على فهم ما بقي . هذا وإن مما اختص به هذا الكتاب الكريم أن الله سبحانه تكفل بحفظه ولم يكل حفظه إلى أحد من خلقه ، يقول سبحانه : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [ سورة الحجر الآية 9 ] ، ويقول سبحانه :﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [سورة البروج : 21 -22 ] . يقول ابن القيم رحمه الله : " فوصفه سبحانه بأنه محفوظ في قوله : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [سورة الحجر الآية 9 ] ووصف محله بالحفظ في هذه السورة - أي البروج- فالله سبحانه حفظ محله ، وحفظه من الزيادة والنقصان والتبديل ، وحفظ معانيه من التحريف كما حفظ ألفاظه من التبديل وأقام له من يحفظ حروفه من الزيادة والنقصان ومعانيه من التحريف والتغيير " ا هـ [ التبيان 1/ 62] . كتاب الله الكريم هو المنجي من الفتن وهو أنيس المؤمن ونور قلبه وربيع صدره وجلاء همه وغمه ، كتاب الله فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، فهو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى عبره ، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا : ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾ [ سورة الجن الآية 1 ] . من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ، هو الآية الكبرى والمعجزة العظمى التي أوتيها نبينا صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول : (( ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما على مثله آمن البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )) أخرجاه في الصحيحين . معجز في لفظه وبيانه : ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [ سورة البقرة الآية 23 ] معجز في تيسير تلاوته وقرآنه : ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [ سورة القمر الآية 17 ] ، معجز فيما حواه من قصص الماضين لنعتبر : ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [ سورة يوسف الآية 3 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ سورة يوسف الآية 111 ] ، معجز فيما حواه من عقائد وشرائع الدين ، لنمتثل : ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [ سورة إبراهيم الآية 1 ] ، ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [ سورة النحل الآية 89 ] ، ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [ سورة الزمر الآية 2 ] ، ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [ سورة الأنعام الآية 155 ] . معجز بما حواه من أخبار الغيب؛ لنؤمن ونسلم : ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [ سورة البقرة : 1 -3 ]. آية ظاهرة وحجة باهرة من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن يأذن الله برفعه ، تحدى الله به أفصح الناس فلم يستطيعوا ، بل تحدى به الجن والإنس مجتمعين فأعياهم : ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [ سورة الإسراء الآية 88 ] ، امتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [ سورة الحجر الآية 87 ] ، يهدي إلى الطريق القويم والمنهج المستقيم : ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [ سورة الإسراء الآية 9 ] . هذا وإن لتلاوة هذا الكتاب أجرا عظيما وفضلا كبيرا ، يقول الله : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [ سورة فاطر : 29 -30 ] . وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار )) رواه البخاري ومسلم ، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- ، قال : (( من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف )) . وصاحب القرآن هو المقدم في الدنيا والآخرة ، وهم أهل الإكرام والإجلال ، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (( إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين )) أخرجه مسلم . وعن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله . . .)) الحديث . أخرجه مسلم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : (( كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا )) . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط )) أخرجه أبو داود ، وحسنه النووي . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر )) متفق عليه . هذا في الدنيا أما في الآخرة فثوابه أعظم إن عمل به ، وأجره أكبر ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )) متفق عليه . وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : (( اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه )) أخرجه مسلم . وصاحب القرآن هو المقدم في أول منازل الآخرة ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : (( أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول: "أيهما أكثر أخذا للقرآن؟ فإن أشير إلى أحدهما ، قدمه في اللحد )) أخرجه البخاري . ولا يزال صاحب القرآن يترقى في منازل الجنة على قدر ما معه من القرآن ، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )) أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح . ولا شك أن العناية بحفظ القرآن من أجل ما تنصرف إليه الهمم؛ لما في ذلك من الأجر العظيم ، وقد كان وصف هذه الأمة في الكتب السابقة بأن أناجيلهم في صدورهم . وهكذا فإن الله سبحانه قد أخبر في كتابه أن هذا الكتاب محفوظ في صدور الرجال ، يقول الله سبحانه : ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [ سورة العنكبوت الآية 48-49 ] ، فأخبر سبحانه أنه في صدور العلماء محفوظ ، وهذا يصدق الحديث القدسي الذي فيه : (( إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت معك كتابا لا يغسله الماء . . . )) أخرجه مسلم والمعنى أن الماء لا يمحوه إذ هو محفوظ في الصدور . وقد شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- من لم يحفظ شيئا من القرآن بالبيت الخرب ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب )) أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح . وقد تقدمت معنا الأحاديث الدالة على إكرام حامل القرآن وعظيم منزلته . وحفظ القرآن مشروع للمسلم ، والقدر الواجب عليه منه هو ما يحتاج إليه في تصحيح عبادته ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . " وأما حفظ جميع القرآن وفهم جميع معانيه ومعرفة جميع السنة فلا يجب على كل أحد ، لكن يجب على العبد أن يحفظ من القرآن ويعلم معانيه ويعرف من السنة ما يحتاج إليه " الفتاوى ( 15 \ 391) ا هـ . وإن مما ينبغي العناية به لمن أراد تلاوة القرآن وحفظه أمور: أولها : وجوب الإخلاص لله في العمل الذي يقدم عليه وألا يكون مراده به حظا من الدنيا قريب حقير فإن الله تعالى يقول : ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ سورة هود الآية 15-16 ] ، ويقول سبحانه : ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [سورة الشورى الآية 20 ] ، ويقول جل وعلا : ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾ [ سورة الإسراء الآية 18 ] . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت . قال: كذبت ، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن . قال: كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم ، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . . . )) الحديث . عياذا بالله من حالة السوء . ثانيا : ينبغي لمن أراد حفظ القرآن أن يكرره ويتعاهده حتى يتمكن من حفظه ، والله تعالى إن علم من عبده الصدق يسر له طريق الحفظ ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [ سورة القمر الآية 40 ] . ثالثا : من كان معه شيء من القرآن قد حفظه فليتعاهده بالتكرار والمراجعة حتى لا يضيع منه وليستعن على ذلك بالصلاة فإن من قام بحزبه من القرآن لم ينسه ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت )) متفق عليه . وزاد مسلم في رواية : (( وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه )) . رابعا : مما يعين على حفظ القرآن مدارسته ، وقد كان جبريل عليه السلام يدارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن في كل سنة مرة ، إلا عام قبض فقد عارضه القرآن مرتين ، ويقول الـرسـول -صلى الله عليه وسلم- فـي فضـل مـدارسـة القرآن : (( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )) . خامسا : ينبغي للمسلم ألا يغفل عن كتاب الله وليجعل له فيه ختمة ، وقد كان السلف لهم عادات في ختم كتاب الله فمنهم من كان يختمه كل شهرين مرة ، ومنهم من كان يختم كل شهر مرة ، ومنهم من كان يختم كل عشر ليال ، ومنهم من كان يختم في كل ثمان ليال ، وعن الأكثرين في كل سبع ليال ، ومنهم من يختم في أقل من ذلك . والأفضل أن يختم المسلم كل سبع؛ لفعل جمع من الصحابة حيث كانوا يحزبون القرآن إلى سبعة أحزاب ، فعن أوس بن حذيفة قال : سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل وحده" رواه أبو داود . وحزب المفصل من سورة " ق " إلى آخر القرآن العظيم . ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : (( اقرأ القرآن في شهر . قلت: إني أجد قوة . . .)) حتى قال : (( فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك )) أخرجه البخاري . وأما من قرأه في أقل من ذلك فالغالب أنه يهذه هذا ولا يفهم معاني ما يقرأ وهذا لا ينبغي من المسلم والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : (( لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث )) أخرجه أصحاب السنن الأربعة وقال الترمذي : حسن صحيح . فالسنة ألا يختم في أقل من ثلاث . يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |