|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شخصية لسان الدين ابن الخطيب في الأدب الأندلسي شهد القطر الأندلسي على مر عصوره ازدهارا كبيرا في شتى العلوم والفنون التي من جملتها الأدب، حيث برز في هذا الفن جملة من الأدباء والشعراء، فاقوا غيرهم في نظمه ونثره. وحق لمن أراد أن يقف على هذه الحقيقة، ويطلع على صدقها أن يطالع كتاب: (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) للعلامة المقري التلمساني المالكي، المتوفى سنة:1041، حيث عطر كتابه هذا بذكر جملة صالحة من الشخصيات العلمية والأدبية، ممن أظلتهم دوحة الأندلس، حتى قيل: "كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وكلام وزيرها لسان الدين ابن الخطيب الذي من لم يقرأه فليس بأديب". وذلك لاشتمال الكتاب على جملة من الآثار الأدبية الرفيعة، سواء منها المنظوم أو المنثور، ولاشتماله كذلك على جملة وافرة من الشخصيات الأدبية الأندلسية، التي عز أن يجود بمثلها الزمان.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() 2-آثاره الأدبية: وأعظم ما يتميز به شعر ابن الخطيب هو وفرة التنوع والافتنان في الموضوعات والمعاني، ويرجع ذلك إلى توقد قريحته، وسعة أفقه، وإلى حياته المتنوعة الفياضة بمختلف الأحداث والمحن. كان ابن الخطيب من أعظم كتاب عصره وشعرائه، بل هو من أعظم كتاب الأندلس وشعرائها على الإطلاق. وقد بلغ في النظم، كما بلغ في النثر مرتبة التفوق التي لا يدانيه فيها سوى القليل. وقد ترك آثارا أدبية جمة تتمثل في لونين أدبيين مشهورين هما الشعر والنثر. أ- الشعر: وصفه معاصره الأمير أبو الوليد إسماعيل بن الأحمر في كتابه: (نثير فرائد الجمان فيمن ضمني وإياهم الزمان)، بأنه: "شاعر الدنيا..وكاتب الأرض إلى يوم العرض..". ويصفه ابن خلدون بأنه: "شاعر الأندلس والمغرب في عصره".[10] وقال أيضا: "وبلغ في الشعر والترسل حيث لا يجارى فيهما". وقد تنوعت مواضيع شعره، فنظم في شؤون السياسة، وفي المديح والغزل والزهد والتصوف، والمدائح النبوية. وهو يبدي في قصائده براعة في ابتكار المعاني، وفي صوغ الخيال، وفي اختيار اللفظ المشرق. وبرع كذلك في الزجل.. وكان من أئمة الموشحات الأندلسية. ومن أشهر ما نظم منها موشحته الدائعة الصيت التي مطلعها: جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأندلس لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المختلس وقد أفرد المقري في كتابه: (نفح الطيب) مجلدين كبيرين، هما الخامس والسادس[11] لابن الخطيب وأخباره وشعره ونثره، ونقل إلينا فيهما من مختلف كتبه ورسائله، فصولا وشذورا لا تحصى، كما نقل إلينا عشرات من قصائده. ومن ذلك قوله في قصيدة طويلة يهنئ السلطان بفتح تلمسان سنة 761 هـ: أطاع لساني في مديحك إحساني وقد لهجت نفسي بفتح تلمسان فأطلعتها تفتر عن شنب المنى وتسفر عن وجه من السعد حياني كما ابتسم النوار عن أدمع الحيا وجف بخد الورد عارض نسيان كما صفقت ريح الشمال شمولها فبان ارتياح السكر في غصن البان. ومن ذلك قوله في وصف بعض أقاليم غرناطة: بلد يحف به الرياض كأنه وجه جميل والرياض عذاره وكأنما واديه معصم غادة ومن الجسور المحكمات سواره ومن ذلك قوله في رثاء فاطمة بنت أمير المؤمنين أبي عبد الله: برز ابن الخطيب بالأخص في ضرب من النثر، وهو النثر الوزاري والسياسي، وقد ترك لنا ابن الخطيب في هذا الميدان تراثا ضخما، من المراسيم السلطانية التي صدرت أيام توليه الوزارة، عن سلاطين غرناطة. ومن الرسائل السياسية والدبلوماسية، التي كان يكتبها على لسان سلطانه إلى ملوك إسبانيا النصرانية، أو سلاطين المغرب، أو سلاطين مصر، فيما يتحدث عن علائق والمودة والتحالف، أو يصف بعض الحوادث التاريخية، أو يطلق صيحة الجهاد للدفاع عن الأندلس، أو يلتمس لها الإنجاد والعون من ملوك العدوة، إلى غير ذلك من الشؤون والحوادث، التي ملأت حياته السياسية، سواء في المغرب أو الأندلس.نبيت على علم بغائلة الدهر ونعلم أن الخلق في قبضة الدهر ونركن للدنيا اغترارا بقهرها وحسبك من يرجو الوفاء من الغدر ونمطل بالعزم الزمان سفاهة فيوم إلى يوم وشهر إلى شهر وتغري بها نفسي المطامع والهوى ونرفض ما يبقى فيا ضيعة العمر ألم تر أن المجد أقوت ربوعة وصوح من أدواحه كل مخضر ولاحت على وجه العلاء كآبة فقطب من بعد الطلاقة والبشر. وأشعاره كثيرة جدا وهي مبثوته ضمن كتبه، ومراجع ترجمته فمن أرادها ظفر بها نهاك. ب- النثر: وقد ترك لنا أيضا عددا كبيرا من الرسائل الأدبية، ورسائل المودة والصداقة، التي كان يتبادلها مع شيوخه وأقرانه وأصدقائه، وأكابر معاصريه، وقد أورد لنا في الإحاطة كثيرا منها. وتمتاز رسائل ابن الخطيب بالأسلوب الرصين المشرق، واللفظ الجزل المختار. وبالرغم من أن معظمها يجري على قاعدة السجع، فإنها على الأغلب خالية من روح التكلف، الذي يجني أحيانا على الأسلوب والمعنى. ولابن الخطيب براعة خاصة في تخير الألفاظ، وإبراز المعاني، لا يجاريه فيها الكثيرون من أكابر الكتاب. ومن ذلك قوله في وصف (الأديب ابن حرب الله): "راقم واشي، رقيق الجوانب والحواشي، تزهى بخطه المهارق والطروس، وتتجلى في حلة إبداعه كما تجلت العروس، إلى خلق كثير التجمل، ونفس عظيمة التحمل، وود سهل الجانب، عذب المشارب".[12] ومن ذلك قوله في الرسالة الثانية من كتاب: (الزواجر والعظات): "إذا شعرت نفسك بالميل إلى شيء فأعرض عليها غصة: ((ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة))، فالمفروح به هو المحزون عليه، أين الأحباب مروا، فياليت شعري أين استقروا، واستكانوا ولله اضطروا، واستغاثوا بأوليائهم ففروا، ليتهم –إذ لم ينفعوا- ما ضروا، فالممنازل من بعدهم خالية خاوية، والغراس ذابلة داوية، والعظام من بعد التفاضل متشابهة، والمساكن تندب في أطلالها الذئاب العاوية..أين المعمر الخالد، أين الولد، أين الوالد،؟ أين الطارف أين التالد، أين المجادل أين المجادل؟، ((هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا))..".[13] خاتمة: يبقى ابن الخطيب كاتب الأندلس الأول، وأديبها الأوحد، في القرن الثامن دون منازع، بما خلف من تراث زاخر، يشمل المنظوم والمنثور، وبما تفتقت عنه قريحته من جميل المنظوم، ورائع المنثور. وهو القائل عن نفسه: "سلمان انتسابي، وبالمعارف الأدبية اكتسابي، وإلى العلوم قد نشأ ارتياحي، وفي حلبة أرباب النظر مغداي ومراحي، على نهاية من ترف النشأة، وغر البدأة..".[14]فهل تجود الأيام، فيما يستقبل من الزمان بمثل هذا الأديب البارع؟. [1] ابن بسام: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (1/3-4). [2] إحسان عباس :مقدمة تحقيق نفح الطيب (1/16) [3] يقصد كتاب: النبوغ المغربي في الأدب العربي الذي ألفة لبتبيان مزايا الأدباء المغاربة ونبوغهم وفضلهم في الأدب. [4] عبد الله كنون: النبوغ المغربي في الأدب العربي (1/37-38). من بينهم الأستاذ عبد الله عنان في مقدمة تحقيق كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة: لابن الخطيب.[5] [6] الإحاطة. [7] نفح الطيب: (5/7). [8] تاريخ ابن خلدون: (7/689). [9] تاريخ ابن خلدون: (7/709). [10] المصدر نفسه. طبعة : دار صادر بيروت لبنان بتحقيق: الأستاذ إحسان عباس.[11] أوصاف الناس في التواريخ والصلات: ص (143).[12] كتاب: الزواجر والعظات: (165-166).[13] [14] أوصاف الناس في التواريخ والصلات: ص (134). منقول
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |