بين ثراء الفكر وفكر الثراء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1109 - عددالزوار : 128648 )           »          زلزال في اليمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 4786 )           »          ما نزل من القُرْآن في غزوة تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أوليَّات عثمان بن عفان رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          طريق العودة من تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ترجمة الإمام مسلم بن الحجاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مسيرة الجيش إلى تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-12-2019, 05:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي بين ثراء الفكر وفكر الثراء

بين ثراء الفكر وفكر الثراء
عمار بن ثابت



بداخلنا معارك لا تتوقف بين الإرادة والواجبات، بين الرغبات والظروف، وعلى مدار التاريخ ظل الإغراء يدفع الناس في اتجاهات مختلفة، ذلك أن الإنسان جُبِل على الإحساس بالفرح والسرور عند امتلاك أسباب القوة والرفاهية وقد نجد هذا المعنى في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (( نعم المال الصالح عند الرجل الصالح))، غير أن الرخاء والرفاهية وسهولة العيش قد يعرض الإنسان إلى ما يسميه بعض علماء الحضارة " خيانة الرخاء ".




فالدنيا دار ابتلاء ومحل اختبار قال - تعالى-: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) وحتى يصبح الثراء طريقاً إلى السعادة وجب أن يتعسكر صاحبه في معسكر الممانعة والمقاومة والتأبي ولا يكون ذلك إلا بشيئين مهمين: وعي جيد بما ينبغي عمله ووقود روحي للقيام بذلك العمل، فإذا ما غاب هذان العاملان وجد الإنسان نفسه مستغنياً، وبهذا الاستغناء ينشأ الطغيان الذي ذكره ربنا - عز وجل - في قوله - تعالى -: (كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى).
إن ثراء الفكر هو ما يوضح لنا الرؤية الصحيحة لفكر الثراء، ولعل فقر الفكر هو ما قادنا إلى فكر الفقر والضعف، وظهر ذلك جلياً في بعض الأدبيات الموروثة عن أسلافنا في تمجيد الفقر والعزلة والسلبية وقمع النفس وذم المال مما أنتج أصنافاً من الناس تميل إلى التشابه والنمطية والرضا بالخمول ومنطقة الراحة والأمان.
ولكي ندرك تلك الصلة الوثيقة بين فكر الثراء وثراء الفكر وجب أن نشير إلى الأمور التالية:
- في زماننا هذا الذي نعيشه أصبحت الأمم تتصارع على البقاء وأصبح القوي يستثمر في بيئة الضعيف وأحواله بل حتى صحته، وأصبحت العولمة سلاح القوي ولعنة الضعيف.
- من سنن الله - تعالى- في خلقه أن العاجز عن تدبير أحواله يتحول الى عبء اجتماعي ويصبح كلاً على غيره، فاذا توسعت دائرة الكلالة أصيب المجتمع بالعجز والعاجز لا يأتي بخير أبداً.




- أغلب مشاكلنا نابع من قصور ذاتي، وانحراف فكري فكم لأمتنا الاسلامية من موارد فوق الأرض وتحتها ولكنها تبقى عرضة للوهن والفساد وغياب الرؤية والتخطيط والابداع.

- حين يسود الجفاء وعدم التعاون بين أبناء البلد الواحد يصبح الشقاق والنزاع والخلاف من أيسر الأمور، أما إذا ساد التضامن والعمل الخيري فإن المجتمع يقوى ويتلاحم ويقف على قدميه ويصبح عصياً على الانزلاق نحو الخلافات قريباً إلى التجانس.
وهذا ما أدركه ابن الجوزي حين قال: ""مَن قال إنَّ العلماء قَدَرُهم الفقر؟ "ذلك أن الذي يجمع بين الفكر والثراء يتحكم بزمام المبادرة ويكسب ملكة التأثير ويصنع الفارق، ولهذا صار الفكر أقرب طريق للثراء خاصة في زمن المعرفة والرقمنة التي تجعل بناء الإنسان شرط سابق لإشادة العمران وتجعل التنافسية بين الدول تتمثل في الابتكار والابداع.




فالمتأمل لواقعنا اليوم يرى جلياً أن مصادر التنافسية في العالم قد تغيرت من التنافسية التقليدية المرتبطة برؤوس الأموال والمواد الأولية والأرض التي لم تعُدْ بالأهمية ذاتها، إلى مصادر جديدة للمنافسة لا ترتبط بكثافةِ رأس المال فحسبُ، بل بامتلاك المعارِف والمعلومات والتكنولوجيات والمهارات والتحكُّم بالتقنية الحديثة، والاحتكام إلى أساليبَ متطوِّرة ترتكز على الإبداع والابتكار والتجديد والمبادَرة.
ولذلك نؤكد فنقول أن الإنسان هو مفتاح كل عمل حضاري ولا يزال مقاوماً ما تسلح بالوعي والانطلاق الروحي الذي يمثل سر النهوض ووقود الانطلاق فإذا أشرقت الروح انطلق نور الإيمان يسري في جوارح الإنسان جاعلاً المال في اليد لا في القلب وفي ذلك يقول فيلسوف الحضارة مالك بن نبي: " الروح وحدها هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم، فحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة وانحطت لأن من فقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوى بتأثير جاذبية الأرض" ومع اشراقة الروح يكون الفكر هو المدخل فصلاحه لا يتوقف على شيء آخر مما يجعله ملازماً لتجديد الروح، إن إرشاد الفكر وتقويمه مرتبط بصحة الثقافة ومتانتها، مما يجعل النهوض مربوطاً بالنجاح في عالم الأفكار والعاصم من الزلل هو الالتزام بالأصول ولو على حساب المصلحة وتحقيق التطابق بين السلوك والمبدأ وربطها بالأهداف الكبرى التي يجب أن نعيش من أجلها وبذلك يصبح المال أداة لبناء المجتمع ووسيلة لبلوغ مرضاة الله والناجح اليوم في سباق الامم هو من يتملك زمام القوة الفكرية والمادية وبذلك تكون الحضارة في شقيها المادي والمعرفي.



ومما سبق يمكن القول أن فكر الثراء وثراء الفكر لا يتناقضان أبداً ولا ينفصلان إلا في أزمنة الانحطاط، فإذا ما أردنا النهوض وجب قطع دابر الاختلاف بين الفكر والمال ودفع عجلة الاستثمار في عقول الشباب مواهبهم وجعل العلم والمعرفة أوسع أبواب الاسترزاق حتى تخرج الأمة من بينها الليث بن سعد الذي كان يتكفل بنفقات طلاب العلم وهو من العلماء العاملين وغيره من النماذج التي ضربت أروع الأمثلة في الجمع بين الفكر والثراء وبين العرفة والمال، ولعل هذا ما أدركه العالم أجمع بعد طول صراع حين توجه بكل قوته نحو اقتصاد المعرفة الذي يقوم على فهم جديد أكثر عمقًا لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور الاقتصاد وهو ما يجعلنا نسابق الزمن من أجل تقليص الفجوة الرقمية بيننا وبين الأمم الأخرى علنا نتربع على عرش الريادة في يوم من الأيام.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.43 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]