فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1059 - عددالزوار : 125590 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          طريقة عمل العاشوراء بخطوات بسيطة.. زى المحلات بالظبط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          طريقة عمل لفائف البطاطس المحشوة بالدجاج والجبنة.. أكلة سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2019, 01:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله

فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله



الشيخ عبدالله بن محمد البصري




أما بعدُ، فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].

أيها المسلمون:
وفي هذه الأيام تتناقل وسائل الإعلام أنباءً عن انهياراتٍ اقتصاديةٍ مفزعةٍ، وإفلاساتٍ ماليةٍ موجعةٍ، مصارِفُ عالميةٌ تعلن إفلاسها، وأسواقٌ ماليةٌ يشتد كسادها، مستثمرون تذهب أموالهم، ومودعون تتبدد أرصدتهم، وتعقد مؤتمراتٌ لدراسة الواقع المتفاقم، وتبذل أموالٌ للارتقاء بالوضع المنحدر، ويرفع تجارٌ شكاواهم، ويوكِّلون محامين لمتابعة قضاياهم، وتضج الدنيا وترتج، ويدب في النفوس خوفٌ وقلقٌ، ويتملكها ذعرٌ وهلعٌ، بحثٌ في أسباب هذا التدهور ودراساتٌ، واقتراحاتٌ للحلول وتخميناتٌ، ومحاولاتٌ للإنقاذ يائسةٌ، وتصرفاتٌ بائسةٌ، ويخرج قائلون بتأثير انخفاض بعض العمْلات في هذا الشأن، ويغرق آخرون في فلسفاتٍ ونظرياتٍ اقتصاديةٍ ماديةٍ، وفي النهاية ينادي مَن ينادي مِن عقلاء تلك الدول بأن الحل في الاقتصاد الإسلامي، ويدعون إلى الرجوع إلى ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكامٍ لحل ما نزل بهم من كوارث وأزماتٍ.

ويحق لكل مسلمٍ يؤمن بالله ويوقن بما جاء في كتابه وعلى لسان رسوله، يحق له قبل ذلك وبعده أن يعلنها نتيجةً صريحةً صحيحةً، ويطلقها صيحةً مدويةً في كل محفلٍ، ومن على كل منبرٍ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276]، يَحِق لكل مسلمٍ أن يُعلِن بملءِ فيه ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - حيث قال : ((ما أحدٌ أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلةٍ))، وفي لفظٍ قال: ((الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قلٍّ))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ما ظهر في قومٍ الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله)).

إنها سنة الله المحكمة المتقنة، التي لا تتغير ولا تتبدَّل، ولا تحابي فردًا ولا مجتمعًا، ولا تجامل غنيًّا ولا قويًّا، {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43]، ويتذكر المرء ما كان من صغار المساهمين ومتوسطيهم في بلادنا قبل بضع سنواتٍ، ممن أصابتهم حمى المساهمات وتساقطوا في مستنقعاتها الآسِنَة، فغامروا بكل ما حاشته أيديهم في سنين، وبذلوا مهجة أفئدتهم واعتصروا مخ عظامهم، فجعلوه في تلك المساهمات المحرَّمة، وولغوا في كثيرٍ من المعاملات المشبوهة، ولم ينتهوا ولم يتورعوا، وظلوا لا يحلمون إلا بالغنى والثراء، ثم في مثل طرفة عينٍ انهارت أحلامهم وتبددت، وذهبت أموالهم واختَفَت، وكأن الأرض قد انشقت فابتلعتها، أو كأن نارًا قد أوقدت فأحرقتها، ملايين من الريالات بل بلايين، وقيمة سياراتٍ وعقاراتٍ، وحصيلة قروضٍ وديونٍ، وضعها أولئك المخدوعون المغرَّر بهم في شباكٍ قد نصبَت لهم، ليمتصها كبار المرابين فيودعوها في المصارف الربوية العالمية، ظانين أنهم قد حصنوها وحفظوها؛ إذ ابتعدوا بها عن أولئك المغبونين وأحرزوها إلى تلك المصارف، وأن لا قادر على انتزاعها من براثنهم في ظل قوة ذلك النظام الاقتصادي الرأسمالي، وما دروا أنهم قد دخلوا في مواجهةٍ خاسرةٍ، وخاضوا معركةً غير متكافئةٍ، ليست مع قوةٍ أرضيةٍ أو فئةٍ بشريةٍ، وإنما هي مواجهةٌ مع القوي المتينِ، وحربٌ مع العزيز الجبار: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279].

فأين يذهب الإنسان الضعيف الحقير الذليل من تلك القوة الجبارة؟! أين يذهب من تلك القوة الساحقة الماحقة {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276].

أحَسِب أولئك المرابون المخذولون أن الإيذان بالحرب من الله ورسوله قتالٌ بسيفٍ فيتقوه، أو أنه ضربٌ بمدفعٍ فيحذروه؟!

لا، والله، ولكنها الحرب المعلنة من رب العالمين على كل مجتمعٍ يضل السبيل، فيجعل الربا قاعدةً لنظامه الاقتصادي والاجتماعي.

إنها الحرب الشاملة الغامرة، على الأعصاب والقلوب، وعلى البركة والرخاء، وعلى السعادة والطمأنينةٍ، حربٌ يسلط الله فيها العصاةَ بعضَهم على بعضٍ، ويولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون.

إنها حرب الغبن والظلم، حرب القلق والخوف، وأخيرًا حربُ السلاح بين الأمم والدول، والمرابون من أصحاب رؤوس الأموال العالمية هم الذين يوقدون هذه الحرب بطريقٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ؛ إذْ يلقون شباكهم فيقَع فيها الأفراد والمؤسَّسات، وتَتَعَثَّر فيها المصانع والشركات، ثم تنشب فيها الشعوب والحكومات، ثم يتزاحمون على الفرائس فتقوم الحرب، أو يزحَفون وراء أموالهم بقوة حكوماتهم فتقوم الحرب، أو يُثقِل الشُّعوبَ سدادُ الدُّيُونِ لأولئك المرابين، فيعم الفقر والسخط بين الكادحين والمنتجين، فيفتحون قلوبهم للدعوات الهدَّامَة فتقوم الحرب، وأيسر ما يقع - وما هو بيسيرٍ - خراب النفوس وانهيار الأخلاق، وانطلاق سعار الشهوات، وتحطُّم الكِيان البشري من أساسه، وتدميره بما لا تبلغه أفظع الحروب الذرية المرعبة.

إنها الحرب المسعَّرَة من الله على المتعاملين بالربا، تأكل الأخضر وتلتهم اليابس، وتقضي على كل ما تنتجه البشرية الضالة الغافلة، من مادياتٍ تعجب بخضرتها وزهرتها وكثرتها، وهي الخضرة والزهرة والكثرة التي كانت حريةً بأن تسعد البشر لو أنها نشأت من منبتٍ زكيٍّ طاهرٍ، ولكنها وقد خرجت من منابع الربا الملوثة، ونبتت على جوانب مستنقعاته الآسنة - أصبَحَت رُكامًا خنق أنفاس البشرية وسحَقَها سُحقًا، في حين تمتَّعَت شرذمة المرابين العالميين بهذه الأموال الممحوقة البركة، ومضت لا تحس بآلام البشرية المسحوقة تحت هذا الركام، أفترى الحَكَم العدل يقرُّ هذا الظلم، ويرضى بهذا التجاهل لعباده، وقد أخرج لهم الطيبات من الرزق؛ ليستمتعوا بها ويعبدوه، فاستأثر بها ظالمون معتدون وعاندوه؟ لا، والله، لا يرضى العزيز الجبار: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2].

فالحمد لله الذي ألبس هؤلاء المرابين لباسَ الذِّلة والقلة في الدنيا قبل الآخرة، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275].

إنها اللعنة والنقمة؛ عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: ((لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه))، وقال : ((هم سواءٌ)).

إن المجتمع الذي يقوم على الأساس الربوي - أهلُه ملعونون معرضون لحربِ الله، مطرودون من رحمته، وإذا كان الناس في شك من هذا أيامَ نشأة النظام الرأسمالي الحديث، فإن تجربة اليوم لم تُبْقِ مجالاً للشك أبدًا.

إن عالم اليوم في أنحاء الأرض لهو - باعتراف عقلاء أهله وعلمائه ومفكريه، وبمشاهدات المراقبين والزائرين لأقطار الحضارة الغربية - عالم القلق والاضطراب والخوف، عالم الأمراض العصبية والنفسية، عالم الحروب الشاملة والتهديد الدائم، عالم حرب الأعصاب والاضطرابات التي لا تنقطع، إنه الشقاء الذي لا تزيله الحضارة المادية مهمَا تطورت، والسبب هو خواء الأرواح البشرية من زاد الروح، من الإيمان بالله والاطمئنان إلى الله؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ * فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ * ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس: 101 - 108].




الخطبة الثانية

أما بعد، فاتقوا الله - تعالى - حقَّ تقاته، وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281].

أيها المسلمون:
ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمنِّي، ولكنْ ما وَقَرَ في القلوب وَصَدَّقَتْه الجوارح والأعمال، الإيمان اعتقادٌ جازمٌ وقولٌ صادقٌ، له تَبِعَاتٌ وآثارٌ وسِمَاتٌ، فمتَى تحمَّل المرء تلك التبعات وأتى بما أمر به، وانتهى عما نهي عنه، متى ظهرت على جوارحه آثار الإيمان وبرزت عليه سماته، متى بنيت عليه حياته، وصبغت به تصرفاته، متى حكمت به علاقاته ومعاملاته - كان هو المؤمن حقًّا، أما من يدعي الإيمان وأعماله لا تثبت له دعواه، أما من يدعي الإيمان، وهو لا يقيم للأوامر والنواهي وزنًا، ولا يقوم ويقعد إلا لدنياه - فما أحراه بالمقت والبعد من الله!

فيا أيها المسلمون:

يا من ظللتم تبيعون في هذه المساهمات الربوية وتشترون، يا من تتهاونون بالمشتبهات ولا تتورعون - أمَا آن لكم أن تتوبوا منها وتعودوا إلى ربكم؟! أما ترون الحرب قد طالتْنَا في بلادنا وشب أوارها؟! أما ترونها قد ظهرت في مجتمعاتنا وثار غبارها؟!

ما نعيشه من غلاءٍ في الأسعار، ما نراه من شح الأمطار وغور المياه في الآبار، ما نحسُّ به من قلة البركة في الأرزاق والأموال، هذا القلق الذي يتملك النفوس، ذلك الضيق الذي تمتلئ به الصدور، تلكم العداوة الملقاة بين الناس، الشحناء والبغضاء والشح، أترون هذه أمورًا عاديةً غير مستنكرةٍ؟

إنها - وربِّي - لأوضح النذر لقومٍ يعقلون، الله يناديكم باسم الإيمان: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]، و{لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130].

فالتوبةَ التوبةَ - يا عباد الله - فقد دعا الإسلام الجماعة المسلمة الأولى، ولا يزال يدعو البشرية كلها إلى التوبة من الإثم والخطيئة: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279].

إن لتنمية المال وسائلها المباحة وطرقها النظيفة، سواءٌ بالعمل الفردي والجهد الذاتي، أو بالمشاركة الجماعية التعاونية، على طريقة المضاربة الصحيحة الصريحة، بإعطاء المال من يعمل فيه وينميه بالطرق المباحة والوسائل المشروعة، ثم يقتسم الجميع الربح أو يتحملون الخسارة معًا، أو بغير ذلك من وسائل كثيرةٍ لا تخفى على من آمَن قلبُه، وصحَّت نيتُه وأراد الرزق المبارك وطلب المال الحلال، وعزم على تجنب الموارد العفِنَة النتِنَة، أما من أصر إلا الربا، فأمامه من الخسارة في الدنيا والآخرة ما لا طاقة له به.

مع أنه مما يجب أن يستقر في النفوس وتنعقد عليه القلوب: أن الله - سبحانه - هو خالق هذه الحياة، وهو مستخلف الإنسان فيها، وهو الآمر بتنميتها وترقيتها، وهو المريد لهذا كله الموفق إليه، العالِم بما يصلح الشأن وما يفسده، ومن ثَمَّ فيستحيل أن يحرم أمرًا وفيه خيرٌ للبشرية أو صلاحٌ أو قيامٌ لحياتها أو تقدمٌ، ومن تراءى له خلاف ذلك، فإنما هو من خلل تصوره وسوء فهمه، وتأثره بالدعاية المسمومة، التي دأبت دول الكفر على بثِّها وزرعها في أفكارٍ بعدت عن الله وتعلقت بغيره؛ {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40].




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.65 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]