|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (ولوطًا آتيناه حكمًا وعلمًا ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث) ♦ الآية: ﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾.♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (74). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا ﴾ فصلًا بين الخصوم بالحق ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ﴾؛ يعني: أهلها كانوا يأتون الذكران في أدبارهم.♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ ﴾؛ يعني: وآتينا لوطًا، وقيل: واذكر لوطًا آتيناه، ﴿ حُكْمًا ﴾؛ يعني الفصل بين الخصوم بالحق، ﴿ وَعِلْمًا ﴾، ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ﴾؛ يعني: سدومًا، وكان أهلها يأتون الذكران في أدبارهم، ويتضارطون في أنديتهم مع أشياء أُخَر، كانوا يعملون من المنكرات، ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (ونوحًا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم) ♦ الآية: ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (76). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ ﴾ من قبل إبراهيم ﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ الغم الذي كان فيه من أذى قومه. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى ﴾ دعاء، ﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾؛ أي: من قبل إبراهيم ولوط، ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾، قال ابن عباس: من الغرق وتكذيب قومه، وقيل: لأنه كان أطول الأنبياء عمرًا وأشدهم بلاءً، والكرب أشد الغم. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين) ♦ الآية: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (78). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ﴾ قيل: كان ذلك زرعًا، وقيل: كان كرمًا ﴿ إِذْ نَفَشَتْ ﴾ رعت ليلًا ﴿ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ﴾ بلا راعٍ ﴿ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴾ لم يغبْ عن علمنا. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ﴾، اختلفوا في الحرث، قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم وأكثر المفسرين: كان الحرث كرمًا قد تدلَّت عناقيده، وقال قتادة: كان زرعًا، ﴿ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ﴾؛ أي: رعته ليلًا فأفسدته، والنفش: الرعي بالليل والهمل بالنهار، وهما الرعي بلا راعٍ، ﴿ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴾؛ أي: كان ذلك بعلمنا وبمرأى منَّا لا يخفى علينا علمه. قال الفراء هو جمع اثنين، فقال لحكمهم وهو يريد داود وسليمان؛ لأن الاثنين جمع وهو مثل قوله: ﴿ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾ [النساء: 11]، وهو يريد أخوين. قال ابن عباس وقتادة والزهري: وذلك أن رجلين دخلا على داود: أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الزرع: إن هذا انفلتت غنمه ليلًا، ووقعت في حرثي فأفسدته فلم يبقَ منه شيء، فأعطاه داود رقاب الغنم بالحرث، فخرجا فمرا على سليمان، فقال: كيف قضى بينكما فأخبراه، فقال سليمان: لو وليت أمرهما لقضيت بغير هذا. وروي أنه قال غير هذا أرفق بالفريقين فأخبر بذلك داود فدعاه فقال: كيف تقضي؟ ويروى أنه قال: بحق النبوة والأبوة إلَّا أخبرتني بالذي هو أرفق بالفريقين، قال: ادفع الغنم إلى صاحب الحرث ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ومنافعها، ويبذر صاحب الغنم لصاحب الحرث مثل حرثه، فإذا صار الحرث كهيئته يوم أكل دُفع إلى أهله، وأخذ صاحب الغنم غنمه، فقال داود: القضاء ما قضيت وحكم بذلك. وقيل: إن سليمان يوم حكم بذلك كان ابن إحدى عشرة سنةً، وأما حكم الإسلام في هذه المسألة أن ما أفسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير فلا ضمان على ربها، وما أفسدت بالليل ضمنه ربها؛ لأن في عرف الناس أن أصحاب الزرع يحفظونه بالنهار، والمواشي تسرح بالنهار وترد بالليل إلى المراح. أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب عن مالك، عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقةً للبراء بن عازب دخلت حائطًا، فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها»، وذهب أصحاب الرأي إلى أن المالك إذا لم يكن معها فلا ضمان عليه فيما أتلفت ماشيتُه ليلًا كان أو نهارًا. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (ففهمناها سليمان وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير) ♦ الآية: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (79). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ ففهمنا القضية سليمان دون داود عليهما السلام؛ وذلك أن داود حكم لأهل الحرث برقاب الغنم، وحكم سليمان بمنافعها إلى أن يعود الحرث كما كان ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ ﴾ يجاوبنه بالتسبيح ﴿ وَ ﴾ كذلك ﴿ الطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ذلك. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾؛ أي: علمناه القضية وألهمناها سليمان، ﴿ وَكُلًّا ﴾؛ يعني: داود وسليمان، ﴿ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾، قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا، ولكن الله حمد هذا بصوابه، وأثنى على هذا باجتهاده. واختلف العلماء في أن حكم داود كان بالاجتهاد أو بالنص، وكذلك حكم سليمان. فقال بعضهم: فعلًا بالاجتهاد، وقالوا: يجوز الاجتهاد للأنبياء ليدركوا ثواب المجتهدين، إلَّا أن داود أخطأ وأصاب سليمان، وقالوا: يجوز الخطأ على الأنبياء إلا أنهم لا يقرون عليه، فأما العلماء فلهم الاجتهاد في الحوادث إذا لم يجدوا فيها نص كتاب ولا سنة، وإذا أخطأوا فلا إثم عليهم، فإنه موضوع عنهم، لما أخبرنا عبدالوهاب بن محمد الخطيب، أخبرنا عبدالعزيز بن أحمد الخلال، أخبرنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبدالعزيز بن محمد، عن يزيد بن عبدالله بن الهادي، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن بشر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)). وقال قوم: إن داود وسليمان حكما بالوحي، وكان حكم سليمان ناسخًا لحكم داود، وهذا القائل يقول: لا يجوز للأنبياء الحكم بالاجتهاد؛ لأنهم مستغنون عن الاجتهاد بالوحي، وقالوا: لا يجوز الخطأ على الأنبياء، واحتجَّ من ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب بظاهر الآية، وبالخبر حيث وعد الثواب للمجتهد على الخطأ، وهو قول أصحاب الرأي، وذهب جماعة إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبًا؛ بل إذا اختلف اجتهاد مجتهدين في حادثة، كان الحق مع واحد لا بعينه، ولو كان كل واحد مصيبًا لم يكن للتقسيم معنًى. وقوله عليه السلام: ((وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر))، لم يُرِدْ به أنه يؤجر على الخطأ؛ بل يُؤجَر على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن اجتهاده عبادة، والإثم في الخطأ عنه موضوع إذا لم يألُ جهده. أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرنا أبو الزناد، عن عبدالرحمن الأعرج، أنه سمِع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كانت امرأتان معهما ابناهما، فجاء الذئب، فذهب بابن إحداهما، فقالت صاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان، وأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى)). قوله عز وجل: ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ﴾؛ أي: وسخرنا الجبال والطير يسبحن مع داود إذا سبح، قال ابن عباس: كان يفهم تسبيح الحجر والشجر. قال وهب: كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكذلك الطير، وقال قتادة: ﴿ يُسَبِّحْنَ ﴾؛ أي: يصلين معه إذا صلى، وقيل: كان داود إذا فتر يُسمعه الله تسبيح الجبال والطير لينشط في التسبيح ويشتاق إليه. ﴿ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾؛ يعني: ما ذكر من التفهيم وإيتاء الحكم والتسخير. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون) ♦ الآية: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (80). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ ﴾ عمل ما يلبسونه من الدُّروع ﴿ لِتُحْصِنَكُمْ ﴾ لتحرزكم ﴿مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ من حربكم ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ نعمتنا عليكم؟ ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ ﴾، المراد باللبوس هنا الدروع؛ لأنها تلبس، وهو في اللغة اسم لكل ما يلبس ويستعمل في الأسلحة كلها، وهو بمعنى الملبوس؛ كالجلوس والركوب، قال قتادة: أول من صنع الدروع وسردها وحلقها داود، وكانت من قبل صفائح، والدرع: يجمع الخفة والحصانة، ﴿ لِتُحْصِنَكُمْ ﴾ لتحرزكم وتمنعكم، ﴿مِنْ بَأْسِكُمْ﴾؛ أي: من حرب عدوكم، قال السدي: من وقع السلاح فيكم، قرأ أبو جعفر وابن عامر وحفص عن عاصم ويعقوب: ﴿ لِتُحْصِنَكُمْ ﴾ بالتاء؛ يعني: الصنعة، وقرأ أبو بكر عن عاصم بالنون لقوله: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ ﴾، وقرأ الآخرون بالياء، وجعلوا الفعل للبوس، وقيل: ليحصنكم الله عز وجل، ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾، يقول لداود وأهل بيته. وقيل: يقول لأهل مكة: فهل أنتم شاكرون نعمي بطاعة الرسول. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (ولسليمان الريح عاصفةً تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها) ♦ الآية: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (81). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ ﴾ وسخرنا له الريح ﴿ عَاصِفَةً ﴾ شديدة الهبوب ﴿ تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ يعني: الشام وكان منزل سليمان عليه السلام بها. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً ﴾؛ أي: وسخرنا لسليمان الريح؛ وهي هواء متحرك، وهو جسم لطيف، يمتنع بلطفه من القبض عليه، ويظهر للحسِّ بحركته، والريح يذكر ويؤنث، ﴿ عَاصِفَةً ﴾ شديدة الهبوب، فإن قيل: قد قال في موضع آخر تجري بأمره رخاءً، والرخاء اللين؟ قيل: كانت الريح تحت أمره إن أراد أن تشتد اشتدت، وإن أراد أن تلين لانت. ﴿ تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾؛ يعني: الشام، وذلك أنها كانت تجري لسليمان وأصحابه حيث شاء سليمان، ثم يعود إلى منزله بالشام. ﴿ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ علمناه ﴿ عَالِمِينَ ﴾ بصحة التدبير فيه، علمناه أن ما يعطى سليمان من تسخير الريح وغيره يدعوه إلى الخضوع لربه عز وجل. قال وهب بن منبه: كان سليمان عليه السلام إذا خرج إلى مجلسه، عكفت عليه الطير، وقام له الجن والإنس حتى يجلس على سريره، وكان امرأ غزَّاءً قلَّ ما يقعد عن الغزو ولا يسمع في ناحية من الأرض بملك إلا أتاه حتى يذله، كان فيما يزعمون إذا أراد الغزو وأمر بمعسكره فضرب بخشب، ثم نصب له على الخشب، ثم حمل عليه الناس والدواب وآلة الحرب، فإذا حمل معه ما يريد أمر العاصفة من الريح، فدخلت تحت ذلك الخشب، فاحتملته حتى إذا استقلت به أمر الرخاء، فمر به شهرًا في روحته، وشهرًا في غدوته إلى حيث أراد، وكانت تمر بعسكره الريح الرخاء، وبالمزرعة، فما تحركها، ولا تثير ترابًا ولا تؤذي طائرًا. قال وهب: ذُكر لي أن منزلًا بناحية دجلة مكتوب فيه كتبه بعض صحابة سليمان إما من الجن وإما من الإنس: نحن نزلناه وما بنيناه، مبنيًّا وجدناه، غدونا من اصطخر فقلناه، ونحن رائحون منه إن شاء الله، فبائتون بالشام. قال مقاتل: نسجت الشياطين لسليمان بساطًا فرسخًا في فرسخ ذهبًا في إبريسم، وكان يوضع له منبر من الذهب في وسط البساط فيقعد عليه، وحوله ثلاثة آلاف كرسي من ذهب وفضة، يقعد الأنبياء على كراسي الذهب، والعلماء على كراسي الفضة، وحولهم الناس، وحول الناس الجن والشياطين، وتظله الطير بأجنحتها، لا تقع عليه الشمس، وترفع ريح الصبا البساط مسيرة شهر من الصباح إلى الرواح، ومن الرواح إلى الصباح. وعن سعيد بن جبير قال: كان يوضع لسليمان ستمائة ألف كرسي، فيجلس الإنس فيما يليه، ثم يليهم الجن، ثم تظلهم الطير، ثم تحملهم الريح. وقال الحسن: لما شغلت الخيل نبي الله سليمان عليه السلام حتى فاتته صلاة العصر، غضب لله عز وجل، فعقر الخيل، فأبدله الله مكانها خيرًا منها، وأسرع الريح تجري بأمره كيف شاء، فكان يغدو من إيلياء فيقيل باصطخر، ثم يروح منها فيكون رواحها بكابل. وقال ابن زيد: كان له مركب من خشب وكان فيه ألف ركن، في كل ركن ألف بيت يركب معه فيه الجن والإنس، تحت كل ركن ألف شيطان يرفعون ذلك المركب، وإذا ارتفع أتت الريح الرخاء، فسارت به وبهم، يقيل عند قوم بينه وبينهم شهر، ويمسي عند قوم بينه وبينهم شهر، لا يدري القوم إلا وقد أظلهم معه الجيوش. وروي أن سليمان سار من أرض العراق غازيًا، فقال بمدينة مرو، وصلى العصر بمدينة بلخ، تحمله وجنوده الريح، وتظلهم الطير، ثم سار من مدينة بلخ متخللًا بلاد الترك، ثم جاءهم إلى بلاد الصين يغدو على مسيرة شهر، ويروح على مثل ذلك، ثم عطف يمنه عن مطلع الشمس على ساحل البحر حتى أتى على أرض القندهار، وخرج منها إلى أرض مكران وكرمان، ثم جاوزها حتى أتى أرض فارس فنزلها أيامًا وغدا منها بكسكر، ثم راح إلى الشام، وكان مستقره بمدينة تدمر، وكان أمر الشياطين قبل شخوصه من الشام إلى العراق، فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأصفر، وفي ذلك يقول النابغة: ألا سليمانَ إذْ قال المليكُ له ![]() قم في البرية فاحددها عن الفَنَد ![]() وجَيِّش الجنَّ أني قد أذِنْتُ لهم ![]() يبنون تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَد ![]() تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملًا دون ذلك وكنا لهم حافظين) ♦ الآية: ﴿ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (82). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ ﴾ وسخرنا له من الشياطين ﴿ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ ﴾ يدخلون تحت الماء لاستخراج جواهر البحر ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ ﴾ سوى الغوص ﴿ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ من أن يفسدوا ما عملوا، وليصيروا تحت أمره. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ ﴾؛ يعني: وسخرنا له من الشياطين، ﴿ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ ﴾؛ يعني: يدخلون تحت الماء فيخرجون له من قعر البحر الجواهر، ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ ﴾؛ أي: دون الغوص، وهو ما ذكر الله عز وجل: ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ﴾ [سبأ: 13]. ﴿ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ حتى لا يخرجون عن أمره. وقال الزجاج: معناه: حفظناهم من أن يفسدوا ما عملوا، وفي القصة أن سليمان كان إذا بعث شيطانًا مع إنسان ليعمل له عملًا، قال له: إذا فرغ من عمله قبل الليل أشغله بعمل آخر؛ لئلا يفسد ما عمل، وكان من عادة الشياطين أنهم إذا فرغوا من العمل ولم يشتغلوا بعمل آخر، خربوا ما عملوا وأفسدوه. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا) ♦ الآية: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84]. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (84). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ﴾ وهو أن الله تعالى أحيا مَنْ أمات من بنيه وبناته، ورزقه مثلهم من الولد ﴿ رَحْمَةً ﴾ نعمةً ﴿ مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ عظةً لهم؛ ليعلموا بذلك كمال قدرتنا. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ﴾ وذلك أنه قال: اركض برجلك، فركض برجله، فنبعت عين ماء بارد، فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كلُّ داء كان بظاهره، ثم مشى أربعين خطوةً، فأمره أن يضرب برجله الأرض مرةً أخرى، ففعل فنبعت عين ماء بارد، فأمره فشرب منها، فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما يكون من الرجال وأجملهم. ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ﴾، واختلفوا في ذلك، فقال ابن مسعود وقتادة وابن عباس والحسن وأكثر المفسرين: ردَّ الله عز وجل إليه أهله وأولاده بأعيانهم، أحياهم الله له، وأعطاه مثلهم معهم، وهو ظاهر القرآن. وقال الحسن: آتاه الله المثل من نسل ماله الذي رده الله إليه وأهله، يدل عليه ما روي عن الضحاك وابن عباس: أن الله عز وجل رد على المرأة شبابها فولدت له ستةً وعشرين ذكرًا. قال وهب: كان له سبع بنات وثلاثة بنين، وقال ابن يسار: كان له سبع بنين وسبع بنات، وروي عن أنس يرفعه: «أنه كان له أندران: أندر للقمح، وأندر للشعير، فبعث الله عز وجل سحابتين فأفرغت إحداهما، على أندر القمح الذهب، وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض». وروى «أن الله تعالى بعث إليه ملكًا، وقال: إن ربك يقرئك السلام بصبرك فاخرج إلى أندرك، فخرج إليه فأرسل الله عليه جرادًا من ذهب، فطارت واحدة فاتبعها وردها إلى أندره، فقال له الملك: أما يكفيك ما في أندرك؟ فقال: هذه بركة من بركات ربي ولا أشبع من بركته». أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي، أخبرنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر عن همام بن منبه، قال: أخبرنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما أيوب يغتسل عريانًا خرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيك عما ترى؟ قال: بلى يا رب؛ ولكن لا غنى بي عن بركتك». وقال قوم: آتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذين هلكوا، فأما الذين هلكوا فإنهم لم يردوا عليه في الدنيا، قال عكرمة: قيل لأيوب: إن أهلك لك في الآخرة، فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا، وإن شئت كانوا لك في الآخرة، وآتيناك مثلهم في الدنيا، فقال: يكونون لي في الآخرة، وأوتى مثلهم في الدنيا، فعلى هذا يكون معنى الآية: وآتيناه أهله في الآخرة ومثلهم معهم في الدنيا، وأراد بالأهل الأولاد. ﴿ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ﴾؛ أي: نعمةً من عندنا، ﴿ وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾؛ أي: عظة وعبرة لهم. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين) ♦ الآية: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (85). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَذَا الْكِفْلِ ﴾ هو رجل من بني إسرائيل تكفَّل بخلافة نبي في أمته فقام بذلك ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾؛ يعني: ابن إبراهيم، ﴿ وَإِدْرِيسَ ﴾، وهو أخنوخ، ﴿ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾، على أمر الله، واختلفوا في ذا الكفل. قال عطاء: إن نبيًّا من أنبياء بني إسرائيل أوحى الله إليه أني أريد قبض روحك، فاعرض ملكك على بني إسرائيل، فمن تكفَّل لك أن يصلي بالليل ولا يفتر، ويصوم بالنهار ولا يفطر، ويقضي بين الناس ولا يغضب، فادفع ملكك إليه ففعل ذلك، فقام شاب: فقال: أنا أتكفَّل لك بهذا فتكفل، ووفَّى به، فشكر الله له ونبَّأه فسمي ذا الكفل. قال مجاهد: لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلًا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر إليه كيف يعمل، قال: فجمع الناس، فقال: من يتقبل مني بثلاث أستخلفه: يصوم النهار ويقوم الليل، ويقضي بين الناس ولا يغضب، فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا فردَّه ذلك اليوم، وقال مثلها اليوم الآخر، فسكت الناس، وقام ذلك الرجل، فقال: أنا، فاستخلفه فأتاه إبليس في صورة شيخ ضعيف حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام بالليل والنهار إلا تلك النومة فدق الباب، فقال: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم، فقام ففتح الباب فقال الشيخ: إن بيني وبين قومي خصومةً، وإنهم ظلموني، وفعلوا وفعلوا، وجعل يطول حتى حضر الرواح، وذهبت القائلة، فقال له: إذا رحت فأتني حتى آخذ حقك فانطلق وراح، فكان في مجلسه ينظر هل يرى الشيخ فلم يره، فقام يبتغيه، فلما كان من الغد جلس يقضي بين الناس وينتظره فلا يراه، فلما رجع إلى القائلة فأخذ مضجعه أتاه فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال: الشيخ المظلوم ففتح له الباب فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فأتني؟ فقال: إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد، قالوا: نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني، قال فانطلق فإذا رحت فأتني، ففاتته القائلة وراح فجعل ينظر فلا يراه فشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعن أحدًا يقرب هذا الباب حتى أنام، فإنه قد شق عليَّ النوم، فلما كان تلك الساعة جاء، فلم يأذن له الرجل، فلما أعياه نظر فرأى كوةً في البيت فتسور منها، فإذا هو في البيت يدق الباب من داخل، فاستيقظ فقال: يا فلان، ألم آمرك، فقال: أما من قبلي فلم تؤت فانظر من أين أتيت، فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه، وإذا الرجل معه في البيت، فقال: أتنام والخصوم ببابك؟ فعرفه فقال: أعدو الله؟ قال: نعم أعييتني ففعلت ما ترى لأغضبك فعصمك الله، فسمي ذا الكفل؛ لأنه تكفل بأمر فوفَّى به. وقيل: إن إبليس جاءه، وقال: إن لي غريمًا يمطلني فأحب أن تقوم معي وتستوفي حقي منه، فانطلق معه حتى إذا كان في السوق خلاه وذهب، وروي: أنه اعتذر إليه، وقال: إن صاحبي هرب. وقيل: إن ذا الكفل رجل كفل أن يصلي كل ليلة مائة ركعة إلى أن يقبضه الله فوفى به، واختلفوا في أنه هل كان نبيًّا، فقال بعضهم: كان نبيًّا، وقيل: هو إلياس، وقيل: زكريا، وقال أبو موسى: لم يكن نبيًّا ولكن كان عبدًا صالحًا. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) ♦ الآية: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (87). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَذَا النُّونِ ﴾ واذكر صاحب الحوت، وهو يونس عليه السلام ﴿ إِذْ ذَهَبَ ﴾ من بين قومه ﴿ مُغَاضِبًا ﴾ لهم قبل أمرنا له بذلك ﴿ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ أن لن نقضي عليه ما قضينا من حبسه في بطن الحوت ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾ ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ حيث غاضبت قومي، وخرجت من بينهم قبل الإذن. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَذَا النُّونِ ﴾؛ أي: اذكر صاحب الحوت وهو يونس بن متى، ﴿ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ﴾، اختلفوا في معناه. فقال الضحاك: مغاضبًا لقومه، وهو رواية العوفي وغيره عن ابن عباس، قال: كان يونس وقومه يسكنون فلسطين فغزاهم ملك فسبى منهم تسعة أسباط ونصفًا، وبقي سبطًا ونصف، فأوحى الله إلى شعياء النبي أن سرْ إلى حزقيا الملك، وقل له حتى يوجه نبيًّا قويًّا، فإني ألقي هيبة في قلوب أولئك حتى يرسلوا معه بني إسرائيل، فقال له الملك فمن ترى، وكان في مملكته خمسة من الأنبياء، فقال يونس: فإنه قوي أمين، فدعا الملك بيونس، فأمره أن يخرج، فقال له يونس: هل أمرك الله بإخراجي؟ قال: لا، قال: فهل سمَّاني لك؟ قال: لا، فها هنا غيري أنبياء أقوياء، فألحوا عليه فخرج من بينهم مغاضبًا للنبي وللملك، ولقومه فأتى بحر الروم فركبه. وقال عروة بن الزبير وسعيد بن جبير وجماعة: ذهب عن قومه مغاضبًا لربه إذ كشف عن قومه العذاب بعد ما أوعدهم، وكره أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما أوعدهم واستحيا منهم، ولم يعلم السبب الذي به رفع العذاب، وكان غضبه أنفةً من ظهور خلف وعده، وأنه يسمى كذابًا لا كراهيةً لحكم الله تعالى. وفي بعض الأخبار أنه كان من عادة قومه أن يقتلوا من جربوا عليه الكذب فخشي أن يقتلوه لما لم يأتهم العذاب للميعاد، فغضب، والمغاضبة ها هنا كالمفاعلة التي تكون من واحد، كالمسافرة والمعاقبة، فمعنى قوله مغاضبًا أي غضبان. وقال الحسن: إنما غضب ربه عز وجل من أجل أنه أمره بالمسير إلى قومه لينذرهم بأسه ويدعوهم إليه فسأل ربه أن ينظره ليتأهب للشخوص إليهم، فقيل له: إن الأمر أسرع من ذلك حتى سأل أن ينظر إلى أن يأخذ نعلًا يلبسها فلم ينظره. وكان في خلقه ضيق فذهب مغاضبًا. وعن ابن عباس، قال: أتى جبريل يونس فقال: انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم، فقال: ألتمس دابةً قال: الأمر أعجل من ذلك فغضب فانطلق إلى السفينة. وقال وهب بن منبه: إن يونس بن متى كان عبدًا صالحًا، وكان في خلقه ضيق، فلما حمل عليه أثقال النبوة تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل الثقيل فقذفها من يده، وخرج هاربًا منها، فلذلك أخرجه الله من أولي العزم من الرسل، وقال لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقال: ﴿ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ [القلم: 48]، قوله: فظن أن لن نقدر عليه؛ أي: لن نقضي عليه بالعقوبة، قاله مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي، وهو رواية العوفي عن ابن عباس، يقال: قدر الله الشيء تقديرًا وقَدَر يَقْدُر قدْرًا بمعنًى واحد، ومنه قوله: ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ﴾ [الواقعة: 60] في قراءة من قرأها بالتخفيف، دليل هذا التأويل قراءة عمر بن عبدالعزيز والزهري: ﴿ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ بالتشديد، وقال عطاء وكثير من العلماء: معناه: فظن أن لن نضيق عليه الحبس؛ كقوله تعالى: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾ [الرعد: 26]؛ أي: يضيق. وقال ابن زيد: هو استفهام، معناه: أفظن أنه يُعجزُ ربَّه، فلا يقدر عليه، وقرأ يعقوب يُقدر بضم الياء على المجهول خفيف. وعن الحسن قال: بلغني أن يونس لما أصاب الذنب انطلق مغاضبًا لربِّه واستزله الشيطان حتى ظن أن لن نقدر عليه، وكان له سلف وعبادة فأبى الله أن يدعه للشيطان، فقذفه في بطن الحوت، فمكث فيه أربعين من بين يوم وليلة. وقال عطاء: سبعة أيام، وقيل: ثلاثة أيام. وقيل: إن الحوت ذهب به مسيرة ستة آلاف سنة. وقيل: بلغ به تخوم الأرض السابعة فتاب إلى ربه تعالى في بطن الحوت، وراجع نفسه فقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، حين عصيتك وما صنعت من شيء، فلن أعبد غيرك، فأخرجه الله من بطن الحوت برحمته، والتأويلات المتقدمة أولى بحال الأنبياء أنه ذهب مغاضبًا لقومه أو للملك، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، يعني ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت. وروي عن أبي هريرة مرفوعًا: ((أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحمًا، ولا تكسر له عظمًا، فأخذه ثم هوى به إلى مسكنه في البحر، فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسًّا، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه: أن هذا تسبيح دواب البحر، قال: فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: يا ربنا نسمع صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة))، وفي رواية: ((صوتًا معروفًا من مكان مجهول))، فقال: ذاك عبدي يونس عصاني، فحبسته في بطن الحوت، فقالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، فشفعوا له، عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله تعالى: ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 145]. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 0 والزوار 14) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |