|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() المحبة بين العبـد وربـه هناك حب عقلي، و حب عاطفي، و هذا ما يحدث في المجال البشري، لكن بالنسبة لله فلا ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِيسَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) (المائدة:54) فما هو الحب؟ إنه ودادة القلب، و نعرف أن هناك لوناً من الحب بتحكم فيه العقل، و لوناً آخر من الحب لايتحكم فيه العقل، و لكن تتحكم فيه العاطفة. و الحب العقلي هو إيثار النافع. و مثال ذلك: نجد الوالد لابن غبي يحب ابناً ذكياً لإنسان غيره. فالوالد هنا يحبُّ ابنه الغبي بعاطفته، و لكن يحب ابن جاره، لأنه يمتلك رصيداً من الذكاء. إذن؛ هناك حب عقلي، و حب عاطفي، و هذا ما يحدث في المجال البشري، لكن بالنسبة لله فلا فحب الله تعالى لا تقل فيه أيها المؤمن: هل هو حب عقلي، أم حب عاطفي؟ لأن المراد بحب الله هو دوام فيوضاته على من يحب، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فالحق يلقاه في دوام نعمه، و يتجلى عليه برؤيته. و الحب بين الله و عباده المؤمنين حب متبادل، و يقول سبحانه في هذا: ((دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )) فحين يحبون الله يرد سبحانه على تحية الحب بحب زائد، و هم يردون على تحية الحب منه سبحانه بحب زائد، و هكذا تتوالى زيادات و زيادات، حتى نصل إلى قمة الحب. و قد يحبون الله بعقولهم، ثم يتسامى الحب إلى أن يصير بعاطفتهم، و قد يجرب ذلك حين يجريالله على أناس أشياء هي شرٌ في ظاهرها، و لكنهم يظلون على عشق لله. و معنى ذلك أنحبهم لله انتقل من عقولهم إلى عاطفتهم. و الحب عند الله لا نهاية له، و سبحانه يرسل إمداداته في كل لحظه، و لا تنتهي إمداداته على الخلق أبداً، و سبحانه يصف نفسه بأنه القيوم فاطمئنوا أنتم، فإن كنتم تريدون أن تناموا فناموا، فربكم لا تأخذه لا سنة ولا نوم. و الحق سبحانه و تعالى يصف نفسه : ((بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُكَيْفَ يَشَاءُ))(المائدة: من الآية64) أي أنه سبحانه يطمئن الخلق أنهم بمجرد إيمانهم ستأتيهم إمدادات الله و فيوضاته المعنوية و المادية، فصحح جهاز استقبالك، بألا توجد فيه نجاسة حسية أو نجاسة معنوية. و لذلك رأيت إنسانا عنده فيوضات من الحقفاعلم أن ذرات جسمه مبنية من حلال، و لا توجد به قذارة معنوية، و لا قذارة حسية. ويتضح ذلك كله على ملامح وجهه، و في كلماته، و حسن استقباله، و إن كان أسمر اللون فنجده يأسرك و يخطف قلبك بنورانيته، و قد تجد إنسانا أبيض اللون، لكن ليس في وجهه نور، لأن فيوضات ربنا غير متجلية عليه. و كيف تأتي الفيوضات؟ إنها تأتي بتنقية النفس، لأن إلانسان إن افتقر إلى الفيوضات الربانية فعليه أن يبحث في جهازه الاستقبالي. و أضرب هنا مثلا – و لله المثل الأعلى – بالإرسال الإذاعي، فمحطات الإذاعة ترسل، و من يملك جهاز استقبال سليم فهو يلتقط البث الإذاعي، أما إن كانجهاز الإستقبال فاسداً فهذا يعني أن محطات الإذاعة لا تبث برامجها, و لذلك قالسبحانه : ((بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)) فاحرص دائما أن تتناول من يد ربك المددالذي لا ينتهي. من كتاب شرح الأحاديث القدسية للداعية محمد متولي الشعراوي رحمه الله |
#12
|
||||
|
||||
![]() نور على نور
بيوت الله تقبل عليها ليفيض منها نور الحق على الخلق قالتعالى : ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال، رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُِ)) (النور:37،36) كأن النور على النور يأتي من مطالع الهدى إلى المساجد، فهي بيوت الله تقبل عليها ليفيض منها نور الحق على الخلق. و الإنسان الصادق لا تلهيه تجارة عن ذكر الله، وليكن الله على بال المؤمن دائما، فعندما يكون الإنسان على ذكر الله فالله يعطيه من مدده. فأنت حين تذهب إلى المسجد لتلقى الله، فذلك النور، و تصلى له فذلك النور، وتخرج من هذا النور بنور يهبط عليه في بيته. و كل هذا نور على نور، فمن أن أراد أن يتعرض لهذا لنفحات نور الله عزوجل فليكثر من الذهاب إلى بيت الله. و للمساجد مهابة النور لأنها مكان للصلاة، و نعلم أن الصلاة هي الخلوة التي بين العبد و ربه، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا حزبه أمر قام إلى الصلاة. و أنت إذا ما اتبعت حضرة النبي صلى الله عليه و سلم وتصلى ركعتين لله إن حزبك أمر، و عزت عليك مسألة وكانت فوق أسبابك، ثم ذهبت بها إلى الله، فلن يخرجك الله إلا راضياً: ((فِي بُيُوتٍأَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)) (النور:36) و الغدو و الآصال، هي أزمنة النهار، و أزمنة الليل. و لماذا أزمنة أول النهار، و أزمنة أول الليل؟ لأن هذه الأزمنة هي التي يطلبفيها الذكر، فقبل أن تخرج للعمل في أول النهار أنت تحتاج لشحنة من العزيمة تقابلبها العمل من أجل مطالب الحياة. و في نهاية النهار، أنت تحتاج أن تركن إلى ربك ليزيح عنك متاعب هذا اليوم. لذلك إياك أن تشغلك الحياة عن واهب الحياة، و لك أن تذكرربنا و أنت تعيش مع كل عمل تؤديه و تقوم به. و أن تقابل كل نتيجة للعمل بكلمة:الحمد لله. وعندما ترى شيء جميل من الوهاب- سبحانه وتعالى- يجب عليك أن تقول ![]() و عندما ترى أي شيء يعجبك تقول: (سبحان الله) إن الحق سبحانه و تعالى يجزيك من فيض كرمه من ساعة تنوي زيارته في بيته، فأنت في صلاة و ذكر منذ أن تبدأ في الوضوء في بيتك استعداداً للصلاة في المسجد؛ لأنه سبحانه و تعالى يريد أن يطيل عليك نعمة أن تكون في حضرته. و بيت الله مفتوح دائماً، فهو سبحانه يلقاك في أي وقت، وتدعوه بما تشاء و تطيل في حضرته كما تريد. من كتاب شرح الأحاديث القدسية للداعية محمد متولي الشعراوي رحمه الله |
#13
|
||||
|
||||
![]() (تعديل)
وعندما ترى شيء جميل من الوهاب- سبحانه وتعالى- يجب عليك أن تقول (ماشاء الله) |
#14
|
||||
|
||||
![]() وصف الشيطان
الفرق بين وصف الشيطان .. وبين الشيطان نفسه .. الشيطان كوصف عام معناه كل ما يبعد الناس عن طاعة الله وعن منطق الحق , وكل من يغري بالمعصية .. ويحاول أن يدفع الإنسان إلى الشر .. كل واحد من هؤلاء هو شيطان ويجب أن نعلم ان هناك شياطين من الجن .. وشياطين من الانس .. ويجمعهم وصف واحد , كما يجمعهم الاتحاد في المهمة التي هي نشر المعصية والافساد في الأرض .. شياطين الجن هم العصاة من الجن الذين يصدون عن الحق ويدعون إلى الكفر , وشياطين الإنس يقومون بنفس المهمة .. إذن فاللفظ هنا وصف لمهمة معينة .. وليس إشارة إلى شخص باسمه , فكل من دعا إلى الكفر والشرك والعصيان .. هو شيطان أما ابليس فهو - شيطان - من الجن .. وكانت له منزلة عالية .. حتى قيل انه كان يعيش مع الملائكة .. ابليس هذا هو خلق من خلق الله , ولكنه يختلف عن الملائكة في انه خلق مختارا .. وهو لا يستطيع ان يتمرد على ( أمر الله ) وإن أُعطى حق الاختيار , وانما يستطيع بما له من اختيار .. ان يتمرد على ( الطاعة ) لهذا كان خروج ابليس عن طاعة الله .. ليس تمردا على أمر الله .. ولكنه عدم طاعة الله بمشيئة الله سبحانه وتعالى التي شاءت أن يخلقه مختارا .. قادرا على الطاعة .. وقادرا على المعصية هذه المشيئة هي التي نفذ منها إبليس .. وينفذ منها كل عاص بعدم طاعة الله .. وهذه نقطة لا بد ان نفهمها .. فلا شيء في كون الله سبحانه وتعالى .. يتمرد على أمر الله , ولكن الله خلق خلقا مقهورين على الطاعة ( هم الملائكة ) . وخلقا مختارين في أن يطيعوا أو يعصوا ( الانس والجن ) ومن خلال هذه الارادة . إرادة الله سبحانه وتعالى في أن يخلق خلقا قادرين على الطاعة , وقادرين على المعصية .. جاءت المعصية على الأرض على ان هناك حديثا طويلا عن معصية ابليس .. بعضهم يقول كيف يحاسب إبليس لأنه رفض أن يسجد لغير الله ؟ .. والله أمر ابليس أن يسجد لآدم .. وإبليس رفض أن يسجد لغير الله الذين يشيعون هذا الكلام .. من الملحدين وغيرهم .. نقول لهم إنكم لم تفهموا معنى العبادة .. فالعبادة هي إطاعة المخلوق لأوامر خالقه .. ومن هنا فإننا عندما يقول الله سبحانه وتعالى لنا أن نصلي خمس مرات في اليوم .. فالصلاة هنا تكون عبادة وطاعة الله .. وكذلك الزكاة .. وكذلك الصوم .. وكذلك الحج .. وكذلك كل ما أمر الله به .. عبادة الله هي طاعته .. وعصيان أمر الله هو معصيته ونحن لا نناقش الأمر مع الله سبحانه وتعالى .. وإنما نطيعه . فلا نقول مثلا لماذا نصلي خمس ركعات .. ولا نصلي أربعا أو ثلاثا او اثنتين .. لا نرد أبد الأمر على الله .. ولكننا نطيع حتى ولو لم نعرف الحكمة .. حتى ولو لم ندرك السبب .. لأن العلة في العبادة هي أنها من الآمر .. أي من الله سبحانه وتعالى مهمتنا أن نستوثق أن الأمر من الله .. وما دام الأمر من الله .. فالعلة في تنفيذ الأمر .. أو السبب في تنفيذه ان الله هو الذي قال .. أما غير ذلك فليس موضوعا للمناقشة ومهمة العقل البشري هي الاستدلال على أن لهذا الكون إلها خلقه وأوجده .. وأن هذا الاله هو الذي خلقنا .. وخلق نظاما غاية في الدقة والابداع .. وكونا غاية في الاعجاز لا يمكن أن يوجد إلا بخالق عظيم .. فإذا وصلنا إلى هذه النقطة يكون هذا بداية الإيمان .. ولكن عقولنا القاصرة .. وقد وصلت إلى هذا الحد لا يمكن أن تتجاوزه .. وهي لا يمكن أن تعلم مثلا .. من هو هذا الخالق العظيم ؟ .. وما اسمه ؟ وماذا يريد منا ؟ .. ولماذا خلقنا ؟ وهنا يأتي دور الرسل ليكتمل كل شيء .. يرسل الله سبحانه وتعالى رسولا .. مؤيدا بمعجزة من السماء .. يخرق قوانين الكون .. ويقوم هذا الرسول بإبلاغ الناس .. بأن الله جل جلاله .. هو الذي خلق هذا الكون .. وهو الذي سخره لخدمة الإنسان .. حتى القوى العظيمة في الكون .. التي تفوق قدرات الإنسان ملايين المرات .. كالشمس مثلا والبحار والنجوم وغير ذلك .. كل هذه القوى مسخرة لخدمة الإنسان لشمس تشرق كل صباح لا تستطيع ان تعصى .. ولا أن تقول لن أشرق اليوم .. والبحار يتبخر منها الماء الذي ينزل منه المطر .. فلا هي عصت يوما .. وقالت إن مياهي لن تتبخر .. ولا هي تستطيع أن تمنع تبخر مياهها .. ليمتنع المطر عن الأرض إذن مهمة الرسل .. هي إخبارنا بأن الله خلق كل هذا الوجود وسخره لنا .. وأنه يريد منا أن نعبده .. ونفعل كذا وكذا أي أنهم يحملون الينا منهج عبادة الله .. والله سبحانه وتعالى يؤيدهم بمعجزات .. نعلم جميعا أنها فوق قدرات البشر .. كل البشر .. حتى نتأكد من أنهم فعلا رسل الله . وحتى لا يأتي مدع او شيطان يدعي الرسالة ليضل الناس فإذا عرفنا ما يريده الحق جل جلاله منا , فإن علينا السمع والطاعة .. والسمع والطاعة هنا سببهما أن الأمر صادر من اله جل جلاله .. فهو بعلمه يعلم ونحن لا نعلم .. وبحكمته يعرف صلاح كونه , ونحن بحمقنا قد نفعل الشر ونظن أنه خير الله سبحانه بكل صفات كما له .. واجب العبادة .. والإنسان إذا ناقش .. فإن من البديهي أن يناقش مساويا له في علمه .. فالطبيب يناقش طبيبا .. والمهندس يناقش مهندسا .. ولكن الطبيب لا يناقش - لكن يكون مجديا - يجب أن يتم بين متساويين - فمن منا يساوي الله جل جلاله في علمه أو في قدرته .. أو في أي علم من العلوم حتى نناقشه فيما أم رأو نهى ؟ ! واقرأ قول الله عزوجل في كتابه الكريم : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) سورة الاحزاب - من الاية 36 واقرأ قول الحق سبحانه : ( ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) سورة البقرة - الاية 285 من كتاب الشيطان والإنسان لمحمد متولي الشعراوي |
#15
|
||||
|
||||
![]() هوى النفس
قال تعالى : (( وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ )) لماذا يذكرنا الله بعمليه اتباع الهوى؟ هوي النفس؟ إن ذلك لعدة أسباب منها: أن الله سبحانه و تعالى قد جعل منهجه قائما على الحق، و الحق غالبا ما يكون ضد ما تهوى النفس. فالنفس تهوى أن تأخذ ما لا حق لها فيه، تهوى مثلا أن تأخذ شقة جارك و ماله و أثاثه و كل ما يمتلك و تضمه إلى ما تملك. و النفس تهوى الفائدة العاجلة، و هي في سبيل ذلك تكذب و تزور و تنافق، دون أن ترى أثر ذلك كله على المجتمع و كيف أنها تفسده. و النفس تهوى أن تكون لها الكبرياء في الأرض، و أن تحصل على كل ما تريد دونما عناء أو مشقه. و لكن هل يستقيم المجتمع الإنساني بهوى النفس؟ ماذا يمكن أن يحدث لو أطلقنا العنان و أبحنا لكل انسان أن يسرق من المال ما يريد، و أن يأخذ من حقوق غيره ما يشاء، و أن يستبعد البشر و يسخرهم لخدمته؟ ما الذي يمكن أن يحدث في الكون؟ إلا أن يتحول الكون كله إلى مجموعة من العصابات و القتله، و يصبح كل إنسان غير آمن على حياته و لا على بيته؟ فبدلا من أن يسخر طاقاته لعمارة الأرض و يسخرها لحماية نفسه، و تصبح الدنيا كلها مجموعة من الفوضى بلا نظام و لا آمن، و بلا معنى لكي تضع قوانين الحماية لكل فرد لتستقيم الحياة. إذن فالمسألة هنا ضرورة، يلجأ الناس إليها ليقوم المجتمع، و عندما يبتعد الناس عنها يفسد المجتمع، و يتحكم فيه هوى النفس فيكثر الظلم و الرشوة و الاختلاس و الفساد و الفاحشة. و الذي يتخذ هوى النفس وسيلة ينسى أن الله سبحانه و تعالى قد نظم الحياة ليحمي حق كل فرد فينا، ذلك أنه حرم علي مال غيري، و حرم مال غيري على المجتمع كله، فالمستفيد من قوانين الله هو كل فرد في المجتمع. و الله سبحانه و تعالى يعاملنا بحق الربوبيه، و لذلك يرعى حقوقنا جميعاً و لا يبيح لمسلم أن يسرق كافرا، ولا لمؤمن أن يعتدي على عرض غير المؤمن. فكل منا له حقوق التي يجب أن يحترمها الجميع، يصرف النظر إلى درجة إيمانه؟. و لذلك عندما سرق مسلم من يهودي، و أراد الصحابة أن يمالئوا المسلم و يتهموا اليهودي بالسرقة نزل قول الله سبحانه و تعالى : ((إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا 105 وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 106 وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا 107 يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا 108 هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً 109 )) و كان هذا القول فيه حسم لئلا يحاول الناس ممالاة إنسان لأنه مسلم على حساب الحق، ذلك لأن الله سبحانه و تعالى- و هو الحق- لا يرضى في منهجه بظلم مهما كانت أسبابه، بل إن من قوة منهج الله أنه يحفظ حقوق الناس جميعا، حتى إذا جاء من لا يؤمن بهذا الدين يقع في خصومه مع من يؤمن به ووجد أن القضاء هذا لصالحه، و وجد أن الدين لم يسلبه حقه، و لم يبح ظلمه لأنه لا يؤمن به؛ أحس بعظمه دين الله و بأنه دين الحق، و ربما دخل فيه و اعتنقه. فإذا لم لم يعتنقه كان هناك دوي في المجتمع كله عن هذا الدين الذي هو مع الحق وحده، دون النظر لأي اعتبار آخر، و في هذا يحس الجميع بأن هذا الدين هو دين الحق لم يضعه بشر، و لم ينبع عن هوى حتى إذا كان ذلك يخدم أؤلئك الذي اتبعوه، بل نبع عن الحق المطلق الذي لا يأتي إلا من الله سبحانه و تعالى. إذن فأعدى أعداء منهج الله هو هوى النفس، الذي يريد أن يقلب الباطل حقاً، و أن يعطي لكل إنسان ما لا يستحقه، ظلماً. و لذلك فإن الله سبحانه و تعالى بخبرنا أن ذلك الذي أخلد إلى الأرض و اعتبرها هي دار الخلود و عمل من أجلها فقط لا يفعل شيئا إلا للمادة، و زاد على ذلك بأنه ابتع هوى النفس الذي يهدم كل عدل في المجتمع و يشيع الظلم و الفساد. حينما يفعل أي إنسان ذلك يكون قد ابتعد عن مشيئة الهداية لله سبحانه و تعالى فيتلقه الشيطان و يجعله يتخبط بين مادية الأرض و هوى النفس فيأخذ به الفساد، و يتخذه أداة لظلم الناس و الإعتداء عليهم و سرقة حقوقهم. من كتاب أمثال القرآن الكريم للداعية الشيخ محمد متولي الشعرواي رحمه الله |
#16
|
||||
|
||||
![]() العبودية لله وحده
و لو أراد الله سبحانه و تعالى من عباده الصلاة و التسبيح فقط لما خلقهم مختارين، بل خلقهم مقهورين لعبادته ككل ما خلق ما عدا الإنس و الجن، فهو سبحانه يريد من الإنس و الجن عبادة المحبوبية.. و لذلك خلقنا و لنا اختيار في أن نأتيه أو لا نأتيه.. في أن نطيعه أو نعصيه.. في أن نؤمن به أو لا نؤمن. قال تعالى في فاتحة الكتاب: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) و عندما نقول : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) أي أننا نعبد الله وحده. إذن فالمطلوب منها هو العبادة. فالله سبحانه و تعالى خلقنا لنعبده، و لكن علة الخلق ليست لأن هذه العبادة ستزيد شيئاً من ملكه، و إنما عبادتنا تعود علينا نحن بالخير في الدنيا و الآخرة، فالمأمور هو الذي سينتفع بها. و رب العزة سبحانه يقول في الحديث القدسي: ( يا عبادي؛ إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني و لن تبلغوا نفعي فتنفعي، يا عبادي، لو أن أولكم و آخركم و إنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً.. يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً) فعبادتك له لن تنفعه سبحانه بشيء و لن يزيد في ملكه شيئاً، و معصيتك و عدم عبادتك له لن تضره بشيء و لن تنقص من ملكه شيئاً، فسبحانه لا يلحقه ضرراً بذنبك، و إنما الذنب يلحقك أنت. و الله سبحانه و تعالى خلقنا في الحياة لنعبده... مصداقاً لقوله تعالى ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) إذن؛ فعلة الخلق هي العبادة، و لقد تم الخلق العبادة و تصبح واقعاً. و العبادة هي إطاعة العابد لأمر المعبود، و هكذا يجب أن نفطن إلى أن العبادة لا تقتصر على إقامة الأركان التعبدية في الدين من شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله، و إقامة الصلاة، و إيتاء الزكاة، و صوم رمضان، و حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. إن هذه هي أركان الإسلام، و لا يستقيم أن ينفصل الإنسان عن ربه بين أوقات الأركان التعبدية. إن الأركان التعبدية لازمة؛ لأنها تشحن الطاقة الإيمانية في النفس حتى تقبل على العمل الخاص بعمارة الدنيا، و يجب أن نفطن إلى أن العبادة في الدنيا هي كل حركة تؤدي إلى إسعاد الناس و عمارة الكون. و يجب أن نعرف أن الأركان التعبدية هي تقسيم اصطلاحي وضعه العلماء في الفقه كباب العبادات و باب المعاملات. لكن علينا أن نعرف أن كل شيء يأمر به الله اسمه (عبادة) إذن؛ فالعبادة منها ما يصل العبد إلى المعبود ليأخذ الشحنة الإيمانية من خالقه، خالق الكون، و منها ما يتصل بعمارة الكون. و لذلك قلنا: إنك حينما تتقبل من الله أمراً بعبادة ما، فأنت تتلقاه و أنت موصول بأسباب الله بحثاً عن الرزق و غير ذلك من أمور الحياة. فالعبادة منهج يشمل الحياة كلها.. في بيتك، و في عملك، و في السعي في الأرض؟ و لو أراد الله سبحانه و تعالى من عباده الصلاة و التسبيح فقط لما خلقهم مختارين، بل خلقهم مقهورين لعبادته ككل ما خلق ما عدا الإنس و الجن، فهو سبحانه يريد من الإنس و الجن عبادة المحبوبية.. و لذلك خلقنا و لنا اختيار في أن نأتيه أو لا نأتيه.. في أن نطيعه أو نعصيه.. في أن نؤمن به أو لا نؤمن. فإذا كنت تحب الله فأنت تأتيه عن اختيار، تتنازل عما يغضبه حباً فيه، و ليس قهراً، فإذا تخليت عن اختيارك إلى مرادات الله في منهجه تكون قد حققت عبادة المحبوبية لله تبارك و تعالى، و تكون أصبحت من عباد الله و ليس من عبيد الله، فكلنا عبيد لله سبحانه وتعالى، و العبيد متساوون فيما يقهرون عليه، و لكن العباد الذين يتنازلون عن منطقة الاختيار لمراد الله في التكاليف. و لذلك فإن الله جل جلاله يفرق في القرآن الكريم بين العباد و العبيد. و يقول تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) و يقول سبحانه وتعالى : ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا 63 وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا 64 وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا )) و هكذا نرى أن الله سبحانه و تعالى أعطى أوصاف المؤمنين و سماهم عباداً، و لكن عندما يتحدث عن البشر جميعا يقول عبيد.. مصداقاً لقوله تعالى: ((ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ )) و الله سبحانه و تعالى قد أعطى الإنسان اختياره في الحياة الدنيا في العبودية، فلم يقهره في شيء، و لا يلزم غير المؤمن به بأي تكليف. من كتاب شرح الأحاديث القدسية للداعية الشيخ: محمد متولي الشعراوي رحمه الله |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
في ذكرى استشهاد الشيخ احمد ياسين رحمه الله | د / أحمد محمد باذيب | فلسطين والأقصى الجريح | 2 | 23-03-2009 05:49 AM |
:::: مع سيد قطب رحمه الله :::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية | 2 | 03-03-2007 07:04 AM |
ترجمة الإمام الفقيه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله .... | أبودجانة | الملتقى العام | 0 | 07-04-2006 06:01 PM |
تخيلوا موقع لتفسير القران كاملا بصوت الشيخ الشعراوي !! | fonceur2 | الملتقى الاسلامي العام | 7 | 09-02-2006 04:39 AM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |