تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 162 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4974 - عددالزوار : 2091538 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4552 - عددالزوار : 1366290 )           »          شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 409 - عددالزوار : 58145 )           »          روائع قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السلطان نور الدين والقبر النبوي الشريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          وليمة جابر بن عبد الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          سمك العنبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الصحابي عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أو حسبت أن نيل العلا بالتمني..؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-08-2022, 08:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الواقعة - (1)
الحلقة (814)

سورة الواقعة
مكية
وآياتها ست وتسعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 237الى صــــ 242)

سورة الواقعة
مكية
وآياتها ست وتسعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم

إذا وقعت الواقعة (1) ليس لوقعتها كاذبة (2) خافضة رافعة (3) إذا رجت الأرض رجا (4) وبست الجبال بسا (5) فكانت هباء منبثا (6) وكنتم أزواجا ثلاثة (7) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8) وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة (9) والسابقون السابقون (10) أولئك المقربون (11) في جنات النعيم (12)

شرح الكلمات:
إذا وقعت الواقعة: أي قامت القيامة وقال فيها لأنها واقعة لا محالة.
ليس لوقعتها كاذبة: أي نفس تكذب بها بأن تنفيها كما نفتها في الدنيا.
خافضة رافعة: أي مظهرة لخفض أقوام بدخولهم النار, ولرفع آخرين بدخولهم الجنة.
إذا رجت الأرض رجا: أي حركت حركة شديدة.
وبست الجبال بسا: أي فتتت تفتيتا.
فكانت هباء منبثا: أي غبارا منتشرا.
وكنتم أزواجا ثلاثة: أي في القيامة أصنافا ثلاثة.
فأصحاب الميمنة: أي الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم.
ما أصحاب الميمنة: أي تعظيم لشأنهم بدخولهم الجنة.
وأصحاب المشأمة: أي الشمال الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم.
ما أصحاب المشأمة: أي تحقير لشأنهم بدخولهم النار.
والسابقون: أي إلى الخير وهم الذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة في أول الدعوة.
السابقون: تعظيم لشأنهم.
أولئك المقربون: أي هم المقربون الذين يقربهم الله منه يوم القيامة إذا أدخلهم الجنة.
في جنات النعيم: في بساتين النعيم الدائم.
معنى الآيات:
قوله تعالى في تقرير البعث والجزاء الذي كذب به المشركون وأنكروه في إصرار وعناد {إذا 1وقعت الواقعة} أي إذا قامت القيامة {ليس لوقعتها كاذبة} أي نفس تكذب بها إذ يؤمن بها الجميع، خافضة لأقوام أي مظهرة لحالهم بأنهم أهل النار، رافعة لآخرين مظهرة لحالهم لأنهم من أهل الجنة. وقوله: {إذا رجت2 الأرض رجا} أي حركت حركة شديدة، {وبست الجبال3 بسا} أي إذا بست الجبال أي فتتت تفتيتا {فكانت4 هباء منبثا} أي غبارا منتشرا.
وقوله تعالى {وكنتم} أي أيها الناس {أزواجا} أي أنواعا ثلاثة: أصحاب اليمين وأصحاب الشمال والمقربون فأصحاب الميمنة أو الذين يؤتون كتبهم بإيمانهم ما أصحاب5 الميمنة أي أ، شأنهم عظيم وذلك بدخولهم الجنة دار النعيم. وأصحاب المشأمة وهم أصحاب الشمال أي اليساريون الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم أي بمياسرهم ما أصحاب المشأمة أي شأنهم حقير وذلك بدخولهم النار. والسابقون إلى الإيمان والطاعة في أول ظهور الدعوة 6السابقون هذا تعظيم لشأنهم وإعلان عن فوزهم وكرامتهم في جنات النعيم وهي بساتين ذات نعيم دائم جعلنا الله منهم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير البعث والجزاء في الآخرة.
2- الإيمان والتقوى يرفعان والشرك والمعاصي يضعان ويخفضان.
3- السابقون إلى الطاعات لهم فضل الأسبقية في كل زمان زمكان.
4- اليساريون هم أشقياء الدنيا والآخرة. لأنهم عندما أخذ غيرهم ذات اليمين طالبين الإيمان والاستقامة أخذوا هم ذات الشمال طالبين الكفر والفسوق.
__________

1 (الواقعة) علم بالغلبة على القيامة، وأصل الواقعة: الحادثة، ومن ذلك قولهم واقعة أحد أو بدر مثلا، وإذا ظرف ضمن معنى الشرط متعلق بالكون المقدر في قوله: {في جنات النعيم} و {ليس لوقعتها} مستأنفة بيانية.
2 (إذا رجت الأرض) بدل من (إذا) الأولى، وجواب الشرط (إذا) الأولى والمبدلة منها هو قوله: (فأصحاب الميمنة) .. الخ.
3 البث: بمعنى التفتت للأجزاء المجموعة، ومنه: البسيسة: للسويق ويطلق البث على السوق للماشية، وفي الحديث: "فيأتي قوم فيبسون بأموالهم وأهليهم- أي: يسوقونهم - والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون".
4 الهباء: ما يلوح في خيوط شعاع الشمس من دقيق الغبار.
(أصحاب الميمنة) : (ما) مبتدأ والخبر: أصحاب الميمنة، والجملة خبر فأصحاب الميمنة وكذا (ما أصحاب المشأمة) .
6 يجوز أن يكون (السابقون) : خبر عن الأول، وجملة: (أولئك المقربون) مستأنفة، ويجوز أن يكون (السابقون) الثاني: ويجوز أن تكون تأكيدا للأول، والخبر: جملة (أولائك) .

****************************** *

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-08-2022, 08:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة (15) متكئين عليها متقابلين (16) يطوف عليهم ولدان مخلدون (17) بأكواب وأباريق وكأس من معين (18) لا يصدعون عنها ولا ينزفون (19) وفاكهة مما يتخيرون (20) ولحم طير مما يشتهون (21) وحور عين (22) جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما (25) إلا قيلا سلاما سلاما (26)
شرح الكلمات:

ثلة من الأولين: أي جماعة من الأمم الماضية.
وقليل من الآخرين: أي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. هؤلاء هم السابقون.
على سرر موضونة: أي منسوجة مشبكة بالذهب والجواهر.
ولدان مخلدون: أي على شكل الأولاد لا يهرمون فيخدمونهم أبدا.
بأكواب وأباريق: يطوف عليهم الولدان الخدم بأكواب وهي أقداح لا عرا لها, وأباريق لها عرا
وخراطيم.
وكأس من معين: أي وإناء لشرب الحمر ومعين بمعنى جارية من نهر لا ينقطع أبدا.
لا يصدعون: أي لا يحصل لهم من شربها صداع.
ولا ينزفون: أي ولا تذهب عقولهم يقال نزف الشارب وأنزف إذا ذهب عقله بالسكر.
وفاكهه مما يتخيرون: أي يختارون منها ما يروق لهم ويعجبهم وإن كانت كلها معجبة.
وحور عين: أي ولهم نساء بيض عين أي واسعة الأعين وشديدات سواد العيون وبياضها.
كأمثال اللؤلؤ المكنون: أي أولئك الحور العين هن في جمالهن وصفائهن كأمثال اللؤلؤ المصون.
لغوا ولا تأثيما: أي لا يسمعون في الجنة لغوا أي فاحش الكلام وما لا خير فيه ولا ما يوقع في
الإثم.
إلا قيلا سلاما سلاما: إلا قولا سلاما سلاما أي لا يسمعون إلا السلام من الملائكة ومن بعضهم بعضا.
معنى الآيات:
ما زال السياق في بيان أحوال الناس إذا قامت القيامة فذكر أنهم يصيرون أصنافا ثلاثة أصحاب يمين وأصحاب شمال وسابقين. وهنا يقول في السابقين إنهم ثلة أي جماعة من الأولين أي1 من الأمم الماضية الذين أسلموا وسبقوا إلى الإسلام مع أنبيائهم, وقيل من الآخرين2 أي من هذه الأمة أمة محم صلى الله عليه وسلم وهم الذين سبقوا إلى الإيمان والمجرة والجهاد يذكر نعيمهم فيقول وقوله الحق: {على سرر موضونة} أي إنهم على سرر موضونة أي منسوجة ومشبكة بالذهب والجواهر, حال كونهم متكئين عليها متقابلين لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر بل إلى وجهه, {يطوف عليهم} أي لللخدمة {ولدان} غلمان {مخلدون3} لا يكبرون فيهرمون ولا يتغيرون بل يبقون كذلك أبدا يطوفون عليهم بأكواب جمع كوب وهو قدح لا عروة له, وأباريق جمع إبريق وهو إناء له عروة وخرطوم, {وكأس من معين} والكأس هنا إناء شرب الجمر والمعين ما كان جاريا لا ينضب والمراد بكأس من نهر الخمر.
وقوله تعالى {لا يصدعون4 عنها} أي لا يصيبهم صداع من شربها, ولا ينزفون5 أي لا تذهب عقولهم بشربها بخلاف خمر الدنيا فإنها تصيب شاربها بالصداع وذهاب العقل غالبا وقوله تعالى {وفاكهة} ويطوف عليهم الغلمان بفاكهة وهو ما يتفكه به وليس بغذاء رئيسي وهو من سائر الفواكه, مما يتخيرون أي يختارون. ولحم طير مما يشتهون أي مما تشتهيه أنفسهم.
وقوله {وحور عين} أي ولهم في الجنة حور عين يستمتعون بهن, واحدة الحور حوراء. وهي البيضاء وواحدة العين العيناء وهو واسعة العينين والحور في العين أن يكون بياضها أكثر من
سوادها وهو ضرب من الجمال, وقوله {كأمثال اللؤلؤ المكنون} أي المصون في كنه أو صدفه.
يريد أنهن جميلات مصونات غير مبتذلات وقد تقدم في الرحمن أنهن مقصورات في الخيام.
وقوله تعالى {جزاء بما كانوا يعملون} أي جزاهم ربهم جزاهم بما كانوا يعملونه من الصالحات بعد الإيمان والتوحيد وترك المعاصي.
وقوله تعالى وهو من إتمام النعيم أنهم لا يسمعون في جنات النعيم ما يكدر صفو نعيمهم أو ينغص لذة حياتهم من قول بذيء سيء فلا يسمعون فيها أي في الجنة لغوا أي6 كلاما فاحشا ولا تأثيما وهو ما يؤثم قائله وسامعه. إلا قيلا أي قولا سلاما سلاما أي إلا ما كان من سلام الرب تعالى عليهم وهو أكبر نعيمهم وسلام الملائكة عليهم وسلام بعضهم على بعض اللهم اجعلنا منهم قل آمين أيها القاريء واطمع فإن ربنا غفور رحيم سميع الدعاء قريب مجيب.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير البعث والجزاء بذكر أحوال الدار الآخرة.
2- بيان شيء من نعيم أهل الجنة وخاصة السابقين منهم.
3- بيان أن السابقين يكونون من سائر الأمم المسلمة.
4-بيان فضل خمر الجنة على خمر الدنيا المحرمة.
5- تقرير قاعدة أن الجزاء من جنس العمل.
__________

1 قوله: (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) اعتراض بين جملة (في جنات النعيم) وجملة: (على سرر موضونة) وثلة: خبر لمبتدأ محذوف أي هم: ثلة الخ.
2 من الأولى والثانية تبعيضية.
3 قيل: إنهم على سن واحدة, وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: الولدان هم أولاد المسلمين الذين يموتون صغارا. وقال سلمان: هم أولاد المشركين الذين يموتون صغارا. والله أعلم.
4 التصديع: الإصابة بالصداع, وهو وجع الرأس من الخمار الناشيء عن السكر أي لا تصيبهم الخمر بصداع, وعنها بمعنى: لا يصيبهم صداع ناشيء عنها.
5 قرأ نافع (ينزفون) بفتح الزاي من: أنزفه وقرأها حفص (ينزفون) بكسر الزاي من أنزف القاصر, إذا سكر وذهب عقله.
6 اللغو عن الكلام في الدنيا هو: ما لا يحصل حسنة للمعاد ولا درهما للمعاش وفي الآخرة هو ما لا يسر من كل قول إذ الحياة: حياة سعادة وسور وحبور.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-08-2022, 08:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الواقعة - (2)
الحلقة (815)

سورة الواقعة
مكية
وآياتها ست وتسعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 242الى صــــ 248)

وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين (27) في سدر مخضود (28) وطلح منضود (29) وظل ممدود (30) وماء مسكوب (31) وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة (33) وفرش مرفوعة (34) إنا أنشأناهن إنشاء (35) فجعلناهن أبكارا (36) عربا أترابا (37) لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين (40)

شرح الكلمات:
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين: هذا شروع في ذكر الزوج الثاني من الأزواج الثلاثة فذكر السابقين وما أعد لهم وهذا ذكر لأصحاب اليمين وما أعد لهم من نعيم مقيم.
في سدر مخضود: في شجر السدر وثمره النبق ومخضود لا شوك فيه.
وطلح منضود: أي شجر موز منضود الحمل من أعلاه إلى أسفله فليس له ساق بارزة.
وظل ممدود: أي دائم إذ لا شمس تنسخه وإن ظل شجرة في الجنة يسير الراكب فيه مائة سنة لا يقطعه.
وماء مسكوب: أي مصبوب لا يحتاج المتنعم بأن يصبه بيده بل هو سائل في غير أخدود أو أنبوب.
لا مقطوعة ولا ممنوعة: أي غير مقطوعة في زمن، ولا ممنوعة بثمن.
وفرش مرفوعة: أي على السرر العالية الرفيعة.
إنا أنشأناهن إنشاء: أي الحور العين اللائي تقدم ذكرهن في قوله وحور عين. إذ كانت الواحدة منهن في الدنيا عجوزا شمطاء عمشاء رمصاء فأنشأها ربها إنشاء جديدا بكرا تتغنج وتتعشق عرباء تتودد لزوجها وتتحبب.
فجعلناهن أبكارا: الواحدة بكر وهي التي لم تفتض بكارتها بعد وتسمى العذراء.
عربا: الواحدة عروب وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل.
أترابا: أي مستويات في السن الواحدة يقال لها ترب والجمع أتراب.
لأصحاب اليمين: وهم الذين يؤخذ بهم في عرصات القيامة ذات اليمين وهم أهل الإيمان في الدنيا والعمل الصالح فيها.
ثلة من الأولين: أي من الأمم السابقة.
وثلة من الآخرين: أي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض أحوال الآخرة وذكر ما لكل صنف من أصناف الناس الثلاثة من سابقين وأصحاب يمين وأصحاب شمال فقال تعالى {وأصحاب اليمين1} وهم الذين إذا وقفوا في عرصات القيامة أخذ بهم ذات اليمين وهم أهل الإيمان والتقوى في الدنيا وقوله تعالى: {ما أصحاب اليمين2} تفخيم لشأنهم وإعلان عن كرامتهم ثم بين ذلك بقوله: {في سدر3 مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة4 ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة} إنهم في هذا النعيم الدائم المقيم إنهم يتفكهون بالنبق الذي هو أحلى من العسل وأنعم من الزبد شجره مخضود الشوك لا شوك به، ويتفكهون بالطلح أي ثمره وهو الموز، والماء المصبوب الجاري، والفاكهة الكثيرة التي لا تقطع بالفصول الزمانية كما هي الحال في فاكهة الدنيا يوجد منها في الصيف ما لا يوجد في الشتاء مثلا ولا ممنوعة بثمن غال ولا رخيص وفي فرش مرفوعة عالية علو الدرجات التي هي فيها وقوله: {إنا أنشأناهن إنشاء} 5 يعني الحور العين اللائي سبق في الآيات ذكرهن منهن من أنشأهن الله إنشاء لم يسبق لهن خلق ووجود، ومنهن نساء الدنيا فقد كانت فيهن السوداء والعمشاء والرمصاء والعجوز فيعيد تعالى إنشاءهن فيجعلهن من بين الحور العين كأنهن اللؤلؤ المكنون، وقوله {فجعلناهن أبكارا} عذارى لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان عربا أترابا العروب6 هي المتحببة إلى زوجها العاشقة له المتغنجة والأتراب المتساويات في السن، وترب7 الإنسان من ولد معه في وقت واحد فمس جلده التراب مع مس التراب جلدك وقوله لأصحاب اليمين أي أنشأ هؤلاء الحور العين لأجل أصحاب اليمين ليستمتعوا بهن. وقوله {ثلة من الأولين} أي من الأمم الماضية {وثلة من الآخرين} أي من هذه الأمة المسلمة اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم وأدخلنا الجنة معهم.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان إكرام الله وإنعامه على المؤمنين المتقين.
2- بيان أن العجوز في الدنيا إذا دخلت الجنة تصير شابة حسناء حوراء عروبا.
3- تقرير أن ثمن الجنة الإيمان والتقوى فلا دخل للحسب ولا للنسب والأول كالآخر على حد سواء فيها.
__________

1 هذا شروع في تفصيل ما أجمل عند التقسيم من شؤونهم الفاضلة على إثر تفصيل شؤون السابقين.
2 الإخبار ب (ما أصحاب اليمين) : فيه من التفخيم ما فيه!!
3 خبر محذوف المبتدأ تقديره: هم في سدر.
4 لا مقطوعة ولا ممنوعة: هذا وصف للفاكهة، والنفي هنا أثبت من الإثبات لأنه بمنزلة وصف وتوكيد.
5 لما ذكر الفرش قد يخطر بالبال هل هناك نساء يكن بصحبة أهلها؟ فأجيب بقولي: {إنا أنشأناهن} أي: الحور العين {إنشاء} فكانت الجملة مستأنفة استأنفا بيانيا، وضمير المؤنث (أنشأناهن) عائد إلى غير مذكور في الكلام لكنه ملحوظ في الأفهام.
6 العرب: جمع عروب، ويقال: عربة ويجمع على عربات، وهذا اسم خاص بالمرأة المتحببة إلى زوجها كما في التفسير.
7 الأتراب: جمع ترب وهي المرأة التي تساوى سنها سن من تضاف إليه من النساء، وقيل: إن الترب خاص بالمرأة، وأما المساواة في السن من الرجال فيقال له قرن، ولدة.

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-08-2022, 08:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال (41) في سموم وحميم (42) وظل من يحموم (43) لا بارد ولا كريم (44) إنهم كانوا قبل ذلك مترفين (45) وكانوا يصرون على الحنث العظيم (46) وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون (47) أوآباؤنا الأولون (48) قل إن الأولين والآخرين (49) لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم (50) ثم إنكم أيها الضالون المكذبون (51) لآكلون من شجر من زقوم (52) فمالئون منها البطون (53) فشاربون عليه من الحميم (54) فشاربون شرب الهيم (55) هذا نزلهم يوم الدين (56)
شرح الكلمات:
وأصحاب الشمال: أي هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال في الموقف يوم القيامة وهم أهل الشرك والمعاصي في الدنيا.
في سموم: أي ريح حارة تنفذ في مسام الجسد.
وحميم: أي ماء حار شديد الحرارة.
وظل من يحموم: أي دخان شديد السواد.
لا بارد ولا كريم: أي لا بارد كغيره من الظلال ولا كريم حسن المنظر.
كانوا قبل ذلك: أي في الدنيا.
مترفين: أي منعمين لا ينهضون بالتكاليف الشرعية ولا يتعبون في طاعة الله ورسوله.
يصرون على الحنث العظيم: أي الذنب العظيم وهو الشرك.
وكانوا يقولون أئذا متنا الآن: أي وكانوا ينكرون البعث الآخر.
لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم: أي لوقت يوم معلوم وهو يوم القيامة.
أيها الضالون المكذبون: أي الضالون عن طريق الهدى المكذبون بالبعث والجزاء.
من شجر من زقوم: أي من أخبث الشجر المر في غاية الكراهة والبشاعة طعما ولونا.
فشاربون شرب الهيم: أي شاربون شرب الإبل العطاش، إذ الهيمان العطشان والهيمى العطشى.
هذا نزلهم يوم الدين: أي هذا ما أعد لهم من قرى يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في بيان أحوال الأصناف الثلاثة التي انقسمت البشرية إليها عند خروجها من قبورها فذكر حال السابقين وحال أصحاب اليمين وذكر هنا حال أصحاب المشأمة وهم أصحاب الشمال فقال تعالى: {وأصحاب1 الشمال ما أصحاب الشمال} تنديد بحالهم وإعلان عن سوء عاقبتهم وما هم فيه من عذاب إنهم {في سموم2} أي ريح حارة تنفذ في مسام الجسم {وحميم} وهو ماء حار شديد الحرارة هذا شرابهم، {وظل من يحموم3 لا بارد ولا كريم} إنه دخان أسود شديد السواد {لا بارد} كغيره من الظلال {ولا كريم} أي وليس بذي حسن في منظره. وقوله تعالى {إنهم4 كانوا قبل ذلك مترفين} 5 هذه علة جزائهم بالعذاب الأليم
إنهم كانوا في الدنيا منعمين لا يصلون ولا يصومون ولا يجاهدون ولا يرابطون، {وكانوا يصرون6 على الحنث العظيم} أي على الإثم العظيم أي الشرك وكبائر الإثم والفواحش.
{وكانوا يقولون} منكرين للبعث والجزاء جاحدين باليوم الآخر- {أإذا متنا7 وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون} أي أحياء كما كنا في الدنيا {أوآباؤنا} أيضا مبعوثون كذلك والاستفهام في الموضعين للاستبعاد والإنكار. وهنا أمر تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بقوله {قل} أي قل لهم: {إن الأولين والآخرين} أي أنتم وآباؤكم من عهد آدم والآخرين منكم ومن ذريتكم إلى نهاية حياة الإنسان {لمجموعون8 إلى ميقات يوم معلوم} أي لوقت يوم معلوم عند الله محدد باليوم والساعة والدقيقة {ثم9 إنكم أيها الضالون} عن سبيل الهدى المعرضون عن الحق المكذبون بالبعث لداخلون جهنم ماكثون فيها أبدا وإنكم {لآكلون من شجر من زقوم} وهو شر ثمر وأخبث ما يؤكل مرارة {فمالئون منها} بطونكم لما يصيبكم من الجوع الشديد، {فشاربون عليه من الحميم، فشاربون شرب10 الهيم} أي الماء الحار الشديد الحرارة مكثرين منه كما تكثر الإبل الهيم11 التي أصابها العطش واشتد بها داء الهيام الذي أصابها. قوله تعالى {هذا نزلهم12 يوم الدين} أي هذا الذي ذكرنا من طعام الضالين المكذبين وشرابهم هو نزلهم الذي ننزلهم يوم الدين وأصل النزل ما يعد للضيف النازل من قرى: طعام وشراب وفراش.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- أصحاب الشمال يدخل فيهم كل كافر وجد على وجه الأرض فإنهم في التقسيم ثلث الناس وفي الواقع هم أضعاف أضعاف السابقين وأصحاب اليمين لأن أكثر الناس لا يؤمنون.
2- التنديد بالترف والتنعم في هذه الحياة الدنيا فإنه يقود إلى ترك التكاليف الشرعية فيهلك
صاحبه لذلك لا لكون طعامه وافرا وشرابه لذيذا.
3- تقرير عقيدة البعث والجزاء بما لا مزيد عليه من العرض والوصف لحال الناس.
__________

1 هذا شروع في تفصيل أحوالهم التي أشير عند التوزيع إلى هولها وفظاعتها بعد تفصيل حسن حال أصحاب اليمين.
(السموم) : الريح الشديدة الحرارة التي لا بلل معها كأنها مأخوذة من السم.
3 اليحموم: الدخان الأسود مشتق من الحمم على وزن صرد اسم للفحم والحممة: الفحمة. وفي قوله تعالى: {وظل من يحموم} تهكم ظاهر.
4 الجملة تعليلية إذ هي علة لما أصاب أصحاب الشمال من الهون والدون والعذاب الأليم.
5 ظاهر اللفظ أن الترف هو سبب كفرهم وإصرارهم على ذلك وجائز أن يكون الترف بعض السبب لا كله، والعبرة بالواقع والإشارة في قوله: (قبل ذلك) عائدة إلى السموم واليحموم والظل من اليحموم.
6 صيغة المضارع (يصرون) دالة على تجدد الإصرار منهم.
7 قرأ الجمهور ومنهم حفص بإثبات الاستفهام الأول والثاني، وقرأ نافع بالاستفهام في (أإذا متنا) والإخبار في (إنا لمبعوثون) .
8 (مجموعون) : أي: مبعوثون دفعة واحدة جميعا دفعا لما قد يتوهم أنهم يبعثون على فترات كما كان وجودهم وموتهم في الدنيا على فترات مختلفة.
9 هذا من جملة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقوله لهم.
10 الهيم: جمع أهيم وهو البعير الذي أصابه الهيام بضم الهاء وهو داء يصيب الإبل يورثها حمى في الأمعاء فلا تزال تشرب ولا تروى والمؤنث هيمى إذ المذكر أهيم.
11 قرأ نافع وحفص: (شرب) بضم الشين، وقرأ بعض شرب بفتح الشين مصدر شرب يشرب شربا.
12 النزل: بضم النون والزاي: ما يعد للضيف ويقدم له من طعام وشراب وهو هنا تشبيه تهكمي كالاستعارة كما في قول الشاعر:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا
جعلنا القنا والمرهفات له نزلا


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-08-2022, 08:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الواقعة - (3)
الحلقة (816)

سورة الواقعة
مكية
وآياتها ست وتسعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 249الى صــــ 254)


نحن خلقناكم فلولا تصدقون (57) أفرأيتم ما تمنون (58) أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (59) نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون (61) ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون (62) أفرأيتم ما تحرثون (63) أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (64) لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون (70) أفرأيتم النار التي تورون (71) أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون (72) نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين (73) فسبح باسم ربك العظيم (74)
شرح الكلمات:
نحن خلقناكم: أي أوجدناكم من العدم.
فلولا تصدقون: أي فهلا تصدقون بالبعث إذ القادر على الإنشاء قادر على الإعادة بعد الفناء والبلى.
أفرأيتم ما تمنون: أي الذي تصبونه من المني بالجماع في أرحام نسائكم.
أأنتم تخلقونه: أي بشرا أم نحن الخالقون له بشرا.
نحن قدرنا بينكم الموت: أي قضينا به عليكم وكتبناه عليكم وعجلنا لكل واحد أجلا معينا لا يتعداه ولا يتأخر منه بحال من الأحوال.
وما نحن بمسبوقين: أي بعاجزين.
على أن نبدل أمثالكم: أي ما أنتم عليه من الخلق والصور.
وننشئكم فيما لا تعلمون: أي ونوجدكم في صور لا تعلمونها وهذا تهديد لهم بمسخهم وتحويلهم إلى أبشع حيوان وأقبحه.
ولقد علمتم النشأة الأولى: أي ولقد علمتم خلقنا لكم كيف تم وكيف كان.
أفلا تذكرون: فتعلمون أن الذي خلقكم أول مرة قادر على إعادة خلقكم مرة أخرى بعد موتكم وفنائكم.
أفرأيتم ما تحرثون: أي من إثارة الأرض بالمحراث وإلقاء البذر فيها.
أأنتم تزرعونه: أي تنبتونه.
أم نحن الزارعون: أي نحن المنبتون له يقال زرعه الله أي أنبته.
لو نشاء لجعلناه حطاما: أي لو نشاء لجعلنا الزرع حطاما يابسا بعد أن أصبح سنبلا وقارب أن يفرك فتحرمون منه.
فظلتم تفكهون: أي تتعجبون في مجالسكم من الجائحة التي أصابت زرعكم.
إنا لمغرمون: أي قائلين إنا لمغرمون أي ما أنفقناه على حرثه ورعايته معذبون به.
بل نحن محرومون: أي لسنا بمعذبين به وإنما نحن محرومون من زرعنا وما بذلناه فيه ليس لنا من حظ ولا جد أي غير محظوظين ولا مجدودين.
أفرأيتم الماء الذي تشربون: أي أخبرونا عن الماء الذي تشربونه وحياتكم متوقفة عليه.
أأنتم أنزلتموه من المزن: أي من السحاب في السماء إلى الأرض.
أم نحن المنزلون: أي له إلى الأرض.
لو نشاء لجعلناه أجاجا: أي ملحا مرا لا يمكن شربه.
فلولا تشكرون: أي فهلا تشكرون أي الله بالإيمان والطاعة.
أفرأيتم النار التي تورون: أي أخبرونا عن النار التي تخرجون من الشجر.
أأنتم أنشأتم شجرتها: أي خلقتم شجرتها كالمرخ والعفار والكلخ.
أم نحن المنشئون: أي نحن المنشئون لتلك الأشجار.
نحن جعلناها تذكرة: أي جعلنا تلك النار تذكرة أي تذكر بنار جهنم.
ومتاعا للمقوين1: أي بلغة للمسافرين يتبلغون بها في سفرهم.
فسبح باسم ربك العظيم: أي نزه اسم ربك عما لا يليق به كذكره بغير احترام ولا تعظيم أو الاسم صلة والتقدير نزه ربك عن الشريك ومن ذلك قولك سبحان ربي العظيم.
معنى الآيات:
السياق هنا في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي أنكرها المشركون وذلك بذكر الأدلة العقلية الموجبة للعلم واليقين في المعلوم المطلوب تحصيله قال تعالى {نحن2 خلقناكم} وأنتم معترفون بذلك إذ لما نسألكم من خلقكم تقولون الله. إذا {فلولا 3تصدقون} أي فهلا تصدقون بالبعث والحياة الثانية إذ القادر على الخلق الأول قادر على الإعادة. وهذه أدلة قدرتنا تأملوها أولا {أفرأيتم ما تمنون} أي أخبرونا عما تمنون أي تصبونه في أرحام نسائكم بالجماع {أأنتم4 تخلقونه} ولدا {أم نحن الخالقون} والجواب نحن الخالقون إذا القادر على خلقكم بواسطة هذا الإمناء والتكوين في الأرحام قادر على خلقكم بطريق آخر وثانيا {نحن قدرنا بينكم الموت} وقضينا به عليكم فلا يستطيع أحد منكم أن يمنعنا من إماتته وفي الوقت المحدد له. بحيث لو طلب التقديم أو التأخير لما قدر على ذلك أليس القادر على خلقكم وإماتتكم قادر على بعثكم
بلى وثالثا {وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم5 في ما لا تعلمون} بحيث نخلقكم في صور وأشكال غير ما أنتم عليه فنخلقكم خلقا ذميما وقبيحا كالقردة والخنازير، وما نحن بعاجزين عن ذلك فهل نعجز إذا عن بعثكم بعد موتكم أحياء لنحاسبكم ونجزيكم {ولقد علمتم النشأة الأولى} كيف تمت لكم بما لا تنكرونه.
إذا {أفلا تذكرون} فتعلمون أن الذي خلقكم أول مرة قادر على خلقكم ثانية مع العلم أن الإعادة ليست بأصعب من الإنشاء من عدم لا من وجود. ورابعا {أفرأيتم ما تحرثون} 6 من إثارة الأرض وإلقاء البذر فيها أخبرونا أأنتم تنبتون الزرع {أم نحن الزارعون} له أي المنبتون والجواب معروف وهو أننا نحن الزارعون لا أنتم. إذا فالقادر على إنبات الزرع قادر على إنباتكم في قبوركم على نحو إنبات الزرع وعجب الذنب هو النواة التي تنبتون منها وخامسا هو أن ذلك الزرع الذي أنبتناه لو نشاء لجعلناه بعد نضرته وقرب حصاده حطاما يابسا لا تنتفعون منه بشيء7 فظلتم تفكهون متعجبين من حرمانكم من زرعكم تقولون {إنا لمغرمون} أي ما أنفقناه على حرثه ورعايته معذبون به8 ثم تضربون عن قولكم ذلك إلى قول آخر وهو قولكم {بل نحن محرومون} ما لنا من حظ ولا جد فيه أي لسنا محظوظين ولا مجدودين. إن أنبات الزرع ثم حرمانكم منه بعد طمعكم في الانتفاع به مظهر من مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته وتدبيره وكلها دالة على قدرته على بعثكم لمحاسبتكم ومجازاتكم على عملكم في هذه الحياة الدنيا. وسادسا الماء الذي تشربون وحياتكم متوقفة عليه أخبروني {أأنتم أنزلتموه} من السحاب {أم نحن المنزلون} والجواب نحن المنزلون لا أنتم هذا أولا وثانيا لو نشأ لجعلنا الماء ملحا مرا لا تنتفعون منه بشيء وإنا لقادرون فهلا تشكرون هذا الإحسان منا إليكم بالإيمان بنا والطاعة لنا. وسابعا النار التي تورون وتشعلونها أخبروني {أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون} والجواب نحن لا أنتم فالذي يوجد النار في الشجر قادر على أن يبعثكم أحياء من قبوركم ليحاسبكم على
سلوككم ويجزيكم به. وقوله تعالى {نحن جعلناها} أي النار {تذكرة} لكم تذكركم بنار الآخرة فالذي أوجد هذه النار قادر على إيجاد نار أخرى لو كنتم تذكرون وجعلناها أيضا متاعا أي بلغة للمقوين9 المسافرين يتبلغون بها في سفرهم حتى يعودوا إلى ديارهم. فالقادر على الخلق والإيجاد والتدبير لمصالح عباده قادر على إيجاد حياة أخرى يجزي فيها المحسنين اليوم والمسيئين إذ الحكمة تقتضي هذا وتأمر به.
وقوله تعالى {فسبح باسم ربك10 العظيم} بعد إقامة الحجة على منكري البعث بالأدلة العقلية أمر تعالى رسوله أن يسبح ربه أي ينزهه عن اللعب عن اللعب والعبث اللازم لخلق الحياة الدنيا على هذا النظام الدقيق ثم إفنائها ولا شيء وراء ذلك. إذ البعث والحياة الآخرة هي الغاية من هذه الحياة الدنيا فالناس يعملون ليحاسبوا ويجزوا فلابد من حياة أكمل وأتم من هذه الحياة يتم فيها الجزاء وقد بينها تعالى وفصلها في كتبه وعلى ألسنة رسله، وضرب لها الأمثال فلا ينكرها إلا سفيه هالك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- إقامة الأدلة والبراهين العديدة على صحة البعث وإمكانه عقلا.
3- بيان منن الله تعالى على عباده في طعامهم وشرابهم.
4- وجوب شكر الله تعالى على إفضاله وإنعامه.
5- في النار التي توقدها عبرة، وعظة للمتقين.
6- وجوب تسبيح11 الله وتنزيهه عما لا يليق بجلاله وكماله من العبث والشريك.
__________

1 المقوى: من نزل القوى والقواء والقي أيضا: أي الأرض القفر التي لا شيء فيها ولا أنيس بها يقال: أقوت الدار وقويت أيضا أي: خلت من سكانها، قال النابغة:
يا دار مية بالعلياء فالسند
أقوت وطال عليها سالف الأمد
وقال عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أم الهيثم2
موقع هذه الجملة: الاستدلال والتعليل لما تضمنه جملة {قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم} من عقيدة البعث والجزاء وتقريرها.
3 الفاء للتفريع فالجملة متفرعة عن قوله تعالى {نحن خلقناكم} وهي متضمنة للتحضيض على التصديق بالبعث الآخر إذ لولا هنا للتحضيض على ذلك.
4 الاستفهام للتقرير بتعيين خالق الجنين من النطفة إذ لا يسعهم إلا الإقرار بأن خالق الجنين من نطفة هو الله.
5 السبق: كناية عن الغلبة والتعجيز، لأن السبق يستلزم أن السابق غالب للمسبوق فمعنى: وما نحن (بمسبوقين) أي: غير مغلوبين. قال الشاعر:
كأنك لم تسبق من الدهر مرة
إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب
6 الشبه قوي بين تحويل النطفة إلى جنين، والحبة إلى نبات فهي مناسبة عجيبة بين الدليلين.
7 أصل (فظلمتم) فظللتم فحذت إحدى اللامين تخفيفا كما حذفت إحدى التاءين من (تفكهون) إذ الأصل (تتفكهون) .
8 هذا بناء على ا، الغرام: هو العذاب كقوله تعالى: {إن عذابها كان غراما} أو هو من الغرامة التي هي ذهاب مال المرء وأخذه منه بغير عوض.
9 المقوى: الداخل في القواء وهو القفر، فالمقوون، الداخلون في القواء الذي هو القفر والقفار وهذه حال المسافر، والمقوى أيضا: الجائع القفر البطن الخاوي من الطعام، فالنار يتمتع بها المسافرون للاستضاءة والاستدفاء وطبخ الطعام.
10 الباء في باسم: زائدة لتوكيد اللصوق أي: اتصال الفعل بمفعوله وذلك لوقوع الأمر بالتسبيح عقب ذكر عدة أمور تقتضيه حسبما دلت عليه فاء الترتيب والتعقيب، واسم الرب هو الله الدال على ذاته سبحانه وتعالى، والتسبيح. التنزيه عما لا يليق ولفظه سبحان الله أي: ننزه الله عما أضافه إليه المشركون من الأنداد والعجز عن البعث.
11 في الصحيح: "لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم" قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم" فكان المصلي إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم ثلاثا أو أكثر امتثالا لأمر الله ورسوله".

************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-08-2022, 08:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

فلا أقسم بمواقع النجوم (75) وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (76) إنه لقرآن كريم (77) في كتاب مكنون (78) لا يمسه إلا المطهرون (79) تنزيل من رب العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82)
شرح الكلمات:
فلا أقسم: أي فأقسم ولا صلة لتقوية الكلام وتأكيد القسم.
بمواقع النجوم: أي بمساقطها لغروبها وبمنازلها أيضا ومطالعها كذلك.
وإنه: أي القسم بها.
لو تعلمون عظيم: أي لو كنتم من أهل العلم لعلمتم عظم هذا القسم.
إنه: أي المتلو عليكم لقرآن كريم وهو الذي كذب به المشركون.
في كتاب مكنون: أي مصون وهو المصحف.
لا يمسه إلا المطهرون: أي من الملائكة والأنبياء وكل طاهر غير محدث حدثا أكبر وأصغر.
تنزيل من رب العالمين: أي منزل من رب العالمين وهو الله جل جلاله.
أفبهذا الحديث: أي القرآن.
أنتم مدهنون: أي تلينون القول للمكذبين به ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر.
وتجعلون رزقكم: أي شكر الله على رزقكم.
أنكم تكذبون: أي تكذيبكم بسقيا الله وتقولون مطرنا بنوء كذا وكذا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {فلا أقسم بمواقع النجوم} 1 أقسم بمواقع النجوم وهي مطالعها ومغاربها وإنه أي قسمي هذا لقسم لو تعلمون أي لو كنتم من أهل العلم عظيم. لأن النجوم ومنازلها ومطالعها ومساقطها ومغاربها التي تغرب فيها أمور عظيمة في خلقها وتدبير الله فيها إنه لقسم بشيء عظيم.
والمقسم عليه هو قوله إنه أي المكذب به لقرآن كريم2، لا كما قال المبطلون شعر وسحر وكذب واختلاق {في كتاب مكنون} أي مصون {لا يمسه إلا المطهرون} سواء ما كان في اللوح المحفوظ أو في مصاحفنا فلا ينبغي أن يمسه إلا المطهرون من الأحداث الصغرى3 والكبرى {تنزيل من4 رب العالمين} أي منزل منه سبحانه وتعالى ولذا وجب تقديسه وتعظيمه فلا يمسه إلا طاهر من الشرك والكفر وسائر الأحداث. وقوله تعالى {أفبهذا الحديث} أي القرآن أنتم مدهنون تلينون القول للمكذبين به ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر وتجعلون رزقكم5 أي وتجعلون شكر الله تعالى على رزقه لكم أنكم تكذبون أي تكذيبكم بسقيا الله لكم بالأمطار وتقولون مطرنا ينوء كذا ونوء كذا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته، وإن العبد لا يقسم إلا بربه تعالى.
2- تقرير الوحي الإلهي وإثبات النبوة المحمدية، وأن القرآن الكريم منزل من عند الله تعالى.
3- وجوب صيانة القرآن الكريم، وحرمة مسه على غير طهارة.
4- حرمة المداهنة في دين الله تعالى وهي أن يتنازل عن شيء من الدين ليحفظ شيئا من دنياه والمداراة جائزة وهي أن يتنازل عن شيء من دنياه ليحفظ شيئا من ديته.
__________

1 (لا) صلة في قول أكثر المفسرين أي: فأقسم بمواقع النجوم وقيل: هي نفي أي ليس الأمر كما تقولون ثم استأنف فقال: فأقسم كقول الرجل: لا والله ما كان كذا وكذا، ولا يريد به نفي اليمين بل يريد به نفي كلام سابق وقيل: لا بمعنى ألا أداة تنبيه وشاهده قول الشاعر:
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي
وهل ينعمن من كان في العصر الخالي
2 (كريم) لما فيه من كريم الأخلاق، ومعالي الأمور ولأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه ويسعد وينجو العامل به.
3 قال القرطبي: اختلف في مس المصحف على غير وضوء، فالجمهور على المنع لحديث عمرو بن حزم، وهو مذهب علي وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعطاء وزهري والنخعي والحكم وحماد وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي وأحمد.
4 (تنزيل) بمعنى: منزل من إطلاق المصدر وإرادة المفعول كالرد بمعنى المردود.
5 صلح وضع لفظ الرزق موضع الشكر لأن شكر الرزق يسبب الزيادة في الرزق فأطلق السبب وأريد المسبب.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-08-2022, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحديد - (1)
الحلقة (817)

سورة الحديد
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 255الى صــــ 261)

فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذ تنظرون (84) ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون (85) فلولا إن كنتم غير مدينين (86) ترجعونها إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنت نعيم (89) وأما إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم (94) إن هذا لهو حق اليقين (95) فسبح باسم ربك العظيم (96)
شرح الكلمات:
فلولا: أي فهلا وهي للحض على العمل والحث عليه.
إذا بلغت الحلقوم: أي مجرى الطعام وذلك وقت النزع.
وأنتم تنظرون: أي وأنتم أيها الممرضون والعواد تنظرون إليه.
ونحن أقرب إليه منكم: أي ورسلنا ملك الموت وأعوانه أقرب إلى المحتضر منكم.
ولكن لا تبصرون: أي الملائكة.
فلولا إن كنتم غبر مدينين: أي فهلا إن كنتم غير مدينين أي محاسبين بعد الموت.
ترجعونها إن كنتم صادقين: أي ترجعون الروح إلى الجسم بعد وشوك مفارقتها له إن كنتم صادقين في أنكم لا تبعثون ولا تحاسبون.
فأما إن كان: أي الميت.
من المقربين: أي من السابقين وهو الصنف الأول من الأصناف الثلاثة التي تقدمت في أول السورة.
فروح وريحان: أي استراحة وريحان أي رزق حسن وجنة نعيم.
وأما إن كان من أصحاب اليمين: أي من الصنف الثاني فسلام لك يا صاحب اليمين من أصحاب اليمين. أي من إخوانك يسلمون عليك فإنهم في جنات النعيم.
فنزل من حميم: أي فله نزل من ماء حار شديد الحرارة.
وتصلية جحيم: أي احتراق بها.
فسبح باسم ربك العظيم: أي نزه وقدس اسم ربك العظيم.
معنى الآيات:
بعد تقرير النبوة المحمدية وأن القرآن كلام الله وتنزيله عاد السياق الكريم إلى تقرير البعث والجزاء فقال تعالى 1 {فلولا إذا بلغت} أي الروح2 {الحلقوم} وهو مجرى الطعام {وأنتم} في3 ذلك الوقت {تنظرون} مريضكم وهو يعاني من سكرات الموت، ونحن أقرب إليه منكم أي رسلنا أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون إذ لا قدرة لكم على رؤية الملائكة ما لم يتشكلوا في صورة إنسان. وقوله {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي محاسبين بعد الموت ومجزيين بأعمالكم ترجعونها الروح بعد ما بلغت الحلقوم إن كنتم صادقين في أنكم غير مدينين لله بأعمالكم، أي فلا يحاسبكم عليها ولا يجزيكم بها.
وقوله تعالى {فأما إن4 كان} أي المحتضر من المقربين وهم السابقون {فروح وريحان} 5 أي فإن له الاستراحة التامة من عناء تعب الدنيا وتكاليفها وريحان وهو الرزق الحسن وجنة نعيم. وأما إن كان من أصحاب اليمين الذين يؤخذ بهم في عرصات القيامة ذات اليمين فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين الذين سبقوك إلى دار السلام.
وأما إن كان المحتضر من المكذبين لله ورسوله المنكرين للبعث الآخر الضالين عن الهدى ودين الحق {فنزل من حميم} أي ضيافة على الماء الحار هذه ضيافته وتصلية6 جحيم أي واحتراق بالجحيم.
وقوله تعالى {إن هذا7 لهو حق اليقين} 8 أي هذا الذي حدثناك به عن المحتضرين الثلاثة وما لهم وما نالهم لحق اليقين. وقوله {فسبح باسم ربك العظيم} يأمر تعالى رسوله بالتسبيح باسم
ربه العظيم صح أنه لما نزلت هذه الآية قال صلى الله علي وسلم لأصحابه "اجعلوها في ركوعكم"، والتسبيح التقديس والنزيه لله تعالى عما لا يليق بجلاله وكماله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- بيان عجز كل الناس أمام قدرة الله تعالى.
3- أن في عجز الإنسان على رد روح المحتضر ليعيش بعد ذلك ولو ساعة دليلا على أنه لا إله إلا الله.
4- بيان فضل السابقين عن أصحاب اليمين.
5- القرآن الكريم أحكامه كلها عدل وأخباره كلها صدق.
6- مشروعية قول العبد سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وهما من الكلم الطيب وكذا سبحان ربي العظيم حال الركوع.
__________

1 لم يجر للروح ذكر إلا أن المقام دال عليها كما قال حاتم.
أما وي ما يغني الثراء عن الفتى
إذا حشرت يوما وضاق بها الصدر2
(لولا) حرف تحضيض مستعمل هنا في التعجيز، لأن المحضوض إذا لم يفعل ما حض عليه كان عاجزا (وإذا بلغت) ظرف متعلق ب (ترجعونها) مقدم عليه لتهويله والتشويق إلى الفعل المحضوض عليه.
(وأنتم) الجملة الحالية وكذا جملة (ونحن أقرب إليه منكم) حالية أيضا.
4 الفاء للتفريع إذ ما بعدها من بيان حال من مات من سعادة أو شقاء متفرع عن الموت وانتهاء الحياة.
5 الروح: الراحة أي: هو في راحة ونعيم، وعلى قراءة روح بضم الراء فالمعنى: أن روح المؤمن معها الريحان وهو الطيب والريحان شجر لورقه وقضبانه رائحة ذكية طيبة.
6 التصلية: مصدر صلاه المشدد: إذا أحرقه وشواه يقال: صلى اللحم تصلية: إذا شواه والجحيم: النار المؤججة، وهو علم على جهنم دار العذاب.
7 هذه الجملة تذييل لجميع ما تقدم في هذه السورة من وعد ووعيد واستدلال على تقرير النبوة والبعث والتوحيد ويدخل فيه دخولا أوليا الأقرب ذكرا وهو ما ذكر في التفسير.
8 اشتملت جملة: (إن هذا لهو حق اليقين) على أربع مؤكدات وهي: إن، ولام الابتداء، وضمير الفصل، وإضافة شبه المترادفين وهما: الحق واليقين، وخامس وهو الجملة الاسمية لإفادتها الدوام والثبوت.

**************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-08-2022, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة الحديد
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذ تنظرون (84) ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون (85) فلولا إن كنتم غير مدينين (86) ترجعونها إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنت نعيم (89) وأما إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم (94) إن هذا لهو حق اليقين (95) فسبح باسم ربك العظيم (96)

شرح الكلمات:
سبح لله ما في السموات1 والأرض: أي نزه الله تعالى جميع ما في السموات والأرض بلسان الحال والقال.2
وهو العزيز الحكيم: أي في ملكه، الحكيم في صنعه وتدبيره.
له ملك السموات والأرض: أي يملك جميع ما في السموات والأرض يتصرف كيف يشاء.
يحيى ويميت: يحييى بعد العدم ويميت بعد الإيجاد والإحياء.
وهو على كل شيء قدير: وهو على فعل كل ما يشاء قدير لا يعجزه شيء.
هو الأول والآخر: أي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء.3
والظاهر والباطن: أي الظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء.
وهو بكل شيء عليم: أي لا يغيب عن علمه شيء ولو كان مثقال ذرة في السموات والأرض.
في ستة أيام: أي من أيام الدنيا مقدرة بها أولها الأحد وآخرها الجمعة.
ثم استوى على العرش4: أي ارتفع عليه وعلا.
يعلم ما يلج في الأرض: أي ما يدخل في الأرض من كل ما يدخل فيها من مطر وأموات.
وما يخرج منها: أي من نبات ومعادن.
وما ينزل من السماء: أي من رحمة وعذاب.
وما يعرج فيها: أي يصعد فيها من الأعمال الصالحة والسيئة.
وهو معكم أينما كنتم: أي بعلمه بكم وقدرته عليكم أينما كنتم.
والله بما تعملون بصير: أي لا يخفي عليه من أعمال عباده الظاهرة والباطنة شيء.
وإلى الله ترجع الأمور5: أي مرد كل شيء إلى الله خالقه ومدبره يحكم فيه بما يشاء.
يولج الليل في النهار: أي يدخل جزءا من الليل في النهار وذلك في الصيف.
ويولج النهار في الليل: ويدخل جزءا من النهار في الليل وذلك في الشتاء كما يدخل كامل أحدهما في الآخر فلا يبقى إلا ليل أو نهار إذ أحدهما دخل في ثانيهما.
وهو عليم بذات الصدور: أي ما في الصدور من المعتقدات والأسرار والنيات.
معنى الآيات:
يخبر تعالى في هذه الآيات الخمس عن وجوده وعظمته من قدرة وعلم وحكمة ورحمة وتدبيره وملكه ومرد الأمور إليه وكلها مظاهر الربوبية الموجبة للألوهية فأولا تسبيح كل شيء في السموات والأرض أي تنزيهه عن كل نقص كالزوجة والولد والشريك والوزير المعين والعجز والجهل, ثانيا إنه تعالى العزيز ذو العزة التي لا ترام العظيم الانتقام الحكيم في تدبير ملكه فلا شيء في خلقه هو عبث أو لهو أو باطل. ثالثا له ملك السموات والأرض ملكا حقيقيا يتصرف كيف يشاء يهب من شاء ويمنع من شاء. رابعا يحيى من العدم ويميت الحي الموجود, خامسا هو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء ولا يعجز عن شيء متى أراد الشيء وقال له كن فيكون ولا يتخلف.
سادسا: هو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء إذ له ميراث السموات والأرض. سابعا: علمه محيط بكل شيء. ثامنا: خلقه السموات والأرض في ستة أيام الدنيا ابتداء من الأحد وانتهاء بالجمعة وما مسه من لغوب ولا تعب ولا نصب ثم استوى على العرش يدبر ملكوت خلقه بالحكمة ومظاهر العدل والرحمة. تاسعا: مع علوه وبعده من خلقه فالخلق كله بين يديه يعلم ما يلج في الأرض أي يدخل فيها من أمطار وأموات وما ينزل من السماء من مطر ورحمة وعذاب وملك وغيره, وما يعرج أي يصعد فيها من ملك ومن عمل صالح ودعاء وخاصة دعوة المظلوم فإنها لا تحجب عن الله أبدا. وعاشرا: معية الله تعالى الخاصة والعامة فالخاصة معيته بنصره لأوليائه, والعامة علمه بكل عباده وسائر خلقه, وقدرته عليهم وعلمه بهم. الحادي عشر: بصره تعالى بكل أعمال عباده فلا يخفى عليه شيء منها ليحاسبهم بها ويجزيهم عليها. الثاني عشر: له ملك السموات والأرض أي كل ما في السموات وما في الأرض من سائر الخلق هو ملك لله تعالى وحده لا شريك له فيه ولا في غيره. الثالث عشر: رد كل الأمور إليه فلا يقضي فيها غيره ولا يحكم فيها سواه والظاهر منها كالباطن. الرابع عشر: إيلاجه الليل في النهار والنهار في الليل لمصلحة عباده وفائدتهم إذ لولا هذا التدبير الحكيم لما صلح أمر الحياة ولا استقام هذا الوجود.
وأخيرا علمه6 الذي أحاط بكل شيء وتغلغل في كل خفي حتى ذات الصدور من خاطر ووسواس وهم وعزم ونية وإرادة فسبحانه من إله لا إله غيره ولا رب سواه, بهذه المظاهر من الكمالات استحق العبادات فلا تصح العبادة لغيره, ولا تنبغي الطاعة لسواه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فضل التسبيح وأفضله سبحان الله وبحمده7 سبحان الله العظيم.
2- مظاهر القدرة والعلم والحكمة في هذه الآيات الخمس هي موجبات ربوبية الله تعالى وألوهيته وهي مقتضية للبعث الآخر والجزاء فيه.
3- في خلقه تعالى السموات والأرض في ستة أيام وهو القادر على خلقهما بكلمة التكوين تعليم لعباده التأني في الأمور وعدم العجلة فيها لتخرج متقنة صالحة نافعة.
4- بطلان دعاء غير الله تعالى ورجاء غيره إذ له ملك السموات والأرض وليس لغيره شيء من ذلك.
5- وجوب مراقبة الله تعالى والحياء منه وتقواه وذلك لعلمه بظواهرنا وبواطننا وقدرته على مجازاتنا عاجلا وآجلا.
__________

(الله) الإله المنفرد بالإلية ومعنى: سبح نزه وورد لفظ التسبيح بالمصدر في (سبحان الذي أسرى بعبده) وبالماضي في الحشر والحديد والصف، والمضارع في الجمعة والتغابن، والأمر في الأعلى فسبح تعالى بكل ألفاظ التسبيح.
2 رد أهل العلم القول بأن تسبيح غير العالمين هو تسبيح دلالة لا تسبيح قالة، إذ لو كان تسبيح دلالة وظهور لما قال: (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) إذ تسبيح الدلالة مفهوم معلوم.
3 روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أقض عنا الدين وأغننا من الفقر".
4 قال القرطبي: قد جمع تعالى بين الاستواء على العرش وبين (وهو معكم) والأخذ بالظاهر تناقض فدل على أنه لابد من التأويل والإعراض عن التأويل اعتراف بالتناقص. وأقول: إن كان يعني بالتأويل قول السلف: معنا بعلمه وقدرته فهذا صحيح ومع هذا فإنه لا تناقض أبدا إذ هو تعالى على عرشه بائن من خلقه، والخلق كله بين يديه كحبة خردل يتصرف فيه كما يشاء لا يغيب عن علمه ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا يعجزه شيء فيهما ولذا قال بعضهم: إن محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لم يكن بأقرب إلى الله عز وجل من يونس بن متى حين كان في بطن الحوت.
5 قرأ الجمهور ونافع وحفص وغيرهما (نرجع) بالبناء للمفعول وقرأ بعض (ترجع) بالبناء للفاعل، رجوع الأمر معناه: مرد كل شيء إلى الله تعالى إذ هو خالقه ومدبره والحاكم فيه إذ هو رب العالمين وإله الأولين والآخرين.
6 روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن اسم الله الأعظم هو في ست آيات: من أول سورة الحديد كأنه يعني مجموع هذه الأسماء والصفات الخمسة عشر.
7 في الصحيح: " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-08-2022, 08:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحديد - (2)
الحلقة (818)

سورة الحديد
مدنية
وآياتها تسع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 262الى صــــ 268)

آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير (7) وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين (8) هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرؤوف رحيم (9) وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير (10)
شرح الكلمات:
آمنوا بالله ورسوله: أي صدقوا بالله ورسوله يا من لم تؤمنوا بعد واثبتوا على إيمانكم يا من آمنتم قبل.
وأنفقوا: أي وتصدقوا في سبيل الله.
مما جعلكم مستخلفين فيه: أي من المال الذي استخلفكم الله فيه إذ هو مال من قبلكم وسيكون لمن بعدكم.
فالذين آمنوا منكم وأنفقوا: أي صدقوا بالله ورسوله وتصدقوا بأموالهم المستخلفين فيها.
لهم أجر كبير: أي ثواب عظيم عند الله وهو الجنة.
وما لكم لا تؤمنون بالله؟ : أي أي شيء يمنعكم من الإيمان.
والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم: أي والحال أن الرسول بنفسه يدعوكم لتؤمنوا بربكم.
وقد أخذ ميثاقكم: أي على الإيمان به وأنتم في عالم الذر حيث أشهدكم فشهدتم.
إن كنتم مؤمنين: أي مريدين الإيمان فلا تترددوا وأمنوا وأسلموا تنجوا وتسعدوا.
هو الذي ينزل على عبده: أي هو الله ربكم الذي يدعوكم رسوله لتؤمنوا به ينزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم.
آيات بينات: هي آيات القرآن الكريم الواضحات المعاني البينات الدلالة.
ليخرجكم من الظلمات إلى النور: أي ليخرجكم من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم.
وإن الله بكم لرءوف رحيم: ويدلكم على ذلك إرسال رسوله إليكم وإنزال كتابه ليخرجكم من الظلمات إلى النور.
وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله: أي أي شيء لكم في عدم الإنفاق في سبيل الله.
ولله ميراث السموات والأرض: أي ومن ذلك المال الذي أيديكم فهو عائد إلى الله فأنفقوه في سبيله يؤجركم عليه. وإلا فسيعود إليه بدون أجر لكم.
من قبل الفتح وقاتل: أي لا يستوي مع من أنفق وقاتل بعد صلح الحديبية حيث عز الإسلام وكثر مال المسلمين.
وكلا وعد الله الحسنى: أي الجنة, والجنة درجات.
من ذا الذي يقرض الله: أي بإنفاقه ماله في سبيل الله الذي هو الجهاد.
قرضا حسنا: أيقرضا لا يريد به غير وجه الله تعالى.
فيضاعفه له: أي الدرهم بسبعمائة درهم.
وله أجر كريم: أي يوم القيامة وهو الجنة دار النعيم المقيم.
معنى الآيات:
بعد ذكر الأدلة والبراهين على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ووجوب عبادته وتوحيده فيها وتقرير البعث والجزاء يوم لقائه رحمة منه ورأفة بعباده أمرهم جميعا مؤمنيهم وكافريهم بالإيمان به وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فالمؤمنون مأمورون بزيادة الإيمان والثبات عليه والكافرون مأمورون بالإيمان والمبادرة إليه. وبما أن الآيات نزلت بالمدينة بعد الهجرة وبعد صلح الحديبية فإن هذه الأوامر والتوجيهات الإلهية تشمل المؤمنين الصادقين والمنافقين الكاذبين في إيمانهم تشمل الراغبين في الإيمان في مكة وغيرها وهم يترددون في ذلك فوجه الخطاب إلى الجميع لهدايتهم ودخولهم في رحمة الله الإسلام بسرعة ودون تباطئ فقال تعالى {آمنوا بالله ورسوله} أي صدقوا بوحدانية الله ورسالة رسول الله وأنفقوا مما جعلكم1 مستخلفين فيه من الأموال, ووجه الاستخلاف أن العبد يرث المال عمن سبقه ويموت ويتركه لمن بعده فلا يدفن معه في قبره. وقوله تعالى {فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير} أي ثواب عظيم عند الله وهو الجنة والرضوان فيها. وهذا الإخبار يفيد تنشيط الهمم الفاترة والعزائم المترددة. وقوله: {وما لكم لا2 تؤمنون بالله والرسول3 يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين4} أي أي شيء يجعلكم لا تؤمنون وفرص الإيمان كلها متاحة لكم فإيمانكم الفطرى صارخ في نفوسكم إذ كل من سألكم: من خلقكم؟ من خلق العالم حولكم؟ سماء وأرضا تقولون الله. وأنتم في حرمه وحمى بيته والرسول الكريم بين أيديكم يدعوكم صباح مساء إلى الإيمان بربكم وقد أخذ الله ميثاقكم عليكم بأن تؤمنوا به وذلك يوم أخرجكم في صورة الذر من صلب آدم أبيكم وأشهدكم على أنفسكم فشهدتم. إذا ما هذا التردد إن كنتم تريدون الإيمان فآمنوا قبل فوات الأوان.
وقوله تعالى: {هو الذي ينزل على عبده آيات بينات} أي إنكم تدعون إلى الإيمان بالله الذي ينزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم آيات واضحات المعاني بينات الدلائل كل ذلك ليخرجكم من الظلمات إلى النور من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم, فما لكم لا تؤمنون إذا ما هذا التردد والتلكؤ يا عباد الله في الإيمان بالله وبرسول الله, وإن الله بكم لرءوف رحيم فاعرفوا هذا وآمنوا به ويدلكم على ذلك إنزاله الكتاب وإرساله الرسول وتوضيح الأدلة
وإقامة الحجج والبراهين.
وقوله: {وما لكم ألا تنفقوا5 في سبيل الله} التي هي سبيل إسعادكم وإكمالكم بعد نجاتكم من العذاب في الحياتين مع العلم أن لله ميراث السموات والأرض إذ ما بأيديكم هو لله هو واهبه لكم ومسترده منكم فلم لا تنفقون منه.
وقوله تعالى {لا يستوي منكم من أنفق من قبل 6الفتح وقاتل} 7 أي صلح الحديبية لقول الله تعالى {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} والمراد به صلح الحديبية. أي لا يستوون في8 الأجر والمثوبة مع من قاتل وأنفق بعد الفتح {أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا} من الفريقين {وعد الله الحسنى} أي الجنة {والله بما تعملون خبير} لا يخفى عليه إنفاقكم وقتالكم وعدمهما كما لا يخفى عليه نياتكم وما تخفون في نفوسكم فاحذروه وراقبوه خيرا لكم.
وقوله تعالى {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} أي مخلصا فيه لله طيبة به نفسه {فيضاعفه له} ربه في الدرهم سبعمائة درهم, {وله أجر كريم} ألا وه الجنة دار السلام.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب الإيمان بالله ورسوله وتقويته.
2- وجوب الإنفاق في سبيل الله من زكاة ونفقة جهاد وصدقة على الفقراء والمساكين.
3- بيان لطف الله ورأفته ورحمته بعباده مما يستلزم محبته وطاعته وشكره.
4- الإنفاق في المجاعات والشدائد والحروب أفضل منه في اليسر والعافية.
5- الترغيب في الإنفاق في سبيل الله بمضاعفة الأجر حتى يكون الدينار بألف دينار عند الله تعالى وما عند الله خير وأبقى، وللآخرة خير من الأولى.
__________

1 قوله: (مستخلفين) دال على أن أصل الملك لله تعالى وما العبد إلا مستخلف فيه فتعين أن يتصرف فيه بإذن المالك الحق فال ينفق إلا حيث يأذن ويرضى سبحانه وتعالى.
2 (وما لكم لا تؤمنون) الاستفهام للتوبيخ أي: أي عذر لكم في ألا تؤمنوا وكل دواعي الإيمان وأسبابه متوفرة لديكم.
3 جملة: (والرسول) : حالية.
4 (إن كنتم مؤمنين) أي: إن كنتم مريدي الإيمان فهذه دواعيه قد كملت وأسبابه قد حضرت أخذ عليكم الميثاق فيه والرسول يدعوكم إليه. فبادروا ولا تباطأوا.
5 الاستفهام للتوبيخ واللوم والعتاب وهذا مخاطب به المؤمنون.
6 جائز أن يكون المراد بالفتح: فتح مكة، وكونه صلح الحديبية أولى وأرجح.
7 في الكلام حذف دل عليه المذكور وهو: (من أنفق بعد الفتح وقاتل) وقد ذكرته في التفسير بدون الإشارة إلى الحذف.
8 روى أشهب عن مالك أنه قال: ينبغي أن يقدم أهل الفضل والعزم وقد قال تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل *الفتح وقاتل} .
* ولهذا قدم أبو بكر على سائر الصحابة لأنه أول من آمن وأول من أنفق وأول من قاتل قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وقدمه المؤمنون بالخلافة، وقال فيه علي رضي الله عنه: سبق النبي صلى الله عليه وسلم وثنى أبو بكر وثلث عمر فلا أوتى برجل فضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفتري ثمانين جلدة وطرح الشهادة) ومما يشهد لقول مالك قوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" وفي بعض الروايات: "ويعرف لعالمنا حقه".
*************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10-08-2022, 08:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12) يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير (15)
شرح الكلمات:
يسعى نورهم بين أيديهم1 وبأيمانهم: أي يتقدمهم نورهم الذي اكتسبوه بالإيمان والعمل الصالح بمسافات بعيدة يضيء لهم الصراط الذي يجتازونه إلى الجنة.
بشراكم اليوم جنات تجري: أي تقول لهم الملائكة الذين أعدوا لاستقبالهم بشراكم ...
من تحتها الأنهار
ذلك هو الفوز العظيم: أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم الذي ى أعظم منه.
المنافقون والمنافقات: أي الذين كانوا يخفون الكفر في نفوسهم ويظهرون
الإيمان والإسلام بألسنتهم.
نقتبس من نوركم: أي أنظروا إلينا بوجوهكم نأخذ من نوركم ما يضيء لنا الطريق.
قيل ارجعوا رواءكم فالتمسوا نورا: أي يقال لهم استهزاء بهم ارجعوا رواءكم إلى الدنيا حيث يطلب النور هناك بالإيمان وصالح الأعمال بعد التخلي عن الشرك والمعاصي فيرجعون وراءهم فلم يجدوا شيئا.
فضرب بينهم بسور له باب: أي فضرب بينهم وبين المؤمنين بسور عال له باب باطنه الذي هو من جهة المؤمنين الرحمة.
وظاهره من قبله العذاب: أي الذي من جهة المنافقين في عرصات القيامة العذاب.
ينادونهم ألم نكن معكم: أي ينادي المنافقون المؤمنين قائلين ألم نكن معكم في الدنيا على الطاعات أي فنصلي كما تصلون ونجاهد كما تجاهدون وننفق كما تنفقون.
قالوا بلى: أي كنتم معنا على الطاعات.
ولكنكم فتنتم أنفسكم: أي بالنفاق وهو كفر الباطن وبغض الإسلام والمسلمين.
وتربصتم: أي الدوائر بالمسلمين أي كنتم تنتظرون متى يهزم المؤمنون فتعلنون عن كفركم وتعودون إلى شرككم.
وغركم بالله الغرور: أي وغركم بالإيمان بالله ورسوله حيث زين لكم الكفر وكره إليكم الإيمان الشيطان.
فاليوم لا يؤخذ منكم فدية: أي مال تفدون به أنفسكم إذ لا مال يومئذ ينفع ولا ولد.
ولا من الذين كفروا: أي ولا فدية تقبل من الذين كفروا.
مأواكم النار هي مولاكم: أي مستقركم ومكان إيوائكم النار وهي أولى بكم لخبث نفوسكم.
وبئس المصير: أي مصيركم الذي صرتم إليه وهو النار.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يوم ترى2 المؤمنين والمؤمنات} هذا الظرف متعلق بقوله {ولهم أجر كريم} في آخر الآية السابقة
أي لهم أجر كريم يوم ترى المؤمنين والمؤمنات3 في عرصات القيامة نورهم الذي اكتسبوه بإيمانهم وصالح أعمالهم في دار الدنيا ذلك النور يمشي أمامهم يهديهم إلى طريق الجنة، وقد أعطوا كتبهم بأيمانهم. وتقول لهم الملائكة الذين أعدوا لتلقيهم واستقبالهم بشراكم4 اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار أي تجري الأنهار أنهار الماء واللبن والخمر والعسل من خلال الأشجار والقصور خالدين5 فيها ماكثين أبدا لا يموتون ولا يخرجون. قال تعالى {ذلك هو الفوز العظيم} إذ هو نجاة من النار ودخول الجنان في جوار الرحمن.
وقوله تعالى {يوم6 يقول المنافقون والمنافقات} بدل من قوله يوم ترى المؤمنين والمؤمنات، والمنافقون والمنافقات وهم الذين كانوا في الحياة الدنيا يخفون الكفر في أنفسهم ويظهرون الإيمان بألسنتهم والإسلام بجوارحهم يقولون للذين آمنوا انظرونا أي اقبلوا علينا بوجوهكم ذات الأنوار نقتبس7 من نوركم أي نأخذ من نوركم ما يضيء لنا الطريق مثلكم قيل فيقال لهم استهزاء بهم {قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} إشارة إلى أن هذا النور يطلب في الدنيا بالإيمان وصالح الأعمال فيرجعون إلى الوراء وفورا يضرب بينهم وبين المؤمنين بسور عال {له باب باطنه} وهو يلي المؤمنين فيه الرحمة {وظاهره} وهو يلي المنافقين {من قبله العذاب} فيأخذون في ندائهم ألم نكن معكم على الطاعات أيها المؤمنون فقد كنا نصلي معكم ونجاهد معكم وننفق كما تنفقون فيقول لهم المؤمنون بلى أي كنتم معنا في الدنيا على الطاعات في الظاهر ولكنكم فتنتم أنفسكم بالنفاق وتربصتم بنا الدوائر لتعلنوا عن كفركم وتعودوا إلى شرككم، وارتبتم أي شككتم في صحة الإسلام وفي عقائده ومن ذلك البعث الآخر وغرتكم الأماني الكاذبة والأطماع في أن محمدا لن ينتصر وأن دينه لن يظهر، حتى جاء أمر الله بنصر رسوله وإظهار دينه وغركم بالله الغرور أي بالإيمان بالله أي بعد معاجلته لكم بالعذاب والستر عليكم وعدم كشف الستار عنكم وإظهاركم على ما أنتم عليه من الكفر الغرور أي الشيطان إذ هو الذي زين لكم الكفر وذكركم بعفو الله وعدم مؤاخذته لكم.
قال تعالى: {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} أي فداء مهما كان ولا من الذين كفروا كذلك
مأواكم النار أي محل إيوائكم وإقامتكم الدائمة النار هي مولاكم8 أي من يتولاكم ويضمكم في أحضانه وهي أولى بكم لخبث نفوسكم وعفن أرواحكم من جراء النفاق والكفر، وبئس المصير الذي صرتم إليه إنه النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير البعث بذكر أحداثه وما يجري فيه.
2- تقرير أن الفوز ليس ربح الشاة والبعير ولا الدار ولا البستان في الدنيا وإنما هو الزحزحة عن النار ودخول الجنان يوم القيامة هذا هو الفوز العظيم.
3- من بشائر السعادة لأهل الإيمان قبل دخولهم الجنة تلقي الملائكة لهم وإعطاؤهم كتبهم بإيمانهم ووجود نور عال يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يتقدمهم على الصراط إلى الجنة.
4- نور يوم القيامة في وجوه المؤمنين أخذوه من الدنيا وفي الحديث: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"9.
5- بيان صفات المنافقين في الدنيا وهي إبطان الكفر في نفوسهم والتربص بالمؤمنين للانقضاض عليهم متى ضعفوا أو هزموا وأمانيهم في عدم نصرة الإسلام. وشكهم الملازم لهم حتى أنهم لم يخرجوا منه إلى أن ماتوا شاكين في صحة الإسلام وما جاء به وأخبر عنه من وعد ووعيد.
__________

1 (يسعى نورهم) عندما يسعون هم إذ هو منهم يتقدمهم فلا ينفصل عنهم بحيث إذا وقفوا وقف وإذا مشوا تقدمهم بين أيديهم.
2 الخطاب في قوله:؛ (ترى) لغير معين إذ هو صالح لكل ذي أهلية للخطاب والرؤية.
3 وجه عطف المؤمنات على المؤمنين هنا وفي نظائره من القرآن إشارة بل التنبيه إلى أن حظوظ النساء في الإسلام مساوية لحظوظ الرجال إلا فيما خصصن فيه من أحكام مبينة في الكتاب والسنة.
4 التقدير: فقال لهم بشراكم.
5 (خالدين) حال مقدرة أي: حالة كونهم مقدرين الخلود إذ لم يدخلوها بعد.
6 هذا بدل من اليوم الأول.
7 قال الكلبي: يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون نورا خاصا بهم فبينما هم يمشون إذ بعث الله فيهم ريحا وظلمة فأطفأ بذلك نور المنافقين فذلك قوله تعالى: {ربنا أتمم لنا نورنا} يقوله المؤمنون خشية أن يسلبوه كما سلبه المنافقون، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواضع أقدامهم قالوا للمؤمنين: {انظرونا نقتبس من نوركم} هذا أحسن توجيه للآية الكريمة.
8 المولى: من يتولى غيره، وما دامت النار هي التي تولتهم لتذيقهم ألوان عذابها صح إطلاق المولى عليها مع أن النار تتكلم وتتغيظ فلذا كانت تتولى أهلها فتسقيهم مر العذاب.
9 الحديث رواه أبو داود والترمذي وغيرهما والظلم: جمع ظلمة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 441.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 435.92 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]