تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد - الصفحة 15 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 602 - عددالزوار : 339337 )           »          أبناؤنا وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          7خطوات تعلمكِ العفو والسماح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          تربية الزوجات على إسعاد الأزواج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          الغزو الفكري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          حدث في العاشر من صفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          الإنسان القرآني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          الخطابة فنّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الرحمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          متاعب الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #141  
قديم 22-03-2022, 09:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد





تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (141)
صــ191 إلى صــ 195

إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق في سبب نزولها ثلاثة أقوال .

أحدها: أن طعمة بن أبيرق سرق درعا لقتادة بن النعمان ، وكان الدرع في جراب فيه دقيق ، فجعل الدقيق ينتشر من خرق الجراب ، حتى انتهى إلى الدار ، ثم خبأها عند رجل من اليهود ، فالتمست الدرع عند طعمة ، فلم توجد عنده ، وحلف: ما لي بها علم ، فقال أصحابها: بلى والله ، لقد دخل علينا فأخذها ، وطلبنا أثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق ، فلما حلف تركوه ، واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه ، فقال: دفعها إلي طعمة ، فقال قوم طعمة: انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليجادل عن صاحبنا فإنه بريء ، فأتوه فكلموه في ذلك ، فهم أن يفعل ، وأن يعاقب اليهودي ، فنزلت هذه الآيات كلها . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس .

والثاني: أن رجلا من اليهود ، استودع طعمة بن أبيرق درعا ، فخانها ، فلما خاف اطلاعهم عليها ، ألقاها في دار أبو مليل الأنصاري ، فجادل قوم طعمة عنه ، وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه أن يبرئه ، ويكذب اليهودي ، فنزلت الآيات ، هذا قول السدي ، ومقاتل . [ ص: 191 ] والثالث: أن مشربة رفاعة بن زيد نقبت ، وأخذ طعامه وسلاحه ، فاتهم به بنو أبيرق ، وكانوا ثلاثة بشيرا ، ومبشرا ، وبشرا ، فذهب قتادة بن النعمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أهل بيت منا فيهم جفاء نقبوا مشربة لعمي رفاعة بن زيد ، وأخذوا سلاحه ، وطعامه ، فقال: انظر في ذلك ، فذهب قوم من قوم بني أبيرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: إن قتادة بن النعمان ، وعمه ، عمدوا إلى أهل بيت منا يرمونهم بالسرقة وهم أهل بيت إسلام وصلاح ، فقال النبي لقتادة: رميتهم بالسرقة على غير بينة! فنزلت هذه الآيات . قاله قتادة بن النعمان .

والكتاب: القرآن . والحق: الحكم بالعدل .

لتحكم بين الناس : أي: لتقضي بينهم .

وفي قوله بما أراك الله قولان .

أحدهما: أنه الذي علمه ، والذي علمه أن لا يقبل دعوى أحد على أحد إلا ببرهان . والثاني: أنه ما يؤدي إليه اجتهاده ، ذكره الماوردي . [ ص: 192 ] قوله تعالى: ولا تكن للخائنين خصيما قال الزجاج : لا تكن مخاصما ، ولا دافعا عن خائن . واختلفوا هل خاصم عنه أم لا؟ على قولين .

أحدهما: أنه قام خطيبا فعذره ، رواه العوفي ، عن ابن عباس .

والثاني: أنه هم بذلك ، ولم يفعله ، قاله سعيد بن جبير ، وقتادة . قال القاضي أبو يعلى: وهذه الآية تدل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره في إثبات حق أو نفيه ، وهو غير عالم بحقيقة أمره ، لأن الله تعالى عاتب نبيه على مثل ذلك .
واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما

قوله تعالى: واستغفر الله في الذي أمر بالاستغفار منه قولان .

أحدهما: أنه القيام بعذره . والثاني: أنه العزم على ذلك .
ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا

[ ص: 193 ] قوله تعالى: ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم أي: يخونون أنفسهم ، فيجعلونها خائنة بارتكاب الخيانة . قال عكرمة: والمراد بهم: طعمة بن أبيرق ، وقومه الذين جادلوا عنه . وفي حديث العوفي عن ابن عباس قال: انطلق نفر من عشيرة طعمة ليلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: إن صاحبنا بريء . و "الاستخفاء": الاستتار ، والمعنى: يستترون من الناس لئلا يطلعوا على خيانتهم وكذبهم ، ولا يستترون من الله ، وهو معهم بالعلم . وكل ما فكر فيه ، أو خيض فيه بليل ، فقد بيت . وجمهور العلماء على أن المشار إليه بالاستخفاء ، والتبييت ، قوم طعمة .

والذي بيتوا: احتيالهم في براءة صاحبهم بالكذب . وقال الزجاج : هو السارق نفسه ، والذي بيت أنه قال: ارم اليهودي بأنه سارق الدرع ، واحلف أني لم أسرقها ، فتقبل يميني ، ولا تقبل يمين اليهودي .
ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا

قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم قال الزجاج : "ها" للتنبيه ، وأعيدت في أوله . والمعنى: ها أنتم الذين جادلتم . و "المجادلة ، والجدال": شدة المخاصمة ، و "الجدل": شدة الفتل . والكلام يعود إلى من احتج عن السارق . فأما قوله: "عنهم" فإنه عائد إلى السارق . و " عليهم" بمعنى: "لهم" . و "الوكيل": القائم بأمر من وكله ، فكأنه قال: من الذي يتوكل لهم منكم في خصومة ربهم؟! .
ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما

قوله تعالى: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه اختلفوا في نزولها على ثلاثة أقوال .

[ ص: 194 ] أحدها: أنها نزلت خطابا للسارق ، وعرضا للتوبة عليه ، رواه أبو صالح ، عن ابن عباس ، وبه قال ابن زيد ، ومقاتل .

والثاني: أنها للذين جادلوا عنه من قومه ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث: أنه عنى بها كل مسيء مذنب . ذكره أبو سليمان الدمشقي . وإطلاقها لا يمنع أن تكون نزلت على سبب . وفي هذا السوء ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه السرقة . والثاني: الشرك . والثالث: أنه كل ما يأثم به . وفي هذا الظلم قولان . أحدهما: أنه رمي البريء بالتهمة . والثاني: ما دون الشرك .
ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما

قوله تعالى: ومن يكسب إثما أي: ومن يعمل ذنبا فإنما يكسبه على نفسه يقول: إنما يعود وباله عليه ، قاله مقاتل ، وهذه في طعمة أيضا .
ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا

قوله تعالى: ومن يكسب خطيئة أو إثما جمهور العلماء على أنها نزلت متعلقة [ ص: 195 ] بقصة طعمة بن أبيرق . وقد روى الضحاك عن ابن عباس: أنها نزلت في عبد الله ابن أبي بن سلول إذ رمى عائشة عليها السلام بالإفك .

وفي قوله: خطيئة أو إثما أربعة أقوال .

أحدها: أن "الخطيئة" يمين السارق الكاذبة ، و "الإثم": سرقته الدرع ، ورميه اليهودي ، قاله ابن السائب .

والثاني: أن "الخطيئة" ما يتعلق به من الذنب ، و "الإثم": قذفه البريء ، قاله مقاتل .

والثالث: أن "الخطيئة" قد تقع عن عمد ، وقد تقع عن خطإ ، و "الإثم": يختص العمد قاله ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي . وذكر الزجاج : أن الخطيئة نحو قتل الخطإ الذي يرتفع فيه الإثم .

والرابع: أنه لما سمى الله عز وجل بعض المعاصي خطيئة ، وبعضها إثما ، أعلم أن من كسب ما يقع عليه أحد هذين الاسمين ، ثم قذف به بريئا ، فقد احتمل بهتانا ، ذكره الزجاج أيضا . فأما قوله: ثم يرم به بريئا أي: يقذف بما جناه بريئا منه .

فإن قيل: الخطيئة والإثم اثنان ، فكيف قال: به ، فعنه أربعة أجوبة .

أحدها: أنه أراد: ثم يرم بهما ، فاكتفى بإعادة الذكر على الإثم من إعادته على الخطيئة ، كقوله: انفضوا إليها فخص التجارة ، والمعنى: للتجارة واللهو .

والثاني: أن "الهاء" تعود على الكسب ، فلما دل بـ "يكسب" على الكسب ، كنى عنه . والثالث: أن "الهاء" راجعة على معنى الخطيئة والإثم ، كأنه قال: ومن يكسب ذنبا ، ثم يرم به . ذكر هذه الأقوال . ابن الأنباري .

والرابع: أن الهاء تعود على الإثم خاصة ، قاله ابن جرير الطبري .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #142  
قديم 22-03-2022, 09:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (142)
صــ196 إلى صــ 200

وفي المراد بالبريء: الذي قذفه هذا السارق قولان . [ ص: 196 ] أحدهما: أنه كان يهوديا ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وابن سيرين ، وقتادة ، وابن زيد ، وسماه عكرمة ، وقتادة: زيد بن السمير .

والثاني: أنه كان مسلما ، روي عن ابن عباس ، وقتادة بن النعمان ، والسدي ، ومقاتل . واختلفوا في ذلك المسلم ، فقال: الضحاك عن ابن عباس: هو عائشة لما قذفها ابن أبي ، وقال قتادة بن النعمان: هو لبيد بن سهل . وقال السدي ، ومقاتل: هو أبو مليل الأنصاري . فأما البهتان: فهو الكذب الذي يحير من عظمه ، يقال: بهت الرجل: إذا تحير . قال ابن السائب: فقد احتمل بهتانا برميه البريء ، وإثما مبينا بيمينه الكاذبة .
ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما

قوله تعالى: ولولا فضل الله عليك ورحمته في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أنها متعلقة بقصة طعمة وقومه ، حيث لبسوا على النبي صلى الله عليه وسلم أمر صاحبهم ، هذا قول ابن عباس من طريق ابن السائب .

والثاني: أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: جئناك نبايعك على أن لا نحشر ولا نعشر ، وعلى أن تمتعنا بالعزى سنة ، فلم يجبهم ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس ، في رواية الضحاك .

وفي المراد بفضل الله ورحمته قولان . أحدهما: النبوة والعصمة . والثاني: الإسلام والقرآن ، روي عن ابن عباس .

[ ص: 197 ] قال مقاتل: لولا فضل الله عليك حيث بين لك أمر طعمة ، وحولك بالقرآن عن تصديق الخائن; لهمت طائفة منهم أن يضلوك . قال الفراء: والمعنى: لقد همت .

فإن قيل: كيف قال: ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة وقد همت بإضلاله؟ فالجواب: أنه لولا فضل الله عليك ورحمته ، لظهر تأثير ما هموا به . فأما الطائفة ، فعلى رواية ابن السائب ، عن ابن عباس: قوم طعمة ، وعلى رواية الضحاك: وفد ثقيف .

وفي الإضلال قولان . أحدهما: التخطئة في الحكم . والثاني: الاستزلال عن الحق .

قال الزجاج : وما يضلون إلا أنفسهم ، لأنهم يعملون عمل الضالين ، فيرجع الضلال إليهم . فأما "الكتاب" ، فهو القرآن .

وفي "الحكمة" ثلاثة أقوال .

أحدها: القضاء بالوحي ، قاله ابن عباس . والثاني: الحلال والحرام ، قاله مقاتل . والثالث: بيان ما في الكتاب ، وإلهام الصواب ، وإلقاء صحة الجواب في الروع ، قاله أبو سليمان الدمشقي . وفي قوله وعلمك ما لم تكن تعلم ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه الشرع ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني: أخبار الأولين والآخرين ، قاله أبو سليمان . والثالث: الكتاب والحكمة ، ذكره الماوردي .

وفي قوله: وكان فضل الله عليك عظيما ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه المنة بالإيمان . والثاني: المنة بالنبوة ، هذان عن ابن عباس .

والثالث: أنه عام في جميع الفضل الذي خصه الله به ، قاله أبو سليمان .
لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما

[ ص: 198 ] قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم قال ابن عباس : هم قوم طعمة ، وقال مقاتل: وكلهم يهود تناجوا في أمر طعمة ، وقال مجاهد: هو عام في نجوى جميع الناس . قال الزجاج : ومعنى النجوى: ما تنفرد به الجماعة أو الاثنان ، سرا كان أو ظاهرا . ومعنى "نجوت الشيء" في اللغة: خلصته وألقيته ، يقال: نجوت الجلد: إذا ألقيته عن البعير وغيره . قال الشاعر:


فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه سيرضيكما منها سنام وغاربه


وقد نجوت فلانا: إذا استنكهته ، قال الشاعر:
نجوت مجالدا فوجدت منه كريح الكلب مات قديم عهد


[ ص: 199 ] وأصله كله من النجوة ، وهو ما ارتفع من الأرض ، قال الشاعر ، يصف سيلا:
فمن بنجوته كمن بعقوته والمستكن كمن يمشي بقرواح


والمراد بنجواهم: ما يدبرونه بينهم من الكلام .

فأما قوله: إلا من أمر بصدقة ، فيجوز أن يكون بمعنى: إلا في نجوى من أمر بصدقة ، ويجوز أن يكون استثناء ليس من الأول ، فيكون بمعنى: لكن من أمر بصدقة ، ففي نجواهم خير . وأما قوله: (أمر بصدقة) فالمعنى: حث عليها .

وأما المعروف ، ففيه قولان . [ ص: 200 ] أحدهما: أنه الفرض ، روي عن ابن عباس ، ومقاتل . والثاني: أنه عام في جميع أفعال البر ، وهو اختيار القاضي أبي يعلى ، وأبي سليمان الدمشقي .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #143  
قديم 22-03-2022, 09:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (143)
صــ201 إلى صــ 205

ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا


قوله تعالى: ومن يشاقق الرسول في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أنه لما نزل القرآن بتكذيب طعمة ، وبيان ظلمه ، وخاف على نفسه من القطع والفضيحة ، هرب إلى مكة ، فلحق بأهل الشرك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ، والسدي . وقال مقاتل: لما قدم مكة نزل على الحجاج بن علاط السلمي فأحسن نزله ، فبلغه أن في بيته ذهبا ، فخرج في الليل فنقب حائط البيت ، فعلموا به فأحاطوا البيت ، فلما رأوه ، أرادوا أن يرجموه ، فاستحيا الحجاج ، لأنه ضيفه ، فتركوه ، فخرج ، فلحق بحرة بني سليم يعبد صنمهم حتى مات على الشرك ، فنزل فيه: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، وقال غيره: بل خرج مع تجار فسرق منهم شيئا ، فرموه بالحجارة حتى قتلوه ، وقيل: ركب سفينة ، فسرق فيها مالا ، فعلم به ، فألقي في البحر .

والقول الثاني: أن قوما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا ، ثم ارتدوا ، فنزلت فيهم هذه الآية ، روي عن ابن عباس . ومعنى الآية: ومن يخالف الرسول في التوحيد ، والحدود ، من بعد ما تبين له التوحيد والحكم ، ويتبع غير دين المسلمين ، نوله ما تولى ، أي: نكله إلى ما اختار لنفسه ، ونصله جهنم: ندخله إياها .

[ ص: 201 ] قال ابن فارس: تقول صليت اللحم أصليه: إذا شويته ، فإن أردت أنك أحرقته ، قلت: أصليته . وساءت مصيرا ، أي: مرجعا يصار إليه .
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا

قوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به في سبب نزولها قولان . [ ص: 202 ] أحدهما: أنها نزلت في حق طعمة بن أبيرق لما هرب من مكة ، ومات على الشرك ، وهذا قول الجمهور ، منهم سعيد بن جبير .

والثاني: أن شيخا من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إني منهمك في الذنوب ، إلا أني لم أشرك بالله منذ عرفته ، وإني لنادم مستغفر ، فما حالي؟ فنزلت هذه الآية ، روي عن ابن عباس . فأما تفسيرها ، فقد تقدم .
إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا

قوله تعالى: إن يدعون من دونه إلا إناثا "إن" بمعنى: "ما" و "يدعون" بمعنى: يعبدون . و "الهاء" في "دونه" ترجع إلى الله عز وجل . والقراءة المشهورة إناثا . وقرأ سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وأبو مجلز ، وأبو المتوكل ، وأبو الجوزاء: إلا وثنا ، بفتح الواو ، والثاء من غير ألف . وقرأ ابن عباس ، وأبو رزين: أنثا ، برفع الهمزة والنون من غير ألف . وقرأ أبو العالية ، ومعاذ القارئ ، وأبو نهيك: أناثا ، برفع الهمزة وبألف بعد الثاء . وقرأ أبو السوار العدوي ، وأبو شيخ الهنائي: أوثانا ، بهمزة مفتوحة بعدها واو وبألف بعد الثاء . وقرأ أبو هريرة ، والحسن ، والجوني: إلا أنثى ، على وزن "فعلى" وقرأ أيوب السختياني: إلا وثنا ، برفع الواو والثاء من غير ألف . وقرأ مورق العجلي: أثنا ، برفع الهمزة والثاء من غير ألف . قال الزجاج : فمن قال: إناثا ، فهو جمع أنثى وإناث ، ومن قال: أنثا ، فهو جمع إناث ، ومن قال: أثنا ، فهو جمع وثن ، والأصل: وثن ، إلا أن الواو إذا انضمت جاز إبدالها همزة ، كقوله تعالى: وإذا الرسل أقتت [المرسلات: 11] .

[ ص: 203 ] الأصل: وقتت . وجائز أن يكون أثن أصلها أثن ، فأتبعت الضمة الضمة ، وجائز أن يكون أثن ، مثل أسد وأسد .

فأما المفسرون ، فلهم في معنى الإناث أربعة أقوال .

أحدها: أن الإناث بمعنى الأموات ، قاله ابن عباس ، والحسن في رواية ، وقتادة . قال الحسن: كل شيء لا روح فيه ، كالحجر ، والخشبة ، فهو إناث . قال الزجاج : والموات كلها يخبر عنها ، كما يخبر عن المؤنث ، تقول من ذلك: الأحجار تعجبني ، والدراهم تنفعني .

والثاني: أن الإناث: الأوثان ، وهو قول عائشة ، ومجاهد .

والثالث: أن الإناث اللات والعزى ومناة ، كلهن مؤنث ، وهذا قول أبي مالك ، وابن زيد ، والسدي . وروى أبو رجاء عن الحسن قال: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يسمونه: أنثى بني فلان ، فنزلت هذه الآية .

قال الزجاج : والمعنى: ما يدعون إلا ما يسمونه باسم الإناث .

والرابع: أنها الملائكة كانوا يزعمون أنها بنات الله ، قاله الضحاك .

وفي المراد بالشيطان ثلاثة أقوال .

أحدها: شيطان يكون في الصنم ، قال ابن عباس : في كل صنم شيطان يتراءى للسدنة فيكلمهم ، وقال أبي بن كعب: مع كل صنم جنية .

والثاني: أنه إبليس . وعبادته: طاعته فيما سول لهم ، هذا قول مقاتل ، والزجاج .

والثالث: أنه أصنامهم التي عبدوا ، ذكره الماوردي . فأما "المريد" ، فقال الزجاج : "المريد": المارد ، وهو الخارج عن الطاعة ، ومعناه: أنه قد مرد في الشر ، يقال: مرد الرجل يمرد مرودا: إذا عتا ، وخرج عن الطاعة . وتأويل [ ص: 204 ] المرود: أن يبلغ التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصنف ، وأصله في اللغة: املساس الشيء ، ومنه قيل للإنسان: أمرد: إذا لم يكن في وجهه شعر ، وكذلك يقال: شجرة مرداء: إذا تناثر ورقها ، وصخرة مرداء: إذا كانت ملساء .

وفي قوله: لعنه الله قولان .

أحدهما: أنه ابتداء دعاء عليه باللعن ، وهو قول من قال: هو الأوثان .

والثاني: أنه إخبار عن لعن متقدم ، وهو قول من قال: هو إبليس . قال ابن جرير: المعنى: قد لعنه الله . قاله ابن عباس: معنى الكلام: دحره الله ، وأخرجه من الجنة . وقال -يعني إبليس-: لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا . وقال ابن قتيبة: أي: حظا افترضته لنفسي منهم ، فأضلهم . وقال مقاتل: النصيب المفروض: أن من كل ألف إنسان واحد في الجنة ، وسائرهم في النار . قال الزجاج : "الفرض" في اللغة: القطع ، و "الفرضة": الثلمة تكون في النهر . و "الفرض" في القوس: الحز الذي يشد فيه الوتر ، والفرض فيما ألزمه الله العباد جعله حتما عليهم قاطعا .
ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا

قوله تعالى: ولأضلنهم قال ابن عباس : عن سبيل الهدى ، وقال غيره: ليس له من الضلال سوى الدعاء إليه ، وفي قوله: ولأمنينهم أربعة أقوال .

أحدها: أنه الكذب الذي يخبرهم به ، قال ابن عباس : يقول لهم: لا جنة ، [ ص: 205 ] ولا نار ، ولا بعث . والثاني: أنه التسويف بالتوبة ، روي عن ابن عباس . والثالث: أنه إيهامهم أنهم سينالون من الآخرة حظا ، قاله الزجاج . والرابع: أنه تزيين الأماني لهم ، قاله أبو سليمان الدمشقي .

قوله تعالى: فليبتكن آذان الأنعام قال قتادة ، وعكرمة ، والسدي: هو شق أذن البحيرة ، قال الزجاج : ومعنى "يبتكن": يشققن ، يقال: بتكت الشيء أبتكه بتكا: إذا قطعته ، وبتكه وبتك ، مثل: قطعه وقطع . وهذا في البحيرة كانت الجاهلية إذا ولدت الناقة خمسة أبطن ، و كان الخامس ذكرا ، شقوا أذن الناقة ، وامتنعوا من الانتفاع بها ، ولم تطرد عن ماء ، ولا مرعى ، وإذا لقيها المعيي ، لم يركبها . سول لهم إبليس أن هذا قربة إلى الله تعالى .

وفي المراد بتغيير خلق الله خمسة أقوال .

أحدها: أنه تغيير دين الله ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال الحسن في رواية ، وسعيد بن المسيب ، وابن جبير ، والنخعي ، والضحاك ، والسدي ، وابن زيد ، ومقاتل . وقيل: معنى تغيير الدين: تحليل الحرام ، وتحريم الحلال .

والثاني: أنه تغيير الخلق بالخصاء ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس ، وهو مروي عن أنس بن مالك ، وعن مجاهد ، وقتادة ، وعكرمة كالقولين .

والثالث: أنه التغيير بالوشم وهو قول ابن مسعود ، والحسن في رواية .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #144  
قديم 22-03-2022, 09:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (144)
صــ206 إلى صــ 210

والرابع: أنه تغيير أمر الله ، رواه أبو شيبة عن عطاء .

والخامس: أنه عبادة الشمس والقمر والحجارة ، وتحريم ما حرموا من الأنعام ، وإنما خلق ذلك للانتفاع به ، قاله الزجاج .

قوله تعالى: ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله في المراد بالولي قولان .

أحدهما: أنه بمعنى: الرب ، قاله مقاتل .

والثاني: من الموالاة ، قاله أبو سليمان الدمشقي . فإن قال قائل: من أين لإبليس العلم بالعواقب حتى قال: ولأضلنهم . وقال في [الأعراف: 17]: ولا تجد أكثرهم شاكرين . وقال في "بني إسرائيل" [62]: لأحتنكن ذريته إلا قليلا فعنه ثلاثة أجوبة .

أحدها: أنه ظن ذلك ، فتحقق ظنه ، وذلك قوله تعالى: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه [سبأ: 20] قاله الحسن ، وابن زيد .

وفي سبب ذلك الظن قولان .

أحدهما: أنه لما قال الله تعالى له : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين [ص: 85] علم أنه ينال ما يريد . والثاني: أنه لما استزل آدم ، قال: ذرية هذا أضعف منه . [ ص: 207 ] والثاني: أن المعنى: لأحرضن ولأجتهدن في ذلك ، لا أنه كان يعلم الغيب ، قاله ابن الأنباري .

والثالث: أن من الجائز أن يكون علما من جهة الملائكة بخبر من الله تعالى أن أكثر الخلق لا يشكرون ، ذكره الماوردي . فإن قيل: فلم اقتصر على بعضهم؟ فقال: نصيبا مفروضا وقال: ولا تجد أكثرهم شاكرين [الأعراف: 17] وقال: (إلا قليلا); فعنه ثلاثة أجوبة .

أحدها: أنه يجوز أن يكون علم مآل الخلق من جهة الملائكة ، كما بينا .

والثاني: أنه لم ينل من آدم كل ما يريد ، طمع في بعض أولاده ، وأيس من بعض .

والثالث: أنه لما عاين الجنة والنار ، علم أنهما خلقتا لمن يسكنهما ، فأشار بالنصيب المفروض إلى ساكني النار .
قوله تعالى: يعدهم يعني: الشيطان يعد أولياءه . وفيما يعدهم به قولان .

أحدهما: أنه لا بعث لهم ، قاله مقاتل . والثاني: النصرة لهم ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . وفيما يمنيهم قولان .

أحدهما: الغرور والأماني ، مثل أن يقول: سيطول عمرك ، وتنال من الدنيا مرادك . والثاني: الظفر بأولياء الله .

يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا

[ ص: 208 ] قوله تعالى: وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أي: باطلا يغرهم به ، فأما المحيص ، فقال الزجاج : هو المعدل والملجأ ، يقال: حصت عن الرجل أحيص ، ورووا: جضت أجيض بالجيم والضاد ، بمعنى: حصت ، ولا يجوز ذلك في القرآن ، وإن كان المعنى واحدا ، لأن القراءة سنة ، والذي في القرآن أفصح مما يجوز ، ويقال: حصت أحوص حوصا وحياصة: إذا خطت ، قال الأصمعي: يقال حص عين صقرك ، أي: خط عينه ، والحوص في العين: ضيق مؤخرها ، ويقال: وقع في حيص بيص . وحاص باص: إذا وقع فيما لا يقدر على التخلص منه .
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا

قوله تعالى: ليس بأمانيكم في سبب نزولها ثلاثة أقوال . .

أحدها: أن أهل الأديان اختصموا ، فقال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك ، وقال المسلمون: كتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا خاتم الأنبياء ، فنزلت هذه الآية ، ثم خير بين [ ص: 209 ] الأديان بقوله: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله رواه العوفي ، عن ابن عباس ، وإلى هذا المعنى ذهب مسروق ، وأبو صالح ، وقتادة ، والسدي .

والثاني: أن العرب قالت: لا نبعث ، ولا نعذب ، ولا نحاسب ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول مجاهد .

والثالث: أن اليهود والنصارى قالوا: لا يدخل الجنة غيرنا ، وقالت قريش: لا نبعث ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عكرمة .

قال الزجاج : اسم "ليس" مضمر ، والمعنى: ليس ثواب الله عز وجل بأمانيكم ، وقد جرى ما يدل على الثواب ، وهو قوله: سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار . وفي المشار إليهم بقوله "أمانيكم" قولان .

أحدهما: أنهم المسلمون على قول الأكثرين .

والثاني: المشركون على قول مجاهد . فأما أماني المسلمين ، فما نقل من قولهم: كتابنا ناسخ للكتب ، ونبينا خاتم الأنبياء ، وأماني المشركين قولهم: لا نبعث ، وأماني أهل الكتاب قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه ، وإن النار لا تمسنا إلا أياما معدودة ، وإن كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء ، فأخبر الله عز وجل أن دخول الجنة والجزاء بالأعمال لا بالأماني . وفي المراد "بالسوء" قولان .

أحدهما: أنه المعاصي ، ومنه حديث أبي بكر الصديق أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية؟ (من يعمل سوءا يجز به) فإذا عملنا سوءا جزينا [ ص: 210 ] به فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ، ألست تمرض ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به .

والثاني: أنه الشرك ، قاله ابن عباس ، ويحيى بن أبي كثير . وفي هذا الجزاء قولان . أحدهما: أنه عام في كل من عمل سوءا فإنه يجازى به ، وهو معنى قول أبي بن كعب ، وعائشة ، واختاره ابن جرير ، واستدل عليه بحديث أبي بكر الذي قدمناه .

والثاني: أنه خاص في الكفار يجازون بكل ما فعلوا ، فأما المؤمن فلا يجازى بكل ما جنى ، قاله الحسن البصري . وقال ابن زيد: وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيآتهم ، ولم يعد المشركين .

قوله تعالى: ولا يجد له من دون الله وليا قال أبو سليمان: لا يجد من أراد الله أن يجزيه بشيء من عمله وليا ، وهو القريب ، ولا ناصرا يمنعه من عذاب الله وجزائه .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #145  
قديم 22-03-2022, 09:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (145)
صــ211 إلى صــ 215

ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا

قوله تعالى: ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن قال مسروق: لما نزلت ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء ، فنزلت ومن يعمل من الصالحات الآية ، وهذه تدل على ارتباط الإيمان بالعمل الصالح ، فلا يقبل أحدهما إلا بوجود الآخر ، وقد سبق ذكر "النقير" .
ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا

قوله تعالى: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله قال ابن عباس : خير الله بين الأديان بهذه الآية . و "أسلم" بمعنى: أخلص . وفي "الوجه" قولان .

أحدهما: أنه الدين . والثاني: العمل . وفي الإحسان قولان . أحدهما: أنه التوحيد ، قاله ابن عباس . والثاني: القيام لله بما فرض الله ، قاله أبو سليمان الدمشقي .

وفي اتباع ملة إبراهيم قولان . أحدهما: اتباعه على التوحيد والطاعة .

والثاني: اتباع شريعته ، اختاره القاضي أبو يعلى . فأما الخليل ، فقال ابن عباس : الخليل: الصفي ، وقال غيره: المصافي ، وقال الزجاج : هو المحب الذي ليس في محبته خلل . قال: وقيل: الخليل: الفقير ، فجائز أن يكون إبراهيم سمي خليل الله بأنه أحبه محبة كاملة ، وجائز أن يكون لأنه لم يجعل فقره وفاقته إلا إليه ، و "الخلة": الصداقة ، لأن كل واحد يسد خلل صاحبه ، و "الخلة" بفتح الخاء: الحاجة ، سميت خلة للاختلال الذي يلحق الإنسان فيما يحتاج إليه ، [ ص: 212 ] وسمي الخل الذي يؤكل خلا ، لأنه اختل منه طعم الحلاوة . وقال ابن الأنباري: الخليل: فعيل من الخلة ، والخلة: المودة . وقال بعض أهل اللغة: الخليل: المحب ، والمحب الذي ليس في محبته نقص ولا خلل ، والمعنى: أنه كان يحب الله ، ويحبه الله محبة لا نقص فيها ، ولا خلل ، ويقال: الخليل: الفقير ، فالمعنى: اتخذه فقيرا إليه ينزل فقره وفاقته به ، لا بغيره . وفي سبب اتخاذ الله له خليلا ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه اتخذه خليلا لإطعامه الطعام ، روى عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا؟ قال: لإطعامه الطعام"

والثاني: أن الناس أصابتهم سنة فأقبلوا إلى باب إبراهيم يطلبون الطعام ، وكانت له ميرة من صديق له بمصر في كل سنة ، فبعث غلمانه بالإبل إلى صديقه ، فلم يعطهم شيئا ، فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بميرة ، فملؤوا الغرائر رملا ، ثم أتوا إبراهيم عليه السلام ، فأعلموه ، فاهتم إبراهيم لأجل الخلق . فنام وجاءت سارة وهي لا تعلم ما كان ، ففتحت الغرائر ، فإذا دقيق حواري ، فأمرت الخبازين فخبزوا ، وأطعموا الناس ، فاستيقظ إبراهيم ، فقال: من أين هذا الطعام؟ فقالت: من عند خليلك المصري ، فقال: بل من عند خليلي الله عز وجل ، فيومئذ اتخذه الله خليلا ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثالث: أنه اتخذه خليلا لكسره الأصنام ، وجداله قومه ، قاله مقاتل .
[ ص: 213 ] ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا

قوله تعالى: وكان الله بكل شيء محيطا أي: أحاط علمه بكل شيء .
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما

قوله تعالى: ويستفتونك في النساء في سبب نزولها خمسة أقوال .

أحدها: أنهم كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء والأطفال ، فلما فرض الله المواريث في هذه السورة ، شق ذلك عليهم ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد .

والثاني: أن ولي اليتيمة كان يتزوجها إذا كانت جميلة وهويها ، فيأكل مالها ، وإن كانت دميمة منعها الرجال حتى تموت ، فإذا ماتت ورثها ، فنزلت هذه [ ص: 214 ] الآية رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس .

والثالث: أنهم كانوا لا يؤتون النساء صدقاتهن ، ويتملك ذلك أولياؤهن ، فلما نزل قوله: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عائشة رضي الله عنها .

والرابع: أن رجلا كانت له امرأة كبيرة ، وله منها أولاد ، فأراد طلاقها ، فقالت: لا تفعل ، واقسم لي في كل شهر إن شئت أو أكثر ، فقال: لئن كان هذا يصلح ، فهو أحب إلي ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ذلك ، فقال: "قد سمع الله ما تقول ، فإن شاء أجابك" فنزلت هذه الآية ، والتي بعدها ، رواه سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير .

[ ص: 215 ] والخامس: أن ولي اليتيمة كان إذا رغب في مالها وجمالها لم يبسط لها في صداقها ، فنزلت هذه الآية ، ونهوا أن ينكحوهن ، أو يبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق ، ذكره القاضي أبو يعلى .

وقوله: ويستفتونك أي: يطلبون الفتوى ، وهي تبيين المشكل من الأحكام . وقيل: الاستفتاء: الاستخبار . قال المفسرون: والذي استفتوه فيه ، ميراث النساء ، وذلك أنهم قالوا: كيف ترث المرأة والصبي الصغير؟

قوله تعالى: وما يتلى عليكم في الكتاب قال الزجاج : موضع "ما" رفع ، المعنى: الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب أيضا يفتيكم فيهن . وهو قوله: وآتوا اليتامى أموالهم الآية .

والذي تلي عليهم في التزويج قوله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء

وفي يتامى النساء قولان .

أحدهما: أنهن النساء اليتامى ، فأضيفت الصفة إلى الاسم ، كما تقول: يوم الجمعة .

والثاني: أنهن أمهات اليتامى ، فأضيف إليهن أولادهن اليتامى .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #146  
قديم 22-03-2022, 10:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد





تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (146)
صــ216 إلى صــ 220

وفي الذي كتب لهن قولان .

أحدهما: أنه الميراث . قاله ابن عباس ، ومجاهد في آخرين . والثاني: أنه الصداق . ثم في المخاطب بهذا قولان . [ ص: 216 ] أحدهما: أنهم أولياء المرأة كانوا يحوزون صداقها دونها . والثاني: ولي اليتيمة ، كان إذا تزوجها لم يعدل في صداقها . وفي قوله: وترغبون أن تنكحوهن قولان .

أحدهما: وترغبون أن تنكحوهن رغبة في جمالهن ، وأموالهن ، هذا قول عائشة ، وعبيدة . والثاني: وترغبون عن نكاحهن لقبحهن ، فتمسكوهن رغبة في أموالهن ، وهذا قول الحسن .

قوله تعالى: والمستضعفين من الولدان قال الزجاج : موضع المستضعفين خفض على قوله: وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء المعنى: وفي الولدان . قال ابن عباس : يريد أنهم لم يكونوا يورثون صغيرا من الغلمان والجواري ، فنهاهم الله عن ذلك ، وبين لكل ذي سهم سهمه .

قوله تعالى: وأن تقوموا لليتامى بالقسط قال الزجاج : موضع "أن" خفض ، فالمعنى: في يتامى النساء ، وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط . قال ابن عباس : يريد العدل في مهورهن ومواريثهن .
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا

قوله تعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا في سبب نزولها ثلاثة أقوال .

أحدها: أن سودة خشيت أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت: يا رسول الله لا تطلقني ، وأمسكني ، واجعل يومي لعائشة ، ففعل ، فنزلت هذه الآية ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس .

[ ص: 217 ] والثاني: أن بنت محمد بن مسلمة كانت تحت رافع بن خديج ، فكره منها أمرا ، إما كبرا ، وإما غيرة ، فأراد طلاقها ، فقالت: لا تطلقني ، واقسم لي ما شئت ، فنزلت هذه الآية ، رواه الزهري عن سعيد بن المسيب . قال مقاتل: واسمها خويلة .

والثالث: قد ذكرناه عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير في نزول الآية التي قبلها . وقالت عائشة: نزلت في المرأة تكون عند الرجل ، فلا يستكثر منها ويريد فراقها ، ولعلها تكون له محبة أو يكون لها ولد فتكره فراقه ، فتقول له: لا تطلقني وأمسكني ، وأنت في حل من شأني . رواه البخاري ، ومسلم .

[ ص: 218 ] وفي خوف النشوز قولان . أحدهما: أنه العلم به عند ظهوره .

والثاني: الحذر من وجوده لأماراته . قال الزجاج : والنشوز من بعل المرأة: أن يسيء عشرتها ، وأن يمنعها نفسه ونفقته . وقال أبو سليمان: نشوزا ، أي: نبوا عنها إلى غيرها ، وإعراضا عنها ، واشتغالا بغيرها .

فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر: يصالحا بينهما بفتح الياء ، والتشديد . والأصل: "يتصالحا" ، فأدغمت التاء في الصاد . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي: "يصلحا" بضم الياء ، والتخفيف . قال المفسرون: والمعنى: أن يوقعا بينهما أمرا يرضيان به ، وتدوم بينهم الصحبة ، مثل أن تصبر على تفضيله . وروي عن علي ، وابن عباس: أنهما أجازا لهما أن يصطلحا على ترك بعض مهرها ، أو بعض أيامها ، بأن يجعله لغيرها . وفي قوله: والصلح خير قولان .

أحدهما: خير من الفرقة ، قاله مقاتل ، والزجاج .

والثاني: خير من النشوز والإعراض ، ذكره الماوردي . قال قتادة: متى ما رضيت بدون ما كان لها ، واصطلحا عليه ، جاز ، فإن أبت لم يصلح أن يحبسها على الخسف .

قوله تعالى: وأحضرت الأنفس الشح "أحضرت" بمعنى: ألزمت . و "الشح": الإفراط في الحرص على الشيء . وقال ابن فارس: "الشح": البخل مع الحرص ، وتشاح الرجلان على الأمر: لا يريدان أن يفوتهما . وفيمن يعود إليه هذا الشح من الزوجين قولان .

أحدهما: المرأة ، فتقديره: وأحضرت نفس المرأة الشح بحقها من زوجها ، هذا قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير . [ ص: 219 ] والثاني: الزوجان جميعا ، فالمرأة تشح على مكانها من زوجها ، والرجل يشح عليها بنفسه إذا كان غيرها أحب إليه ، هذا قول الزجاج . وقال ابن زيد: لا تطيب نفسه أن يعطيها شيئا فتحلله ، ولا تطيب نفسها أن تعطيه شيئا من مالها ، فتعطفه عليها .

قوله تعالى: وإن تحسنوا فيه قولان .

أحدهما: بالصبر على التي يكرهها . والثاني: بالإحسان إليها في عشرتها .

قوله تعالى: وتتقوا يعني: الجور عليها فإن الله كان بما تعملون خبيرا فيجازيكم عليه .
ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما

قوله تعالى: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء قال أهل التفسير: لن تطيقوا أن تسووا بينهن في المحبة التي هي ميل الطباع ، لأن ذلك ليس من كسبكم (ولو حرصتم) على ذلك (فلا تميلوا) إلى التي تحبون في النفقة [ ص: 220 ] والقسم . وقال مجاهد: لا تتعمدوا الإساءة فتذروا الأخرى كالمعلقة . قال ابن عباس : المعلقة: التي لا هي أيم ، ولا ذات بعل . وقال قتادة: المعلقة: المسجونة .

قوله تعالى: وإن تصلحوا أي: بالعدل في القسمة وتتقوا الجور فإن الله كان غفورا لميل القلوب .
وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا

قوله تعالى: وإن يتفرقا يقول: وإن أبت المرأة أن تسمح لزوجها بإيثار التي يميل إليها ، واختارت الفرقة ، فإن الله يغني كل واحد من سعته . قال ابن السائب: يغني المرأة برجل ، والرجل بامرأة . ثم ذكر ما يوجب الرغبة إليه في طلب الخير ، فقال: ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم يعني: أهل التوراة ، والإنجيل ، وسائر الكتب (وإياكم) يا أهل القرآن (أن اتقوا الله) قيل: وحدوه (وإن تكفروا) بما أوصاكم به (فإن لله ما في السماوات وما في الأرض) فلا يضره خلافكم . وقيل: له ما في السماوات ، وما في الأرض من الملائكة ، فهم أطوع له منكم . وقد ذكرنا في سورة (البقرة) معنى "الغني الحميد" ، وفي (آل عمران) معنى "الوكيل" .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #147  
قديم 22-03-2022, 10:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (147)
صــ221 إلى صــ 225

إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا

[ ص: 221 ] قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس قال ابن عباس : يريد المشركين والمنافقين (ويأت بآخرين) أطوع له منكم . وقال أبو سليمان: هذا تهدد للكفار ، يقول: إن يشأ يهلككم كما أهلك من قبلكم إذ كفروا به ، وكذبوا رسله .
من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا

قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا قيل: إن هذه الآية نزلت من أجل المنافقين كانوا لا يصدقون بالقيامة ، وإنما يطلبون عاجل الدنيا ، ذكره أبو سليمان . وقال الزجاج : كان مشركو العرب يتقربون إلى الله ليعطيهم من خير الدنيا ، ويصرف عنهم شرها ، ولا يؤمنون بالبعث ، فأعلم الله عز وجل أن خير الدنيا والآخرة عنده . وذكر الماوردي : أن المراد بثواب الدنيا: الغنيمة في الجهاد ، وثواب الآخرة: الجنة . قال: والمراد بالآية: حث المجاهد على قصد ثواب الله .
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط في سبب نزولها قولان .

[ ص: 222 ] أحدهما: أن فقيرا وغنيا اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان صغوه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول السدي .

والثاني: أنها متعلقة بقصة ابن أبيرق ، فهي خطاب للذين جادلوا عنه ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . و "القوام": مبالغة من قائم . و "القسط": العدل . قال ابن عباس : كونوا قوالين بالعدل في الشهادة على من كانت ، ولو على أنفسكم . وقال الزجاج : معنى الكلام: قوموا بالعدل ، واشهدوا لله بالحق ، وإن كان الحق على الشاهد ، أو على والديه ، أو قريبه ، (إن يكن) المشهود له (غنيا) فالله أولى به ، وإن يكن (فقيرا) فالله أولى به . فأما الشهادة على النفس ، فهي إقرار الإنسان بما عليه من حق . وقد أمرت الآية بأن لا ينظر إلى فقر المشهود عليه ، ولا إلى غناه ، فإن الله تعالى أولى بالنظر إليهما . قال عطاء: لا تحيفوا على الفقير ، ولا تعظموا الغني ، فتمسكوا عن القول فيه . وممن قال: إن الآية نزلت في الشهادات ، ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، والزهري ، وقتادة ، والضحاك .

قوله تعالى: فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا فيه أربعة أقوال .

أحدها: أن معناه: فلا تتبعوا الهوى ، واتقوا الله أن تعدلوا عن الحق ، قاله مقاتل .

والثاني: ولا تتبعوا الهوى لتعدلوا ، قاله الزجاج . والثالث: فلا تتبعوا الهوى كراهية أن تعدلوا عن الحق . والرابع: فلا تتبعوا الهوى فتعدلوا ، ذكرهما الماوردي .

قوله تعالى: وإن تلووا قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، [ ص: 223 ] والكسائي: تلووا ، بواوين ، الأولى مضمومة ، واللام ساكنة .

وفي معنى هذه القراءة ثلاثة أقوال .

أحدها: أن يلوي الشاهد لسانه بالشهادة إلى غير الحق . قال ابن عباس : يلوي لسانه بغير الحق ، ولا يقيم الشهادة على وجهها ، أو يعرض عنها ويتركها . وهذا قول مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد .

والثاني: أن يلوي الحاكم وجهه إلى بعض الخصوم ، أو يعرض عن بعضهم ، روي عن ابن عباس أيضا .

والثالث: أن يلوي الإنسان عنقه إعراضا عن أمر الله لكبره وعتوه .

ويكون: "أو تعرضوا" بمعنى: وتعرضوا ، ذكره الماوردي . وقرأ الأعمش ، وحمزة ، وابن عامر: "تلوا" بواو واحدة ، واللام مضمومة . والمعنى: أن تلوا أمور الناس ، أو تتركوا ، فيكون الخطاب للحكام .
يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أن عبد الله بن سلام ، وأسدا ، وأسيد ابني كعب ، وثعلبة بن قيس ، وسلاما ، وسلمة ، ويامين . وهؤلاء مؤمنو أهل الكتاب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 224 ] فقالوا: يا رسول الله نؤمن بك ، وبكتابك ، وبموسى ، والتوراة ، وعزير ، ونكفر بما سوى ذلك من الكتب والرسل ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثاني: أن مؤمني أهل الكتاب كان بينهم وبين اليهود كلام لما أسلموا ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول مقاتل .

وفي المشار إليهم بقوله: يا أيها الذين آمنوا ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم المسلمون ، قاله الحسن ، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بمحمد والقرآن ، اثبتوا على إيمانكم .

والثاني: اليهود والنصارى ، قاله الضحاك ، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بموسى ، والتوراة ، وبعيسى ، والإنجيل: آمنوا بمحمد والقرآن .

والثالث: المنافقون ، قاله مجاهد ، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا في الظاهر بألسنتهم ، آمنوا بقلوبكم .

قوله تعالى: والكتاب الذي نزل على رسوله قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر: "نزل" على رسوله ، والكتاب الذي أنزل من قبل ، مضمومتين .

وقرأ نافع ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي: نزل على رسوله ، والكتاب الذي أنزل مفتوحتين . والمراد بالكتاب: الذي نزل على رسوله القرآن ، والكتاب الذي أنزل من قبل: كل كتاب أنزل قبل القرآن ، فيكون "الكتاب" هاهنا: اسم جنس .
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا

[ ص: 225 ] قوله تعالى: إن الذين آمنوا ثم كفروا اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها في اليهود آمنوا بموسى ، ثم كفروا بعد موسى ، ثم آمنوا بعزير ، ثم كفروا بعده بعيسى ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، هذا قول ابن عباس . وروي عن قتادة قال: آمنوا بموسى ، ثم كفروا بعبادة العجل ، ثم آمنوا به بعد عوده ، ثم كفروا بعده بعيسى ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد .

والثاني: أنها في اليهود والنصارى ، آمن اليهود بالتوراة ، وكفروا بالإنجيل ، وآمن النصارى بالإنجيل ، ثم تركوه فكفروا به ، ثم ازدادوا كفرا بالقرآن وبمحمد ، رواه شيبان عن قتادة . وروي عن الحسن قال: هم قوم من أهل الكتاب ، قصدوا تشكيك المؤمنين ، فكانوا يظهرون بالإيمان ثم الكفر ، ثم ازدادوا كفرا بثبوتهم على دينهم . وقال مقاتل: آمنوا بالتوراة وموسى ، ثم كفروا من بعد موسى ، ثم آمنوا بعيسى والإنجيل ، ثم كفروا من بعده ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد والقرآن .

والثالث: أنها في المنافقين آمنوا ، ثم ارتدوا ، ثم ماتوا على كفرهم . قاله مجاهد . وروى ابن جريج عن مجاهد: (ثم ازدادوا كفرا) قال: ثبتوا عليه حتى ماتوا . قال ابن عباس : (لم يكن الله ليغفر لهم) ما أقاموا على ذلك (ولا ليهديهم سبيلا) أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين . قال: وإنما علق امتناع المغفرة بكفر بعد كفر ، لأن المؤمن بعد الكفر يغفر له كفره ، فإذا ارتد طولب بالكفر الأول .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #148  
قديم 22-03-2022, 10:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (148)
صــ226 إلى صــ 230

بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما

قوله تعالى: بشر المنافقين زعم مقاتل أنه لما نزلت المغفرة في (سورة [ ص: 226 ] الفتح) للنبي والمؤمنين قال عبد الله بن أبي ونفر معه: فما لنا؟ فنزلت هذه الآية .

وقال غيره: كان المنافقون يتولون اليهود ، فألحقوا بهم في التبشير بالعذاب . وقال الزجاج : معنى الآية: اجعل موضع بشارتهم العذاب . والعرب تقول: تحيتك الضرب ، أي: هذا بدل لك من التحية . قال الشاعر:


وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع




الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا

قوله تعالى: الذين يتخذون الكافرين أولياء قال ابن عباس : يتخذون اليهود أولياء في العون والنصرة .

قوله تعالى: أيبتغون عندهم العزة أي: القوة بالظهور على محمد وأصحابه ، والمعنى: أيتقون بهم؟ قال مقاتل: وذلك أن اليهود أعانوا مشركي العرب على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال الزجاج : أيبتغي المنافقون عند الكافرين العزة .

[ ص: 227 ] و "العزة": المنعة ، وشدة الغلبة ، وهو مأخوذ من قولهم: أرض عزاز . قال الأصمعي: "العزاز": الأرض التي لا تنبت . فتأويل العزة: الغلبة والشدة التي لا يتعلق بها إذلال . قالت الخنساء:


كأن لم يكونوا حمى يتقى إذ الناس إذ ذاك من عز بزا


أي: من قوي وغلب سلب . ويقال: قد استعز على المريض ، أي: اشتد وجعه . وكذلك قول الناس: يعز علي أن يفعل ، أي: يشتد ، وقولهم: قد عز الشيء: إذا لم يوجد ، معناه: صعب أن يوجد ، والباب واحد .
[ ص: 228 ] وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا

قوله تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب وقرأ عاصم ، ويعقوب: "نزل" بفتح النون والزأي . قال المفسرون: الذي نزل عليهم في النهي عن مجالستهم . قوله في [الأنعام: 68] وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم وكان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود ، فيسخرون من القرآن ويكذبون به ، فنهى الله المسلمين عن مجالستهم . وآيات الله: هي القرآن . والمعنى: إذا سمعتم الكفر بآيات الله ، والاستهزاء بها ، فلا تقعدوا معهم حتى يأخذوا في حديث غير الكفر ، والاستهزاء . (إنكم) إن جالستموهم على ما هم عليه من ذلك ، فأنتم (مثلهم) وفي ماذا تقع المماثلة ، فيه قولان .

أحدهما: في العصيان . والثاني: في الرضى بحالهم ، لأن مجالس الكافر غير كافر . وقد نبهت الآية على التحذير من مجالسة العصاة . قال إبراهيم النخعي: إن [ ص: 229 ] الرجل ليجلس في المجلس فيتكلم بالكلمة ، فيرضي الله بها ، فتصيبه الرحمة فتعم من حوله ، وإن الرجل ليجلس في المجلس ، فيتكلم بالكلمة ، فيسخط الله بها ، فيصيبه السخط ، فيعم من حوله .
الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا

قوله تعالى: الذين يتربصون بكم قال أبو سليمان: هذه الآية نزلت في المنافقين خاصة . قال مقاتل: كان المنافقون يتربصون بالمؤمنين الدوائر ، فإن كان الفتح ، قالوا: ألم نكن معكم؟ فأعطونا من الغنيمة . وإن كان للكافرين نصيب ، أي: دولة على المؤمنين ، قالوا للكفار: ألم نستحوذ عليكم؟ قال المبرد: ومعنى: ألم نستحوذ عليكم: ألم نغلبكم على رأيكم . وقال الزجاج : ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم . و "نستحوذ" في اللغة ، بمعنى: نستولي ، يقال: حذت الإبل ، وحزتها: إذا استوليت عليها وجمعتها . وقال غيره: ألم نستول عليكم بالمعونة والنصرة؟ وقال ابن جريج: ألم نبين لكم أنا على دينكم؟ وفي قوله: ونمنعكم من المؤمنين ثلاثة أقوال .

أحدها: نمنعكم منهم بتخذيلهم عنكم . والثاني: بما نعلمكم من أخبارهم .

والثالث: بصرفنا إياكم عن الدخول في الإيمان . ومراد الكلام: إظهار المنة من المنافقين على الكفار ، أي: فاعرفوا لنا هذا الحق عليكم .

[ ص: 230 ] قوله تعالى: فالله يحكم بينكم يوم القيامة يعني: المؤمنين والمنافقين . قال ابن عباس : يريد أنه أخر عقاب المنافقين .

قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه لا سبيل لهم عليهم يوم القيامة ، روى يسيع الحضرمي عن علي بن أبي طالب أن رجلا جاءه ، فقال: أرأيت قول الله عز وجل: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وهم يقاتلوننا [فيظهرون ويقتلون] ، فقال: ولن يجعل الله للكافرين يوم القيامة على المؤمنين سبيلا . هذا مروي عن ابن عباس ، وقتادة .

والثاني: أن المراد بالسبيل: الظهور عليهم ، يعني: أن المؤمنين هم الظاهرون ، والعاقبة لهم ، وهذا المعنى في رواية عكرمة ، عن ابن عباس . والثالث: أن السبيل: الحجة . قال السدي: لم يجعل الله عليهم حجة . يعني: فيما فعلوا بهم من القتل والإخراج من الديار . قال ابن جرير: لما وعد الله المؤمنين أنه لا يدخل المنافقين مدخلهم من الجنة ، ولا المؤمنين مدخل المنافقين ، لم يكن للكافرين على المؤمنين حجة بأن يقولوا لهم: أنتم كنتم أعداءنا ، وكان المنافقون أولياءنا ، وقد اجتمعتم في النار .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #149  
قديم 22-03-2022, 10:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (149)
صــ231 إلى صــ 235

إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا

قوله تعالى: إن المنافقين يخادعون الله أي: يعملون عمل المخادع . وقيل: يخادعون نبيه ، وهو خادعهم ، أي: مجازيهم على خداعهم . وقال الزجاج : لما أمر بقبول ما أظهروا ، كان خادعا لهم بذلك . وقيل: خداعه إياهم يكون في القيامة بإطفاء نورهم ، وقد شرحنا طرفا من هذا في (البقرة) .

قوله تعالى: وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى أي: متثاقلين . و "كسالى": جمع كسلان ، و "الكسل": التثاقل عن الأمر . وقرأ أبو عمران الجوني: "كسلى" بفتح الكاف ، وقرأ ابن السميفع: "كسلى" ، بفتح الكاف من غير ألف . وإنما كانوا هكذا . لأنهم يصلون حذرا على دمائهم ، لا يرجون بفعلها ثوابا ، ولا يخافون بتركها عقابا .

[ ص: 232 ] قوله تعالى: يراءون الناس أي: يصلون ليراهم الناس . قال قتادة: والله لولا الناس ما صلى المنافق . وفي تسمية ذكرهم بالقليل ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه سمي قليلا ، لأنه غير مقبول ، قاله علي رضي الله عنه ، وقتادة .

والثاني: لأنه رياء ، ولو كان لله ، لكان كثيرا ، قاله ابن عباس ، والحسن .

والثالث: أنه قليل في نفسه ، لأنهم يقتصرون على ما يظهر ، دون ما يخفى من القراءة والتسبيح ، ذكره الماوردي .
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا

قوله تعالى: مذبذبين بين ذلك المذبذب: المتردد بين أمرين ، وأصل التذبذب: التحرك ، والاضطراب ، وهذه صفة المنافق ، لأنه محير في دينه لا يرجع إلى اعتقاد صحيح . قال قتادة: ليسوا بالمشركين المصرحين بالشرك ، ولا بالمؤمنين المخلصين . قال ابن زيد: ومعنى "بين ذلك": بين الإسلام والكفر ، لم يظهروا الكفر فيكونوا إلى الكفار ، ولم يصدقوا الإيمان ، فيكونوا إلى المؤمنين . قال ابن عباس : ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا إلى الهدى . وقد روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل المنافق: مثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة ولا تدري أيها تتبع" .
[ ص: 233 ] يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا

قوله تعالى: لا تتخذوا الكافرين أولياء في المراد بالكافرين قولان .

أحدهما: اليهود ، قاله ابن عباس .

والثاني: المنافقون ، قال الزجاج : ومعنى الآية: لا تجعلوهم بطانتكم وخاصتكم .

والسلطان: الحجة الظاهرة ، وإنما قيل للأمير: سلطان ، لأنه حجة الله في أرضه ، واشتقاق السلطان: من السليط . والسليط: ما يستضاء به ، ومن هذا قيل للزيت: السليط . والعرب تؤنث السلطان وتذكره ، تقول: قضت عليك السلطان ، وأمرتك السلطان ، والتذكير أكثر ، وبه جاء القرآن ، فمن أنث ، ذهب إلى معنى الحجة ، ومن ذكر ، أراد صاحب السلطان . قال ابن الأنباري: تقدير الآية: أتريدون أن تجعلوا لله عليكم بموالاة الكافرين حجة بينة تلزمكم عذابه ، وتكسبكم غضبه؟ .
إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا

قوله تعالى: إن المنافقين في الدرك الأسفل قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر: بفتح الراء ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف: بتسكين الراء . قال الفراء: وهي لغتان . قال أبو عبيدة: جهنم أدراك ، أي: منازل ، [ ص: 234 ] وأطباق . فكل منزل منها: درك . وحكى ابن الأنباري عن بعض العلماء أنه قال: الدركات: مراق ، بعضها تحت بعض . وقال الضحاك: الدرج: إذا كان بعضها فوق بعضها ، والدرك: إذا كان بعضها أسفل من بعض . وقال ابن فارس: الجنة درجات ، والنار دركات . وقال ابن مسعود في هذه الآية: هم في توابيت من حديد مبهمة [عليهم] . قال ابن الأنباري: المبهمة: التي لا أقفال عليها ، يقال: أمر مبهم: إذا كان ملتبسا لا يعرف معناه ، ولا بابه .

قوله تعالى: ولن تجد لهم نصيرا قال ابن عباس : مانعا من عذاب الله .
إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما

قوله تعالى: إلا الذين تابوا قال مقاتل: سبب نزولها: أن قوما قالوا عند ذكر مستقر المنافقين: فقد كان فلان وفلان منافقين ، فتابوا ، فكيف يفعل بهم؟

[ ص: 235 ] فنزلت هذه الآية . ومعنى الآية: إلا الذين تابوا من النفاق (وأصلحوا) أعمالهم بعد التوبة (واعتصموا بالله) أي: استمسكوا بدينه . (وأخلصوا دينهم) فيه قولان .

أحدهما: أنه الإسلام ، وإخلاصه: رفع الشرك عنه ، قاله مقاتل .

والثاني: أنه العمل ، وإخلاصه: رفع شوائب النفاق والرياء منه ، قاله أبو سليمان الدمشقي .

قوله تعالى: فأولئك مع المؤمنين في "مع" قولان .

أحدهما: أنها على أصلها ، وهو الاقتران . وفي ماذا اقترنوا بالمؤمنين؟ فيه قولان .

أحدهما: في الولاية ، قاله مقاتل . والثاني: في الدين والثواب . قاله أبو سليمان .

والثاني: أنها بمعنى "من" فتقديره: فأولئك من المؤمنين ، قاله الفراء .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #150  
قديم 22-03-2022, 10:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (150)
صــ236 إلى صــ 240

ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما

قوله تعالى: ما يفعل الله بعذابكم "ما": حرف استفهام ومعناه: التقرير ، [ ص: 236 ] أي: إن الله لا يعذب الشاكر المؤمن ، ومعنى الآية: ما يصنع الله بعذابكم إن شكرتم نعمه ، وآمنتم به وبرسوله . والإيمان مقدم في المعنى وإن أخر في اللفظ . وروي عن ابن عباس: أن المراد بالشكر: التوحيد .

قوله تعالى: وكان الله شاكرا عليما أي: للقليل من أعمالكم ، عليما بنياتكم ، وقيل: شاكرا ، أي: قابلا .
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أن ضيفا تضيف قوما فأساؤوا قراه فاشتكاهم ، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكوا ، قاله مجاهد .

[ ص: 237 ] والثاني: أن رجلا نال من أبي بكر الصديق والنبي صلى الله عليه وسلم حاضر ، فسكت عنه أبو بكر مرارا ، ثم رد عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر: يا رسول الله شتمني فلم تقل له شيئا ، حتى إذا رددت عليه قمت؟! فقال: "إن ملكا كان يجيب عنك ، فلما رددت عليه ، ذهب الملك ، وجاء الشيطان" فنزلت هذه الآية ، هذا قول مقاتل . واختلف القراء في قراءة (إلا من ظلم) فقرأ الجمهور بضم الظاء ، وكسر اللام . وقرأ عبد الله بن عمرو ، والحسن ، وابن المسيب ، وأبو رجاء ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والضحاك ، وزيد بن أسلم ، بفتحهما . [ ص: 238 ] فعلى قراءة الجمهور ، في معنى الكلام ثلاثة أقوال .

أحدها: إلا أن يدعو المظلوم علة من ظلمه ، فإن الله قد أرخص له ، قاله ابن عباس . والثاني: إلا أن ينتصر المظلوم من ظالمه ، قاله الحسن ، والسدي .

والثالث: إلا أن يخبر المظلوم بظلم من ظلمه ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد .

وروى ابن جريج عنه قال: إلا أن يجهر الضيف بذم من لم يضيفه . فأما قراءة من فتح الظاء ، فقال ثعلب: هي مردودة على قوله: ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم وذكر الزجاج فيها قولين .

أحدهما: أن المعنى إلا أن الظالم يجهر بالسوء ظلما .

والثاني: إلا أن تجهروا بالسوء للظالم . فعلى هذا تكون "إلا" في هذا المكان استثناء منقطعا ، ومعناها: لكن المظلوم يجوز له أن يجهر لظالمه بالسوء . ولكن الظالم قد يجهر له بالسوء ، فاجهروا له بالسوء . وقال ابن زيد: إلا من ظلم ، أي: أقام على النفاق ، فيجهر له بالسوء حتى ينزع .

[ ص: 239 ] قوله تعالى: وكان الله سميعا أي: لما تجهرون به من سوء القول (عليما) بما تخفون . وقيل: سميعا لقوم المظلوم ، عليما بما في قلبه ، فليتق الله ، . ولا يقل إلا الحق وقال الحسن: من ظلم فقد رخص له أن يدعو على ظالمه من غير أن يعتدي ، مثل أن يقول: اللهم أعني عليه ، اللهم استخرج لي حقي ، اللهم حل بينه وبين ما يريد .
إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا

قوله تعالى: إن تبدوا خيرا قال ابن عباس : يريد من أعمال البر كالصيام والصدقة . وقال بعضهم: إن تبدوا خيرا بدلا من السوء . وأكثرهم على أن "الهاء" في "تخفوه" تعود إلى الخير . وقال بعضهم: تعود إلى السوء .

قوله تعالى: فإن الله كان عفوا قال أبو سليمان: أي: لم يزل ذا عفو مع قدرته ، فاعفوا أنتم مع القدرة .
إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا

قوله تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله فيهم قولان . [ ص: 240 ] أحدهما: أنهم اليهود كانوا يؤمنون بموسى ، وعزير ، والتوراة ، ويكفرون بعيسى ، والإنجيل ، ومحمد ، والقرآن ، قاله ابن عباس .

والثاني: أنهم اليهود والنصارى ، آمن اليهود بالتوراة وموسى ، وكفروا بالإنجيل وعيسى ، وآمن النصارى بالإنجيل وعيسى ، وكفروا بمحمد والقرآن ، قاله قتادة . ومعنى قوله: ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله أي: يريدون أن يفرقوا بين الإيمان بالله ، والإيمان برسله ، ولا يصح الإيمان به والتكذيب برسله أو ببعضهم (ويريدون أن يتخذوا بين ذلك) أي: بين إيمانهم ببعض الرسل ، وتكذيبهم ببعض (سبيلا) أي: مذهبا يذهبون إليه . وقال ابن جريج: دينا يدينون به .
أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما

قوله تعالى: أولئك هم الكافرون حقا ذكر "الحق" هاهنا: توكيدا لكفرهم إزالة لتوهم من يتوهم أن إيمانهم ببعض الرسل يزيل عنهم اسم الكفر .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 290.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 284.55 كيلو بايت... تم توفير 5.81 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]