الإسلام دعا إلى تأمين معيشة أهل الذمة من غير المسلمين عند العجز والشيخوخة
الشيخ ندا أبو أحمد
لقد ضمِن الإسلام الحنيف لأهل الذمة من غير المسلمين ممن يعيشون في بلاد الإسلام وفوق أرضه معيشةً ملائمة لهم، تسد حاجتهم، وتكفُل لهم حفظ حياتهم هم ومن يعولونهم... لماذا؟ لأنهم يعتبرون رَعِيَّة للدولة، والدولة مسؤولة عن رعاياها؛ مصداقًا لقول نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان البخاري ومسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، هذا ما قضت به الشريعة الإسلامية الغراء، وطُبِّقَ بصدق وأمانة في عهد نبي الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعهد الخلفاء الراشدين رضوان الله تعالى عليهم، فقد كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه لأهل الحيرة بالعراق - وكانوا نصارى - عقد ذمة، جاء فيه: "وجعلت لهم: أيما شيخ ضعُف عن العمل أو أصابته آفةٌ من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقَر، وصار أهل دينه يتصدَّقون عليه، طُرحت جزيته؛ أي وضعتُها عنه، وعِيِلَ[1] من بيت المسلمين هو وعياله"؛ (كتب الخراج لأبي يوسف).
كان هذا العهد في خلافة أبي بكر، وبحضرة عددٍ كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضِي عنهم، ولم يُنكر عليه أحدٌ، ومثل هذا يُعدُّ إجماعًا، والإجماع مصدر من مصادر التشريع في الإسلام، وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لاحظ أن شيخًا يهوديًّا يسأل الناس، فسأله عن سبب ذلك؟ فقال: الجزية والحاجة يا أمير المؤمنين، فقال عمر: والله ما أنصفناه إذ أكلنا شيبته ثم نسيناه في شيخوخته، ثم فرض له في بيت مال المسلمين ما يكفيه هو ومن يعول! (كتاب الخراج لأبي يوسف).
[1] عِيِلَ: أعطى.