|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه في المدينة النبوية سنة 13 للهجرة، وعمره 63 عامًا كعُمْرِ النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يترك دينارًا ولا درهمًا، ودُفِن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أحد أقرب منه من النبي صلى الله عليه وسلم لا في حياته ولا بعد موته، ويوم القيامة يُبعث من نفس البقعة التي يَبعث الله منها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، فيكون أقربَ الناس من النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة، فهو صاحب النبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، رضي الله عنه وأرضاه. أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين. الخطبة الثانية: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان، أما بعد: تحدثنا في الخطبة الأولى عن أبي بكر الصديق ثاني اثنين، وفي هذه الخطبة نتحدث عن عمر الفاروق رضي الله عنه، هو عمر بن الخطاب أبو حفص القُرَشي العَدَوي رضي الله عنه، أسلم وعمره بضع وعشرون سنة في السنة السادسة من البعثة النبوية، وأعز الله المسلمين بإسلامه، وهو من السابقين الأولين من المهاجرين، شهد مع النبي عليه الصلاة والسلام جميع غزواته، وثبت معه في غزوة أُحُدٍ وحُنَين، وتوفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو عنه راضٍ، واستخلفه أبو بكر الصديق يوم مات، فبايعه الناس، فقام بأعباء الخلافة لا يخاف في الله لومة لائم، وهو أول من سُمِّي أمير المؤمنين، وأول من ابتدأ التاريخ الهجري، وأول من بنى المدن في الإسلام، أمر ببناء البصرة والكوفة في العراق، وفتح بيت المقدس بنفسه، وأمر أن يُبنى في ساحة المسجد الأقصى مسجدًا، وهو المسمى المسجد العُمَري، وفضائل عمر كثيرة، منها ما يلي: روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}} [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغَيرة عليه، فقلت لهن: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن)، فنزلت هذه الآية. أيها المسلمون، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه عمر وعليه قميصٌ يَجُرُّه، وعبَّر ذلك بالدِّين، وفي رؤيا أخرى قال عليه الصلاة والسلام: «((رَأَيْتُ قَدَحًا أُتِيتُ بِهِ فِيهِ لَبَنٌ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ)) قالوا: فما أوَّلْتَ ذلك يا رسول الله؟ قال: ((الْعِلْمَ))» . كان عمر من أحب الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر، وكانا وزيرَي النبي عليه الصلاة والسلام، وتزوَّج النبي عليه الصلاة والسلام عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر رضي الله عنهم أجمعين، وكان أبو بكر وعمر يُكثِران من الجلوس مع النبي عليه الصلاة والسلام حضرًا وسفرًا، في الأمن والخوف، والسِّلم والحرب. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إن عمر كان أعلَمَنا بكتاب الله، وأفقَهَنا في دين الله). مكث عمر في الخلافة عشر سنوات ونصف، وكان يحج بالناس في كل عام، وجهَّز الجيوش بعد الجيوش حتى يسَّر الله الفتوح العظيمة في عهده، ففُتِحت الشام والعراق وإيران وأذربيجان وأرمينية وجنوب تركيا ومصر وليبيا، وولَّى عمر الولاة على الأمصار، وكان يتابع ولاته بأوامره ونصائحه، ويحاسبهم، ويعزل من يرى عزله منهم، وكان في خلافته يُعلِّم ويُفتي ويَقضي بين الناس، ويؤتي الزكاة مستحقيها، ويقسم الفيء بين المسلمين، وولَّى علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب قِسمة صدقةِ رسول الله من نخل بني النضير على بني هاشم، ودوَّن عمر الدواوين قبل أن يموت بعام. أيها المسلمون، كان عمر بن الخطاب عابدًا زاهدًا، خاشعًا متواضعًا، يلبس الثياب المرقَّعة، وكان كثير التلاوة لكتاب الله، ويُطيل القراءة في الصلاة، ويحب سماع القرآن الكريم من غيره، وكان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله بالصلاة يقول لهم: (الصلاة الصلاة)، ويتلو هذه الآية: {{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} } [طه: 132]. وكان عمر يكثر من هذا الدعاء: (اللهم اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا)، ويكثر أن يقول: (اللهم عافِنا واعفُ عنا). وكان علي بن أبي طالب يحب عمر ويُجِلُّه، وكان من وزرائه ومستشاريه، وزوَّج عليٌّ ابنته أم كلثوم من عمر، وسمَّى عليٌّ بعض أبنائه عمر. ومن أقوال عمر رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبَوا، فإنه أهون لحسابكم، وزِنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر، {{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }} [الحاقة: 18]). وقال عمر: (لا تؤخروا عمل اليوم لغد، وإذا خُيِّرتم بين أمرين أحدهما للدنيا والآخر للآخرة فاختاروا أمر الآخرة على أمر الدنيا، فإن الدنيا تفنى، وإن الآخرة تبقى، وتعلَّموا كتاب الله؛ فإنه ينابيع العلم، وربيع القلوب). أيها المسلمون، استُشْهِد عمر في المدينة بعد رجوعه من الحج بأيام آخر سنة 23 للهجرة، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس صلاة الفجر، ولما طُعِن صلَّى بالناس عبد الرحمن بن عوف، وحُمِل عمر إلى بيته، فصلى الفجر وجرحه يسيل دمًا، وقال: (لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة)، فجعل الناس يثنون عليه، فقال: (وددتُّ أني خرجتُ منها كَفافًا لا عليَّ ولا لي، لو أنَّ لي طِلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من هَوْلِ المُطَّلَع، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد)، وأجَّل الستة ثلاثًا، وقال لهم: (قوموا فتشاوروا، وأمِّروا أحدكم)، وأمر صُهيبًا أن يُصلي بالناس، ورأى عمر وهو في فراش الموت شابًا مسبِلًا إزاره، فقال له: (يا ابن أخي، ارفع ثوبَك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك)، ثم أمر أن يحسبوا ما عليه من الدَّين، وأمر ابنه عبد الله أن يقضيه، وقال لابنه عبد الله: (انطلق إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمرُ السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقُل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه)، فأذنت عائشة رضي الله عنها أن يُدفن عُمَر في حُجْرتها بجوار قبر النبي عليه الصلاة والسلام وقبر أبي بكر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: وُضِع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون له، فترحم عليه علي بن أبي طالب وقال: (ما خلَّفتُ أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثلِ عملِه منك، والله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «((ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ))،» فإن كنت لأظن أن يجعلك الله معهما). رضي الله عن أبي بكر وعمر، صاحباه في حياته، وجاراه بعد موته في قبره، اللهم ارض عنهما وعن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وجميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وصل وسلم على نبينا محمد وأهل بيته وأزواجه وذريته، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. أيها المسلمون، {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}} [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، {{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}} [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |