شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الصبر على الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حصر الواقع ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حديث عجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فمِنكَ وحدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          علة حديث: (من غسَّل واغتسل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          معنى أن الله - عز وجل - يصلي عليك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          غباء الأذكياء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          نواقض الإسلام العشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كم ركعة تصل في اليوم تطوُّعاً ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-08-2025, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 82 )

باب : صـــلاة الضُّـــحى ثمــاني ركعــــات

الفرقان


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
369-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ وَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَجدَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يُخْبِرُنِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُحَدِّثُني ذلك، غَيرَ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَتْنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّه[ أَتَى بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ يَومَ الْفَتْحِ، فَأُتِيَ بِثَوْبٍ فَسُتِرَ عَلَيْهِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، لا أَدْرِي أَقِيَامُهُ فِيهَا أَطْوَلُ، أَمْ رُكُوعُهُ أَمْ سُجُودُهُ؟ كُلُّ ذَلكَ مِنْهُ مُتَقَارِبٌ، قالَت: فَلَمْ أَرَهُ سَبَّحَهَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ.
الشرح : قال المنذري: باب: صلاة الضحى ثماني ركعات. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/498) وهو في الباب السابق. وقد رواه البخاري في المغازي (4041) باب: منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: عن ابن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحدٌ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ، فإنها ذكرت أنه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، ثم صلى ثماني ركعات، قالت: لم أره صلى صلاةً أخفّ منها، غير أنه يُتم الركوع والسجود .
قوله: «سَأَلْتُ وحرصْتُ عَلَى أَنْ أَجدَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يُخْبرُنِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى» سُبْحةَ الضُّحَى: أي نافلة الضحى. وهذا يدل - كما سبق - على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُواظب عليها، خشية أنْ تُفرض على أمته .
قوله: «غير أم هانئ بنْت أَبي طَالب»، وهي: فاختة على المشهور، وقيل: هند، وهي بنْت أَبي طَالب، أختُ علي رضي الله عنهما.
قوله: «أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَتَى بعد ما ارتَفعَ النَّهَارُ يوم الْفَتْحِ». أي: يوم فتح مكة، جاء بيتها رضي الله عنها ليغتسل من أثر الغزو، ويصلي صلاة الضحى فيه، وقيل: هي صلاة الفتح، شكراً لله تعالى، والأول أصح، وقد سبق الكلام عليه.
قال الحافظ ابن حجر: زاد كريب عن أم هانئ: «فسلّم منْ كل ركعتين»، أخرجه ابن خزيمة، وفيه: ردٌ على منْ تمسّك به في صلاتها موصولة، سواء صلى ثماني ركعات، أو أقل.
قال: وفي الطبراني: من حديث ابن أبي أوفى: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ركعتين، وهو محمولٌ على أنه رأى من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ورأتْ أم هانئ بقية الثماني، وهذا يقوي أنه صلاها مفصولة. انتهى كلام الحافظ.
قولها: «لا أَدْري أَقيَامُهُ فيها أَطْولُ، أَمْ رُكُوعُهُ أَم سُجُودُه؟ كُلُّ ذلك منه مُتَقَارِبٌ». وفي لفظ البخاري: قالت: «لم أره صلى صلاةً أخفّ منها، غير أنه يُتم الركوع والسجود» قال الطيبي: استُدل به على استحباب صلاة الضحى، وفيه نظر، لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغ لمهمات الفتح ، لكثرة شغله به.
وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الضحى فطوّل فيها، أخرجه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة.
واستدل بهذا الحديث :على إثبات سُنة الضحى، وحكى عياض عن قوم: أنه ليس في حديث أم هانئ دلالة على ذلك! قالوا: وإنما هي سُنة الفتح، وقد صلاها خالد بن الوليد في بعض فتوحه كذلك. وقد قيل: إنها كانت قضاء عما شُغل عنه تلك الليلة من حزبه.
وتعقبه النووي: بأنّ الصواب صحة الاستدلال به، لما رواه أبو داود وغيره: من طريق كريب عن أم هانئ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سُبحة الضحى.
ولمسلم في كتاب الطهارة: «ثم صلى ثماني ركعات سُبحة الضحى». وروى ابن عبد البر في التمهيد: عن عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، فصلى ثماني ركعات، فقلت: ما هذه؟ فقال: هذه صلاة الضحى.
قولها: «فَلَمْ أَرَهُ سَبَّحَهَا قبْلُ ولا بَعْدُ». هذا مبنيٌ على علمها، وإلا فقد رآه غيرها يصلي الضحى، كما سبق بيانه.
166- باب : الوصية بصلاة الضحى
370.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ.
الشرح : قوله: «أوصاني». أي : عَهِد إليّ، وأمرني أمرًا مؤكدا بهذه الأمور الثلاثة، وهذه الوصية النبوية العظيمة لأبي هريرة رضي الله عنه، هي وصية للأمة كلّها؛ لأنّ وصية النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه لواحد من أمته هو خطاب لأمته كلها، ما لم يدل دليلٌ على الخصوصية ، لقوله تعالى: {وما أرسلنَاك إلا رَحمةً للعَالمين}.
ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها أيضا: أبا ذر، وأبا الدرداء رضي الله عنهما.
وقوله: «خليلي» يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبّر بهذه المرتبة التي هي أعلى أنواع المحبة، لبيان عظيم ِمحبته وافتخاره بمنزلته من النبي صلى الله عليه وسلم .
وليس في قول أبي هريرة رضي الله عنه هذا، تعارضٌ مع قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: «لو كنتُ متخذاً من أمتي خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليلُ الله»؛ لأنّ أبا هريرة لم يُخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم اتَّخَذه خليلا، ولكنه يُخبر عن نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم خليلُه، أي: أنّ الْخُلّة مِن جِهة أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: «ويُؤخذ منه الافتخار بصحبة الأكابر، إذا كان ذلك على معنى التحدّث بالنعمة، والشكر لله، لا على وجه المباهاة».
أما الوصايا النبوية الثلاث :
- فأول الوصايا: هي صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ وذلك أن الصيام يعوّد النفس على الصبر والتحمل، ويعلّم الأمانة ومراقبة الله تعالى في السِّر والعلن؛ إذْ لا رقيب على الصائم إلا الله وحده، وفيه جهاد للنفس ومقاومة للأهواء، كما أنه ينمِّي عاطفة الرحمة والأخوة والشعور بالآخرين من الفقراء والمحتاجين.
وفوق ما مرّ من فوائد، فإن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، يعدل صيام الشهر كله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما -: «إنّ بِحَسْبِك أنْ تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإنّ لك بكلّ حسنةٍ عشر أمثالها، فإنّ ذلك صيام الدهر كله» متفق عليه .
وقد اخْتُلِف في هذه الأيام، هل هي أيام البيض، أو أنها الأوائل مِن كل شهر، أو أنها تُصام أيام الإثنين والخميس، فذهب الإمام البخاري إلى أنها أيام البيض؛ حيث بوّب على حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي نحن بصدد شرحه بقوله: «باب صيام أيام البيض، ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة».
والأرجح أنه طالما لم يحصل تقييد في الحديث لها، فليأخذ المرء بما يتيسر له، سواء كان ذلك بصيام ثلاثة أيام من أول كل شهر، أو وسطه أو آخره، متتابعة أو متفرقة ، والله أعلم.
لكن يستحب أن يجعل هذه الثلاثة: أيام البيض; لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا ذر، إذا صمتَ من الشهر، فصم ثلاثَ عشرة، وأربعَ عشرة، وخمسَ عشرة». أخرجه الترمذي.
وروى النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأعرابي: «كُل» قال: إني صائم. قال: «صوم ماذا ؟»، قال: صوم ثلاثة أيام من الشهر . قال: «إنْ كنت صائما فعليك بالغُر البيض: ثلاثَ عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وسميت أيام البيض: لابيضاض ليلها كله بالقمر، والتقدير: أيام الليالي البيض.
- أما الوصية الثانية: عدم ترك ركعتي الضحى.
وصلاة الضحى كما سبق هي صلاة نافلة مؤكدة، يبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح، إلى قبيل وقت الزوال، وأقلها ركعتان.
وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الضّحى، وذكر فضلها في أحاديث كثيرة، سبق منها أحاديث.
- أما الوصية الثالثة: فالمحافظة على صلاة الوتر. وصلاة الوتر هي الصلاة التي تُختم بها صلاة الليل ، وسميت بذلك؛ لأنها تصلى وتراً، أي ركعة واحدة، أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك، وأقلها ركعة واحدة، والأفضل تأخير فعلها إلى آخر الليل، لمن وثق باستيقاظه قبل الفجر، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «منْ خافَ أنْ لا يقوم آخر الليل، فليُوتر أوله، ومنْ طَمِع أنْ يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإنّ صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل». رواه مسلم.
ومع أفضلية الوتر في آخر الليل، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل نومه، وقد اجتهد العلماء في معرفة سبب ذلك، فقال الحافظ ابن حجر: «قيل سببه: أنه رضي الله عنه كان يشتغل أول ليله، باستحضاره لمحفوظاته من الأحاديث الكثيرة، التي لم يسايره في حفظ مثلها أكثر الصحابة، فكان يَمضي عليه جزءٌ كبير من أول الليل، فلم يكد يطمع في استيقاظ آخره، فأمره عليه السلام بتقديم الوتر لذلك لاشتغاله بما هو أولى».
وقال الطيبي: «كان المناسب أنْ يقال: والوتر قبل النوم ليناسب المعطوف عليه، فأتى بأنْ المصدرية وأبرز الفعل وجعله فاعلاً اهتماما بشأنه، وأنه أليق بحاله لمّا خاف الفوت أنْ ينام عنه، وإلا فالوتر آخر الليل أفضل». ويمكن أن يكون لسبب آخر، والله أعلم .
167- باب: صلاة الأوّابين
371.عَنْ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه: رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنْ الضُّحَى، فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ ، حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ».
الشرح : قال المنذري: باب: صلاة الأوّابين. قوله: «أن زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه: رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنْ الضُّحَى». وجاء في رواية ابن أبي شيبة في المصنف: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: «صلاة الأوابين، إذا رمضت الفصال من الضحى».
فدل الحديث على أن صلاة الأوابين هي: «صلاة الضحى» .
ولقولهصلى الله عليه وسلم : «لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين». رواه ابن خزيمة والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع من حديث أبي هريرة (2/1263). قوله: «حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ». رمض كعلم يعلم.
والرمضاء: هي التراب الساخن من شدة وهج الشمس .
ومعنى رمضت: احترقت أخفافها من شدة الحر. قال الإمام ابن الأثير: المراد بصلاة الأوابين: صلاة الضحى عند الارتفاع واشتداد الحر، واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى شدة الحر. والفصيل هو الصغير من الإبل. اهـ
وقال الإمام المناوي في فيض القدير: وفي رواية لمسلم «إذا رمضت الفصال» أي: حين تصيبها الرمضاء، فتحرق أخفافها لشدة الحر، فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء، فتحرق أخفاف الفصال لمماستها .
قال: وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين؛ لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة، فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوعا من مراد النفس إلى مرضاة الرب، ذكره القاضي. انتهى .
أما ما جاء أن صلاة الأوابين ، هي : ست ركعات بعد صلاة المغرب؟
فهذا ليس بصحيح، والحديث فيها ضعيف، وإنْ كانت تستحب الصلاة بين المغرب والعشاء، ولو أكثر من ست ركعات، لكن لا تسمى صلاة الأوابين، إنما هي صلاة الضحى كما سبق بيانه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-08-2025, 06:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 83 )

باب : من سجد لله فله الجنة


الفرقان



الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
372.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي - أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ، فَلِي النَّار».
الشرح: قال المنذري: باب: من سجد لله فله الجنة. والحديث رواه مسلم في الإيمان (1/87) وبوب عليه النووي: باب بيان إطلاق اسم الكفر، على من ترك الصلاة .
والحديث صححه الإمام ابن خزيمة أيضا في (صحيحه 1/276) وبوب عليه بقوله: «باب فضل السجود عند قراءة السجدة، وبكاء الشيطان، ودعائه بالويل لنفسه عند سجود القارئ السجدة».
قوله: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد» أي: قرأ آية السجدة، فسجد امتثالاً لأمر الله عز وجل.
قوله: «اعْتزلَ الشَّيْطَانُ يَبْكي» أي: تنحى عنه، وابتعد عن مكانه.
قوله: «يا ويله» الويل: الهلاك، وويل: كلمة تُقال لمن وقع في هلكة، وفي الرواية الأخرى «يا ويلي» ويجوز فيه فتح اللام وكسرها.
وقوله: «يا ويله» هو من آداب الكلام، وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سُوء، واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم، صَرَف الحاكي الضمير عن نفسه، تصاوناً عن صورة إضافة السوء إلى نفسه، قاله النووي.
قوله: «أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فلَهُ الْجَنَّةُ، وأُمِرتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ، فَلِي النَّارُ» إشارة إلى قوله تعالى: {وإذْ قُلنا للمَلائكةِ اسْجدوا لآدمَ فسَجدُوا إلا إبليسَ أَبَى واسْتكبرَ وكانَ منَ الكافرينَ}( البقرة : 34 ).
قال القرطبي رحمه الله: «وبكاء إبليس المذكور في الحديث: ليس ندماً على معصيته، ولا رجوعاً عنها؛ وإنما ذلك لفرط حسده وغيظه وألمه، بما أصابه من دخول أحدٍ من ذرية آدم عليه السلام الجنة ونجاته، وذلك نحوا مما يعتريه عند الأذان، والإقامة ، ويوم عرفة» انتهى . المفهم (1/274).
وهذا الأمر – وهو بكاء الشيطان - ثابت وصحيح، وهو على حقيقته، فلا يجوز تكذيب ذلك، بأي رأيٍ أو عقل، وقد ثبت في النصوص أنّ الشيطان يبكي ويضحك، ويحزن ويفرح، ويأكل ويشرب، وهو مخلوق من مخلوقات الله الّتِي أعطاها العقل، وجعل لها الاختيار.
وقد أورد مسلم في الباب حديثين: أحدهما حديثنا هذا: «إذا قرأَ ابنُ آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان..».
والحديث الثاني: «إنّ بين الرجل وبين الشرك والكفر، تركُ الصلاة». ومقصود مسلم رحمه الله بذكر هذين الحديثين هنا: أن من الأفعال ما تركه يوجب الكفر، إما حقيقة وإما تسمية.
فأما كفر إبليس بسبب السجود، فمأخوذ من قول الله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} قال الجمهور: معناه وكان في علم الله تعالى من الكافرين، وقال بعضهم: وصار من الكافرين، كقوله تعالى: {وحَالَ بينهما الموجُ فكانَ من المُغرقين }(هود: 43).
وأما تارك الصلاة، فإنْ كان منكراً لوجوبها، فهو كافرٌ بإجماع المسلمين، خارج من ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه.
وإن كان تركه تكاسلاً، مع اعتقاده وجوبها، كما هو حال كثير من الناس اليوم، فقد اختلف العلماء فيه، فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله والجمهور من السلف والخلف، إلى أنه لا يكفر، بل يفسق ويستتاب، فإنْ تاب، وإلا قُتل حداً، كالزاني المحصن، ولكنه يقتل بالسيف ، واحتجوا على قتله بقوله تعالى:{فإنْ تَابوا وأقامُوا الصّلاةَ وآتَوا الزّكاة فخلُوا سبيلهم} (التوبة: 11). وبقوله صلى الله عليه وسلم : «أُمرتُ أنْ أقاتلَ الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويُقيموا الصلاة، ويُؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عَصَموا مني دماءهم وأموالهم» . رواه مسلم .
وذهب جماعةٌ من السلف إلى أنه يكفر ، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وغيره من أصحاب رسول الله، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله، وبه قال: عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه ، وهو وجهٌ لبعض أصحاب الشافعي .
وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهما الله أنه لا يكفر، ولا يقتل، بل يُعزّر ويحبس حتى يصلي.
واحتج من قال بكفره، بظاهر الحديث الثاني المذكور، وبالقياس على كلمة التوحيد.
واحتج منْ قال: لا يقتل بحديث: «لا يَحل دمُ امرئ مسلمٍ، إلا بإحدى ثلاث...» وليس فيه الصلاة .
واحتج الجمهورعلى أنه لا يكفر ، بقوله تعالى: {إنّ اللهَ لا يغفرُ أنْ يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (النساء: 48). وبقوله صلى الله عليه وسلم : «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، ومَن مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله، دخل الجنة، ولا يلقى الله تعالى عبدٌ بهما غير شاك، فيحجب عن الجنة».
وبقوله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله حرّم على النار، من قال: لا إله إلا الله» وغير ذلك من الأحاديث .
وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم : «بين العبد وبين الكفر، ترك الصلاة» على معنى أنه يستحق بترك الصلاة: عقوبة الكافر، وهي القتل، أو أنه محمول على المستحل، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر، أو أن فعله فعل الكفار .
169- باب: فضل من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة
373-عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ».
قَالَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وقَالَ عَمْرٌو: مَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وقَالَ النُّعْمَانُ: مِثْلَ ذَلِكَ.
وفي رواية: «في يَوْمٍ و ليلة».
الشرح: قال المنذري: باب: فضل من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة.
والحديث رواه مسلم في في صلاة المسافرين (1/503) وبوب عليه النووي: باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن .
هذا الحديث العظيم في فضائل صلاة النافلة الراتبة ورد بلفظين:
قولها: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصلِّي للَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرةَ رَكْعَةً، تطَوُّعًا غير فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة» فيه فضل النوافل أو الرواتب مع الفرائض، التي يصليها العبد في اليوم والليلة.
ورواتب الفرائض، اجتمع فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم بالترغيب فيها، مع عمله لها.
وهذا الحديث ورد بلفظين:
ظاهر أحدهما: أنّ من صلى الرواتب الاثنتي عشرة ركعة، ولو يوماً واحدا من عمره، بَنى اللهُ له بيتاً في الجنة، ومن حافظ عليها لأيام كثيرة، كان له من البيوت في الجنة، بعدد تلك الأيام التي حافظ عليها، يدل عليه ظاهر لفظ حديث الباب.
وكذا ما رواه مسلم في الباب بلفظ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عشْرةَ رَكْعَةً في يوْمٍ ولَيلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيتٌ في الجَنَّةِ».
وكذلك هو ما يظهر من قول أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما من عبدٍ مسلم، يُصلي في يوم ثنتي عشرة ركعةً تطوعاً، إلا بُني له بيتٌ في الجنة». رواه أحمد (16/283) بإسناد حسن .
وكذا من قول عائشة رضي الله عنها: «منْ صلّى أولَ النهار ثنتي عشرة ركعة، بُني له بيتٌ في الجنة» رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2/109) .
وجاء في بعض الألفاظ: أن من صلى هذا العدد دفعة واحدة، بالليل أو النهار، حصل على الأجر نفسه، فروى النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار، أو بالليل، بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة». قال الألباني: صحيح الإسناد.
وظاهر الحديث أنه لا تشترط المحافظة على هذه الركعات، بل إن الإنسان إذا صلاها يوما واحداً بهذا العدد، حصل على الثواب الوارد في الحديث وهو «بنى الله له بيتاً في الجنة» وما ذلك على الله بعزيز.
أما القول الثاني: أن هذا الوعد خاصٌ بمن واظب على ذلك؛ إعمالاً للقيد الذي ورد في روايات صحيحة؛ فالمطلق يحمل على المقيد. لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات...» أخرجه البخاري ومسلم.
وهو ما يظهر من تبويب الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه (414) على حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بَنى الله له بيتاً في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر».
إذ بوّب بقوله: «باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة، ما له فيه من الفضل» انتهى.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-08-2025, 03:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 87 )

باب: ليصل أحدكم نشاطه, فإذا فتر فليقعد

الفرقان


إنْ بلغ الإرهاق والتعب بالمصلي، إلى حدّ العجز عن القيام إلا بالاتكاء، فعليه أنْ يقعد، وحكمه مثل الحبل الممدود
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
379.عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ، وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ «قَالُوا : لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ أَو فَتَرَتْ، أَمْسَكَتْ بِهِ، فقال: «حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ قَعَد».
الشرح: قال المنذري: باب: ليصل أحدكم نشاطه, فإذا فتر فليقعد.
والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/539) وبوب عليه النووي: باب أمر منْ نعس في صلاته، أو اسْتَعجم عليه القرآن أو الذكر، بأنْ يرقد أو يقعد حتى يذهبَ عنه ذلك.
وأخرجه البخاري في التهجد (1150) باب: ما يكره من التشديد في العبادة .
قوله: «وحَبْلٌ مَمْدُودٌ بين سَارِيَتَيْن»، أي: مربوط بين عمودين بالمسجد .
قوله: «مَا هَذَا ؟»، قَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي قال أكثر الشرّاح: هي زينب بنت جَحْش أم المؤمنين رضي الله عنها.
قوله: «فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ»: فَتَرَت بمعنى كسلت عن القيام في الصلاة .
قوله: «حُلُّوه»، وفي رواية البخاري: «لا، حُلوه»، فقوله: «لا» يحتمل النفي، أي: لا يكون هذا الحبل، أو لا يستحب. ويحتمل: النّهي، أي لا تفعلوه.
وقد اختلف أهل العلم في حكم التعلّق بالحبل عند الكسل والتعب من طول القيام في النوافل، والراجح منعه للحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلَّ الحبل أو أمر بحلِّه.
وإنْ احتاج إلى الاتِّكاء اعتمد على عصا، فقد روى مالك في الموطأ ( 1/115 ): عن السائب بن يزيد أنه قال : أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
قال القاضي عياض رحمه الله: أما الاتكاء على العصي لطول القيام في النوافل، فما أعلم أنه اختلف في جوازه والعمل به، إلا ما روي عن ابن سيرين في كراهة ذلك اهـ . إكمال المعلم (3/149).
لكن إنْ بلغ الإرهاق والتعب بالمصلي، إلى حدّ العجز عن القيام إلا بالاتكاء، فعليه أنْ يقعد، وحكمه مثل الحبل الممدود لزينب رضي الله عنها.
قوله: «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ» أي مدة نشاطه، أو ما دام نشيطاً.
قوله: «فإِذا كَسِلَ أَو فَتَرَ قَعَدَ»، وفي رواية البخاري «فليقعد» يحتمل أن يكون أمراً له بالقعود عن الصلاة ثم النوم، أي: ترك ما كان عزم عليه من التنفل، كما في الحديث الآخر: عن أنس أيضا مرفوعاً: «إذا نعسَ أحدُكم في الصلاة، فلينمْ، حتى يعلم ما يقرأ».
ومن حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: «إذا نعسَ أحدُكم وهو يصلي فليرقدْ، حتى يذهبَ عنه النوم، فإنّ أحدَكم إذا صلى وهو ينعس، لعله يذهبُ يستغفر فيسبّ نفسه». متفق عليه.
ويمكن أنْ يستدلّ به على قطع النافلة بعد الدخول فيها .
وفي الحديث :
الحث على الاقتصاد في العبادة، وهو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط والنهي عن التعمق فيها، والأمر بالإقبال عليها بنشاط.
وفيه : إزالة المنكر باليد واللسان ، وعناية النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير المنكر الذي رآه، والجمع في التغيير بين اليد واللسان، وهو أعلى مراتب الإنكار.
وفيه: جواز تنفل النساء في المسجد، إذا أمنت الفتنة ، ولم يكن فيه مفسدة.
وفيه: بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته، وسماحة شريعته؛ حيث أرشدهم إلى ما فيه صلاح دينهم، واستقامة عبادتهم وأمرهم بالتيسير في النوافل، ونهاهم عن التشديد فيها، ليمكنهم الدوام عليها بلا مشقة أو ملل.
وهذا الحديث لا ينافي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الجد والاجتهاد في العبادة، والإكثار منها، والمداومة عليها، وإن أضرَّ بنفسه فقد كان يصلي حتى تتفطر قدماه، ويواصل الصوم يومًا ويومين؛ لأنه أعطي من الجَلَد والصَّبر والقوَّة، ولذَّة العبادة بذلك، وقرة العين بذكره، ما لم يؤت غيره من أمته، ففارقهم في الحال والحكم.
وقد كره كثير من السلف إحياء الليل كله بالصلاة ، ويتأكد النّهي لمن خشي أن يُضر قيامه بصلاة الفجر ، فينام عنها، أو يتأخر عن إدراكها، أو يأتيها وبه فتورٌ وكسل.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنةٌ، فقد قالت عنه عائشة رضي الله عنها: «ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلةً حتى الصَّباح» رواه مسلم (746) .
وقد حذّر النبيصلى الله عليه وسلم من مخالفة هديه، والرغبة عن سنته، بمواصلة الليل في التهجّد، والغلو في النوافل، فقال: «أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصومُ وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوجُ النساء، فمنْ رغبَ عن سنتي فليس مني». رواه البخاري واللفظ له (5063) ومسلم (1401) .
ومن مداخل الشيطان على العبد: فتح باب الغلو في الدين، والتعمّق في النوافل، ليشغله عن الفرائض وطلب العلم.
فينهمك في أداء المستحبات ويأتي بصورتها الظاهرة مع فراغ القلب من تدبِّرها والخشوع فيها، وإعراضه عن مهمات الدين فيعتريه النقص؛ حيث ابتغى الكمال .
فالغلو في العبادة إلى حدِّ الضجر والضرر، نذيرٌ بانقطاعها، أو بذلها بِكَلَفَةٍ دون خشوع وانشراح قلبٍ ، فيفوت بذلك خيرٌ عظيم. انظر إكمال المعلم (3/147)، المفهم (3/1337)، وفيض القدير (4/354) .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-08-2025, 01:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 93 )

باب: صـــــلاةُ الليـــــلِ قائمـــــاً وقاعــــداً

الفرقان





الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.
387.عن عائِشةَ رضي الله عنها قالَتْ: ما رأَيْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا، حَتَّى إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السُّورَةِ، ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَهُنَّ، ثُمَّ رَكَعَ.
الشرح: قال المنذري: باب: صلاة الليل قائماً وقاعداً. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/505)، وبوب عليه النووي: باب جواز النافلة قائماً وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائماً وبعضها قاعدا.
وقد رواه الإمام البخاري رحمه الله في كتاب تقصير الصلاة، باب: إذا صلى قاعداً ثم صحّ، أو وَجد خفةً، تمّم ما بقى.
وأورد الحديث عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: أنها لم تَـرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي صلاة الليل قاعداً قط، حتى أسنّ، فكان يقرأ قاعداً، حتى إذا أراد أنْ يركع، قام فقرأ نحواً من ثلاثين آية، أو أربعين آية، ثم ركع.
وأورد في الباب أيضا: قول الحسن رحمه الله: إنْ شاء المريض صلى ركعتين قائماً، وركعتين قاعدا.
قولها «ما رأَيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في شيءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جالِسًا» أي: ما كان يقرأ في صلاة الليل جالساً، وهذا كان في أول حياته؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم يُحب تحقيق العبودية لله تعالى على أكمل ما يكون، حتى قالت عائشة رضي الله عنها: إنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل، حتى تتفطر قدماه، قالت فقلت: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غَفَر اللهُ لك، ما تقدّم منْ ذَنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحبُ أنْ أكون عبداً شكوراً. قالت: فلما كثُر لحمُه صلى جالسا، فإذا أراد قام فقرأ ثم ركع. رواه البخاري.
فهذا يدل على أنه ليس من المستحب أنْ يُصلّي المصلي جالسا، إلا إذا كان له عُذر، أو ثقل، أو كبُرٍ في السن.
ولذا لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم صلى قاعداً.
وروى أحمد وأصحاب السنن: عن عائشة أيضا قالت: ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيءٍ من صلاة الليل جالسا قط، حتى دخلَ في السّن - أي كبُر- فكان يجلس فيها، فيقرأ حتى إذا بقي أربعون أو ثلاثون آية، قام فقرأها ثم سجد.
وإذا استطاع المسلم أو المسلمة أن يصلي أول الصلاة قائماً، ثم تعب وأراد أن يقعد، فله ذلك.
كما يصح التطوع من قعود مع القدرة على القيام، كما يصح أداء بعضه من قعود وبعضه من قيام، لو كان ذلك في ركعة واحدة، فبعضها يكون من قيام وبعضها من قعود، وسواء تقدم القيام أو تأخر، كل ذلك جائز من غير كراهة، ويجلس كيف شاء، والأفضل التربع.
فعن علقمة قال قلت لعائشة: كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين وهو جالس؟ قالت: كان يقرأ فيهما، فإذا أراد أنْ يركع، قام فركع. رواه مسلم.
وإن صلى التطوع من قعود مع القدرة على القيام، فأجر القاعد حينئذ على النصف من أجر القائم؛ لما روى مسلم: عن عبد اللَّه ابن عمرو قَال: حُدِّثْتُ أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «صلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ» قَالَ: فأَتَيْتُه فوجَدْتُهُ يُصلِّي جالسًا، فَوَضَعْتُ يدي على رأْسه، فقال: «ما لَكَ يَا عبد اللَّهِ بن عمرو»؟ قلتُ: حُدِّثْتُ يا رسولَ اللَّهِ، أَنَّكَ قُلْتَ: «صلاةُ الرَّجُلِ قاعدًا على نصفِ الصَّلَاةِ» وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا؟ قَالَ: «أَجل؛ ولَكنِّي لَستُ كَأَحدٍ مِنْكُم».
أما إن قعد لعذر، كان له ثواب القائم؛ قال النووي رحمه الله: «معناه: أن صلاة القاعد فيها نصف ثواب القائم، فيتضمن صحتها ونقصان أجرها، وهذا الحديث محمولٌ على صلاة النفل قاعدا مع القدرة على القيام، فهذا له نصفُ ثواب القائم، وأما إذا صلى النفل قاعدا لعجزه عن القيام فلا ينقص ثوابه، بل يكون كثوابه قائما، وأما الفرض: فإن صلاته قاعدا مع قدرته على القيام لم يصح، فلا يكون فيه ثواب بل يأثم به.
قال أصحابنا: وإنْ استحله كفر، وجرت عليه أحكام المرتدين، كما لو استحل الزنا والربا، أو غيره من المحرمات الشائعة التحريم.
وإنْ صلى الفرض قاعداً لعجزه عن القيام، أو مضطجعا لعجزه عن القيام والقعود، فثوابه كثوابه قائماً، لم ينقص باتفاق أصحابنا، فيتعين حمل الحديث في تنصيف الثواب، على منْ صلّى النَّفل قاعداً مع قدرته على القيام.
هذا تفصيل مذهبنا، وبه قال الجمهور في تفسير هذا الحديث».
وقال: «وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «لستُ كأحدٍ منكم»، فهو عند أصحابنا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، فجُعلت نافلته قاعداً مع القدرة على القيام كنافلته قائما، تشريفا له، كما خصّ بأشياء معروفة في كتب أصحابنا وغيرهم، وقد استقصيتها في أول كتاب «تهذيب الأسماء واللغات». شرح صحيح مسلم (6/14).
وصلاة النافلة يُخفف فيها ما لا يُخفف في الفريضة.
فيجوز أن تُصلّى على الراحلة أو السيارة حال السفر، ولا يُشترط حينئذٍ استقبال القبلة.
ويجوز أنْ تُصلّى جالسا، وإذا صلاها المسلم جالساً من غير عُذر، فله نصف أجر من صلّى قائما، لقوله عليه الصلاة والسلام: «صلاةُ الجالس، على النصف من صلاة القائم». رواه الإمام أحمد.
وقد سأل عمران بن حصين النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدا، فقال: «صلاتُه قائماً أفضل من صلاته قاعدا، وصلاته قاعدا على النصف من صلاته قائما، وصلاته نائما على النصف من صلاته قاعدا». رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.
وهذا في صلاة النافلة، يجوز أن تُصلّى النافلة جالسا، ولكن فرق بين أن يكون هذا الفعل جائزا، وبين أن يكون مُستحباً أو مكروها.
أما ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صَلِّ قائما، فإنْ لم تستطع فقاعداً، فإنْ لم تستطع فعلى جنب». رواه البخاري. فهذا في الفريضة، وقد قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا }(البقرة: 286).
فإذا لم يستطع المصلي القيام، إما لثقل أو لكبر سن صلّى قاعدا، إما على كرسي أو على الأرض، فإن لم يستطع قاعدا، ُصلّى على جنب.
وهذا في الفريضة، أما النافلة والسُّنة، فله أن يصلّيها قاعدا، ولو لغير عُذر، على التفصيل المتقدّم.
وأما فعل بعض الناس من أنهم يُصلّون واقفين مع وجود المشقة، فإنْ كانت تلك المشقة يسيرة ولا تضر بهم، ولا تؤخّر البرء والشفاء، فلا حرج عليهم، بل هو أخذٌ بالعزيمة.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : لقد رأيتنا وما يتخلّف عن الصلاة إلا منافقٌ قد علم نفاقه، أو مريض، وإن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة. رواه مسلم.
بل قد حُمل النبي صلى الله عليه وسلم بين رجلين في مرضه الذي مات فيه، قالت عائشة رضي الله عنها: صلى أبو بكر بالناس، فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله[ من نفسه خِفّة، فقام يُهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض.. رواه البخاري ومسلم.
وأما إذا كان ذلك الفعل يضرّ بهم، فليس هذا من البر ولا يحبه الله، فإن الله يُحب أن تُؤتى رُخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه. كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره.
وإذا دخل المسلم أو المسلمة صلاة الفريضة قائماً، ثم تعب وأراد أن يقعد، فله ذلك ولا شيء عليه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 106.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 103.66 كيلو بايت... تم توفير 3.05 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]