سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين - الصفحة 13 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4977 - عددالزوار : 2096500 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4556 - عددالزوار : 1371959 )           »          حكم كتابة القرآن بالرسم الإملائي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          مصير صحف إبراهيم، وزبور داود عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الإجهاض للحمل الناتج عن اغتصاب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          استحباب الدعاء في كل الصلوات بـ: اللهم اغفر لي ذنبي كله... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حكم قول الشخص لمتابعيه في الفيس بوك: من له حاجة لأدعو له في الحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ما حكم التدخين لمن يعلم أنه حرام ولا يقلع عنه؟. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          معلومات هامة عن أفكاروأماكن يضيع فيها شبابنا، الروتراكت.. شباب الروتاري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          حكم خروج المرأة من بيتها للعمل ,فتوى خروج المرأة من بيتها للعمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #121  
قديم 21-07-2025, 07:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,175
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل





سيرة قتادة بن دعامة السدوسي (ت:117هـ) رحمه الله

سيرة أبي الخطَّاب قتادة بن دعامة السدوسي (ت:117هـ)


اسمه ونسبه:
هو الإمام الفقيه المفسّر الحافظ أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، يبلغ نسبه إلى سَدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، من بني بكر بن وائل، من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
فهو عربيّ صليبة، وليس من الموالي، ولد سنة ستين أو إحدى وستين للهجرة، وكان أكمه لا يبصر.
- قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: «ولد قتادة سنة ستين، وكان من سَدوس». رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال محمد بن علي الوراق: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (مولد قتادة والأعمش واحد). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو حفص الفلاس: (ولد سنة إحدى وستين).

طلبه للعلم:
نشأ بالبصرة، وجالس أنس بن مالك رضي الله عنه، وحفظ عنه حديثاً كثيراً، ثم جالس الحسن البصري مدة طويلة، ولزمه وتفقّه به، وانتفع بمجالسته ومواعظه، وحفظ عنه حديث كثيراً، ووعى عنه مسائل كثيرة.
وارتحل إلى المدينة فلزم سعيد بن المسيّب أيّاماً يسأله عما يُشكل عليه ويحفظ ما يجاب به ويعيه، لأنه كان يسأله عن مسائل درسها عند الحسن البصري وعرف أقواله فيها؛ فكان سعيد بن المسيّب يتعجّب من حفظه وضبطه.
وجاور بمكّة وسمع بها صحيفة جابر بن عبد الله رضي الله عنه قُرئت عليه مرة واحدة فحفظها، وكان يحدّث بها.
ولم يزل متعلّماً حتى مات رحمه الله وهو ابن خمس أوست وخمسين سنة.

- قال معمر بن راشد: قال قتادة: (جالست الحسن اثنتي عشرة سنة، أصلي معه الصبح ثلاث سنين).
قال: (ومثلي أخذ عن مثله). رواه ابن سعد والفسوي وأبو القاسم البغوي.

حفظه وضبطه:
كان قتادة آية في الحفظ والضبط، لا يكاد ينسى ما سمعه، على كثرة ما سمع من الأحاديث والآثار في علوم كثيرة، وكان العلماء يتعجّبون من قوة حفظه، وحسن سرده للأحاديث والآثار.
- قال معمر بن راشد: سمعت قتادة يقول: «ما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي». رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال معمر، عن قتادة قال: «تكرير الحديث في المجلس يذهب نوره، وما قلتُ لأحدٍ قطّ أَعِدْ عليَّ» رواه ابن سعد في الطبقات وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
قال ابن سعد: يعني ممن أسمع منه.
- وقال روح بن القاسم عن مطر الوراق: (كان قتادة إذا سمع الحديث يختطفه اختطافا).
قال: (وكان إذا سمع الحديث لم يحفظه أخذه العويل والزويل حتى يحفظه). رواهما الفسوي في المعرفة والتاريخ وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال الصَّعق بن حزن: حدثنا زيد أبو عبد الواحد، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: (ما أتاني عراقي أحفظ من قتادة). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال معمر بن راشد: قال رجل لابن سيرين: رأيت في المنام حمامة التقمت لؤلؤة فخرجت منها أعظم مما دخلت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة وخرجت منها أصغر مما دخلت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت مثل ما دخلت سواء.
فقال ابن سيرين: (أما الحمامة التي التقمت اللؤلؤة فخرجت أعظم مما دخلت فهو الحسن يسمع الحديث فيجوده بمنطقه، وأما التي خرجت أصغر مما دخلت فذاك محمد بن سيرين يسمع الحديث فيشك فيه وينقص منه، وأما التي خرجت كما دخلت فذاك قتادة أحفظ الناس). رواه أحمد في العلل.
- وقال بكر بن عبد الله المزني: (من سرَّه أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا فلينظر إلى قتادة). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو طالب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (كان قتادة أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئا إلا حفظه، وقرئ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها، وكان سليمان التيمي وأيّوب يحتاجون إلى حفظه، يسألونه، وكان من العلماء، كان له خمس وخمسون سنة يوم مات). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال معمر: قال قتادة لسعيد بن أبي عروبة: (يا أبا النضر! خذ المصحف).
قال: فعرض عليه سورة البقرة، فلم يخطئْ فيها حرفا واحدا.
قال: (يا أبا النضر، أحكمتُ؟).
قال: نعم.
قال: (لأنا لصحيفة جابر بن عبد الله أحفظ مني لسورة البقرة).
قال معمر: (وكانت قُرئت عليه). رواه ابن سعد والفسوي وأبو القاسم البغوي.
- قال أبو القاسم البغوي: (يعني الصحيفة التي يرويها سليمان اليشكري عن جابر).
- وقال الفسوي: سمعت سليمان بن حرب قال: كان سليمان اليشكري جاور بمكة سنةَ جاور جابر بن عبد الله، وكتب عنه صحيفة، ومات قديماً، وبقيت الصحيفة عند أمّه، فطلب أهل البصرة إليها أن تعيرهم فلم تفعل.
فقالوا: فأمكنينا منها حتى نقرأها.
فقالت: أما هذا فنعم.
قال: فحضر قتادة وغيره فقرءوه؛ فهو هذا الذي يقول أصحابنا: حدّث سليمان اليشكري، أو نحو هذا من الكلام).
- وقال عبد الرحمن بن يونس، عن سفيان بن عيينة: (كان قتادة يقصّ بصحيفة جابر، وكان كتبها عن سليمان اليشكري). ذكره أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
- وقال سلام بن مسكين: حدثني عمران بن عبد الله قال: لما قدم قتادة على سعيد بن المسيب جعل يسائله أياماً وأكثر؛ فقال له سعيد: أكلَّ ما سألتني عنه تحفظه؟
قال: نعم، سألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وقال فيه الحسن كذا.
قال: حتى ردَّ عليه حديثا كثيراً.
قال: يقول سعيد: (ما كنت أظنّ أن الله خلق مثلك!!).
وقال سلام بن مسكين: فحدثت به سعيد بن أبي عروبة، فكان يحدث به.
قال سلام: (وكانت مسائل قد درسها قبل ذلك عند الحسن وغيره، فسأله عنها). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أنه أقام عند سعيد بن المسيب ثمانية أيام، فقال له في اليوم الثامن: «ارتحل يا أعمى! فقد نزفتني» رواه ابن سعد، والبخاري في التاريخ الكبير من طريق أحمد بن ثابت عن عبد الرزاق بنحوه إلا أنه قال: (ثلاثة أيام) والأول أرجح.
ورواه أبو القاسم البغوي في الجعديات لكن قال فيه: (فقد أبرمتني). ولعله تصحيف.
- قال أبو هلال الراسبي عن قتادة: أقمت مع سعيد بن المسيب ثمانية أيام أسأله، قال: ما تسألني إلا عن شيء يختلف فيه؟
قال: قلت: (نعم، إنما أسألك عما يختلف فيه). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- قال الذهبي: (وكان أحد من يُضرب المثل بحفظه).

علمه وفضله:
كان قتادة مبرزا في علوم عدة؛ فكان حافظاً للأحاديث والآثار، مفسّراً فقيهاً مفتياً عالماً بالعربية والأنساب والتاريخ.
- قال معمر: سمعت قتادة يقول: «ما في القرآن آية إلا قد سمعت فيها بشيء» رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال معمر: قلت للزهري: يا أبا بكر أقتادة أعلم أو مكحول؟ قال: (لا، بل قتادة، وما عند مكحول إلا شيء يسير). رواه ابن أبي حاتم واللفظ له، وابن سعد في الطبقات وفي روايته: قيل للزهري.
- وقال معمر: قال محمد بن سيرين: (قتادة أحفظ الناس، أو من أحفظ الناس). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال سفيان بن عيينة: كان معمر يقول: « لم أر من هؤلاء أفقه من الزهري وحماد وقتادة» رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو حاتم الرازي: سمعت أحمد بن حنبل وذكر قتادة فأطنب في ذكره؛ فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير وغير ذلك، وجعل يقول: (عالم بتفسير القرآن، وباختلاف العلماء، ووصفه بالحفظ والفقه).
وقال: (قلما تجد من يتقدَّمه، أما المثل فلعل). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا حماد بن زيد عن أبى مسلمة قال: سمعت أبا قلابة وسأله رجل عن شيء فلم يقل فيه شيئا؛ فقال: مَن أسأل؟ أسأل فلانا؟
قال: لا.
قال: أسأل فلانا؟
قال: لا.
قال: أسأل قتادة؟
قال: (نعم، سل قتادة). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال أبو داوود الطيالسي: ذكرَ سفيانُ لشعبة حديثاً لقتادة؛ فقال سفيان: (وكان في الدنيا مثل قتادة؟!!). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال عفان بن مسلم: قال لي همام: (كلّ شيء أقول لكم: قال قتادة، فأنا سمعته منه، فإذا كان فيه لحن فأعربوه؛ فإن قتادة كان لا يلحن). رواه ابن سعد في الطبقات وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال ابن حبان: (كان من علماء الناس بالقرآن والفقه وكان من حفاظ أهل زمانه، جالس سعيد بن المسيب أياما؛ فقال له سعيد: قم يا أعمى فقد نزفتني).
- قال الذهبي: (وقد كان قتادة أيضا رأسا في العربية، والغريب، وأيام العرب، وأنسابها،
حتى قال فيه أبو عمرو بن العلاء: كان قتادة من أنسب الناس.
ونقل القفطي في تاريخه أن الرجلين من بني أمية كانا يختلفان في البيت من الشعر، فيبردان بريدا إلى العراق، يسألان قتادة عنه)ا.هـ.
- وقال أيضاً: (كان من أوعية العلم، وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ).

ما انتُقد به قتادة رحمه الله:
انتقد أهل العلم قتادةَ في ثلاثة أمور على فضله ومكانته في العلم والضبط والإتقان.
الأمر الأول: قوله في القدر.
والأمر الثاني: تدليسه في بعض الروايات.
والأمر الثالث: تحديثه عن الضعفاء.

الأمر الأول: قوله في القدر
قد استفاض عن قتادة أنه كان يقول بشيء من القدر، بسبب شُبهة عرضت له، فكان يقول: كلّ شيء بقدَر إلا المعاصي، من غير أن ينفي علم الله بالمعصية قبل وقوعها.
وهذا قَدْرٌ من القول بالقدر، وهو بدعة، ومنكر من القول، تعالى الله عن ذلك.
لكنّه أخفّ من قول القدرية نفاة العلم.
وقد اشتدّ إنكار السلف لقول القدرية وتحذيرهم من بدعتهم، وكان الشافعي رحمه الله وبعض الأئمة يقولون: (ناظروا القدريّةَ بالعلم؛ فإن جحدوه كفروا، وإن أقرّوا به خُصموا).

وكان قتادة يعلن قوله بالقدر ولا يخفيه، إلا أنَّ بعض أهل العلم ذكروا أنه لم يكن يدعو إليه، ولا يُخاصم به، وكان القول بالقدر قد شاع في البصرة.
وقد أنكر أهل العلم على قتادة قولَه في القدر حتى هجره بعضهم كما فعل طاووس بن كيسان رحمه الله.
وترك أحاديثَه مالك بن أنس، وكان ينتقد معمر بن راشد في روايته عن قتادة.

والذي عليه أكثر الأئمة قبول روايته والاحتجاج بها، ثمّ استقرّ إجماعهم على ذلك؛ فإنه حافظ صدوق غير متّهم في روايته، وقد تأوّل في بدعته فأخطأ، وهو معظّم للسنّة ومتّبع لها في عامّة أمره، ولازم للجماعة غير مفارق لها.
وكان ينكر على المرجئة والشيعة ومَن يتكلّم في الصحابة حتى كان يُخرج بعضهم من مجلسه،

- قال وكيع: كان سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي وغيرهما يقولون: قال قتادة: (كل شيء بقدر إلا المعاصي). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
- وقال ابن سعد في ترجمة قتادة: (كان يقول بشيء من القدر).
- وقال العجلي: (وكان يقول بشيء من القدر، وكان لا يدعو إليه، ولا يتكلم فيه).
- وقال ابن شوذب: (سمعت قتادة يصيح بالقدر في مسجد البصرة صياحاً). رواه الفسوي.
- وقال حنظلة بن أبي سفيان: ( كنت أرى طاووسا إذا أتاه قتادة يسألُه يفرّ).
قال: (وكان قتادة يُتَّهم بالقدر). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال عبد الرزاق: سمعت مالكاً يقول- وسألته عن معمر فقال-: (إنه لولا).
قال: قلت: لولا ماذا؟
قال: (لولا روايته عن قتادة). رواه الفسوي.
- وقال علي بن المديني: قلت ليحيى [القطان]: إن عبد الرحمن [بن مهدي] يقول: اترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها.
قال: كيف نصنع بقتادة، وابن أبي رواد، وعمر بن ذر، وذكر قوماً.
قال يحيى: (إن ترك هذا الضرب ترك ناسا كثيرا). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.

- وقال الذهبي: (وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع، فإنه مدلّس معروف بذلك، وكان يرى القدر - نسأل الله العفو - ومع هذا؛ فما توقَّف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل.
ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه، يغفر له زللـه، ولا نضلله ونطّرحه وننسى محاسنه.
نعم، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك)ا.هـ.

الأمر الثاني: تدليسه
كان قتادة على جلالة قدره وجودة حفظه ربما وقع منه تدليس، فروي عن بعض المحدثين وأسقط الواسطة بينهما - وقد يكون ضعيفاً - بصيغة ليس فيها تصريح بالسماع.
فأما إذا صرّح بالسّماع فهو ثقة صدوق.
- قال أبو داود الطيالسي عن شعبة قال: كنت أعرف حديث قتادة ما سمع مما لم يسمع، فإذا جاء ما سمع قال: حدثنا أنس بن مالك، وحدثنا الحسن، وحدثنا سعيد، وحدثنا مطرف، وإذا جاء ما لم يسمع كان يقول: قال سعيد بن جبير، وقال أبو قلابة). رواه ابن سعد وأبو القاسم البغوي في الجعديات مختصراً.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: سمعت شعبة يقول: «كنت أتفطّن إلى فمِ قتادة كيف يقول، فإذا قال حدثنا. يعني كتبت» رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال وكيع: قال شعبة: كان قتادة يغضب إذا وقفته على الإسناد.
قال: فحدثته يوما بحديث أعجبه، فقال: من حدثك؟
قلت: فلان، عن فلان.
قال: فكان يعده). رواه الفسوي في المعرفة وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال معمر: (كنا نجالس قتادة ونحن أحداث فنسأله عن السند فيقول مشيخة حوله: مه! إنَّ أبا الخطاب سند؛ فيكسرونا عن ذلك). رواه الفسوي وابن سعد وأبو القاسم البغوي.
- وقال ابن حبان: (كان مدلسا).
- وذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب عن أبي داوود السجستاني أنه قال: (حدَّث قتادة عن ثلاثين رجلاً لم يسمع منهم).

الأمر الثالث: تحديثه عن الضعفاء
كان قتادة رحمه الله يحدّث عن بعض الضعفاء؛ مع ما حفظه من أحاديث كثيرة عن الثقات.
والتحديث عن الضعفاء لم يكد يسلم منه إلا قلّة من المحدّثين؛ فإنّ الضعيف قد يشتبه أمره على المحدّث ويقدّم حسن الظنّ به مع ما يرى من ظاهر حسن، وبعض الضعفاء يكون ضعفهم من جهة ضعف ضبطهم مع صلاح حالهم، ولا يوقف على خطئهم إلا بجمع الطرق وفحص الأسانيد وأحوال الأداء، ومنهم من لا يتبيّن ضعفه إلا بعد مدّة من الأخذ عنه.
وقد حدّث جماعة من الأئمة عن بعض الضعفاء ثم إنَّ منهم من ترك أحاديث رجالٍ كان قد كتب عنهم لمّا تبيّن له ضعفهم، ومنهم من يعتبر بأحاديث بعض الضعفاء.
والراوي الضعيف إذا صُرّح باسمه تبيّن أمره، لكن ما يحاذره العلماء أن يُدلَّس عن الثقة بإسقاط ذكر الراوي الضعيف، وهذا يوقف عليه غالباً بجمع الطرق مع قرينة صيغة الأداء.

وقد انتقد بعض الأئمة قتادةَ رحمه الله على تحديثه عن بعض الضعفاء.
- قال معتمر بن سليمان، عن أبي عمرو بن العلاء قال: (كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يغثّ عليهما شيء، يأخذان عن كل أحد). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال مغيرة بن مقسم الضبي: قيل للشعبي: رأيت قتادة؟
قال: «نعم، رأيته حاطبَ ليلٍ» رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ، وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال سفيان بن عيينة: قال لي عبد الكريم الجزري: (يا أبا محمد، تدري ما حاطب ليل؟)
قال: قلت: لا، إلا أن تخبرنيه.
قال: (هو الرجل يخرج من الليل، فيحتطب، فتقع يده على أفعى، فتقتله، هذا مثل ضربته لك لطالب العلم، إنَّ طالب العلم إذا حمل من العلم ما لا يطيقه قتله علمه، كما قتلت الأفعى حاطب ليل). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.

أقوال الأئمة النقّاد فيه:
الذي استقرّ عليه كلام الأئمة النقّاد أن قتادة رحمه الله ثقة حافظ، تام الضبط، مقبول الرواية إذا صرّح بالسماع.
- قال ابن سعد: (وكان ثقة مأموناً، حجة في الحديث).
- وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: (ثقة)
- قال العجلي: (قتادة بن دعامة السدوسي: يكنى أبا الخطاب، بصري، تابعي، ثقة).
- وقال أبو زرعة الرازي: (قتادة من أعلم أصحاب الحسن، ثم يونس بن عبيد).
- وقال أبو حاتم الرازي: (أكبر أصحاب الحسن قتادة، وأثبت أصحاب أنس الزهري ثم قتادة).
- وقال ابن أبي حاتم: (كان قتادة بارعَ العلم، نسيجَ وحده في الحفظ في زمانه، لا يتقدَّمه كبير أحد).
واحتجّ به البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأحاديثه في دواوين السنّة كثيرة جداً.

خبر تحديثه بالأسانيد:
- قال حماد بن سلمة: كنا نأتي قتادة، فيقول: بَلَغَنا عن النبي عليه السلام، وبلغنا عن عمر، وبلغنا عن علي، ولا يكاد يُسنِد؛ فلما قدم حماد بن أبي سليمان البصرة جعل يقول: حدثنا إبراهيم وفلان وفلان؛ فبلغ قتادة ذلك، فجعل يقول: سألت مطرفاً، وسألت سعيدَ بن المسيب، وحدثنا أنس بن مالك؛ فأخبر بالإسناد). رواه ابن سعد في الطبقات وهذا لفظه، ورواه الفسوي وزاد: (فقال: حدثنا الحسن، وحدثنا أنس، وحدثنا زرارة، وسألت سعيدا؛ فصبَّ علينا الإسناد؛ فكنا لا نستطيع أن نحفظها.
قال حمّاد: (فكنتُ أحفظ سبعة من ثمانية عشر؛ فكنت أجيء فأكتب الحديث على الباب؛ فإذا جئت حفظته من الباب، فإذا حفظته محوته).

عنايته بالعلم والقرآن:
تقدّم قوله: «ما في القرآن آية إلا قد سمعت فيها بشيء».
- وقال أبو عوانة: «شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان» رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- قال سلام بن أبي مطيع: (كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة). ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء.
- وقال مطر الوراق: (ما زال قتادة متعلماً حتى مات). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.

فقهه وورعه:
- قال عفان بن مسلم: (كان قتادة يقيس على قول سعيد بن المسيب، ثم يرويه عن سعيد بن المسيب).
قال: (وذاك قليل). رواه ابن سعد.
قلت: وهذا هو ما يُعرف باستخراج الأقوال، وهو أن يستخرج قولاً للعالم في مسألة من قول له في مسألة أخرى بطريقة من طرق القياس، وهو جائز بشروط منها أن تدلّ العبارة على أنه قول مستخرج لا منصوص.
- وقال عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا أبو هلال قال: سألت قتادة عن مسألة، فقال: لا أدري.
فقلت: قل برأيك!
قال: ما قلت برأيي منذ أربعين سنة.
فقلت: ابن كم هو يومئذ؟
قال: (ابن خمسين سنة). رواه ابن سعد والفسوي وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- قال الذهبي: (فدلَّ على أنه ما قال في العلم شيئا برأيه).

بعض أخباره:
- قال العجلي: (وكان ضرير البصر).
- وقال ابن حبان: (من أهل البصرة كنيته أبو الخطاب وكان أعمى).
- وقال عفان بن مسلم: قال لنا قيس بن الربيع: (قدم قتادة الكوفة، فأردنا أن نأتيه، فقيل لنا: إنه يبغض علياً رضي الله عنه؛ فلم نأته، ثم قيل لنا بعدُ: إنه أبعد الناس من هذا، فأخذنا عن رجل عنه). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال خالد بن قيس: قال قتادة: (ما نسيت شيئا قط)
ثم قال: (يا غلام! ناولني نعلي)
قال: (نعلك في رجلك!!). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات، وابن حبان في روضة العقلاء.
قال الذهبي: (هذه الحكاية عبرة، فإن الدعاوي لا تثمر خيراً).
- وقال قرة بن خالد السدوسي: «رأيت خاتم قتادة في يساره» رواه ابن سعد.

أقواله ووصاياه:
أُثر عن قتادة بعض الأقوال المشتهرة عنه، وبعض الوصايا النافعة.
- قال أبو هلال الراسبي: سمعت قتادة يقول: «الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر». رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال ضرار بن عمرو، عن قتادة قال: «باب من العلم يحفظه الرجل لصلاح نفسه، وصلاح من بعده أفضل من عبادةِ حول». رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال همام، عن قتادة قال: كان يقال: «قلَّ ما ساهر الليل منافق». رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو هلال الراسبي: سمعت قتادة يقول: «إذا سرَّك أن يكذب صاحبك فلقّنه» رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو هلال الراسبي: قيل لقتادة: يا أبا الخطاب، أنكتب ما نسمع؟
قال: «وما يمنعك أحد أن تكتب، وقد أنبأك اللطيف الخبير أنه قد كتب!! وقرأ: {في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}). رواه ابن سعد في الطبقات وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو عوانة، عن قتادة قال: ( كان المؤمن لا يرى إلا في ثلاث مواطن: في مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة لا بأس بها). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو هلال الراسبي: سمعت قتادة يقول: «إن الرجل ليشبع من الكلام، كما يشبع من الطعام والشراب» رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال أبو هلال، عن قتادة قال: «إنما حدث هذا الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث». رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة، وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: «ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء» رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة.

- وقال أبو عوانة، عن قتادة قال: «من منع زكاة ماله سلط الله عليه البناء». رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال معمر، عن قتادة قال: «لقد كان يستحب ألا تقرأ الأحاديث التي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهور». رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.

وفاته:
- قال حماد بن زيد قال: (كنا ننتظر قتادة أن يقدم فنسمع منه؛ فمات بواسط؛ فما رأيت أيوب حزن على أحد ما حزن عليه). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال ابن أبي حاتم: (توفى بواسط في الطاعون، وهو ابن ست أو سبع وخمسين، بعد موت الحسن بسبع سنين).
- وقال محمد بن علي الوراق، عن ابن عائشة قال: «مات قتادة بواسط، كان عند خالد بن عبد الله القسري». رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.

وقد اختُلف في سنة وفاته على قولين:
القول الأول: مات سنة سبعة عشرة ومائة، وهو قول أبي نعيم، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وخليفة بن خياط، وموسى بن إسماعيل، وأبي حفص الفلاس، وابن حبان، ورواه الواقدي عن سعيد بن بشير.
والقول الثاني: مات سنة ثماني عشرة ومائة، رواه الواقدي عن ابن علية.


وروي عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: (مات سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة ومائة).

وكان موته بواسط، قاله حمّاد بن زيد، وعبيد الله ابن عائشة القرشي، وخليفة بن خياط، وابن أبي حاتم، وابن حبان.
زاد ابن أبي حاتم أنه مات في الطاعون.

- قال أبو طالب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (كان له خمس وخمسون سنة يوم مات). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- قال أبو حفص الفلاس وابن حبان: (وهو ابن ست وخمسين سنة).
- وقال ابن أبي حاتم: (وهو ابن ست أو سبع وخمسين).
- وقال الذهبي: (وله سبع وخمسون سنة).
قلت: موته سنة 117هـ على الصحيح؛ فإن كان ولد سنة 60 فله سبع وخمسون، وإن كان ولد سنة 61 فله ستّ وخمسون، والناس يتجوّزون في حساب الأعمار؛ فمنهم من يجبر الكسر اليسير، ومنهم من يلغي الكسر كلّه، ومنهم من يأخذ بالتقريب في عدد السنين.



من مروياته في التفسير: - قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: {وهو ألد الخصام} يقول: (شديد القسوة في معصية الله، جَدِلٌ بالباطل، وإذا شئت رأيته عالم اللسان جاهل العمل، يتكلم بالحكمة، ويعمل بالخطيئة). رواه ابن جرير.
- وقال شعبة: سمعت قتادة يحدّث عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية: {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: (طلوع الشمس من مغربها). رواه ابن جرير في تفسيره، وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال سعيد، عن قتادة: ({إني جاعلك للناس إماما} قال: يقتدى بهداك وسنتك). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.

شيوخه وتلاميذه:

روى قتادة عن: أنس بن مالك، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وشهر بن حوشب، وأبي العالية،

وعن صالح أبي الخليل ، وهلال بن حصن، وأبي حسان الأعرج، وخلاس بن عمرو، وعزرة،
ونوف البكالي



روى قتادة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: أنس بن مالك، وأبو الطفيل، وأبو رافع، وعبد الله بن سرجس.
وأرسل عن: عليّ، وابن عباس، وعمران بن الحصين، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وكعب الأحبار، وأبي الأسود الدؤلي،
وروى عن جماعة من التابعين، منهم: سعيد بن المسيب، وأبو العالية الرياحي، وأبو عثمان النهدي، وعامر بن شراحيل الشعبي، والحسن البصري، ومطرف بن عبد الله بن الشخّير، وزرارة بن أوفى، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وسالم بن أبي الجعد، وأبو المليح بن أسامة، وأبو أيوب المراغي واسمه يحيى بن مالك الأزدي، وصفوان بن محرز، ويحيى بن يعمر العدواني، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وأبو الجوزاء الربعي، وأبو مجلز لاحق بن حميد، وأبو قلابة الجرمي، وعمرو البكالي، ونوف بن فضالة البكالي، وخليد العصري، وشهر بن حوشب، وخلاس بن عمرو، وصالح أبي الخليل، وعبد الله بن شقيق، ومعاذة العدوية، وغيرهم.

وروى عنه خلق كثير، وله في تفسير ابن جرير وحده أكثر من خمسة آلاف رواية،وله في تفسير عبد الرزاق من طريق معمر نحو 1700 رواية، وله في غيرهما روايات كثيرة جداً.

وأشهر رواة التفسير عن قتادة: سعيد بن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، وهشام الدستوائي، وشعبة بن الحجاج، وسعيد بن بشير، وهمام بن يحيى البصري، وسعيد بن بشير، وشيبان بن عبد الرحمن، وأبو هلال الراسبي، وأبو جعفر الرازي، وحماد بن سلمة، وقرة بن خالد السدوسي، وغيرهم.

- قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: (أثبت الناس في قتادة سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة، ومن حدث من هؤلاء بحديث، فلا تبال أن تسمعه من غيره). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #122  
قديم 21-07-2025, 07:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,175
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل






سيرة أبي أسامة زيد بن أسلم العدوي (ت:136هـ) رحمه الله

سيرة أبي أسامة زيد بن أسلم العدوي (ت:136هـ)



اسمه وكنيته وأصله:
هو الإمام الفقيه المفسر أبو أسامة، ويقال أبو عبد الله، مولى عمر بن الخطاب.
- قال البخاري في التاريخ الكبير في ترجمة أسلم أبيه: (كان من سبي اليمن).
- وقال محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق قال: (بعث أبو بكر عمر بن الخطاب، سنة إحدى عشرة، فأقام للناس الحج، وابتاع فيها أسلم). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال جويرية بن أسماء: كان نافع إذا حدثنا عن أسلم قال: (حدثنا أسلم مولى عمر الأسود الحبشي، أما والله ما بي عيبه، وإن كان لرجلا صالحا، ولكن بلغني أن بنيه ادعوا). رواه ابن عساكر.
- وقال الواقدي: سمعت أسامة بن زيد بن أسلم يقول: « نحن قومٌ من الأشعريين، ولكنا لا ننكر منة عمر بن الخطاب » رواه ابن سعد.
- وقال الواقدي أيضاً: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: قلت لسعيد بن المسيب: أخبرني عن أسلم مولى عمر ممن هو؟
قال: « حبشي بجاوي من بجاوة » قال عثمان بن عبيد الله: وكذلك سمعت أبي يقول: « أسلم حبشي بجاوي ».
- وقال ابن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد قال: قال لي جدي: قال لي عبد الله بن عمر لما وُلد زيد بن أسلم: ما سميت ابنك يا أبا خالد؟
قال: قلت: زيد.
قال: (بأي الزيدين: زيد بن حارثة أم زيد بن ثابت).
قال: قلت: (زيد بن حارثة، وكنيته بكنيته).
قال: (أصبت).
قال عبد الرحمن: (وكانت كنيته أبو أسامة). رواه ابن عساكر.

سماعه من الصحابة رضي الله عنهم وروايته عنهم

- قال البخاري: (سمع ابن عمر).
- وقال أبو زرعة: (زيد بن أسلم يحدّث عن رجلين من الصحابة ابن عمر وأنس بن مالك). رواه ابن عساكر.
- وقال يحيى بن معين: (لم يسمع من أبي هريرة ولا من جابر).

روايته عن كبار التابعين
روى عن جماعة من التابعين: منهم أبوه أسلم مولى عمر، وعلي بن الحسين، ومحمد بن المنكدر، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وحمران بن أبان، وعطاء بن يسار، وأم الدرداء الصغرى، وغيرهم.

تثبته في التلقي

- قال عطاف بن خالد: قيل لزيد بن أسلم: عن من يا أبا أسامة؟ قال: (ما كنا نجالس السفهاء، ولا نحمل عنهم). رواه ابن عساكر.

رحلاته:
- قال أبو سعيد ابن يونس المصري: (زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب يكنى أبا أسامة، قدم الإسكندرية، روى عنه من أهل مصر: عبيد الله بن أبي جعفر، والحارث بن يعقوب، توفي بالمدينة في ذي الحجة سنة ست ومائة).
قال ابن عساكر: (هذا وهم، وقد أسقط منه وثلاثين).
- وقال ابن عساكر: (كان مع عمر بن عبد العزيز في خلافته، واستقدمه الوليد بن يزيد في جماعة من فقهاء المدينة مستفتياً لهم في الطلاق قبل النكاح).

أعماله وولايته
- قال ابن وهب عن الليث عن بكير بن الأشج (أن زيد بن أسلم كان يعلم بالمدينة). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- قال الليث بن سعد أيضاً: قال بكير ابن الأشج في زيد بن أسلم: (بينا هو معلم كُتَّاب إذ صار يفسّر القرآن). رواه ابن عساكر.
- وقال مطرف بن عبدا لله اليساري: حدثنا مالك بن أنس أن زيد بن أسلم كان على معدن بني سليم، وكان معدناً لا يزال يصاب فيه الناس من قِبَل الجنّ؛ فلمَّا وَلِيَهم زيد شكوا ذلك إليه، فأمرهم بالأذان أن يؤذنوا ويرفعوا أصواتهم، ففعلوا، فارتفع ذلك عنهم، فهم عليه إلى اليوم). رواه ابن سعد في الطبقات، ورواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق حرملة عن مالك.
- وقال سعيد بن عامر: حدثنا جويرية بن أسماء، قال: (كان أهل معدن بني سليم يلقون خبطا وفزعا من الجن حتى ولي عليهم زيد بن أسلم فأمرهم أن يؤذنوا صلاة المغرب في كل بيت فذهب عنهم).رواه ابن أبي الدنيا في منازل الأشراف.

مكانته وثناء العلماء عليه
- قال هشيم عن محمد بن عبد الرحمن القرشي قال: كان علي بن حسين يجلس إلى زيد بن أسلم، ويتخطَّى مجالس قومه؛ فقال له نافع بن جبير بن مطعم: تخطَّى مجالس قومك إلى عبد عمر بن الخطاب؟
فقال: (إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه).رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن عساكر.
- وقال محمد بن زيد الأنصاري، عن المجمع بن يعقوب أن عمر بن عبد العزيز أدنى زيد بن أسلم فأتاه الأحوص؛ فقال:
خليلي أبا حفص هل أنت مخبّري ... أفي الحق أن أقصى ويدنى ابن أسلما؟
فقال عمر: (ذلك الحق). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال ابن وهب: حدثني ابن زيد قال: قال لي أبو حازم: (لقد رأيتنا في مجلس أبيك أربعين حبراً فقيهاً أدنى خصلة منا التواسي بما في أيدينا؛ فما رؤي فيها متماريين ولا متنازعين في حديث لا ينفعهما قط).رواه ابن عساكر.
- وقال مالك: (كان زيد بن أسلم يحدث من تلقاء نفسه؛ فإذا سكت قام؛ فلا يجترئ عليه إنسان). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الله بن وهب، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، أنه كان يقول إذا جاءه الإنسان يسأله؛ فخلط عليه، قال له: (اذهب فتعلم كيف تسأل؛ فإذا تعلَّمت فتعال فَسَل). رواه ابن سعد.

أقوال العلماء فيه:
- وقال يعقوب بن شيبة: (زيد بن أسلم ثقة من أهل الفقه والعلم، وكان عالما بتفسير القرآن، له كتاب فيه تفسير القرآن). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن وهب: حدثني مالك قال: كان ابن عجلان يقول: (ما هبتُ أحداً هيبتي زيد بن أسلم).
- قال ابن عدي: (وزيد بن أسلم هو من الثقات ولم يمتنع أحد من الرواية عنه حدث عند الأئمة).


تحذيره من البدع والأهواء
- وقال المعتمر بن سليمان عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم قال: (القدر قدر الله وقدرته فمن كذب بالقدر فقد جحد قدرة الله تعالى). رواه الفريابي في القدر، والآجري في الشريعة، وابن بطة في الإبانة، وابن عساكر في تاريخه.
- وقال يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا الزبير بن حبيب عن زيد بن أسلم قال: (والله ما قالت القدرية كما قال الله عز وجل وكما قالت الملائكة وكما قال النبيون ولا كما قال أهل الجنة ولا كما قال أهل النار ولا كما قال أخوهم إبليس:
قال الله عز وجل: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين}
وقالت الملائكة: {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا}
وقال شعيب النبي صلى الله عليه وسلم: {وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء ربنا}
وقال أهل الجنة: {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}
وقال أهل النار: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين}
وقال أخوهم إبليس: {رب بما أغويتني}). رواه الفريابي في القدر، وابن عساكر في تاريخه.

أقواله ووصاياه
- وقال إسحاق بن عيسى: حدثنا يزيد بن زريع، عن زيد بن أسلم قال: (خلتان فمن أخبرك أن الكرامة إلا فيهما فكذبه: إكرامك نفسك بطاعة الله، وإكرامك نفسك عن معاصي الله). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر في تاريخه.
- وقال ضمرة بن ربيعة عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن أسلم قال: (خصلتان فيهما كمال أمرك: تصبح حين تصبح فلا تهمّ لله عز وجل بمعصية، وتُمسي حين تُمسي ولا تهم لله بمعصية). رواه ابن عساكر.
- وقال حاجب بن الوليد بن ميمون: حدثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم أنه قال: (من يكرم الله بطاعته يكرمه الله بجنته، ومن يكرم الله تبارك وتعالى بترك معصيته يكرمه الله أن لا يدخله النار).
وقال: (استغن بالله عمَّن سواه، ولا يكونن أحد أغنى بالله منك، ولا يكن أحد أفقر إليه منك، ولا تشغلنك نعم الله على العباد عن نعمه عليك، ولا تشغلنك ذنوب العباد عن ذنوبك، ولا تقنّط العباد من رحمة الله وترجوها أنت لنفسك). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن وهب: حدثني مالك بن أنس أن زيد بن أسلم كان يقول: (ابن آدم اتق الله يحبك الناس وإن كرهوا).
- وقال عبد الله بن وهب: حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أنه قال: (نعم الهدية الكلمة من كلام الحكمة يهديها لأخيه، والحكمة ضالة المؤمن إذا وجدها أخذها).رواه ابن عساكر.

أولاده
- قال ابن أبي خيثمة: (ولزيد بن أسلم ثلاثة أولاد حمل عنهم: أسامة وعبد الله وعبد الرحمن، وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب).
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: (حديث بني زيد بن أسلم ثلاثتهم ليس بشيء).

ما قيل في تفسيره للقرآن
- قال محمد بن عيسى بن الطباع: حدثنا حماد بن زيد قال: قدمت المدينة وأهل المدينة يتكلمون في زيد بن أسلم فقلت لعبد الله [أي ابن عمر العمري]: ما تقول في مولاكم هذا؟
قال: (ما نعلم به بأسا إلا أنه يفسر القرآن برأيه). رواه ابن عدي وابن عساكر.
- وقال الصلت بن مسعود الجحدري: حدثنا حماد بن زيد قال: قلت لعبد الله بن عمر: زيد بن أسلم؟
فأثنى عليه خيرا وقال: (غير أنه يفسر القرآن برأيه). رواه ابن عساكر.
- قال ابن عدي: (زيد بن أسلم هو من الثقات، ولم يمتنع أحد من الرواية عنه، حدث عنه الأئمة).
- وقال ابن وهب: حدثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهريّ، قال: سألت زيد بن أسلم، عن قوله الله: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} ... إلى قوله: {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}
فقلت له: من يراد بهذا؟
فقال: رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
فقلت له: رسول الله؟!!
فقال: ما تنكر؟ قال الله عزّ وجلّ: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى}
قال: ثم سألت صالح بن كيسان عنها، فقال لي: هل سألت أحدا؟
فقلت: نعم، قد سألت عنها زيد بن أسلم.
فقال: ما قال لك؟
فقلت: بل تخبرني ما تقول.
فقال: (لأخبرنَّك برأيي الذي عليه رأيي، فأخبرْني ما قال لك؟).
قلت: قال: (يراد بهذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).
فقال: (وما علم زيد؟! والله ما سنٌّ عالية، ولا لسان فصيح، ولا معرفة بكلام العرب، إنما يُراد بهذا الكافر).
ثم قال: (اقرأ ما بعدها يدلك على ذلك).
قال: ثم سألت حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، فقال لي مثل ما قال صالح: هل سألت أحدا فأخبرني به؟
قلت: إني قد سألت زيد بن أسلم وصالح بن كيسان.
فقال لي: ما قالا لك؟
قلت: بل تخبرني بقولك.
قال: لأخبرنك بقولي، فأخبرته بالذي قالا لي.
قال: (أخالفهما جميعا، يريد بها البرّ والفاجر، قال الله: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}).
قال: (فانكشف الغطاء عن البرّ والفاجر، فرأى كلّ ما يصير إليه). رواه ابن جرير.
قلت: قول حسين بن عبد الله أقرب للصواب لدلالة العموم في قول الله تعالى: {وجاءت كلّ نفس}
وقول زيد بن أسلم مبنيّ على أنّ الأصل في الخطاب في القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد كان زيد بن أسلم يجتهد رأيه في التفسير حتى اشتهر عنه ذلك، وكان يقع في بعض أقواله ما يسبق إلى الذهن إنكاره، وقد يكون له محمل صحيح، والمجتهد عرضة للخطأ، والخطأ قد يشيع فيُستنكر، وربما نسي الناس صواباً كثيراً قاله المتحدّث في مجلس وتعلّقوا بخطأ واحد، وقد تحمل شدة الاستنكار على شدة العبارة في الإنكار.

وزيد بن أسلم إمام في التفسير، ثقة ثبت مُجمع على توثيقه وإمامته، وهو غير معصوم في اجتهاده في التفسير؛ فقد يقع منه الخطأ، وهو يروي أيضاً عن بعض من يقرأ كتب أهل الكتاب أخباراً إسرائيلية كوهب بن منبّه وغيره، وأحيانا يذكر الخبر الإسرائيلي من غير إسناد.
والأخبار الإسرائيلية التي مصدرها من يقرأ كتب أهل الكتاب وليس فيها معارضة لأصل شرعي جرى عمل جماعة من الأئمة المفسرين على حكايتها.
وقد يروى عنه بعض الضعفاء والمتروكين من تلك الأخبار وغيرها ما يُستنكر.
قال الشافعي: سأل رجلٌ عبدَ الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك، عن أبيه، عن جده أن سفينة نوح طافت بالبيت وصلت ركعتين؟ قال: (نعم). رواه ابن عديّ.
وهذا الخبر مما استنكره العلماء على عبد الرحمن بن زيد، وإن كان يُروى بعضه عن وهب منبه بذكر الطواف دون الصلاة، ومن غير النص على أنه طواف العبادة، فقد يكون طوافاً مجرداً، وعبد الرحمن بن زيد ضعيف جداً في الرواية والأقرب أنه لا يتعمد الكذب، لكنه يخطئ في الأسانيد، ويقلب الأخبار، ويروي بالمعنى على ما يفهمه، وقد يقع في فهمه شيء من الخطأ؛ ويجزم به، فلذلك هو متروك الحديث عند أهل العلم لضعف ضبطه، وأما أقواله في التفسير فهي معتبرة، وله أقوال تدلّ على سعة علمه بمعاني القرآن.
والمقصود أن زيد بن أسلم بريء مما يروى عنه من طرق ضعيفة وواهية.
وما صحّ عنه مما يُستنكر فمنه ما يزول استنكاره بمعرفة توجيهه، ومنه ما يكون مصدره خبر إسرائيلي، ومنه ما هو خطأ في الاجتهاد.
وقد ذكر يعقوب بن شيبة أنّ له كتاباً في تفسير القرآن، فإن أراد الكتاب الذي رواه ابنه عبد الرحمن؛ فذلك يُعرف بتفسير عبد الرحمن بن زيد، وإن كان قد استفاد أصل مادّته من والده.

ولزيد بن أسلم كتاب في الناسخ والمنسوخ رواه عنه القاسم بن عبد الله العمري، وقد أخرجه ابن وهب في جامعه.



وفاته
اختلف في سنة وفاته على أقوال:
القول الأول: مات سنة ست وثلاثين ومائة، وهو قول حفيده زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبي حفص الفلاس وخليفة بن خياط وغيرهم.
- قال إبراهيم بن المنذر الحزامي عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن جده زيد بن أسلم توفي سنة استخلف أبو جعفر في ذي الحجة في العشر الأول سنة ست وثلاثين ومائة). رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن عساكر.
والقول الثاني: سنة 143هـ وهو قول الواقدي.
- قال الواقدي: (مات زيد بن أسلم بالمدينة قبل خروج محمد بن عبد الله بن حسن بسنتين، وخرج محمد بن عبد الله سنة خمس وأربعين ومائة).
القول الثالث: سنة 133هـ ، وهو قول أبي عبيد.
والمعتمد القول الأول.

مرويات زيد بن أسلم في التفسير
مرويات زيد بن أسلم في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، وما يُروى عنه فيها على نوعين:
النوع الأول: ما رواه عن جماعة من الصحابة والتابعين من أقوالهم أو مروياتهم في التفسير:
وقد روى عن جماعة من الصحابة منهم: جابر، وابن عمر، ورافع بن خديج، والبراء بن عازب، وقد تكلم في سماعه من جابر، ومات البراء بن عازب قبل جابر سنة 72هـ.
ورَوى عن جماعة من التابعين: منهم: أخوه خالد بن أسلم، وعبيد بن عمير، وابنه عبد الله بن عبيد، وحمران مولى عثمان، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن يسار، ومجاهد بن جبر، ووهب بن منبه الصنعاني وربما ورد اسمه وهب الذماري، وربما تصحف الذماري إلى الديناري، والفرافصة بن عمير الحنفي، والقعقاع بن حكيم الكناني، وأبو سعيد سفيان بن دينار التمار.

والنوع الثاني: أقواله في التفسير ، وهي كثيرة جداً.
ويقع في بعض ما روي عنه إسرائيليات، وله روايات عن وهب بن منبه، وله اجتهاد في مسائل في التفسير، وقد نسب إلى التفسير بالرأي كما تقدّم، وحقيقته اجتهاد في استخراج المعاني والأوجه التفسيرية.

مراتب رواة التفسير عن زيد بن أسلم:
الذين لهم رواية عن زيد بن أسلم في كتب التفسير المسندة أكثر من ستين راوياً، وهم على مراتب:

المرتبة الأولى:عبد الملك بن جريج، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، وسعيد بن أبي هلال الليثي، ومحمد بن عجلان، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري، وهؤلاء من الأئمة الثقات، ومنهم مفسرون، ومنهم من له روايات عدة عنه.

والمرتبة الثانية: الثقات المقلّون،وهم جماعة من الرواة الثقات ليس لكل واحد منهم عنه سوى رواية أو روايتين أو روايات قليلة جداً في كتب التفسير المسندة فيما أعلم، ومنهم: أبو ضمرة أنس بن عياض، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وسليمان بن بلال التيمي، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وأبو جعفر القارئ، وعمرو بن الحارث المصري، وجامع بن أبي راشد الكاهلي، وخطاب بن القاسم الحراني، وعبد الملك بن مسلم بن سلام الحنفي، وإبراهيم بن سويد المديني، وخالد بن يزيد الجمحي المصري، وأكثر ما يروي عنه من طريق سعيد بن أبي هلال الليثي، وعبد الله بن سليمان الحميري المصري، وزهير بن محمد التميمي، والحسين بن واقد المروزي قاضي مرو، ومخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج، وأبو غسان محمد بن مطرّف الليثي المدني، وهمام بن يحيى بن دينار المحلمي، داوود بن قيس الفراء، وعبد الله بن أبي فروة المدني، وأبو مكين نوح بن ربيعة الأنصاري، وأبو عمر الصنعاني وهو حفص بن ميسرة العقيلي؛ قيل إنه سمي بذلك نسبة إلى صنعاء الشام، وهو من أهل عسقلان.
وهم على درجات فمنهم المتفق على توثيقه ومنهم من يترجّح توثيقه وأكثرهم ممن له رواية في الصحيحين أو أحدهما.

المرتبة الثالثة: رواة ضعفاء في الحديث، وحالهم في التفسير أجود؛ فتعتبر روايتهم ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة، ومنهم: أولاد زيد بن أسلم عبد الرحمن وعبد الله وأسامة وأكثرهم رواية عنه ابنه عبد الرحمن، وأبو صخر حميد بن زياد الخراط، أبو جعفر الرازي.

المرتبة الرابعة: المختلف فيهم،وهم جماعة من الرواة اختلف فيهم الأئمة النقاد، ومنهم:
1. يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي، قال النسائي: ليس به بأس، ووثقه أبو القاسم الطبراني، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال ابن حجر: صدوق يهم.
2. وخارجة بن مصعب الضبعي أبو الحجاج الخراساني؛ ضعفه أحمد ويحيى بن معين جداً، وقال البخاري: (تركه وكيع، وكان يدلس عن غياث بن إبراهيم ولا يعرف صحيح حديثه من غيره)، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، مثل مسلم بن خالد الزنجي، لم يكن محله محل الكذب).
وقال مسلم: (سمعت يحيى بن يحيى، وسئل عن خارجة بن مصعب، فقال: خارجة عندنا مستقيم الحديث، ولم نكن ننكر من حديثه إلا ما يدلس عن غياث، فإنا كنا قد عرفنا الأحاديث فلا نعرض لها).
3. وعبد الله بن عياش بن عباس القتباني المصري، أخرج له مسلم حديثاً، وقال أبو حاتم: (ليس بالمتين، صدوق، يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لهيعة)، وضعفه أبو داوود والنسائي، ووثقه ابن حبان.
4. وهشام بن سعد المدني يتيم زيد بن أسلم، قال فيه أحمد: (ليس بمُحكم للحديث)، وقال يحيى بن معين: (ليس بذاك القوي)، وقال العجلي: (جائز الحديث، حسن الحديث)، وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: (هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم).

المرتبة الخامسة: المجهولون، ومنهم:
1. يعقوب بن إسماعيل بن يسار المديني، وفي بعض المواضع "العدني"، غير معروف.
2. وأبو شيبة الكوفي واسمه آدم بن الزبرقان، له رواية واحدة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار تلا هذه الآية يوما: {وجمع الشمس والقمر}، ثم قال: يجمعان يوم القيامة، ثم يقذفان في البحر، فيكون نار الله الكبرى). رواه ابن وهب وابن جرير.
وأبو شيبة الكوفي مجهول الحال، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وهو غير أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي قاضي واسط وجدّ أبي بكر ابن أبي شيبة.
3. الوليد بن لهيعة، يروي عنه صفوان بن سليم، له ذكر في تاريخ دمشق ولم أجد له ترجمة.

المرتبة السادسة: الضعفاء، ومنهم:
1. زكريا بن منظور القرظي.
2. وعبد الله بن لهيعة الحضرمي.
3. ومحمد بن أبان بن صالح القرشي،
4. وعبد الله بن عامر الأسلمي المدني
5. وعبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي

المرتبة السابعة: المتروكون، وهم جماعة من الرواة منهم شديد ضعف الضبط على صلاح في نفسه، ومنهم متّهم بالكذب.
1. أبو رافع إسماعيل بن رافع المدني.
2. والقاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري.
3. وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة.
4. وموسى بن عبيدة الربذي.
5. وعاصم بن عمر بن حفص العدوي.
6. وأبو حفص مبشّر بن عبيد القرشي وربما تصحّف اسمه إلى ميسرة بن عبيد.
7. ويحيى بن العلاء البجلي، وهو متروك الحديث متّهم بالكذب، قال فيه أحمد بن حنبل: (كذاب يضع الحديث)
8. وعمر بن محمد بن صهبان المدني.

وجاء في تفسير ابن أبي حاتم ذكر رجلين لم أعرفهما:
1. همام بن سعيد، ولعله مصحف من هشام بن سعد
2. وموسى بن سعيد ، وقد يكون مصحفا من موسى بن سعد بن زيد بن ثابت، وكان عبد الرزاق يقول: موسى بن سعيد،

ووقع في موضعين من تفسير ابن جرير من الرواة عنه أبو حفص عمرو بن أبي سلمة التنيسي(ت:213هـ)، وهو ثقة من رجال الصحيحين، يروي عن مالك والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وطبقتهم، وله سؤالات لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول فيها: سألت ابن زيد بن أسلم، ووقع في موضعين في تفسير ابن جرير: سألت زيد بن أسلم، ولعله تصحيف؛ فبين وفاتيهما نحو 78 عاماً.

من أقواله في التفسير
1. سفيان الثوري عن زيد بن أسلم في قوله: {ألا تخافوا ولا تحزنوا} قال: (لا تخافوا أمامكم، ولا تحزنوا على ما خلفكم من ضيعاتكم).
2. وقال ابن وهب: أخبرني عبد الله بن عياش، قال: قال زيد بن أسلم، في قوله: {نور على نور} «يضيء بعضه بعضا، يعني القرآن» رواه ابن جرير.
3. وقال عبد الله بن وهب: كتب إليَّ إبراهيم بن سويد، قال: سمعت زيد بن أسلم يقول: التمستُ تفسير هذه الآية {الذين يمشون على الأرض هونا}؛ فلم أجدها عند أحد، فأتيت في النوم؛ فقيل لي: «هم الذين لا يريدون يفسدون في الأرض» رواه ابن جرير.
4. وقال حاتم بن إسماعيل: حدثنا ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، في قوله عز وجل: {والصاحب بالجنب}، قال: (هو جليسك في الحضر، ورفيقك في السفر). رواه ابن المنذر.
5. وقال ابن وهب في جامعه: قال لي يعقوب: سألت زيد بن أسلم عن قول الله: {ولا يضار كاتب ولا شهيد}، قال: (لا يضار الكاتب فيكتب غير الحق، ولا يضار الشهيد فيشهد بالباطل).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 115.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 113.25 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]