|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
||||
|
||||
![]() الدَّرْسُ الثَّالِثُ: مَقَاصِدُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ محمد بن سند الزهراني بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.• سُورَةُ الْبَقَرَةِ ذَكَرَ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آيَاتِهَا أَعْظَمُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَمَوْضُوعُهَا الرَّئِيسِيُّ وَمَقْصِدُهَا الْأَعْظَمُ قِيَامُ النَّاسِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابَ النَّوَاهِي. فَهِيَ سُورَةُ الِاسْتِجَابَةِ وَالطَّاعَةِ وَالِالْتِزَامِ؛ بِذَلِكَ كَمَنْهَجٍ وَعَقِيدَةٍ ثَابِتَةٍ رَاسِخَةٍ لِأَخْذِ أَحْكَامِ اللَّهِ بِجِدٍّ وَقُوة، وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ. اُفْتُتِحَتْ السُّورَةُ بِذِكْرِ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الِاسْتِجَابَةِ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَطَاعَتِهِ، ابْتَدَأَتْ بِذِكْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى؛ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - بِأَنَّهُمْ ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [البقرة:3]، ثم ذَكر الله - جَلَّ وَعَلَا - ما أعدَّ لهُم من الفلاحِ والنعيم؛ ﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[البقرة:5]، إِنَّهُمْ أُمَّةُ الِاسْتِجَابَةِ وَالْمُسَارَعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ أَمَامَ أَمْرِ اللَّهِ، وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ؛ فَهُمْ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ يَسْتَجِيبُونَ لِلَّهِ عَمَلًا، وَشِعَارُهُمْ فِي ذَلِكَ: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾[الحجر:99]. أَمَّا الصِّنْفُ الثَّانِي: فَهُمْ الْمُعَانِدُونَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لأمر اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - بَلْ أَعْلَنُوا الْعِنَادَ وَالتَّحَدِّيَ وَالصَّدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُمْ الْكُفَّارُ الَّذِينَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ، وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ؛ فَتَوَعَدَهُمْ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالْعَذَابِ الْعَظِيمِ. وَأَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ: فَهُمْ الْمُنَافِقُونَالَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَالِاسْتِجَابَةَ لِأَمْرِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - وَيُبْطِنُونَ النِّفَاقَ وَالْبُغْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. أَمَامَ هَذِهِ الْمُغَايَرَةِ وَالْمُخَالَفَةِ لِمَنْهَجِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الِاسْتِجَابَةِ لِلَّهِ تَوَاعَدَهُمْ اللَّهُ -جَلّ وَعَلَا- بِأَشَدِّ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾ [النساء:145]، أَمَامَ هَذِهِ اَلْحَقَائِقِ ذِكَرَ اَللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بَعْدَهَا ثَلَاثُ نَمَاذِجَ فِي غَايَةِ اَلْوُضُوحِ؛ أَمَامَ اَلِاسْتِجَابَةِ لِلَّهِ -جَلَّ وَعَلَا- مِنْ عَدَمِهَا: النَّمُوذَجُ الْأَوَّلُ: قِصَّةُ آدَمَ؛ وَهِيَ قِصَّةٌ فَرْدِيَّةٌ، أَسْكَنَهُ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - الْجَنَّةَ وَزَوَّجَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمَا الْأَكْلَ مِنْ الشَّجَرَةِ، فَإِنْ اسْتَجَابَا لِأَمْرِ اللَّهِ وَمَوْلَاهُ تَنَعَّمًا بِالنَّعِيمِ الَّذِي لَا يَزُولُ وَلَا يَحُولُ، فَأَغْرَاهُ اللَّهُ بِالشَّيْطَانِ؛ يُزَيِّنُ لَهُ حَتَّى أَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا عَصَى أَهْبَطَهُ اللَّهُ مِنْ الْجَنَّةِ. فَانْتَبِهْ، فَهَذِهِ الْأَوَامِرُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَكَ، إِنْ أَخَذْتَ بِهَا سَعِدْتَ، وَنِلْتَ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ، وَإِنْ تَخَلَّفْتَ نَالِكَ مَا نَالَ أَبَاكَ. النَّمُوذَجُ الثَّانِي: لَيْسَتْ قِصَّةَ فَرْدٍ، وَإِنَّمَا قِصَّةُ أُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ، قَصَّهَا اللَّهُ عَلَيْنَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة:40] الآية، وَذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا قِصَّةَ الْبَقَرَةِ، فَهَلْ اسْتَجَابَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَأُمَّةٍ لِأَمْرِ اللَّهِ؟ لَا وَاَللَّهِ، وَإِنَّمَا لَجَؤُوا إِلَى التَّعَنُّتِ وَالتَّبَاطُؤِ وَالتَّشْدِيدِ فِي الْمُسَاءَلَةِ وَالْبَحْثِ، فَشَدِّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. النَّمُوذَجُ الثَّالِثُ: وَهُوَ نَمُوذَجٌ لِمَنْ اسْتَجَابَ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَسَارَعَ وَسَابِقَ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي وَفَّى وَكَانَ أُمَّةً؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ [البقرة:124]؛ تَمَامُهُ فِي الْعَقِيدَةِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْأَخْلَاقِ وَالسُّلُوكِ، وَالْعِبَادَةِ وَالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ، فَزَكَّاهُ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - وَأَثْنَى عَلَيْهِ. إنَّ القارئ لسورة البقرة يَرَى مِنْ خِلَالِ تَتَبُّعِ أَحْكَامِهَا أَنَّهَا كُلِّيَّةُ الشَّرِيعَةِ؛ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ. وَخُلَاصَةُ هَذَا الدَّرْسِ: تُبَيَّنَ لَكَ هَذِهِ السُّورَةُ الْعَظِيمَةُ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَا الْوَاجِبُ عَلَيْكَ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا أَسْمَعُ وَأُطِعُ وَسَلَّمْ أَمْرَك لِلَّهِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَتَخَلَّفَ عَمَّا أوَجَبَ اللَّهُ عَلَيْكَ؛ وَذَلِكَ بِأَنْ تَتَمَلَّصَ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَإِنَّك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ صَارَ مَصِيرُك مَصِيرَ أَبِيك آدَمَ، أَوْ مَصِيرِكُمْ كَأُمَّةٍ كَمَصِيرِ بَنِي إسْرَائِيلَ الَّذِينَ فَضَّلَهُمْ اللَّهُ عَلَى الْعَالَمِينَ؛ فَتَمَرَّدُوا عَلَى الشَّرْعِ، فَسَلَبَهُمْ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - ذَلِكَ التَّفْضِيلَ، وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةَ وَالْمَسْكَنَةَ، وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ. اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلِمْنَا، وَبِكَ آمَنَّا، وَعَلَيْكَ تَوَكُّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ؛ أَنْ تَظِلَّنَا أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |