تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ثلاثون فضيلة لصائم يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          روائع قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 72 )           »          الوصايا العشر في الذكاء الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أساليب الدعوة إلى الله وصفات الداعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تحول العبادات إلى عادات وأثره في حياة المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شكوى الجمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          فضل المسير إلى المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في السابع عشر من ذي القعدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          واستجاب الله دعاءَ أمِّ سلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          ثمرٌ يانع ودعوة مستجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-08-2020, 04:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,933
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

الإشارة إلى أهمية تلاوة القرآن وتعلم العلم

قال تعالى: وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ [البقرة:44]. وهنا أيضاً يجب أن يكون المؤمنون والمؤمنات يتلون كتاب الله، لم اليهود يتلون التوراة ويقرءونها ونحن ثلاثة أرباع منا لا يقرءون القرآن، ولا يعرفون كيف يتلونه؟!مع العلم أن العلم ضروري للمؤمن، وإلا ما أصبح ولياً لله، فالذي لا يعرف محاب الله، ولا مكارهه، ولا كيف يأتي المحبوب ويترك المكروه كيف تصح ولايته؟ هذا من قبيل المحال، فما اتخذ الله ولياً جاهلاً إلا علمه، فلابد للمؤمن والمؤمنة أن يعرف الله -أولاً- بأسمائه وصفاته، وأن يعرف -ثانياً- ما يحب من الاعتقاد والقول والعمل، وأن يعرف كيف يعمل العمل، وكيف يؤديه؛ حتى ينتج له الطاقة النورانية، أي: الحسنات، ولابد أن يعرف ما يكره الله من اعتقاد أو قول أو عمل؛ حتى يتجنب ذلك ويبتعد عنه.خلاصة القول: ما دام اليهود يلامون، ويعتب عليهم، ويقرعون وهم يتلون الكتاب، فكيف لو كانوا لا يقرءون الكتاب وهم جهلة؟! فنحن أولى بأن نتلوا كتاب الله رجالاً ونساء، ونعرف كلام الله، ومراد الله منه، فليس اليهود بأفضل منا، ولا أقدر على العلم منا.

العاقل يسبق إلى الخير

قال تعالى: أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، وقد عرفتم أن العقل: قوة باطنية في النفس تعقل صاحبها عن الشر والمهالك والمعاطب، فإن اختلت تلك القوة، وحصل فيها رجة أو ضعف يصبح صاحبها ضعيف الإرادة، فلا يميز كثيراً بين الحق والباطل، ولا بين الخير والشر، ولا بين المعروف والمنكر، وهي نعمة من أجلَِّ النعم، ولا تكليف بدون العقل، فإذا فقد الإنسان عقله لا يخاطب بفعل ولا بترك؛ لأنه في عداد المعاتيه والمجانين، فهذه النعمة ذات وزن ثقيل؛ ولهذا يقول تعالى: أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، أي: ما يضركم، وما ينفعكم، ما يرفعكم، وما يضعكم، ما يسعدكم، وما يشقيكم. تعرفون هذا؟ إذاً: كيف تلبسون هذا الثوب فتأمرون بالمعروف وتنهون عنه ولا تأتونه.

تفسير قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)

ثم قال لهم: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، من أحق بهذا؟ نحن. وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، على ماذا؟ ما هي الأعمال الشاقة التي تحتاج إلى عون؟ إنها التكاليف، فلن تستطيع أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر إذا لم تجد لك عوناً من الله، بل الظاهر في البلاد التي ليس فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يستطيع المواطن أن يأمر ولا ينهى، ما هناك من يعينه أو يساعده، لكن النفس والشيطان والهوى والدنيا -هذه الأربع- إذا لم يجاهدها عبد الله أو أمة الله يمزق ويخسر كل شيء.وهل يجاهدها بالحديد والنار؟ لا، هذه معنويات: حب الدنيا .. حب الشهوة .. حب الحياة، ما هو شيء يوجد خارجاً، هو في داخل الإنسان، فبأي شيء تستعين على هذه، فتقهر نفسك وتذلها وتخضعها لطاعة الله ورسوله؟ استعن بالصبر والصلاة، هذا توجيه رباني من العليم الحكيم، العليم الخبير، هو الذي وجه عبده إلى أن يفي بالوعد، وأن يرهب الله ولا يرهب سواه، وأن يتقي الله ولا يتقي سواه، وأن يقول الحق ويظهره، ولا يقول الباطل، ولا يلبسه بالحق، فهذه المواقف يستعان عليها بأي شيء؟ بالصبر والصلاة.لا تستطيع أن تأمر بالمعرف وتنهى عن المنكر إذا لم تجد عوناً لك من الله، وهو في الصبر والصلاة.وإذا لم تصبر أن تأمر شخصاً فيسبك ويشتمك فما تعاود أبداً بعد ذلك تأمر ولا تنهى، فكيف إذا صفعك صفعة فلا ترجع بعد ذلك إلى قول المعروف، مع أن عيسى عليه السلام كان يوصي الحواريين يقول لهم: إذا صفعك في خدك الأيمن أعطه خدك الأيسر. أمرته فغضب فصفعك قل له: زد من فضلك، وأعطه الخد الثاني، فإن فعلت هذا ذاب أمامك، ولان لك، واتبعك بما تأمر وتنهى.إذاً: هذا الموقف وكونك تأمر بالبر، وتدعو إليه، وتقوم به، وتسبق إليه، وأنت السابق، لابد من عون، وإلا ما تقدر، وهو أن تستعين بالصبر والصلاة.

تعريف الصبر ومواطنه

الصبر: هو تحمل الأذى مع نوع من الرضا، فالصبر على الأذى تتحمله، والصبر على المكروه تتحمله مع التسليم والرضا لله عز وجل.وللصبر ثلاثة مواطن:الموطن الأول: صبر على الطاعة، وهو ملازمة الطاعة، وعدم التخلي عنها بحال من الأحوال، طاعة من؟ طاعة الله، ورسوله، وأولي الأمر من المؤمنين، وهي مبينة في آية واحدة من النساء؛ لأن الله ورسوله وأمير المؤمنين لا يأمرونك إلا بما فيه خيرك وكمالك وسعادتك، وحاشاهم أن يأمروا بما يخزيك أو يذلك أو يشقيك أو يؤذيك، ثق في هذا، وأمير المؤمنين لا حق له أن يأمر إلا بأمر الله وأمر رسوله، فلهذا ما كرر الفعل، قال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، ما قال: وأطيعوا أولي الأمر منكم؛ لأنهم لا يأمرون وينهون إلا بأمر الله ونهيه، فأمرهم ليس استقلالياً حتى يقول: وأطيعوا أولي الأمر، هم فقط يأمرون بأمر الله، وينهون بنهي الله، وأمر رسول الله، ونهي رسول الله، فيجب أن يطاعوا، فهذه الطاعة تحتاج إلى عون وهو الصبر، فلا تتململ ولا تجزع ولا تتذمر، اثبت على العبادة.الموطن الثاني: الصبر عن المعاصي.اصبر عن المعصية، أي: ابتعد عنها، أي: احبس نفسك هنا والمعصية بعيدة عنك، فلا تسمح لنفسك أن تقرب معصية الله ورسوله، احبسها، إذ الصبر معناه الحبس، يقال: قتلوه صبراً، أي: حبسوه ثم قتلوه. فاحبس نفسك بعيداً عن مواطن الخبث .. عن مواضع الشر والسوء والباطل والفساد، ولا تسمح لها أن تدخل في تلك المواطن.الموطن الثالث: الصبر على المصائب .. على المصاعب .. على النوائب .. على الكروب والشدائد، إذ أنت يا عبد الله عرضة لأن يمتحنك الله بفقد أعز ما عندك أو بأفضل ما تملك، أو .. أو.. امتحاناً لك، فإن صبرت وشكرت رفعك وأعلى شأنك، وإن أنت انهزمت، فضجرت، وسخطت على الله، وأنكرت حكمه وقضاءه، فكان من أول الأمر أنك لست بأهل للكمال، الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:1-2]، هذا الحسبان باطل، فلابد من الافتتان والفتنة، فقط كونك تغتسل في الليلة الباردة بالماء البارد إذ لم تجد ما تسخن به، هذا ابتلاء. وكونك تدعى إلى أن تجاهد بنفسك ومالك إذا حل الجهاد ووجب، أليس هذا هو الابتلاء؟ كونك تغلق دكانك، وتأتي إلى بيت ربك لتشهد صلاة الجماعة، أليس هذا ابتلاء؟ تمر بك امرأة فتغمض عينيك ولا تفتحهما لتراها، أليس هذا ابتلاء؟ وهكذا.. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2]، هذا الحسبان والظن باطل، ولابد من الابتلاء.إذاً الموطن الأخير من مواطن الصبر: هو الصبر على البلاء، فلا جزع أبداً، ولا سخط على الله، ويكفيك أن تقول: ما شاء الله كان أو حسبي الله، أو لا حول ولا قوة إلا بالله، أو إنا لله وإنا إليه راجعون إذا كانت مصيبة موت، أما أن تظهر السخط والاستنكار: لم فعل الله بي هذا؟ لماذا كذا؟ فهذا معناه هزيمة كاملة، ما صبر.

كيفية الاستعانة بالصلاة

هل الصلاة يستعان بها؟ نحن ما ذقنا، أنت قد تقول: نعم ذقتها، لكن قد لا نصدقك.من هم الذين يستعينون بالصلاة؟اسمع يا هذا! الذي يستعين بالصلاة هو ذاك الذي إذا تطهر، واستقبل بيت الله، ووقف بين يديه، وقال: الله أكبر، نسي الحياة كلها، والله أحياناً لا يشعر بالدنيا عن يمينه وشماله، فلا يشعر أن عن يمينه شخصاً أو عن يساره، أو أمامه أو وراءه، ينسى هذا الكون كله، ويتصل بالملكوت الأعلى، وإذا العينان تذرفان الدموع، ويقشعر الجسم، وهو كأنه في غير هذه الحياة، وهذه الحال لا يبقى معها ألم، ولا تعب، ولا خوف، ولا هم، ولا كرب، ولا حزن، ولا ولا..ولهذا قال: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45]، كبيرة إلا على الخاشعين، وليس معنى هذا أني أويئسكم أيها الأبناء! لا والله، باب الله مفتوح، فقط لما تتوضأ تذكر: لم توضأت؟ لما تأتي إلى المسجد: لم أتيت؟ لما تقف في مصلاك، في بيتك أو مسجدك: لمن وقفت؟ اذكر الله ولا تنس أنك له، فإذا وقفت بين يديه وقلت: الله أكبر فقد انقطعت عن الحياة كلها، وأصبحت تتحدث مع الله في ركوعك .. في سجودك .. في تلاوتك.هذه الحال التي تدوم للمؤمنين والمؤمنات؛ لأنهم في الصلاة دائماً خمس مرات رسمية في الأربع والعشرين ساعة، وقد قلت لكم: طاقة السيارة، وطاقة الطيارة، والباخرة أليست نوراً؟ أليست كهرباء؟ فإذا ضعفت تقف السيارة أو ما تقف؟ تقف، ادفعوها أيها الرجال، وكذلك هذه الآلات تندفع بهذه الطاقة، فعبد الله أو أمة الله إذا ضعفت هذه الطاقة من نفسه فشل، والله يعجز أن يأمر بكلمة معروف عجزاً كاملاً، لا يستطيع أن ينزع خاتم ذهب من يده، وهو لا ينفعه بشيء، والله لا ينفع بشيء، بل ينتفع به لو باعه واشترى خبزاً لأهله، لا يستطيع أن ينزع هذا الخاتم، والمؤمن الذي رآه الرسول في يده الخاتم فقال: ( أيعمد أحدكم إلى جمرة فيجعلها في أصبعه )، فنزع خاتم الذهب ورماه في الأرض، ومشى الرسول بعد ما أمر ونهى فقيل: ( يا فلان! خذ هذا الخاتم تنتفع به في بيتك، قال: والله ما كنت لآخذه وقد نزعه الرسول صلى الله عليه وسلم ).

صور من أثر الاستعانة بالصلاة

هذه الطاقة أريكم صوراً منها، ذاك الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان له أجير، يشتغل عنده في الدكان أو في البستان، وأعطاه أجرته فغضب، قال: أهنتني واستصغرتني، هذا ما يكفي. وترك الأجرة وذهب، ماذا يفعل المستأجر؟ ما كان منه إلا أن اشترى بها شاة، قال: هذه الشاة بمال فلان، قد يأتي يوم من الأيام ويأخذها، هذه الشاة ولدت شاتين، وحملت في العام مرتين، وباركها الرحمن، أربعة أعوام .. خمسة .. ستة وإذا بوادٍ كامل ملآن بالغنم، فجاء ذاك الأجير وقد اضطرته الحاجة، وألجأته الظروف: أعطني؛ أنا تركت عندك أجرة يومي أو شهري الفلاني. فقال الرجل: خذ هذه الأغنام، قال الأخير: كيف؟ أتستهزئ بي يا عبد الله؟ قال: أنا أقول لك: خذ هذه أغنامك، وهذه أجرتك، فساقها ولم يترك له شاة ولا خروفاً، من يقف هذا الموقف؟ الخاشعون في الصلاة.ذاك الشاب الذي راود ابنة عمه في بني إسرائيل، فأبت تلك المؤمنة عليه سنة كاملة حتى ألجأتها الضرورة والجوع، فخافت أن تموت من شدة الجوع، وقد كانت المجاعة غير أيامكم هذه، فلما وقفت ذلك الموقف دعته ليأخذ حاجته منها، فلما جلس منها مجلس الرجل من زوجته نظرت إليه وقالت: أما تخاف الله، تفتض خاتماً بغير حقه. فقام ترتعد فرائصه، والدموع تذرف، وترك لها المال، وذهب بعيداً عنها. هذا من أعانه على هذا؟ الخشوع في الصلاة، الاستعانة بالصبر والصلاة.ولا نذهب بعيداً إلى بني إسرائيل، هنا في مدينتنا هذه، ممكن أن يكون الآن داخل المسجد، كان في سوق التمر تمار يبيع، فجاءت امرأة مجاهد من الصحابة، ما وجدت من يشتري لها التمر لأولادها، فتلففت في خمارها وردائها وذهبت إليه، فقالت: أعطني صاع تمر أو إردب. فأعطاها وأخرجت الفلوس بيدها، وقد كان كفها أبيض، فالشيطان ألقى مسحة على ذلك الكف كأنه فلقة من قمر، وما شعر ذاك التمار -رضي الله عنه- إلا وقد أكب عليه يقبله، فنفضت يدها وقالت: أما تخاف الله؟! ففقد الرجل أعصابه، ومن السوق يصرخ بأعلى صوته ويحثو التراب على رأسه إلى أحد من غير شعوره، ثم عاد من أحد كذلك، ودخل المسجد قبل صلاة المغرب، فسأل عمر فطرده، فصبر حتى صلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين المغرب، فقال الرجل كذا وكذا. فقال: ( هل صليت معنا صلاتنا هذه؟ قال: نعم. فقال: إن الحسنات يذهبن السيئات )، وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، هذا الرجل ماذا فعل؟ زنى؟ لا والله، قتل مؤمناً؟ لا والله، سلب مالاً؟ لا أبداً، قبَّل هذه اليد في غير شعور، فالعدو غطاه وغشاه بالظلمة، فأكب يقبل هذه اليد، وهي لا تحل له. وَاسْتَعِينُوا [البقرة:45]، أيها المجاهدون المحاربون للدنيا والهوى والشهوة العارمة والشيطان اللعين، وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، هذا إرشاد الله عز وجل وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45].

تفسير قوله تعالى: (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون)

قال تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:46]، هنا العقيدة، عقيدة البعث والجزاء، فالذي يهبه الله هذا المعتقد سيوقن أنه سيقف بين يدي الله، وسيستنطقه، ويستجوبه، ويجزيه بما شاء، الذي هذا المعتقد في قلبه هو الذي يستطيع أن يقف أمام الشهوات، وأمام المعاصي، وأمام الدنيا، ولا تؤثر فيه، والذي يضعف هذا المعتقد فيه، ويصبح شبه ظن فقط، لا يقوى أبداً على أن يقف أمام معصية من المعاصي، أو شهوة من الشهوات، ومعنى هذا: قووا هذه الطاقة في نفوسكم، ولا تنسوا أبداً الموت ولقاء الله عز وجل.ومن سمات الفائزين وآيات الناجحين: أن أحدهم لا ينسى الموت أبداً، تجده يأكل .. يشرب .. يبتسم .. يضحك وهو يذكر الموت، وقد جعل تعالى هذا ميزة للشرفاء وأهل الكمال إذ قال تعالى من سورة (ص): إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ [ص:46]، قراءة نافع ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةِ ذِكْرَى الدَّارِ ، أي دار هذه؟ في الرياض أو في جدة، ذِكْرَى الدَّارِ الآخرة، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بهذه الخصوصية وهي: ذِكْرَى الدَّارِ [ص:46] الآخرة، فما ينسى أحدهم الدار الآخرة أبداً، إذا كان هذا دائماً نصب عيني العبد لا يستطيع أن يكب على معصية ويباشرها، إلا ما قل وندر، حين الغفلة أو استغلال العدو لنسيانه. الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:46]، راجعون أو لا؟ والله لراجعون، أحببنا أم كرهنا، وها نحن ندفن إخواننا كل يوم، واحداً بعد واحد، والله لا يبقى واحد إلا الواحد الأحد، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27].وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 240.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 239.29 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (0.69%)]