الحج عبادة و ميدان دعوة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5002 - عددالزوار : 2121973 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4582 - عددالزوار : 1400531 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 96 - عددالزوار : 51530 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 14496 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 221 - عددالزوار : 68874 )           »          انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق الصحفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          الهداية والعقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          حقوق غير المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 315 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-12-2019, 03:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحج عبادة و ميدان دعوة




في أمر العقيدة تحتاج معها إلى إيضاح وإلى توسع شيئا فشيئا، ومن المهم أن تكون مقدما للأهم فالمهم، لا تبحث مثلا في الشرك الأصغر، وأنت لم تتيقن من أن الذي أمامك قد كفر بالطاغوت، وقد فهم معنى كلمة التوحيد، هذا يكون من البداءة من المهم؛ ولكن تترك الأهم، وقد قال إمام الدعوة في كلامه على حديث ابن عباس في إرساله معاذ إلى اليمن على قوله ((فليكن أول ما تدعوهم إليه)) قال الشيخ - رحمه الله - في كتاب "التوحيد": فيه البداءة بالأهم فالأهم، وهذا من أصول الدعوة والتي سماها بعض المعاصرين فقه الأولويات؛ يعني أن تدرج الفرد وكذلك أن تدرج المجتمعات فيما هو أهم، أما أن تأتي إلى ما هو أقل وأن تترك المهمات فلا بد أن يكون ثم سوء في التصرف ونتيجة سيئة في هذا التصرف؛ لأنك أخللت بأمر شرعي وهو البداءة بالأهم فالأهم، وكثيرين ممن دعوا كانت هناك شبه في قلوبهم من أثر دعوة من دعاهم؛ لأنه لم يحسن الأسلوب ولم يبدأ بالأهم فالأهم لم بدأ بالأهم بالأدلته تاركا الحكم إلى فترة لاحقة.

الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - لما خاطب الناس لم يأت بالحكم أولا، وإنما بين لهم الأدلة أولا وشرح لهم آيات الكتاب وأحاديث النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وأوضح لهم ذلك شيئا فشيئا، حتى أقيمت عليهم الحجة، ثم بعد ذلك حكم عليهم الحكم المعروف بحسب ما يناسب الحال.

إذن فأول الأمر أن تنظر حالة المدعو هذا، تنتقل من ماكنك الذي أنت فيه إلى ما حولك، وهذا لاشك أنه من المهمات.

إذا كان من الموحدين وعرفت ذلك تلحظه في عبادته، الحظه في صلاته، الحظه في تلاوته، وهكذا تنمي معه الخير شيئا فشيئا.



من المهمات أيضا أن تلحظ أن زمن الحج قصير لا يمكن أن تشرح فيه كل مسائل التوحيد وكل مسائل العقيدة، فإذا تلقيت مع جار لك في الحج وأخذت معه، رجل من هذه الأمصار المتفرقة، فحبذا لو أخذت عنوانه وقمت بجهد شخصي معه مع شخص واحد أو مع أكثر بما قواك الله بأن تسعى في مراسلته، تأخذ العنوان وتسعى في مراسلته، ترسل له كتيبات في العقيدة في التوحيد تبدأ معه الدعوة في مراسلات.

وقد جُرّب هذا في بعض الميادين بمراسلات مع أناس مفتوحين غير معروف، فجاءت الأجوبة بما يُنتِج معه أن المراسلات عظيم من ميادين الدعوة تُرك في هذا الزمن، ولم يغشه إلا الأقلون، لم؟ لأن الرسالة ليس فيها مخاطبة، ليس فيها حجاج، ليس فيها وجه أمام وجه، ليس فيها تعبيرات إلا تعبيرات القلم أمام الورق، فهذه تستطيع أن تتصرف فيها وأن تدخل فيها إلى قلب المتحدث إليه.



مثلا من ميادين الدعوة التي أخذ بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ميدان المراسلات، فله مع كثير ممن حوله طلبة العلم والعلماء ومن الناس والأمراء فيما حوله له معهم مراسلات حَبَّبَ إليهم الخير، وكان من تلك المراسلات مثلا أن كتب إلى أحد القضاة في الأحساء واسمه عبدالله بن عبداللطيف، وكتب للشيخ ينتقد الشيخ محمد بن عبدالوهاب في بعض أقواله، فكتب له الشيخ رسالة لو قرأتموها لكانت نبراسا لنا في كيف يكون التحبيب بالرسائل؛ لأن الرسالة فيها لطف اللفظ وفيها عدم مواجهة الوجه للوجه وفيها وفيها مما يتيسر معه قبول الحق.

قال الشيخ - رحمه الله - في رسالة له: وأنا منذ رأيتك قد كتبت على أول صحيح البخاري في مسائل الإيمان إن هذا هو الحق، ما زلت أدعو لك لأنَّ ما كتبته مخالف لما عليه أهل بلدك من العقيدة؛ يعني الأشاعرة، وما زلت أدعو لك وقد دعوت لك في صلاتي، وكنت أقول لعلّ الله - جل وعلا - يجعلك فاروقًا لدين الله في آخر هذه الأمة، كما جعل عمر بن الخطاب فاروقًا لها في أولها.



هذا الأسلوب والرسائل ولين اللفظ لاشك له أثر في النفوس عظيم، لهذا ينبغي لكل واحد منَّا أن يسعى في أخذ ولو عنوان واحد يتعرّف عليه ويراسل، وأن يكون الغرض من ذلك غرض ديني دعوي صحيح، وأن يبين له شيئا فشيئا ويدرجه على مدى سنة سنتين ليس هذا بالكثير في سبيل إصلاح النفوس.

أيضا من المنافع التي ينبغي أن نشهدها في الحج: أن الحج ميدان يأتي فيه المسلمون من كل مكان، ويأتي فيه علماء من أماكن كثيرة، ويأتي فيه دعاة من بلاد كثيرة، ويجتمعون، فإذا تعرف العلماء على العلماء والدعاة على الدعاة، كان في هذا سبيلا لاجتماع الأمة على كلمة سواء وعلى نصرة للدين وللعقيدة وللمنهج الصحيح، لم؟ لأن تلاقح الأفكار يكون بالالتقاء، وقد يكون الداعية في بلد له ظروفه لا يسمع في عمله الرأي الآخر؛ لكن لو سمع الرأي الآخر لكان عنده تصحيح لمنهجه وتصحيح لطريقته.



مثلا بعض الدعاة قد لا يهتم أصلا بمسائل البراءة من المشركين، أو لا يهتمّ أصلا بدعوة الناس إلى التوحيد، تراه مثلا يرى قبة على قبر فلا يتغيَّر قلبه؛ ولكن إذا رأى صورة في مجلة عارية تغيّر قلبه وقام وقعد، مع أنَّ هذه معصية وكبيرة من الكبائر ولكن تلك وسيلة إلى الشرك أعظم وأعظم، وهذا من الخلل الذي في النفوس أن يكون في القلب عدم غيرة على حرمات الله العظمى، عدم غيرة على التوحيد، عدم غيرة على السنة، وأن لا يتحرك القلب إذا رئيت عبادة غير الله، أو إذا رئي الشرك أو رئيت البدع؛ لكن يتغير إذا رأى فسادا في الأخلاق أو فسادا في الاقتصاد أو نحو ذلك.

هذا خلل في المنهج؛ لأنه رُبِّي على أن يغار على الأخلاق، وأن لا يغار على التوحيد.



وهذا لاشك أنه إذا قامت الأمّة على ذلك فإنه خلل في التربية عظيم، فكيف تَفْقَهُ الأمة أن يكون تصحيح الوضع بتصحيح القاعدة، متى تفقه ذلك؟ وأن يكون تصحيح القاعدة بتصحيح قلوبها بتصحيح قلب الناس {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89]، والقلب السليم هو القلب المخلص لله جل وعلا، والإخلاص يتبعه السلامة من الشبهات والسلامة من الشهوات.

متى يربى الناس على ذلك؟ لاشك أن الحج ميدان لأنْ تكون هناك تبادل في الأفكار تبادل في الآراء في أن نجعل في مستقبلنا الدعوة في منهج هو منهج السلف الصالح، وأننا في هذا الزمن بحاجة أشد ما نكون إلى الدعوة المتفق عليه إلى المجمع عليه إلى ما تتفق عليه الأطراف جميعا، وأننا إذا اجتمعنا على ذلك وسرنا بالناس على هذا زمنا طويلا، فإن انتشار الصحوة وانتشار الدعوة سيكون أكثر وأكثر، وإنما تعبت الأمة في أن كل طائفة تتعصب إلى فرع من الفروع، يعذر المرء يتركه، وتترك أصل الأصول الذي جاءت الأنبياء والمرسلون بتحقيقه والدعوة إليه.

لاشك أن هذا كل واحد منا بحاجة إلى أن يعتقده، وإلى أن يدعو إليه.



وأهل هذه البلاد كما يقول القائل عليهم الشرهة يعني عليهم التبعة الكبيرة في أن يؤصلوا هذا في الناس.

إن لم تنطلق دعوة التوحيد واجتماع الجماعات واجتماع الفئات والطوائف على كلمة واحدة أو على التقاء على مجمع عليه وهو منهج السلف لصالح والدعوة إلى التوحيد والعقيدة، نستمر على ذلك سنين طويلة، إن لم نجتمع تجتمع الصحوة ويجتمع الدعاة في البلاد على ذلك، فنظل نكرر أنفسنا.

وإذا لم يقم أهل هذه البلاد بهذه المهمة، فإنّ غيرهم لن يقوم، والحساب عليهم أشد؛ لأنهم قد رضعوا هذه العقيدة مع لبان أمهاتهم، وقد درسوها وهم لم ينبت لهم ريش، فدرسوها في الابتدائي ودرسوها في المتوسط، وسمعوها ليل نهار، وسمعوها في الدروس؟ فمتى ينطلقون بها متى يحببون للناس أن هذا الأصل هو الذي يجب أن يجتمعوا عليه الناس وأن يدعى إليه؟



نعم يحتاج الداعية في ذلك إلى أن يجعل الحج موسما لأنْ يكون التقاء الجميع على العقيدة الواحدة، على التقوى، على الصلاح الذي قال الله جل وعلا فيه {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الأنبياء: 92] يعني الأمة في هذا يعني الدين دين واحد وليس بدين متعدد.

وهذا الدين الواحد الذي يجب أن نجتمع عليه هو ما أجمعت عليه الأمة، أما ما صار فيه اختلاف فهذا يؤجل تؤجل مناقشته ويؤجل البحث فيه إلى مرحلة أخرى من مراحل الدعوة إلى دين الله.

أما أن نكرر أنفسنا وأن يكون كما صار في حج مضى ومضى ومضى، أن يُسمع في محاورات وأن يسمع في ندوات الكلام على أمور فرعية وتؤصل وتنمى، هذا لاشك أنه ليس مطلوبا إلا لمن تحقق فيه الأصل، فينتقل بعد تحقيق الأصل فيه إلى الأهم الثاني ثم الأهم الثالث وهكذا.

أما أن يأتي بالنسبة لعموم المسلمين وأن تترك أصول الديانة وأصول العقيدة وأن يترك الدعاة غرس الملة وغرس العقيدة الصحيحة والتوحيد الخالص في النفوس، هذا لاشك أنه تضييع لأهم المهمات التي رشد إليها؛ بل أمرها بها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ معاذا حين قال ((إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله جل جلاله)) كما هي رواية في البخاري في كتاب التوحيد.

فإن هذا قاعدة عظيمة من القواعد.

إذا انطلقت وأنت في الحج تشهد الناس المنافع في أمور شتى.



أصحاب الحملات أيضا عليهم مسؤولية في أن يشهدوا من معهم منافع، وهذه المنافع هي المنافع الدينية، في أن يجعلوا حجهم - حج الناس - وفق السنة وأن يكون هذا الحج ييسر لهم، وأن لا يشغلوا الناس بأمور لا طائل تحتها، وأن لا يتعبوا الناس في عدم تحقيق شروط العقود التي تعاقدوا معهم عليها؛ لأن الحاج رغب في حملة كذا وكذا حتى يتيسر له حجه، فصاحب الحملة ليحتسب وليجعل عمله مخلصا فيه لله جل وعلا مع ما قد يناله من الربح والتجارة؛ لكن ييسر للناس الحج حتى يتفرغوا لشهود المنافع التي جعلها الله جل وعلا من مقاصد مشروعية الحج العظيمة.

فالحج عبادة عظيمة، والحج به يحصل للعباد أيضا منافع في دينهم بأنواعه وفروعه وكذلك في دنياهم.

فإذن الحملات تحتاج إلى ترتيب، تحتاج إلى أن يكون هناك فيها إشهاد لمن معهم المنافع بقدر الإمكان في التوجيه والتربية والدعوة على وفق المنهج الصحيح طريقة السلف الصالح وألا يسلكوا البدع والمحدثات والآراء المختلفة؛ لأن هذه تشتت الناس.



فالناس اليوم مع هذا المد الذي ترونه من صرف الناس عن الدين أصلا بالهجوم من جهات كثيرة من جهات خارجية من الشرق أو من الغرب كما ترون.

نحن بحاجة الآن إلى أن نحبب الدين للناس حتى لا يبعدوا عنه، هذا الذي نحن بحاجة إليه فلنسعى إلى أن تكون هذه الحملات ميدانا للدعوة الصحيحة حتى يستقيم الناس بعد الحج على طاعة الله جل وعلا ويكونوا من أصحاب الاستقامة وممن رضي الله عنهم.

مسائل العبادات كثيرة والتوجيه فيها بإشهاد المنافع كثير، والعبادات تحتاج إلى فقه في الإرشاد، والذي يحصل في الحج أن يتكلم من يتكلم في إفتاء وهو ليس مؤهل للإفتاء، إما مفتي في حملة، أو مفتي مع مجموعة مع زملائه أو نحو ذلك، وهذا لاشك أنه مما يرغب عنه الصالحون، فالتعجل في الفتوى أو أنه إذا قرأ شيئا أو تعمله بأنه يحق له عند نفسه أن يفتي، هذا ليس بصحيح وليس بمطرد؛ بل لابد أن يتعلم ما عليه الفتوى في هذه البلاد، ما يفتي به أهل العلم وما كان عنده فيما قرأ يشكل عليه في شيء مشكل عليه الفتوى فإنه يسأل أهل العلم ويراجعهم، فليس ملزما هو بأن يفتي وليس هذا بفرض عليه، فإن الحديث ((من سئل عن علم فكتمه)) هذا إذا تعين عليه، فأما إذا لم يتعين عليه فهو في سعة، والحوادث عن الصحابة كثيرة رضوان الله عليهم في إحالتهم المستفتي إلى آخر وإلى ثالث وإلى رابع حتى ربما رجع المستفتي إلى من استفتاه أولا بعد سبعة أو أكثر.



وهذا هو الذي ينبغي، والذي يحصل من الإخلال مما ينبغي في الحج أن نجعل الحج ميدانا للتفاخر بالقراءات وبالعلم، هذا لا ينبغي وهو من ضعف الورع؛ لأنه يقرأ قليلا ثم بعد ذلك يأتي يكون هو مفتي المخيم أو مفتي الحملة ونحو ذلك، هذا لا شك أنه مما يتورع عنه الصالحون ويتورع عنه الأتقياء.

أما من لديه علم ويعلم ما عليه الفتوى ويعرف أقوال أهل العلم ويتجنب الأقوال الشاذة، فهذا فعه لإخوانه فيما عمله من المسائل بحجته أو بإحالته على من قاله من أهل العلم فهذا لاشك أنه من تيسير الفتوى على الناس.

أيضا مما ينبغي التنبه له في الحج أنْ نحفظ ألسنتنا في الحج من القيل والقال، والقيل والقال والغيبة والبهتان إذا كان موجودا قبل الحج فإنه لا يجوز أن يكون في الحج، إذا كان موجودا بظلم من الناس واكتساب للمحرم من نيل بعضهم ببعض، حتى صالح من صالح، وشخص طيب من آخر أيضا مثله، وهذا يغتاب هذا وهذا ينم على هذا إلى آخر ذلك.



فإن الحج ميدان لأن نربي فيه ألسنتنا وأعمالنا على أن لا نقول ولا نتصرف إلا على وفق الشرع، هناك أهواء متعددة وهناك آراء مختلفة؛ ولكن لا يجوز أن جعل هذه الأهواء مسيطرة علينا وحكم على الشرع، الله جل جلاله قال {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]، فقط، هذا هو الذي فيه الخير: صدقة أو معروف وهو ما عرف حسنه في الشرع أو إصلاح بين الناس، وأما ما عدا ذلك فهو عليه وقد تدخل في أن تكون من أهل الفسوق؛ لأن الفاسق اسم فاعل الفسق وهو ضد الصلاح، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة.

لهذا لابد من ضبط اللسان في أن لا تتكلم في أحد إلا بما أُذن به في الشرع، تتكلم في مدح في الثناء عليه حتى ترغب الناس على الخير هذا طيب، أما الغيبة أما البهت أما القيل والقال، حتى ولو جعل ذلك في لباس الديانة، فإن هذا ينبغي التخلص منه في الحج إلا ما كان منه مما أذن فيه شرعا فإن هذا مطلوب في كل وقت، قال جل وعلا {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: 53].



ولاحظ قول النبي - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ - لمن قال له: يا رسول الله أوصني. قال ((لا تغضب)) قال: أوصني، قال ((لا تغضب))، والغضب يكون ابتداء، ويكون أكثر عند الحوار وعند النقاش وإذا غضب المحاوِر أو المحاوَر أو غضب الاثنان اللذان يناقشان المسألة، فإن الغضب يجعل المتخاصمين يسيران إلى غير الصواب، والقاضي لا يقضي وهو غضبان.

كذلك من يجادل فيغضب فلا بد أن يحيد قليلا أو كثيرا، فلهذا إذا تناقشت مع أحد فاضبط نفسك مع هذه القضية العظيمة ((لا تغضب)).

وفي الحج قد يأتي من يطعن فيك أو يطعن في العلماء أو يطعن من يطعن أهل البدع والضلال ولكن عليك بان تضبط نفسك بأن لا تغضب، فما نجح غاضب في الحوار قط.



ولهذا أوصي بأن تعوِّد نفسك على عدم الغضب، وإذا أردت أن تناقش أو تحاور أخا في الحج فإن الغضب قد يؤدي إلى هُجِر من القول، ثم قد يؤدي إلى قول سيئ، ثم يؤدي إلى كبيرة، وهكذا فلا بد من الانتباه للسان في ذلك.

إذن الحج لاشك أنه عبادة عظيمة ولابد فيها من إخلاص القصد والنية لله جل جلاله، ويسعى المرء بعد ذلك في أن يُشهد نفسه وإخوانه المسلمين المنافع فيما ذكرنا من أمور الدين، وفيما يترتب عليه المغفرة للحاج ورجوعه مغفورا له ذنبه.

هذه كلمات ربما عند كثيرين منكم تفصيلات للواقع العملي كيف ننتقل وننتشر بالدعوة في الحج؛ ولكن هي توجيه لابد أن نسعى إلى إنفاذه؛ لأجل أن نحظى بالأجر العظيم وأن نكون ممن دعا إلى الله جل جلاله، ولا تنسَ أبدا قول الله جل جلاله {مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إٍنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].



هذا وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعا ممن غفرت له الذنوب والآثام، وعظِّمت له الحسنات.

اللهم فاجعلنا من الأبرار.

اللهم من حج منا هذا العام فأرجعه من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

اللهم لا تؤاخذا إن سينا أو أخطأنا، واجعلنا اللهم من عبادك المتقين ومن الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

اللهم اختم لنا بالصالحات واغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.91 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]